ج1
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي رضي لنا الإسلام ديناً، ونصب لنا الدلالة على صحته برهاناً مبيناً، وأوضح السبيل إلى معرفته واعتقاده حقاً يقيناً، ووعد من قام بأحكامه وحفظ حدوده أجراً جسيماً، وذخر لمن وافاه به ثوابا جزيلا وفوزاً عظيماً، وفرض علينا الانقياد له ولأحكامه، والتمسك بدعائمه وأركانه، والاعتصام بعراه وأسبابه.
أما بعد،
ًبعث نبينا محمد صلى الله عليه وسلم بشريعة واضحة لا يحوم عليها لبس، محكمة لا تدنو منها شبهة، وتلقاها عنه رجال صفت بصائرهم، وتناهت في فهم سبل الخير عقولهم، فبلغوا كما أمروا، وجاهدوا في سبيلها حتى انتصروا، وما زال الدين الحق رفيع الدعائم، محفوضاً من أن تلعب به يد الأهواء والمكايد، والفصل في هذا الحفظ للكتاب والسنة الصحيحة الطاهرة، فإنهما قد وجدا وسيجدان في كل عصر عقولاً تنظر فيها وهي مبرأة من كل عوج، بعيدة من كل هوى، فسرعان ما تبصر الحقائق محفوفة بحجج تقطع لسان كل جهول، وتفضح سريرة كل ختال فخور.
وقد دلنا التاريخ إن الدين الحنيف يبتلى في كل عصر بنفوس نزاعة إلى الغواية، فتتنكب عن الحقائق. فلقد ابتلت المسيحية الحنفية الموحدة باليهودية فحولتها من دواء إلى داء على البشرية، فعندما بعث نبي الله عيسى إبن مريم عليه السلام وإلى أن رفعه الله إليه حس اليهود بالخطر المقبل إليهم فبدءوا في سراديبهم التخطيط بأن يهدموا هذا الدين الحنيف الذي جاء به رسول الله عيسى إبن مريم عليه السلام. فلماذا المسيحية الحنفية خطر على اليهود؟ فللإجابة على هذا السؤال يحتم علينا أن نرجع إلى ما بين أيدي النصارى من كتب وخصوصاً العهد الجديد، فمن ضمن تعاليم المسيح عليه السلام للذين آمنوا به من اليهود هي: "…إلى طريق الأمم لا تمضوا، وإلى مدينة للسامريين لا تدخلوا، بل أذهبوا بالحري إلى خراف بني إسرائيل الضالة…" (متى 10 : 5-6) فقد قال أحد علماء التفسير عند النصارى ويدعى هنري: "أي لا تذهبوا خارج أرض إسرائيل مهما كانت الإغراءات" فهذا دليل على إن جماعة من اليهود آمنت بالمسيح خطر على اليهود الذين لم يؤمنوا بالمسيح لأنهم جلسوا في هيكل اليهود وكانوا يُعرفون أنفسهم بجماعة من اليهود آمنت بالمسيح لأن لقب "المسيحيين" لم يطلق عليهم بعد، فلذلك وجب على اليهود أن يواجهوا هذا الخطر بكل ما أوتوا من قوة وبطش، فبدءوا بتعذيب وطردهم من الهيكل المقدس ولكن هذا لم يزعزع إيمان الذين آمنوا بالمسيح بل زادهم صلابة وقوة لأن الله مع الصابرين. فمن أبرز المعذبين لأتباع المسيح رجل يدعى: شاؤول، كان شاؤول من طائفة يهودية متشددة تدعى الفريسيين. كان شاؤول من أشد الناس بطشاً على أتباع المسيح إلى أن أدعى هذا الكذاب يوماً بأنه رأى المسيح ذات ليلة وهو على طريقة إلى دمشق وبالتالي أعتنق ظاهرياً دين المسيح ولكن باطنياً فهو ليس إلا كذاب حقير يأس من تعذيب المؤمنين فنهج بتخطيط صهيوني-ماسوني بحت بأن يذيب بعض المعتقدات الفاسدة في الدين الحنيف حتى يزيحهم من القدس ويرميهم إلى "طريق الأمم" فهو الذي أسس النصرانية الصليبية بعدما أطلق على نفسه اسم بولس. فكان هدف بولس الأساسي أن يفصل المسيحية عن اليهودية، لأن الذين آمنوا بالمسيح عليه السلام كانوا يعرفون أنفسهم بجماعة من اليهود آمنت بالمسيح فوجب على بولس فصلهم عن اليهود، يقول الكاتب يواكيم برنز: "...لقد كان بولس سباقاً إلى قبول فكرة انفصال المسيحية عن اليهودية ومهد بإنشاء العقيدة المناسبة..." أما الهدف الأساسي الثاني هو الجلاء عن القدس إلى الأمم يقول لوريمر: "... كان من الملاحظ منذ البدء حياة بولس المسيحية العملية أن الحقل الحقيقي لعمله هو الأمم..." وطبعاً هذا ضد تعاليم المسيح حيث قال: "إلى طريق الأمم لا تمضوا"
كان لبولس هدفان أساسيان؛ الهدف الأول هو فصل المسيحية عن اليهودية وإنشاء العقيدة "المناسبة" أما الهدف الثاني هو إجلاء من آمن بالمسيح إلى الأمم لتضل القدس لليهود فقط. فلقد وصف بولس (((بالخائن))) عند الكثير من المسيح "...إن المسيحيين المخلصين، يعتبرون بولس خائناً. وتصفه وثائق المسيحية بالعدو، وتتهمه بالتواطؤ التكتيكي..." وقال عنه موريس بوكاي "...إن بولس كان أكثر وجوه المسيحية موضعاً للنقاش، وإذا كان قد أعتبر خائناً لفكر المسيح، فذلك لأنه كون مسيحية على حساب هؤلاء الذين جمعهم المسيح من حوله لنشر تعاليمه، ولم يكن بولس قد عرف المسيح في حياته" حتى تلاميذ المسيح عليه السلام لم يصدقوه "...ولما جاء شاؤول - بولس - إلى أورشاليم حاول أن يلتصق بالتلاميذ وكان الجميع يخافونه غير مصدقين أنه تلميذ..." (أعمال 9 : 26) فالوحيد من تلاميذ المسيح قبله كان برنابا وثم قدمه إلى التلاميذ ولكن بعد فترة ليست بقصيرة تشكك برنابا في ما يقوله بولس ونتج خلاف بين برنابا وبولس فتركه. حاول بولس أن يخترع أسطورة ألوهية المسيح وإنه ابن الله ونشرها بين تلاميذ المسيح عليه السلام ولكنه لم يستطع لأن كل من يؤمنوا بأن لله ابن لا يوجد في رؤسهم سوى جلود مدبغة لا تنفع إلا لصناعة الأحذية. فتوجه بولس إلى طريق الأمم لأن كان من الأمم وثنيون قبلوا فكرة عبادة الأصنام فإقناعهم بإلوهية المسيح وإنه ابن الله ليس بالأمر الصعب، يقول يواكيم برنز "...بانضمام بولس تحررت المسيحية من الأفق الفلسطيني الضيق ومن القيود التي وضعها المسيح ضد التبشير بين الوثنيين" فيا ترى، من أين جاءت فكرة "ابن الله"؟ هذه الفكرة يهودية بحته وبيان ذلك قوله تعالى {وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللّهِ وَقَالَتْ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُم بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِؤُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ} (التوبة:30) إذا تلك الفكرة كانت موجودة أصلاً في الفكر اليهودي فعلموا اليهود ببطلان تلك العقيدة ففرغوها في رؤوس الوثنيين، ومن هنا جاءت فكرة "ابن الله" ومن الملاحظ إن سيدنا المسيح عليه السلام لم يقل أبداً بأنه "ابن الله" حتى في الأناجيل اليوم المحرفة عند النصارة، فكل ما يمكن أن تجده قوله بأنه "ابن رجل" فأولوا النصارى كلمة "رجل" وقالوا إن المسيح قصد هنا "الله" - تعالى الله عما يقولون.
إذاً، شهادة اسكندر جديد، بأن الإنجيل متواتراً وهو تحجج واهٍ، لأنه بدل أن يثبت تواتر الإنجيل عن عيسى عليه السلام - هذا إن وجد إنجيلاً ينسب إلى عيسى عليه السلام، قام وثبت تواتر الإنجيل عن بولس الذي وصف بالخائن عند المسيحيين أنفسهم.
ثم، أن اليهود والنصارى لا يوجد عندهم سند متصل لكتاب من كتب العهد الجديد، فأنه لا بد لكون الكتاب سماوياً واجب التسليم أن يثبت أولاً بدليل تام أن هذا الكتاب كتب بواسطة نبياً ما، ووصل بعد ذلك إلينا بالسند المتصل بلا تغيير ولا تبديل، والاستناد إلى شخص ذي إلهام بمجرد الظن والوهم لا يكفي في إثبات أنه من تصنيف ذلك الشخص، وكذلك مجرّد ادعاء فرقة أو فرق لا يكفي فيه، فمن كتب العهد الجديد سوى الكتب المذكورة كتب جاوزت سبعين منسوبة إلى عيسى ومريم والحواريين وتابعيهم. والمسيحيون الآن يدّعون أن كلاً من هذه الكتب من الأكاذيب المصنوعة، واتفق على هذه الدعوى كنيسة ألكريك وكاثلك والبروتستنت، وكذلك السفر الثالث لعزرا منسوب إلى عزرا وعند كنيسة ألكريك جزء من العهد القديم ومقدس واجب التسليم. وعند كنيسة الكاثلك والبروتستنت من الأكاذيب المصنوعة، وأن كتاب باروخ وكتاب طوبيا وكتاب يهوديت وكتاب وزدم، وكتاب ايكليزيا ستيكس وكتابي المقابيين وجزء من كتاب استير، واجبة التسليم عند الكاثلك وواجبة الرد عند البروتستنت. فإذا كان الأمر كذلك فلا نعتقد بمجرد استناد كتاب من الكتب إلى نبي أو حواري أنه إلهامي أو واجب التسليم، وكذلك لا نعتقد بمجرد ادعائهم بل نحتاج إلى دليل، وإذا طلبنا من علمائهم الفحول السند المتصل فلا يقدروا عليه، ولذلك نطلب من اسكندر جديد أن يأتينا بالسند المتصل للتوراة والأناجيل، فهناك جزماً قاطعاً بأن كتب الإسناد لهم ليس فيها شيئاً غير الظن والتخمين، يقولون بالظن ويتمسكون ببعض القرائن، وإن الظن في هذا الباب لا يغني شيئاً، فقد قال تعالى {مَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلاَّ اتِّبَاعَ الظَّنِّ} فما دام لم يأتوا بدليل شاف وسند متصل فمجرد المنع يكفينا، وإيراد الدليل في ذمتهم لا في ذمتنا، ولما كان التكلم على سند كل كتاب مفضياً إلى التطويل الممل فلا نتكلم إلا على سند بعض من تلك الكتب، فنقول وباللّه التوفيق:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي رضي لنا الإسلام ديناً، ونصب لنا الدلالة على صحته برهاناً مبيناً، وأوضح السبيل إلى معرفته واعتقاده حقاً يقيناً، ووعد من قام بأحكامه وحفظ حدوده أجراً جسيماً، وذخر لمن وافاه به ثوابا جزيلا وفوزاً عظيماً، وفرض علينا الانقياد له ولأحكامه، والتمسك بدعائمه وأركانه، والاعتصام بعراه وأسبابه.
أما بعد،
ًبعث نبينا محمد صلى الله عليه وسلم بشريعة واضحة لا يحوم عليها لبس، محكمة لا تدنو منها شبهة، وتلقاها عنه رجال صفت بصائرهم، وتناهت في فهم سبل الخير عقولهم، فبلغوا كما أمروا، وجاهدوا في سبيلها حتى انتصروا، وما زال الدين الحق رفيع الدعائم، محفوضاً من أن تلعب به يد الأهواء والمكايد، والفصل في هذا الحفظ للكتاب والسنة الصحيحة الطاهرة، فإنهما قد وجدا وسيجدان في كل عصر عقولاً تنظر فيها وهي مبرأة من كل عوج، بعيدة من كل هوى، فسرعان ما تبصر الحقائق محفوفة بحجج تقطع لسان كل جهول، وتفضح سريرة كل ختال فخور.
وقد دلنا التاريخ إن الدين الحنيف يبتلى في كل عصر بنفوس نزاعة إلى الغواية، فتتنكب عن الحقائق. فلقد ابتلت المسيحية الحنفية الموحدة باليهودية فحولتها من دواء إلى داء على البشرية، فعندما بعث نبي الله عيسى إبن مريم عليه السلام وإلى أن رفعه الله إليه حس اليهود بالخطر المقبل إليهم فبدءوا في سراديبهم التخطيط بأن يهدموا هذا الدين الحنيف الذي جاء به رسول الله عيسى إبن مريم عليه السلام. فلماذا المسيحية الحنفية خطر على اليهود؟ فللإجابة على هذا السؤال يحتم علينا أن نرجع إلى ما بين أيدي النصارى من كتب وخصوصاً العهد الجديد، فمن ضمن تعاليم المسيح عليه السلام للذين آمنوا به من اليهود هي: "…إلى طريق الأمم لا تمضوا، وإلى مدينة للسامريين لا تدخلوا، بل أذهبوا بالحري إلى خراف بني إسرائيل الضالة…" (متى 10 : 5-6) فقد قال أحد علماء التفسير عند النصارى ويدعى هنري: "أي لا تذهبوا خارج أرض إسرائيل مهما كانت الإغراءات" فهذا دليل على إن جماعة من اليهود آمنت بالمسيح خطر على اليهود الذين لم يؤمنوا بالمسيح لأنهم جلسوا في هيكل اليهود وكانوا يُعرفون أنفسهم بجماعة من اليهود آمنت بالمسيح لأن لقب "المسيحيين" لم يطلق عليهم بعد، فلذلك وجب على اليهود أن يواجهوا هذا الخطر بكل ما أوتوا من قوة وبطش، فبدءوا بتعذيب وطردهم من الهيكل المقدس ولكن هذا لم يزعزع إيمان الذين آمنوا بالمسيح بل زادهم صلابة وقوة لأن الله مع الصابرين. فمن أبرز المعذبين لأتباع المسيح رجل يدعى: شاؤول، كان شاؤول من طائفة يهودية متشددة تدعى الفريسيين. كان شاؤول من أشد الناس بطشاً على أتباع المسيح إلى أن أدعى هذا الكذاب يوماً بأنه رأى المسيح ذات ليلة وهو على طريقة إلى دمشق وبالتالي أعتنق ظاهرياً دين المسيح ولكن باطنياً فهو ليس إلا كذاب حقير يأس من تعذيب المؤمنين فنهج بتخطيط صهيوني-ماسوني بحت بأن يذيب بعض المعتقدات الفاسدة في الدين الحنيف حتى يزيحهم من القدس ويرميهم إلى "طريق الأمم" فهو الذي أسس النصرانية الصليبية بعدما أطلق على نفسه اسم بولس. فكان هدف بولس الأساسي أن يفصل المسيحية عن اليهودية، لأن الذين آمنوا بالمسيح عليه السلام كانوا يعرفون أنفسهم بجماعة من اليهود آمنت بالمسيح فوجب على بولس فصلهم عن اليهود، يقول الكاتب يواكيم برنز: "...لقد كان بولس سباقاً إلى قبول فكرة انفصال المسيحية عن اليهودية ومهد بإنشاء العقيدة المناسبة..." أما الهدف الأساسي الثاني هو الجلاء عن القدس إلى الأمم يقول لوريمر: "... كان من الملاحظ منذ البدء حياة بولس المسيحية العملية أن الحقل الحقيقي لعمله هو الأمم..." وطبعاً هذا ضد تعاليم المسيح حيث قال: "إلى طريق الأمم لا تمضوا"
كان لبولس هدفان أساسيان؛ الهدف الأول هو فصل المسيحية عن اليهودية وإنشاء العقيدة "المناسبة" أما الهدف الثاني هو إجلاء من آمن بالمسيح إلى الأمم لتضل القدس لليهود فقط. فلقد وصف بولس (((بالخائن))) عند الكثير من المسيح "...إن المسيحيين المخلصين، يعتبرون بولس خائناً. وتصفه وثائق المسيحية بالعدو، وتتهمه بالتواطؤ التكتيكي..." وقال عنه موريس بوكاي "...إن بولس كان أكثر وجوه المسيحية موضعاً للنقاش، وإذا كان قد أعتبر خائناً لفكر المسيح، فذلك لأنه كون مسيحية على حساب هؤلاء الذين جمعهم المسيح من حوله لنشر تعاليمه، ولم يكن بولس قد عرف المسيح في حياته" حتى تلاميذ المسيح عليه السلام لم يصدقوه "...ولما جاء شاؤول - بولس - إلى أورشاليم حاول أن يلتصق بالتلاميذ وكان الجميع يخافونه غير مصدقين أنه تلميذ..." (أعمال 9 : 26) فالوحيد من تلاميذ المسيح قبله كان برنابا وثم قدمه إلى التلاميذ ولكن بعد فترة ليست بقصيرة تشكك برنابا في ما يقوله بولس ونتج خلاف بين برنابا وبولس فتركه. حاول بولس أن يخترع أسطورة ألوهية المسيح وإنه ابن الله ونشرها بين تلاميذ المسيح عليه السلام ولكنه لم يستطع لأن كل من يؤمنوا بأن لله ابن لا يوجد في رؤسهم سوى جلود مدبغة لا تنفع إلا لصناعة الأحذية. فتوجه بولس إلى طريق الأمم لأن كان من الأمم وثنيون قبلوا فكرة عبادة الأصنام فإقناعهم بإلوهية المسيح وإنه ابن الله ليس بالأمر الصعب، يقول يواكيم برنز "...بانضمام بولس تحررت المسيحية من الأفق الفلسطيني الضيق ومن القيود التي وضعها المسيح ضد التبشير بين الوثنيين" فيا ترى، من أين جاءت فكرة "ابن الله"؟ هذه الفكرة يهودية بحته وبيان ذلك قوله تعالى {وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللّهِ وَقَالَتْ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُم بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِؤُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ} (التوبة:30) إذا تلك الفكرة كانت موجودة أصلاً في الفكر اليهودي فعلموا اليهود ببطلان تلك العقيدة ففرغوها في رؤوس الوثنيين، ومن هنا جاءت فكرة "ابن الله" ومن الملاحظ إن سيدنا المسيح عليه السلام لم يقل أبداً بأنه "ابن الله" حتى في الأناجيل اليوم المحرفة عند النصارة، فكل ما يمكن أن تجده قوله بأنه "ابن رجل" فأولوا النصارى كلمة "رجل" وقالوا إن المسيح قصد هنا "الله" - تعالى الله عما يقولون.
إذاً، شهادة اسكندر جديد، بأن الإنجيل متواتراً وهو تحجج واهٍ، لأنه بدل أن يثبت تواتر الإنجيل عن عيسى عليه السلام - هذا إن وجد إنجيلاً ينسب إلى عيسى عليه السلام، قام وثبت تواتر الإنجيل عن بولس الذي وصف بالخائن عند المسيحيين أنفسهم.
ثم، أن اليهود والنصارى لا يوجد عندهم سند متصل لكتاب من كتب العهد الجديد، فأنه لا بد لكون الكتاب سماوياً واجب التسليم أن يثبت أولاً بدليل تام أن هذا الكتاب كتب بواسطة نبياً ما، ووصل بعد ذلك إلينا بالسند المتصل بلا تغيير ولا تبديل، والاستناد إلى شخص ذي إلهام بمجرد الظن والوهم لا يكفي في إثبات أنه من تصنيف ذلك الشخص، وكذلك مجرّد ادعاء فرقة أو فرق لا يكفي فيه، فمن كتب العهد الجديد سوى الكتب المذكورة كتب جاوزت سبعين منسوبة إلى عيسى ومريم والحواريين وتابعيهم. والمسيحيون الآن يدّعون أن كلاً من هذه الكتب من الأكاذيب المصنوعة، واتفق على هذه الدعوى كنيسة ألكريك وكاثلك والبروتستنت، وكذلك السفر الثالث لعزرا منسوب إلى عزرا وعند كنيسة ألكريك جزء من العهد القديم ومقدس واجب التسليم. وعند كنيسة الكاثلك والبروتستنت من الأكاذيب المصنوعة، وأن كتاب باروخ وكتاب طوبيا وكتاب يهوديت وكتاب وزدم، وكتاب ايكليزيا ستيكس وكتابي المقابيين وجزء من كتاب استير، واجبة التسليم عند الكاثلك وواجبة الرد عند البروتستنت. فإذا كان الأمر كذلك فلا نعتقد بمجرد استناد كتاب من الكتب إلى نبي أو حواري أنه إلهامي أو واجب التسليم، وكذلك لا نعتقد بمجرد ادعائهم بل نحتاج إلى دليل، وإذا طلبنا من علمائهم الفحول السند المتصل فلا يقدروا عليه، ولذلك نطلب من اسكندر جديد أن يأتينا بالسند المتصل للتوراة والأناجيل، فهناك جزماً قاطعاً بأن كتب الإسناد لهم ليس فيها شيئاً غير الظن والتخمين، يقولون بالظن ويتمسكون ببعض القرائن، وإن الظن في هذا الباب لا يغني شيئاً، فقد قال تعالى {مَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلاَّ اتِّبَاعَ الظَّنِّ} فما دام لم يأتوا بدليل شاف وسند متصل فمجرد المنع يكفينا، وإيراد الدليل في ذمتهم لا في ذمتنا، ولما كان التكلم على سند كل كتاب مفضياً إلى التطويل الممل فلا نتكلم إلا على سند بعض من تلك الكتب، فنقول وباللّه التوفيق: