خطط الشرطة الإسرائيلية
لحماية الاقتحامات
ــ وهل حدث بالفعل تفعيلا للقرار ؟
● كانت أحد مرات هذا التفعيل لمسألة سماح السلطات الإسرائيلية لليهود بالصلاة فى الأقصى إنما بالتنسيق مع الشرطة الإسرائيلية هو ما تم عند محاولة اليهود الكبرى للصلاة بالأقصى فى عيد العُرش خلال أكتوبر 2009 .
ومن أجل أن تجيد الشرطة ممارسة مهمتها ، فقد سبق تلك المحاولة ، وبالتحديد فى يونيو 2009 قيام وزير الأمن الداخلى الصهيونى "اسحاق أهارونوفيتش" بالتجرؤ ودخول ساحات ومصليات المسجد الأقصى المبارك برفقه العشرات من ضباط قوات الاحتلال الصهيونى ، وكان دخولهم من باب المغاربة الذى تسيطر على مفاتيحه السلطات الإسرائيلية منذ بداية احتلال القدس ، وذكر وقتها أحد حراس المسجد الأقصى أن الوزير الصهيونى كان مرافقا له عدد من قيادات أجهزة الأمن الصهيونية ، وأنه كان يستمع طوال جولته للشرحٍ حول المواقع التى يطوفون فيها .
بالطبع استنكرت مؤسسة "الأقصى" للوقف والتراث الفلسطينية جولة الوزير الصهيونى ، إنما الملفت للنظر أن البيان الصادر عنها قد رصد وتنبأ أن هذه الزيارة تدل على أن المؤسسة الإسرائيلية قد باتت أكثر استهدافاً للمسجد الأقصى ، كما تضمن البيان تساؤلا ثبت بعد ذلك أنه كان فى محله جدا . فقد كان التساؤل الذى طرحه البيان هو : هل هذا الاقتحام من وزير الشرطة هو اقتحام استفزازى فحسب ، أم أن وراء هذا الاقتحام للمسجد الأقصى ما وراءه .
وبالفعل فما جرى بعد هذه الزيارة من محاولة اقتحام مجموعات يهودية كبيرة للأقصى خلال عيد العرش اليهودى ـ كما سبق أن ذكرنا ـ هو أمر يشير إلى بعد نظر القائمين على مؤسسة الأقصى ، حيث اتضح من توالى الأحداث أن وزير الشرطة أو الأمن الداخلى الإسرائيلى لم يكن يحاول بنفسه تكرار ما سبق أن فعله شارون ، إنما كان يمهد الأرض لليهود الذين حاولوا بعد ذلك فى عيد العرش من العام نفسه تكرار ما فعله شارون من دخول الأقصى . فقد أخذ الوزير الإسرائيلى يدرس على الطبيعة مداخل ومخارج المسجد الأقصى لوضع خطة تأمين اليهود الذين كما هو متبع يتقدمون بطلب إلى الشرطة الإسرائيلية لتأمين دخولهم إلى الأقصى تحسبا لمواجهة المسلمين لهم . وهى المواجهة الشهيرة التى جرت بالفعل ـ كما ذكرنا ـ أثناء محاولة أعداد كبيرة من اليهود لاقتحام الأقصى وإقامة شعائر تلمودية بداخله . إذن فالواضح أن ممثلين لهؤلاء اليهود قد تقدموا بطلب للزيارة كما هو متبع ، وأن وزير الأمن قد ذهب بنفسه كى يتفقد الوضع جيدا ويضع خطة التأمين لدخول أومحاولة اقتحام الأقصى التى جرت فى عيد العرش 2009 .
ونلاحظ أن شارون حين قرر الذهاب إلى الأقصى أعلن عن ذلك قبل الذهاب لأنه كان يريد الإعلان عما يزعمونه حول حق اليهود فى المسجد الأقصى مع تسميته بجبل الهيكل ، أما وزير الشرطة الإسرائيلى فلم يعلن عن ذهابه إلى المسجد الأقصى إلا بعد عودته ، أما قبلها فلم يعلن عنها إعلاميا ، ولم يخبر بها أحد فى إدارة الأوقاف الإسلامية التى يتبع لها المسجد الأقصى . واختار وقت الزيارة فى ساعة مبكرة بعيدا عن أوقات تواجد المصلين حيث وصل فى الثامنة صباحا ، ودخل من باب المغاربة الذى استولت إسرائيل على مفتاحه منذ احتلال القدس ، وهو الباب الذى يقع ناحية حائط البراق الذى استولت عليه إسرائيل أيضا منذ الاحتلال وأسمته حائط المبكى .
من ناحية أخرى فإن نوعية المرافقين للوزير الإسرائيلى كانت تشير إلى أنها بالفعل زيارة تفقدية لوضع استعدادات لصدامات مرتقبة ، فقد رافقه كل من المفتش العام للشرطة الإسرائيلية "دافيد كوهين" ، وقائد الشرطة فى منطقة القدس "أهارون فرانكو" ، حيث تفقدوا لمدة ساعتين مختلف الأماكن داخل حرم المسجد الأقصى سواء الأجزاء المسقوفة كالجامع القبلى الذى يعتبره البعض أكثر الأماكن خصوصية فى المسجد الأقصى لأنه مكان وقوف الإمام وإلقاء خطبة الجمعة ، كذلك تفقدوا المصلى المروانى ، وقد ذكر وقتها أحد حراس المسجد الأقصى أن الوزير كان يستمع إلى شرح من مرافقيه خلال تفقد مختلف الأماكن والمخارج والمداخل إلى حرم المسجد الأقصى . وأن كل هذه الجولة قد تمت وسط طوق أمنى كثيف أحاط بالوزير ومن معه حيث تم منع الاقتراب منه أو مجرد الاقتراب من الأماكن التى تجول فيها .
وكلها أجواء تجعل زيارة الوزير الإسرائيلى مختلفة عن زيارة "شارون" ، وإن كانت مكملة لغاياتها ، فلقد جاءت زيارته لوضع الترتيبات اللازمة لتأمين قيام المجموعات الإسرائيلية المحتفلة بالعيد اليهودى كى يحققوا إقرار الأمر الواقع بأداء صلواتهم فى الأقصى ، وهو الأمر الذى سبقهم إليه شارون ، ومنعته الانتفاضة .
ومن الأمور التى تشير إلى ترحيب غالبية الإسرائيليين بما فعله شارون من دخول الأقصى هو فوزه فى الانتخابات التى أعقبت تصرفه هذا ، حيث قام بتشكيل الحكومة وأصبح رئيسا للوزراء فى 2001 أى أن أسهمه قد ارتفعت بعد ما أقدم على فعلته .
وبصعوده رئيسا للوزراء تنوعت النغمة التى افتتحها هو بذهابه إلى المسجد الأقصى وقوله أن الأقصى مقام فى مكان جبل هيكل سليمان ، كأنه قد أعطى إشارة البدء مع مطلع الألفية الثالثة لبدء الخطوات التدريجية لتحويل المسجد الأقصى على أرض الواقع ليصبح الهيكل الذى يتعبد فيه اليهود ، فأفصحت العديد من الوجوه الإسرائيلية علنا عما كانوا يقولونه من قبل بشكل خافت ، وقد ظهر هذا الإفصاح على المستوى الأهلى وأيضا على المستوى الرسمى .
فأحد التنويعات المتفرعة مما فعل شارون ظهرت على المستوى الأهلى عبر حملة إعلانية تم نشرها بعد تولى شارون الحكومة مباشرة .
طالبت تلك الحملة بالسماح لليهود بدخول المسجد الأقصى لأنه فى زعمهم مقام فوق جبل الهيكل . وكانت الحملة قد ظهرت على شكل نشرة تم توزيعها مع عدد من الصحف العبرية عنوانها : "جبل الهيكل قلب الأمة " .
غلاف النشرة كان عبارة عن نجمة داوود وبداخلها صورة للمسجد الأقصى بساحاته ومبانيه . أما الصفحات فتحدثت عن الهيكل الأول والثانى وخرابهما ، وعن أن الأقصى قد تمت إقامته مكان الهيكل المدمر . بالتالى تضمن ختام النشرة نداء بالسماح لليهود بدخول ما أسموه جبل الهيكل الذى يقصدون به المسجد الأقصى .
قام بالتوقيع على هذه النشرة شخصيات إسرائيلية عديدة من مختلف المجالات السياسية والعسكرية والعلمية والأقتصادية والأدبية ، وأطلق الموقعون على أنفسهم تسمية "مجلس قلب الأمة" ، أى أن هؤلاء الذين يمثلون مجالات الحياة المختلفة قد اجتمعوا دفاعا عما أسموه فى عنوان النشرة "قلب الأمة" أى "جبل الهيكل" الذى هو فى الحقيقة مسجدنا الأقصى. ترافق مع توزيع هذه النشرة وقتها تعليق لافتات كبيرة في مداخل المدن الإسرائيلية تضمنت صورة غلاف النشرة مع تلخيص لمضمونها .
كما ترافق معها أيضا إذاعة إعلان بالمضمون نفسه عبر الإذاعة الإسرائيلية . أما "شارون" فقد واصل تصريحاته المحرضة لإقامة الصلوات اليهودية فى المسجد الأقصى مع استخدامه لاسم جبل الهيكل فى تعريفه لمكان المسجد الأقصى حيث ذكر فى سبتمبر 2001 مع الذكرى الأولى لدخوله ساحة المسجد الأقصى التى كانت قد فجرت انتفاضة الأقصى ، قال بالنص : "لن نسمح لأحد بأن يقرر لنا متى وكيف ندخل الهيكل (يقصد المسجد الأقصى) ، نحن ليس عندنا "مكّة" ولا "المدينة" ولا "الفاتيكان" ، عندنا فقط "هيكل سليمان" .
فى تلك الفترة ظهرت تنويعات على النغمة نفسها من شخصيات رسمية ، من بينهم "أفيجدور ليبرمان" الذى كان وقتها وزيرا للبنى التحتية حيث قال فى ذلك الوقت تصريحا جاء فيه : " إنّ دولة إسرائيل هي دولة الشعب اليهودى ، وقد قامت لكي يستطيع اليهود في كل أنحاء العالم أن يتعبّدوا بحريّة فى أماكنهم المقدسة" ، وأضاف أن "أهم هذه الأمكنة هو هذا المكان (يقصد المسجد الأقصى) " ، ولم يكتف بهذ ، بل قال أيضا كأنه يمن على المسلمين : "نحن نسمح لهم (يقصد المسلمين) بالصلاة في مكان نحن نعرف أنّه لا يحق لهم أن تطأه أقدامهم" .
شخصية رسمية أخرى تحدثت حول الأمر نفسه فى تلك الفترة من عام 2001 هو "بنيامين بن أليعازر" وزير الدفاع الإسرائيلى فى ذلك الوقت ، حيث وصف عدم قيام اليهود بالصلاة فى المسجد الأقصى بأنه نوع من "التمييز العنصرى ضد اليهود" .
وبفتح الباب أمام هذه النغمة إذا باليسار الإسرائيلى الذى يتم الترويج له بالاعتدال يظهر من بينه هو أيضا التشكيك بحق المسلمين فى المسجد الأقصى ، ففى العام نفسه 2001 دعا رئيس اتحاد الكتاب الإسرائيليين وقتها " أ. ب يهشوع" وهو شاعر وكاتب من اليسار ، ويمثل أحد قادة حركة "السلام الآن" ، دعا إلى تشكيل رابطة تضم مفكرين وأدباء وصحافيين وجنرالات متقاعدين وفنانين وأكاديميين من اليهود لمطالبة الحكومة بوقف أي أنشطة لدائرة الأوقاف الإسلامية داخل المسجد الأقصى ، على اعتبار أنّ ذلك ـ حسب تعبيره ـ يهدّد الآثار اليهودية في المكان . ثم إذا بأغلب قادة مفكرى اليسار يستجيبون لدعوته . تدرج الأمر كالمعتاد على الطريقة الإسرائيلية ، حيث بدأت جماعات يهودية بعد ذلك تطالب بتفجير الأقصى ، ووصل الأمر إلى حد الهتاف الذى قالوا فيه : "فليتفجر المسجد" .
العاشق والمعشوق
ــ إذن طرح فكرة التخلص من المسجد الأقصى عن طريق استخدام وسائل تخريبية لم يكن قاصرا على ما فعلوه خلال المحاولة الشهيرة لحرق المسجد الأقصى عام 1969 .
● هناك تعبير عميق كانت قد استخدمته مؤسسة الأقصى جاء فيه أنه قد تعددت أشكال النيران اليهودية التى استهدفت ومازالت تستهدف المسجد .
إنما مع ذكر واقعة الحريق وبغض النظر عن أن الأسترالى"دنيس روهان" الذى أحرق وقتها المسجد الأقصى قد حكمت عليه السلطات الاسرائيلية بالجنون وبالترحيل الى بلاده ، ودون استغراق فى تفاصيل تلك الأحداث أو معالم العمارة الإسلامية بالمسجد التى أكلتها النيران ، فإن سيرة ذلك الحريق تستدعى عندى نقاط تحرك فى داخلى نوعا من الشجن .
منها أن المحراب الذى تم تجديده وتزيينه بالمسجد الأقصى فى عهد القائد صلاح الدين الإيوبى بعد استرداده للقدس من الصليبيين ونزع الصليب من فوق قبة الصخرة التى كان الاحتلال الصليبى قد حولها إلى كنيسة مع قيامهم وقتها بتحويل بعض أجزاء من المسجد الأقصى إلى مكان للمقابلات الملكية وبعضها لإقامة فرسان المعبد وبعضها مخازن للأسلحة والذخيرة واسطبلات للخيول خلال احتلالهم للقدس الذى استمر 88 عاما ، فإن القائد صلاح الدين بعد القيام بتطهير كل تلك الأماكن قد أمر أن يتضمن النقش التذكارى الذى يعلو المحراب ويؤرخ للإعمار إشارة إلى أن هذا التجديد قد تم من أجل "التقوى" ، كأنه حريص على التأكيد على ضرورة أن نفعل كل ما نفعله ابتغاء مرضاة الله سبحانه ، وأن نتقى الله فى كل شئ . أما تحديد وقت التجديد فلم يقتصر على ذكر التاريخ بالأرقام ، وأن هذا التاريخ يوافق ما أعقب فتح صلاح الدين للقدس ، وإنما حرص على تحرى التواضع بالشكر لله الذى أتاح هذا النصر العظيم ، فتضمن ذكر الموعد على اللوحة التذكارية أنه كان "حين فتحه الله على يديه" ، أما خاتمة اللوحة التذكارية التى أخجلنى شدة ورعه السارى بين حروفها فقد ورد فيها أن صلاح الدين : "يسأل الله إذاعة شكر هذه النعمة وإجزال حظه من المغفرة والرحمة" .
فهناك نقوش تذكارية لآخرين تتضمن الدعاء لمن تمت فى عهودهم بأن يخلد الله لهم الملك وما إلى ذلك من دعاء دنيوى وأوصاف تتشبث بكراسى الحكم وتختال بصفات طويلة تتم إضافتها إلى أسماء أصحابها وهى كلها أمور لم تكن مما يشغل بال القائد الذى حرر . فتحرير القدس قد منح الله شرفه للقائد الذى ربما لا يذكر الكثيرين أن لقبه هو "صلاح الدنيا والدين" ، حيث كان إصلاح أحوال الناس والحياة فى الدنيا والعلاقة بالدين هى بداية الطريق إلى استعادة القدس الشريف والمسجد الأقصى المبارك .
منبر صلاح الدين فى المسجد الإبراهيمى .
لحماية الاقتحامات
ــ وهل حدث بالفعل تفعيلا للقرار ؟
● كانت أحد مرات هذا التفعيل لمسألة سماح السلطات الإسرائيلية لليهود بالصلاة فى الأقصى إنما بالتنسيق مع الشرطة الإسرائيلية هو ما تم عند محاولة اليهود الكبرى للصلاة بالأقصى فى عيد العُرش خلال أكتوبر 2009 .
ومن أجل أن تجيد الشرطة ممارسة مهمتها ، فقد سبق تلك المحاولة ، وبالتحديد فى يونيو 2009 قيام وزير الأمن الداخلى الصهيونى "اسحاق أهارونوفيتش" بالتجرؤ ودخول ساحات ومصليات المسجد الأقصى المبارك برفقه العشرات من ضباط قوات الاحتلال الصهيونى ، وكان دخولهم من باب المغاربة الذى تسيطر على مفاتيحه السلطات الإسرائيلية منذ بداية احتلال القدس ، وذكر وقتها أحد حراس المسجد الأقصى أن الوزير الصهيونى كان مرافقا له عدد من قيادات أجهزة الأمن الصهيونية ، وأنه كان يستمع طوال جولته للشرحٍ حول المواقع التى يطوفون فيها .
بالطبع استنكرت مؤسسة "الأقصى" للوقف والتراث الفلسطينية جولة الوزير الصهيونى ، إنما الملفت للنظر أن البيان الصادر عنها قد رصد وتنبأ أن هذه الزيارة تدل على أن المؤسسة الإسرائيلية قد باتت أكثر استهدافاً للمسجد الأقصى ، كما تضمن البيان تساؤلا ثبت بعد ذلك أنه كان فى محله جدا . فقد كان التساؤل الذى طرحه البيان هو : هل هذا الاقتحام من وزير الشرطة هو اقتحام استفزازى فحسب ، أم أن وراء هذا الاقتحام للمسجد الأقصى ما وراءه .
وبالفعل فما جرى بعد هذه الزيارة من محاولة اقتحام مجموعات يهودية كبيرة للأقصى خلال عيد العرش اليهودى ـ كما سبق أن ذكرنا ـ هو أمر يشير إلى بعد نظر القائمين على مؤسسة الأقصى ، حيث اتضح من توالى الأحداث أن وزير الشرطة أو الأمن الداخلى الإسرائيلى لم يكن يحاول بنفسه تكرار ما سبق أن فعله شارون ، إنما كان يمهد الأرض لليهود الذين حاولوا بعد ذلك فى عيد العرش من العام نفسه تكرار ما فعله شارون من دخول الأقصى . فقد أخذ الوزير الإسرائيلى يدرس على الطبيعة مداخل ومخارج المسجد الأقصى لوضع خطة تأمين اليهود الذين كما هو متبع يتقدمون بطلب إلى الشرطة الإسرائيلية لتأمين دخولهم إلى الأقصى تحسبا لمواجهة المسلمين لهم . وهى المواجهة الشهيرة التى جرت بالفعل ـ كما ذكرنا ـ أثناء محاولة أعداد كبيرة من اليهود لاقتحام الأقصى وإقامة شعائر تلمودية بداخله . إذن فالواضح أن ممثلين لهؤلاء اليهود قد تقدموا بطلب للزيارة كما هو متبع ، وأن وزير الأمن قد ذهب بنفسه كى يتفقد الوضع جيدا ويضع خطة التأمين لدخول أومحاولة اقتحام الأقصى التى جرت فى عيد العرش 2009 .
ونلاحظ أن شارون حين قرر الذهاب إلى الأقصى أعلن عن ذلك قبل الذهاب لأنه كان يريد الإعلان عما يزعمونه حول حق اليهود فى المسجد الأقصى مع تسميته بجبل الهيكل ، أما وزير الشرطة الإسرائيلى فلم يعلن عن ذهابه إلى المسجد الأقصى إلا بعد عودته ، أما قبلها فلم يعلن عنها إعلاميا ، ولم يخبر بها أحد فى إدارة الأوقاف الإسلامية التى يتبع لها المسجد الأقصى . واختار وقت الزيارة فى ساعة مبكرة بعيدا عن أوقات تواجد المصلين حيث وصل فى الثامنة صباحا ، ودخل من باب المغاربة الذى استولت إسرائيل على مفتاحه منذ احتلال القدس ، وهو الباب الذى يقع ناحية حائط البراق الذى استولت عليه إسرائيل أيضا منذ الاحتلال وأسمته حائط المبكى .
من ناحية أخرى فإن نوعية المرافقين للوزير الإسرائيلى كانت تشير إلى أنها بالفعل زيارة تفقدية لوضع استعدادات لصدامات مرتقبة ، فقد رافقه كل من المفتش العام للشرطة الإسرائيلية "دافيد كوهين" ، وقائد الشرطة فى منطقة القدس "أهارون فرانكو" ، حيث تفقدوا لمدة ساعتين مختلف الأماكن داخل حرم المسجد الأقصى سواء الأجزاء المسقوفة كالجامع القبلى الذى يعتبره البعض أكثر الأماكن خصوصية فى المسجد الأقصى لأنه مكان وقوف الإمام وإلقاء خطبة الجمعة ، كذلك تفقدوا المصلى المروانى ، وقد ذكر وقتها أحد حراس المسجد الأقصى أن الوزير كان يستمع إلى شرح من مرافقيه خلال تفقد مختلف الأماكن والمخارج والمداخل إلى حرم المسجد الأقصى . وأن كل هذه الجولة قد تمت وسط طوق أمنى كثيف أحاط بالوزير ومن معه حيث تم منع الاقتراب منه أو مجرد الاقتراب من الأماكن التى تجول فيها .
وكلها أجواء تجعل زيارة الوزير الإسرائيلى مختلفة عن زيارة "شارون" ، وإن كانت مكملة لغاياتها ، فلقد جاءت زيارته لوضع الترتيبات اللازمة لتأمين قيام المجموعات الإسرائيلية المحتفلة بالعيد اليهودى كى يحققوا إقرار الأمر الواقع بأداء صلواتهم فى الأقصى ، وهو الأمر الذى سبقهم إليه شارون ، ومنعته الانتفاضة .
ومن الأمور التى تشير إلى ترحيب غالبية الإسرائيليين بما فعله شارون من دخول الأقصى هو فوزه فى الانتخابات التى أعقبت تصرفه هذا ، حيث قام بتشكيل الحكومة وأصبح رئيسا للوزراء فى 2001 أى أن أسهمه قد ارتفعت بعد ما أقدم على فعلته .
وبصعوده رئيسا للوزراء تنوعت النغمة التى افتتحها هو بذهابه إلى المسجد الأقصى وقوله أن الأقصى مقام فى مكان جبل هيكل سليمان ، كأنه قد أعطى إشارة البدء مع مطلع الألفية الثالثة لبدء الخطوات التدريجية لتحويل المسجد الأقصى على أرض الواقع ليصبح الهيكل الذى يتعبد فيه اليهود ، فأفصحت العديد من الوجوه الإسرائيلية علنا عما كانوا يقولونه من قبل بشكل خافت ، وقد ظهر هذا الإفصاح على المستوى الأهلى وأيضا على المستوى الرسمى .
فأحد التنويعات المتفرعة مما فعل شارون ظهرت على المستوى الأهلى عبر حملة إعلانية تم نشرها بعد تولى شارون الحكومة مباشرة .
طالبت تلك الحملة بالسماح لليهود بدخول المسجد الأقصى لأنه فى زعمهم مقام فوق جبل الهيكل . وكانت الحملة قد ظهرت على شكل نشرة تم توزيعها مع عدد من الصحف العبرية عنوانها : "جبل الهيكل قلب الأمة " .
غلاف النشرة كان عبارة عن نجمة داوود وبداخلها صورة للمسجد الأقصى بساحاته ومبانيه . أما الصفحات فتحدثت عن الهيكل الأول والثانى وخرابهما ، وعن أن الأقصى قد تمت إقامته مكان الهيكل المدمر . بالتالى تضمن ختام النشرة نداء بالسماح لليهود بدخول ما أسموه جبل الهيكل الذى يقصدون به المسجد الأقصى .
قام بالتوقيع على هذه النشرة شخصيات إسرائيلية عديدة من مختلف المجالات السياسية والعسكرية والعلمية والأقتصادية والأدبية ، وأطلق الموقعون على أنفسهم تسمية "مجلس قلب الأمة" ، أى أن هؤلاء الذين يمثلون مجالات الحياة المختلفة قد اجتمعوا دفاعا عما أسموه فى عنوان النشرة "قلب الأمة" أى "جبل الهيكل" الذى هو فى الحقيقة مسجدنا الأقصى. ترافق مع توزيع هذه النشرة وقتها تعليق لافتات كبيرة في مداخل المدن الإسرائيلية تضمنت صورة غلاف النشرة مع تلخيص لمضمونها .
كما ترافق معها أيضا إذاعة إعلان بالمضمون نفسه عبر الإذاعة الإسرائيلية . أما "شارون" فقد واصل تصريحاته المحرضة لإقامة الصلوات اليهودية فى المسجد الأقصى مع استخدامه لاسم جبل الهيكل فى تعريفه لمكان المسجد الأقصى حيث ذكر فى سبتمبر 2001 مع الذكرى الأولى لدخوله ساحة المسجد الأقصى التى كانت قد فجرت انتفاضة الأقصى ، قال بالنص : "لن نسمح لأحد بأن يقرر لنا متى وكيف ندخل الهيكل (يقصد المسجد الأقصى) ، نحن ليس عندنا "مكّة" ولا "المدينة" ولا "الفاتيكان" ، عندنا فقط "هيكل سليمان" .
فى تلك الفترة ظهرت تنويعات على النغمة نفسها من شخصيات رسمية ، من بينهم "أفيجدور ليبرمان" الذى كان وقتها وزيرا للبنى التحتية حيث قال فى ذلك الوقت تصريحا جاء فيه : " إنّ دولة إسرائيل هي دولة الشعب اليهودى ، وقد قامت لكي يستطيع اليهود في كل أنحاء العالم أن يتعبّدوا بحريّة فى أماكنهم المقدسة" ، وأضاف أن "أهم هذه الأمكنة هو هذا المكان (يقصد المسجد الأقصى) " ، ولم يكتف بهذ ، بل قال أيضا كأنه يمن على المسلمين : "نحن نسمح لهم (يقصد المسلمين) بالصلاة في مكان نحن نعرف أنّه لا يحق لهم أن تطأه أقدامهم" .
شخصية رسمية أخرى تحدثت حول الأمر نفسه فى تلك الفترة من عام 2001 هو "بنيامين بن أليعازر" وزير الدفاع الإسرائيلى فى ذلك الوقت ، حيث وصف عدم قيام اليهود بالصلاة فى المسجد الأقصى بأنه نوع من "التمييز العنصرى ضد اليهود" .
وبفتح الباب أمام هذه النغمة إذا باليسار الإسرائيلى الذى يتم الترويج له بالاعتدال يظهر من بينه هو أيضا التشكيك بحق المسلمين فى المسجد الأقصى ، ففى العام نفسه 2001 دعا رئيس اتحاد الكتاب الإسرائيليين وقتها " أ. ب يهشوع" وهو شاعر وكاتب من اليسار ، ويمثل أحد قادة حركة "السلام الآن" ، دعا إلى تشكيل رابطة تضم مفكرين وأدباء وصحافيين وجنرالات متقاعدين وفنانين وأكاديميين من اليهود لمطالبة الحكومة بوقف أي أنشطة لدائرة الأوقاف الإسلامية داخل المسجد الأقصى ، على اعتبار أنّ ذلك ـ حسب تعبيره ـ يهدّد الآثار اليهودية في المكان . ثم إذا بأغلب قادة مفكرى اليسار يستجيبون لدعوته . تدرج الأمر كالمعتاد على الطريقة الإسرائيلية ، حيث بدأت جماعات يهودية بعد ذلك تطالب بتفجير الأقصى ، ووصل الأمر إلى حد الهتاف الذى قالوا فيه : "فليتفجر المسجد" .
العاشق والمعشوق
ــ إذن طرح فكرة التخلص من المسجد الأقصى عن طريق استخدام وسائل تخريبية لم يكن قاصرا على ما فعلوه خلال المحاولة الشهيرة لحرق المسجد الأقصى عام 1969 .
● هناك تعبير عميق كانت قد استخدمته مؤسسة الأقصى جاء فيه أنه قد تعددت أشكال النيران اليهودية التى استهدفت ومازالت تستهدف المسجد .
إنما مع ذكر واقعة الحريق وبغض النظر عن أن الأسترالى"دنيس روهان" الذى أحرق وقتها المسجد الأقصى قد حكمت عليه السلطات الاسرائيلية بالجنون وبالترحيل الى بلاده ، ودون استغراق فى تفاصيل تلك الأحداث أو معالم العمارة الإسلامية بالمسجد التى أكلتها النيران ، فإن سيرة ذلك الحريق تستدعى عندى نقاط تحرك فى داخلى نوعا من الشجن .
منها أن المحراب الذى تم تجديده وتزيينه بالمسجد الأقصى فى عهد القائد صلاح الدين الإيوبى بعد استرداده للقدس من الصليبيين ونزع الصليب من فوق قبة الصخرة التى كان الاحتلال الصليبى قد حولها إلى كنيسة مع قيامهم وقتها بتحويل بعض أجزاء من المسجد الأقصى إلى مكان للمقابلات الملكية وبعضها لإقامة فرسان المعبد وبعضها مخازن للأسلحة والذخيرة واسطبلات للخيول خلال احتلالهم للقدس الذى استمر 88 عاما ، فإن القائد صلاح الدين بعد القيام بتطهير كل تلك الأماكن قد أمر أن يتضمن النقش التذكارى الذى يعلو المحراب ويؤرخ للإعمار إشارة إلى أن هذا التجديد قد تم من أجل "التقوى" ، كأنه حريص على التأكيد على ضرورة أن نفعل كل ما نفعله ابتغاء مرضاة الله سبحانه ، وأن نتقى الله فى كل شئ . أما تحديد وقت التجديد فلم يقتصر على ذكر التاريخ بالأرقام ، وأن هذا التاريخ يوافق ما أعقب فتح صلاح الدين للقدس ، وإنما حرص على تحرى التواضع بالشكر لله الذى أتاح هذا النصر العظيم ، فتضمن ذكر الموعد على اللوحة التذكارية أنه كان "حين فتحه الله على يديه" ، أما خاتمة اللوحة التذكارية التى أخجلنى شدة ورعه السارى بين حروفها فقد ورد فيها أن صلاح الدين : "يسأل الله إذاعة شكر هذه النعمة وإجزال حظه من المغفرة والرحمة" .
فهناك نقوش تذكارية لآخرين تتضمن الدعاء لمن تمت فى عهودهم بأن يخلد الله لهم الملك وما إلى ذلك من دعاء دنيوى وأوصاف تتشبث بكراسى الحكم وتختال بصفات طويلة تتم إضافتها إلى أسماء أصحابها وهى كلها أمور لم تكن مما يشغل بال القائد الذى حرر . فتحرير القدس قد منح الله شرفه للقائد الذى ربما لا يذكر الكثيرين أن لقبه هو "صلاح الدنيا والدين" ، حيث كان إصلاح أحوال الناس والحياة فى الدنيا والعلاقة بالدين هى بداية الطريق إلى استعادة القدس الشريف والمسجد الأقصى المبارك .

منبر صلاح الدين فى المسجد الإبراهيمى .
~!@q
تدور الايام بين رحايا العاشقين
غزل وهم وجراح مكروبين
فهل بشفتيكي اكون حزين
الدكتور شديد
أستمتعوا معنا في الاستوديو التحليلي بساحه الشعر المنقول
~!@q
شارك
shokry.ahlamontada.net