ماذا أعددنا لشهر المغفرة والرضوان

    • ماذا أعددنا لشهر المغفرة والرضوان

      شهر رمضان الذي نشمُ عبيره هذه الأيام المباركة –يحملُ في طياته الكثير من المعاني التي تدفع المؤمن إلى اغتنام كل لحظة من لحظاتِ هذا الشهر، وعلى اقتناصِ كل سانحة منه لدفعِ عجلة الارتقاء إلى الأعلى.

      وإنْ كان الإنسان ليجيل فكره للنظر في الآثار الواردة في فضائل هذا الشهر الكريم، وأّنَّه تُفْتحُ فيه أبواب الجنان، وتُغْلَقُ فيه أبواب النيران، وتُصَّفدُ فيه الشياطين، وتضاعف فيه الأجور فحريٌّ به أن يتأمل في ما يُقصد به من ذكرِ هذه الفضائل؟ هل هي مقصودة بذاتها؟

      إخوة الإيمان، لقد أدرك السلف ذلك بالمشاعر الإيمانية التي تفيضُ بها نفوسهم فعملوا تلك المعاني في قلوبٍ حية وضمائر يقظة فتجسدت أعمال البر والخير في واقعِ حياته، فما شأننا نحن؟!

      علامة تعجب تستوقف الإنسان لينظرَ في أحوال نفسه لينشأ عهدًا جديدًا معها للمضي بها في طريق الفضائل والكرامات.

      إخوة الإيمان: إنني في هذه الأسطر أَوّدُ أن أصحبكم معي في رحلة روحية قصيرة نطوفُ فيها على بعض المحطات التي طالما طفنا عليها ولكن بعقول ذاهلة، وقلوبٍ غافلة عسى أَنْ نتيقظ لها فتفيض صدورنا بالإيمان واليقين.

      أيها الإخوة: إنَّ التهيئة الروحية لشهر رمضان أمرٌ لا بد منه لأنَّ الإنسان عندما ينظر إلى تلك المعاني العظيمة لشهر رمضان ليقف حائرًا تجاهها ولا يدري ما هو فاعلٌ فيها.
    • فأحاولُ أَنْ أسلط الضوء على بعض النقاط المهمة التي تُمكِنُ الإنسان من تهيئة نفسه روحيًا لاستقبال شهر رمضان استقبالاً مُفْعمًا بالإيمان وليستمر ها الخيرُ فيه متدفقًا إلى أَنْ يوافيه الأجل، نسأل الله التوفيق في ذلك.

      1. الإكثار من قراءة القرآن الكريم والتأمل في معاني آياته: فإنَّ تدبر القرآن وإمعانَ النظر في آياته لتزيد المؤمن قوةً في إيمانه ورفعة لمنزلته عند الله؛ ذلك لأنَّ تدبر آيات القرآن الكريم تجعل المؤمنَ رقيق القلب، يفيض قلبه من خشية الله مما يدفعه إِلى الإكثار من الأعمال الصالحة.

      أيها الأخوة:

      لا بد أَنْ يقرآ المؤمن في اليوم جزءًا واحدًا على الأقل يقول الإمام السالمي - رحمه الله-:

      فرتل القرآن عند وحشةِ على اعتبار وحضور فكرةِ

      وكل من أكثر فيه ماجدْ اقل في اليوم جزء واحـدُ

      2. المحافظة على الأذكار الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم، سواء المتعلقة بوقت معين كاذكار النوم،والصباح والمساء،وغيرها،أو المتعلقة بعموم الوقت وهي معلومة، ولا يكون الذكرُ بتلجلج اللسان والقلب غافل عن المعاني بل لا بد من حضور القلب في ذلك،ومع الإصرار ومجاهدة النفس سوف تنسابُ معاني الأذكار إِلى قلبه، يوق الله تعالى: { ألا بذكر الله تطمئن القلوب} وقال قبل ذلك: { ويهدي إِليه من أناب، الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله} فهل تطمئن قلوبنا نحن بذكر الله؟

      3. أن يتخذ الإنسان لنفسه وردًا يوميًا يُحافظ عليه كصلاة ركعتين قبل النوم، أو ركعات يركعها في الثلث الأخير من الليل فإِنَّ في ذلك ثباتًا له على طريق الاستقامة - إنْ شاء الله-.

      4. يُكْثِرُ من ذكر الموت وأهوال القيامة وذلك كل يوم حتى لا يكونَ غافلاً عن الأجل الذي يصير إليه بعد حين وفي ذلك ترسيخٌ لخشية الله في القلب، ودافعٌ للإِنسان إلى تدارك ما فات من عُمره ليستقبل أيامه القادمة بمزيدٍ من أَعمال البر والتنافس على الخير؛ لأنَّ قلب المؤمن - أيها الأخوة- قلبٌ وجلٌ من خشية الله، يقول الله تعالى: {إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم}ويقال الحق تبارك وتعالى: { والذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة أنهم إلى ربهم راجعون}.

      أيها الإِخوة:

      هناك الكثير والكثير من الأعمال التي تُرسِّخُ الخشية من الله في القلب، وتهيء النفس تهيئة روحية إيمانية لاستقبال رمضان والعمرِ المتبقي إِنْ كان فيه بقية؛ ولكن هذا بعض ما زفرت به النفس من فلجاتٍ تلجلجت في الصدر والله الموفق والهادي إلى سواءِ الصراط



      منقول (( للشيخ/ محمد بن سليمان المعولي))