((جميع البحوث التربوية للطلبة تجدها في هذا الموضوع))

    • ((جميع البحوث التربوية للطلبة تجدها في هذا الموضوع))

      تفضلوا يا اخوان البحث يمكن تستفيدوا منه


      وشكرا


      اي بحث ودكم اليه اكتب اسمه ولا يهمكم ان شاء الله اجيبه لكم






      [line]

      ستجدون هنا حتى الآن العناوين الآتية :

      *جابر بن حيان
      *طه حسين
      *التنفس ( التنفس الاصطناعي – امراض التنفس – الجهاز التنفسي
      *الجغرافيا البشرية
      *خليل مطران
      *علم الجغرافيا
      *الآثار العمانية
      *الإيدز
      *عمر بن الخطاب
      *علم البلاغة
      *المتنبي
      *مصعب بن عمير
      *التربية الجمالية في الإسلام
      *الحجاج بن يوسف الثقفي
      *سعيد بن جبير
      *علم الجغرافيا
      *الضغط ( فيزياء )
      *أحمد شوقي
      *الاستنساخ
      *عمان في العصر العباسي
      *علم الفيزياء
      *علم الكيمياء














      جابر بن حيان




      ولد جابر بن حيان في طوس سنة 120 هــ -737م ، وتوفي سنة 198هــ _813م
      اشتهر جابر بن الحيان بالعلوم ولا سيما الكيمياء ، له في الكيمياء والمنطق والفلسفة الكثير من المؤلفات والمصنفات المشهورة والتي ضاع معظمها ولم يبق منها غير ثمانين كتابا ورسالة . وفي المكتبات العامة والخاصة سواء في الشرق والغرب ،وقد تم ترجمة بعض المؤلفات إلى اللغة اللاتينية وكان ذلك له الأثر الكبير
      في تكوين مدرسة كيميائية في الغرب ذات اثر فعال.
      ولقد اعتراف الغرب بفضل جابر فقال (ليكارل) في كتابه تاريخ الطب العربي : إن جابر من اكبر العلماء في القرون الوسطى وأعظم علماء عصره وكذلك يعترف (سارطون ) بفضل جابر ويقول انه كان شخصية فذة ومن أعظم الذين برزوا في ميدان العلم في القرون الوسطى ، وكان جابر شديد الشغف بالكيمياء فقد درسها دراسة وافية ووقف على ما انتجة السبابقون . وقد جعل الكيمياء تقوم على تجربة والملاحظة والاستنتاج ، كل هذه العوامل جعلت اسم جابر بن الحيان من الخالدين في التاريخ الكيميائي .

      ولقد عدل جابر في نظرية (أرسطو) التي تتحدث عن تكوين الفلزات وجعلها أكثر ملاءمة للحقائق العلمية المعروفة وكتاب ذلك في كتابه الإيضاح وخارج بذلك بنظرية جديدة عن تكوين الفلزات .
      وابتكر جابر علم الوازين في الكيمياء ، وأول من استحضر حــامض الكبريتيك بتقطيره من الشبة وسماه (زيت الزاج) وكان لجابر بن الحيان الأثر الكبير في الكيمياء والطاقة .

      وقد استحضر أيضا حامض النيتريك ، وأول من كشف الصودا الكاوية وأول من استحضر ماء الذهب وأول من فصل الذهب عن الفضة بواسطة الحامض .

      وهو أول من لاحظ ما يحضر من راسب (كلوريد الفضة) وكذلك ينسب اليه تحضير المركبات مثل كوبونات البوتاسيوم وكوبونات الصوديوم ، وكذلك درس خصائص المركبات الزئبقية وتحضيره .

      وله كتاب عن السموم (كتاب السموم ودفع مضارها) وقد ذكر فيه وأسرار وأقوال الفلاسفة اليونان في السموم ،
      كما تضمن الكتاب تقسيمات لأنواع السموم وينقسم الكتاب الى فصول:

      الاول : يذكر فيه اوضاع القوى الاربع وحالتها مع الادوية المسهله والسموم القاتلة .
      الفصل الثاني : في اسماء السموم ومعرفة الجيد منها والردئ .
      الفصل الثالث :في ذكر السموم العامه الفعل في سائر الابدان .
      الفصل الرابع : في علامات السموم المسقاة والحوادث العارضة .
      الفصل الخامس : في ذكر السموم المركبة .
      الفصل السادس : في الاحتراس من السموم قبل اخذها وذكر الادوية النافعة من السموم .

      وبعد ان بين جابر بن الحيان انواع السموم ، فقد قسمها الى حيوانية ونباتية وحجرية ، وذكر في السموم الحيوانية مرارة الافـاعي ومراره النمر ولسان السحلفاة والضفدع والعقارب .
      ومن السموم النباتية قرون السنبل والافيون والشليم والحنضل والشكوران .
      ومن السموم الحجرية الزئبق والزرنيخ والزاج وبرادة الحديد والطلق وبرادة الذهب .
      وقد دعا جابر الى الاهتمام بالتجربة ، وحث على اجرائها مع دقة الملاحظة ، وقد قال : ان واجب المشتغل في الكيمياء هو العمل واجراء التجربة , وان المعرفة لا تحصل الا بها .
      وقد وفق جابر بن الحيان في عمليته الكيميائية كالتبخير والتقطير والتكليس والاذابة والتبلور .
      ومن كتب جابر بن الحيان كتاب الجمع وكتاب الاستتمام وكتاب الاستيفاء وكتاب التكليس .

      وكان ذالك سببأ في اعتراف علماء اوروبا بفضل جابر بن الحيان فى هذا المجال ولقد قال عنه (برتيلو):
      "لجابر بن حيان في الكيمياء ما لاسطو طاليس في ....." .




      [line]


      جابر بن حيان وعلم الكيمياء (علم الصنعة)



      ملخص البحث
      هذا البحث المبسط والموجز يكشف عن صفحة مشرقة من صفحات تراثنا العلمي العربي، ويبيّن ما للعرب من أصالة في التراث العلمي والإنساني الذي استقى منه التراث العالمي فترة طويلة من الزمن. فإذا تجاوزنا العلوم التي أبدع فيها العرب إلى علم الكيمياء الذي يهمنا في هذا البحث، نرى أن العرب قد ابتكروا كثيراً في حقل الكيمياء معتمدين على البحث التجريبي الذي يعدون فيه رواداً نحو الحقيقة وعلى رأس هؤلاء الرواد العالم العربي المتصوف جابر بن حيان الذي تضاربت الآراء والأقوال حول وجوده وحقيقته. فكأنما الإنسانية تستكثر على نفسها أن يظهر من أبنائها واحداً يتجاوز بنبوغه حداً معقولاً. وتشكل مجموعة الكتب الكثيرة التي تحمل اسم جابر موسوعة علمية تحتوي على خلاصة ما توصل إليه الكيميائيون العرب حتى عصره، وتنم عن اطلاعه الواسع وتجاربه العلمية، وأهم هذه الكتب: نهاية الإتقان، الميزان، السموم، وكتب أخرى كثيرة، وآخرها كان كتاب الرحمة الذي وجد تحت رأسه عندما مات.
      من جملة ما اهتم به جابر (واهتم به الأسبقون وكان غاية الحكماء) هو إمكانية تحويل المعادن الخسيسة إلى ذهب (علم الكيمياء أو علم الصنعة)، بالإضافة إلى الحصول على حجر الحكماء أو حجر الفلاسفة أو ما يدعى بالإكسير، وهذا ما سيتناوله هذا البحث الموجز.

      مقدمة:
      اختلف مؤرخو العلم حول أصل كلمة كيمياء. فمنهم من ردها إلى الفعل اليوناني chio الذي يفيد السبك والصهر، ومنهم من أعادها إلى كلمتي chem , kmt المصريتين ومعناهما الارض السوداء، ومنهم من يرى أنها مشتقة من كلمة كمى العربية أي ستر وخفى ].
      ويعرّف ابن خلدون الكيمياء بأنها (علم ينظر في المادة التي يتم بها كون الذهب والفضة بالصناعة)، ويشرح العمل الذي يوصل إلى ذلك
      لقد تأثرت الكيمياء العربية بالكيمياء اليونانية والسريانية وخاصة بكتب دوسيوس و بلنياس الطولوني الذي وضع كتاب (سر الخليقة). غير أن علوم اليونان والسريان في هذا المجال لم تكن ذات قيمة لأنهم اكتفوا بالفرضيات والتحليلات الفكرية.
      وتلجأ الكيمياء إلى الرؤية الوجدانية في تعليل الظواهر، وتستخدم فكرة الخوارق في التفسير، وترتبط بالسحر وبما يسمى بعلم الصنعة، وتسعى إلى تحقيق هدفين هما:
      أ – تحويل المعادن الخسيسة كالحديد والنحاس والرصاص إلى معادن شريفة كالذهب والفضة عن طريق التوصل إلى حجر الفلاسفة.
      ب – تحضير أكسير الحياة، وهو دواء يراد منه علاج كل ما يصيب الإنسان من آفات وأمراض، ويعمل على إطالة الحياة والخلود.
      وهذان الهدفان سـنناقشـهم في هذا البحث من وجهة نظر وعمل أبي الكيمياء العالم العربي جابر بن حيان.

      تطور علم الكيمياء عند القدماء:
      إن تاريخ الكيمياء في العالم القديم أكثر غموضاً من تاريخ الفيزياء، ونحن لا نعلم من تاريخ الكيمياء إلا النتائج العملية، ولم يدوّن لنا القدماء من ذلك التاريخ شيئاً
      يمكن اعتبار الكيمياء الصينية أقدم المعارف الكيميائية، لكن لايزال السؤال غامضاً عن صلة الوصل بين الكيمياء الصينية والكيمياء المصرية القديمة، وهذا ما حاول الباحث جونسون Jhonson أن يبرهن عليه، حيث ذكر عن كاتب صيني قديم يرجع عهده إلى سنة 330 ق. م أنه حرّر عن الفلسفة التاتوئية والسيمياء، والأخيرة تحتوي على كيفية تحويل المعادن إلى معادن ثمينة، وكيفية الحصول على إكسير الحياة، تلك المادة التي تطيل الحياة على زعمهم وتقضي على الموت .
      وقد قال ابن النديم أنه زعم أهل صناعة الكيمياء، وهي صناعة الذهب والفضة من غير معادنها، أن أول من تكلم عن علم الصنعة هو هرمس الحكيم البابلي المنتقل إلى مصر عند افتراق الناس عن بابل، وإن الصنعة صحّت له، وله في ذلك عدة كتب، وإنه نظر في خواص الأشياء وروحانيتها.
      وزعم الرازي أن جماعة من الفلاسفة عملوا في الكيمياء مثل: فيثاغورس، ديموقراط، أرسطاليس، جالينوس، وغيرهم، ولايجوز أن يسمى الإنسان فيلسوفاً إلا أن يصح له علم بالكيمياء.
      وقال آخرون أن علم الكيمياء (قديماً) كان بوحي من الله عز وجل إلى موسى بن عمران (قصة قارون).

      الكيمياء في القرون الوسطى:
      أشهر شخصية من شخصيات الكيمياء الغربية في القرون الوسطى وخاصة التي تناولت فكرة الحصول على الذهب هو العالم برنارد تريفيزان Bernard Trevisan حيث رافقت هذا المغامر في الكيمياء فكرة البحث عن الذهب في الصخور والأحجار والمعادن والاملاح وغير ذلك.
      سافر إلى بلاد الإغريق والتتار والقسطنطينية وزار مصر، لكنه لم يمس تبرها.
      خامرت العالم برنارد فكرة الحصول على الذهب من الإنسان لأنه تاج الخليقة، ويشكل الذهب ذروة الكمال المعدني، وأراد أن يحل مشكلته الكبرى في أشعة الشمس للاعتقاد السائد قديماً بأن هذه الأشعة هي التي تكون المعادن، وما الذهب إلا أشعة الشمس المتكاثفة التي استحالت إلى جسم أصفر براق.
      واعتقد بنمو المعادن، حتى أن أصحاب المناجم كانوا يغلقون مناجمهم برهة من الزمن ليعطوا المعادن فرصة التكون. وقد بدد ثروته الهائلة على تلك الافكار .

      علم الكيمياء عند العرب المسلمين:
      بدأت الكيمياء في الإسلام بالصنعة، ذلك لأن العرب اعتمدوا الكتب المنقولة عن اليونانية، وكتب الإسكندرانيين التي نقلت إلى العربية. ويعتبر خالد بن يزيد بن معاوية أول من اشتغل في علم الصنعة عند العرب، حيث استقدم بعض الرهبان الأقباط المتفحصين بالعربية، كمريانوس، شمعون، وغيرهم، وطلب إليهم نقل علوم الصنعة إلى اللغة العربية عله يتمكن من تحويل المعادن الخسيسة إلى ذهب.
      وهكذا وصلت الصنعة إلى العرب بواسطة الإسكندرانيين ممتزجة بالأوهام والأضاليل، تهدف إلى تحقيق غايات وهمية تتعلق بالصحة والخلود والثروة بعيدة عن الكيمياء التي ترتكز على قواعد وقوانين علمية.
      وقد انتقل هذا المفهوم إلى العلماء العرب فاعتقدوا كاليونان والسريان أن طبائع العناصر قابلة للتحويل، وأن جميع المعادن مؤلفة من عناصر واحدة هي الماء، الهواء، التراب، النار، وسبب اختلافها فيما بينها يعود إلى اختلاف نسب هذه العناصر في تركيبها، فلذلك لو توصلنا إلى حلّ أي معدن إلى عناصره الأساسية، وأعدنا تركيبه من جديد بنسب ملائمة لنسب أي معدن آخر كالذهب والفضة مثلاً، لاستطعنا الحصول على هذا المعدن.
      من أجل ذلك قام العلماء العرب بتجارب عديدة، أحاطوها بالسرية التامة، واستعملوا الرموز في الإشارة إلى المعادن فأشاروا إلى الذهب بالشمس، والى الفضة بالقمر، فاكتشفوا مواد جديدة، واختبروا أموراً مختلفة، وتوصلوا إلى قوانين عديدة، واستطاعوا أن ينقلوا الخيمياء إلى الكيمياء وذلك لعدة أسباب منها:
      1- فشل محاولات الصنعة في تحقيق أهدافها، وتحولها إلى علم تجريبي على يد العالم جابر بن حيان ومن ثم الرازي.
      2- تكثيف التجارب المادية والتماس منهج علمي صحيح قائم على التجربة والبرهان.
      ومع جابر بن حيان انتقلت الكيمياء عن العرب من طور صنعة الذهب الخرافية إلى طور العلم التجريبي في المختبرات.

      جابر بن حيان:
      ترتبط نشأة الكيمياء عند العرب بشخصية أسطورية أحياناً وتاريخية حيناً آخر، هي شخصية جابر بن حيان، ونستنتج من خلال الكتب التي تحمل اسمه أنه من أشهر الكيميائيين العرب، ويعدّ الممثل الأول للكيمياء العربية.
      وقد أثّر جابر في الكيمياء الأوربية لظهور عدد لا يستهان به من المخطوطات اللاتينية في الكيمياء منسوبة إلى جابر بن حيان .
      مولده – نشأته:
      هو أبو عبد الله جابر بن حيان بن عبد الله الكوفي المعروف بالصوفي. ولد في طوس (خراسان ) وسكن الكوفة، حيث كان يعمل صيدلانياً. وكان أبوه عطاراً. بنسبته الطوسي أو الطرطوسي، وينحدر من قبيلة الازد.
      يقال إنه كان من الصابئة، ومن ثم لقبه الحرّاني، كان من أنصار آل البيت (بعد أن دخل الإسلام وأظهر غيرة عظيمة على دينه الجديد )، ومن غير الموالين للدولة العباسية في بداية حياته .
      كان يعيش في ستر وعزلة عن الناس فقيل عنه إنه كان صوفياً.
      ويقدّر الزمن الذي ولد فيه جابر بين 721 م – 722 م، أما تاريخ وفاته فغير معروف تماما. ويقال أنه توفي سنة 200 هـ أو ما يوافق 815 م .
      ويقول هولميارد Holmyard أن جابر عاش ما يقارب 95 سنة، ودليله في ذلك أن المؤلفات التي ألّفها لا يمكن إنجازها بأقل من هذا الزمن.
      رحل إلى الجزيرة العربية وأتقن العربية وتعلّم القرآن والحساب وعلوماً أخرى على يد رجل عرف باسم (حربي الحميري) وقد يكون هو الراهب الذي ذكره في مصنفاته وتلقّن عنه بعض التجارب.
      اتصل بالإمام جعفر الصادق (الإمام الخامس بعد علي بن أبي طالب ) ت 148 هـ، ويقال إنه أخذ علم الصنعة عنه، وتتلمذ على يديه، وعن طريقه دخل بلاط هارون الرشيد بحفاوة.
      اختلاف الرواة والمفكرين في أمره ووجوده:
      اختلف الرواة في أمر جابر، فقد أنكر قوم أن يكون قد مرّ في هذه الحياة رجل يحمل هذا الاسم، وقال آخرون إنه رجل معروف في التاريخ، وقد اشتغل بصناعة الكيمياء، واستطاع أن يحوّل المعادن الخسيسة إلى معادن شريفة.
      وزعم قوم من الفلاسفة أنه منهم، وله كتب في المنطق والفلسفة. وزعم آخرون ( أهل صناعة الذهب والفضة) أن الرئاسة انتهت إليه في عصره وأن أمره كان مكتوماً.
      لكن جابر بن حيان حقيقة واقعة لا يمكن إنكارها، وعلم من أعلام العرب العباقرة، وأول رائد للكيمياء، وقد أيّد هذه الحقيقة أبو بكر الرازي، عندما كان يشير إلى جابر في كتبه فيقول "أستاذنا.
      مدرسته:
      أخذ جابر مادته الكيمياء من مدرسة الإسكندرية التي كانت تؤمن بانقلاب العناصر، وقد كان تطورها من النظريات إلى العمليات. وقد درس جابر ما خلّفه الأقدمون، فلم يرَ من تراثهم من الناحية الكيميائية إلا نظرية أرسطو عن تكوين الفلزات، وهي نظرية متفرعة عن نظريته الأساسية في العناصر الأربعة: الماء، الهواء، التراب، النار.
      ولم يعرف فقط كبار مفكري وعلماء العالم اليوناني، بل كان يعرف الكتب ذات المحتوى السري جداً مثل كتب أبولينوس التيتاني. وزعم هولميارد أن المصدر الذي استقى منه جابر علومه في الكيمياء هو الأفلاطونية الحديثة.
      منهجه العلمي:
      العلم عند جابر يسبق العمل، فليس لأحد أن يعمل ويجرب دون أن يعلم أصول الصنعة ومجالات العلم بصورة كاملة وقد قال: "إن كل صنعة لابد لها من سبوق العلم في طلبها للعمل".
      وقطع جابر كأحد رواد علماء العرب خطوة أبعد مما قطع اليونان في وضع التجربة أساس العمل لا اعتماداً على التأمل الساكن، ولعله أسبق عالم عربي في هذا المضمار، فنراه يقول:
      ] وملاك هذه الصنعة العمل، فمن لم يعمل ولم يجرب لم يظفر بشيء أبداً [.
      وقد كان جابر انطلاقاً من قناعته بامكانية قيام العلم الطبيعي على قاعدة الاتقان المتين، كان شجاعاً بما فيه الكفاية، فهو يؤمن بأنه انتزع من الطبيعة آخر خفاياها، سمة علمه أنه لا يعترف بوجود أي حد للتفكير البشري.
      تساءل جابر ؟! ألا يمكن أن يكون التوليد ممكناً، ] فالكائن الحي بالنسبة له بل الانسان نفسه، إنما هو نتيجة تفاعل قوى الطبيعة، فمن الممكن من الناحية النظرية على الأقل- محاكاة تدبير الطبيعة بل تحسينه عند الحاجة [.
      ومهما يكن من أمر، فإن قيام جابر كعالم كيميائي ابتكر المنهج التجريبي في الكيمياء، لايعني أن هذا العالم قد تخلص من الافكار القديمة، وحرّر فكره ومذهبه منها، إذ أن له بعض الكتابات الغريبة والطلسمات، لكن هذا لايعني أيضاً أنه لم يشق طريقه في الظلمات عبر العصور المظلمة إلى النور.
      ولجابر الكبير في تطور الكيمياء وانتقالها من صنعة الذهب الخرافية إلى طور العلم التجريبي في المختبرات، حيث أن موضوع الحصول على الذهب لم يشغله عن غيره من النواحي العلمية الاخرى، فشمل نشاطه المسائل النظرية والعلمية العادية وغير العادية.
      فقد عرف جابر الكثير من العمليات العلمية كالتقطير، التبخير، التكليس، الإذابة، التبلور، وغيرها [27].
      كما شمل عمله الناحية التطبيقية للكيمياء، من ذلك أنه أدخل طريقة فصل الذهب عن الفضة بالحل بواسطة الحامض، وهذه طريقة لا زالت مستخدمة حتى الان، ولها شأن في تقدير عيارات الذهب في المشغولات والسبائك الذهبية [28].

      رأي جابر في طبائع العناصر، وإمكانية تحويلها إلى ذهب:
      ينطلق جابر في الصنعة من أن لكل عنصر روحاً (نفساً، جوهراً ) كما نجد في أفراد الناس والحيوان، وأن للعناصر طبائع، وهذه الطبائع في العناصر قابلة للتبدل.
      ويرى جابر أن العنصر كلما كان أقل صفاءً (ممزوجاً بعناصر اخرى ) كان أضعف تأثيراً، فإذا أردنا عنصراً قوي الاثر (في غيره)، وجب تصفيته، والتصفية تكون بالتقطير، فبالتقطير تصعد الروح من العنصر فيموت العنصر. يقول جابر:
      ] فإذا استطعنا أن نسيطر على روح هذا العنصر، ثم القينا شيئاً منه ( الروح وهي مذكر) على مادة ما، انقلبت تلك المادة فكانت مثل العنصر الذي القينا فيه شيئاً من روحه [ [29].

      تطبيق هذا الرأي على الذهب:
      يقول جابر:
      ] إن أصفى العناصر الحاضرة الذهب، لكن صفاءه غير تام، فيجب أن نصفّيه مرة بعد أخرى، حتى نبلغ به درجة الصفاء المطلقة، ونستخرج روحه في ايدينا إكسيراً أو دواءً، يعمل في المعادن عمل الخميرة في العجين [.
      فكما أن الخميرة تجعل العجين الفطير كله عجيناً مختمراً، فكذلك الاكسير (الاحمر المستخرج من الذهب ) يقلب المعادن ذهباً، والاكسير (الابيض المستخرج من الفضة) يقلب المعادن فضة.
      أما العناصر التي تقبل عند أصحاب الصنعة الانقلاب ذهباً وفضة (بسهولة ) فهي النحاس والزئبق والرصاص والحديد [30].
      ويبدو أن (الروح، الخميرة، الاكسير، حجر الفلاسفة، الكيمياء ) اسماء مختلفة لشيء واحد.
      فالاكسير برأي جابر يمكن الحصول عليه بغلي الذهب في سوائل مختلفة مرة بعد مرة ألف مرة، ولا شك في أن هذا الزعم باطل [31].
      ولجابر رأي روحاني متطرف في طبائع المعادن (ذكر ذلك في كتاب الرحمة)، فهو يعد المعدن كائناً حياً ينمو في باطن الارض أمداً طويلاً آلاف السنين، وينقلب من معدن خسيس كالرصاص إلى معدن نفيس كالذهب، وغاية علم الكيمياء الاسراع بهذا الاقلاب، وهو يطبق مذاهب التناسل والزواج والحمل والتعليم على المعدن، وكذلك مذاهب الحياة والموت [32].
      كان جابر يرى أن المعادن تحت تأثير الكواكب، تتكون في الارض من اتحاد الكبريت الحار واليابس مع الزئبق البارد والرطب.
      ويرجع وجود المعادن بأنواع مختلفة إلى أن الكبريت والزئبق ليسا نقيين على الدوام، ولأنهماً فضلاً عن ذلك لايتحدان بالنسب ذاتها، فإذا كانا نقيين تماماً، وحصل الاتحاد كاملاً بالميزان الطبيعي، نشأ الذهب أكمل المعادن [33].
      أما الاخلاط والنسب غير الكاملة فتؤدي إلى تكوين الفضة أو الاسرب أو الحديد أو النحاس. ولما كان لهذه المعادن في الاصل التركيب ذاته الذي للذهب، فيمكن تصحيح (تأثير) المصادفات في طريقة تركيبها بتدبير مناسب، وهذا التدبير يُشكّل غرض الصنعة، ويعول على استعمال الاكاسير [34].
      ومن هنا نستنتج أن جابراً يرى أنه من غير المستحيل تكوين الذهب نظرياً على الاقل، وإن كان ذلك صعباً تجريبياً ! [35].

      تدبير جابر للأكاسير:
      من أهم جوانب علم الكيمياء عند جابر، استناده على الاكسير العضوي، بالاضافة إلى الإكسير غير العضوي.
      فمن العلامات المميزة في الصنعة عند جابر تدبير الأكاسير لا على أساس معدني فحسب، بل كذلك على اساس مواد حيوانية ونباتية، بل إنه يفضل الاكسير الذي يرجع إلى مواد حيوانية، لما لهذه المواد من فعل أقوى بكثير مما للاكاسير الاخرى.
      يرى جابر أنه يمكن عمل اكاسير مختلطة بهذه المواد المذكورة، من ذلك مثلاً إكسير نباتي – حيواني، إكسير نباتي - معدني، إكسير حيواني – معدني، إكسير نباتي - حيواني – معدني.
      ولايمكن بلوغ هذه الاكاسير المختلفة، وكذا الاكسير الاعظم، أي العقار العام لكل المعادن [36].
      ولا بد للحصول على الاكسير الصحيح من الرجوع إلى اصول أكيدة، واستيفاء كل أسباب الدقة.
      وقد اعتمد جابر في ذلك على فكرة أن كل الاشياء في العالم الطبيعي تتركب من عناصر اربعة، تشكلت بدورها من أربع كيفيات.
      ومن الممكن عن طريق (الميزان) معرفة نصيب الطبائع الاربع في كل جسم، وبالتالي تجديد تركيبه بدقة تامة.
      وبهذه الطريقة يمكن للكيميائي أن يتحكم في كل التغيرات التي تحصل في الجسم، ما دام في وضع يدبر فيه كلاً على حدة الاصول والكيفيات التي تعمل بها الطبيعة، كما يصبح في وضع يمكنه من تدبير أجسام جديدة، وبخاصة اكاسير مختلفة تفعل في المعادن [37].
      وما الصور المختلفة للاكاسير إلا مزائج تجانست قليلاً أو كثيراً، مع الطبائع أو الخواص الاربع، مزائج تتفق مع تركيب الاجسام التي استعملت عليها.
      وها هو ذا تحديد عمل الاكسير كما بيّنه جابر نفسه في كتاب السبعين:
      إن الاصول الاربعة العاملة في الاجسام من الاجناس الثلاثة المؤثرة فيها والمحددة لصبغها هي: النار، الماء، الهواء، الارض.
      وفي الواقع ليس هناك فعل واحد من هذه الثلاثة أجناس إلا بتلك العناصر الاربعة. ولهذا، كان معولنا في هذه الصناعة على تدبير هذه العناصر، نقوّي ضعيفها، ونضعّف قويها، ونصلح فاسدها. فمن وصل إلى عمل هذه العناصر الاربعة في هذه الثلاثة أجناس، فقد وصل إلى كل علم، وادرك علم الخليقة وصنعة الطبيعة [38].
      يقول جابر في كتابه السبعين على سبيل المثال:
      إن الاسرب بارد يابس في الظاهر، وحار رطب في الباطن، وكذلك بالنسبة للفضة، بينما الذهب حار رطب في الظاهر، وبارد يابس في الباطن [39].
      ويقال أن جابراً كان أكثر مقامة في الكوفة، وبها كان يدبر الاكسير لصحة هوائها [40].
      وذكر جابر في كتابه (الخواص الكبير)، قصة اتصاله بيحيى البرمكي، وعمل اكسيره، وكيف خلصّ به كثيراً من الناس وشفاهم !.
      تطلعنا قصته هذه، على أن جابراً كان طبيباً، وكان يستخدم في العلاج دواء يسميه الاكسير، يبدو أنه كان يشفي كثيراً من العلل [41].
      أما ما له علاقة بالاكسير من جهة المسؤولية الكبرى، واكتشاف سر الله الاعظم، فله علاقة بالامام جعفر علاقة شديدة [42].
      فجابر يعتقد بوجود طريقتين لادراك الصنعة:
      أ – طريق ظاهري: وذلك باقتفاء أثر الطبيعة.
      ب – طريق باطني : بمعرفة الفرضيات الكبرى، وتطهير النفس البشرية.
      والثاني يشير إلى تصوفه وتشيعه الواضحين
      [43]. إذ أن أهم مصادر معرفته، الالهامات الباطنية التي اقتبسها عن إمامه جعفر الصادق، فعلاقته مع الامام جعفر الصادق هي علاقة فكرية فلسفية.
      والعلاقة بين جابر وإمامه الصادق لا تقف عد حد واحد، إنما تتعداه إلى أمر كشف سر الله الاعظم ألا وهو الاكسير ؟! [44].
      ] ولن أشير أكثر إلى العلاقة بين العالم جابر بن حيان وإمامه جعفر الصادق لسعة البحث في هذا الامر، ولاختصار دراستنا على جانب علمي معين في علم العالم الكيميائي جابر بن حيان [.

      اكتشافات جابر الكيميائية الاخرى:
      سنذكر بعضاً منها:
      1- عرف جابر بأن الشب يساعد على تثبيت الاصباغ في الاقمشة، والعلم الحديث اثبت ذلك، (الشب = أملاح الالمنيوم).
      2- توصل جابر إلى تحضير بعض المواد التي تمنع البلل عن الثياب، وهذه المواد هي أملاح الالمنيوم المشتقة من الحموض العضوية.
      3- توصل إلى استخدام كبريتيد الانتموان، الذي له لون الذهب، ليعوّض عن الاخير الغالي الثمن.
      4- تمكن من صنع ورق غير قابل للاحتراق، والعلم الحديث لايعرف حتى الان نوع هذا الورق [45].
      5- أدخل طريقة فصل الذهب عن الفضة بالحل بواسطة الحامض (الماء الملكي) وهذه الطريقة لازالت مستخدمة حتى الان.
      6- مارس كثيراً من العمليات الكيميائية، كالتقطير، التكليس، التبلور، التصعيد، وعرف واكتشف الكثير من المواد الكيميائية [46].

      لمحة عن كتبه:
      ألفّ جابر عدداً كبيراً جداً من الكتب، يقال أنها تجاوزت – 3900 كتاب – [47]، كانت سبباً في الشك بوجوده، أو حتى نسبها جميعاً إليه.
      له كتب في الكيمياء، الفلسفة، التنجيم، الرياضيات، الموسيقى، الطب والسحر ورسائل دينية اخرى.
      تميّزت مخطوطاته وكتبه بوحدتها، مما يدل على أنها تابعة لمدرسة واحدة، والكتب التي تغلب عليها نزعة الكيمياء هي كتب السبعين والرحمة، أما الكتب التي تغلب عليها النـزعة الطبية فهي رسائل السموم [48].
      ولجابر أسلوب لايشبه أسلوب باقي المؤلفين، فأسلوبه يتميز بالجدية، والفكرة الواحدة والتفكير العميق [49].
      وقد ذكر ابن النديم ما يزيد عن 360 مؤلفاً لجابر، يمكن الرجوع اليها في كتاب الفهرست [50]، وكذلك ذكرها كرواس في مؤلفه رسائل جابر [51].
      يمكن أن نعدّ رسائل جابر في الكيمياء أول مظهر من مظاهر الكيمياء في المدنية الاسلامية، على الرغم من أن عدداً عظمياً من رسائله كان نصيبها الفناء، بينما بقيت بعض الكتب اللاتينية التي أُخذت عنها.

      تلاميذه:
      قال ابن النديم: أسماء تلامذته (الخرقي ) الذي ينسب اليه سكة الخرقي بالمدينة، (وابن عياض المصري )، و(الاخميمي) [52].
      ويقول الرازي في كتبه المؤلفة في الصنعة:
      ] قال استاذنا أبو موسى جابر بن حيان [، ومراده بقوله استاذنا، أنه استفاد من مؤلفاته، لا أنه تعلم منه، لأن عصر الرازي متأخر عنه كما هو معلوم [53].

      مشاهير العلماء الآخرين في الكيمياء:
      ورأيهم في مسألة تحويل المعادن الخسيسة إلى ثمينة ؟
      أ‌ - الكندي: ت 252 هـ / 866م
      يعتبر الكندي أول من اتحذ موقفاً سلبياً من مسألة تحويل المعادن الخسيسة إلى ذهب أو فضة، وقال باستحالة ذلك، ووضع رسالة في (بطلان دعوى المدعين صنعة الذهب والفضة وخداعهم ) [54].
      ب – الرازي: ت 321 هـ / 942 م
      برع في الكيمياء كما برع في الطب، ووضع الرازي كتباً عديدة في الكيمياء، ويبدو فيها غير مقتنع بتحويل المعادن الخسيسة إلى ذهب وفضة تارة، وتارة أخرى تظهر الكتب اقتناعه بذلك، منها كتاب محنة الذهب والفضة، وكتاب الاسرار [55].

      جـ – ابن سينا: ت 428 هـ / 1037 م
      لم يضع أي مؤلف بهذا الشأن، له كتاب في بطلان الكيمياء والرد على اصحابها [56].

      في مستهل القرن الحادي عشر الميلادي، مرّ على الكيمياء فترة من الجمود استمرات حوالي القرنين حتى أتى عالم من العراق اسمه السماوي.

      د – محمد بن أحمد العراقي السماوي:
      أشهر مؤلفاته كتاب المكتسب في زراعة الذهب، ودافع فيه عن امكانية تحويل المعادن الرخيصة إلى ذهب، واعتمد في طريقته على وصف الاكسير على العالم جابر بن حيان ومن شايعه [57].
      هـ – اخوان الصفا: قرن رابع هجري / عاشر ميلادي
      اعتقد اخوان الصفا، أن بعض المعادن يستحيل إلى بعض، لكن في باطن الارض، في أزمان طويلة مختلفة الطول، لا على يد الانسان في وقت قصير. ولم يتكلموا عن قلب المعادن الخسيسة إلى معادن شريفة [58].


      رأي العلماء والمفكرين في جابر بن حيان:
      كيف تمكن جابر من تأسيس مثل هذا العلم الواسع ؟؟
      سؤال دار في الاذهان، وشغل عقول بعض الباحثين والمفكرين، وجعل البعض ينفي وجود مثل هذا الشخص بينما قبل البعض الآخر فيه، بافتراض وجود مدرسة للكيمياء، تمكنت من القيام بهذا العمل على مدى مئة عام من أواسط القرن الثالث إلى أواسط القرن الرابع للهجرة [59]، لكن جابر من أندر العلماء الذين لم يتركوا قضية نشأتهم إلى الغموض والسر، ودراسة كتبه تبيّن بواسطة احالاته المستمرة إلى مؤلفاته السابقة أن المؤلف يبتدىء بعناصر متواضعة معروفة في عهده.
      وهو لم يكن وحيداً، بل كان له اساتذة وزملاء في هذا الميدان، وتبيّن مؤلفاته أنه يشير إلى أفكار القدماء الاجانب مثل: سقراطس، أفلاطون، أرسطوطاليس، هرمس، وكثيرين من المعروفين غيرهم.
      لكن الواقع أن هؤلاء العلماء لم يشتغلوا بالكيمياء ؟ حتى أن بعضهم شخصيات خرافية، الأمر الذي أدى بالباحثين إلى الشك في صحة هذه الاحالات، أو الظن بأن المسلمين والعرب احتلقوا كتباً، ونسبوها إلى الاخرين، غير أن هؤلاء الباحثين لم يهتموا بالتساؤل ؟‍ متى وكيف احتلق المسلمون مثل هذه الكتب ونسبوها إلى الاخرين ؟ [60].
      لايعقل أن يتعب شخص في التأليف والتصنيف، ويتعب قريحته وجسده ثم ينسب ما وضعه إلى شخص آخر ؟‍ وإن ذلك يعد ضرباً من الجهل.
      1 – ذكر هولميارد Holmyard
      أنه من النادر على أي كيميائي أن ينتج مثل هذه المؤلفات التي تشمل على معرفة كثيرة، واحاطة واسعة لاعمال القدماء، واعتبر جابر من أعظم علماء العصر الوسيط، واهتم بأعماله ومنهجه العلمي ومؤلفاته، فعكف على ابراز القيمة العلمية لعمله وقال:
      ] إن الصنعة الخاصة عند جابر، هي أنه على الرغم من توجهه نحو التصوف والوهم، فقد عرف واكد على أهمية التجريب بشكل أوضح من كل من سبقه من الخيميائيين [ [61].
      ووجد هولميارد أن أن أهمية جابر تتساوى مع أهمية بول ولافوازييه.

      2 – بول كراوس Paul Kraus :
      هو أول من قام بدراسة أعمال جابر سواء في الكيمياء، أو في فروع أخرى، دراسة جوهرية مسهبة، واهتم بالمظهر الفلسفي عنده،وبرأيه أن بعض مفاهيمه لها معنى اسماعيلي خالص [62]. ووضع كراوس مجلداً ضخماً أسماه (مختار رسائل جابر ).

      3 – قال برتلو M. Berthelot عن جابر:
      أن لجابر في الكيمياء ما لارسطوطاليس قبله في المنطق [63].

      4 – وقال لوبون: G. Lebon
      تتالف من كتب جابر موسوعة علمية تحتوي على خلاصة ما وصل اليه علم الكيمياء عند العرب في عصره، وقد اشتملت كتبه على بيان مركبات كيميائية كانت مجهوله قبله [64].
      ومن جانب آخر، شكّ بعض العلماء بوجود جابر، وذلك لوجود عدد لايستهان به من المخطوطات اللاتينية في الكيمياء منسوبة إلى جابر، حيث قيل أن هذه المخطوطات لاتمت بصلة إلى جابر، وسبب الانتحال أن هذه الكتب الجابرية لاوجود لها في الاصل العربي، وهذا على ما نعتقد لايمنع أن تكون من مصدر عربي، فقد تكون النسخ الاصلية قد فقدت [65].
      ويعد روسكا من أكثر المشككين بوجود شخصية جابر ؟ وادعى أن كتبه منتحلة، واستدل بابن خلدون الذي قال بأن جابراً هو من كبار السحرة ؟!! [66].


      الخاتمة:

      بعد هذا العرض البسيط والموجز جداً عن شخصية جابر بن حيان، وعن أفكاره وكتبه، ينبغي أن نجيب عن تساؤل محتمل قد يدور في ذهن راء والباحثين، وهو:
      كيف تمكن جابر من تأسيس مثل هذا العلم ؟؟!
      هذا التساؤل شغل أذهان الباحثين وجعلهم يقبلون بافتراض وجود مدرسة للكيمياء تمكنت من القيام بمثل هذا العمل على مدى مائة عام، من أواسط القرن الثالث إلى اواسط القرن الرابع للهجرة [67].
      عانى جابر كما عانى الكيميائيون العرب في أول اشتغالهم بهذا العلم من الاضطهاد والمصاعب، وذكر أن جابر خلص من الموت مراراً، كما أنه قاسى من انتهاك الجهلاء لحرمته ومكانته، وأنه اضطر إلى الافضاء ببعض أسرار الطبيعة إلى هارون الرشيد، ويحيى البرمكي وابنيه، وأن ذلك هو السبب في غناهم وثروتهم [68].
      وإذا رجعنا إلى رسائل جابر، نجده يذكر معلومات سبقت عصره بقرون، من ذلك تلك الفكرة الهائلة التي أيدتها التجارب اليوم، من ان الجوهر البسيط يشبه العالم الشمسي. بالاضافة إلى ذلك قد يكون الاكسير الذي سعى جابر إلى التوصل اليه، هو اليوم نفسه عنصر (الراديوم)، أو احد الاجسام المشعة، نظراً لنص وضعه البيروني – العالم الاسلامي الكبير في الطبيعة – كما بيّن ذلك إذاعة راديو لندن في 17 نيسان عام 1945، ونشرته مجلة المستمع العربي (سنة 6 عدد 6 )، بعنوان (الراديوم وعلماء العرب )، وجريدة الكيمياء الالمانية في هيدلبرغ – آذار 1958 .
      وذكر ذلك في مؤتمر العلوم الدولي الثامن (ذكره مؤلف الكتاب) [69].
      وهكذا نرى أن جابراً شخصية فذة، جمعت بين الحكمة والفلسفة والطب والمنطق والتصوف، إلى جانب علم الصنعة، وأن عالماً مثله يؤلف أكثر من 3900 كتاب في علوم جلّها عقلية وفلسفية، لهو حقاً من عجائب الدهر [70].
      ولما توفي جابر بالرحبة، قال أبو فراس يرثيه:
      بنفسي على جابر حسرة تزول الجبال وليست تزول
      له ما بقيت طويل البكاء وحسـن الثناء وهذا قليل [71]

      وقيل في جابر أيضاً:
      هذا الذي بمقــاله غر الاوائـل والاواخر
      ما كنت إلا كاسراً كذب الذي سماك جابر [72]

      وأخيراً نقول … مما لاشك فيه، أن جابراً عبقرية علمية بارزة في علم الكيمياء، وكان تأثيره واضحاً وكبيراً في أوربا في القرون الوسطى حتى القرن الثامن عشر، عندما ظهر لافوازييه وغيره.
      ولم يقف جابر عند الاراء النظرية فقط كما فعلت الامم القديمة، وإنما دخل المختبر، واجرى التجارب وربط الملاحظات على أسس علمية، وهي الاسس التي بنى عليها العلم الحديث منجزاته في هذا الميدان وفي غيره من الميادين الاخرى [73].
      لكن على الرغم من هذه الجهود التي بذلها العلماء العرب، والمواد التي توصلوا إليها، والعمليات التي مارسوها، فإنهم لم يهتدوا إلى القوانين التي تضبط العمليات الفيزيائية، ولم يضعوا للكيمياء قوانين عامة، أو رموزاً تدل عليها، فهذه أمور كانت وليدة الكيمياء الحديثة [74].


      المراجع والحواشي





      [1] - جابر. بهزاد - الكافي من تاريخ العلوم عند العرب – بيروت. دار مصباح الفكر 1986 م ، ص61.

      [2] - جابر. بهزاد - الكافي من تاريخ العلوم عند العرب – ص61.

      [3] - نفس المصدر السابق ص61.

      [4] - فروح. عمر _ تاريخ العلوم عند العرب – دار العلم للملايين – بيروت ، 1970 ، ص79.

      [5] - الهاشمي. د. محمد يحيى – الامام الصادق ملهم الخيمياء – دار الأضواء ، بيروت. الغبيرة ، طبعة 1986 ، ص 435.

      [6] - ابن النديم – الفهرست – تعليق الشيخ ابراهيم رمضان ، (دار الفتوى ) بيروت. دار المعرفة ، طبعة أولى 1994 ، ص435.
      الهاشمي. د. محمد يحيى – الامام الصادق ملهم الكيمياء – ص188.
      11 - نفس المصدر السابق ، ص189.

      [8] - جابر. بهزاد - الكافي من تاريخ العلوم عند العرب – ص62.

      [9] - الهاشمي. د. محمد يحيى – الامام الصادق ملهم الكيمياء – ص29.

      [10] - فروح. عمر _ تاريخ العلوم عند العرب – ص243.

      [11] - الهاشمي. د. محمد يحيى – الامام الصادق ملهم الكيمياء – ص30.

      [12] - فروح. عمر _ تاريخ العلوم عند العرب – ص243.

      [13] - الهاشمي. د. محمد يحيى – الامام الصادق ملهم الكيمياء – ص30.

      [14] - نفس المصدر السابق ، ص31.

      [15] - الأمين ، الامام السيد محمد – أعيان الشيعة – المجلد الرابع ، حققه حسن الامين ،
      دار التعارف للمطبوعات ، بيروت. 1986 ، ص32.
      [16] - نفس المرجع السابق ص32 ، بالاضافة إلى مرجع د. هاشمي ص31.

      [17] - الأمين النديم – الفهرست – ص435.، الامام السيد محمد – أعيان الشيعة – ص31

      [18] - فروح. عمر _ تاريخ العلوم عند العرب – ص248. بالاضافة إلى كتاب
      الفهرست ص435 ، وكتاب أعيان الشيعة للامام السيد محمد الامين ص30.
      [19] - الهاشمي. د. محمد يحيى – الامام الصادق ملهم الكيمياء – ص31.

      [20] - عبد الرحمن. حكمت نجيب – دراسات في تاريخ العلوم عند العرب – ص261.

      [21] - تاتون. رينيه – تاريخ العلوم العام (العلم القديم والوسيط من البدايات حتى سنة
      1450م) ، ترجمة د. على مقلد. المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع ،طبعة أولى 1988 ص439.
      [22] - الأمين ، الامام السيد محمد – أعيان الشيعة – ص33.

      [23] - عبد الرحمن. حكمت نجيب – دراسات في تاريخ العلوم عند العرب – ص263.

      [24] - نفس المصدر السابق ، ص263.

      [25] - دائرة المعارف الاسلامية. إصدار أئمة من المستشرقين ، النسخة العربية: د. ابراهيم
      خورشيد ، أحمد الشنتاوي ، د. عبد الحميد يونس. دار البعث ، المجلد العاشر ،ص205.
      [26] - عبد الرحمن. حكمت نجيب – دراسات في تاريخ العلوم عند العرب – ص266.

      [27] - نفس المصدر السابق ، ص266.

      [28] - نفس المصدر السابق ، ص267.

      [29] - فروح. عمر _ تاريخ العلوم عند العرب – ص243.

      [30] - نفس المصدر السابق ، ص244.

      [31] - نفس المصدر السابق ، ص245.

      [32] - سيزكين. فؤاد – تاريخ التراث العربي ج4 – ترجمة د. عبدالله حجازي ،
      السعودية ، طبعة أولى 1986 ، ص365.
      [33] - دائرة المعارف الاسلامية. إصدار أئمة من المستشرقين ، النسخة العربية ، ص202.

      [34] - نفس المصدر السابق ، ص204.

      [35] - سيزكين. فؤاد – محاضرات في تاريخ العلوم العربية والاسلامية – منشورات العلوم
      العربية والاسلامية – سلسلة أ ، مجلد (1) 1984 ، ص62.
      [36] - دائرة المعارف الاسلامية. إصدار أئمة من المستشرقين ، النسخة العربية ، ص202.

      [37] - نفس المصدر السابق ، ص202 – 203.

      [38] - نفس المصدر السابق ، ص203.

      [39] - نفس المصدر السابق ، ص203.

      [40] - ابن النديم – الفهرست – ص435 ، بالاضافة إلى المرجع: أعيان الشيعة للسيد
      محمد الأمين ، ص32.
      [41] - الأمين ، الامام السيد محمد – أعيان الشيعة – ص32.

      [42] - الهاشمي. د. محمد يحيى – الامام الصادق ملهم الكيمياء – ص198.

      [43] - نفس المصدر السابق ، ص199 ، بالاضافة لكتاب: أعيان الشيعة للسيد محمد
      الأمين ، ص34.
      [44] - الهاشمي. د. محمد يحيى – الامام الصادق ملهم الكيمياء – ص199.

      [45] - عبد الرحمن. حكمت نجيب – دراسات في تاريخ العلوم عند العرب – ص267- 268.

      [46] - نفس المصدر السابق ، ص266.

      [47] - الأمين ، الأمام السيد محمد – أعيان الشيعة – ص 30.

      [48] - الهاشمي. د. محمد يحيى – الامام الصادق ملهم الكيمياء – ص65.

      [49] - نفس المصدر السابق ، ص65.



      [50] - ابن النديم – الفهرست – ص436.

      [51] - الأمين ، الامام السيد محمد – أعيان الشيعة – ص37- 39 بالاضافة إلى كتاب
      مختار رسائل جابر لـ كراوس .
      [52] - الأمين ، الامام السيد محمد – أعيان الشيعة – ص36.

      [53] -نفس المصدر السابق ، ص36.

      [54] - عبد الرحمن. حكمت نجيب – دراسات في تاريخ العلوم عند العرب – ص273 ،
      بالاضافة لمرجع جابر. بهزاد – الكافي من تاريخ العلوم عند العرب – ص68.
      [55] - فروح. عمر _ تاريخ العلوم عند العرب – ص247.

      [56] - نفس المصدر السابق ، ص253.

      [57] - عبد الرحمن. حكمت نجيب – دراسات في تاريخ العلوم عند العرب – ص277.

      [58] - فروح. عمر _ تاريخ العلوم عند العرب – ص251.

      [59] - فروح. عمر _ تاريخ العلوم عند العرب – ص251.

      [60] - نفس المصدر السابق ، ص63.

      [61] - نفس المصدر السابق ، ص63.

      [62] - نفس المصدر السابق ، ص502.

      [63] - الزركلي. خير الدين – الأعلام – ج2 ، ص90 – 91.

      [64] - نفس المصدر السابق ، ص91

      [65] - الهاشمي. د. محمد يحيى – الامام الصادق ملهم الكيمياء – ص29 –30.

      [66] - نفس المصدر السابق ، ص51.

      [67] - سيزكين. فؤاد – محاضرات في تاريخ العلوم العربية والاسلامية – ص63.

      [68] - الأمين ، الامام السيد محمد – أعيان الشيعة – ص31.

      [69] - الهاشمي. د. محمد يحيى – الامام الصادق ملهم الكيمياء – ص198.

      [70] - الأمين ، الامام السيد محمد – أعيان الشيعة – ص30

      [71] - نفس المصدر السابق ، ص30

      [72] - نفس المصدر السابق ، ص36.

      [73] - عبد الرحمن. حكمت نجيب – دراسات في تاريخ العلوم عند العرب – ص268.

      [74] - جابر. بهزاد – الكافي من تاريخ العلوم عند العرب – ص 67.






      وشكرا


      مع تحياتي
      ملك البلاد ~!@q
    • ممكن لو سمحت بحوث عن

      طة حسين

      الجغرافيا

      عمان في العصور الخجرية

      الايدز

      خليل مطران

      وعمر بن الخطاب


      لك الشكر مقدما
      أكتب ما اشعر به وأقول ما أنا مؤمن به انقل هموم المجتمع لتصل الي المسئولين وفي النهاية كلنا نخدم الوطن والمواطن
    • تسلم أخي العزيز

      ممكن لو سمحت إذا تقدر

      بحث عن

      التنفس في مادة الأحياء

      كيمياء الكهرباء

      نظرية فيثاغورث ( رياضيات)

      النظم الإقليمية ( جغرافيا)

      الذوبانية ( كيمياء)

      بارك الله فيك
    • طه حسين

      (1889-1973 )



      ولد طه حسين عام 1889 ، وعاش طفولته الباكرة في احدى قرى الريف المصري . ثم انتقل الى الازهر للدراسة ، ولم يوفق فيه، فتحول الى الجامعة المصرية ، وحصل منها على الشهادة الجامعية ، ثم دفعه طموحه لاتمام دراساته العليا في باريس ، وبالرغم من اعتراضات مجلس البعثات الكثيرة ، الا انه اعاد تقديم طلبه ثلاث مرات ، ونجح في نهاية المطاف في الحصول على شهادة الدكتوره في باريس. بعد عودته لمصر ، انتج اعمالاً كثيرة قيمة منها على هامش السيرة ، والايام ، ومستقبل الثقافة في مصر ، وغيرها. وهو يعتبر بحق "عميد الادب العربي" نظراً لتاثيره الواضح على الثقافة المصرية والعربية.

      وقد نشر الجزء الاول من الايام في مقالات متتالية في اعداد الهلال عام 1926 ، وهو يُعد من نتاج ذات المرحلة التي كتب خلالها : في الشعر الجاهلي. وتميزت هذه الفترة من حياة الاديب الكبير - رحمه الله - بسخطه الواضح على تقاليد مجتمعه وعاداته الشائعة في كتاباته . ومن المؤكد ان لهذه المرارة دوافعها : فطه حسين فقد البصر صغيراً بسبب جهل اسرته باسس الرعاية الصحية. وهي خسارة فاحشة لا يمكن تعويضها . وقد رفض المجتمع المصري المحافظ الكثير من ارائه في موضوعات مختلفة حين رجوعه من فرنسا كذلك.

      لهذه الاسباب وغيرها ، يعتبر الايام سيرة ذاتية تعبر عن سخط كاتبها بواقعه الاجتماعي ، خاصة بعد ان عرف الحياة في مجتمع غربي متطور . الاجزاء التي اخترناها هنا تصف مرحلة مهمة في حياة طه حسين الفكرية : اذ ترسم صورة حزينة لمساعيه للدراسة في الازهر، موضحةً اعتراضاته على نظام التعليم الشائع فيه آنذاك، واسباب عدم نجاحه في الحصول على الشهادة التي نجح من هو اقل منه شأناً وعلماً في امتلاكها.



      من الايام [a]



      واقبل صاحبنا على دروسه في الازهر وغير الازهر من المساجد . فأمعن في الفقه والنحو والمنطق ، واخذ يحسن "الفنقلة" التي كان يتنافس فيها البارعون من طلاب العلم في الأزهر على المنهج القديم ، ويسخر منها المسرفون في التجديد ، ولا يُعرض عنها المجددون العتدلون . واذا هو يدرس شرح الطائي على الكنز مصبحاً ، والازهرية مع الظهر ، وشرح السيد الجرجاني على ايساغوجي ممسياً . وكان يحضر الدرس الاول في الازهر ، والدرس الثاني في مسجد محمد بك ابي الذهب ، والدرس الثالث في مسجد الشيح العدوي على استاذ من سلالة الشيخ العدوي نفسه . وربما الم بدرس من دروس الضحى كان يُقرأ فيه كتاب قطر الندى لابن هشام تعجلاً للتعمق في النحو والفراغ من كتب المبتدئين والوصول الى شرح ابن عقيل على الالفية . ولكنه لم يكن يواظب على هذا الدرس . كان يستجهل الشيخ ، ويرى في "فنقلة" الشيح عبد المجيد الشاذلي حول الازهرية وحاشية العطار ما يكفيه ويرضيه.

      وقد بقيت في نفسه آثار لا تمحى من درس الازهرية هذا ، ففيه تعلم "الفنقلة" حقاً ، وكان اول ذلك هذا الكلام الكثير والجدال العقيم حول قول المؤلف "وعلامة الفعل قد" ، فقد اتقن صاحبنا ما اثير حول هذه الجملة البريئة من الاعتراضات والاجوبة ، واتعب شيخه جدالاً وحواراً حتى سكت الشيخ فجأة اثناء هذا الحوار ، ثم قال في صوت حلو لم ينسه صاحبنا قط ، ولم يذكره قط الا ضحك منه ورق له : "الله حكم بيني وبينك يوم القيامة ". قال ذلك في صوت يملؤه السأم والضجر ، ويملؤه العطف والحنان ايضاً. وآية ذلك انه بعد ان اتم الدرس واقبل الصبي ليلثم يده كما كان الطلاب يفعلون ، وضع يده على كتف الصبي ، وقال له في هدوء وحب: "شد حيلك الله يفتح عليك."

      وعاد الصبي مبتهجاً بهذه الكلمات والدعوات ، فأنبأ بها اخاه وانتظر بها اخوه موعد الشاي . فلما اجتمع القوم الى شايهم قال للصبي مداعباً : قرر لنا "وعلامة الفعل قد". فامتنع الصبي حياء اول الامر ، ولكن الجماعة الحت عليه ، فأقبل يقرر مما سمع وما وعى وما قال ، والجماعة صامتة تسمع له ، حتى اذا فرغ نهض اليه ذلك الكهل الذي كان ينتظر الدرجة فقبل جبهته وهو يقول : "حصنتك بالحي القيوم الذي لا ينام."

      واما الجماعة فاغرقت في الضحك . واما الصبي فاغرق في الرضا عن نفسه ، وبدأ منذ ذلك الوقت يعتقد انه اصبح طالباً بارعاً نجيباً.

      وقوى هذا الرأي في نفسه ان زملاءه في درس النحو التفتوا اليه وجعلوا يستوقفونه بعد الدرس ، او يدنون منه قبل الدرس ، فيسألونه ويتحدثون اليه ، ثم يعرضون عليه ان يعدوا معه الدرس قبل الظهر. وقد اغراه هذا العرض فترك درس القطر ، وجعل يطلع مع زملائه هؤلاء يقرءون له وياخذون في التفسير ، وجعل هو يسبقهم الى هذا التفسير ويستبد به من دونهم ، فلا يقاومونه وانما يسمعون منه ويصغون اليه . وجعل ذلك يزيده غروراً الى غرور ، ويخيل اليه انه قد بدأ يصبح استاذاً.

      واطردت حياته في ذلك العام متشابهة لا جديد فيها الا ما كان يفيده الصبي من العلم كلما امعن في الدرس ، وما كان يشعر به من الغرور اذا كان بين زملائه ، وما كان يُرد اليه من التواضع اذا كان بين اولئك الطلاب الكبار ، والا ما كان يفيده من العلم بشؤون الاساتذة والطلاب في الازهر لما كان يسمع من حديث زملائه واصدقاء اخيه عن اولئك وهؤلاء .

      فلم يكن شيء من هذه الاحاديث ليحسن ظنه باولئك او هؤلاء ، وانما كان ظنه يزداد بهم سوءاً كلما مر عليه الوقت . فقد كان يسمع بين وحين ثناء بالذكاء والبراعة على هذا الشيح او ذاك من صغار العلماء وكبارهم ، ولكنه كان يسمع دائماً عيباً لاولئك وهؤلاء بالوان من النقائص التي تتصل بالخلق او تتصل بالسيرة او تتصل بصناعة العلم نفسها ، والتي كانت تثير في نفسه كثيراً من الغضب والازدراء وخيبة الامل .

      ولم يكن يسلم من هذه العيوب احد . فاما هذا الشيخ فقد كان شديد الحقد على زملائه واقرانه ، شديد المكر بهم والكيد لهم ، يلقاهم مبتسماً فلا يكاد يفارقهم حتى يقول فيهم اشنع القول ويسعى بهم اقبح السعي. واما هذا الشيخ الاخر فقد كان رقيق الدين ، يظهر التقوى اذا كان في الازهر او بين اقرانه ، فاذا خلا الى نفسه والى شياطينه اغرق في اثم عظيم .

      وكانت الغيبة والنميمة اشيع واشنع ما كان يُذكر من عيب الشيوخ. فكان الطلاب يذكرون سعي ذلك الشيخ بصديقه الحميم عند شيخ الازهر او عند الشيخ المفتي ، وكانوا يذكرون ان شيخ الازهر كان اذناً للنمامين ، وان الشيخ المفتي كان يترفع عن الاستماع لهم ويلقاهم بالزج القاسي العنيف.

      وقد تحدث الطلاب الكبار ذات يوم بقصة عن جماعة من كبار الشيوخ سموهم يومئذ ، فزعموا ان هؤلاء الشيوخ لاحظوا انهم قد اسرفوا على انفسهم في الغيبة ، فأستعظموا ذلك وذكروا قول الله عز وجل : "ولا يغتب بعضكم بعضاً ليحب احدكم ان ياكل لحم اخيه ميتاً فكرهتموه"، فتناهوا عن هذه الخطيئة الكبيرة ، وتعاهدوا على ان من اخذ منهم في الغيبة فعليه ان يؤدي الى اصحابه عشرين قرشاً .

      وقد كفوا عن الغيبة يوماً او بعض يوم ضناً بهذا المبلغ من النقد . وانهم لفي بعض حديثهم ، واذا شيخ يمر بهم فيلقي عليهم تحية ، ويمضي في طريقه. ولكنه لا يكاد يمضي حتى يخرج احدهم قطعة من الفضة فيدفعها الى اصحابه وياخذ في اغتياب هذا الشيخ.

      فاما تحدث الطلاب كباراً وصغاراً بجهل شيوخهم وتورطهم في الوان الخطأ المضحك الذي كان بعضه يتصل بالفهم وبعضه يتصل بالقراءة ، فقد كان اكثر من ان يحصى واعظم من ان يقدر . ومن اجل هذا كان صاحبنا سيء الرأي في العلماء والطلاب جميعاً . وكان يرى ان الخير كل الخير في ان يجد ويجتهد ويحصل ما استطاع من العلم معرضاً عن مصادره التي كان يستقيه منها .

      وازداد رايه سوءاً حين استقبل السنة الثالثة من حياته في الازهر ، فالتمس لنفسه استاذاً يقرأ في الفقه شرح مُلا مسكين على الكنز ، فُدل على استاذ معروف بعيد الذكر ظاهر المكانة في القضاء ، فذهب اليه وجلس في حلقته ، ولكنه لم يكد ينفق دقائق حتى احس حرجاً عظيماً وراي نفسه مضطراً الى ان يبذل جهداً شديداً لمقاومة الضحك . وذلك ان الشيخ رحمه الله قد كانت له لازمة غريبة ، كما كان يقول الازهريون . فلم يكن يقرأ جملة في الكتاب او يفسرها من عند نفسه الا قال هذه الجملة مرتين : "قال ايه ثم قال ايه”

      يعيد ذلك مرات في الدقائق القليلة ، وصاحبنا يسمع له ويعنف على نفسه حتى لا يضحك فياتي منكراً من الامر.

      وقد استطاع صاحبنا ان يضبط نفسه ، ولكنه لم يستطع ان يختلف الى درس الاستاذ اكثر من ثلاثة ايام ، لانه لم يجد عنده غناء ، وانما وجد عنده عناء ، لم يفد منه شيئاً ، وانما كان يكظم ضحكه كظماً عنيفاً ، ويكلف نفسه من ذلك ما لم تكن تطيق . والتمس غيره من الاساتذة الذين كانوا يقرءون هذا الكتاب ، فلم يجد عندهم الا هذه اللوازم التي كانت تختلف باختلافهم ، ولكنها كانت تدفع الغلام الى الضحك وتضطره الى ان يبذل في ضبط نفسه من الجهد ما كان يشغله احياناً عن الاستماع ، وقيل له في اثناء ذلك ان هذا الكتاب من كتب الفقه ليس بذي خطر ، وان استاذاً ممتازاً سموه له يقرأ كتاب الدرر ، والخير في ان تحضر درسه ، فهو من اذكى العلماء وابرع القضاة .

      واستشار صاحبنا اخاه واصحاب اخيه فلم يردوه عن ذلك ، بل شجعوه عليه واوصوا به الشيخ . وقد رضى الغلام عن استاذه الجديد في دروسه الاولى ، فلم يكن يلتزم جملة بعينها او لفظاً بعينه او صوتاً بعينه ، ولم يكن يتردد في القراءة ولا في التفسير، وكان ذكاؤه واضحاً ، واتقانه للفقه متقناً ، وحسن تصرفه فيه لا يتعرض للشك .

      وكان الاستاذ رشيقاً انيقاً حلو الصوت ممتازاً في حركته وفي لقائه للطلاب وحديثه اليهم . وكان معروفاً بالتجديد ، لا في العلم ولا في الرأي ، ولكن في السيرة. وكان كبار الطلاب يتحدثون بانه يلقي درسه اذا صبح ثم يمضي الى محكمته فيقضي فيها ، ثم يروح الى بيته فيطعم وينام . فاذا كان الليل خرج مع لذاته فذهب الى حيث لا ينبغي ان يذهب العلماء ، وسمع من الغناء ما لا ينبغي ان يسمع العلماء ، واقبل من اللذات على ما لا ينبغي ان يقبل عليه رجال الدين ، وكانوا يذكرون "الف ليلة وليلة". فيعجب الغلام لانه كان يعرف ان "الف ليلة وليلة" اسم كتاب طالما قرأ فيه ووجد في قراءته لذة ومتاعاً . ولكنهم كانوا يذكرون هذا الاسم على انه مكان يسمع فيه الغناء ، ويكون فيه اللهو ، وتطلب فيه بعض اللذات .

      وكان الغلام يسمع عن شيخه هذه الاحاديث فلا يصدقها ولا يطمئن اليها ، ولكنه لم ينفق مع الشيخ اسابيع حتى احس منه تقصيراً في اعداد الدرس ، وقصوراً في تفسير النص ، وضيقاً باسئلة الطلاب ، بل احس منه اكثر من ذلك ، فقد ساله ذات يوم عن تفسير بعض ما كان يقول فلم يجبه الا بالشتم . وكان الشيخ ابعد الناس عن الشتم واشدهم عنه ترفعاً .

      فلما قص الغلام على اخيه واصحابه من امر الشيخ ما راى ، انكروا ذلك واسفوا له ، وهمس بعضهم لبعض بان العلم والسهر في "الف ليلة وليلة" لا يجتمعان.

      وكان حظ الغلام في النحو خيراً من حظه في الفقه ، فقد سمع القطر والشذور على الشيخ عبد الله دراز رحمه الله ، فوجد من ظرف الاستاذ وصوته العذب وبراعته في النحو ومهارته في رياضة الطلاب على مشكلاته ما زاده في النحو حباً.

      لكن حظه في النحو لم يلبث ان ساء حين استؤنفت الدراسة في العام الجديد . فقد اخذ الغلام يسمع على الشيخ عبد الله دراز شرح ابن عقيل ,. وبينما الاستاذ وطلابه ماضون في درسهم ، راضون عن عملهم ، صدر الامر الى الاستاذ بالانتقال الى معهد الاسكندرية . فمانع في ذلك ما استطاع ، ومانع طلابه ما استطاعوا ، ولكن المشيخة لم تسمع له ولا لهم . فلم يجد بداً من انفاذ الامر . ولم ينس الغلام ذلك اليوم الذي ودع الاستاذ فيه طلاببه ، وانه ليبكي مخلصاً ، وانهم ليبكون مخلصين ويشيعونه باكين الى باب المسجد.

      ثم اقيم مقام الشيخ، شيخ آخر ضرير ، وكان مشهوراُ بالذكاء الحاد والتفوق الظاهر والنبوغ الممتاز ، وكان لا يذكر الا اثنى عليه ذاكروه والسامعون لذكره بهذه الخصال . اقبل هذا الشيخ ، فاخذ الدرس من حيث تركه الشيخ عبد الله دراز . وكانت حلقة الشيخ عند الله دراز عظيمة تملا رقعتها القبة من مسجد محمد بك ابي الذهب. فلما خلفه هذا الشيخ ازدادت هذه الحلقة ضخامة واتساعاً حتى اكتظ بها المكان . القي الشيخ درسه الاول فرضي عنه الطلاب ، ولكنهم لم يجدوا عنده وداعة استاذهم القديم ولا عذوبة صوته . ثم القى درسه الثاني والثالث ، واذا الطلاب ينكرون منه رضاه عن نفسه واعجابه بها ، وثقته بما كان يقول ، وغضبه الحاد على مقاطعيه .

      ولم يكد يتقدم في درسه الرابع حتى كانت بينه وبين صاحبنا قصة صرفت الغلام عن النحو صرفاً . كان الشيخ يفسر قول تأبط شراً:

      فابتُ الى فهم وما كدت آثبا وكم مثلها فارقته وهي تصفر

      فلما وصل الى قرله "تصفر" اقل : ان العرب كانت اذا اشتدت على احدهم ازمة او محنة وضعوا اصابعهم في افواههم ونفخوا فيها ، فكان لها صفير يسمع .

      قال الغلام للشيخ : واذن فما مرجع الضمير في قوله "وهي تصفر" وفي قوله"وكم مثلها فارقتها؟" قال الشيخ مرجعه "فهم" ايها الغبي. قال الغلام: فانه قد عاد الى فهم والبيت لا يستقيم على هذا التفسير. قال الشيخ : فانك وقح وقد كان يكفي ان تكون غبياً . قال الغلام : ولكن هذا لا يدل على مرجع الضمير. فسكت الشيخ لحظة ثم قال: "انصرفوا ، فلن استطيع ان اقرأ وفيكم هذا الوقح."

      ونهض الشيخ ، وقام الغلام ، وقد كاد الطلاب يبطشون به لولا ان حماه زملاؤه.

      ولم يعد الغلام الى درس النحو ، بل لم يحضر الغلام بعد ذلك درساً في النحو ، بل ذهب من غده الى درس كان يلقيه استاذ معروف من اهل الشرقية . وكان يقرأ شرح الاشموني ، ولكنه لم يتم الاستماع للدرس. مضى الشيخ يقرأ ويفسر ، وسأله الغلام في بعض الشيئ ، فرد عليه الشيخ بما لم يقنعه . فاعاد السؤال ، فغضب الشيخ وامره بالانصراف. فتوسط بعض اصدقائه عند الشيخ يستعطفونه ، فازداد غضب الشيخ وابى ان يمضي في الدرس ختى يقوم هذا الغلام ومعه اصدقائه ,. ولم يكن لهم بد من ان ينصرفوا.

      وذهب الغلام من غده مع اصحابه الى حلقة اخرى كان يُقرا فيها شرح الاشموني ، يقرؤه استاذ مشهور من اساتذة الشرقية ايضاً . فوقف الغلام على الحلقة لحظة لا تتجاوز الدقائق الخمس ، ولكنه سمع فيها هذه اللزمة يعيدها الشيخ كلما انتقل من جملة الى جملة "اخص على بلدي". فضحك الغلام وضحك اصدقاؤه وانصرفوا . وازمع الغلام وصديق له ان يدرسا النحو مستقلين ، وان يدرساه في مصادره الاولى ، فقرآ كتاب المفصل للزمخشري ، ثم كتاب سيبويه ، ولكن هذه قصة اخرى.





      ولم يكن حظه في المنطق خيراً من حظه في الفقه والنحو . لقد احب المنطق حباً شديداً حين كان يسمع شرح السيد على ايساغوجي من استاذه ذلك الشاب في العام الماضي. فاما في هذا العام فقد جلس لامثاله من اوساط الطلاب علم من اعلام الازهر الشريف ، وامام من ائمة المنطق والفلسفة فيه ، وكان معروفاً بين كبار الطلاب بهذا الذكاء الظاهر الذي يخدع ولا يغني شيئاً ، وكان معروفاً بهذه الفصاحة التي تبهر الاذن ولا تبلغ العقل . وكان يؤثر عنه انه كان يقول "مما من الله علي به اني استطيع ان اتكلم ساعتين فلا يفهم احد عني شيئاً ولا افهم انا عن نفسي شيئاً . " كان يرى ذلك مزية وفخراً . ولكن لم يكن بد للطالب الذي يقدر نفسه من ان يجلس اليه ويسمع منه . وقد جلس للطلاب بعد صلاة المغرب يقرأ لهم شرح الخبيصي على تهذيب المنطق . وذهب اليه صاحبنا وسمع منه درساً ودرساً ، وكانت حلقته عظيمة حقاً تكتظ بها القبة في جامع محمد بك . وكان الغلام يسبق صلاة المغرب فيجلس في اقرب مكان من كرسي الاستاذ . وكان الاستاذ جهوري الصوت قد احتفظ بلهجة الصعيد كاملة . وكان شديد النشاط كثير الحركة . وكان اذا ساله طالب رد عليه ساخراً منه ، فان الح الطالب في السؤال ثار هو به وجعل يقول له في حدة : "اسكت ياخاسر ، اسكت ياخنزير!" وكان يفخم الخاء في الكلمتين الى اقصى ما يستطيع فيه ان يبلغ من التفخيم .

      وقد استقام للشيخ وللطلاب امرهم حتى اتمموا قسم التصورات . فلما بلغوا في كتابهم المقصد الثاني في التقصديقات لقى الغلام من نفسه ومن شيخه بلاء عظيماً ، فاضطر الى ان يختار له من الغد مكاناً بعيداً عن الشيخ ، وما زال يتاخر يوماً بعد يوم في مجلسه حتى بلغ باب القبة ، فحرج منه ذات ليلو ، ولم يدخله بعد ذلك.

      لقى الغلام بلاء من نفسه لم يذكره قط الا ضحك منه ضحكاً شديداً ، واضحك منه اخاه واصدقائه جميعاً . فقد جلس الشيخ على كرسيه واخذ في القراءة ، فقال : "المقصد الثاني في التصديقات" يقلقل القاف ويفخم الصاد ، ويمد الالفات والياءات مداً متوسطاً ، ثم يعيد هذه الكلمات نفسها فيقلقل القاف ويفخم الصاد ويطيل مد الالف والياء في الثاني ، ولكنه لا يقول " في التصديقات" وانما يقول "في مين؟" فلا يرد عليه احد . فيرد على نفسه ويقول "في التصديقات" ثم يعيد الكلمة نفسها على هذا النحو نفسه ، فاذا انتهى الى قوله "في مين" ولم يرد عليه احد ، ضرب بظهر يده في جبهة الغلام وهو يقول : "ردوا ياغنم ، ردوا يابهائم ، ردوا ياخنازير!". يفخم الغين والخاء الى اقصى ما يستطيع فمه ان يبلغ من التفخيم ، فيقول الطلاب جميعاً : "في التصديقات."

      لقى الغلام من نفسه عناء شديداً ، فقد كان هذا كله خليقاً ان يضحكه ، وكان يخاف ان يضحك بين يدي الاستاذ . ولقى من شيخه بلاءاً عظيماً بهذه الضربات التي كانت تتوالى على جبهته بين حين وحين. ومهما يكن من شيء فقد تحول الغلام عن هذا الدرس ولم يتجاوز بالمنظق عند هذا الشيخ باب القضايا .

      تحول عن هذا الدرس في اثناء العام ، وقرر ان يحضر مكانه درساً في التوحيد كان يلقيه شيخ جديد حديث الظفر بدرجة العالمية . وكان اصدقاؤه من كبار الطلاب يذكرونه بالظرف الشديد والذكاء المتوسط وحلاوة الصوت وحسن الالقاء ، ويقولون: ان علمه يخدع من حدثه او سمع عنه ، فاذا تعمقه لم يجد عنده شيئاً . وكان يقرأ شرح الخريدة ومتنها للدردير. فسمع الغلام منه درساً واعجب بصوته والقائه وظرفه ، وجعل ينتظر ان يعجب بعلمه وفنقلته . ولكن الشيخ صُرف عن الدرس لانه نقل من القاهرة وارسل الى مكان بعيد تولى فيه منصب القضاء ، فلم يتح للغلام ان يعلم علمه ، ولا ان يقضي في امره بشيء الا انه كان لبقاً ظريفاً حلو الصوت عذب الحديث .

      واذاً فقد ضاعت السنة في حقيقة الامر على الغلام ، ولم يحصل فيها من العلم شيئاً جديداً ، الا ما كان يقرؤه في الكتب ويسمعه من اولئك الطلاب الكبار وهم يطالعون او يتناظرون .

      فلما عاد الى الازهر عاد اليه ضيق النفس به ، شديد الزهد فيه ، حائراً في امره لا يدري ماذا يصنع : لا يستطيع ان يقيم في الريف ، وماذا يفعل في الريف ! ولا يجد نفعاً من اقامته في القاهرة واختلافه الى الشيوخ .



      [18]

      وفي الحق ان اقبال الفتى على درس الادب لم يصرفه عن علومه الازهرية اول الامر، فقد كان يظن انه يستطيع الملاءمة في نفسه بين هذين اللونين من الوان المعرفة . وهو لم يرسل الى القاهرة ولم ينسب الى الازهر ليكون اديباً ينظم الشعر او ينشيء النثر . وانما ارسل الى القاهرة وانتسب الى الازهر ليسلك طريقه الازهرية الخالصة ، حتى يبلغ الامتحان ويظفر بالدرجة ، ويسند ظهره الى عمود من الاعمدة القائمة في ذلك المسجد العتيق ، ويتحلق الطلاب من حوله فيسمعوا منه درساً في الفقه او في النحو او فيهما جميعاً .

      كذلك كان يتمنى ابوه ،وبذلك كان يتحدث الى الاسرة في شيء من الامل والاعجاب بابنه هذا الشاذ الغريب. وكذلك كان يريد اخوه ، وكذلك كان يريد هو . وماذا كان يمكن ان يريد غير ذلك وقد فرضت الحياة على امثاله من المكفوفين الذين يريدون ان يحيوا حياة محتملة احدى اثنتين : فاما الدرس في الازهر حتى تنال الدرجة وتضمن الحياة بهذه الارغفة التي تؤخذ في كل يوم ، وبهذه القروش التي تؤخذ آخر الشهر لا تزيد عن خمسة وسبعين قرشاً ان كانت الدرجة الثالثة ، ولا عن مائة قرش ان كانت الدرجة الثانية ، ولا عن خمسين ومائة قرش ان كانت الدرجة الاولى . واما ان يتجر بالقرآن فيقراه في المآتم والبيوت كما انذره بذلك ابوه في وقت من الاوقات.

      فلم يكن للفتى بد اذن من ان يمضي في طريقه الازهرية حتى يبلغ غايتها . وكانت هذه الطريق تتشعب الى شعبتين اذا قضى الطالب ثلاثة اعوام او اربعة في الازهر : احدهما علمية وهي الاختلاف الى الدروس والتنقل في مراحل العلم . وكان الفتى ماضياً فيها ، اقبل عليها مشغوفاً بها ، ثم فترت همته . ثم ازدراها وانصرفت عنها نفسه حين استياس من الاساتذة وساء ظنه بالشيوخ.

      والثانية مادية وكانت تتالف من مراحل ثلاث: مرحلة المنتسب ، ومرحلة المنتظر ، ومرحلة المستحق ، اما مرحلة المنتسب فهي المرحلة التي يبدا الطالب بها حياته الازهرية بعد ان يتم تقييده في سجلات الازهر. ولم يكن له بد من ان ينتسب الى احد الاروقة . وقد انتسب صاحبنا كما انتسب اخوه الى رواق الفشنية . واما مرحلة المنتظر فقد كانت المرحلة الثانية ، ينتقل اليها الطالب بعد ان يقيم اعواماً في الازهر ، وسبيله الى ذلك ورقة يكتبها ويرفعها الى شيخ الرواق يعين فيها ما انفق في الازهر من عام وما حضر فيه من درس ، ويشهد على صدقه فيما سجل فيها شيخان من شيوخه ، ويطلب الى شيخ الرواق ان يقيد اسمه بين اسماء المنتظرين ، حتى اذا خلا مكان بين المستحقين للجراية ارتقى اليه فبلغ المرحلة الثالثة ونال جرايته رغيفين او ثلاثة او اربعة ، على اختلاف بين الاروقة في ذلك .

      فلم يكن بد لصاحبنا من ان يرقى الى مرحلة المنتظرين ، وقد كتب الورقة وختمها بالجملة التي كانت شائعة اذ ذاك "جعلكم الله ملجأ للقاصدين."

      وشهد شيخان انه لم يقل في هذه الورقة الا حقاً . وذهب الى الشيخ في داره فرفع اليه الورقة بعد ان قبل يده وانصرف. فانتظر وطال الانتظار ، ولم يظفر بالجراية قط في هذا الرواق . ولكن ارتقاءه الى مرحلة المنتظرين ارضى اباه وملأ فمه فخراً على كل حال .

      وبينما كان ينتظر في طائل او في غير طائل خرج الاستاذ الامام من الازهر في تلك القصة المعروفة ، وبعد تلك الخطبة المشهورة التي القاها الخديوي على بعض العلماء .

      وكان الفتى يظن ان تلاميذ الشيخ ، وكانوا كثيرين يكتظ بهم الرواق العباسي في كل مساء ، سيحدثون حدثاً ، وسينبئون الخديوي بان شباب الازهر قد تغيروا ، وبانهم سيذوذون عن شيخهم ، وسيبذلون في سبيل ذلك لا اوقاتهم وحدهم بل ارواحهم .

      ولكن الشيخ ترك الازهر واتخذ داراً للافتاء ، فلم يزد تلاميذه على ان حزنوا وتحدثوا بالاسف فيما بينهم وبين انفسهم ، وزار قليل منهم الشيخ في داره بعين شمس ، وانصرف عنه اكثرهم ، وانتهى الامر عند هذا الحد . فامتلات نفس الفتى حزناً وغيظاً ، وساء ظنه بالطلاب كما ساء ظنه بالشيوخ ، ولم يكن مع ذلك قد عرف الاستاذ الامام او قدم اليه .

      وبعد ذلك بقليل توفى الاستاذ الامام ، فاضطربت مصر لوفاته ، وكانت البيئة الازهرية اقل البيئات المصرية اضطراباً لهذا الحادث الجلل. واسف تلاميذ الشيخ ، ولعل قليلاً منهم سفحوا بعض الدموع ، ولكنهم اقبلوا بعد الصيف على دروسهم ، وكأن الشيخ لم يمت ،او كأن الشيخ لم يكن ، لولا ان الخاصة من تلاميذه كانوا يذكرونه بالخير بين حين وحين .

      وكذلك عرف الفتى في الم لاذع ولاول مرة في حياته الناشئة ان ما يقدم الى عظماء الرجال من الوان الاكبار والاجلال وضروب التملق والزلفى لغو لا طائل تحته ولا غناء فيه ، وان وفاء الناس ينحل في اكثر الاحيان الى كلام لا يفيد .

      وزاد سوء الظن بالناس في نفس الفتى قوة ما لاحظه في بعض البيئات من انتهاز وفاة الشيخ فرصة للتجار باسمه ، واستغلال الصلة به ، يتوسلون الى ذلك بالشعر حيناً وبالنثر حيناً آخر، وبالاعلان في الصحف والمجلات دائماً .

      ولكن الفتى احس شيئاً آخر زاد به انحرافاً عن الازهر وانصرافاً عن شيوخه وطلابه . احس ان الذين بكوا الشيخ صادقين وحزنوا عليه مخلصين لم يكونوا من اصحاب العمائم ، وانما كانوا من اصحاب الطرابيش ، فوجد في نفسه ميلاً خفياً الى ان يقرب من اصحاب الطرابيش هؤلاء ، والى ان يتصل ببيئاتهم بعض الاتصال . ومن له بذلك وهو فتى ضرير قد فُرضت عليه الحياة الازهرية فرضاً فلم يجد عنها منصرفاً .

      وكان الاستاذ الامام شيخاً لرواق الحنفية ، فلما خرج من الازهر او لما خرج من الحياة اصبح خلفه على الافتاء خلفاً له على الرواق ايضاً.

      كان ابن المفتي الجديد استاذاً لصاحبنا الفتى ، سمع عليه في صباه شرح السيد الجرجاني على ايساغوجي في المنطق ، وكان يقوم عن ابيه بامر الرواق . فاغرى الفتى بالانتساب الى رواق الحنفية والانتظار فيه . وكانت الجراية في رواق الحنفية ايسر منالاً واكثر عدد ارغفة منها في غيره من الاروقة ، ولم يكن الانتساب الى رواق الحنفية ايام الاستاذ الامام سهلاً ولا يسيراً وانما كان الامتحان سبيلاً اليه . وقد احتفظ الفتي الجديد بهذه السنة ، وكان ابنه هو الذي يمتحن المتقدمين للانتساب في موعد بعينه في العام . فقيل لصاحبنا الفتى مالك لا تنتسب الى هذا الرواق وقد انتسب اليه اخوك من قبل واصحابه النجباء ايام الاستاذ الامام ، وهم ياخذون منه جراياتهم اربعة ارغفة لكل واحد منهم في كل يوم. وزين ذلك له وحثه عليه اخوه واصحابه . وارسل الى الامتحان ذات مساء ومعه كتاب الى الممتحن. فلما ادخل الفتى على الممتحن حياه واخذ منه الكتاب فنظر فيه ثم القى عليه سؤالاً ورد الفتى جواب السؤال حطأ او صواباً لم يدر ، ولكن الممتحن قال له : "انصرف ياعلامة" فانصرف راضياً ، ولم يمض الا وقت طويل حتى اصبح الفتى مستحقاً ونال رغيفين في كل يوم ، فكثر الخير في الغرفة ، وفرحت الاسرة في الريف.

      على ان الفتى لم ينل رغيفين فحسب ، وانما نال معهما خزانة في الرواق كانت آثر عنده من الرغيفين . فقد كان يستطيع اذا دخل الازهر في الصبح ان يذهب الى خزانته فيضع فيها نعليه ورغيفيه او احدهما ، ويقضي نهاره حراً لا يعني بهاتين اللتين كان او احدهما ، ويقضي نهاره حراً لا يعني بهاتين النعلين اللتين كان يبذل جهداً غير قليل لحمايتهما من عدوان الخاطفين والسارقين . وما اكثر ما كانت تسرق النعال في الازهر! وما اكثر ما كانت تلصق على جدران الازهر من حول الصحن اوراق يعلن فيها اصحابها ان نعلانهم قد ضاعت ، وان من ظفر بها فردها الى صاحبها في مكان كذا او رواق كذا ، فله الاجر والثواب ، ومن احتفظ بها متعدياً قطعه الله من هذا المكان. كان الفتى اذاً سعيدا بخزانته ورغيفيه ، ولكنه لم يكن سعيداً بما كان يحصل من العلم او يسمع من الدرس . وقد كان يكره نفسه اكراهاً على ان يسمع بعد الفجر درساً في التوحيد كان يلقيه الشيخ راضي رحمه الله ، وكان يقرأ كتاب المقاصد ، ويسمع في الصبح درس البلاغة على الشيخ عبد الحكيم عطا وكان يقرأ شرح السعد .

      وكان درس الفقه يسلي الفتى ويلهيه بما كان يسمع من غناء الشيخ اذا خلى الطلاب بينه وبين الغناء ، وحدة الشيخ ونكته الازهرية اذا قطع الطلاب عليه غناءه فجادلوه في بعض ما كان يقرأ او كان يقول وربما كان الشيخ ينشد طلابه احياناً من شعره اذا صفا وطابت نفسه للانشاد . وقد حفظ عنه الفتى بيتاً من الشعر لم ينس قط صوت الشيخ وهو يتغنى به مترنحاً :

      كأن عمته من فوق هامته شنف من التبن محمول على جمل

      وقد روى الفتى هذا البيت لاخيه واصحابه فتضاحكوا وتذاكروا وتناشدوا بعضه. وروى الفتى الى البيت السابق بيتاً آخر ليس اقل منه طرافة وظرفاً ، وهو مطلع قصيدة قالها الشيخ رحمه الله في رثاء بعض العلماء ، وهو :

      خطب جليل بعد موتك يانبي فقد الائمة كالامام المغربي

      وقد روى المصريون جميعاً عن الشيخ بعد ذلك العهد باعوام طوال بيتاً آخر لم ينسه ظرفائهم بعد ، وقد سار فيهم كما تسير الامثال ، وهو:

      انا مع الامرا والوفد والوزرا على وفاق له في القلب تاييد

      وكان الفتى ربما جادل الشيخ فاطال الجدال ،وقد اسرف الجدال مرة في الطول حتى تاخر الدرس عن ابانه ، وتصايح الطلاب من جوانب المسجد الحسيني بالشيخ ان حسبك فقد نفذ الفول ، فاجابهم الشيخ في غنائه الظريف : لا والله لا نقوم حتى يقتنع هذا المجنون، ولم يكن بد للمجنون من ان يقتنع ، فقد كان هو ايضاً حريصاً على ان يدرك الفول قبل ان ينفذ .

      وكان درس البلاغة اثيراً عند الفتى ، لا لما كان يحصل فيه من علم ، فقد مضى منذ وقت طويل اقبال الفتى على الدروس في الازهر لتحصيل العلم ، وانما كان يقبل عليه اداء للواجب وقطعاً للوقت والتماساً للفكاهة . وكان درس البلاغة اثيراً عنده لانه كان يجد فيه هذه الفكاهة ، ولان الشيخ ، نضر الله وجهه ، كان سمح النفس رضي الخلق مخلصاً في درسه للعلم وللطلاب . ولانه بعد ذلك كان يكلف نفسه في الفهم والافهام جهداً عظيماً وعناء ثقيلاً . وكان اذا بلغ منه الجهد رفه على نفسه بهذه الجملة يوجهها الى طلابه بين حين وحين ، في لهجة منياوية عذبة مضحكة : "فاهمين ياسيادي؟"

      وكان اذا انتصف الدرس اشفق على نفسه وعلى الطلاب فقطع القراءة والتفسير واقام دقائق صامتاً لا ينطق ، واقبل على نشوقه فالتهم منه بانفه ما استطاع في تؤدة وروية واناة. وكان الطلاب ينتهزون هذه الفرصة ليطفئوا ما كان يتاجج في بطونهم من نار الفول والطعمية والكراث يقدح من اقداح الشراب الذي كان يطوف به الباعة عليهم في اثناء الدروس ، ويدعونهم دعاء لطيفاً بهذا النقر الحفيف الذي كان يمس به الزجاج فيبعث الى الاذات صوتاً خفيفاً ظريفاً .

      غضب القصر على شيخ كبير من شيوخ الازهر ، فمنع الشيخ من القاء دروسه ، ورأى الناس ان في هذا المنع ظلماً للشيخ وعدواناً على حقوق الازهر ، ولكنهم لم يصنعوا شيئاً ، وكان الازهريون اشدهم فتوراً وخنوعاً ، واكن صديقاً من اصدقاء الفتى اقبل عليه ذات يوم فقال له : الست ترى فيما حل بشيخنا ظلماً وعدواناً؟ قال الفتى: بل واي ظلم واي عدوان؟ قال له الصديق : الا تشارك في الاحتجاج على هذا الظلم؟ قال الفتى: وكيف السبيل الى ذلك؟ قال الصديق: نجمع نفراً من اصدقائنا الذيم كانوا يسمعون دروس الشيخ ونسعى اليه نتمنى عليه ان يمضي في القاء دروسه علينا في بيته ، فاذا قبل انتفعنا بالدرس واعلنا ذلك في الصحف فعرف الظالمون للازهر ان بين الازهريين من لا يقرون الظلم ولا يذعنون له . فقال الفتى : هذا حسن.

      واجتمع نفر من طلاب الشيخ فسعوا اليه بما ارادوا ، واجابهم الى ما طلبوا ، فاعلنوا ذلك في الصحف ، واعلنوا ان الشيخ سيقرأ لهم "سلم العيون" في المنطق و"مسلم الثبوت" في الاصول ، يقسم الاسبوع بين هذين الكتابين .

      وبدأ الشيخ دروسه في بيته ، وكثر الطلاب المقبلون على هذه الدروس حين علموا بها ، ورضى هؤلاء الشباب عن انفسهم وعن شجاعتهم ، وعاد الى الفتى شيئ غير قليل من الامل:

      ولكنه في ذات يوم جادل الشيخ في بعض ما كان يقول . فلما طال الجدال عضب الشيخ وقال للفتى في حدة ساخرة : "اسكت يا اعمى ما انت وذاك!" فغضب الفتى واجاب الشيخ في حدة : "ان طول اللسان لم يثبت قط حقاً ولم يمح باطلاً." فوجم الشيخ ووجم الطلاب لحظة ، ثم قال الشيخ لطلابه: "انصرفوا اليوم فهذا يكفي."

      ولم يعد الفتى منذ ذلك اليوم الى دروس الشيخ ، بل جهل كل ما كان من امرها. وكذلك عاد الفتى الى ياسه من الازهر ، ولم يبق له امل الا في درس الادب الذي آن وقت للتحدث عنه وعن آثاره البعيدة في حياة هذا الشاب.

      [19]

      لم يكد الفتى يبلغ القاهرة ويستقر فيها حتى سمع ذكر الادب والادباء ، كما سمع ذكر العلم والعلماء . سمع حديث الادب بين هؤلاء الطلاب الكبار حين كانوا يذكرون الشيخ الشنقيطي ، رحمه الله ، وحماية الاستاذ الامام به وبره له . وقد وقع هذا الاسم الاجنبي من نفس الصبي موقعاً غريبا. وزاد موقعه غرابة ما كان الصبي يسمعه من اعاجيب الشيخ واطواره الشاذة وآرائه التي كانت تضحك قوماً وتغضب قوماً آخرين .

      كان اولئك الطلاب الكبار يتحدثون بانهم لم يرو قط ضريباً للشيخ الشنقيطي في حفظ اللغة ورواية الحديث سنداً ومتناً عن ظهر قلب . وكانوا يتحدثون بحدته وشدته وسرعته الى الغضب وانطلاق لسانه بما لا يطاق من القول . وكانوا يضربونه مثلاً لحدة المغاربة . وكانوا يذكرون اقامته في المدينة ورحلته الى القسطنطينة ، وزيارته للاندلس ، وربما تناشدوا شعره في بعض ذلك. وكانوا يذكرون ان له مكتبة غنية بالمخطوط والمطبوع في مصر وفي اوربا . وانه لا يقنع بهذه المكتبة وانما ينفق اكثر وقته في دار الكتب قارئاً او ناسخاً. ثم كانوا يذكرون بعد ذلك متضاحكين قصته الكبرى تلك التي شغلته بالناس وشغلت الناس به ، وعرضته لكثير من الشر والالم ، وهي رايه ان "عمر" مصروف لا ممنوع من الصرف.

      وكان الصبي يسمع حديث "عمر" هذا فلا يفهم منه شيئاً اول الامر ، ولكنه لم يلبث ان فهمه في وضوح حين تقدم في درس النحو وعرف المصروف والممنوع من الصرف ، وعرف غير المتمكن والمتمكن ، والمتمكن الامكن من الاسماء. وكان اولئك الشباب يذكرون مناظرات الشيخ مع جماعات من علماء الازهر في صرف "عمر" هذا او منعه من الصرف ، ويتحدثون ضاحكين بان العلماء اجتمعوا للشيخ ذات يوم في الازهر يراسهم شيخ الجامع ، فطلبوا اليه ان يعرض عليهم رايه في صرف عمر. فقال الشيخ في لهجته المغربية المتحضرة: لا اعرض عليكم هذا الرأي حتى تجلسوا مني مجلس التلاميذ من الاستاذ . فتردد الشيوخ ، ولكن واحداً منهم ماكراً ماهراً نهض عن مجلسه وسعى حتى كان بين يدي الشيخ فجلس على الارض متربعاً ، واخذ الشيخ في عرض رايه فقال : انشد الخليل

      فقال:

      ياايها الزاري على عُمرٍ قد قلت فيه غير ما تعلم

      فقال الشيخ الجالس مجلس التلميذ بصوته الماكر النحيف : لقد رايت الخليل امس فانشدني البيت على هذا النحو: "ياايها الزاري على عُمرَ " ولم يدعه الشيخ الشنقطيطي يتم انشاده، وانما قطع عليه الانشاد محتداً وهو يقول : "كذبت ، كذبت! لقد مات الخليل منذ قرون طويلة فكيف يمكن لقاء الموتي؟!" وجعل بعد ذلك يشهد الشيوخ على تعمد صاحبهم للكذب ، وعلى جهله بالنحو والعروض . وضحك القوم وتفرق المجلس دون ان يقضى في امر "عمر" اممنوع من الصرف كما يقول النحاة ام مصروف كما يقول هذا الشيخ الغريب. وكان الصبي يسمع هذا الكلام فيحفظه ، ويجد اللذة فيما فهم منه ، ويعجب بما لم يفهم .

      وكان الشيخ يقرأ لبعض الطلاب هذه القصائد التي تعرف بالمعلقات ، وكان اخر الصبي وبعض اصدقائه يسمعون هذا الدرس في يوم الخميس او في يوم الجمعة من كل اسبوع ، وكانوا يعدون هذا الدرس كغيره من الدروس . وكذلك سمع الصبي لاول مرة

      قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل بسقط اللوى بين الدخول فحومل.

      وما اسرع ما انصرف هؤلاء الطلاب الكبار عن هذا الدرس الذي لم يسيغوه! ولكن اخا الصبي حاول ان يحفظ المعلقات ، فحفظ منها معلقة امريء القيس ومعلقة طرفة. كان يردد الابيات بصوت مرتفع والصبي يسمع فيحفظ ، ثم لم يلبث ان اشرك الصبي معه في الحفظ. لكنه لم يتجاوز هاتين المعلقتين وانصرف الى دروسه الازهرية الاخرى. واستقرت المعلقتان في نفس الصبي يحفظهما ولا يفهم منهما الا قليلاً.

      وكان هؤلاء الطلاب يتحدثون عن درس آخر كان يلقى في الازهر ليعلم الازهريين صناعة الانشاء. وكان يلقيه شيخ سوري من خاصة الاستاذ الامام ، وقد اختلف اليه هؤلاء الطلاب فاشتروا الدفاتر وكتبوا موضوعات الانشاء ، ولكنهم عدلوا عنه بعد قليل كما عدلوا عن درس الشنقيطي . واقبل اخو الصبي ذات يوم ومعه مقامات الحريري ، فجعل يحفظ بعضها رافعاً صوته بالقراءة والصبي يحفظ صامتاً ، ثم اشركه في الحفظ كما اشركه في حفظ المعلقات ، ومضيا في ذلك حتى حفظا عشر مقامات . ثم انصرف الشيخ الفتى الى الاصول والفقه والتوحيد ، كما انصرف عن الملعقات ودرس الانشاء.

      واقبل مرة اخرى ومعه كتاب ضخم يسمى نهج البلاغة فيه خطب الامام علي وقد شرحها الاستاذ الامام نفسه . فجعل يحفظ من هذه الخطب ويحفظ الصبي معه ، ثم اعرض عن هذا الكتاب كما اعرض عن غيره بعد حفظ الصبي طائفة من الخطب.

      وصنع الشيخ الفتى هذا الصنيع نفسه بمقامات بديع الزمان الهمذاني . ولم ينس الصبي قط فصيدة ابي فراس :

      اراك عصي الدمع شيمتك الصبر اما للهوى نهي عليك ولا امر

      فقد اقبل بها اخوه وقد طبعت مشطرة او مخمسة ، شطرها او خمسها بعض الازهريين ، فجعل يقرا في هذه القصيدة ، ثم لم يلبث ان اعرض عن تشطير الازهري او تخميسه واخذ في حفظ القصيدة نفسها مع اخيه : وانما ذكر الصبي هذه القصيدة لانه صادف في اثنائها بيتاً كان يقع في اذنه موقعاً غريباً ، وهو قول ابي فراس:

      بدوت واهلي حاضرون لانني ارى ان داراً لست من اهلها قفر

      فقد قراه الشيخ الفتى واحفظه اخاه: لانني ارى دار الست من اهلها قفر. وكان الصبي يسال نفسه عن معنى هذا البيت ، كما كان يرى غريباً ان تاتي كلمة الست في بيت من الشعر . فلما تقدمت به السن وتقدمت به المعرفة ايضاً قرأ البيت على وجهه ففهمه ، وعرف كذلك ان كلمة الست ربما جاءت في شعر المحدثين من العباسيين ، ونثرهم ايضاً .

      وكذلك اتصل صاحبنا بالادب على هذا النحو المضطرب المختلط ، وجمع في نفسه اطرافاً من هذا الخليط من الشعر والنثر . ولكنه لم يقف عند شيء من ذلك ولم يفرغ له ، وانما كان يحفظ منه ما يمر به حين تتاح له الفرصة ، ثم يمضي نشاته وفناقله .

      وفي ذات يوم من اول العام الدراسي اقبل اولئك الشباب متحمسين اشد التحمس لدرس جديد يلقى في الضحى ، ويلقى في الرواق العباسي ، ويلقيه الشيخ محمد المرصفي في الادب ، وسموا ديوان الحماسة .

      وكانوا قد فتنوا بهذا حين سمعوه فلم يعودوا الى غرفاتهم حتى اشتروا هذا الديوان ، وازمعوا ان يحضروا الدرس وان يعنوا به وان يحفظوا الديوان نفسه . واسرع اخو الصبي كعادته دائماً ، فاشترى شرح التبريزي لديوان الحماسة وجلده تجليداً ظريفاً ، وزين به دولابه ذاك، وان كان قد نظر فيه بين حين وحين . وقد جعل اخو الصبي يحفظ ديوان الحماسة ، وربما قرأ عليه شيئاً من شرح التبريزي ، وكان يقرؤه على نحو نحو ما كان يقرأ كتب الفقه والاصول ، ويتفهمه على نحو ما يتفهم هذه الكتب.

      وكان الصبي يحس ان هذا الكتاب لا ينبغي ان يقرأ على هذا النحو ولا ان يُفهم على هذا النحو . كان الشيخ الفتى واصحابه يرون ديوان الحماسة متناً ، وكتاب التبريزي شرحاً ، وكانوا ياسفون على ان احداً لم يكتب على هذا الشرح حاشية . وكانوا كثيراً ما يقصون حديث الشيخ اليهم وعبثه بهم وتندره على اساتذتهم وعلى كتبهم الازهرية .

      يقصون ذلك ضاحكين منه معجبين به ، ماضين على الرغم منه في درسهم الازهري لا يفترون عنه ولا يقصرون فيه .

      وكان صاحبنا يسمع احاديثهم ، فيبتهج لها اشد الابتهاج ، ويشتاق الى هذا الدرس اشد الشوق . ولكن اولئك الشباب لم يلبثوا ان اعرضوا عن هذا الدرس كما اعرضوا عن غيره من دروس الادب ، لانهم لم يروه جداً ، ولانه لم يكن من الدروس الاساسية في الازهر ، وانما كان درساً اضافياً من هذه الدروس التي انشاها الاستاذ الامام ، والتي كانت تسمى دروس العلوم الحديثة ، وكانت منها الجغرافيا والحساب والادب . ولان الشيخ كان يسخر منهم فيسرف في السخرية ، ويعبث بهم فيغلوا في العبث.

      ساء ظنه بهم ، فرآهم غير مستعدين لهذا الدرس الذي يحتاج الى الذوق ولا يحتمل الفنقلة . وساء ظنهم به ، فرأوه غير متمكن من العلم الصحيح ولا بارع فيه ، وانما هو صاحب شعر ينشد وكلام يقال ، ونكت تضحك ثم لا يبقى منها شيء.

      وكانوا مع ذلك حراصا على ان يحضروا هذا الدرس ، لان الاستاذ الامام كان يحميه ، ولان الشيخ كان مقرباً من الاستاذ الامام ، ينتهز كل فرصة لينشيء في مدحه قصيدة يرفعها اليه ثم يمليها على الطلاب ، وياخذ بعضهم بحفظها على انها من جيد الشعر ورائعة . وكانوا يرونها جيدة رائعة لانها كانت في مدح الاستاذ الامام.

      وقد بذلوا ما استطاعوا من الجهد للمواظبة على هذا الدرس ، ولكنهم لم يطيقوا عليه صبراً ، فانصرفوا عنه. وانقطع عن صاحبنا ذكر الادب بعد ان حفظ من ديوان الحماسة جزءاً صالحاً ، ثم اشيع ذات يوم ان الشيخ المرضفي سيخصص يوميم من ايام الاسبوع لقراءة المفصل للزمخشري في النحو. فسعى صاحبنا الى هذا الدرس الجديد. ولم يسمع للشيخ مرة ومرة حتى احبه وكلف به وحضر درس الادب ف ايامه في الاسبوع ، ولزم الشيخ منذ ذلك الوقت.

      وكان الصبي قوي الذاكرة ، فكان لا يسمع من الشيخ كلمة الا حفظها ، ولا رأياً الا وعاه ، ولا تفسيرأ الا قيده في نفسه . وكثيراً ما كان يعرض البيت وفيه كلمة قد مضى تفسيرها او اشارة الى قصة قد قصها الشيخ فيما قدم من درسه ، فكان صاحبنا يعيد على الشيخ ما حفظ من قصصه وتفسيره وما قيد من آرائه وخواطره ونقده لصاحب الحماسة وشراحها ، وتصحيحه لرواية ابي تمام ، واكماله للمقطوعات التي كان ابو تمام يرويها .

      واذا الشيح يحب الفتى ويكلف به ، ويوجه اليه الحديث في اثناء الدرس ، ويدعوه اليه بعد الدرس فيصحبه الى باب الازهر ثم يدعوه الى ان يصحبه في بعض الطريق . وقد دعاه ذات يوم الى ان يُبعد معه في السير ، حتى انتهى الشيخ وتلميذه هذا وتلاميذ آخرون الى قهوة فجلسوا فيها ، وكان هذا اول عهد الفتى بالقهوات . وقد طال المجلس منذ صليت الظهر دعا المؤدن الى صلاة العصر . وعاد الفتى سعيداً مغتبطاً قوي الامل شديد النشاط.

      ولم يكن للشيخ حديث الى تلاميذه اذا تجاوز درس الادب الا الازهر وشيوخه وسوء مناهج التعليم فيه . وكان الشيخ قاسياً اذا طرق هذا الموضوع . وكان نقده لاذعاً وتشنيعه على اساتذة وزملائمه اليماً حقاً . ولكنه كان يجد من نفوس تلاميذه هوى ، وكان يؤثر في نفس هذا الفتى خاصة ابلغ تاثير واعمقه .

      واذا الفتى يؤثر هذا الدرس على غيره من الدروس شيئاً فشيئاً ، ويختص اثنين من التلاميذ المقربين الى الشيخ بمودته ثم بوقته . واذا هم يلتقون اذا كان الضحى فيسمعون للشيخ ، ثم يذهبون الى دار الكتب فيقرءون فيها الادب القديم ، ثم يعودون الى الازهر بعد العصر فيجلسون في هذا الممر بين الادارة والرواق العباسي ، يتحدثون عن شيخهم وعما قرءوا في دار الكتب ، ويعبثون بشيوخهم الاخرين ، ويعبثون بالداخلين والخارجين من الشيوخ والطلاب . فاذا صليت المغرب دخلوا الرواق العباسي فسمعوا درس الشيخ بخيت الذي كان يقرأ في تفسير القرأن مكان الاستاذ الامام بعد ان توفى.

      ولكن الفتية لم يكونوا يسمعون للشيخ الذي يقرأ كما كان يسمع له غيرهم من الطلاب ، وانما كانوا يسمعون له ليضحكوا منه وليقيدوا عليه اغلاطه ، وكانت كثيرة ولاسيما حين كان يعرض للغو والادب. وليشنعوا عليه بهذه الاغلاط بعد الدرس ، وليعرضوا هذه الاغلاط من الغد على شيخهم المرضفي ، فيقدموا اليه مادة جديدة للتشنيع على اساتذته وزملائه من الشيوخ .

      وقد كانت نفوس هؤلاء الفتية ضيقة بالازهر ، فزادها الشيخ ودرسه بها ضيقاً . وكانت نفوسهم شيقة الى الحرية ، فحط الشيخ ودرسه عنها القيود والاغلال.

      وما اعرف شيئاً يدفع النفوس ، لا سيما النفوس الناشئة ، الى الجرية والاسراف فيها احياناً كالادب ، وكالادب الذي يدرس على نحو ما كان الشيخ المرضفي يدرسه لتلاميذه حين كان يفسر لهم الحماسة او يفسر لهم الكامل بعد ذلك . نقد حر للشاعر اولاً ، وللراوي ثانياً ، وللشرح بعد ذلك ، وللغويين على اختلافهم بعد اولئك وهؤلاء . ثم امتحن للذوق ورياضة له على تعرف باطن الجمال في الشعر او النثر ، في المعنى جملة وتفصيلاً ، وفي الوزن والقافية وفي مكان الكلمة بين اخواتها . ثم اختبار للذوق الحديث في هذه البيئة التي كان يلقى فيها الدرس ، وموازنة بين غلظة الذوق الازهري ورقة الذوق القديم ، وبين كلال العقل الازهري ونفاذ العقل القديم ، وانتهاء من هذا كله الى تحطيم القيود الازهرية جملة ، والى الثورة على الشيوخ في علمهم وذوقهم وفي سيرتهم واحاديثهم بالحق في كثير من الاحيان ، والاسراف والتجني في بعض الاحيان .

      ومن اجل هذا لم يثبت حول الشيخ من تلاميذه الذين كثروا اول الامر الا نفر قليل ، وامتاز منهم هؤلاء الثلاثة خاصة ، فكونوا عصبة صغيرة ولكنها لم تلبث ان بعد صوتها في الازهر ، وتسلمه بها الطلاب والشيوخ ، وتسامعوا خاصة بنقدها للازهر وثورتها على التقاليد ، وربما كانت تنظم من الشعر في هجاء الشيوخ والطلاب واذا هي بغيضة الى الازهريين مهيبة لهم في وقت واحد.

      ولم يكن الشيخ استاذاً فحسب ، ولكنه كان اديباً ايضاً ، ومعنى ذلك انه كان يصطنع وقار العلماء اذ لقى الناس او جلس للتعليم في الازهر ، فاذا خلا الى اصدقائه وخاصتهم عاش معهم عيشة الاديب ، فتحدث في حرية مطلقة عن كل انسان وعن كل موضوع ، وروى لخاصته من شعر القدماء ونثرهم ما يثبت انهم كانوا احراراً مثله ، يقولون في كل شيء وفي كل انسان لا متنطعين ولا متحفظين ، كما كان يقول .

      وكان ايسر شيء واهونه ان يذهب الطلاب مذهب شيخهم ولا سيما ، اذا احبوه واكبروه ، ورأوا فيه المثل الاعلى للصبر على المكروه والرضا بالقليل ، والتعفف عما لا يليق بالعلماء والترفع عما كان ينغمس فيه كثير من شيوخ الازهر من الوان السعاية والنميمة والكيد والتقرب الى الرؤساء واصحاب السلطان.

      كان تلاميذ الشيخ يرون منه ذلك راى العين ويلمسونه بايديهم ، ويعيشون معه ، في حين كانوا يزورونه في منزله ذلك المتهدم الخرب القديم في حارة قذرة من حارات باب البحر يقال لها "الركراكي" . هناك في اقصى هذه الحارة كان يسكن الشيخ ، يسكن بيتاً قذراً متهدماً ، تدخل فيه من بابه ، فاذا انت في ممر ضيق رطب تنبعث فيه روائح كريهة ، قد خلا من كل شيء الا هذه الدكة الخشبية الضيقة الطويلة العارية التي قد اسندت الى حائط يتساقط منه التراب .

      وكان الشيخ ينزل لتلاميذه فيجلس معهم على هذه الدكة ، ولكنه يجلس راضياً مطمئناً ، يسمع لهم باسماً ويتحدث اليهم ارق الحديث واعذبه واصغاه وابراه من التكلف . وربما كان مشغولاً حين يقبل تلاميذه لزيارته ، فيدعوهم الى غرفته ، فيصعدون اليه في سلم متهدم ، ويسلكون اليه دهليزاً خالياً من كل شيء قد انتشر فيه ضوء الشمس . حتى اذا بلغوا غرفته دخلوا على شيخ منحن قد دخل على الارض ، ومن حوله عشرات الكتب يبحث فيها عن مقطوعة يريد ان يتمها ، او بيت يريد ان يفسره ، او لفظ يريد ان يحققه ، او حديث يريد ان يصحح الرأي فيه ، وعن يمينه ادوات القهوة . فاذا دخلوا عليه لم يقم لهم ، وانما تلقاهم مستبشراً فرحاً ، ثم دعاهم الى الجلوس حيث يستطيعون ، ودعا احدهم الى صنع القهوة وادارتها عليه وعليهم . ثم تحدث اليهم لحظات ، ثم دعاهم الى ان يشركوه فيما كان بسبيله من بحث او تحقيق.

      ولم ينس الفتى واحد صديقيه انهما زارا الشيخ ذات يوم حين صليت العصر .. فلما صعدا اليه لقيا شيخاً قد جلس على فراش متواضع القي في هذا الدهليز ، والى جانبه امراة محطمة قد انحنت حتى كاد راسها يبلغ الارض والشيخ يطعمها بيده .

      فلما راى تلميذيه هش لهما ، وامرهما ان ينتظراه في غرفته شيئاً . ثم اقبل عليهما بعد حين وهو يقول ضاحكاً واضي النفس ، "كنت اعشي امي ".

      كان هذا الشيخ اذا خرج من داره صورة الواقار والدعة ، وامن النفس وطمأنينة القلب وصفاء الضمير . وكان صورة الغنى واليسار، لا يحس من يتحدث اليه الا رجلاً قد يُسر عليه في الرزق ، فهو يعيش عيشة امن وهناءة وهدوء.

      ولكن تلاميذه وخاصته كانوا يعلمون حق العلم انه كان من اشد الناس فقرا واضيقهم يداً ، وانه كان ينفق الاسبوع او الاسابيع لا يطعم الا خبز الجراية يغمسه في شيء من الملح ، وكان على ذلك يعلم ابنه تعليماً ممتازاً ، ويرعى غيره من ابناءه الذين كانوا يظنون العلم في الازهر رعاية حسنة ، ويدلل ابنته تدليلاً مؤثراً ، يصنع هذا كله براتبه الضئيل الذي لم يكن يتجاوز ثلاثة جنيهات ونصف جنيه . كان من اصحاب الدرجة الاولى ، فكان يتقاضى جنيها ونصف جنيه لذلك ، وكان الاستاذ الامام قد كلفه درس الادب فكان يتقاضى لذلك جنيهين . وكان يستحي ان يقبض راتبه اول الشهر ، ويكره ان يختلط بالعلماء وهم يتهافتون على "المباشر" ليتقاضوا منه رواتبهم ، فكان يدفع خاتمه الى تلميذ من خاصته ليقبض له هذا الراتب الضئيل في الضحى ويؤديه اليه بعد الظهر.

      كذلك كان يعيش هذا الشيخ ، وكان تلاميذه يرونه ويشاركونه في حياته تلك البائسة الحرة الممتازة . وكان يرون ويسمعون من امر شيوخ اخرين ما كان يملأ قلوبهم غيظاً وحنقاً ونفوسهم ازدراء واحتقاراً . فاي غرابة في ان يفتتنوا بشيخهم ويتاثروه في سيرته وفي مذهبه وفي ازدرائه للازهريين وثورته بما كان لهم من تقاليد !

      لم ينكر تلاميذ الشيخ عليه في ذلك العهد الا انه انحرف ذات مرة يوم عن الوفاء للاستاذ الامام حين تولى الشيخ الشربيني مشيخة الازهر ، فنظم الشيخ قصيدة يمدح فيها الشيخ الجديد ، وكان تلميذاً للشيخ محباً له . وكان الشيخ الشربيني خليقاُ بالحب والاعجاب . واملى الشيخ المرصفي على تلاميذه قصيدته التي مساها ثامنة المعلقات : والتي عارض بها قصيدة طرفة . فلما فرغ من املائها ، والتف حوله تلاميذه ، مضى في الثناء على استاذه ، وعرض بالاستاذ الامام شيئاً ، فرده بعض تلاميذه في رفق ، فارتد اسفاً خجلاً واستغفر الله من خطيئته .

      وكذلك اندفع هؤلاء التلاميذ فيما دفعهم اليه حبهم للشيخ وتاثرهم به ، فاسرفوا على انفسهم وعلى شيخهم .

      ولم يكتفوا بهذا العبث الذي كانوا يعبثونه بالطلاب ، ولكنهم جعلوا يجهرون بقراءة الكتب القديمة وتفضيلها على الكتب الازهرية . يقرءون كتاب سيبويه او كتاب المفصل في النحر ، ويقرءون كتاب عبد القاهر الجرجاني في البلاغة ، ويقرءون دواوين الشعراء لا يتحرجون في اختيار هذه الدواوين ولا في الجهر بانشاند ما كان فيها من شعر المجون يقولونه احياناً في الازهر . ويقلدون هذا الشعر ويتناشدون ما ينشئون من ذلك اذا التقوا . والطلاب ينظرون اليهم شرزاً ، ويتربصون بهم الدوائر ، وينتهزون بهم الفرص . وربما اقبل عليهم بعض الطلاب الناشئين يسمعون منهم ويتحدثون اليهم ، ويريدون ان يتعلموا منهم الشعر والادب ، فيغيظ ذلك نرءهم من الطلاب الكبار ويزيدهم موجدة عليهم وائتماراً بهم.

      وفي ذات يوم كان صاحبنا يعد مع احد صديقيه درس الكامل ، فعرضت لهم هذه الجملة من كلام المبرد : "ومما كفرت العلماء به الحجاج قوله والناس يطوفون بقبر النبي ومنبره : انما يطوفون برمة واعواد." فانكر صاحبنا ان يكون في كلام الحجاج ما يكفي لتكفيره ، وقال لقد اساء الحجاج ادبه وتعبيره ، ولكنه لم يكفر . وسمع بعض الطلاب ذلك فانكروه ، ثم تناقلوه .

      وان فتيانا الثلاثة لفي مجلسهم حول الشيخ عند الحكيم عطا واذا هم يدعون الى حجرة الشيخ الجامع ، فيذهبون واجمين لا يفهمون شيئاً .فاذا دخلوا على الشيخ حسونة لم يجدونه وحده وانما وجدوا من حوله اعضاء مجلس ادارة الازهر وهم من كبار العلماء ، فيهم الشيخ بخيت ، والشيخ محمد حسن العدوي ، والشيخ راضي وآخرون . ويلقاهم الشيخ متجهماً ، ثم يامر رضوان رئيس المشدين ان يدعوا من عنده من الطلاب . فيقبل جماعة من الطلاب فيسالهم الشيخ عما عندهم . ويتقدم احدهم فيتهم هؤلاء الفتية بالكفر لمقالتهم في الحجاج ، ثم يقص من امرهم الاعاجي.

      وكان هذا الطالب ماهراً حقاً ، فقد احصى على هؤلاء الفتية كثيراً جداً مما كانوا يعيبون به الشيوخ ، ومما كانوا يعيبون به الشيخ بخيت والشيخ محمد حسنين، والشيخ راضي والشيخ الرفاعي ، وكانوا جميعاً حاضرين ، فسمعوا باذانهم آراء هؤلاء الفتية فيهم . وشهد طلاب آخرون بصدق هذا الطالب في كل ما قاله . وسئل الفتية فلم ينكروا مما سمعوا شيئاً . ولكن الشيخ لم يحاورهم ولم يداورهم ، وانما دعا اليه رضوان فامره في شدة بمحو اسماء هؤلاء الطلاب الثلاثة من الازهر لانه لا يرديد مثل هذا الكلام الفارغ ، ثم يصرفهم عنه في عنف . فخرجوا وجلين قد سقط في ايديهم لا يعرفون ماذا يصنعون ، وكيف يصورون هذه القصة لاهلهم.

      ولم يقف امرهم عند هذا الحد ولا عند نظر الطلاب اليهم في ضحك منهم وشماتة بهم ، ولكنهم اقبلوا بعد صلاة العشاء ليلقوا شيخهم المرصفي وليسمعوا منه درس الكامل . واقبل الشيخ ، فلقيه رضوان وانبأه في ادب ولطف بان الشيخ الجامع قد الغى درس الكامل ، وبانه ينتظره في مكتبه اذا كان الغد.

      فانصرف الشيخ محزوناً ، ومضى معه تلاميذه الثلاثة خجلين وجلين ، والشيخ يُسري عنهم مع ذلك . حتى اذا كانوا في بعض الطريق خطر لهم ان يذهبوا الى الشيخ بخيت ليستعطفوه ويوسطوه عند شيخ الجامع . وقال لهم شيخهم ، لا تفعلوا ، فلن تبلغوا من سعيكم هذا شيئاً ، ولكنهم مضوا مع ذلك الى دار الشيخ بخيت . فلما ادخلوا عليه عرفهم فتلقاهم ضاحكاً ، ثم سالهم عن جلية امرهم في فتور . فلما احذوا يدافعون عن انفسهم قال لهم في فتور ايضاً : ولكنكم تدرسون الكامل للمبرد ، وقد كان المبرد من المعتزلة ، فدرس كتابه اثم.

      وهنالك نسى الفتية انهم جاءوا مستعطفين ، واخذوا يجادلون الشيخ حتى احفظوه . وانصرفوا عنه وقد ملاه الغضب وملاهم الياس . ولكنهم مع ذلك تضاحكوا من الشيخ واعادوا بعض كلماته وتفرقوا وقد تعاهدوا ان يخفوا الامر على اهلهم حتى يقضي الله امراً كان مفعولاً .

      ولقوا شيخهم من الغد ، فانباهم بان شيخ الجامع قد حظر عليه قراءة الكامل ، وكلفه قراءة الغنى لابن هشام ، ونقله من الرواق العباسي الى عمود في داخل الازهر . ثم جعل الاستاذ يعبث بشيخ الجامع ، ويزعم لتلاميذه انه لم يخلق للعلم ولا للمشيخة ، وانما خلق لبيع العسل الاسود في سرياقوس ، وكان قد فقد اسنانه فكان ينطق السين ثاء ، وكان يتكلم لغة القاهرة فكان يجعل القاف همزة ، ويمد الواو بينها وبين السين ، وكان يتكلم هامساً ، فلم ينس تلاميذه قط هذه الجملة التي طبعوا بها الشيخ حسونة رحمه الله ، فسموه "بائع العثل في ئرياؤوث".

      ولكن بائع سرياقوس هذا كان شديداً حازماً ، وكان مهيباً صارماً ، يخافه الشيوخ جميعاً ومنهم الشيخ المرضفي ، فقد اخذ يقرأ كتاب المغنى ، وذهب اليه تلاميذه مطمئنين، وما يعنيهم ان يقرأ الشيخ هذا الكتاب او ذاك. حسبهم ان يقرأ الشيخ وان يسمعوا منه ويقولوا له وقد سمعوا منه . فلما هم الفتى ان يقول له بعض الشيء اسكته في وفق وهو يقول: لأ ، لأ ، عاوزين ناكل عيش ؟. ولم يعرف الفتى انه حزن منذ عرف الازهر كما حزن حين سمع هذه الجملة من استاذه ، فانصرف عنه ومعه صديقاه ، وان قلوبهم ليملؤها حزن عميق.

      على انهم لم يرضوا بهذه العقوبة التي فرضها عليهم شيخ الجامع ، وانما فكروا في الطريق التي يجب ان يسلكوها ليرفعوا عن انفسهم هذا الظلم ، فاما احدهم فقد آثر العافية وفارق صاحبيه واتخذ لنفسه مجلساً في جامع المؤيد بمعزل من العدو والصديق حتى تهدأ العاصفة . واما الاخر فقص الامر على ابيه ، وجعل ابوه يسعى في اصلاح شأن ابنه سعياً رقيقاً . ولكن الفتى لم يفارق صاحبيه ولم يعتزل عدواً ولا صديقاً ، وانما كان يلقى صاحبه كل يوم فيتخذان مجلسهما بين الرواق العباسي والادارة ، ويمضيان فيما تعودا ان يمضيا فيه من العبث بالطلاب والشيوخ.

      واما صاحبنا فلم يحتج الى ان يقص الامر على اخيه ، فقد انتهى الامر الى اخيه عن طريق لا يعرفها . ولكن اخاه لم يلمه ولم يعنف عليه ، وانما قال له : "انت وما تشاء فستجني ثمرة هذا العبث وستجدها شديدة المرارة ". ولكن الفتى لم يكن يعرف رفقاً ولا ليناً ، فلم يسع الى احد ولم يتوسل الى الشيخ باحد ، وانما كتب مقالاً عنيفاً يهاجم فيه الازهر كله وشيخ الازهر خاصة ويطالب بحرية الرأي. وماذا يمنعه من ذلك وكانت الجريدة قد ظهرت وكان مديرها يدعو كل يوم الى حرية الرأي.

      وذهب صاحبنا بمقاله الى مدير الجريدة فتلقاه لقاء حسناً فيه كثير من اعلطف والاشفاق . وقرأ المقال ثم دفعه ضاحكاً الى صديق له كان في مجلسه يومئذ ، فالقى الصديق نظرة على هذا المقال ثم قال غاضباً : لو لم تكن عوقبت على ما جنيت من ذنب لكانت هذه المقالة وحدها كافية لعقابك . وهم الفتى ان يرد على هذا الصديق ، ولكن مدير الجريدة قال له مترفقاً : ان الذي يحدثك هو حسن بك صبري مفتش العلوم الحديثة في الازهر . ثم قال له : اتريد ان تشتم الشيخ وتعيب الازهر ، ام تريد ان يرفع عنك هذا العقاب؟ قال الفتى : بل اريد ان يرفع عني هذا العقاب ، وان استمتع بحقي من الحرية . قال مدير الجريدة : فدع لي هذه القصة وانصرف راشداً .

      وقد انصرف الفتى ، ثم لم يلبث ان تبين وتبين معه صاحباه ، ان شيخ الجامع لم يعاقبهم ولم يمح اسماءهم من سجلات الازهر ، وانما اراد تخويفهم ليس غير.. ومنذ ذلك الوقت اتصل الفتى بمدير الجريدة وجعل يتردد عليه ، حتى جاء وقت كان يلقاه فيه كل يوم .

      وفي مكتب مدير الجريدة ظفر الفتى بشيء طالما تمناه ، وهو ان يتصل ببيئة الطرابيش بعد ان سئم بيئة العمائم ، ولكنه اتصل من بيئة الطرابيش بارقاها منزلة واثراها ثراء ، وكان وهو فقير متوسط الحال في اسرته ، سيء الحال جداً اذا قام في القاهرة . فاتاح له ذلك ان يفكر فيما يكون من هذه الفروق الحائلة بين الاغنياء المترفين والفقراء البائسين .



      الكتاب الثالث : من الفصل الثاني .....

      ....ثم مضت الايام وتتابعت فيها الاحداث ، حتى اذا دار العام راى الفتى نفسه يتهيأ للامتحان في الازخر لينال درجة العالمية . وقد تلقى الفتى حينئذ ما كان يسمى بالتعيين ، وهو الدروس التي يجب ان يعدها ليقيها امام لجنة الامتحان ، ويثبت لمناقشة الممتحنين فيها.

      فاستعد الفتى واحسن الاستعداد ، وحفظ فاحسن الحفظ ، حتى اذا لم يبق بينه وبين شهود الامتحان الا سواد الليل ، اقبل عليه شيخه المرصوفي - رحمه الله -فأبناه هذا النبأ العجيب الذي لم يحمله اليه في ضوء النهار ، وانما حمله اليه في ظلمة الليل ، بعد ان صليت العشاء.

      قال الشيخ : اذا اصبحت يابني فاستقل من الامتحان ولا تخضره في عامك هذا ، فان القوم ياتمرون بك ليسقطوك.

      قال الفتى : وما ذاك ؟!

      قال الشيخ : تعلم اني عضو في لجنة الامتحان التي ستحضر امامها غداً ، والتي يرأسها الشيخ دسوقي العربي ، فقد دُعى رئيس اللجنة الى رئيس اللجنة واُمر باسقاطك مهما تكن الظروف.

      قال الفتى : ولكني ساحضر امام لجنة اخرى يراسها الشيخ عبد الحكيم عطا .

      قال الشيخ : فان هذه اللجنة لن تجتمع لان رئيسها ابى ان يسمع للشيخ الاكبر حين امره باسقاطك . فلما الح الشيخ الاكبر عليه الح هو في الاباء ، فلما خيره الشيخ الاكبر بين اسقاطك وبين ال اتجتمع لجنته آثر الا تجتمع اللجنة ، وقال انما هو غداء وثلاثون قرشاً .

      وأبى الفتى ان يستقيل على رغم الحاح الشيخ المرضفي عليه في ذلك ، ونام ليله هادئاً موفوراً ، واستقبل صاحبه راضياً مسروراً . وغدا على لجنة الامتحان ، وكانت في مكان ما في الدراسة لا يعرف الفتى اقائم هو ام درس من المنازل والدور.

      غدا على لجنة الامتحان فالقى التحية ، وجلس ، وكان اعضاء اللجنة يشربون الشاي.

      قال الرئيس للفتى : "هل افطرت؟"

      قال الفتى : "نعم"

      قال الرئيس: "فاتمم هذا الكوب الذي شربت نصفه لتحصل لك البركة. "

      واخذ الفتى من الشيخ كوبه مبتسماً ، وشرب ما فيه متكرهاً. ثم اخذ في الدرس الاول فانفق فيه ساعتين ونصف ساعة ، ولقى فيه من المناقضة اشدها ، ومن الجدال اعنفه . وفي اثناء ذلك دخل الشيخ الاكبر ، فلم يسلم ، وانما قال : حرام عليك ياشيخ دسوقي ، حرام عليك ، ارفق به! ارفق به! ثم انصرف .

      ولم يرفق الشيخ دسوقي بالفتى ، وانما اضاف شدة الى شدة ، وعنفاً الى عنف ، وانقضى الدرس الاول . وقيل للفتى اذهب فاسترح .

      وخرج الفتى فاذا كرسي قد وضع الى جانب الباب ، وجلس عليه الشيخ الاكبر كانه ينتظر شيئاً . ولم يكد يرى الفتى حتى دعا شيخاً من الشيوخ كان هناك وقال له : خذه ياشيخ ابراهيم فاسقه فنجاناً من القهوة . وفي انتظار هذا الفنجان اقبل من حمل المحفظة الى الفتى ايذاناً بانه قد سقط ، وبأن اللجنة لا تريد ان يتم ما بقي له من الدروس.
    • كيف ينظّم الدماغ عملية التنفس والإحساس بالألم

      التنفس
      يتحكم النخاع المستطيل بعملية التنفس التي تحدث من 10 ـ 15 مرة في الدقيقة ويتألف مركز التنفس فيه من خلايا عصبية تنظم عملية الشهيق وأخرى تنظم الزفير . كما تنتشر مستقبلات حسية في الأوردة السباتية في العنق وفي الشريان الأبهر الصدري للمساهمة بتنظيم عملية التنفس . يتصل النخاع المستطيل أيضاً بالجسر وهو قسم آخر من جذع الدماغ الذي يؤمن التناغم في عملية الشهيق والزفير .



      1يستجيب مركز التنفس لزيادة ثاني أوكسيد الكربون في الدم بأن يرسل التعليمات إلى الحجاب الحاجز والأضلاع لتتقلص فتمتلئ الرئتان بالهواء وتنتفخ محدثة الشهيق وهو عملية ناشطة إيجابياً بمعنى أنها تستوجب حرق وحدات حرارية .

      2تنتقل بعض الإرشادات الدماغية الخاصة بالشهيق عبر أعصاب الحجاب الحاجز والأعصاب المبهمة

      3 ثم يرسل المركز التنفسي إرشادات أخرى تؤدي إلى الزفير فتنبسط الرئتان وتفرغان ما يؤدي إلى الزفير وهو عملية سلبية بمعنى أنها تحدث تلقائياً .

      4 إن الجسر في الدماغ يساعد في تنظيم التنفس .



      الشعور بالألم
      ينظم الدماغ الشعور بالألم لأن أنسجة الجلد تحتوي على مستقبلات للألم تستجيب لتحريضات مثل التهاب الجلد أو جرحه وكل ما قد يخرب الأنسجة . تنتقل الرسالة من المستقبلات الحسية إلى الدماغ الذي يجعلك قادراً على الشعور بالألم ثم يوجه الإرشادات إلى العضلات لإبعاد العضو المعرض للخطر عن مسبب الألم .
      5 يوجه الدماغ نبضات إلى عضلات الساق كي ترفع القدم عن مصدر الألم لتفادي المزيد من الأذية للأنسجة .
      4 يصل الألم إلى المنطقة الحسية في الدماغ ( في القشرة الدماغية ) حيث يصنف إلى ألم قاطع ، كهربائي ، حارق أو واخز .
      3 ينتقل هذا النبض إلى منطقة المهاد في الدماغ وما حولها حيث يحدث الشعور بالألم .
      2 إن إطلاق المواد الكيميائية هذا يؤدي إلى إحداث نبضات عصبية تنتقل إلى النخاع الشوكي .
      1 عندما تطأ قدمك على دبوس كبس تطلق الأنسجة المتأذية مواداً كيميائية تحرض نهايات الأعصاب حيث تكمن المستقبلات الحسية .

      عند حدوث خلل في الدماغ

      أنواع الصداع :
      الصداع التوتري Tension Headaches :
      في هذه الأنواع من الصداع تشعر وكأن عصابة تلف رأسك من الخلف أو كأن ملزمة تطبق على رأسك وتبدأ من العضلات خلف الرأس ثم تنسحب على مقدمة الرأس . قد يستمر الألم من نصف ساعة حتى سبعة أيام وتعتبر النساء أكثر اللواتي تعاني هذا المرض . إن الضغط على العضلات يمكن أن يزيد الألم . يتمركز الشعور بالألم في مقدمة الرأس ، الصدغ ، مؤخرة الرأس والرقبة .



      الشقيقة ( الميغرين ) Migraine Headaches :
      يحدث هذا النوع من الصداع ألماً على وتيرة ذبذبات وهي أشبه بضربات المطرقة تبدأ في الصدغ أو العين ثم تنقل إلى سائر الجانب المَعْنِيْ من الرأس ويستمر الألم بين 4 و25 ساعة أو أكثر . إن غالبية الذين يعانون الشقيقة هنّ من النساء أيضاً . إن العوامل التي تغير الصداع التوتري هي : تقلصات العضلات ، التهاب مفاصل الرقبة ، آلام مفصل الفك


      الصداع العنقودي Cluster Headaches :
      تظهر عوارض هذا المرض بشكل وخزات سكين مؤلمة ومعذبة غالباً خلف إحدى العينين . يستمر الألم من 30 إلى 90 دقيقة أو أكثر ويمكن أن يحدث على دفعات مجتمعة لعدة أسابيع أو أشهر . يصيب هذا المرض الرجال الأقوياء ذوي الأجسام الضخمة


      السكتة الدماغية Strokes
      تحصل السكتة الدماغية نتيجة خثرة دموية في أي قسم من الدماغ . إذ تمنع التزوّد بالدم ما يؤدي إلى حدوث الضرر . وقد يكون هذا الضرر طفيفاً أو شديداً كما أنه قد يكون دائماً أو مؤقتاً . ثم إن إصابة القسم الأيسر من الدماغ تؤدي إلى شلل في القسم الأيمن من الجسم والعكس صحيح . إضافة إلى هذه العوارض ، ربما يشعر المرء بدوار وعدم ثبات ، بتثاقل الذراع أو الرجال وصعوبة في البلغ أو التفكير أو مشاكل تنفسية .

      1 إن آليات عمل الجسم المختلفة يمكن أن تؤدي إلى السكتة الدماغية مثل الصمّة [ embolus ] وهي سدادة تبدأ من خثرة دموية تشكلت في مكان في الجسم مثل القلب ويمكن لهذه الخثرة أن تنتقل عبر شرايين الصدر والرقبة حيث تصل أخيراً إلى أحد الأوعية في الدماغ .

      2 يمكن للخثرة أن تستقر في أحد شرايين الدماغ فتحبس الدم مما يسبب ضرراً للمنطقة المحيطة




      تضرر دماغي أيسر يؤدي إلى :
      ـ شلل الطرف الأيمن للجسم
      ـ صعوبة الكلام أو فقدان القدرة على النطق
      ـ يحدث ببطء دون أن يلفت الانتباه
      ـ فقدان الذاكرة واللغة
      ـ صعوبة في الحسبة وتحليل أعمال الرياضيات

      تضرر دماغي أيمن يؤدي إلى :
      ـ شلل الطرف الأيسر للجسم
      ـ ضعف في إدراك المسافات
      ـ صعوبة التعرّف إلى الطرف الأيسر من الجسم
      ـ يمكن أن يحدث بسرعة أو حتى فوراً
      ـ فقدان الذاكرة ـ فقدان الحركة
      ـ ضعف المقدرات الموسيقية وتمييز الأشكال الهندسية

      وشكرا ~!@q
    • الـــتــنــفــس الاصــطــناعــــي

      التنفس من الفم للفم







      هي عملية تنفس اصطناعي ميكانيكي لاستعادة التنفس عند توقف أو اضطراب التنفس.



      الأسباب المؤدية لتوقف التنفس هي:



      الغرق _ الاختناق _ الصدمة الكهربائية _ الإفراط في تناول بعض الأدوية وخصوصا المهدئات المخدرات _ النوبة القلبية _ إصابات الرأس والصدر _ الغصة الكلية _ استنشاق الغازات السامة أو الدخان الناتج عن الحريق.



      التنفس من الفم للفم ( التنفس الاصطناعي :(



      1) تفقد الوعي. بهز كتفيه و التحدث إلى المصاب . فإذا كان فاقدا للوعي:-

      2) افتح مجرى الهواء. فقد يسد اللسان أو الأكل أو القيئ الخ .... مجرى الهواء. للقيام بذلك ارفع الذقن من أسفل باصبعين واضغط باليد الاخرى على الجبهة لدفع الرأس للخلف.

      3) افحص التنفس بالنظر لصدر المصاب (هل يعلو وينخفض) واسمع وتحسس التنفس. فإذا لم يتنفس:-

      4) اقفل فتحتي الأنف ثم أطبق بفمك على فم المصاب بإحكام ثم انفخ فيه نفخات متتالية وسريعة وععميقة.

      5) افحص التنفس مرة أخرى وكذلك تحسس النبض على جانب الرقبة خلف تفاحة آدم. إذا لم يعود له التنفس استمر في عملية الاصطناعي بمعدل نفس واحد كل 5 ثواني الى أن يعود التنفس الطبيعي أو وصول سيارة الاسعاف.

      6) يجب على الجميع التدرب على إجراء التنفس الاصطناعي فقد يضطر لإنقاذ حياة مصاب وللمعلومية أنه في حالة توقف التنفس فإن خلايا الدماغ يصيبها تلف خلال 4-6 دقائق من انقطاع الالتنغس مما يؤدي الى موت المصاب. لذلك كلما أسرعنا في عملية التنفس الاصطناعي كلما قل التلف في أنسجة المخ بسبب نقص الأكسجين.

      7) هناك بعض الحالات قد يضطر بها المسعف لإعطاء التنفس في الأنف بدلا من الفم لوجود نزيف بالفم _ صعوبة فتح الفم في بعض حالات التشنج _ صعوبة النفخ في الفم لصغر فم المسعف مما يؤدي لتسرب الهواء عند النفخ, كما يوجد حالات تسمى (أستوما) وتوجد عند بعض الأشخاص اللذين أجريت لهم عمليات جراحية في الحنجرة على سبيل المثال.

      8) إذا شعر المصاب برغبة في التقيؤ أو بدأ بذلك مثل حالات الغرق, عندها يجب وضع المصاب على جنبه لتسهيل خروج القيء ثم ينظف فم من الفيء أو أي عوالق.



      التنفس الاصطناعي للطفل الرضيع:-

      في حالة الأطفال الرضع يكون إجراء التنفس الاصطناعي من فم المسعف لفم وأنف الرضيع معا ويفتح مجرى الهواء بإمالة الرأس للخلف بمقدار بسيط و يعطى التنفس مرة كل 3 ثوان وتكون النفخات صغيرة بقدر ما يمكن حبسه من الهواء في الفم بحيث تناسب حجم رئة الطفل الرضيع
    • أمراض التنفس.


      مرض الالتهاب الرئوي اللانمطي

      sars

      مقدمة :
      مرض فيروسي حاد خطورته تأتي من كونه:
      1- ينتشر بسرعة وفي فترة قصيرة عن طريق الرذاذ التنفسي
      وسوائل الجسم.
      2- لديه ارتباط بحركة السفر العالمي إذ أن عدداً ليس
      بقليل من المرضى تم انتقال العدوى إليه عن طريق الجلوس
      قرب مريض أثناء السفر بالإضافة لذلك فقد انتقلت العدوى
      إلى طاقم الطائرات والعاملين الصحيين الذين قاموا بالكشف
      على المرضى وتقديم الرعاية الصحية لهم.
      3- لا يوجد له علاج نوعي أو لقاح حتى الآن.
      هذا وقد سجلت تفشيات للمرض في بعض الدول منذ نوفمبر
      2002م وانتشر المرض بشكل وبائي في عدد من الدول في قارات
      آسيا وأوروبا وأمريكا اعتباراً من فبراير 2003م وقد
      ارتبط المرض بحركة السفر العالمي حيث سجلت كثير من
      الحالات وسط المسافرين وبين طاقم الطائرات، كما انتقل
      إلى العاملين الصحيين ومخالطي المرضى وزوارهم.


      أعراض المرض:
      يبدأ المرض بحمى عالية ( أكثر من 38 درجة مئوية ) مع
      سعال وصعوبة في التنفس.

      يتطور المرض في عدد من الحالات إلى التهاب رئوي حاد
      لدرجة الاحتياج إلى تنفس صناعي.

      يمكن أن يكون المرض مصحوباً بالصداع وتصلب العضلات
      وفقدان الشهية والإرهاق والإرباك والإسهال وطفح جلدي
      وكحة جافة مصحوبة بضيق في التنفس.

      تعريف الحالة:


      أ‌- الحالة المشتبهة:
      1- يشتبه بالمرض كل شخص تظهر عليه بعد 1/11/2002م
      الأعراض التالية:
      - حمى عالية ( أكثر من 38 درجة مئوية ).
      وسعال أو صعوبة في التنفس.
      بالإضافة إلى واحد أو أكثر من حالات التعرض التالية خلال
      عشرة أيام قبل بداية الأعـراض:
      - مخالطة مباشرة مع حالة مشتبهة أو حالة محتملة.
      - تاريخ سفر لإحدى المناطق المتأثرة بالمرض.
      - الإقامة في إحدى المناطق المتأثرة بالمرض.
      2- وفاة شخص عانى من مرض تنفسي لم يعرف سببه بعد
      1/11/2002م ولم يتم تشريح الجثة بالإضافة إلى واحد أو
      أكثر من حالات التعرض التالية خلال عشرة أيام قبل بداية
      الأعراض:
      - مخالطة مباشرة مع حالة مشتبهة أو حالة محتملة.
      - تاريخ سفر لإحدى المناطق المتأثرة بالمرض.
      - الإقامة في إحدى المناطق المتأثرة بالمرض.
      ملحوظة:
      • المخالطة المباشرة تعني تقديم الرعاية أو العيش مع
      حالة مشتبهة أو محتملة أو لديه اختلاط مباشر مع إفرازات
      التنفس أو سوائل الجسم لمثل هذه الحالات.
      • المنطقة المتأثرة بالمرض هي المنطقة التي حدثت بها
      سلسلة انتقال محلي للمرض.
      ب – الحالة المحتملة:
      1- حالة مشتبهة بالالتهاب الرئوي مع وجود علامات أشعة
      داعمة للالتهاب الرئوي أو لمتلازمة عسر التنفس.
      2- وفاة حالة مشتبهة وعند التشريح وجدت علامات تدل على
      الإصابة بمتلازمة عسر التنفس بدون أن يعرف السبب.
      ملحوظة هامة: تستبعد أي حالة عند وجود تشخيص بديل.



      فترة حضانة المرض:

      تتراوح ما بين 2-7 أيام وقد تستمر إلى (10) أيام


      العامل المسبب:


      أحد الفيروسات من مجموعة كورونافايروس ولم يتم تصنيفه
      بالتحديد إلى الآن علماً بأن فيروسات كورونافيروس تؤدي
      إلى التهابات خطيرة في الجهاز التنفسي لدى الأطفال
      والبالغين كما يمكنها التغلب على المظاهر البيئية لمــدة
      3 ساعات وتنتقل هذه الفيروسات من شخص لآخر عبر الرذاذ
      التنفسي وتلوث الأيدي والإفرازات التنفسية وعن طريق
      جزئيات الهواء الصغيرة.
      مستودع المرض:
      يبدو حتى الآن أن المستودع يقتصر على حالات من المرضى
      بالالتهاب التنفسي الحاد ذوي الأعراض فقط، ليس هناك
      بيانات تشير إلى أن حملة الالتهاب الرئوي الحاد الأصحاء
      المظهر ممن لا تظهر عليهم أية أعراض يشكلون مستودعاً
      للمرض، كما أنه لم يثبت حتى الآن انتشار المرض بواسطة
      الحيوانات والفئران والصراصير.


      طرق الانتقال:

      الرذاذ التنفسي وسوائل الجسم والمواد الملوثة.
      الفئات الأكثر عرضة للمرض:
      العاملون الصحيون والأشخاص الآخرون الذين لهم احتكاك
      مباشر بالحالات.


      الاحتياطات الوقائية التي تم اتخاذها:


      أولا: على مستوى العالم:

      تقوم منظمة الصحة العالمية بمتابعة الوضع الوبائي للمرض
      ومتابعة الإبلاغ اليومي من الدول واستبعاد أي حالة لا
      تتوافق وتعريف الحالة.

      تم تشكيل شبكة من إحدى عشر مختبراً في العالم للوصول إلى
      معرفة العامل المسبب وتصنيفه بدقة كما تم تشكيل شبكة من
      أطباء إكلينيكيين للوصول إلى التشخيص السليم والتدابير
      العلاجية.

      توصل العلماء إلى تصميم فحص كاشف للمساعدة في التشخيص
      المخبري للمرض عن طريق (PCR ) و (IFA) و(ELISA) ويتم
      تطويره ليصبح سريع الاستعمال وموثوق به .

      أصدرت المنظمة توصيات بخصوص حركة السفر العالمي مع عدم
      تقييد حركة السفر وقد تلخصت هذه التوصيات في التالي:



      الاحتياطات الواجب اتخاذها لدى كافة أفراد المجتمع


      - احرص على أن تكون المناعة لديك بحالة جيدة وذلك عن
      طريق تناول الأكل المتوازن والمحافظة على التمارين
      الرياضية والراحة وعدم التعرض للإجهاد النفسي وتحاشى
      التدخين .
      - المحافظة على الصحة الشخصية بحالة جيدة ( تغطية الأنف
      والفم عند العطس والكحة ) .
      - المحافظة على الأيدي نظيفة وذلك بغسلها بالماء
      والصابون واستعمال المناشف لمرة واحدة .
      - أغسل الأيدي جيداً عند ملامستها إفرازات العطاس .
      - تجنب ملامسة العيون والأنف والفم وعند الضرورة أغسل
      الأيدي جيداً قبل وبعد اللمس .
      - لا تتشارك أي بشاكير أو ملابس .
      - المحافظة على بيئة المنزل نظيفة وذلك بمسح ونظافة
      الأدوات المنزلية بقطعة مبللة بأحد مستحضرات نظافة
      المنزل .
      - المحافظة على تهوية جيدة داخل المنزل .
      - تجنب زيارة أماكن مزدحمة أو التهوية فيها غير جيدة .
      - أستشر الطبيب عند شعورك بأي أعراض من الجهاز التنفسي .
      - عند الاهتمام بمرضى في المنزل يجب استشارة الطبيب عند
      ظهور الأعراض ويجب تنفيذ تعليمات الطبيب بكل دقة كما يجب
      أن تحافظ على النظافة الشخصية للمريض وعلى المريض أن
      يلبس كمامة وكذلك الأشخاص المخالطين .

      الاحتياطات الواجب اتخاذها لدى العاملين في الأماكن
      العامة :
      - المحافظة على النظافة الشخصية وتغطية الأنف والفم عند
      العطـاس والكحة .
      - غسل الأيدي جيداً بعد العطاس والكحة .
      - تجنب لمس العيون والأنف والفم وعند الضرورة أغسل يديك
      جيداَ قبل وبعد اللمس .
      - أستشر الطبيب فوراً عند شعورك بأي أعراض من الجهاز
      التنفسي .
      - المحافظة على تهوية جيدة في الأمكنة الداخلية .

      توصيات خاصة بالمدارس :
      - تنظيف اللعب وأماكن اللعب .
      - حافظ على نظافة الأيدي وأغسلها جيداً .
      - تغطية الأنف والفم عند العطس والسعال .
      - أغسل الأيدي جيداً عند ملامستها لإفرازات العطاس
      والسعال .
      - أستعمل المناديل أو البشاكير استخدام لمرة واحدة .
      - لاتتشارك في الملابس والمناشف .


      توصيات خاصة بالعاملين في الوحدات الصحية :
      - المحافظة على النظافة الشخصية .
      - أستشر الطبيب عند شعورك بأي أعراض .
      - لبس الكمامة عند التعامل مع أي مريض تشجيع المريض
      أيضاً بلبس كمامة وكذلك زوار المريض .
      - المحافظة على جهاز التنفس في الصناعي نظيفاً .
      - تأكد من أن أجهزة الشفط في الحمامات تعمل جيداً .
      - تأكد من وجود صابون داخل الحمامات ودورات المياه .
      - المحافظة على نظافة الغرفة وكذلك تهويتها .

      ---------------------------------------------------

      الربـــو

      تعريف

      مرض يسبب صعوبة في التنفس وقد تنتاب هذه الصعوبة الشخص
      المريض بالربو في شكل مفاجيء حاد يتكرر.
      المسببات
      تنتج نوبات الربو من ضيق شعيبات القصبة الهوائية
      بالرئتين وينتج هذا الضيق من انقباض عضلات هذه الشعيبات
      ومن تورم عظام الغشاء المخاطي الذي يبطن هذه العضلات ومن
      انتاج البلغم.
      الأعراض
      تشمل أعراض هذا المرض الأزيز والصفير عند الزفير وقد
      يشهق المريض لاستنشاق الهواء أو يشعر بالاختناق. وعندما
      تبدأ نوبة الربو ، فإن المريض يشكو دائما من شعو
      بالانقباض في صدره وبسعال متقطع وجاف وبصعوبة في التنفس
      وتتكون مادة مخاطية سميكة في الرئة وتسمى البلغم ، ويصبح
      السعال كثيفا وقد يشعر المريض بالراحة لفترة مؤقتة بعد
      أن يسعل البلغم.
      وسائل العلاج
      يفحص الطبيب المريض بالربو بالحصول على التاريخ الكامل
      للحساسية بإجراء الفحص السدي وبإجراء اختبارات الجلد
      للحساسية وتساعد هذه الفحوص على معرفة المواد التي قد
      تسبب الحساسية للمريض ولاغلب المرضى حساسيته ضد الغبار
      المنزلي وغبار الطلع اضافة الى عدد من المواد الاخرى
      ويصف أغلب الاطباء دواء واحد أو أكثر من الادوية التي
      تشمل الامينوفلين والافيدرين والسالبوتامول لازالة
      الحساسية والعلاج بالاستيرويد ضروري في الغالب في حالات
      الربو الحاد وقد يلجأ الطبيب المختص لاضاف حساسية المريض
      للمواد المختلفة التي تثير نوبات الربو وتقتضي هذه
      العملية حقن كميات بسيطة من مستحضرات تحمل من المواد
      التي تسبب الحساسية للمريض – لفترات منتظمة – ويزيد
      الطبيب قوة الدواء الذي يحقن الى أن يكون جسم المريض
      مقاومة لهذه المواد.


      -----------------------------------------------------
      نوبة الربو



      تعريف
      الربو مرض مزمن تصاب به الرئتين حيث تضيق فيه مجاري
      الهواء التي تحمل الهواء من وإلى الرئة وبالتالي يصعب
      التنفس. مجاري الهواء في الشخص المصاب بالربو تكون شديدة
      الحساسية لعوامل معينة تسمى المهيجات triggers وعند
      إثارتها بهذه المهيجات تلتهب مجاري الهواء وتنتفخ ويزيد
      إفرازها للمخاط وتنقبض عضلاتها ويؤدي ذلك إلى إعاقة
      التدفق العادي للهواء، وهذا ما يسمى بنوبة الربو asthma
      attack. بالإمكان السيطرة على أعراض نوبة الربو، ولكن
      يمكن أن يتكرر حدوث النوبة خلال ساعات بعد حدوث النوبة
      الأولى

      نوبة الربو
      الشخص الذي يصاب بنوبة الربو يجد صعوبة في التنفس، إذ
      تنقبض العضلات التي تحيط بأنابيب القصبة الهوائية وتؤدي
      إلى تضييق مجاري الهواء. ويعيق هذا التشنج الشعبي التدفق
      الطبيعي للهواء، كما تؤدي الزيادة في الإفراز المخاطي
      إلى تكوين سدادات مخاطية. كذلك يحدث انتفاخ في أنابيب
      القصبة الهوائية مما يزيد في إعاقة تدفق الهواء. إذا
      استمرت النوبة فإن استفحال التشنج الشعبي والمخاط يحبس
      الهواء في الأكياس الهوائية، مما يعيق تبادل الهواء.
      ويستخدم الشخص الذي يصاب بالنوبة عضلات الصدر بدرجة أكبر
      لكي تساعده في التنفس.

      المسببات
      مهيجات الربو هي تلك العوامل التي تعمل على إحداث أعراض
      الربو، وهذه المهيجات تتفاوت بين المصابين بالربو، ولذلك
      من الضروري معرفة العوامل التي تحدث النوبة:

      · العوامل المثيرة للحساسية: ريش أو شعر
      الحيوانات، عث الغبار (يوجد أيضا في السجاد ومكيفات
      النوافذ التي لا تنظف دوريا)، غبار الطلع، الأطعمة مثل
      الفول السوداني والسمك والمحار والبيض.

      · المثيرات في الهواء: دخان التبغ من السجائر أو
      السيجار أو الغليون أو النارجيلة (الشيشة)، دخان الشوي
      بالفحم، رائحة الطلاء والوقود، الملوثات مثل عوادم
      السيارات ومداخن المصانع.

      · الطقس: الهواء البارد والجاف والرطوبة العالية
      أو التغيرات المفاجئة بالطقس يمكن أن تسبب أعراض الربو.
      الرياح تنقل المواد المهيجة المثيرة للحساسية، والمطر
      يسهل نمو وإطلاق الفطر واللقاح.

      · المواد المهيجة: البخاخات (الإيروسول
      spray/aerosol) والغبار والأبخرة من منتجات التنظيف.

      · المرض: الالتهابات الفيروسية مثل
      الزكام/الرشح، الأنفلونزا، التهابات الحلق والجيوب
      الأنفية تعتبر من المهيجات الشائعة للربو لدى الأطفال.

      · التمارين الرياضية: التمارين الرياضية مهيجات
      شائعة للربو. ويمكن أن تحدث لدى كل الأشخاص المصابين بعد
      أداء تمارين رياضية عنيفة لمدة 5 دقائق على الأقل. أما
      الألعاب الرياضية مثل السباحة فهي أقل المهيجات للربو،
      بينما الجري لمسافات طويلة وكرة القدم عادة ما تؤدي إلى
      حدوث نوبة الربو عند المعرضين للإصابة.

      · التغييرات العاطفية: الضحك والبكاء والخوف
      والصراخ والسعال يمكن أن تتسبب في أعراض الربو.

      العلامات والأعراض
      تختلف الأعراض من شخص لشخص، وتتراوح ما بين خفيفة إلى
      حادة، وتحدث في كل من نوبات الربو التي تسببها الحساسية
      وتلك التي تحدث من أسباب غير الحساسية ويمكن أن تشمل:

      · سعال

      · أزيز wheezing (صوت تصفير أثناء الزفير)

      · صعوبة في التنفس

      · انقباض في الصدر

      · زيادة إفراز المخاط

      · اتساع في فتحتا الأنف

      الربو مرض مزمن يمكن السيطرة الربو مرض مزمن يمكن
      السيطرة عليه لكي يتمكن المصاب من القيام بأنشطته
      اليومية العادية. هناك بعض الأفكار المفيدة التي يجب
      تطبيقها للسيطرة على الربو وهي

      · الربو مرض مزمن يجب عليك الاهتمام به
      باستمرار وليس فقط أثناء نوبة الربو

      · أفضل طريقة للسيطرة على الربو هي
      المتابعة مع طبيبك

      · تذكر أن أفضل طريقة للسيطرة على الربو هي
      الالتزام بخطة السيطرة المتفق عليها مع طبيبك

      هناك أربعة قواعد للسيطرة على الربو هي

      1. التعرف على منبهاته ومهيجاته وتفاديها

      2. تناول الدواء طبقا للإرشادات

      3. راقب وتنبه لوقوع النوبة مبكرا

      4. معرفة ما يلزم عمله في حالة ازدياد نوبة
      الربو

      يوجد أداة بسيطة وصغيرة تستخدم لملاحظة ضيق مجاري التنفس
      قبل بداية الأعراض بساعات أو أيام. هذه الأداة تسمى
      مقياس ذروة التدفق peak flow meter وطريقة استخدامها
      ببساطة تتم بالنفخ فيها، كما ينصح الطبيب، لمتابعة حالة
      مجاري التنفس لديك وهي تعتبر من الأدوات الضرورية مثل
      قياس ضغط الدم بواسطة مقياس ضغط الدم أو درجة حرارة
      الجسم بواسطة ميزان الحرارة


      السُل


      تعريف
      هو مرض معدي يصيب الرئتين بصفة رئيسية، وقد كان هذا
      المرض أكثر أسباب الموت في العالم. أما الآن مع الوسائل
      المتقدمة في الوقاية والتشخيص والعلاج فقد ادى الى خفض
      عدد المصابين بدرجة كبيرة.
      المسببات
      تسبب المرض عصيات الدرن وهي نوع من أنواع البكتريا تنتشر
      عن طريق العطس من الانسان المصاب، او قد تنتشر عن طريق
      اللبن من ماشية مصابة بهذا المرض.
      الأعراض
      نتيجة الاصابة يتكون في الرئة ما يسمى بالدرنات وهي
      مناطق متجبنة تشبه الجبن الطري، وعندما تذوب المادة
      المتجبنة في النهاية وتصعد مع الطبقة المخاطية في
      المسالك التنفسية، ويسعل المريض هذا المخاط والمادة
      المتجبنة على هيئة بلغم، وأكثر الأعراض المبكرة للدرن هو
      السعال والبلغم. ولكن السعال لايكون عنيفاً في العادة،
      وغالباً ما تعتبر الأعراض نزلة برد مزمنة على سبيل
      الخطأ. وقد يوجد في البلغم دم، اذا تلفت الأوعية
      الدموية. وقد تكون كمية الدم كبيرة في الحالات المتقدمة.
      وتشمل الأعراض الأخرى ألم الصدر والحمى والعرق(ليلاً)
      والتعب ونقص الوزن وفقدان الشهية، وسرعان ما يؤدي الدرن
      الى الوفاة.
      وسائل العلاج
      يمكن علاج جميع مرضى الدرن بالعقاقير، ويعتبر عقار
      أيزونيازيد من أشد العقاقير فاعلية ضد الدرن. وتشمل
      العقاقير الأخرى ريفامبيسين وايثامبيوتول وستربتومايسين
      وبايرازيناميد. وتتراوح فترة العلاج بين ستة وتسعة أشهر،
      ويعطي الأطباء المريض عقارين أو أكثر معاً لأن عصيات
      الدرن قد تكتسب مقاومة لعقار واحد فقط.
      ----------------------------------------------------
      الإنفلونزا


      تعريف

      مرض يسببه فيروس الانفلونزا وتستخدم كلمة إنفلونزا
      أحيانا لتشير بصورة عامة الى الإنفلونزا أو الامراض
      المشابهة لها.
      المسببات
      يتم الاصابة بالمرض عن طريق استنشاق الفيروس ويتصل
      بخلايا الممرات الهوائية العليا وينفذ الفيروس الى
      الخلايا التي تبطن هذه الممرات الهوائية ويتكاثر داخلها
      وبمرور الوقت تطلق فيروسات إنفلونزا جديدة من الخلايا
      المصابة بالعدوى وتُعدي خلايا أخرى على طول الجهاز
      التنفسي وقد تنتشر الانفلونزا في أعمال الرئتين كما من
      الممكن أن يُحمل الفيروس بعيدا في هواء الزفير ويسبب
      العدوى لاناس آخرين.
      الأعراض
      تشمل أعراض الانفلونزا الشعور بالقشعريرة والحمى والصداع
      والالم والضعف وتختفي هذه الامراض عادة بعد نحو اسبوع
      واحد ومن الممكن أن تقل مقاومة جسم المريض للامراض ومن
      ثم فإن العدوى الثانوية مثل الالتهاب الرئوي البكتيري قد
      يصيب الانسان بعد اصابته بها.
      وسائل العلاج
      يتم الوقاية من الانفلونزا عن طريق التطعيم وتحتوي معظم
      لقاحات الانفلونزا على فيروسات انفلونزا مقتولة وتوفر
      هذه اللقاحات بعض الوقاية ولكنها ليست فاعلة بالصورة
      التي يريدها العلماء وقد تم تطوير لقاحات صنعت من
      الفيروسات الحية كما تم استخدام هندسة الجينات لانتاج
      لقاحات أفضل بالاضافة الى اللقاحات فإن العقاقير المضادة
      للفيروسات قد تستخدم للمعالجة أو الوقاية من أنواع معينة
      من الانفلونزا وكذلك الراحة في الفراش وتناول حبوب
      الاسبرين.


      ...................................................
      تقرح نزلات البرد

      تعريف
      عبارة عن مجموعة من البثور الصغيرة العنقودية، تنتشر على
      الفم والمنطقة المحيطة به، مكونة تقرحات، وتستفحل هذه
      التقرحات في كثير من الحالات عندما يصاب المرء بالزكام
      أو الحُمَّى.
      المسببات
      يسببها فيروس يسمى فيروس الحلأ البسيط. ويدخل هذا
      الفيروس الى الجسم في معظم الأحوال عن طريق الأنف أو
      الفم. حيث يكمن الفيروس في الجسم الى أن تتوفر شروط
      معينة يمكن أن تعيد اليه نشاطه.
      الأعراض
      يعاني كثير من الأشخاص من التقرحات المتكررة في المواضع
      نفسها. ولعل السبب في ذلك يعود الى أن الفيروس يظل
      كامناً في الجسم حتى بعد أن تبرأ القروح. وليس له أي
      أعراض تدل عليه الا أن تتوفر شروط معينة يمكن أن تعيد
      اليه نشاطه، فيحدث من جراء ذلك تقرحات جديدة. ومن بين
      هذه الشروط؛ الحمى ، والتعرض المفرط لضوء الشمس،
      والاضطراب العاطفي، بالاضافة الى أن جرحاً قد يحدث في
      موقع القرح القديم. ومن أعراض الاصابة به الشعور بالحاجة
      الى حك الموضع المصاب، وعندها يشعر بوخز خفيف يتبعه ألم،
      ثم يبدأ الاحمرار وتظهر البثور، التي لا تلبث أن تنفجر
      في موضعها قشوراً صفراء.
      وسائل العلاج
      تبرأ تلك القروح من تلقاء نفسها خلال فترة تتراوح ما بين
      يومين الى سبعة أيام، حيث أنه ليس بالامكان الوقاية من
      تقرحات البرد. وقد يصف الأطباء أحياناً عقاراً يعرف باسم
      الأسكلوفير لأولئك الأشخاص الذين يتكرر لديهم حدوث هذه
      التقرحات. ويعمل هذا العقار على تأخير تفشي التقرحات،
      إلا أنه لا يعالج العلة.
      ...................................................
      الزكام

      تعريف
      هو اكثر الأمراض التي تصيب الجهاز التنفسي العلوي
      انتشاراً وشيوعاً. وهو مرض ليس قليل الشأن، إذ يعد السبب
      الرئيسي في التغيب عن المدارس والعمل.
      المسببات
      هناك أكثر من مائة نوع من الفيروسات المسببة لهذا المرض،
      وقد توصل العلماء الى أن أحد الأسباب التي تصيب الناس
      بنزلات البرد باستمرار يكمن في أن الفيروسات المختلفة
      تحدث أمراضاَ مشابهة، كما أن نوعاً ما من أنواع الزكام
      لا يعطي مناعة ضد أي نوع آخر. وجميع الناس على اختلاف
      أعمارهم عرضة للاصابة بالزكام، وخاصة الأطفال.
      الأعراض
      هو أحد أنواع العدوى التي تصيب الغشاء المخاطي للأنف
      والحلق. وأحياناً الممرات الهوائية والرئتين. وغالباً ما
      يصاحب الزكام انسداداً في الأنف، لذا يجد الشخص المصاب
      صعوبة في التنفس، وربما تنتقل العدوى الى الأذنين،
      والجيوب الأنفية والعينين. وفي أحايين كثيرة قد تصل الى
      الحلق فتسبب آلام الحلق وبحة في الصوت. وعندما تنتشر
      العدوى الى الممرات الهوائية والرئتين، فانها تتسبب في
      الالتهاب الشعبي والالتهاب الرئوي. يستمر الزكام الخفيف
      أياماً قليلة، اما العدوى الحادة فقد تستغرق أياماً
      كثيرة قبل أن يشفى منها المريض. وعادة ما تصاحبها أعراض
      أخرى كالحمى والأوجاع التي تعم الجسم كله. وتعتري المريض
      في كثير من الأحيان قشعريرة وفقدان شهية.
      تكمن خطورة هذا المرض في أنه يجعل المصابين أكثر عرضة
      للاصابة بأنواع أخرى من العدوى. وتتفاقم هذه الخطورة مع
      كبار السن وأولئك الذين يعانون من اعتلال في الرئتين أو
      الأشخاص ذوي البنية الضعيفة نظراً لسوء صحتهم العامة.

      وسائل العلاج
      لا يوجد علاج محدد للزكام، إلا أن الطبيب غالباً ما يصف
      الأدوية التي تخفف من الأعراض التي يتسبب فيها الزكام.
      مثل الأسبرين أو أي عقار آخر مشابه ليسكن أوجاع العضلات
      والآلام الأخرى. وتعمل أدوية الرزاز أو قطرات الأنف على
      تقليص الأغشية المخاطية لدى المصاب، وتساعده على التنفس
      بشكل طبيعي. أما أدوية استنشاق البخار فتخفف الاحتقان
      بعض الشئ. وينبغي على المريض الذي تنتابه الحمى أن يلزم
      الفراش، إذ أن ذلك يوفر له قسطاً من الراحة ويعزله عن
      بقية الناس. كما ينبغي على الأشخاص المصابين بالزكام أن
      يتناولوا أطعمة مغذية، ويشربوا مقادير كبيرة من السوائل
      كعصير الفواكه، والشاي، والماء. واذا تفاقمت نوبة الزكام
      ينبغي الذهاب الى الطبيب الذي يمكنه وقف المضاعفات
      وعلاجها في وقت مبكر قبل أن تستفحل. وغالباً ما يصف
      الطبيب المضادات الحيوية للحد من آثار المضاعفات
      البكتيرية.
      وللوقاية من من هذا المرض ينبغي عزل المصابين به لعدم
      انتشار الفيروسات مع نوبات السعال أو العطاس، حيث انها
      أنجح السبل لوقف انتشار هذا المرض المعدي. وعلى الأشخاص
      الذي يخشى عليهم من الاصابة بأمراض خطيرة - اذا ما
      أصيبوا بالزكام – أن يأخذوا لقاح الانفلونزا للوقاية.

      ...............................................


      حساسية الأنف

      تعريف
      هي نوع من أنواع الحساسية ، تحدث لبعض الأشخاص، عند
      التعرض للغبار أو أي رائحة نفاذة حتى ولو كانت عطراً.
      ومنها ما يستمر عدة أشهر الى عدة سنوات.
      المسببات
      يجب اجراء عدة اختبارات معملية للتأكد من الحالة، ومن
      هذه الفحوصات : Skin Prick Test ، Total : IGE و R.A.S.T
      .
      الأعراض
      نوبات عطاس شديدة ، وحكة في العين عند التعرض للغبار أو
      لرائحة نفاذة. ومن هذه الحساسية نوعان (حساسية موسمية –
      حساسية دائمية) والحساسية الدائمة نوعان منها الحاد
      ومنها المزمن.

      وسائل العلاج
      عموماً تعطى الأدوية المضادة للحساسية ، واذا تأكد وجود
      محسس معين بعد الفحوصات، فيمكن اعطاء علاج لفترة محددة
      ويسمى العلاج Desensitisation Course ، ويمكن تعاطي
      العلاجات التالية

      - حبوب Anti Histamine

      - حبوب Zaditen

      - بخاخ Becconase Nasal Spray

      - بخاخ Flixanase Nasal Spray

      - وفي الحالات الشديدة يفضل اعطاء الكورتيزون
      وباشراف خاص من قبل الطبيب
    • الجهاز التنفسي

      الــجــهــاز الــتــنـــفــســـي
      Respiratory System

      وظيفة الجهاز التنفسي الأساسية هي إيصال الأكسجين إلى الدم والتخلص من ثاني أكسيد الكربون، والآن نحاول أن نشرح بشكل مبسط كيف تتم هذه العملية.
      في البداية يجب معرفة مكونات الجهاز التنفسي التي تمكنه من أداء وظيفته بشكل سليم .

      يبدأ الجهاز التنفسي من فتحة الأنف، تجويف البلعوم، الحنجرة، القصبة الهوائية والشعب الهوائية ثم إلى الحويصلات الهوائية، وكل جزء له خاصية معينة سوف نتطرق لها بإيجاز.

      1. الأنف (Nose):

      الكل يعرف أن الأنف ليس فقط لمرور هواء التنفس، وإنما أيضا المسؤول عن حاسة الشم، والأنف له وظيفة أساسية لترطيب الهواء الداخل إلى الرئتين وأيضا منع الحبيبات الصغيرة جدا العالقة في الهواء من المرور، حيث أنها تلتصق بالغشاء المخاطي المبطن بالتجويف الأنفي.



      2.الحنجرة (Larynx) :

      تعتبر بوابة الجهاز التنفسي وفيها الأحبال الصوتية(Vocal Cords)، التي تستقبل مرور الهواء من الرنة لإصدار الأصوات المختلفة، ويوجد فوق الحنجرة نتوء لحمي متحرك أو زائدة لحمية (Epiglottis ) وهذه الزائدة لها أهمية خاصة في تغطية فتحة الحنجرة أثناء البلع لمنع دخول الطعام إلى الحنجرة أو القصبة الهوائية.



      3.القصبة الهوائية (Trachea):

      يعتقد البعض أن القصبة الهوائية هي فقط عبارة عن أنبوب لمرور الهواء إلى الرئة ولكن في الحقيقة القصبة الهوائية لها تركيب يمكنها من أداء وظيفة معينة، فجدار القصبة الهوائية يتكون من غضاريف عديدة، ولكن هذه الغضاريف تغطي فقط الجزء الأمامي من القصبة الهوائية أما الجزء الخلفي من الجدار فيتكون من عضلات وليس غضاريف، وهذا التكوين يسمح للقصبة الهوائية بأن تكون صلبة ومفتوحة للسماح بمرور الهواء، وفي نفس الوقت يعطيها مرونة بحيث يسمح للجزء العضلي فيها بالاتقباض، وهذه الخاصية ضرورية جدا لوظيفتين مهمتين وهما :


      إصدار الأصوات المختلفة حيث انقباض القصبة الهوائية ضروري لخلق تيار من الهواء الخارج من الرئة يمكن الأحبال الصوتية من إصدار الصوت.
      الكحة، الكل يعلم أن الكحة مزعجة نوعا ما، ولكن لها فائدة مهمة في مساعدة الشخص على التخلص من البلغم أو الإفرازات الضارة التي قد تتكون في الرئة، ولولا خاصية القصبة الهوائية المرنة لما تمكن الإنسان من أن يكح بشكل فعال.


      4.الشعيبات الهوائية (Bronchioles):

      يعد تفرع القصبة الهوائية إلى جزء أيمن وأيسر، فإن هذه الأنيابيب تنقسم تدريجيا لتكون شبكة من الأنابيب التي وظيفتها هو إيصال الهواء إلى مختلف أجزاء الرئتين، وهذه الشعيبات الهوائية مهمة جدا حيث أنها يجب أن تبقى مفتوحة للسماح بمرور الهواء أثناء عملية الشهيق والزفير، ولكن في بعض الحالات كالربو الشعبي فإن مجرى الهواء في هذه الشعيبات يضيق، وهذا الضيق هو السبب الرئيسي في ضيق التنفس والصفير الذين يشتكي منهم مرضى الربو.


      5.الحويصلات الهوائية (Alveoli):

      يوجد في الرئتين ما يقارب من 300 مليون حويصلة هوائية ومحاط بهذه الحويصلات شبكة دقيقة جدا من الشعيرات الدموية وهذا التداخل والتناسق ما بين الهواء القادم من الجو الخارجي المحمل بالأكسجين والدم القادم من القلب المحمل بثاني أكسيد الكربون يسمح بعملية انتقال الأكسجين من الحويصلات الهوائية إلى الشعيرات الدموية، وبالتالي نقله إلى كافة أنحاء الجسم وفي نفس الوقت التخلص من ثاني أكسيد الكربون.


      والآن بعد أن شرحنا مكونات الجهاز التنفسي الظاهرية، قد يعتقد بعض الناس أن هذه الأشياء فقط التي يحتاجها الإنسان لإجراء عملية التنفس، ولكن في الواقع عملية التنفس التي تتم بشكل تلقائي يتحكم فيها المخ عموما و مركز التحكم في التنفس الموجود في المخ خصوصا بحيث يصدر أوامر عصبية للعضلات التي تحيط بالتجويف الصدري وأهم هذه العضلات هي الحجاب الحاجز بحيث أن انقباض هذه العضلات يؤدي إلى زيادة حجم التجويف الصدري وبالتالي إلى تمدد الرئتين وارتخاء العضلات يؤدي إلى صغر حجم التجويف الصدري وبالتالي انقباض الرئتين وهذا يسمح بعمليتي الشهيق والزفير أن يتمان بصورة دورية.

      أرقام عن الجهاز التنفسي

      هل تعلم؟؟؟؟؟

      1.أن كمية الهواء الداخل إلى الرئتين خلال عملية الشهيق تبلغ ½ لتر.
      2.أن عدد مرات التنفس في حالة السكون تبلغ 12 – 16 مرة في الدقيقة عند الإنسان البالغ.
      3.أن كمية الهواء الداخل إلى الرئتين والخارج منها يبلغ تقريبا 6 لتر في الدقيقة، وهذه الكمية يمكن أن تزيد إلى 10 أضعاف عند المجهود العضلي الكبير.
      4.أن عدد الحويصلات الهوائية في الرئتين يبلغ 300 مليون تقريبا.
      5.أن كمية الهواء في الرئتين عند الإنسان البالغ هي 6 لتر للذكرتقريبا ، و 5 لتر للمرأة وهي تختلف باختلاف طول الإنسان حيث أن حجم الرئة يزيد بزيادة طول الأنسان.
      6.أنه يمكن للإنسان أن يعيش برئة واحدة إذا كانت هذه الرئة تؤدي وظيفتها بصورة صحيحة

      وشكرا
    • تنقسم الجغرافيا البشرية إلى فروع متعددة مثل: جغرافية السلالات، والجغرافيا الاجتماعية وجغرافية المواصلات والمدن، والجغرافيا الاقتصادية، وغيرها.
      وفيما يلي دراسة لبعض فروع الجغرافيا البشرية.
      ( أ ) الجغرافيا الاجتماعية
      قال تعالى:
      {وَمِنْ ءَايَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزواجاً لِّتَسْكُنُواْ إِلَيْهَا وَجَعَل بَينَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ. وَمِنْ ءَايَاتِهِ خَلْقُ السَّمَلوَاتِ وَالأَرْضِ واخْتِلاَفُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّلْعَلِمِينَ} [سورة الروم الآيات 21- 22].
      تعريف الجغرافيا الاجتماعية:
      الجغرافيا الاجتماعية فرع من فروع الجغرافيا البشرية يدرس توزيع المجتمعات الإِنسانية وبيئاتها، ومدى تأثر هذه المجتمعات بالظروف الطبيعية، وعلاقة توزيع الظاهرات الإِجتماعية كالسكان والمدن والقرى بالظروف الجغرافية العامة.

      تطور الجغرافيا الاجتماعية:
      ظهر في كتابات الجغرافيين الإِغريق بعض الاهتمامات بأحوال البلاد الإِجتماعية التي وصفوها وكتبوا عنها، ومن أمثلة ذلك ما جاء في كتاب "الجو
      والماء والأقاليم" الذي وضعه هيبوقراط (420 ق. م) حيث أشار إلى الاختلافات بين سكان الأقليم الجبلية الذين يتميزون بالشجاعة وبين سكان السهول الجافة الذين يتصفون بالنحافة وفيهم طبيعة السيادة والإِمارة.
      وقد أوضح أرسطو في كتابه "السياسة" أن هناك نوعاً من الارتباط بين المناخ وبين طبائع الشعوب.
      وواضح من هذين المثالين محاولة الربط بين الإِنسان وبيئته.
      وتعد مقدمة ابن خلدون في القرن الرابع عشر الميلادي أول دراسة على أسس علمية منظمة في الجغرافيا الاجتماعية حيث تكلم فيها عن العمران البشري، وأن الربع الشمالي من الأرض أكثر عمراناً من الربع الجنوبي. وقد أشار كذلك إلى أثر المناخ في طبائع الشعوب وألوان بشرتهم.
      وفي القرن الثامن عشر الميلادي ظهرت كتابات مونتسكيو وهي بحق أعظم ما كُتِبَ بعد مقدمة ابن خلدون، وقد جمع مونتسكيو آراءه في كتابه "روح القوانين" الذي اعتبر فيه أن الإِنسان كائن فرد تقابله قوتان كبيرتان هما الأرض أو التربة، والمناخ، ويرى أن التربة الفقيرة تؤدي إلى قيام حكومة شعبية والتربة الخصبة تؤدي إلى قيام حكومة ارستقراطية، ولم يوضح مونتسكيو كيف يتم ذلك، وفي القرن التاسع عشر الميلادي كانت كتابات رتر Ritter الذي أوضح تأثير الإِنسان في البيئة وبَيَّن أنه لا يقل عن تأثيرها فيه، وأوضح في كتابه "الجغرافيا المقارنة" عند دراسته لقارة أوربا أثر البيئة البحرية في سكانها وأثر السواحل المتعرجة في تاريخها.
      ومن رواد الجغرافيا الحديثة كذلك "همبولت" الذي اعترف في كتابه "العالم" بأن البيئة تؤثر في الإِنسان، ومن الأمثلة التي استعان بها وتدل على مقدرته العلمية في الاستنتاج ما أشار إليه بالقول: "حقاً أن سماء بلاد العرب الصافية قد استرعت نظر أبنائها وجذبتهم إلى دراسة نجومها وكواكبها وأجرامها".
      ولعل "راتزل" من أول الذين وضعوا أساس الجغرافيا البشرية حين نشر مجلدين يحملان هذا العنوان سنة 1891،1882م.


      ميادين الجغرافيا الاجتماعية :
      تهتم الجغرافيا الاجتماعية بدراسة أربعة موضوعات رئيسة هي:
      أولاً: توزيع السكان على سطح الأرض، وكثافتهم وارتباط ذلك بظروف البيئة الجغرافية وبيان أثر الجذور التاريخية والظروف الاجتماعية.
      ثانياً: أساليب الحياة، ويقصد بذلك ما يقوم به السكان من حيث الاستفادة بموارد بيئتهم الطبيعية ويختلف بالطبع أسلوب الحياة في المناطق الباردة عن المناطق الحارة وهناك تداخل بين هذا الموضوع وبين الجغرافيا الاقتصادية.
      ثالثاً: تطور المجتمعات البشرية من حرفة الجمع إلى الصيد فالرعي ثم الزراعة والصناعة.
      رابعاً: دراسة مظاهر العمران البشري وتجمعه في القرى والمدن ومناقشة الظروف الجغرافية التي ساعدت على نشأة تلك القرى أو المدن.
      وتستفيد الجغرافيا الاجتماعية بطبيعة الحال من علمٍ الاجتماع وفروعه المختلفة، كما تستفيد كذلك من علم الاحصاء وخصوصا فيما يتعلق بدراسة السكان وتوزيعهم وكثافتهم.
      (ب) جغرافية الأسماء
      قال الله تبارك وتعالى:
      {وَعَلَّمَ ءَادَمَ الأسْمآءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَئِكَةِ فَقَالَ أَنبئُونِى بأَسْمآءِ هؤُلآءِ إن كُنُتْم صَادِقِينَ. قَالُواْ سُبْحَانَك لاَ عِلْمَ لَنآ إِلاَّ مَا عَلًّمْتَنآ إِنَّكَ أَنتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ. قَالَ يَا ءَادَمُ أَنبِئْهُم بأَسْمَآئِهِمْ فَلَمَّآ أَنبَأَهُم بأَسْمَآ ئهِمْ قَالَ أَلمْ أَقُل لَّكُمْ إنِّىَ أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنتُمْ تَكتُمُون} [سورة البقرة الآيات 31-33].

      "جغرافية الأسماء" أو "علم الأسماء الجغرافية" Toponymy هو فرع من فروع الجغرافيا.
      ويهتم هذا العلم بالأسماء الجغرافية من حيث:
      أولاً: دراسة الأسماء وأصل اشتقاقها.
      ثانياً: تحقيق الأسماء من حيث النطق ومن حيث المواقع التي تطلق عليها.
      ثالثاً: دراسة تطور الأسماء الجغرافية إذ أن كثيراً من المدن والأقطار لم تكن تحمل أسماءها الحالية بل أنها كانت تحمل أسماء أخرى.

      أما بالنسبة لأصل اشتقاق الأسماء الجغرافية فنذكر على سبيل المثال:
      1- كلمة "ارتوازية" اشتقت من كلمة فرنسية هي ارتوا Artois وهي من أقدم المقاطعات الفرنسية التي حفرت بها الآبار.[3]

      2- كلمة "البراري" كلمة فرنسية بمعنى الأعشاب.
      3- كلمة "البامبا" كلمة أطلقها الهنود الحمر على الحشائش.
      4- اسم نهر "غواديانة" في جنوب غرب إسبانيا محرفة عن تسمية العرب له "الوادي اليانع".
      5- كلمة "صحاري" و"وادي" كلمتان عربيتان تردان في اللغات الأجنبية للدلالة على نفس المعنى.
      6- اسم مدينة "فالادوليد" في إسبانيا أصله عربي من "بلد الوليد".
      7- يقال أن "دمشق" سميت كذلك لأنهم دمشقوا في بنائها أي أسرعوا.
      أما بالنسبة لتحقيق الأسماء من حيث النطق ومن حيث الموقع والمكان فنجد أن العرب قد ألفوا الكثير من المعاجم في هذا الموضوع. فمثلاً يذكر ياقوت الحموي أنه لما كان في "مرو" عرضت قضية تتعلق باسم مكان هل هو "حُباشة" بضم الحاء أم "حبَاشة" بالفتح، فأرتأى ياقوت إنه بالضم وخالفه الآخرون، فأراد أن يثبت صحة ما ذهب إليه بالنقل عن العلماء فعمل في خزائن الكتب هناك طويلاً فلم يجد بغيته "وإن كان قد تثبت من الأمر بعد ذلك بمدة طويلة" فكانت هذه الحادثة دافعاً له على وضع المعجم.
      ومن الكتب التي تتبعت أسماء البلاد وتحديد أماكنها كتاب "مراصد الأطلاع في أسماء الأمكنة والبقاع" لابن عبد الخالق وإن كان قد نقل كثيراً عن معجم البلدان لياقوت الحموي.
      ويذكر أبو الفدا: (في كتابه "تقويم البلدان" أن نهر حماه يسمى "الأرنط" و "النهر المقلوب" لجريه من الجنوب إلى الشمال، ويسمى "العاصي" لأن غالب الأنهار تسقي الأراضي بغير دواليب ولا نواعير بل بأنفسها تسقي البلاد ونهر حماه لا يسقي إلا بنواعير تنزع منه الماء). ويقصد أبو الفدا بذلك أن النهر يعصي على أن يسقي الأرض من تلقاء نفسه.
      ويقول "القلقشندي" في كتابه "صبح الأعشى": مدينة مراكش بفتح الميم وتشديد الراء المهملة وفتحها وألف ساكنة ثم كاف ثم شين معجمة.

      وتهتم جغرافية الأسماء كذلك بتتبع أسماء الأقطار والمدن والظاهرات الجغرافية وتطورها مثال ذلك:
      1- (البحر المتوسط) كان يطلق عليه بحر الروم، وبحر الشام والبحر الأبيض المتوسط، وأصبح الإِتجاه الحالي في التسمية البحر المتوسط، وتأثر هذا الاتجاه بعاملين الأول أن هناك بحراً أبيضَ آخر في شمال غرب الاتحاد السوفيتي، والثاني الترجمة الحرفية لتعبير Mediterranean أي وسط الأرض.
      وقد تمت بعض المحاولات لإِختصار تسمية البحر المتوسط بحيث تصبح "البحر سط" فنقول مناخ "بحر سطي" أي بحر متوسط ولكن هذا التعبير لم ينل حظاً كبيراً من التداول.
      2- مثال آخر لتطور الأسماء "جبل طارق" الذي يُطلق عليه قبل الفتح الإِسلامي "أعمدة هرقل" ثم أصبح معروفاً باسم "جبل الفتح " ثم أطلق عليه "جبل طارق".
      3- كانت الجزيرة التي تقع جنوب شرق الهند تعرف باسم "سرنديب" أصبحت التسمية "سيلان" وتغيرت التسمية مرة أخرى فصارت تعرف باسم "سيرالانكا".



      (جـ) الجغرافيا الاقتصادية
      قال الله تبارك وتعالى:
      {أَلمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَآءً فَسَلَكَهُ يَنَابِيعَ في الأَرْضِ ثُمَّ يُخْرِجُ بهِ زَرْعاً مُّخْتَلِفاً أَلْوَانُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فًترَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَجعَلُهُ حُطَاماً إِنَّ ذَلِكَ لَذِكْرَى لأُوْلِى الأَلْبَابِ} [سورة الزمر آية 21].

      الجغرافيا الاقتصادية هي فرع من فروع الجغرافيا البشرية تتناول بالدراسة اختلافات الموارد الطبيعية على سطح الأرض، وأوجه نشاط الإِنسان الإِنتاجية والتبادلية والإِستهلاكية مع تحليل هذه الاختلافات وإبراز أثر الظروف الطبيعية في ذلك.
      تطور الجغرافيا الاقتصادية:
      عنيت الشعوب القديمة بذكر محصولاتها الزراعية وموارد ثرواتها الاقتصادية ومن بين هذه الشعوب المصريون القدماء والإِغريق، ومن يتابع نقوش المصرين القدماء يستطيع أن يلم بأوجه نشاطهم الاقتصادي وأهم حاصلاتهم الزراعية.
      وقد أفاض الجغرافيون المسلمون في وصف الطرق والمسالك والحاصلات المتنوعة التي تنتجها الأقاليم المختلفة. ولقد تناول (ابن خرداذبة) في كتابه "المسالك والممالك" أهم طرق التجارة في العالم الإِسلامي كما تناول (الهمداني)[4] في كتابه "صفة جزيرة العرب" أهم منتوجات الجزيرة العربية الزراعية والحيوانية والمعدنية وأهم الطرق. كما تناول (المقدسي) في كتابه "أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم" وصف الأقاليم الإِسلامية وجاء في هذا الوصف ذكر (مكاييلهم وأوزانهم ونقودهم وصروفهم وصفة طعامهم وشرابهم وثمارهم ومياههم).
      ولقد ساهمت الكشوف الجغرافية في اتساع مجال الجغرافيا الاقتصادية، إذ أن الرحالة والمكتشفين استطاعوا أن يصلوا إلى بيئات مختلفة متنوعة الإِنتاج، فمثلاً بعد اكتشاف أمريكا الجنوبية عُرفت محاصيل مثل البطاطس والمطاط والذرة والكسافا لأول مرة فُنقِلَت إلى منَاطق أخرى من العالم حيث جادت زراعتها.
      وساعدت الكشوف الجغرافية كذلك على التبادل التجاري بين الأقطار المختلفة التي يتنوع انتاجها بحسب ظروفها الطبيعية.
      ولقد ظلت الجغرافيا الاقتصادية حتى عام 1882م تعرف باسم (الجغرافيا التجارية). ومنذ ذلك التاريخ صارت تعرف باسم (الجغرافيا الاقتصادية) وأصبحت الجغرافيا التجارية لا تعدو سوى جانباً من جوانب الجغرافيا الاقتصادية.
      ميادين الجغرافيا الاقتصادية:
      اتسعت ميادين الجغرافيا الاقتصادية حديثاً وتعددت فروعها الثانوية على أنها تهتم بدراسة إنتاج الإِنسان من حرفه الرئيسي الست وهي (الزراعة- الرعي- قطع الأشجار- الصيد- التعدين- الصناعة) وتهتم كذلك بالتبادل التجاري الذي يؤدي إلى زيادة قيمة السلع عن طريق تغيير أماكنها.
      وتهتم دراسة الجغرافيا الاقتصادية بالاستهلاك وهو استعمال السلع لسد حاجات الإِنسان.
      ولقد ظهرت فروع عديدة متنوعة للجغرافيا الاقتصادية مثل "الجغرافيا الزراعية"، و"جغرافية الإِنتاج الحيواني" و"الجغرافيا الصناعية"، و"النقل"، و"جغرافية الأسواق" و"الجغرافيا السياحية".
      وتختلف دراسة الجغرافيا الاقتصادية عن علم الاقتصاد، في أنها تدرس توزيع الغلة توزيعاً جغرافياً، وتحدد مناطق الإِنتاج، وتبين أثر الظروف الطبيعية من تربة وسطح ومناخ في الإِنتاج ثم تقارن بين مناطق الإِنتاج المختلفة وتوضح لماذا يتفوق إقليم على آخر في الإِنتاج أو لماذا يقل الإِنتاج في منطقة معينة، وتدرس مراكز الاستهلاك وطرق النقل وتقارن بين وسائل النقل المختلفة وتعلل اختيار وسيلة دون أخرى.
      أما علم الاقتصاد فإنه يهتم بإنتاج الغلة وتجارتها واستهلاكها وأسواق الاستهلاك والأسعار ويعتمد في دراسته على الأرقام اعتماداً كبيراً.
      والجغرافيا الاقتصادية بفروعها المختلفة ومناهج البحث التي تتبعها في دراسة الإِنتاج والثروات الطبيعية، وتهدف إلى تحسين الإِنتاج وزيادته وخفض تكاليفه لتحقيق الرخاء للإِنسان.
      (د) جغرافية المواصلات والمدن
      قال الله تبارك وتعالى:
      {وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا قُرىً ظَاهِرَةً وَقَدَّرْنَا فِيهَا السَّيْرَ سِيرُواْ فِيهَا لَيَالِىَ وَأَيَّاماً ءَامِنِينَ. فَقَالُواْ رَبَّنَا بَاعِدْ بَين أَسْفَارِنَا وَظَلَمُوَاْ أَنفُسَهُمْ فَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ وَمَزَّقْنَاهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّ فِي ذلِكَ لآيَاتٍ لكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ} [سورة سبأ الآيتان 19،18].
      أولاً: جغرافية النقل والمواصلات:
      يلعب النقل والمواصلات دوراً بالغ الأهمية من الناحية الاجتماعية ذلك أن المواصلات قد يسَّرت الاتصالات بين الشعوب وقربت المسافات بحيث أصبح العالم يبدو صغيراً.
      تطور الاهتمام بدراسة النقل والمواصلات:
      اهتمام الإِنسان بالنقل والطرق والمواصلات اهتمام قديم قِدَم الإِنسان نفسه. ولقد لعبت الطرق دوراً كبيراً في ربط أجزاء الإِمبراطوريات القديمة.
      ومن المعروف أن العرب قد اهتموا كثيراً بالمواصلات والطرق منذ زمن بعيد، فالقرآن الكريم يذكر رحلة الشتاء والصيف، شتاء إلى اليمن وصيفاً إلى الشام.
      وسائل النقل :
      تتنوع وسائل النقل تنوعاً كبيراً من جهة إلى أخرى بسبب تنوع السلع وتنوع المستوى الحضاري. ففي بعض جهات العالم لازالت عملية النقل تتم على أكتاف الإنسان أو بمساعدة الحيوان مثل "الحمير والبغال والخيل والثيران والإِبل والفيلة"، وفي المناطق شبه القطبية تستخدم "الرّنة". وتستخدم السفن والسيارات والقطارات والطائرات في وقتنا الحاضر بكثرة في عمليات النقل المختلفة.
      وبالنسبة للنقل المائي فإنه ينقسم إلى نقل نهري وبحري. ويقوم النقل الجوي بنقل البريد والبضائع خفيفة الوزن.
      وجغرافية النقل والمواصلات تعد جزءاً من دراسة الجغرافيا الاقتصادية وينقسم النقل إلى نوعين رئيسين هما :
      ( أ ) نقل اقتصادي من أجل تحقيق منفعة اقتصادية مثل نقل السلع التجارية من منطقة إلى أخرى فتزيد قيمتها عن طريق تغيير مكانها، وبديهي أنه لولا النقل لما نشطت ولما قامت التجارة بين أقطار العالم.
      (ب) النقل غير الاقتصادي ويشمل حركة الأشخاص أو المواد لأغراض غير اقتصادية مثل الإِنتقال من أجل النزهة أو السياحة ومثل النقل العسكري. ويكون لهذا النوع من النقل في بعض الأحيان فوائد اقتصادية ولكنها غالباً ما تكون غير مباشرة.


      ثانياً: جغرافية المدن "الجغرافيا الحضرية":
      جغرافية المدن أو الجغرافيا الحضرية هي فرع من الجغرافيا البشرية تدرس المدن من حيث النشأة والموقع والنمو والوظائف والإِقليم الذي تخدمه.
      وتفيد جغرافية المدن في التخطيط الإِقليمي. والمدينة ظاهرة جغرافية قديمة قدم المدنية نفسها ومن هنا كانت العلاقة بين لفظ المدينة والمدنية.

      تطور دراسة جغرافية المدن :
      تهتم جغرافية المدن حالياً بدراسة موقع المدينة، ووظيفة المدينة وتركيبها، ولقد اتسعت دراسة جغرافية المدن بعد الحرب العالمية الثانية لتساهم في تخطيط المدن التي دمرتها الحرب فظهر فرع جديد هو تخطيط المدن، وليس معنى ذلك أن تخطيط المدن وليد فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية، إذ أن الشواهد التاريخية تدل على أن تخطيط المدن كان موجوداً عند المصريين القدماء، وعند الإِغريق والرومان. ولعل أقدم مدينة يظهر فيها التخطيط هي المدينة التي أنشأها أخناتون سنة 1370 ق. م. وعرفت باسم "أخناتون".
      ولقد اهتم الجغرافيون المسلمون بدراسة المدن اهتماماً كبيراً. وقد تعرض (ابن حوقل) في كتابه "صورة الأرض" لوصف الكثير من المدن مثل قرطبة وفاس، وقد ذكر (القلقشندي) في كتاب "صبح الأعشى" معظم المدن الموجودة على بحر الروم (البحر المتوسط).
      ولقد تضمنت (مقدمة ابن خلدون) حديثاً عن البدو والبداوة وعلاقة ذلك بالحضر. وقد تناول ابن خلدون موضع نشأة المدن والأمصار وما يجب مراعاته، في أوضاع المدن وما يحدث إذا غفل عن تلك المراعاة أي ضرورة حمايتها بالأسوار وتوخي المواقع الطبيعية لذلك. وضرورة ابتعادها عن المستنقعات والمياه الراكدة. ومن دراسة ما كتبه ابن خلدون في الفصل الرابع من مقدمته نجد أنه تلاقى في كثير من آرائه مع الآراء الحديثة في جغرافية المدن.
      العلاقة بين المدينة والطرق:
      هناك ارتباط وثيق بين المدينة وبين الطرق فبعض المدن أوجدت طرقاً وبعض الطرق أدت إلى إنشاء المدن.
      ولقد أوجدت مدينة الرياض عاصمة المملكة العربية السعودية العديد من الطرق التي تربطها بسائر أجزاء المملكة، ومن أمثلة ذلك خط السكك الحديدية إلى الظهران والدمام، وكذلك الطرق المعبدة الحديثة التي تتفرع منها في كل اتجاه.
    • خليل مطران (رائد الشعر القصصي)

      ولد خليل مطران في مدينة بعلبك بلبنان عام 1871م على الأرجح ومن خلال الروايات التي كتبت عنه.
      قضى بعض عنفوان شبابه في لبنان، ثم هاجر الى باريس حيث نهل من منابع الآداب الغربيه وعلومها من خلال ما أتت به قريحته الشعرية.
      كانت محطته الأولى باريس ، حيث كانت انطلاقته الأدبية شهدت اشتراكه في بعض الحركات الوطنية التي أسهمت في تحرير الوطن العربي آنذاك من براثن الاستعمار الغربي أولج عالمه في عوالم الصحافة عندما عاد الى مصر .
      عين مراسلا لجريدة الأهرام في القاهرة عندما كانت تصدر من الأسكندرية طلب منه ان يتولى رئاسة تحريرها الا أنه رفض بحجة تغيير المسار الى الحياة العاملة، كان له نشاط ملحوظ آنذاك في ميادين الاقتصاد ، وعندما تساوت كفتا الميزان في الربح والخسارة عصفت به الظروف في دوامات الحيرة..حتى أجبرته للعمل سكرتيرا لدى الجمعية الزراعية. بعدها تولى إدارة الفرقة القومية للتمثيل العربي عام 1935 وظل فيها طيلة سبعة أعوام..الى ان داهمته العلة واعاقته من النهوض بأي عمل ورغبت اليه الموت فودع خليل مطران شقاء الدنيا في مساء الخميس 30/ 6 / 1949م.
      ماهي العوامل المؤثرة في شعرة..؟
      عاش خليل مطران سبعا وسبعين عاما..كابد المحن واحداثا جساما في الشرق العربي. تعاقبت على هذا الشرق ثورات سياسيين وحروب مختلفة الى أن عايش الحرب العالمية الثانية. آثار الانعكاس الدامي من هذه الأحداث تعتريها أشعاره فقد قال في احدى قصائده.
      ولنبك من ماتوا وما منه جبان منهزم
      ولنرث للضعفاء يفنيهم قوي مغتشم
      خطب رآه المنصفون كان أحياهم وضم
      راوا الذئاب فحاولوا ان يدرأوها بالحكم
      من للضعيف اذا شكا وعلى القوي اذا أثم
      لقد كان مطران أبي النفس ، حر الطباع ، نزاعا الى التحرير من القيود لاسيما قيود الظلم ، فدائما ما يدافع عن حرية الرأي ، فقد كتب قصيدة ضد وزير وزارة عندما هدده الأخير في النفي ، فكان مطلع القصيدة.
      أنا لا أخاف ولا أرجي فرسي مؤهبة وسرجي
      فإذا بنا بي متن بر فالمطية بطن لج
      لا قول غير الحق لي قول وهذا النهج نهجي
      الوعد والا يعاد ماكانا لدى طريق فلج
      وفي هذا السياق نرى ونلمس بأن من العوامل التي أثرت في نفسه وحياته عامل خطير يتمثل في قلة احتفال الناس في عصره بالأدب والأدباء وندرة القراءة في اللغة العربية وهو عامل مازال يشكو منه الأدب العربي حتى وقتنا هذا .
      كان خليل مطران مرهف الحس رقيق الشعور رقة مفرطة إحساسا الى درجة بالغة ، وقد انعكست هذه الرقة في شعره . عندما كتب في مقدمة الجزء الأول من ديوانه.
      حاولت ان اصنع شعري وأعرف انني لست من العلم واقتدار الفكر في المكان الذي يبلغني منه أوفى المرام. ولكني تيقنت ان ما أردته به من الاغراض قد نفذ الى قلوب قارئيه . وأحدث فيها ما أبتغيه من الأثر.
      فيا هؤلاء..نعم هذا هو شعر عصري ، وفخرة انه عصري ، وله على سابق الشعر ، فرية زمانه على سالف الدهر.
      كما ان للطبيعة النصيب الوافر وله عمق خالد الى حد التفاني فيها والامتزاج معها يخاطبها وتخاطبه بقوله .
      متضائقا أنا ومنفرجا متخللا خضر البساتين
      متهللا لتحية الشجر متضاحكا ضحك المجانين
      لملاعب النسمات والزهر
      وفي الهواء حنين تذوب فيه الصخور
      وللنسيم حديث على المروج يدور
      وللأزاهر فكر يرويه عنها العبير
      وقد كان للشاعر الاهتمام الأكثر في كتابة الشعر القصصي دون غيره من الشعراء. فشاعريته فتحت لنا آفاقا جديدة في عالم الشعر العربي. حيث كان الشعر لديه متنفسا للتعبير عن أحاسيسه الانسانية وعاطفته الجياشة لبنى الانسان.
      وبحزن عميق يروق لك ان تسمعه عندما تسابقنا الأفنية لسماعه وهو يتلو الآبيات التالية:
      فجعت فؤادي يازمان بخطبها فليتك مرزوء الفؤاد بأفجع
      عروس لعام لم يتم صرعتها ولو شئت لم تضرب بأمضى وأقطع
      فبات على مهد الضنى مالجفنها هجوع ولا جفني يقر بمهجع
      وكانت ربيعا لي فأقوت مرابعي من الزهر والشدو الرخيم المرجع
      هذه الأبيات السابقة يروي فيها قصة العوادة المتسوله التي ماتت بعد عام من زواجها ، وكانت القصيدة تحمل عنوان (وفاء) وان مثل هذا الشعر يتم عن شعور صادق بالمشاركة في السراء والحزن ، وقد كتب في ذلك المجال كثيرا لقصة (الجنين الشهيد) و(المنتحر) و(الطفل الظاهر).
      على النقيض من ذلك هناك جانب آخر يتمتع به الشاعر هو نواح مشرقه مستملحة أجاد فيها زوح المرح من حيث الدعا به الحقيقة الراقية كقصة (إن من البيان لسحرا) وهي تحكي قصة شاعر عذب الحديث ، ساحر البيان .نهيت الفتيات عن الاستماع اليه ، لكنهن لم يعبأن بالنهي وانسللن اليه خفية فأخذ يقص عليهن من القصص ماسحر البابهن وأوقعهن في اسر بيانه حين قال:
      سر العذارى مبنى عن شاعر للحي زائر
      فقصدته وسخرن من زجر الأميمات الزواجر
      فوجدته رجلا مليحا خلقه حسن الظواهر
      لاشي يفتضح النهي فيه كما أدعت النواهر
      فسألته إنشاد شتى من بدائعه الحواضر
      فأطاعهن ومن ترى يعصي الجميلات الأوامر
      فعقدن فيما حوله عقدا فريدا من جواهر
      وتناول الرجل الرباب وفكره في الغيب ناظر
      وآثار في الأوتار تغريدا كأن العود طائر
      ولما كانت ثقته بنفسه تسمو ، فقد كان حياديا ويصبح بحديثه الصادق مهما تباينت بجانبه الظروف وتلاحقه المآسى وإلا انه يقول انني اصرخ غير هائب أن شعر هذه الطريقة ولا أعنى منظوماتي الضعيفة ـ هو شعر المستقبل لأنه شعر الحياة والحقيقة والخيال جميعا ، وللدلالة على صعوبة الوصول الى الاتقان في مثل هذا النوع من النظم نشرت في هذا الديوان القصيدة الأولى من شعر الصبي وقصائد أخرى.
      وليس من شعري يعتني بالأكثر هنا بين الطرس والمداد الا مدامع ذرفتها وزفرات صعدتها وقطعا من الحياة بددتها ، ثم نظمتها فتوهمت اني استعدتها.
      وفي اللحظات الأخيرة..قبيل الاحتضار والوهن يشدق بناحيته. شحبت ذاكرته..فتقدم به الأمس..حتى سار بخطى متئدة.قل في شعره جموح العاطفه، وغلب عليه التعقل والهدوء المفتعل حتى قال في آخر عهده.
      فاعذروني ضعف شاعر يتغنى بتراجيع من بقايا الليالي
      ولذلك وتأكيد لما سبق قوله بان استعارته المفاجئة وتشبيهاته الغريبة وتحليقه في سماوات الخيال قد قلت تشاءفت ابتسامته كفيلسوف ترقب أحداث الحياة ويسجلها بأكثر من قالب عندما كان يصاحبها من خيال خصب فسيح المدى كقوله في رثاء الشيخ عبدالعزيز البشري .
      شخص قليل ظله طاوى الحشى يمشي فلا تتوازن الكتفان
      حفت ملامحه تمسحه أذمه هي من منى ان شئت او من عدنان
      ونتذكر بيتا من أبياته عندما كتب رثاه للبازجي قال فيها:
      رب القريض وسيد العلم وفيت قسطك للعلى فنم
    • علم الجغرافيا
      تعريف الجغرافيا:
      (جَغْرافيا) كلمة يونانية قديمة والأصل فيها (جغراويا) بالواو، وتلفظ بالعين المهملة (جعرافيا). ومعناها: صورة الأرض.
      ونستطيع أن نلتمس لها تعريفاً عند بعض العلماء حيث يقول: جغرافيا: علم بأحوال الأرض من حيث تقسيمها إلى الأقاليم والجبال والأنهار وما يختلف حال السكان باختلافه.
      وقد خاض الناس في علم الجغرافيا قديماً قبل الإسلام، فهذا صديق حسن يقول: وأول من صنف فيه بطليموس القلوزي. وإنه صنف كتابه المعروف (بجغرافيا) بعدما صنف (المجسطي). وذكر ـ أي بطليموس ـ أن عدد المدن أربعة آلاف وخمسمائة وثلاثون مدينة في عصره، وسماها مدينة مدينة. وأن عدد جبال الأرض مئتا جبل ونيف. وذكر مقدارها وما فيها من المعادن والجواهر، وذكر البحار أيضاً وما فيها من الجزائر والحيوانات وخواصها، وذكر أقطار الأرض وما فيها من الخلائق على صورهم وأخلاقهم وما يأكلون وما يشربون، وما في كل سِقع مما ليس في الآخر غيره من الأرزاق والتحف والأمتعة. فصار أصلاً يَرجْع إليه من صنف بعده. لكن اندرس كثير مما ذكره وتغيرت أسماؤه وخبره، فأنسد باب الانتفاع منه. وقد عربوه في عهد المأمون ولم يوجد الآن تعريبه.

      المسلمون وعلم الجغرافيا:
      ولقد خاض المسلمون في علم الجغرافيا، خوض باحث جاد، وعالم متمكن مطلع خبير، يدفعهم إلى ذلك ما جاء في كتاب الله سبحانه وتعالى من دعوة ملحة وأمر مكررـ في أكثر من موطن ـ إلى النظر في أمر الأرض: جبالها ووديانها، وسهولها وبحارها، وشرقها وغربها، وأرزاقها ومعادنها، وأجوائها ورياحها.
      قال سبحانه:{ قل سيروا في الأرض ثم انظروا كيف كان عاقبة المكذبين }(الأنعام/11) وأكد ذلك بصورة أخرى فقال:{ أفلم يسيروا في الأرض فتكون لهم قلوب يعقلون بها أو آذان يسمعون بها فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور}(الحج/46). وقال سبحانه كذلك :{ ألم نجعل الأرض مهاداً والجبال أوتاداً }(النبأ/6ـ7) وقال سبحانه:{ والأرض بعد ذلك دحاها أخرج منها ماءها ومرعاها والجبال أرساها }(النازعات/30ـ33) وقال: { والله جعل لكم الأرض بساطاً لتسلكوا منها سبلاً فجاجاً }(نوح/19ـ20). وأشار جل وعلا إلى الماء واختزان الأرض في باطنها بقوله:{ وأنزلنا من السماء ماءً بقدر فأسكناه في الأرض }(المؤمنون/18) وذكر البحار مراراً وتكراراً في مثل قوله:{ مرج البحرين يلتقيان بينهما برزخ لا يبغيان }(الرحمن/19).
      وذكر بعض ما في البحر من خيرفي قوله { يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان }(الرحمن/22) وفي قوله { ومن كل تأكلون لحماً طرياً وتستخرجون حلية تلبسونها }(فاطر/12).

      المؤلفون قديماً في الجغرافيا:
      يقول ياقوت الحموي في مقدمة كتابه المرجع (معجم البلدان): ( على أنه قد صنف المتقدمون في أسماء الأماكن كتبا،ً وبهم اقتدينا وبهم اهتدينا، وهي صنفان: منها ما قصد بتصنيفه ذكر المدن المعمورة والبلدان المسكونة المشهورة، ومنها ما قصد به ذكر البوادي والقفار، واقتصر على منازل العرب الواردة في أخبارهم والأشعار.
      فأما من قصد ذكر العمران فجماعة وافرة. منهم القدماء والفلاسفة والحكماء: أفلاطون وفيثاغورس وبطليموس وغيرهم كثير من هذه الطبقة وسمَّوا كتبهم في ذلك جغرافيا. ومعناه: صورة الأرض.
      وطبقة أخرى إسلاميون سلكوا قريباً من طريقة أولئك، من ذكر البلاد والممالك، وعينوا مسافة الطرق والمسالك، وهم: ابن خرداذبه وأحمد بن واضح والجَيْهاني، وابن الفقيه. وأبو زيد البَلخي، وأبو إسحاق الأصطخري، وابن حوقل، وأبو عبد الله البَشّاري، والحسن بن محمد المهلبي وابن أبي عون البغدادي وأبو عبيد البكري، له كتاب سماه (المسالك والممالك).
      وإذا ما استعرضنا كتابين على سبيل المثال، من الكتب الكثيرة التي تكلمت عن الجغرافيا كعلم استخدمه المسلمون لأغراض شتى، سوى التدبر في ملكوت الله والنظر في بديع خلقه وإحكام صنعه، أجد بين يدي كتاب (معجم البلدان) لياقوت الحموي، الذي تناول في كتابه هذا أسماء البلدان والتعريف بها، إلا أنه في مقدمته تحدث باستفاضة عن الجغرافيا القديمة وما يتعلق بها. وإلى جوار هذا الكتاب ثمة كتاب آخر لا يقل أهمية عن معجم البلدان هو كتاب (مقدمة ابن خلدون) الذي أسهب في أوله في الحديث عن الأرض وأقاليمها وصور كثيرة مما يتعلق بها.

      كتاب معجم البلدان لياقوت الحموي:
      فأما ياقوت الحموي فيقول: وقد قدمت أمام الغرض من هذا الكتاب خمسة أبواب بها يتمّ فضله ويغزر وَبْله:
      الباب الأول: في ذكر صورة وحكاية ما قاله المتقدمون في هيئتها ( أي الأرض). وروينا عن المتأخرين في صورتها. وقد تناول في هذا الباب ما قيل أيضاً في حجم الأرض طولاً وعرضاً وغلظاً وعددا، وما قيل في البحار وسبب ملوحة مائها، وما قيل في الجبال وأحوالها.
      الباب الثاني: في وصف اختلافهم في الاصطلاح على معنى الإقليم وكيفيته واشتقاقه، وفيه يتحدث عن حدود كل إقليم من الأقاليم السبعة المعروفة قديماًـ ولم تكن بالطبع قد اكتشفت أمريكا التي هي العالم الجديد ـ ويتحدث عن سكانه، ويتحدث أيضاً عن دلائل القبلة في كل ناحية.
      الباب الثالث: في ذكر ألفاظ يكثرتكرار ذكرها فيه ـ أي في الكتاب ـ يحتاج إلى معرفتها.
      كالبريد والفرسخ والميل ـ وهي تتعلق بالمسافات .
      والكَوْرة والمخلاف والأستان والرستاق والجند والمصر ـ وهي ما يتعلق بالمناطق ومواضع الأرض وأقسامها.
      والسكة ـ أي الطريق ـ والطول والعرض والدرجة والدقيقة وهي تقسيمات اعتبارية لتحديد موقع المكان.
      والصلح والعَنْوة والخراج والفيء والغنيمة، وهي مصطلحات إسلامية شرعية لها علاقة بالأرض التي فتحها المسلمون ودخلت في دولتهم.
      الباب الرابع: في بيان حكم الأرضين والبلاد المفتتحة في الإسلام، وحكم قسمة الفيء والخراج فيما فتح صلحاً أو عَنْوة، وهذا بحث فقهي في الأصل، إلا أنه ألحق بالجغرافيا لعلاقته الوثيقة بها.
      الباب الخامس: في جمل من أخبار البلدان التي لا يختص ذكرها بموضع دون موضع.
      وفي هذا الباب يورد لطائف من الفوائد تتعلق بأسماء ملوك البلدان وطبقات الناس ومراتب الممالك.
      وقد ذكر لبعض الشعراء قوله:
      الـدار داران: إيـوان وغـُمـْدان والملك ملكان: ساسان وقحـطان
      والأرض فارس والأقليم بـابل والـ إسلام مكـة، والدنيـا خراسـان
      والجانبـان العلنـدان الـذا حسـنا منها: بخارا وبلخ الشـاه، تـوران
      والبيلقـان وطبرستـان، فَأُزرهمـا واللّكز شروانها، والجيل جَيْـلان
      قد رتب الناس جـم في مراتبهـم: فمرزبان، وبطريـق، وطرْخـان
      في الفرس كسرى، وفي الروم القياصر وال حبش النجـاشي، والأتـراك خـاقان

      مقدمة ابن خلدون:
      وأما ابن خلدون في مقدمته فقد خاض في علم الجغرافيا خوضاً موسعاً، خاصة فيما يتعلق بتقسيمات الأقاليم الدنيوية السبعة .
      يقول: اعلم أن الحكماء قسموا هذا المعمور كما تقدم ذكره على سبعة أقسام من الشمال إلى الجنوب، يسمون كل قسم منها إقليما.
      ثم يقول: والمتكلمون على هذه الجغرافيا قسموا كل واحد من هذه الأقاليم السبعة في طوله من المشرق إلى المغرب بعشرة أجزاء متساوية، ويذكرون ما اشتمل عليه كل جزء منها من البلدان والأمصار والجبال والأنهار والمسافات بينها في المسالك. ونحن ـ أي ابن خلدون ـ نوجز القول في ذلك، ونذكر مشاهير البلدان والأنهار والبحار في كل جزء منها، ونحاذي بذلك ما وقع في كتاب (نزهة المشتاق) الذي ألفه العلوي الإدريسي الحمودي لملك صقلية من الإفرنج وهو روجار بن روجار عندما كان نازلاً عليه بصقلية بعد خروج صقلية من إمارة مالقة. وكان تأليفه للكتاب في منتصف المائة السادسة.
      وقد ألحق ابن خلدون في مقدمته الحديث عن المناخ الطبيعي والأحوال الجوية بالجغرافيا. فبعد أن تكلم عن الأقاليم السبعة بتفصيل مدهش ـ خاصة إذا ما قورن بالعهد السحيق الذي كان فيه ـ عاد فتكلم ثانية في المقدمة الثالثة في المعتدل من الأقاليم والمنحرف، وتأثير الهواء في ألوان البشر وكثير من أحوالهم. ثم تكلم في المقدمة الرابعة في أثر الهواء في أخلاق البشر ثم تكلم في المقدمة الخامسة في اختلاف أحوال العمران في الخصب والجوع وما ينشأ عن ذلك من الآثار في أبدان البشر وأخلاقهم.
      وهكذا نرى كيف أن للجغرافيا في العلوم الإسلامية حظاً وافراً ونصيباً كبيراً.
      هذا مع ملاحظة أن علم الجغرافيا الحالي قد تطور كثيراً عنه فيما مضى وذلك نتيجة المبتكرات الحديثة والأبحاث العلمية التي لم تدرك البشرية من قبل مثل إمكانياتها ووسائلها.
      جمال محمود صالح حمدان" أحد أعلام الجغرافيا في القرن العشرين، ولد في قرية "ناي" بمحافظة القليوبية بمصر في 12 شعبان 1346هـ ،4 فبراير سنة 1928م، ونشأ في أسرة كريمة طيبة تنحدر من قبيلة "بني حمدان" العربية التي نزحت إلى مصر في أثناء الفتح الإسلامي.
      كان والده أزهريا مدرّسًا للغة العربية في مدرسة شبرا التي التحق بها ولده جمال، وحصل منها على الشهادة الابتدائية عام 1358هـ ـ 1939م، وقد اهتم الأب بتحفيظ أبنائه السبعة القرآن الكريم، وتجويده وتلاوته على يديه؛ مما كان له أثر بالغ على شخصية جمال حمدان، وعلى امتلاكه نواصي اللغة العربية؛ مما غلّب على كتاباته الأسلوب الأدبي المبدع.
      وبعد الابتدائية التحق جمال حمدان بالمدرسة "التوفيقية الثانوية"، وحصل على شهادة الثقافة عام 1362هـ ـ 1943م، ثم حصل على التوجيهية الثانوية عام 1363هـ ـ 1944م، وكان ترتيبه السادس على القطر المصري، ثم التحق بكلية الآداب قسم الجغرافيا، وكان طالبا متفوقا ومتميزا خلال مرحلة الدراسة في الجامعة، حيث كان منكبا على البحث والدراسة، متفرغا للعلم والتحصيل.
      وفي عام 1367هـ ـ 1948م تخرج في كليته، وتم تعيينه معيدا بها، ثم أوفدته الجامعة في بعثة إلى بريطانيا سنة 1368هـ ـ 1949م، حصل خلالها على الدكتوراه في فلسفة الجغرافيا من جامعة "ريدنج" عام 1372 هـ ـ 1953م، وكان موضوع رسالته: "سكان وسط الدلتا قديما وحديثا"، ولم تترجم رسالته تلك حتى وفاته.
      وبعد عودته من بعثته انضم إلى هيئة التدريس بقسم الجغرافيا في كلية الآداب جامعة القاهرة، ثم رُقّي أستاذا مساعدا، وأصدر في فترة تواجده بالجامعة كتبه الثلاثة الأولى وهي: "جغرافيا المدن"، و"المظاهر الجغرافية لمجموعة مدينة الخرطوم" (المدينة المثلثة)، و"دراسات عن العالم العربي" وقد حصل بهذه الكتب على جائزة الدولة التشجيعية سنة 1379هـ ـ 1959م، ولفتت إليه أنظار الحركة الثقافية عامة، وفي الوقت نفسه أكسبته غيرة بعض زملائه وأساتذته داخل الجامعة.
      وفي عام 1383هـ ـ 1963م تقدّم باستقالته من الجامعة؛ احتجاجا على تخطيه في الترقية إلى وظيفة أستاذ، وتفرغ للبحث والتأليف حتى وفاته، وكانت فترة التفرغ هذه هي البوتقة التي أفرزت التفاعلات العلمية والفكرية والنفسية لجمال حمدان.
      علاقة الجغرافيا بالحياة
      ويعد جمال حمدان ذا أسلوب متميز داخل حركة الثقافة العربية المعاصرة في الفكر الإستراتيجي، يقوم على منهج شامل معلوماتي وتجريبي وتاريخي من ناحية، وعلى مدى مكتشفات علوم: الجغرافيا والتاريخ والسكان والاقتصاد والسياسة والبيئة والتخطيط والاجتماع السكاني والثقافي بشكل خاص من ناحية أخرى.
      ولا يرى جمال حمدان في علم الجغرافيا ذلك العلم الوضعي الذي يقف على حدود الموقع والتضاريس، وإنما هو علم يمزج بين تلك العلوم المختلفة؛ فالجغرافيا هي "تلك التي إذا عرفتها عرفت كل شيء عن نمط الحياة في هذا المكان أو ذاك.. جغرافية الحياة التي إن بدأت من أعلى آفاق الفكر الجغرافي في التاريخ والسياسة فإنها لا تستنكف عن أن تنفذ أو تنزل إلى أدق دقائق حياة الناس العادية في الإقليم".
      وإذا كانت الجغرافيا -كما يقول في تقديمه لكتاب "شخصية مصر" في الاتجاه السائد بين المدارس المعاصرة- هي علم "التباين الأرضي"، أي التعرف على الاختلافات الرئيسية بين أجزاء الأرض على مختلف المستويات؛ فمن الطبيعي أن تكون قمة الجغرافيا هي التعرف على "شخصيات الأقاليم"، والشخصية الإقليمية شيء أكبر من مجرد المحصلة الرياضية لخصائص وتوزيعات الإقليم، إنها تتساءل أساسا عما يعطي منطقة تفرّدها وتميزها بين سائر المناطق، كما تريد أن تنفذ إلى روح المكان لتستشف عبقريته الذاتية التي تحدد شخصيته الكامنة.. ولئن بدا أن هذا يجعل للجغرافيا نهجا فلسفيا متنافرا يتأرجح بين علم وفن وفلسفة؛ فيمكن أن نضيف للتوضيح: علم بمادتها، وفن بمعالجتها، وفلسفة بنظراتها.. والواقع أن هذا المنهج المثلث يعني ببساطة أنه ينقلنا بالجغرافيا من مرحلة المعرفة إلى مرحلة التفكير، من جغرافية الحقائق المرصوصة إلى جغرافية الأفكار الرفيعة.
      وكانت رؤية جمال حمدان للعلاقة بين الإنسان والطبيعة في المكان والزمان متوازنة، فلا ينحاز إلى طرف على حساب الآخر، ويظهر ذلك واضحا في كتابه المشار إليه آنفا، والذي تبرز فيه نظرته الجغرافية المتوازنة للعلاقة بين الإنسان المصري والطبيعة بصفة عامة والنيل بصفة خاصة، وكيف أفضت هذه العلاقة إلى صياغة الحضارة المصرية على الوجهين: المادي والروحي.
      آثاره وإنجازاته
      لقد كان لعبقرية جمال حمدان ونظرته العميقة الثاقبة فضل السبق لكثير من التحليلات والآراء التي استُغربت وقت إفصاحه عنها، وأكدتها الأيام بعد ذلك؛ فقد أدرك بنظره الثاقب كيف أن تفكك الكتلة الشرقية واقع لا محالة، وكان ذلك عام 1388هـ ـ 1968م، فإذا الذي تنبأ به يتحقق بعد إحدى وعشرين سنة، عام 1409هـ ـ 1989م، حيث حدث الزلزال الذي هز أركان أوروبا الشرقية، وانتهى الأمر بانهيار أحجار الكتلة الشرقية، وتباعد دولها الأوروبية عن الاتحاد السوفيتي، ثم تفكك وانهيار الاتحاد السوفيتي نفسه عام 1411هـ ـ 1991م (إستراتيجية الاستعمار والتحرر).
      وفي شهر فبراير 1387هـ ـ 1967م أصدر جمال حمدان كتابه "اليهود أنثروبولوجيًا" والذي أثبت فيه أن اليهود المعاصرين الذين يدعون أنهم ينتمون إلى فلسطين ليسوا هم أحفاد اليهود الذين خرجوا من فلسطين قبل الميلاد، وإنما ينتمي هؤلاء إلى إمبراطورية "الخزر التترية" التي قامت بين "بحر قزوين" و"البحر الأسود"، واعتنقت اليهودية في القرن الثامن الميلادي.. وهذا ما أكده بعد ذلك "آرثر بونيسلر" مؤلف كتاب "القبيلة الثالثة عشرة" الذي صدر عام 1396هـ ـ 1976م.
      وقد ترك جمال حمدان 29 كتابا و79 بحثا ومقالة، يأتي في مقدمتها كتاب "شخصية مصر.. دراسة في عبقرية المكان"، وكان قد أصدر الصياغة الأولى له سنة 1387هـ 1967م في نحو 300 صفحة من القطع الصغير، ثم تفرغ لإنجاز صياغته النهائية لمدة عشر سنوات، حتى صدر مكتملا في أربعة مجلدات خلال السنوات بين 1401هـ ـ1981م: 1404هـ ـ 1984م.
      وعلى الرغم من إسهامات جمال حمدان الجغرافية، وتمكنه من أدواته؛ فإنه لم يهتم بالتنظير وتجسيد فكره وفلسفته التي يرتكز عليها.
      الجوائز والوفاة
      وقد حظي جمال حمدان بالتكريم داخل مصر وخارجها؛ حيث مُنح جائزة الدولة التقديرية في العلوم الاجتماعية سنة 1406هـ ـ 1986م، ومنحته الكويت جائزة التقدم العلمي سنة 1413هـ ـ 1992م، فضلا عن حصوله عام 1379هـ ـ 1959م على جائزة الدول التشجيعية في العلوم الاجتماعية، وكذلك حصل على وسام العلوم من الطبقة الأولى عن كتابه "شخصية مصر" عام 1411هـ ـ 1988م.
      عُرضت عليه كثير من المناصب التي يلهث وراءها كثير من الزعامات، وكان يقابل هذه العروض بالاعتذار، مُؤْثِرًا تفرغه في صومعة البحث العلمي، فعلى سبيل المثال تم ترشيحه عام 1403هـ ـ 1983م لتمثيل مصر في إحدى اللجان الهامة بالأمم المتحدة، ولكنه اعتذر عن ذلك، رغم المحاولات المتكررة لإثنائه عن الاعتذار. كما اعتذر بأدب ورقة عن عضوية مجمع اللغة العربية، وكذلك عن رئاسة جامعة الكويت… وغير ذلك الكثير.
      وفي الساعة الرابعة من بعد ظهر السبت في 17 إبريل من عام 1413هـ ـ 1993م، انتقل إلى جوار ربه، إثر فاجعة أودت بحياته نتيجة تسرب الغاز من أنبوب البوتاجاز في أثناء قيامه بإعداد كوب من الشاي لنفسه.
    • الآثار العمانية :
      __________
      ومن أبرز المعالم التاريخية في السلطنة على الأمجاد العظيمة القلاع والحصون التي شيدت منذ آلاف السنين والتي ترجع الى بداية الحياة المستقرة في البلاد عندما بدأ الانسان العماني الزراعة والرعي والصيد فأخذ يبني المساكن الدائمة ويحمي كل هذا مستخدماً الأسوار والأبراج والقلاع والحصون .

      1) الترميم في عمان :

      وبتوجيهات السلطان قابوس من اجل الحفاظ على التراث العماني وتيسير الانتفاع به تم ترميم عدد من القلاع والمباني التاريخية في سائر أرجاء السلطنة منها قلعة الجلالي وقلعة الميراني والصيرتان الشرقية والغربية وبيت السيدة مزنة وسور مسقط القديم والأبراج المطلة على مدينة مسقط إضافة الى البرج المربع في روي الذي يعود تاريخه الى عهد السيد فيصل بن تركي بن سعيد .

      أما في مطرح فقد رممت قلعتها المطلة على مينائها الشهيرة وقلعة الزاوية كما رمم حصن قريات وحصن بدبد وأبراج وادي بني رواحة وقلعة نزوى وحصن جبرين وقلعة الرستاق وحصن بركاء وحصن شناص وحصن الثرمد وسور اولاد هلال وحصن صحار وحصن الخندق وحصن نخل وحصن السنسيلة بولاية صور وحصن بلاد صور وحصن الرديدة بنيابة بركة الموز .

      ومن ضمن قائمة الترميم للمنطقتين الوسطى والشرقية قلعة الروضة في ولاية المضيبي في نيابة سمد الشان وبيت اليحمدي وبرج الظاهرة في ولاية ابرا وحصن الفليج وبيت النعمان في ولاية بركاء وحصن الحد في نيابة ولاية صور وشمل الترميم محافظة مسندم ( خصب ونيابة بخا ) كما تقوم وزارة التراث القومي والثقافة ممثلة بدائرة الحصون والقلاع حالياً بترميم حصن المنترب في ولاية بدية وحصن ولاية السويق وبرج وبوابة المشارفة في ولاية صور وخلال الخطة المقبلة ستدرج الدراسات لترميم اكثر من 35 حصناً وقلعة .

      واغلب الحصون والقلاع بناها العمانيون انفسهم حتى قلاع الجلالي والميراني ومطرح التي اعاد البرتغاليون بناءها على اساس هندسي مختلف لتلائم وضع المواقع ومخازن الذخيرة فيها .

      ويرجع تاريخ بعضها بعضاً الى فترة ما قبل الاسلام .
      والعمانيون هم الذين قاموا بعملية التشييد او التجديد وعندما طرد العمانيون البرتغاليون من قلعتي الجلالي والميراني عام 1650م كان من الضروري ادخال تعديلات عليهما تلائم زيادة عدد الجنود . في حين ان بساطة أشكال المواقع العسكرية التي لجأ إليها البرتغاليون كانت ترجهع الى عدد قواتهم المحدودة .

      وتقع قلعتا الجلالي والميراني عند مدخل خليج صغير كان الميناء الرئيسية لمدينة مسقط .
      ويعتبر حصن جبرين تحفة العمارة العمانية بناه بلعرب بن سلطان عام 1089هـ ليكون مقراً لإقامته وحصناً دفاعياً في الوقت نفسه ويتكون الحصن من ثلاث طبقات تطل على فناء داخلي مربع الشكل يسمح بدخول الشمس الى منطقة وسط الحصن .

      وتتزين شرفات الطبقات الثلاث المطلة على الفناء بنقوش حصية وخشبية وينساب فلج من الماء داخل الحصن ماراً بالفناء أيضاً .
      ويبلغ ارتفـــاع حصن جبرين ما بين 11متراً و22متراًويقع وسط سهل واسع الى الجنوب الغربي من ولاية بهلا .
      وترتفع قلعة بهلا الى 150 قدماً فوق السهول المحيطة بها وتطل على بساتين النخيل ومزارع الحنطة التي يعلوها سور يبلغ طوله سبعة اميال أقيمت عليه أبراج منيعة وأبواب حصينة ويشكل مع القلعة حلقة متكاملة مما يعيد الى الاذهان أعرق المدن القديمة في العالم .

      2) قلعة نزوى :

      اما قلعة نزوى التي بناها سلطان بن سيف الاول عام 1668م واستغرق بناؤها إثني عشر عاماً . فتعد اهم المعالم التاريخية لمدينة نزوى ويبلغ ارتفاعها 115 قدماً وقطرها 150 قدماً مبنية من الحجر والجص مما جعلها قوية ومنيعة ويخترق القلعة ممر ضيق يبدا من بابها عند القاعدة ويلتوي مرتفعاً عبر سبعه أبواب محروسة حتى تنتهي الى الساحة المستديرة . وعند مدخل كل باب من هذه الابواب بئر وفي الاعلى فتحة للدفاع عن القلعة في الاوقات العصيبة وتعد قلعة نزوى علامة بارزة لبداية عصر جديد في الفن المعماري العسكري .

      3) اما قلعة الرستاق فيعود بناؤها الى ما قبل الاسلام وجري تجديدها في القرن الثاني عشر الهجري كما جددت عام 1324هـ في عهد السيد فيصل بن تركي .

      وتتكون القلعة من أقسام عدة تستخدم للاغراض السكنية المختلفة ومن أبرز أقسامها برج الريح والبرج الحديث ويمر في داخلها فلج الصائعي وتوجد فيها آبار.

      وقد انجزت وزارة التراث القومي والثقافة ترميم هذه القلعة وأعيدت الى حالتها السابقة عام 1986م .
      4) أما حصن الخزم فيقع على بعد 145 كيلومتراً من العاصمة مسقط ويمتاز عن كثير من القلاع والحصون العمانية بفخامة بنائه وبشكله الهندسي الرائع .
      ويتألف من ثلاث طبقات :
      الاولى :
      لحفظ المؤن وفي اسفلها سرداب واسع تتخلله مسالك وممرات يصعب الاهتداء اليها دون دليل .

      اما الطبقتان العلويتان فتحتويان على مكتبة ومدرسة لتعليم العلوم الدينية وقد صممت الغرف فيهما بحيث يكون الهواء مكيفاً طبيعياً في الصيف والشتاء . ويخترق هذا الحصن فلج هذا الحصن فلج ينساب فيه اماء من نبع يقع في سفج الجبال القريبة إضافة الى وجود بعض الآبار .

      ويرجع تشييد هذا المبنى التاريخي الى سلطان بن سيف الثاني ( 1126هــ - 1707م) .


      التراث الثقافي :
      ___________
      واشتهرت الحضارة العمانية العريقة بتاريخ ثقافي مهم فالملاح العماني الشهير " احمد بن ماجد " صاحب كتاب " الفوائد في أصول البحر والقواعد " برز في عصر تفوق الملاحة العمانية ليس في منطقة الخليج فحسب بل في بحار الشرق عموماً حيث بلغت رحلاتهم الصين وشرق افريقيا – عبر سفن يتم صنعها في عمان – وقد ساهم العمانيون برحلاتهم الملاحية هذه في نشر الاسلام الى أصقاع بعيدة من العالم وقد استعان المستكشف البرتغالي الشهير فاسكودي جاما بخبرة الملاح العماني أحمد بن ماجد في رحلته الاسكشافية عبر المحيط بين اوروبا والهند .

      كذلك فان (الخليل بن احمد الفراهيدي ) صاحب ( العروض في الشعر ) الذي وضع اول قاموس من نوعه . هو عالم لغوي عماني أيضاً .

      وقد امكن للسلطنة حتى الآن جمع نحو أربعة آلاف مخطوطة تتناول مختلف فنون العلم والمعرفة الانسانية .

      وبذلت السلطنة جهوداً كبيرة في نقل او تصوير الوثائق العمانية والمخطوطات المحفوظة في المتاحف والمكاتب العالمية في هذا المجال . فقد تم الحصول على تلك الوثائق من بريطانيا وامريكا والبرتغال وهولندا وكينيا وفرنسا .. الى جانب جميع المخطوطات العمانية الموجودة من المواطنين بالشراء او المبادلة بالكتب .

      المتاحف والمعارض :
      ______________
      وتتولى وزارة التراث القومي والثقافة إقامة المعارض التراثية والمتاحف الوطنية فنالت المتاحف اهتماماً كبيراً لدورها الريادي والتربوي والقومي في المحافظة على التراث والآثار وابرزها بصورة جميلة للزوار . ويوجد في السلطنة عدد من المتاحف التي تحوي مجموعة من الآثار التاريخية النادرة التي تكشف عن الهوية الحضارية والثقافية للشعب العماني ... ويعتبر المتحف الوطني العماني واحداً من أهم هذه المتاحف وقد انتقل الى مقره الجديد عام 1988م بمنطقة روي بمسقط . وكان يعرف سابقاً باسم متحف ( بيت السيد نادر ) وقد أسس في عام 1978م ويشتمل المتحف على نماذج من التراث الشعبي ويضم المتحف العماني الذي يقع في مدينة الاعلام " بالقرم " بمسقط العديد من الشواهد التاريخية والحضارية من مختلف الحقب التاريخية مثل الشغولات الذهبية والفضية وقطع السلاح . هذا بالاضافة الى المخطوطات والفن المعماري وسجل كامل بالآثار عن التاريخ البحري العماني .
      كما قامت الوزارة بانشاء المجمع الثقافي في صلالة ويضم مكتبة ومسرحاً معداً بأحدث الأجهزة ويستوعب 750 شخصاً ومتحفاً يشتمل على عدة أقسام منها المتحف الطبيعي والتاريخي تتناول كل ما يتعلق بعادات وسلوكيات وثقافة المواطن العماني

      والى جانب ذلك تنظم الوزارة العديد من المعارض والاسابيع الثقافية داخل وخارج السلطنة .

      التراث الموسيقي :
      _____________
      ومن المشاريع الرئيسية المهمة للحفاظ على التراث العماني أيضاً ( مركز عمان للموسيقى التقليدية ) الذي تاسس عام 1983م بامر من السلطان قابوس ويعتبر المركز هيئة علمية اعلامية تعني بجمع وتوثيق ودراسة ونشر وتطوير فنون عمان التقليدية من موسيقى ورقص وغناء تقليدي .. وقام المركز بجمع هذه النشاطات العلمية الاعلامية مستخدماً احدث الوسائل التوثيقية من الأشرطة التلفزيونية والتسجيلات الصوتية والتوثيق ( الفوتوغرافي ) وصحائف البيانات حفاظاً على ثروة عمان التقليدية من الاندثار . وتم تسجيل هذه الفنون التقليدية على 420 شريطاً تلفزيونياً و 1515 شريطاً تسجيلياً صوتياً ونحو 22 ألف صورة فوتوغرافية ملونة . والمركز عضو رسمي وفعال في المركز الدولي للموسيقى التقليدية وله اتصال ونشاط وثيقاً بالهيئات الخارجية المتخصصة في هذا المجال ... وتساهم الفرق الفنية الشعبية العمانية " الرجالية والنسائية " في المناسبات الوطنية ةالاعياد والأفراح والاحتفالات الاجتماعية وهناك فرق مشهورة وعائلات تتوارث هذا الفن ...

      التراث الحرفي :
      ___________
      وتعتبر الحرف والصناعات التقليدية جزءاًُ مهماً من التاريخ العماني .. ومن هذا المنطلق يحظي هذا الجانب باهتمام بالغ لا يقتصر على تشجيع هذه الحرف وفنييها فحسب . بل باقامة المصانه لها جنباً الى جنب مع إقامة المصانع الحديثة .

      وفي هذا الاطار تم انشاء مصنع لــ ( الصاروج ) وهو الطين المقاوم للحرارة والرطوبة ويستخدم حالياً في ترميم القــــلاع والحصون الأثرية – كما تم افتتاح مصنعين للمنسوجات والفخاريات في كل من ( سمائل وبهلا ) اضافة الى مصنع صور (للقوارب ) حيث تعمل حكومة السلطنة على إبقاء هذه الحرف التراثية والحفاظ عليها من الاندثار ولتشجيع انتاج هذه الصناعات تقوم بشراء المنتجات الخرفية من المواطنين وكذلك بيعها بأسعار ( مدعومة ) من المعارض التابعة للوزارة .

      اضافة الى اقامة ( بيوت للتراث ) في مناطق وولايات السلطنة .. لهذا الغرض .
      وتندرج ( الصناعات التقليدية ) ضمن خطط التنمية الصناعية بوجه عام وضمن هذه الخطط يجري الاعداد حالياً لتنفيذ عدة مشروعات جديدة للصناعات ( القديمة ) والتوسع في الصناعة القائمة منها .

      ومن ذلك توسيع مصنع ( بهلاء ) للفخار ، ونسيج ( سمائل)
      وتوفير المواد الأساسية لإنتاج النسيج اليدوي في المنازل ومواجهة الطلب المتزايدة على هذه المنتجات التقليدية .

      كهف مجلس الجن :
      ______________
      فضلاً عن الحصون هناك الكهوف وابرزها كهف مجلس الجن الذي يعتبر من اضخم الكهوف الأثرية في العالم . وقد اكتشفه عالم الآثار الاميركي شيريل جوتز عام 1983م بعد عمليات حفر استمرت عشر سنوات .. ويقدر عمره بخمسين مليون سنة . ويصف بانه مستودع كنوز بمعنى الكلمة فما قصة هذا الكهف ؟

      هذا ما سنعرفة في التحقيق الذي أجراه ( الاتحاد الاسبوعي )
      لعدة قرون خلت ظل سكان منطقة الشمال الشرقي من سلطنة عمان يتطيرون من ( مجلس الجن ) الواقع في قلب جبال ( بني جابر ) والذي تبين اخيراً انه ليس سوى مجرد كهف أثري ضخم لا مثيل له في العالم والواقع ان اهم ما يميز هذا الكهف هو ضخامة مساحته البالغة 340 متراً طولاً بعرض 228 متراً وبارتفاع 120 متراً .. أي ما يشكل كراجاً صريحاً لا يواء 12 طائرة بوينج 747 ضخمة أو 1600 سيارة سياحية .

      ويجمع علماء الآثار على ان ( الكهف ) هو أضخم كهف أثري في العالم العربي وثاني أضخم كهف في العالم .. وجميع جدرانه من الحجر الجيري . ويتخللها بعض المجاري المائية المكونة من الرمال والحصى .. أما بقايا الهياكل العظيمة المتناثرة على أرضه فقد تبين انها عائدة لأفاع ولزواحف اخرى لقيت حتفها في هذا الكهف .

      أما الكائن الحي الوحيد المستمر في الاقامة في هذا الكهف المسحور فهو الق وباعداد هائلة جداً .
      وقد تبين من الفحوصات الأثرية الميدانية ان ارضية هذا الكهف العماني عبارة عن بحيرة عميقة جافة . لكنها قد تتعرض للفيضان خصوصاً في مواسم عواصف المطر العاتية التي تدفع بالمياة داخل الكهف من الثقوب الجدرانية والشقفية وبسبب انخفاض الحرارة داخل الكهف الى ما دون ثماني عشرة درجة يظل قاع البحيرة موحلاً لأسابيع عدة بعد جفافها كما تتكون على الجدار الشمالي طبقة سميكة من كربونات الكالسيوم المختلطة بالوحل . إضافة الى طبقات اخرى من البقايا الحيوانية والنباتية التي تحملها المياة لتترسب عند ارضية الكهف .
      اما عن أسباب تسمية هذا الكهف بمجلس الجن فقد تبين للخبراء أن هناك تجويفاً في سقفه العلوي يتسرب منه الضوء الى الحائط الايمن عاكساً معه ظلالاً متحركة حملت الاهالي على الاعتقاد انها أشباح وعفاريت وعرائس من الجن الى ذلك يعتبر الكهف مستودع كنوز بمعنى الكلمة فبالوصول الى نهاية ( مجلس الجن ) تتجمع بعض اللالئ النادرة والفائقة الاهمية التاريخية والمتكونة في التجاوب المائية الجافة بفعل التفاعلات الكيميائية الحاصلة من جراء تكثف ذرات كربونات الكالسيوم على حبيبات الرمل والحصي ولا سيما أن المياة التي تملأ قيعان البحيرات الجافة عائدة الى العصر المطير الذي كانت مياهه مشبعة بالمواد المعدنية .

      واللافت في لآلي كهف مجلس الجن هو ضخامة حجمها وشدة التصاقها بجدران الكهف وأرضياته . وبحيث يكاد يستحيل استخراجها من مكانها بدون تهشمها وعلى أي حال قد اتخذت سلطات عمان قراراً حازماً بعدم المساس بتلك اللالئ وبابقائها في مكانها كشاهد أثري تاريخي جيولوجي حي .

      الاعمدة المرجانية :
      _____________
      الى ذلك وبالتطلع صوب سقف الكهف تظهر الاعمدة المرجانية المتدلية منه الى الارضية ويرجح الخبراء ان تكون ناجمة عن الترسبات الكلسية والكيميائية الاخرى التي حصلت خلال بعض العصور الجيولوجية الباردة . كما يرجح خبراء آخرون أن تكون تلك الاعمدة المرجانية نتاج تجمع قطرات المياة الراسخة من السقف في احد العصور الفائقة البرودة .

      وبعد ذلك وبالعودة الى مداخل الكهف . يلاحظ ثلاثة انكسارات حادة ومتتالية أدت هندسياً الى هزال في سماكة الجدران مما جعلها عرضة للتهشم أما مساحة أرضية الكهف نفسها فتراها مفروشة بالاتربة المتراكمة عبر العصور التي تبدو أشبه بالجزر اليابسة وسط لوحة من المجاري المائية والقيعان الرطبة .

      ويرجح الخبراء أن تكون مداخل الكهف الثلاثة قد تكونت بمحض الصدفة بفعل انكسارات وتصدعات قسرة الارضية التحتية وكذلك بفعل هشاشية بعض النقاط الجدارية .

      يبقي اخيراً ان تعرف ان المستكشف الأميركي المغامر شيريل جونز عثر بالصدفة على صورة قديمة للكهف في مخطوطة أثرية عائدة الى القرن الثالث بعد الميلاد في إحدى مكتبات لوس أنجلوس ومع ان تلك المخطوطة البدائية كانت تصف الكهف بطريقة اسطورية وخرافية . إلا ان جونز أصر على ملاحقة الموضوع حيث باشر بحفرياته واستكشافاته في جبال بني جابر العمانية منذ الربيعلعام 1973م ولكي يقع في النهاية على الكهف الضائع في الصيف لعام 1983م .

      أسرار خاصة لصناعة السفن العمانية :
      __________________________
      ومن ابرز حواضر التراث في عمان مدينة صور وهي كسميتها مدينة صور اللبنانية تشتهر بصناعة السفن حتى انهـــــا فاقتها شهرة في هذا المـــــــجال بفضل اهتمام جلالة السلطــــــــــان قابوس بتشجيع هذه الصناعة ودعمها .
      ففي مدينة صور العمانية للتاريخ بصمات على شواطئها الفسيحة وأسراره في عقول بناة السفن الذين توارثوا المهنة من اجدادهم وكانت أمواج البحر نغما يشدهم الى امجاد الماضي الذي حفر اسم مدينة صور واحدة من الموانئ التجارية المهمة في المحيط الهندي .

      صور اقدم المدن :
      ____________
      هناك على شواطئ صور تمارس واحدة من اقدم المهن في الخليج صناعة السفن الخسبية اليدوية التي لا تزال حتى اليوم تجوب سواء لصيد الأسماك لنقل الركاب والبضائع بين المواني القريبة من صور انخفض عددها انخفاضاً كبيراً خلال السنوات الماضية بين الموانئ القريبة من صور انخفض عددها انخفاضاً كبيراً خلال السنوات الماضية خصوصاً بعد عصر السفن البخارية والناقلات الضخمة . لكنها لا تزال كما هي تحتفظ بطابعها القديم الذي اشتهرت به وكأنها قطعة من الطبيعة التي زينتها يد انسان فيها التقيت سبيت بن خميس وهو واحد من امهر صناع السفن التقليدية قال لي أصبحت صناعة السفن الخشبية تجري في دمي .

      وكم أتمنى أن أرى أولادي واحفادي يمارسونها انها مهنة الاجداد القدماء الذين سطروا بها امجادهم في الزمن القديم .

      ويشير بيده قائلاً :
      انظر هذا الساحل كان في الزمن القديم مزدحماً بصناعة هجرها عدد كبير ولم يمارسها اليوم سوى قلة من المواطنين لقد اتجه عدد كبير من صناع السفن الى التجارة ربما هي أكثر ربحاً . ولكنها لن تكون مثل هذه المهنة التي نزوي فيها الاخشاب بعرقنا وسواعدنا ... ان عدد صناع السفن يقل لكنها أبداً لن تموت لانها ترتبط بالاصالة وبجذورها لقد اشتهرت صور في كل دول الخليج بصناعة العديد من السفن الخشبية مثل السنبوك والبوم والصواري والغنجة والشراكة والبدن ولايزال عدد كبير من أبناء دول الخليج يحضرون الينا لشراء بعض السفن والقوارب .

      ان السفينة التي تصنع في صور تعني علامة الجودة والثقة والقدرة على مخاطبة البحر الهائج .

      الاخشاب القديمة :
      _____________
      وعن الاخشاب التي تستخدم في صناعة السفن قال الشيخ سبيت بن خميس أننا لا نزال نستخدم الأخشاب القديمة وخاصة خشب الصاج الذي تستورده من الهند وبورما اضافة الى بعض الأخشاب العمانية مثل شجر السدر والقرط والكافور .
      واشار الى صناعة السفينة تستغرق وقتاً طويلاً قد يصل الى عام كامل او اكثر وذلك حسب حجمها وطورها . وبالطبع قد دخلت بعض الاشياء الجديدة في مهنتنا مثل الآلات التي تستخدمها في قطع الاشجار والمسامير التي تستخدم في تثبيت الالواح وبصمت ثم يضيف قائلا : لقد كان اجدادنا في الماضي يستخدمون الحبال المجدولة والمصنوعة من الألياف الطبيعية بدلاً من المسامير المعدنية لتثبيت الالواح .

      واكد ان الحكومة تنبهت الى هذه الصناعة وهي تقدم كل الدعم والتشجيع لمن يمارسونها وذلك خوفاً من اندثارها .
      ويقول إنها تحتاج الى جهد وعرق وصبر ولكنها أيضاً تدر دخلاً جيداً علينا ، يختلف حسب نوع السفينة وقد يصل ثمنها الى 30 – 40 ألف ريال عماني ... هكذا يقول محدثي سبيت بن خميس وهو يعطي توجيهاته لبعض الصناع الذين يشاركونه في صنع إحدى السفن التي طلبها احد الشيوخ بدولة الامارات العربية المتحدة .

      ويضيف إن تركيب الهيكل يعتبر سراً من اسرار الصناعة وكل صانع لدية مهارة يتميز بها وينفرد عن غيره ولكن كل السفن المصنوعة في صور هي من النوع الجيد الذي يرتفع سعره نتيجة الاقبال عليه . لكن شراء السفن الكبيرة قد قل بشكل حاد ومعظم اعمالنا الآن هي في السفن الصغيرة خصوصاً سفن صيد الاسماك والسفن الخشبية تعمل على الماكينات او بدونها حسب طلب المشترى وجميعها تمتاز بالرشاقة والمتانة وطوال حياتي لم استخدم الورقة والقلم لرسم ما يقولون عنه الآن " التصميم " ان هندسة بناء السفن تمثل رصيداً في رأسي .

      ورغم وجود بعض المعاونين لي في صناعتها . إلا أنني أتابع بنفسي كل مراحل الصناعة أتابع كل قطعة خشبية جديدة تضاف الى هيكل البناء لان أي خلل يعرض سلامة السفينة للخطر وسأقول لك سراً أن سفناً تزداد متانة وقوة مع الايام وان البحر يزيد من عمر سفننا العمانية وذلك تفوقنا .

      وأترك محدثي وصوت الاخشاب وهي تتهادي تحت المطرقة تختلط بصوت امواج البحر ليعزف سيمفونية عذبة من الزمن القديم .

      البنادق العمانية :
      ____________
      حرص أبناء عمان على حمل البنادق ربما يكون في نظر البعض من التقاليد التي واراها النسيان الا ان الحقيقة تؤكد غير ذلك ففي معظم البيوت العمانية لا يزال للبندقية مكان كاحد رموز الدفاع عن الحياة وتامين بلادهم من كل الشرور التي تحيط بهم واليوم يحملها جيش يتولى مهمة الدفاع عن الاوطان والذودعن حماها ... فأصبح كل مواطن عماني يعيش اليوم في طمأنينة وامن .

      لكن الآباء والاجداد ظلوا يحتفظون ببنادقهم التي ترمز الى الكثير من المعاني والقيم والتقاليد التي كونت الشخصية العمانية فلم تعد البنادق تستخدم اليوم سلاحاً لكنها تحولت الى رمز لعصر عريق عاشة الاجداد الأوائل وأصبحت هواية جمع البنادق القديمة متعة يمارسها البعض .

      وفي بعض الأسواق القديمة واسواق الولايات تعرض تلك البنادق التي تعود الى القرن الثامن عشر وبالطبع لم تعد ذلك البنادق صالحة للاستخدام لكنها تظل علامة بارزة ميزت أبناء عمان منذ مئات السنين .

      البنادق التراثية في عمان :
      __________________
      اعتاد العمانيون منذ اجيال كثيرة أن ينظروا الى البنادق على انها سلاح وزينة وهواية من الهوايات الممتعة الكثيرة وقد أصبحت البندقية كما يقول دونالد هولي علامة من علامات الرجولة وشارة من شاراتها المميزة واشهر انواع البنادق التي كانت تتداول في الاسواق نوع " الجزيل " او " ابوفتيلة " وظل هذا النوع من البنادق يستخدم حتى وقت قريب في الخمسينات ووصلت هذه البنادق الى عمان من الاتراك الذين كانوا يتاجرون بمثل هذه الاسلحة في البلاد الواقعة شمال غرب الحدود الهندية .

      وتمتاز هذه البنادق بمظاهر الزينة باستخدام شرائح النحاس او الذهب او الفضة التي تجعلها من الرموز الأثرية لابداع الحرفي العماني ويحمل بعضها رسوماً جذابة متموجة من النوع الدمشقي وهي منقوشة بالذهب والفضة على طول ما سوره البندقية .

      وطريقة الترصيع طريقة طويلة تطلي ماسورة البندقية بالشمع والصمغ فتعزل عن اثر الاحماض الكيماوية وبعد ذلك ينقش الرسم المطلوب بالابرة او بفرشاة صلبة .

      ثم يصب الحامض فوق ذلك للتاثير على القسم البارز من وراء الشمع والصمغ فتاكل الاحماض شكل النقش وبعدها ترصع بالفضة وبالذهب في الحفر المنقوش إما باستعمال آلة خاصة للطرق أو ببعض الاحجار الصخرية الصلبة ولا يمكن ان يحدث تشابه بين رسوم بندقية واخرى اذ ان كل واحدة تعتبر عملاً فنياً منفرداً .

      وبندقية الجزيل لها دائماً ماسورة طويلة وعند انتهاء عمليات النقش والتزيين يتم تثبيت الماسورة الى خشبة البندقية بحلقات نحاسية خاصة ثم توضع صفيحة معدنية تحت الخشب لحماية وحفظ مدة البندقية وهناك طرق مختلفة لصنع القذائف الخاصة بالبنادق فهناك قوالب تنتج قذيفة أو اثنين وبعضها ينتج عشرة او اكثر والقتيل كان يصنع من الياف التمر أو جوز اللهند مع خيوط القطن ويحفظ مسحوق البارود في صنادق خشبية قوية تكون عادة محلاة بالزخارف والرسوم والبعض يصنع من الفضة والذهب .

      اللبان العماني :
      ___________
      إذا كان اللبان قد اشتهر قديماً باستخدامه في البخور والعطور فان تجارب تجري الآن للاستفادة منه في استخدامات اخرى ويقول سعيد ناصر الخصيبي الرئيسي التنفيذي للهيئة العامة لتسويه المنتجات الزراعية العمانية ان الهيئة في صدر انتاج كحل للعيون من اللبان سيطرح في الأسواق اوائل العام المقبل بعدما ثبت انه غير ضار بالعيون او الجلد بل يفيدهما .

      وشجرة اللبان شجرة معمرة يصل ارتفاعها الى حوالي ثلاثة أمتار وتتفرع من بدء نموها ويصعب تمييز الساق من الفروع . وهي تنبت على الطبيعة دون ان يكون للانسان دور في تكاثرها الذي يحصل بواسطة البذور التي تجف من عناقيد مستطيلة فتسقط على الارض وتنتشر بفعل الرياح على التربة . وهي قادرة على الانتاج بعد نحو 10 سنوات .

      ويشتخرج اللبان من الشجرة عن طريق مقبض خشبي على رأسه آلة حادة يسمونها المنقر تكشط به الشجرة في مواضع قد تبلغ الثلاثين بحسب حجم الشجرة وكثرة فروعها . فتفرز سائلاً يميل الى الاصفرار لا يلبث أن يتجمد بعد اسبوعين او ثلاثة فيجمع ويتكرر الكشط في المواضع نفسها اكثر من مرة لفترة تتراوح بين ثلاثة أشهر واربعة . ثم تترك الشجرة لتستجمع قوتها وتستعيد ما فقدته من عصارة الى العام المقبل .

      وعرف اللبان منذ قديم الزمن وقد استخدمه قدماء المصريين في تحنيط المومياءات وبخوراً مقدساً في جميع المعابد القديمة على اختلاف معتقداتها وتباين عهودها . وعلاجاً نافعاً لعدد من الاوجاع . وكان افضل أنواعه بإجماع المؤرخين ما تنتجه ظفار التي ارتبط اسمها باللبان وأصبحت سوقاً شهيرة يقصدها التجار بحراً وبراً لشرائها وهدفهم جني الارباح الطائلة في الاسواق الخارجية .

      وكان اللبان يصدر قديماً عن طريقين رئيسيين اولهما طريق القوافل الذي يمر عبر نجد بمحاذاة الربع الخالي الجنوبي الى اليمن ثم الى مصر وبلاد البحر وهو المحيط الهندي الذي يربط بين كل من سواحل شرق افريقيا وشواطئ جنوب آسيا وظفار بمناخها المميز ذي الحرارة والرطوبة المرتفعة والتربة ذات الخصائص المميزة أصبحت موطناً لنمو شجرة اللبان وتكاثرها دون ان تمتد إليها يد المزارعين واوجد أنواع لبان ظفار هو ما تنتجه المنطقة الجنوبية الشرقية ولاسيما سمحان وتقل الجودة كلما اتجهنا غرباً وهذا يرجع الى تأثير المناخ فالاشجار القريبة من مناطق المطر تكون اقل جودة من الاشجار البعيدة عنها وينقسم اللبان الى 4 أنواع اجودها اللبان " الحوجري " وتنمو أشجاره في الاجزاء الشرقية من المنطقة يليه اللبان " النجدي " وهو الذي تنمو شجرته في منطقة نجد الواقعة الى الشمال من مرتفات ظفار الوسطى ثم اللبان " الشزري " وتنمو أشجاره في الجزء الغربي بين نجد ومنطقة سقوط الامطار .

      اما أقل أنواع اللبان جودة فهو اللبان ( الشعبي )وتنبت أشجاره في السهول الساحلية والشعاب وكلما كانت الشجرة بعيدة عن منطقة سقوط الامطار ارتفعت جودة انتاجها ومقياس الجودة هو اللون والنقاء .

      فاللبان ذو اللون الأبيض المشوب بزرقة السماء والخالي من الشوائب هو اجود أنواع اللبان وأغلاها ثمناً . ونقل الجودة كلما مال لون اللبان الى ما يقرب من الاحمرار او اختلط بشوائب اخرى .

      وعند الجني تفرز الأصناف والصنف الاول يسمى " اللقط " ويمثل اعلى درجة في الجدلة وهو عبارة عن الفصوص النقية البيضاء التي تلتقط وتنتقي من محصول اللبان .

      ومن المصطلحات المتعارف عليها في بيئة اللبان ان الشجرة التي تدر اللبان تسمى معزة والشجرة التي لا تعطي اوتدر قليلاً منه فيسمونها التيس وعندما تنبت الشجرة وتاخذ في النمو قليلاً فأنهم يسمونها التلية واوراق شجرة اللبان خضراء داكنة تشبه الى حد كبير أوراق شجرة الزيتون وتسمى هذه الاوراق التال ويستخدم البدوي هذه الاوراق علفاً للجمال والماعز .

      ولأغصان الشجرة قيمة هي الاخرى في حياة البدو حيث تتخذ وقوداً وقد ادى ذلك الى تناقض أشجار اللبان بشكل ملحوظ في ظفار خلال السنوات الماضية .

      الازياء التقليدية :
      ___________
      يعتز الناس في كل البلدان الخليجية والعربية رجالاً ونساء بأزيائهم التي تدل على تمسكهم بتقاليدهم وتراثهم الأصيل . واستطاعت الأزياء العمانية طوال مئات السنين ان تحافظ على مظهرها التقليدي البديع على رغم تقدم فنون الحياكة والتطريز . وامتازت بطابع خاص يجعلها تنفرد عن كل الازياء الاخرى خصوصاً النسائية منها التي تتنوع بحسب المناطق العمانية وهي مصنوعة من القطن او الحرير والمخمل . وتمتاز بطولها وتزين أطراف الثوب بالعديد من الزخارف والتقوش الجميلة .

      كما تحافظ الاكمام بالخيوط المزركشة نفسها وتزين بعض خيوط الفضة والذهب . وتضع المرأة على رأسها ( الشيلة ) وغالباً ما تكون من الحرير أو القطن الخفيف . ويطرز الثوب يدوياً وقد تستغرق عملية التطريز شهراً كاملاً حسب كمية الزخارف اليدوية المطلوبة .

      ولذلك فغنه يباع بأسعار مرتفعة تقترب من 400 ريال عماني أي اكثر من ألف دولار أميركي ويحرص كثير من النساء على ارتداء الخرقة التي تلبس فوق الراس وتبلغ قيمتها ما يقرب من 3 ألاف ريال عماني وهي مصنوعة من الذهب الخالص .

      كما تزين المرأة رقبتها ( بالمرية ) أو (الوشاح ) و ( الرهينة ) وتضع في الايدي والأرجل الخواتم والحبوس والشينات والصقليت ( كلها انواع من الخواتم ) اضافة الى المكيبات والترك والمعاجل وكلها أنواع من القروط .
      وفي المنطقة الداخلية بسلطنة عمان تتميز الأزياء النسائية بالبساطة الشديدة وتمتاز بكثرة الوانها والنقوش والتطريز ويمتد الزي الى ما بعد الركبة وتطرز الاكمام والاطراف بالزخارف الفضية والذهبية نفسها وبتقسيمات متناسقة ومتشابهة . وتغطي المرأة راسها بالوقاية التي تتدلى منها بعض الخيوط الصوفية ( العقام ) اضافة الى الحضينة التي توضع أعلى الوقاية ويزين طرفها المتدلى خيوط من الصقوف المنسوجة بالفضة اضافة الى كثير من الحلي الذهبية على الراس والاقراط الكبيرة الحجم .

      وتكاد ازياء المراة في المنطقة الشرقية تختلف اختلافاً كلياً عن الازياء في مناطق السلطنة الاخرى وعادة ما تصنع المرأة زيها من أقمشة خفيفة وتميل الالوان هناك الى الاسود والاحمر والوردي والازرق .

      ويطرز الزي بالكامل بواسطة زخارف يدوية على الصدر والاكمام ويستغرق مدة طويلة في حياكته يدوياً . وتزين المرأة يديها بالبناجري وهي بعض انواع الأساور العريضة اضافة الى 10 خواتم في اليدين وتسمى المريرة والشاهد والحسبة وجميوعة وابو شرياك كما تزين الارجل بالحجول الذهبية او الفضية .

      وفي مناطق الباطنة والظاهرة ومسندم تقترب أشكال الازياء اقتراباً واضحاً اذ ترتدي النساء الكندورة وهي رداء طويل متعدد الالوان ومزركش برسوم وتشجيرات مختلفة وله اكمام طويلة .

      وتطرز الرقبة والاطراف بخيوط ذهبية وفضية وترتدي المرأة في بعض مناطق شمال الباطنة الخمار الذي يغطى الوجه ولا يستغرق اعداد الثوب في تلك المناطق مدة طويلة .

      وترتدي المراة البدوية أثواباً تميل الى البساطة ولكنها من اللون الأسود الداكن الذي توجد فيه بعض الزخارف البسيطة سواء من خيوط الذهب او الفضة .

      وتغطي رأسها بغطاء ثقيل يعرف باسم ( القنع )كما ترتدي البرقع الذي لا يظهر من الوجه سوي العينين وتتزين النساء بالحلي الفضية والذهبية خصوصاً في الأرجل واليدين اضافة الى الاقراط الضخمة .

      وفي العاصمة مسقط فان الازياء تمتاز بالزخارف المطرزة والالوان الشديدة كما تطرز الاطراف ببعض الخيوط الذهبية والفضية وتحرص المراة العمانية على الازياء المحتشمة الطويلة وغطاء للراس .

      وتميل الحلي الى البساطة الشديدة وان كان الامر يختلف بالنسبة الى حفلات الاعراس اذ تحرص النساء على ارتداء مجموعات كاملة من الحلي المتعددة الاشكال .

      وتحرص جمعيات المراة العمانية المنتشرة في العديد من الولايات على تدريب النساء على اعمال الحياكة والتطريز البدوي .

      كما تحرص النساء العمانيات على استخدام العطور الأصلية المصنعة محلياً أو القادمة من بعض دول آسيا اضافة الى حرص الأهالي على صناعة الاثواب التقليدية للاطفال الصغار خصوصاً في المناسبات والاعراس والاعياد .

      ورغم ان معظم الأزياء العمانية الازياء العمانية تمتاز بالطول الشديد إلا ان المراة تحرص على ارتداء انواع خاصة من السؤال الطويل الذي يخفي الأرجل حتى كعب القدم وذلك في العديد من المناطق وعادة ما يكون مصنوعاً من الاقمشة القطنية .

      الحلوى العمانية :
      ____________
      في ملحق البيان الصادر في دبي في 18/11/1990 جاء الآتي :
      بعد انعقاد قمة دول مجلس التعاون العاشر في مسقط العام الماضي كاد موعد مغادرة الوفود يتأخر . ليس عطل في الطائرة او بسبب اجراءات الامن او لاية اسباب اخرى من تلك التي قد تحدث خلال انعقاد المؤتمرات الضخمة .
      كان السبب هو الحلوى العمانية . لقد حرص أعضاء الوفد على ان ياخذوا معهم كميات من تلك الحلوى النادرة التي تشتهر بها سلطنة عمان وخلال دقائق معدودة تم تجهيزها على الطائرة .

      هكذا يتعامل الناس مع الحلوى العمانية . مسؤولون او مواطنون عاديون ذلك ان لها سحراً خاصاً . ومذاقاً فريداً وأسراراً لا يبوح بها صناعها المهرة ... سحر خاص احتفظت به منذ آلاف السنين فقد أكد العديد من المؤرخين ان الحلوى العمانية صنعت منذ اكثر من ثلاثة آلاف عام . وكانت تقدم كهدية من البحارة العمانيين لحكام العالم الذين ذهبت اليهم الاساطيل البحرية العمانية . ورغم ان الحلوى العمانية شهدت العديد من الاضافات إلا انها لا تزال تحتفظ بأسرار خاصة " للصنعة " يعد من يعرفونها علي الاصابع .

      ولم يكن غريباً ان تكون الحلوى العمانية احد المنتجات التي يتم تصديرها الى الخارج خصوصاً في دول الخليج .. ولحدى الهدايا الغالية التي يحرص زوار السلطنة على الحصول عليها لتكون هديتهم للاحياء .

      والجبال الشاهقة والقلاع والحصون .. تعالوا معي لنتعرف هناك الى أقدم حلوى عرفها العالم . الحلوى التي تعرفها كل بيوت عمان وتعشقها كل بلدان الخليج .
    • الإيــــدز

      --------------------------------------------------------------------------------

      تعريف

      الإيدز اعتلال خطير جدا ينتج عن عجز مقدرة أجهزة المناعة في الجسم على محاربة كثير من الامراض ، وغالبا ما يقود هذا المرض في نهاية المطاف الى الموت وتعني كلمة إيدز متلازمة عوز المناعة المكتسب ، ويشير اسم هذا المرض الى حقيقة أنه يصيب جهاز المناعة لدى المريض ورغم أن بعض الباحثين كانوا يتابعون حالات هذا المرض منذ عام 1959م إلا أن أول اكتشاف للإيدز كان في أمريكا في عام 1981م ثم تتابع تشخصيص حالات هذا المرض في جميع أنحاء العالم.
      المسببات
      يسبب مرض الإيدز فيروسان في مجموعة الفيروسات التي تدعى الفيروسات الخلفية ، وقد تم أول اكتشاف لهذا الفيروس بوساطة الباحثين الفرنسيين عام 1983م والباحثين الامريكيين في عام 1984م وفي عام 1985م أصبح الفيروس يدعى فيروس العوز المناعي البشري أو هيف(HIV) كما اكتشف العلماء فيروسا أخر اطلق عليه اسم هيف – (HIV-2) ، يهاجم الفيروس بصورة أساسية كريات دم بيضاء معينة وتشمل هذه الكريات الخلايا التائية المساعدة والبلاغم التي تؤدي دورا مهما في وظيفة جهاز المناعة ، وفي داخل هذه الخلايا يتكاثر هذا الفيروس مما يؤدي الى تحطيم الوظيفة الطبيعية في جهاز المناعة لهذا السبب فإن الشخص المصاب بفيروس هيف يصبح عرضة الاصابة بأمراض جرثومية معينة قد لا يصاب بها الشخص العادي أو قد لا تكون ممرضة بطبيعتها وتسمى هذه الامراض الامراض الانتهازية لانها تستغل تحطم جهاز المناعة.
      وكيفية انتقال فيروس الايدز تكمن في ثلاثة أسباب : 1- الاتصال الجنسي وهو السبب الرئيسي لانتقال فيروس الايدز 2- التعرض للدم الملوث 3 – انتقال الفيروس من الام الحامل الى الجنين.
      الأعراض
      قد يكمن فيورس الايدر في جسم الانسان لعشر سنوات أو أكثر بدون أن يحدث أي مرض كما أن نصف الاشخاص المصابين بالايدز يظهر لديهم أعراض مصاحبة لأمراض أخرى تكون في العادة أقل خطورة من الايدر لكن بوجود العدوى بالإيدز فإن هذه الأعراض تطول وتصبح أكثر حدة وهذه الاعراض تشمل تضخما في الغدة اللمفاوية وتعبا شديدا وحمى وفقدان الشهية وفقدان الوزن والاسهال والعرق الليلي وقد يسبب فيروس الايدز متلازمة نقص الوزن وتدهور في الصحة العامة للإنسان وقد يصيب الدماغ محدثا خللا في التفكير والإحساس والذاكرة والحركة والاتزان.
      والاشخاص المصابون بفيروس الايدز معرضون بدرجة كبيرة للامراض الانتهازية فهناك أمراض معينة تصيب الاشخاص المصابين بفيروس الايدز فمثلا ذات الرئة الذي تسببه المتكيسة الرئوية الكارينية وغرن كابوسي هي أغلب الامراض المصاحبة التي تصيب 65% من مرضى الايدز ويعتبر ذات الرئة الذي يصيب الرئتين السبب الرئيسي للوفاة في أمريكا الشمالية أما غرن كابوسي فهو نوع من السرطان يظهر على الجلد ويكون مشابها للجلد المصاب بالحروق ولكن السرطان ينمو وينتشر.

      وقد يصاب بعض الناس بفيروس الايدز ولا تظهر لديهم أي أعراض للمرض بينما يصاب أخرون بالفيروس ولا تظهر لديهم الامراض الانتهازية ولكن قد تظهر عليهم الاعراض خلال سنتين الى عشر سنوات أو أكثر بعد الاصابة بالفيروس أما الاطفال الذين يولدون وهم مصابون بالايدز فقد تظهر عليهم الاعراض في فترة تقل عن المدة السابقة الذكر في البالغين .

      وسائل العلاج
      اصبح الكشف عن وجود دلائل فيروس الايدز في الدم واسع الانتشار ومتوافرا للجميع وبهذه الفحوص امكن التحقق من وجود الاجسام المضادة لفيروس الايدز والاجسام المضادة بروتينات تنتجها خلايا دم بيضاء معينة عند دخول الفيروسات أو الكتيريا أو الاجسام الغريبة الى جسم الانسان ويدل وجود الاجسام المضادة لفيروس الايدز في الدم ولا يمكن الاعتماد على فحص الدم فقط لمعرفة وتشخيص الايدز وقبل الحكم النهائي على الشخص بانه مصاب بالايدز فإن لدى الطبيب اعتبارا أخرى مثل حالة المريض وتاريخه الاجتماعي ومظهره الخارجي ومن الادوية التي تستطيع إيقاف نمو فيروس الايدز في مزارع المختبر هو دواء زيدوفودين وهو من ضمن الادوية المضادة للفيروسات الذي شاع استعماله واطلق عليه سابقا اسم ازيدوثيميدين ويعرف باسمه المختصر AZT كما يستخدم الدواء الحيوي الانترفون في علاج الايدز وللوقاية من هذا المرض اللعين تحاشي الاتصال الجنسي غير المشروع (الزنا) كما يعمل الباحثون على ايجاد لقاحات لمنع العدوى بفيروس الايدز وكذلك عدم تناول المخدرات بكافة صورها وأشكالها .

      --------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
    • فيروس الايدز


      مرض الأيدز ( HIV Infection ) ...العوز المناعي

      مرض خطير جدا ينتج عن عجز مقدرة الجهاز المناعي في الجسم عن محاربة كثير من الأمراض . و سببه فيروس يسمى "فيروس نقص المناعة البشري" Virus Human Immune-deficiency أو اختصارا HIV
      و سببه في أوروبا و أمريكا الشمالية هو فيروس HIV 1 رقم واحد , و في إفريقيا سببه HIV 1, ويوجد كذلك نوع أخر في إفريقيا يسمى HIV 2 رقم 2 .
      عند الإصابة بهذا الفيروس يكون موجودا في الخلايا الليمفاوية التي تسمى ( ت ) ( T ), خلية ت ,و هي خلية مساعدة ولها دور كبير في الجهاز المناعي للإنسان .
      يؤدي تدمير خلية T إلى ضعف الخلايا المناعية , و عند تعرض المريض للإصابة بالفيروس , أو البكتيريا , أو الطفيليات , يصبح الإنسان مريضا و يصاب بالمرض .
      كما أن مرض مريض الايدز يكون معرضا كذلك للأمراض الخبيثة مثل : ( كبوسي سركوما Kaposi's Sarcoma ) و ( اللمفاومه Lymphoma ) سرطالغدد الليمفاوية , و التركوما , و يصيب فيروس الايدز كذلك الجهاز العصبي .
      طرق العدوى :
      1- الاتصال الجنسي و هو السبب الرئيسي لانتقال فيروس الايدز .
      2- عن طريق نقل الدم أو مشتقاته الملوث بالفيروس .
      3- زراعة الأعضاء من متبرع مصاب .
      4- استخدام إبر أو أدوات حادة أو ثاقبة للجلد ملوثة مثل أمواس الحلاقة أو أدوات الوشم .
      5- عن طريق المشية من الأم الحامل .
      الأعراض : يبدأ مرض فقدان المناعة بارتفاع في درجة الحرارة , و انتفاخ الغدد الليمفاوية ,و طفح جلدي خلال 3 أسابيع من بداية الالتهاب .
      في معظم الحالات لا يشكو المريض من شيء ,و مدة الحضانة من 1 - 10 سنة .80%من الحالات قد يحصل له :
      1- متلازمة مع فقدان المناعة المكتسبة ( الأيدز )
      وهذه المتلازمة يوجد بها نقص في الخلايا (T4) , مع نقص في المناعة ,التهابات جديدة و متكررة مثل التهاب ( بنيمو سست كريني Pneumo Cystic Carinii ) و كذلك ( كبسوسي سركوما Kaposi's Sarcoma ) .


      فيروس الايدز










      وفي 50% من الحالات يعاني المرضى من فقدان المناعة بالكامل في مدة 10 سنوات .
      2- تضخم الغدد الليمفاوية المنتشر الدائم : و يشمل هذا النوع 30% من الحالات , و هي تكون أفضل من النوع الأول , و يعاني المريض من نقص في الوزن,الاسهال,ارتفاع الحرارة, التهاب طفيلي , نقص في كرات الدم البيضاء , و نقص في الخلايا المساعدة .

      * إصابة المخ Brain Involvment
      * فقدان الذاكرة , أو ما يسمى ( معقدة فقدان الذاكرة المناعي ), جنون , أو التهاب المخ ,و التهاب المخ يكون 50% من الحالات , و قد يصاب المخ لوحده , أو مع الأعراض الأخرى .
      * نقص في الصفائح الدموية يؤدي إلى نزيف من أي مكان في الجسم.
      التشخيص : تشخيص الحالة باخد عينة من الدم لفحص اختبار الايدز, وهو تحليل يمكن لأي شخص أن يجريه في أي مرفق صحي. يعتمد هذا التحليل على وجود الأجسام المضادة للفيروس في الدم ويعطي نتيجة فعالة بعد التعرض للعدوى بـ 6-12 أسبوع تقريبا. وفي حالة إيجابية هذا التحليل يتم عمل فحص تأكيدي يسمى وسترن بلوت Western Blot وتكون نتيجته قاطعة .

      العلاج : لا يوجد دواء خاص لمرض فقدان المناعة , و يمكن إعطاء بعض الأدوية ضد الفيروسات مثل : زيدوفيدين Zidovudine .
      لا يوجد تطعيم ضد مرض فقدان المناعة .
    • عمر بن الخطاب

      عمر بن الخطاب بن نوفل بن عبد العزى بن رباح بن قرط بن رزاح بن عدي بن كعب بن لؤي . وفي كعب يجتمع نسبه مع نسب رسول الله صلى الله عليه وسلم. هو أحد العشرة المبشرين بالجنة ، ومن علماء الصحابة وزهادهم. أول من عمل بالتقويم الهجري.

      لقبه: الفاروق. وكنيته أبو حفص، والحفص هو شبل الأسد.

      أمه : حنتمة بنت هشام المخزوميه أخت أبي جهل .

      كان له من الولد اثنا عشر ستة من الذكور هم : عبد الله وعبد الرحمن وزيد وعبيد الله وعاصم وعياض، وست من الإناث وهن : حفصة ورقية وفاطمة وصفية وزينب وأم الوليد .


      اسلامه
      أسلم في السنة السادسة من البعثة النبوية المشرفة . قال عمر رضي الله عنه : (خرجت أتعرض لرسول الله ، فوجدته سبقني إلى المسجد ، فقمت خلفه ، فاستفتح سورة الحاقة ، فجعلت أتعجب من تأليف القرآن ، فقلت : هذا والله شاعر كما قالت قريش ، قال : فقرأ { إنَّهٍ لّقّوًلٍ رّسٍولُ كّرٌيمُ <40> ومّا هٍوّ بٌقّوًلٌ شّاعٌرُ قّلٌيلاْ مَّا تٍؤًمٌنٍونّ } الحاقة ، فقلت : كاهن ، فقرأ الرسول { ولا بٌقّوًلٌ كّاهٌنُ قّلٌيلاْ مَّا تّذّكَّرٍونّ } الحاقة 42 ، حتى ختم السورة ، قال : (فوقع الإسلام في قلبي كل وقع ) . رواه أحمد .

      خلافته
      ولد قبل بعثة الرسول الله صلى الله عليه وسلم بثلاثين سنة وكان عدد المسلمين يوم أسلم تسعة وثلاثين مسلماً. وامتدّت خلافة عمر 10 سنين و 6 أشهر وأربعة أيام.

      الفتوحات الإسلامية
      فتحت في عهده بلاد الشام والعراق وفارس ومصر وبرقة وطرابلس الغرب وأذربيجان ونهاوند وجرجان وبنيت في عهده البصرة والكوفة. وكان عمر أوّل من أخرج اليهود من الجزيرة العربية الى الشام.

      بيعة عمر
      رغب ابو بكر الصديق رضي الله عنه في شخصية قوية قادرة على تحمل المسئولية من بعده ، واتجه رأيه نحو عمر بن الخطاب رضي الله عنه فاستشار في ذلك عدد من الصحابة مهاجرين وأنصارا فأثنوا عليه خيرا ومما قاله عثمان بن عفان رضي الله عنه : ( اللهم علمي به أن سريرته أفضل من علانيته ، وأنه ليس فينا مثله ) وبناء على تلك المشورة وحرصا على وحدة المسلمين ورعاية مصلحتهم، أوصى أبو بكر الصديق بخلافة عمر من بعده ، وأوضح سبب اختياره قائلا : (اللهم اني لم أرد بذلك الا صلاحهم ، وخفت عليهم الفتنة فعملت فيهم بما أنت أعلم ، واجتهدت لهم رأيا فوليت عليهم خيرهم وأقواهم عليهم ). ثم أخذ البيعة العامة له بالمسجد اذ خاطب المسلمين قائلا : (أترضون بمن أستخلف عليكم ؟ فوالله ما آليت من جهد الرأي ، ولا وليت ذا قربى ، واني قد استخلفت عمر بن الخطاب فاسمعوا له وأطيعوا) فرد المسلمون : (سمعنا وأطعنا) وبايعوه سنة ( 13 هـ ).


      مماته
      كان عمر رضي الله عنه يتمنى الشهادة في سبيل الله ويدعو ربه لينال شرفها : ( اللهم أرزقني شهادة في سبيلك واجعل موتي في بلد رسولك)... وفي ذات يوم وبينما كان يؤدي صلاة الفجر بالمسجد طعنه أبو لؤلؤة المجوسي ( غلاما للمغيرة بن شعبة ) عدة طعنات في ظهره أدت الى مماته ليلة الأربعاء لثلاث ليال بقين من ذي الحجة سنة ثلاث وعشرين من الهجرة... ولما علم قبل وفاته أن الذي طعنه مجوسي حمد الله تعالى أن لم يقتله مسلم... ودفن الى جوار الرسول صلى الله عليه وسلم وأبي بكر الصديق في الحجرة النبوية الشريفة الموجودة الآن في المسجد النبوي في المدينة المنورة.



      --------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------



      عمر بن الخطاب
      أحد العشرة المبشرين بالجنة
      يا ابن الخطاب والذي نفسي بيده ما لقيك الشيطان سالكا فجا قط الا سلك فجا غير فجك 0000000" حديث شريف "0




      ولد عمر بعد عام الفيل بثلاث عشرة سنة ، يصل نسبه الى عدي بن كعب القرشي ، عرف في شبابه بالشدة والقوة ،00انت له مكانة رفيعة في قومه اذ كانت له السفارة في الجاهلية0 فتبعثه قريش رسولا اذا ما وقعت الحرب بينهم أو بينهم و بين غيرهم000



      اسلامه

      أسلم في السنة السادسة من البعثة النبوية المشرفة ، فقد كان الخباب بن الأرت يعلم القرآن لفاطمة بنت الخطاب وزوجها سعيد بن زيد ، عندما فاجأهم عمر بن الخطاب متقلدا سيفه الذي خرج به ليصفي حسابه مع الإسلام ورسوله ،00 لكنه لم يكد يتلو القرآن المسطور في الصحيفة حتى صاح دلوني على محمد وسمع خباب كلمات عمر ، فخرج من مخبئه وصاح ( يا عمر والله إني لأرجو أن يكون الله قد خصك بدعوة نبيه -صلى الله عليه وسلم- ، فإني سمعته بالأمس يقول :( اللهم أيد الإسلام بأحب الرجلين إليك ، أبي الحكم بن هشام ، وعمر بن الخطاب )00فسأله عمر من فوره :( وأين أجد الرسول الآن يا خباب ؟)000وأجاب خباب :( عند الصفا في دار الأرقم بن أبي الأرقم )000فمضى عمر الى مصيره العظيم0000000وباسلامه ظهر الاسلام في مكة اذ قال للرسول صلى الله عليه وسلم والمسلمون في دار الأرقم " والذي بعثك بالحق لتخرجن ولنخرجن معك " 00خرج المسلمون ومعهم عمر ودخلوا المسجد الحرام وصلوا حول الكعبة دون أن تجرؤ قريش على اعتراضهم أو منعهم ، لذلك سماه الرسول -صلى الله عليه وسلم - ( الفاروق ) لأن الله فرق بين الحق والباطل 000




      شجاعته


      هو أحد العشرة المبشرين بالجنة ، ومن علماء الصحابة وزهادهم ، وضع الله الحق على لسانه اذ كان القرآن ينزل موافقا لرأيه ، وكان قويا في الحق لا يخشى فيه لومة لائم ، قال فيه الرسول - صلى الله عليه وسلم - : " يا ابن الخطاب والذي نفسي بيده ما لقيك الشيطان سالكا فجا قط الا سلك فجا غير فجك "000ومن شجاعته وهيبته أنه أعلن على مسامع قريش أنه مهاجر بينما كان المسلمون يخرجون سرا ، وقال متحديا من أراد أن تثكله أمه وييتم ولده وترمل زوجته فليلقني وراء هذا الوادي 0فلم يجرؤ أحد على الوقوف في وجهه000




      خلافة عمر


      رغب أبو بكر - رضي الله عنه - في شخصية قوية قادرة على تحمل المسئولية من بعده ، واتجه رأيه نحو عمر بن الخطاب فاستشار في ذلك عدد من الصحابة مهاجرين وأنصارا فأثنوا عليه خيرا ومما قاله عثمان بن عفان : ( اللهم علمي به أن سريرته أفضل من علانيته ، وأنه ليس فينا مثله )000 وبناء على تلك المشورة وحرصا على وحدة المسلمين ورعاية مصلحتهم000أوصى أبو بكر الصديق بخلافة عمر من بعده ، وأوضح سبب اختياره قائلا :اللهم اني لم أرد بذلك الا صلاحهم ، وخفت عليهم الفتنة فعملت فيهم بما أنت أعلم ، واجتهدت لهم رأيا فوليت عليهم خيرهم وأقواهم عليهم ثم أخذ البيعة العامة له بالمسجد اذ خاطب المسلمين قائلا :(أترضون بمن أستخلف عليكم ؟ فوالله ما آليت من جهد الرأي ، ولا وليت ذا قربى واني قد استخلفت عمر بن الخطاب فاسمعوا له وأطيعوا )000فرد المسلمون :(سمعنا وأطعنا)000وبايعوه000




      انجازاته


      استمرت خلافته عشر سنين تم فيها كثير من الانجازات المهمة000فقد تم للمسلمين فتح العراق وفارس والشام ومصر ، وانتشر الاسلام خارج شبه الجزيرةالعربية000 ونظم الخراج و ديوان الجند واهتم بالقضاء والقضاة000وهو أول من كتب التاريخ من الهجرة النبوية000وأول من سمي بأمير المؤمنين000ولهذا وصفه ابن مسعود -رضي الله عنه- فقال :( كان اسلام عمر فتحا ، وكانت هجرته نصرا ، وكانت امامته رحمه ، ولقد رأيتنا وما نستطيع أن نصلي الى البيت حتى أسلم عمر ، فلما أسلم عمر قاتلهم حتى تركونا فصلينا)000




      استشهاده


      كان عمر - رضي الله عنه - يتمنى الشهادة في سبيل الله ويدعو ربه لينال شرفها ( اللهم أرزقني شهادة في سبيلك واجعل موتي في بلد رسولك)0وفي ذات يوم وبينما كان يؤدي صلاة الفجر بالمسجد طعنه أبو لؤلؤة المجوسي عدة طعنات في ظهره أدت الى استشهاده ليلة الأربعاء لثلاث ليال بقين من ذي الحجة سنة ثلاث وعشرين من الهجرة000 ولما علم قبل وفاته أن الذي طعنه ذلك المجوسي حمد الله تعالى أن لم يقتله رجل سجد لله تعالى سجدة000ودفن الى جوار الرسول -صلى الله عليه وسلم- وأبي بكر الصديق -رضي الله عنه- في الحجرة النبوية الشريفة الموجودة الآن في المسجد النبوي في المدينة المنورة000


      --------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------



      هو: عمر بن الخطاب بن نفيل بن عبد العزى، أبو حفص، الفاروق العدوي القرشي. وأمه: حنتمة بنت هشام بن المغيرة المخزومي.

      ولد في مكة المكرمة حوالي سنة (40) قبل الهجرة، ونشأ في قومه عزيزاً مكرماً، وكانت إليه السفارة في قريش، عارض الإسلام في بداية أمره، ثم أسلم في السنة السادسة للبعثة، وكان المسلمون مستضعفين فعزوا به، وجاهروا بإسلامهم.

      هاجر إلى المدينة على مرأى من زعماء قريش، وأنذرهم أن يتعرض له أحد.

      وفي المدينة شهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الغزوات كلها، وقاد بعض السرايا أميراً عليها، وكان هو وأبو بكر رضي الله عنهما وزيري رسول الله صلى الله عليه وسلم.

      ولما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم كان المستشار المؤتمن، والقاضي العدل للخليفة أبي بكر الصديق.

      ثم آلت إليه الخلافة بعد الصديق سنة (13هـ)، فتولاها بقوة المؤمن المخلص، وعزيمة القوي الشجاع، فساد العدل بين الناس، وكثرت الفتوحات خارج الجزيرة العربية، حيث تم فتح بلاد الشام والعراق وفارس ومصر والجزيرة، وغيرها.

      وهو أول من وضع التاريخ الهجري، وأول من اتخذ بيت المال للمسلمين، وأول من جمع الناس على صلاة التراويح في المسجد النبوي الشريف، وأول من أنشأ الدواوين وفرض الأعطيات، وغيرها.

      وكان شديداً على عماله وولاته، يحاسبهم في نهاية ولايتهم على أموالهم وممتلكاتهم الخاصة.

      وفي عام 18هـ ـ وهو عام وقع فيه القحط والمجاعة، وكان يسمى عام الرمادة ـ كان لا يأكل إلا الخبز والزيت حتى اسود جلده، وهو يقول: بئس الوالي أنا إذا شبعت وجاع الناس.

      روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أحاديث كثيرة، وروى عنه: علي بن أبي طالب، وعبد الله بن مسعود، وعبد الله بن عباس، وأبو هريرة، ومولاه أسلم، وغيرهم من الصحابة.

      وكان في خلافته يؤم المسلمين في الصلوات والجمع والأعياد.

      كان عمر رضي الله عنه طويلاً جسيماً، قوياً في دينه، ذا هيبة ظاهرة، شديد الورع، واسع العلم، طاهر اليد، وكان نقش خاتمه: (كفى بالموت واعظاً يا عمر).

      وله من الفضائل والمناقب الشيء الكثير:

      روت السيدة عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن الشيطان يَفْرَقُ من عمر) أخرجه أحمد.

      وعن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعمر: ((... فوالذي نفسي بيده ما لقيك الشيطان سالكاً فجاً إلا سلك فجاً غير فجك)). أخرجه البخاري.

      وكان له كرامات مشهورة منها: مخاطبته سارية بن زنيم من على منبر المدينة، وسارية على أبواب نهاوند، وسماع سارية نداءه.

      توفي عمر رضي الله عنه سنة 23هـ في المدينة المنورة، بطعنة من أبي لؤلؤة المجوسي، غلام المغيرة بن شعبة، وهو يصلي الفجر فحمل إلى داره وظل ثلاثة أيام، ثم توفي بعدها ودفن في البقيع، رضي الله عنه وأرضاه
    • مشكووور أخوي ملك البلاد على هالموضوع الرائع والخدمه الرائعه اللي تقدمها ..

      والله يعطيك العافيه ويجازيك كل خير يا رب ..

      ممكن أخوي لو سمحت .. أريد عن علم البيان ( من أقسام البلاغة )

      والشكر لك ..

      :)
    • علوم البلاغة (علم البيان + علم البديع +علم المعاني )

      [frame='2 80']السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


      اقدم لكم علوم البلاغة

      علم البلاغة
      عبارة عن علم البيان، والبديع، والمعاني، والغرض من تلك العلوم‏:‏ أن البلاغة سواء كانت في الكلام، أو في المتكلم، رجوعها إلى أمرين‏:‏
      أحدهما‏:‏ الاحتراز عن الخطأ في تأدية المعنى المراد، أي‏:‏ ما هو مراد البليغ من الغرض المصوغ له الكلام، كما هو المتبادر من إطلاق المعنى المراد في كتب علم البلاغة، فلا يندرج فيه الاحتراز عن التعقيد المعنوي، كما توهمه البعض، ولا الاحتراز عن التعقيد مطلقاَ‏.‏
      والثاني‏:‏ تمييز الفصيح عن غيره، ومعرفة أن هذا الكلام فصيح، وهذا غير فصيح فمنه‏:‏ ما يبين في علم متن اللغة، والتصريف، أو‏:‏ النحو، أو يدرك بالحس، وهو‏:‏ أي ما يبين في هذه العلوم ما عدا التعقيد المعنوي، فمست الحاجة للاحتراز عن الخطأ في تأدية المعنى المراد إلى علم، واللاحتراز عن التعقيد المعنوي إلى علم آخر، فوضعوا لهما علمي‏:‏ المعاني، والبيان، وسموهما‏:‏ علم البلاغة، لمزيد اختصاص لهما بها، ثم احتاجوا لمعرفة ما يتبع البلاغة من وجوه التحسين إلى علم آخر، فوضعوا له علم البديع، فما يحترز به عن الأول، أي الخط في التأدية‏:‏ علم المعاني، وما يحترز به عن ‏ الثاني، أي التعقيد المعنوي‏:‏ علم البيان، وما يعرف به وجوه التحسين‏:‏ علم البديع‏.‏
      ----------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
      علم البديع
      هو علم تعرف به وجوه تفيد الحسن في الكلام، بعد رعاية المطابقة، لمقتضى الحال، وبعد رعاية وضوح الدلالة على المرام، فإن هذه الوجوه إنما تعد محسنة بعد تينك الرعايتين، وإلا لكان كتعليق الدرر على أعناق الخنازير، ومرتبة هذه العلم بعد مرتبة علمي‏:‏ المعاني، والبيان، حتى أن بعضهم لم يجعله علماً على حدة، وجعله ذيلاً لها، لكن تأخر رتبته لا يمنع كونه علماً مستقلاً، ولو أعتبر ذلك لما كان كثير من العلوم علماً على حدة فتأمل، وظهر من هذا موضوعه، وغرضه، وغايته‏.‏
      قال في‏:‏ ‏(‏‏(‏مدينة العلوم‏)‏‏)‏‏:‏ موضوعه‏:‏ اللفظ العربي من حيث التحسين، والتزيين العرضيين، بعد تكميل دائرتي الفصاحة، والبلاغة‏.‏
      وغرضه‏:‏ تحصيل ملكة تحلية الكلام بالمحسنات العرضية، وغايته‏:‏ الاحتراز عن خلو الكلام عن التحلية المذكورة، ومنفعته‏:‏ النظرية لنشاط السامع، وزيادة القبول في العقول، ومباديه‏:‏ تتبع الخطب، والرسائل، والأشعار المتحلية بالصنائع البديعية‏.‏ انتهى‏.‏
      وعبارة‏:‏ ‏(‏‏(‏الكشاف‏)‏‏)‏‏:‏ موضوعه اللفظ البليغ من حيث أن له توابع‏.‏
      قال في‏:‏ ‏(‏‏(‏الكشف‏)‏‏)‏‏:‏ وأما منفعته‏:‏ فإظهار رونق الكلام حتى يلج الأذن بغير إذن، ويتعلق بالقلب من غير كد، وإنما دونوا هذا العلم لأن الأصل، وإن كان الحسن الذاتي، وكان المعاني، والبيان، مما يكفي في تحصيله، لكنهم اعتنوا بشأن الحسن العرضي أيضاً، لأن الحسناء إذا عريت عن المزينات ربما يذهل بعض القاهرين ‏ عن تتبع محاسنها فيفوت التمتع بها، ثم إن وجوه التحسين الزائد إما‏:‏ راجعة إلى تحسين المعنى أصالة، وإن كان لا يخلو عن تحسين اللفظ تبعاً‏.‏
      وإما‏:‏ راجعة إلى تحسين اللفظ كذلك، فالأولى‏:‏ تسمى معنوية، والثانية‏:‏ لفظية‏.‏
      وهذا الفن ذكره أهل البيان في أواخر علم البيان إلا أن المتأخرين زادوا عليها شيئاً كثيراً، ونظموا فيه قصائد، وألفوا كتباً‏.‏
      ومن الكتب المختصة بعلم البديع كتاب‏:‏ ‏(‏‏(‏البديع‏)‏‏)‏ لأبي العباس عبد الله بن المعتز العباسي، المتوفى سنة ست وتسعين ومائتين، وهو أول من صنف فيه وكان جملة ما جمع منها سبع عشرة نوعاً ألفه سنة أربع وسبعين ومائتين، ولأبى أحمد حسن العسكري، وشهاب الدين أحمد بن شمس الدين الخولي، المتوفى سنة ثلاث وتسعين وستمائة، و‏:‏ ‏(‏‏(‏زهرة الربيع‏)‏‏)‏ للشيخ المطرزي، ومنها‏:‏ ‏(‏‏(‏بديعيات الأدباء‏)‏‏)‏، وهي قصائد مع شروحها‏.‏
      قال في‏:‏ ‏(‏‏(‏مدينة العلوم‏)‏‏)‏، و‏:‏ ‏(‏‏(‏البديع‏)‏‏)‏ للتيفاشي، و‏:‏ ‏(‏‏(‏التحرير والتحبير‏)‏‏)‏ لابن أبي الأصبع، و‏:‏ ‏(‏‏(‏شرح البديعيات‏)‏‏)‏ لابن حجة، ومن الكتب المشتملة على الفنون الثلاثة‏:‏ ‏(‏‏(‏روض الأذهان‏)‏‏)‏، وكذا‏:‏ ‏(‏‏(‏المصباح‏)‏‏)‏ لابن مالك، وكتاب‏:‏ ‏(‏‏(‏مفتاح العلوم‏)‏‏)‏ للسكاكي، اشتمل على هذه الثلاثة، وقدم عليها الاشتقاق، والنحو، والصرف، وأورد عقيب الثلاثة المذكورة بطريق التكملة على الاستدلال علم العروض، و القوافي، ودفع المطاعن عن القرآن، وله شروح كثيرة، ذكرها في‏:‏ ‏(‏‏(‏كشف الظنون‏)‏‏)‏ منها‏:‏ ‏(‏‏(‏شرح السعد التفتازاني‏)‏‏)‏‏.‏
      ومن الكتب النافعة في العلوم المذكورة‏:‏ ‏(‏‏(‏تلخيص المفتاح‏)‏‏)‏ و‏:‏ ‏(‏‏(‏الإيضاح‏)‏‏)‏، وهو يجري مجرى الشرح لـ‏:‏ ‏(‏‏(‏التخليص‏)‏‏)‏، كلاهما لقاضي القضاة جلال لدين القزويني الشافعي‏.‏
      ومن أراد الوقوف في علم البلاغة على العجب العجاب، والسحر في هذا الباب، فعليه بكتاب‏:‏ ‏(‏‏(‏دلائل الإعجاز‏)‏‏)‏، و‏:‏ ‏(‏‏(‏أسرار البلاغة‏)‏‏)‏، كلاهما من مؤلفات الشيخ عبد القاهر الجرجاني وقيل‏:‏ إن كتابيه في هذه الفنون بحران تنشعب منهما العيون ‏)‏ - والله أعلم -، و‏:‏ ‏(‏‏(‏حدائق البلاغة‏)‏‏)‏ للشيخ شمس الدين الفقير، وهي بالفارسية‏.‏
      -------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------

      علم البيان
      هو‏:‏ علم يعرف به إيراد المعنى الواحد بتراكيب مختلفة، في وضوح الدلالة على المقصود، بأن تكون دلالة بعضها أجلى من بعض‏.‏
      وموضوعه‏:‏ اللفظ العربي من حيث وضوح الدلالة على المعنى المراد‏.‏
      وغرضه‏:‏ تحصيل ملكة الإفادة بالدلالة العقلية، وفهم مدلولاتها، ليختار الأوضح منها، مع فصاحة المفردات‏.‏
      وغايته‏:‏ الاحتراز من الخطأ في تعيين المعنى المراد بالدلالة الواضحة‏.‏
      ومباديه‏:‏ بعضها‏:‏ عقلية كأقسام الدلالات، والتشبيهات، والعلاقات المجازية، ومراتب الكنايات، وبعضها‏:‏ وجدانية ذوقية، كوجوه التشبيهات، وأقسام الاستعارات، وكيفية حسنها، ولطفها، وإنما اختاروا في علم البيان وضوح الدلالة، لأن بحثهم لما اقتصر على الدلالة العقلية - أعني التضمنية والالتزامية -، وكانت تلك الدلالات خفية، سيما إذا كان اللزوم بحسب العادات، والطبائع، وبحسب الألف، فوجب التعبير عنهما بلفظ أوضح، مثلا إذا كان المرئي دقيقاً في الغاية، تحتاج الحاسة في إبصارها إلى شعاع قوي، بخلاف المرئي إذا كان جلياً، وكذا الحال في الروية العقلية، أعني الفهم والإدراك‏.‏
      والحاصل‏:‏ أن المعتبر في علم البيان دقة المعاني المعتبرة فيها، من الاستعارات، والكنايات، مع وضوح الألفاظ الدالة عليها‏.‏
      قال في‏:‏ ‏(‏‏(‏كشاف اصطلاحات الفنون‏)‏‏)‏‏:‏ علم البيان‏:‏ علم يعرف به إيراد المعنى الواحد بطرق مختلفة، في وضوح الدلالة عليه، كذا ذكر الخطيب في‏:‏ ‏(‏‏(‏التلخيص‏)‏‏)‏، وقد احترز به عن ملكة الاقتدار على إيراد المعنى العادي، عن الترتيب الذي يصير به المعنى معنى الكلام المطابق لمقتضى الحال، بالطرق المذكورة، فإنها ليست من علم البيان، وهذه الفائدة أقوى مما ذكره السيد السند من أن فيما ذكره القوم تنبيهاً على أن علم البيان ينبغي أن يتأخر عن علم المعاني في الاستعمال، وذلك لأنه يعلم منه هذه الفائدة أيضاً، فإن رعاية مرابت الدلالة في الوضوح، والخفاء على المعنى، ينبغي أن يكون بعد رعاية مطابقته لمقتضى الحال، فإن هذه كالأصل في المقصودية، وتلك فرع، وتتمة لها، وموضعه‏:‏ اللفظ البليغ، من حيث أنه كيف يستفاد منه المعنى الزائد على أصل المعنى، وإن شئت زيادة التوضيح، فارجع إلى الأطول‏.‏ انتهى‏.‏
      قال ابن خلدون في‏:‏ ‏(‏‏(‏بيان علم البيان‏)‏‏)‏‏:‏ هذا العلم حادث في الملة بعد علم العربية، واللغة، وهو من العلوم اللسانية، لأنه متعلق بالألفاظ، وما تفيده، ويقصد بها الدلالة عليه من المعاني‏.‏
      وذلك وأن الأمور التي يقصد المتكلم بها إفادة السامع من كلامه، هي‏:‏ إما تصور مفردات تسند، ويسند إليها، ويفضي بعضها إلى بعض، والدالة على هذه هي المفردات من الأسماء، والأفعال، والحروف،
      وأما تمييز المسندات من المسند إليها، والأزمنة، ويدل عليها بتغير الحركات، وهو الإعراب، وأبنية الكلمات، وهذه كلها هي صناعة النحو، يبقى من الأمور المكتنفة بالواقعات المحتاجة للدلالة أحوال المتخاطبين، أو الفاعلين، وما يقتضيه حال الفعل، وهو محتاج إلى الدلالة عليه، لأنه من تمام الإفادة، وإذا حصلت للمتكلم، فقد بلغ غاية الإفادة في كلامه، وإذا لم يشتمل على شيء منها، فليس من جنس كلام العرب، فإن كلامهم واسع، ولكل مقام عندهم مقال، يختص به بعد كمال الإعراب، والإبانة، ألا ترى أن قولهم‏:‏ زيد جاءني مغاير لقولهم‏:‏ جاءني زيد، من قبل أن المتقدم منهما، هو الأهم عند المتكلم‏.‏
      ومن قال‏:‏ جاءني زيد، أفاد أن اهتمامه بالمجيء قبل الشخص المسند إليه‏.‏
      ومن قال زيد جاءني أفاد أن اهتمامه بالشخص قبل المجيء المسند‏.‏
      وكذا التعبير عن أجزاء الجملة بما يناسب المقام من موصول، أو مبهم، أو معرفة، وكذا تأكيد الإسناد على الجملة، كقولهم زيد قائم، وإن زيداً قائم، ‏، وإن زيداً القائم متغايرة كلها في الدلالة، وإن استوت من طريق الأعراف‏.‏
      فإن الأول‏:‏ العادي عن التأكيد إنما يفيد الخالي الذهن‏.‏
      والثاني‏:‏ المؤكد بأن يفيد المتردد‏.‏
      والثالث‏:‏ يفيد المنكر فهي مختلفة‏.‏
      وكذلك تقول جاءني الرجل، ثم تقول مكانه بعينه جاءني رجل، إذا قصدت بذلك التنكير تعظيمه، وأنه رجل لا يعادله أحد من الرجال، ثم الجملة الإسنادية تكون خبرية‏:‏ وهي التي لها خارج تطابقه، أولا، وإنشائية‏:‏ وهي التي لا خارج لها، كالطلب، وأنواعه، ثم قد يتعين ترك العاطف بين الجملتين، إذا كان للثانية محل من الإعراب فينزل بذلك منزلة التابع المفرد نعتاً، وتوكيداً، وبدلاً بلا عطف، أو يتعين العطف إذا لم يكن للثانية محل من الإعراب، ثم يقتضي المحل الإطناب، والإيجاز فيورد الكلام عليهما، ثم قد يدل باللفظ، ولا يريد منطوقه، ويريد لازمه، إن كان مفرداً كما تقول‏:‏ زيد أسد فلا تريد حقيقة الأسد المنطوقة، وإنما تزيد شجاعته اللازمة، وتسندها إلى زيد، وتسمى هذه استعارة‏.‏
      وقد تريد باللفظ المركب الدلالة على ملزومه كما تقول‏:‏ زيد كثير الرماد، وتريد به ما لزم ذلك عنه من الجود، وقرى الضيف لأن كثرة الرماد ناشئة عنهما فهي دالة عليهما، وهذه كلها دلالة زائدة على دلالة الألفاظ المفرد، والمركب، وإنما هي هيئات، وأحوال لواقعات جعلت للدلالة عليها أحوال، وهيئات في الألفاظ، كل بحسب ما يقتضيه مقامه، فاشتمل هذا العلم المسمى بـ‏:‏ البيان على البحث عن هذه الدلالات التي للهيئات، والأحوال، والمقامات، وجعل على ثلاثة أصناف‏:‏
      الصنف الأول‏:‏ يبحث فيه عن هذه الهيئات، والأحوال التي تطابق باللفظ جميع مقتضيات الحال ويسمى‏:‏ علم البلاغة‏.‏
      والصنف الثاني‏:‏ يبحث فيه عن الدلالة على اللازم اللفظي، وملزومه، وهي ‏ الاستعارة، والكناية - كما قلناه -، ويسمى‏:‏ علم البيان، وألحقوا بهما صنفاً آخر، وهو النظر في تزيين الكلام، وتحسينه، بنوع من التنميق، إما بسجع يفصله، أو تجنيس يشابه بين ألفاظه، وترصيع يقطع أوزانه، أو تورية عن المعنى المقصود بإيهام معنى أخفى منه لاشتراك اللفظ بينهما، وأمثال ذلك، ويسمى عندهم‏:‏ علم البديع‏.‏
      وأطلق على الأصناف الثلاثة عند المحدثين اسم‏:‏ البيان، وهو‏:‏ اسم الصنف الثاني، لأن الأقدمين أول ما تكلموا فيه، ثم تلاحقت مسائل الفن واحدة بعد أخرى‏.‏
      وكتب فيها جعفر بن يحيى، والجاحظ، وقدامة، وأمثالهم، ملاءات غير وافية‏.‏
      ثم لم تزل مسائل الفن تكمل شيئاً فشيئاً إلى أن محض السكاكي زبدته، وهذب مسائله، ورتب أبوابه على نحو ما ذكرناه آنفاً من الترتيب، وألف كتابه المسمى بـ‏:‏ ‏(‏‏(‏المفتاح في النحو الصرف، والبيان‏)‏‏)‏، فجعل هذا الفن من بعض أجزائه، وأخذه المتأخرون من كتابه، ولخصوا منه أمهات هي المتداولة لهذا العهد، كما فعله السكاكي في كتاب‏:‏ ‏(‏‏(‏التبيان‏)‏‏)‏، وابن مالك في كتاب‏:‏ ‏(‏‏(‏المصباح‏)‏‏)‏، وجلال الدين القزويني في كتاب‏:‏ ‏(‏‏(‏الإيضاح والتلخيص‏)‏‏)‏ وهو أصغر حجماً من الإيضاح‏.‏
      والعناية به لهذا العهد عند أهل المشرق في الشرح، والتعليم منه أكثر من غيره، وبالجملة فالمشارقة على هذا الفن، أقوم من المغاربة، وسببه - والله أعلم -‏:‏ أنه كمالي في العلوم اللسانية، والصنائع الكمالية توجد في العمران، والمشرق أوفر عمراناً من المغرب‏.‏
      أو نقول‏:‏ لعناية العجم، وهو معظم أهل المشرق، كـ‏:‏ ‏(‏‏(‏تفسير الزمخشري‏)‏‏)‏، وهو كل مبني على هذا الفن، وهو أصله، وإنما اختص بأهل المغرب من أصنافه‏:‏ علم البديع خاصة، وجعلوه من جملة علوم الأدب الشعرية، وفرعوا له ألقاباً، وعددوا أبواباً، ونوعوا، وزعموا أنهم أحصوها من لسان العرب، وإنما حملهم على ذلك‏:‏ الولوع بتزيين الألفاظ‏.‏
      وأن علم البديع، سهل المأخذ، وصعبت عليهم مآخذ البلاغة، والبيان، لدقة أنظارهما، وغموض معانيهما، فتجافوا عنهما‏.‏
      ومن ألف في البديع من أهل إفريقية ابن رشيق، وكتاب‏:‏ ‏(‏‏(‏العمدة‏)‏‏)‏ له مشهور، وجرى كثير من أهل إفريقية، والأندلس على منحاه‏.‏
      واعلم أن ثمرة هذا الفن، إنما هي في فهم الإعجاز من القرآن، لأن إعجازه في وفاء الدلالة منبه لجميع مقتضيات الأحوال، منطوقة، ومفهومة، وهي أعلى مراتب الكلام، مع الكمال فيما يختص بالألفاظ في انتقائها، وجودة رصفها، وتركيبها، وهذا هو الإعجاز الذي تقصر الأفهام عن دركه، وإنما يدرك بعض الشيء منه من كان له ذوق بمخالطة اللسان العربي، وحصول ملكته، فيدرك من إعجازه على قدر ذوقه، فلهذا كانت مدارك العرب الذين سمعوه من مبلغه أعلى مقاماً في ذلك، لأنهم فرسان الكلام، وجهابذته، والذوق عندهم موجود بأوفر ما يكون وأصحه‏.‏
      وأحوج ما يكون إلى هذا الفن المفسرون، وأكثر تفاسير المتقدمين غفل عنه، حتى ظهر جار الله الزمخشري، ووضع كتابه في التفسير حيث جاء بأحكام هذا الفن بما يبدي البعض من إعجازه، فانفرد بهذا الفضل على جميع التفاسير، لولا أنه يؤيد عقائد أهل البدع، عند اقتباسها من القرآن بوجوه البلاغة، ولأجل هذا يتحاماه كثير من أهل السنة، مع وفور بضاعته من البلاغة، فمن أحكم عقائد أهل السنة، وشارك في هذا الفن بعض المشاركة، حتى يقتدر على الرد عليه من جنس كلامه، أو يعلم أنه بدعة فيعرض عنها، ولا تضر في معتقده، فإنه يتعين عليه النظر في هذا الكتاب، للظفر بشيء من الإعجاز مع السلامة من البدع، - والأهواء والله الهادي من يشاء إلى سواء السبيل -‏.‏ انتهى كلام ابن خلدون‏.‏
      وأقول‏:‏ إن تفسير أبي السعود، قد وفى بحق المعاني، والبيان، والبديع، التي في القرآن الكريم على نحو ما أشار إليه ابن خلدون، بيد أنه رجل فقيه لا يفسر الكتاب على مناحي السلف، ولا يعرف علم الحديث حق المعرفة، فجاء الله - سبحانه - بقاضي القضاة محمد بن علي الشوكاني اليمني - - رحمه الله -، ووفقه لتفسير كتابه العزيز - على طريقة الصحابة، والتابعين، وحذا حذوهم، وميز بين الأقوال الصحيحة، والآراء السقيمة، وفسر بالأخبار المرفوعة، والآثار المأثورة، وحل المعضلات، وكشف القناع عن وجوه المشكلات، إعرابا، وقراءة، - فجزاه الله عنا خير الجزاء -‏.‏
      ثم وفق الله - سبحانه - هذا العبد، بتحرير تفسير جامع لهذه كلها، على أبلغ أسلوب، وأمتن طريقة، يغني عن تفاسير الدنيا بتمامها، وهو في أربعة مجلدات، وسماه‏:‏ ‏(‏‏(‏فتح البيان في مقاصد القرآن‏)‏‏)‏، ولا أعلم تفسيراً على وجه البسيطة يساويه في اللطافة، والتنقيح، أو يوازيه في الرقة، والتصحيح، ومن يرتاب في دعواي هذه، فعليه بتفاسير المحققين المعتمدين، ينظر فيها أولاً، ثم يرنو في ذلك، يتضح له الأمر، كالنيرين، ويسفر الصبح لذي عينين، - وبالله التوفيق -‏.‏
      قال في‏:‏ ‏(‏‏(‏مدينة العلوم‏)‏‏)‏‏:‏ ومن الكتب المفردة فيه‏:‏ ‏(‏‏(‏الجامع الكبير‏)‏‏)‏ لابن أثير الجزري، و‏:‏ ‏(‏‏(‏نهاية الإعجاز‏)‏‏)‏ للإمام فخر الدين الرازي - - رحمه الله - تعالى -‏.‏ انتهى‏.‏
      --------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------


      علم المعاني
      هو تتبع خواص تراكيب الكلام، ومعرفة تفاوت المقامات حتى يمكن من الاحتراز عن الخطأ في تطبيق الأولى على الثانية، وذلك لأن للتراكيب خواص مناسبة لها يعرفها الأدباء، إما بسيلقتهم، أو بممارسة علم البلاغة، وتلك الخواص بعضها ذوقية، وبعضها استحسانية وبعضها توابع، ولوزام المعاني الأصلية لكن لزوما معتبرا في عرف البلغاء، وإلا لما اختص فهمها بصاحب الفطرة السليمة، وكذا مقامات الكلام متفاوتة كمقام الشكر، والشكاية، والتهنية، والتعزية، والجد، والهزل، وغير ذلك من المقامات، وكيفية تطبيق الخواص على المقامات تستفاد من علم المعاني، ومداره على الاستحسانات العرفية
      وموضوعه‏:‏ التراكيب الخبرية، والطلبية من حيث تطبيق خواصها على مقتضى الحال‏.‏
      ومسائله‏:‏ القواعد التي يتعرف منها أن أي مقام يقتضي أي خاصة من الخواص، ومباديه المسائل النحوية، واللغوية‏.‏
      وبالجملة المسائل الأدبية كلها، ودلائله استقراء تراكيب البلغاء‏.‏
      والغرض منه‏:‏ تطبيق الكلام على مقتضى الحال‏.‏
      وغايته‏:‏ الاقتدار على التطبيق المذكور، وتمام تفصيل هذا المقام لا يسعه نطاق الكلام‏.‏
      وأما الكتب المصنفة في علم المعاني فلما لم يفرز عن البيان والبديع ذكرناها هناك، ولابن الهيثم الجزي كتاب في علم المعاني، انتهى‏.‏
      قال في ‏(‏‏(‏كشاف اصطلاحات الفنون‏)‏‏)‏‏:‏ علم المعاني‏:‏ علم تعرف به أحوال اللفظ العربي التي يطابق بها اللفظ لمتقضى الحال هكذا ذكر الخطيب في التلخيص‏.‏
      والمراد بأحوال اللفظ الأمور العارضة المتغيرة كما يقتضيه لفظ الحال من التقديم، والتأخير، والتعريف، والتنكير، وغير ذلك، وأحوال الإسناد أيضاً ‏ من أحوال اللفظ باعتبار أن كون الجملة مؤكدة أو غير مؤكدة اعتبار راجع إليها‏.‏
      وموضوعه العلم ليس مطلق اللفظ العربي كما توهمه العبارة بل الكلام من حيث أنه يفيد زوائد المعاني فلو قال‏:‏ أحوال الكلام العربي لكان أوفق، وعرف صاحب المفتاح المعاني بأن تتبع خواص تراكيب الكلام في الإفادة وما يتصل بها من الاستحسان، وغيره ليحترز بالوقف عليها عن الخطأ في تطبيق ما يقتضي الحال ذكره، والتعريف الأول أخصر، وأوضح كما لا يخفى، وأيضاً التعريف بالتتبع تعريف بالمبائن إذا لنتتبع ليس بعلم، ولا صادق عليه وإن شئت التوضيح فارجع إلى المطول، والأطول انتهى حاصله‏.‏
      [/frame]
    • علم البلاغة
      عبارة عن علم البيان، والبديع، والمعاني، والغرض من تلك العلوم‏:‏ أن البلاغة سواء كانت في الكلام، أو في المتكلم، رجوعها إلى أمرين‏:‏
      أحدهما‏:‏ الاحتراز عن الخطأ في تأدية المعنى المراد، أي‏:‏ ما هو مراد البليغ من الغرض المصوغ له الكلام، كما هو المتبادر من إطلاق المعنى المراد في كتب علم البلاغة، فلا يندرج فيه الاحتراز عن التعقيد المعنوي، كما توهمه البعض، ولا الاحتراز عن التعقيد مطلقاَ‏.‏
      والثاني‏:‏ تمييز الفصيح عن غيره، ومعرفة أن هذا الكلام فصيح، وهذا غير فصيح فمنه‏:‏ ما يبين في علم متن اللغة، والتصريف، أو‏:‏ النحو، أو يدرك بالحس، وهو‏:‏ أي ما يبين في هذه العلوم ما عدا التعقيد المعنوي، فمست الحاجة للاحتراز عن الخطأ في تأدية المعنى المراد إلى علم، واللاحتراز عن التعقيد المعنوي إلى علم آخر، فوضعوا لهما علمي‏:‏ المعاني، والبيان، وسموهما‏:‏ علم البلاغة، لمزيد اختصاص لهما بها، ثم احتاجوا لمعرفة ما يتبع البلاغة من وجوه التحسين إلى علم آخر، فوضعوا له علم البديع، فما يحترز به عن الأول، أي الخط في التأدية‏:‏ علم المعاني، وما يحترز به عن ‏ الثاني، أي التعقيد المعنوي‏:‏ علم البيان، وما يعرف به وجوه التحسين‏:‏ علم البديع‏.‏
      ----------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
      علم البديع
      هو علم تعرف به وجوه تفيد الحسن في الكلام، بعد رعاية المطابقة، لمقتضى الحال، وبعد رعاية وضوح الدلالة على المرام، فإن هذه الوجوه إنما تعد محسنة بعد تينك الرعايتين، وإلا لكان كتعليق الدرر على أعناق الخنازير، ومرتبة هذه العلم بعد مرتبة علمي‏:‏ المعاني، والبيان، حتى أن بعضهم لم يجعله علماً على حدة، وجعله ذيلاً لها، لكن تأخر رتبته لا يمنع كونه علماً مستقلاً، ولو أعتبر ذلك لما كان كثير من العلوم علماً على حدة فتأمل، وظهر من هذا موضوعه، وغرضه، وغايته‏.‏
      قال في‏:‏ ‏(‏‏(‏مدينة العلوم‏)‏‏)‏‏:‏ موضوعه‏:‏ اللفظ العربي من حيث التحسين، والتزيين العرضيين، بعد تكميل دائرتي الفصاحة، والبلاغة‏.‏
      وغرضه‏:‏ تحصيل ملكة تحلية الكلام بالمحسنات العرضية، وغايته‏:‏ الاحتراز عن خلو الكلام عن التحلية المذكورة، ومنفعته‏:‏ النظرية لنشاط السامع، وزيادة القبول في العقول، ومباديه‏:‏ تتبع الخطب، والرسائل، والأشعار المتحلية بالصنائع البديعية‏.‏ انتهى‏.‏
      وعبارة‏:‏ ‏(‏‏(‏الكشاف‏)‏‏)‏‏:‏ موضوعه اللفظ البليغ من حيث أن له توابع‏.‏
      قال في‏:‏ ‏(‏‏(‏الكشف‏)‏‏)‏‏:‏ وأما منفعته‏:‏ فإظهار رونق الكلام حتى يلج الأذن بغير إذن، ويتعلق بالقلب من غير كد، وإنما دونوا هذا العلم لأن الأصل، وإن كان الحسن الذاتي، وكان المعاني، والبيان، مما يكفي في تحصيله، لكنهم اعتنوا بشأن الحسن العرضي أيضاً، لأن الحسناء إذا عريت عن المزينات ربما يذهل بعض القاهرين ‏ عن تتبع محاسنها فيفوت التمتع بها، ثم إن وجوه التحسين الزائد إما‏:‏ راجعة إلى تحسين المعنى أصالة، وإن كان لا يخلو عن تحسين اللفظ تبعاً‏.‏
      وإما‏:‏ راجعة إلى تحسين اللفظ كذلك، فالأولى‏:‏ تسمى معنوية، والثانية‏:‏ لفظية‏.‏
      وهذا الفن ذكره أهل البيان في أواخر علم البيان إلا أن المتأخرين زادوا عليها شيئاً كثيراً، ونظموا فيه قصائد، وألفوا كتباً‏.‏
      ومن الكتب المختصة بعلم البديع كتاب‏:‏ ‏(‏‏(‏البديع‏)‏‏)‏ لأبي العباس عبد الله بن المعتز العباسي، المتوفى سنة ست وتسعين ومائتين، وهو أول من صنف فيه وكان جملة ما جمع منها سبع عشرة نوعاً ألفه سنة أربع وسبعين ومائتين، ولأبى أحمد حسن العسكري، وشهاب الدين أحمد بن شمس الدين الخولي، المتوفى سنة ثلاث وتسعين وستمائة، و‏:‏ ‏(‏‏(‏زهرة الربيع‏)‏‏)‏ للشيخ المطرزي، ومنها‏:‏ ‏(‏‏(‏بديعيات الأدباء‏)‏‏)‏، وهي قصائد مع شروحها‏.‏
      قال في‏:‏ ‏(‏‏(‏مدينة العلوم‏)‏‏)‏، و‏:‏ ‏(‏‏(‏البديع‏)‏‏)‏ للتيفاشي، و‏:‏ ‏(‏‏(‏التحرير والتحبير‏)‏‏)‏ لابن أبي الأصبع، و‏:‏ ‏(‏‏(‏شرح البديعيات‏)‏‏)‏ لابن حجة، ومن الكتب المشتملة على الفنون الثلاثة‏:‏ ‏(‏‏(‏روض الأذهان‏)‏‏)‏، وكذا‏:‏ ‏(‏‏(‏المصباح‏)‏‏)‏ لابن مالك، وكتاب‏:‏ ‏(‏‏(‏مفتاح العلوم‏)‏‏)‏ للسكاكي، اشتمل على هذه الثلاثة، وقدم عليها الاشتقاق، والنحو، والصرف، وأورد عقيب الثلاثة المذكورة بطريق التكملة على الاستدلال علم العروض، و القوافي، ودفع المطاعن عن القرآن، وله شروح كثيرة، ذكرها في‏:‏ ‏(‏‏(‏كشف الظنون‏)‏‏)‏ منها‏:‏ ‏(‏‏(‏شرح السعد التفتازاني‏)‏‏)‏‏.‏
      ومن الكتب النافعة في العلوم المذكورة‏:‏ ‏(‏‏(‏تلخيص المفتاح‏)‏‏)‏ و‏:‏ ‏(‏‏(‏الإيضاح‏)‏‏)‏، وهو يجري مجرى الشرح لـ‏:‏ ‏(‏‏(‏التخليص‏)‏‏)‏، كلاهما لقاضي القضاة جلال لدين القزويني الشافعي‏.‏
      ومن أراد الوقوف في علم البلاغة على العجب العجاب، والسحر في هذا الباب، فعليه بكتاب‏:‏ ‏(‏‏(‏دلائل الإعجاز‏)‏‏)‏، و‏:‏ ‏(‏‏(‏أسرار البلاغة‏)‏‏)‏، كلاهما من مؤلفات الشيخ عبد القاهر الجرجاني وقيل‏:‏ إن كتابيه في هذه الفنون بحران تنشعب منهما العيون ‏)‏ - والله أعلم -، و‏:‏ ‏(‏‏(‏حدائق البلاغة‏)‏‏)‏ للشيخ شمس الدين الفقير، وهي بالفارسية‏.‏
      -------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------

      علم البيان
      هو‏:‏ علم يعرف به إيراد المعنى الواحد بتراكيب مختلفة، في وضوح الدلالة على المقصود، بأن تكون دلالة بعضها أجلى من بعض‏.‏
      وموضوعه‏:‏ اللفظ العربي من حيث وضوح الدلالة على المعنى المراد‏.‏
      وغرضه‏:‏ تحصيل ملكة الإفادة بالدلالة العقلية، وفهم مدلولاتها، ليختار الأوضح منها، مع فصاحة المفردات‏.‏
      وغايته‏:‏ الاحتراز من الخطأ في تعيين المعنى المراد بالدلالة الواضحة‏.‏
      ومباديه‏:‏ بعضها‏:‏ عقلية كأقسام الدلالات، والتشبيهات، والعلاقات المجازية، ومراتب الكنايات، وبعضها‏:‏ وجدانية ذوقية، كوجوه التشبيهات، وأقسام الاستعارات، وكيفية حسنها، ولطفها، وإنما اختاروا في علم البيان وضوح الدلالة، لأن بحثهم لما اقتصر على الدلالة العقلية - أعني التضمنية والالتزامية -، وكانت تلك الدلالات خفية، سيما إذا كان اللزوم بحسب العادات، والطبائع، وبحسب الألف، فوجب التعبير عنهما بلفظ أوضح، مثلا إذا كان المرئي دقيقاً في الغاية، تحتاج الحاسة في إبصارها إلى شعاع قوي، بخلاف المرئي إذا كان جلياً، وكذا الحال في الروية العقلية، أعني الفهم والإدراك‏.‏
      والحاصل‏:‏ أن المعتبر في علم البيان دقة المعاني المعتبرة فيها، من الاستعارات، والكنايات، مع وضوح الألفاظ الدالة عليها‏.‏
      قال في‏:‏ ‏(‏‏(‏كشاف اصطلاحات الفنون‏)‏‏)‏‏:‏ علم البيان‏:‏ علم يعرف به إيراد المعنى الواحد بطرق مختلفة، في وضوح الدلالة عليه، كذا ذكر الخطيب في‏:‏ ‏(‏‏(‏التلخيص‏)‏‏)‏، وقد احترز به عن ملكة الاقتدار على إيراد المعنى العادي، عن الترتيب الذي يصير به المعنى معنى الكلام المطابق لمقتضى الحال، بالطرق المذكورة، فإنها ليست من علم البيان، وهذه الفائدة أقوى مما ذكره السيد السند من أن فيما ذكره القوم تنبيهاً على أن علم البيان ينبغي أن يتأخر عن علم المعاني في الاستعمال، وذلك لأنه يعلم منه هذه الفائدة أيضاً، فإن رعاية مرابت الدلالة في الوضوح، والخفاء على المعنى، ينبغي أن يكون بعد رعاية مطابقته لمقتضى الحال، فإن هذه كالأصل في المقصودية، وتلك فرع، وتتمة لها، وموضعه‏:‏ اللفظ البليغ، من حيث أنه كيف يستفاد منه المعنى الزائد على أصل المعنى، وإن شئت زيادة التوضيح، فارجع إلى الأطول‏.‏ انتهى‏.‏
      قال ابن خلدون في‏:‏ ‏(‏‏(‏بيان علم البيان‏)‏‏)‏‏:‏ هذا العلم حادث في الملة بعد علم العربية، واللغة، وهو من العلوم اللسانية، لأنه متعلق بالألفاظ، وما تفيده، ويقصد بها الدلالة عليه من المعاني‏.‏
      وذلك وأن الأمور التي يقصد المتكلم بها إفادة السامع من كلامه، هي‏:‏ إما تصور مفردات تسند، ويسند إليها، ويفضي بعضها إلى بعض، والدالة على هذه هي المفردات من الأسماء، والأفعال، والحروف،
      وأما تمييز المسندات من المسند إليها، والأزمنة، ويدل عليها بتغير الحركات، وهو الإعراب، وأبنية الكلمات، وهذه كلها هي صناعة النحو، يبقى من الأمور المكتنفة بالواقعات المحتاجة للدلالة أحوال المتخاطبين، أو الفاعلين، وما يقتضيه حال الفعل، وهو محتاج إلى الدلالة عليه، لأنه من تمام الإفادة، وإذا حصلت للمتكلم، فقد بلغ غاية الإفادة في كلامه، وإذا لم يشتمل على شيء منها، فليس من جنس كلام العرب، فإن كلامهم واسع، ولكل مقام عندهم مقال، يختص به بعد كمال الإعراب، والإبانة، ألا ترى أن قولهم‏:‏ زيد جاءني مغاير لقولهم‏:‏ جاءني زيد، من قبل أن المتقدم منهما، هو الأهم عند المتكلم‏.‏
      ومن قال‏:‏ جاءني زيد، أفاد أن اهتمامه بالمجيء قبل الشخص المسند إليه‏.‏
      ومن قال زيد جاءني أفاد أن اهتمامه بالشخص قبل المجيء المسند‏.‏
      وكذا التعبير عن أجزاء الجملة بما يناسب المقام من موصول، أو مبهم، أو معرفة، وكذا تأكيد الإسناد على الجملة، كقولهم زيد قائم، وإن زيداً قائم، ‏، وإن زيداً القائم متغايرة كلها في الدلالة، وإن استوت من طريق الأعراف‏.‏
      فإن الأول‏:‏ العادي عن التأكيد إنما يفيد الخالي الذهن‏.‏
      والثاني‏:‏ المؤكد بأن يفيد المتردد‏.‏
      والثالث‏:‏ يفيد المنكر فهي مختلفة‏.‏
      وكذلك تقول جاءني الرجل، ثم تقول مكانه بعينه جاءني رجل، إذا قصدت بذلك التنكير تعظيمه، وأنه رجل لا يعادله أحد من الرجال، ثم الجملة الإسنادية تكون خبرية‏:‏ وهي التي لها خارج تطابقه، أولا، وإنشائية‏:‏ وهي التي لا خارج لها، كالطلب، وأنواعه، ثم قد يتعين ترك العاطف بين الجملتين، إذا كان للثانية محل من الإعراب فينزل بذلك منزلة التابع المفرد نعتاً، وتوكيداً، وبدلاً بلا عطف، أو يتعين العطف إذا لم يكن للثانية محل من الإعراب، ثم يقتضي المحل الإطناب، والإيجاز فيورد الكلام عليهما، ثم قد يدل باللفظ، ولا يريد منطوقه، ويريد لازمه، إن كان مفرداً كما تقول‏:‏ زيد أسد فلا تريد حقيقة الأسد المنطوقة، وإنما تزيد شجاعته اللازمة، وتسندها إلى زيد، وتسمى هذه استعارة‏.‏
      وقد تريد باللفظ المركب الدلالة على ملزومه كما تقول‏:‏ زيد كثير الرماد، وتريد به ما لزم ذلك عنه من الجود، وقرى الضيف لأن كثرة الرماد ناشئة عنهما فهي دالة عليهما، وهذه كلها دلالة زائدة على دلالة الألفاظ المفرد، والمركب، وإنما هي هيئات، وأحوال لواقعات جعلت للدلالة عليها أحوال، وهيئات في الألفاظ، كل بحسب ما يقتضيه مقامه، فاشتمل هذا العلم المسمى بـ‏:‏ البيان على البحث عن هذه الدلالات التي للهيئات، والأحوال، والمقامات، وجعل على ثلاثة أصناف‏:‏
      الصنف الأول‏:‏ يبحث فيه عن هذه الهيئات، والأحوال التي تطابق باللفظ جميع مقتضيات الحال ويسمى‏:‏ علم البلاغة‏.‏
      والصنف الثاني‏:‏ يبحث فيه عن الدلالة على اللازم اللفظي، وملزومه، وهي ‏ الاستعارة، والكناية - كما قلناه -، ويسمى‏:‏ علم البيان، وألحقوا بهما صنفاً آخر، وهو النظر في تزيين الكلام، وتحسينه، بنوع من التنميق، إما بسجع يفصله، أو تجنيس يشابه بين ألفاظه، وترصيع يقطع أوزانه، أو تورية عن المعنى المقصود بإيهام معنى أخفى منه لاشتراك اللفظ بينهما، وأمثال ذلك، ويسمى عندهم‏:‏ علم البديع‏.‏
      وأطلق على الأصناف الثلاثة عند المحدثين اسم‏:‏ البيان، وهو‏:‏ اسم الصنف الثاني، لأن الأقدمين أول ما تكلموا فيه، ثم تلاحقت مسائل الفن واحدة بعد أخرى‏.‏
      وكتب فيها جعفر بن يحيى، والجاحظ، وقدامة، وأمثالهم، ملاءات غير وافية‏.‏
      ثم لم تزل مسائل الفن تكمل شيئاً فشيئاً إلى أن محض السكاكي زبدته، وهذب مسائله، ورتب أبوابه على نحو ما ذكرناه آنفاً من الترتيب، وألف كتابه المسمى بـ‏:‏ ‏(‏‏(‏المفتاح في النحو الصرف، والبيان‏)‏‏)‏، فجعل هذا الفن من بعض أجزائه، وأخذه المتأخرون من كتابه، ولخصوا منه أمهات هي المتداولة لهذا العهد، كما فعله السكاكي في كتاب‏:‏ ‏(‏‏(‏التبيان‏)‏‏)‏، وابن مالك في كتاب‏:‏ ‏(‏‏(‏المصباح‏)‏‏)‏، وجلال الدين القزويني في كتاب‏:‏ ‏(‏‏(‏الإيضاح والتلخيص‏)‏‏)‏ وهو أصغر حجماً من الإيضاح‏.‏
      والعناية به لهذا العهد عند أهل المشرق في الشرح، والتعليم منه أكثر من غيره، وبالجملة فالمشارقة على هذا الفن، أقوم من المغاربة، وسببه - والله أعلم -‏:‏ أنه كمالي في العلوم اللسانية، والصنائع الكمالية توجد في العمران، والمشرق أوفر عمراناً من المغرب‏.‏
      أو نقول‏:‏ لعناية العجم، وهو معظم أهل المشرق، كـ‏:‏ ‏(‏‏(‏تفسير الزمخشري‏)‏‏)‏، وهو كل مبني على هذا الفن، وهو أصله، وإنما اختص بأهل المغرب من أصنافه‏:‏ علم البديع خاصة، وجعلوه من جملة علوم الأدب الشعرية، وفرعوا له ألقاباً، وعددوا أبواباً، ونوعوا، وزعموا أنهم أحصوها من لسان العرب، وإنما حملهم على ذلك‏:‏ الولوع بتزيين الألفاظ‏.‏
      وأن علم البديع، سهل المأخذ، وصعبت عليهم مآخذ البلاغة، والبيان، لدقة أنظارهما، وغموض معانيهما، فتجافوا عنهما‏.‏
      ومن ألف في البديع من أهل إفريقية ابن رشيق، وكتاب‏:‏ ‏(‏‏(‏العمدة‏)‏‏)‏ له مشهور، وجرى كثير من أهل إفريقية، والأندلس على منحاه‏.‏
      واعلم أن ثمرة هذا الفن، إنما هي في فهم الإعجاز من القرآن، لأن إعجازه في وفاء الدلالة منبه لجميع مقتضيات الأحوال، منطوقة، ومفهومة، وهي أعلى مراتب الكلام، مع الكمال فيما يختص بالألفاظ في انتقائها، وجودة رصفها، وتركيبها، وهذا هو الإعجاز الذي تقصر الأفهام عن دركه، وإنما يدرك بعض الشيء منه من كان له ذوق بمخالطة اللسان العربي، وحصول ملكته، فيدرك من إعجازه على قدر ذوقه، فلهذا كانت مدارك العرب الذين سمعوه من مبلغه أعلى مقاماً في ذلك، لأنهم فرسان الكلام، وجهابذته، والذوق عندهم موجود بأوفر ما يكون وأصحه‏.‏
      وأحوج ما يكون إلى هذا الفن المفسرون، وأكثر تفاسير المتقدمين غفل عنه، حتى ظهر جار الله الزمخشري، ووضع كتابه في التفسير حيث جاء بأحكام هذا الفن بما يبدي البعض من إعجازه، فانفرد بهذا الفضل على جميع التفاسير، لولا أنه يؤيد عقائد أهل البدع، عند اقتباسها من القرآن بوجوه البلاغة، ولأجل هذا يتحاماه كثير من أهل السنة، مع وفور بضاعته من البلاغة، فمن أحكم عقائد أهل السنة، وشارك في هذا الفن بعض المشاركة، حتى يقتدر على الرد عليه من جنس كلامه، أو يعلم أنه بدعة فيعرض عنها، ولا تضر في معتقده، فإنه يتعين عليه النظر في هذا الكتاب، للظفر بشيء من الإعجاز مع السلامة من البدع، - والأهواء والله الهادي من يشاء إلى سواء السبيل -‏.‏ انتهى كلام ابن خلدون‏.‏
      وأقول‏:‏ إن تفسير أبي السعود، قد وفى بحق المعاني، والبيان، والبديع، التي في القرآن الكريم على نحو ما أشار إليه ابن خلدون، بيد أنه رجل فقيه لا يفسر الكتاب على مناحي السلف، ولا يعرف علم الحديث حق المعرفة، فجاء الله - سبحانه - بقاضي القضاة محمد بن علي الشوكاني اليمني - - رحمه الله -، ووفقه لتفسير كتابه العزيز - على طريقة الصحابة، والتابعين، وحذا حذوهم، وميز بين الأقوال الصحيحة، والآراء السقيمة، وفسر بالأخبار المرفوعة، والآثار المأثورة، وحل المعضلات، وكشف القناع عن وجوه المشكلات، إعرابا، وقراءة، - فجزاه الله عنا خير الجزاء -‏.‏
      ثم وفق الله - سبحانه - هذا العبد، بتحرير تفسير جامع لهذه كلها، على أبلغ أسلوب، وأمتن طريقة، يغني عن تفاسير الدنيا بتمامها، وهو في أربعة مجلدات، وسماه‏:‏ ‏(‏‏(‏فتح البيان في مقاصد القرآن‏)‏‏)‏، ولا أعلم تفسيراً على وجه البسيطة يساويه في اللطافة، والتنقيح، أو يوازيه في الرقة، والتصحيح، ومن يرتاب في دعواي هذه، فعليه بتفاسير المحققين المعتمدين، ينظر فيها أولاً، ثم يرنو في ذلك، يتضح له الأمر، كالنيرين، ويسفر الصبح لذي عينين، - وبالله التوفيق -‏.‏
      قال في‏:‏ ‏(‏‏(‏مدينة العلوم‏)‏‏)‏‏:‏ ومن الكتب المفردة فيه‏:‏ ‏(‏‏(‏الجامع الكبير‏)‏‏)‏ لابن أثير الجزري، و‏:‏ ‏(‏‏(‏نهاية الإعجاز‏)‏‏)‏ للإمام فخر الدين الرازي - - رحمه الله - تعالى -‏.‏ انتهى‏.‏
      --------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------


      علم المعاني
      هو تتبع خواص تراكيب الكلام، ومعرفة تفاوت المقامات حتى يمكن من الاحتراز عن الخطأ في تطبيق الأولى على الثانية، وذلك لأن للتراكيب خواص مناسبة لها يعرفها الأدباء، إما بسيلقتهم، أو بممارسة علم البلاغة، وتلك الخواص بعضها ذوقية، وبعضها استحسانية وبعضها توابع، ولوزام المعاني الأصلية لكن لزوما معتبرا في عرف البلغاء، وإلا لما اختص فهمها بصاحب الفطرة السليمة، وكذا مقامات الكلام متفاوتة كمقام الشكر، والشكاية، والتهنية، والتعزية، والجد، والهزل، وغير ذلك من المقامات، وكيفية تطبيق الخواص على المقامات تستفاد من علم المعاني، ومداره على الاستحسانات العرفية
      وموضوعه‏:‏ التراكيب الخبرية، والطلبية من حيث تطبيق خواصها على مقتضى الحال‏.‏
      ومسائله‏:‏ القواعد التي يتعرف منها أن أي مقام يقتضي أي خاصة من الخواص، ومباديه المسائل النحوية، واللغوية‏.‏
      وبالجملة المسائل الأدبية كلها، ودلائله استقراء تراكيب البلغاء‏.‏
      والغرض منه‏:‏ تطبيق الكلام على مقتضى الحال‏.‏
      وغايته‏:‏ الاقتدار على التطبيق المذكور، وتمام تفصيل هذا المقام لا يسعه نطاق الكلام‏.‏
      وأما الكتب المصنفة في علم المعاني فلما لم يفرز عن البيان والبديع ذكرناها هناك، ولابن الهيثم الجزي كتاب في علم المعاني، انتهى‏.‏
      قال في ‏(‏‏(‏كشاف اصطلاحات الفنون‏)‏‏)‏‏:‏ علم المعاني‏:‏ علم تعرف به أحوال اللفظ العربي التي يطابق بها اللفظ لمتقضى الحال هكذا ذكر الخطيب في التلخيص‏.‏
      والمراد بأحوال اللفظ الأمور العارضة المتغيرة كما يقتضيه لفظ الحال من التقديم، والتأخير، والتعريف، والتنكير، وغير ذلك، وأحوال الإسناد أيضاً ‏ من أحوال اللفظ باعتبار أن كون الجملة مؤكدة أو غير مؤكدة اعتبار راجع إليها‏.‏
      وموضوعه العلم ليس مطلق اللفظ العربي كما توهمه العبارة بل الكلام من حيث أنه يفيد زوائد المعاني فلو قال‏:‏ أحوال الكلام العربي لكان أوفق، وعرف صاحب المفتاح المعاني بأن تتبع خواص تراكيب الكلام في الإفادة وما يتصل بها من الاستحسان، وغيره ليحترز بالوقف عليها عن الخطأ في تطبيق ما يقتضي الحال ذكره، والتعريف الأول أخصر، وأوضح كما لا يخفى، وأيضاً التعريف بالتتبع تعريف بالمبائن إذا لنتتبع ليس بعلم، ولا صادق عليه وإن شئت التوضيح فارجع إلى المطول، والأطول انتهى حاصله‏.‏
    • أخي ملك البلاد

      ممكن تفيدني عن مؤلف قصة الف ليلة وليلة واهم الشخصيات بها ؟؟؟

      ايضا ابحث عن اختراعات علمية مبسطة لمادة الفيزياء و الكمياء

      اتمنى انك تساعدني

      تقبل تحياتي و شكري مقدما
    • ما قصرت يا اخوي على تلبيتك للطلبات

      اخوي ابي بحوث حق

      الكيمياء
      ( الكيمياء العضوية)


      والفيزيا
      ( المجال المغناطيسي)


      لغة عربية
      (طالبين منا بحث عن طفل الانابيب ومعلومات عنها وعن الطفلة البريطانية لويزا بروان التي ولدت عن طريق طفل الانابيب)

      (الاستنساخ للنعجة دوللي)



      لك مني جزيل الشكر
      :)
    • وردة الحب كتب:

      أخي ملك البلاد

      ممكن تفيدني عن مؤلف قصة الف ليلة وليلة واهم الشخصيات بها ؟؟؟

      ايضا ابحث عن اختراعات علمية مبسطة لمادة الفيزياء و الكمياء

      اتمنى انك تساعدني

      تقبل تحياتي و شكري مقدما


      السلام عليكم ورحمه الله وبركاته


      مؤلف كتاب حكايات الف ليلة وليلة هو عبد القادر محمد مايو ...... دار القلم العربي .....
      هذا الكتاب الي موجود عندي ...

      اما عن الاختراعات فهيه كثيره اذكري واحده منها واعطيكي التعريف عنها

      وشكرا
    • ملك البلاد كتب:

      السلام عليكم ورحمه الله وبركاته


      مؤلف كتاب حكايات الف ليلة وليلة هو عبد القادر محمد مايو ...... دار القلم العربي .....
      هذا الكتاب الي موجود عندي ...

      اما عن الاختراعات فهيه كثيره اذكري واحده منها واعطيكي التعريف عنها

      وشكرا


      شكرا ملك

      حبيت اعرف عن الشخصيات الموجودة في هذة القصة لو سمحت و ملخص صغير منها اذا ممكن حتى يكون مثل البحث لان هذا المطلوب عليا في مادة اللغة العربية ؟؟؟؟

      اما الاختراعات اريد اختراعات بسيطه ممكن اعملها في البيت و تكون علمية و سهلة ؟؟؟

      و اسفة على ازعاجك و شكراً مقدما
    • الريامي كتب:

      ممكن أخوي بحث عن "المتنبي"
      ومشكوووووووووور على الجهد المبذول




      المتنبي


      ولد المتنبي في الكوفة سنة 303 هـ ( 915 م) في عائلة فقيرة. ويقال إن والده، واسمه الحسين، كان سقاء، يعيش من سقي الماء على جمل يحمل قربتين. وقد سماه أحمد، ولقبه بأبي الطيب. ويقال إنه لم يعرف أمه، لموتها وهو طفل، فربته جدته لأمه.
      تعلَّم في كتّاب الكوفة القراءة والكتابة. عرف بذكائه، واجتهاده. ويروى عنه أنه كان مرة عند أحد بائعي الكتب، وكانوا يسمّون الورّاقين، عندما أحضر رجل كتابا في نحو ثلاثين ورقة لبيعه، فأخذه المتنبي يقلبه وينظر فيه. فقال له الرجل:
      - يا هذا، أريد بيعه، وقد قطعتني عن ذلك، فإن كنت تريد حفظه، فهذا يكون في شهر، إن شاء الله.
      فقال له المتنبي :
      - إن كنت حفظته فما لي عليك؟
      - أهب لك الكتاب .
      ثم تناوله من يده، وأخذ المتنبي يتلوه حتى انتهى إلى آخره.
      ظهرت موهبة المتنبي الشعرية، باكرا، إذ كتب الشعر وهو في حوالي العاشرة.
      وبعض ما كتبه في هذه السن موجود في ديوانه.
      في الثانية عشرة من عمره، رحل إلى بادية السماوة وأقام فيها سنتين، يكتسب بداوة اللغة العربية وفصاحتها ثم عاد إلى الكوفة، حيث أخذ يدرس بعناية الشعر العربيّ وبخاصة شعر أبي نواس، وابن الرومي، ومسلم بن الوليد وابن المعتز، وعني، على الأخص بدراسة شعر أبي تمام وتلميذه البحتري.
      في الرابعة عشرة من عمره، رحل إلى بغداد برفقة والده وفيها تعرف على الوسط الأدبي ولعله حضر بعض حلقات اللغة والأدب. غير أنه لم يمكث فيها إلا سنة رحل بعدها إلى الشام برفقة والده. وقد جال في الأقطار الشامية يقيم طورا في المدن، وطورا في مخيمات البدو، وقيل إنه ادعى النبوة في هذه الفترة.
      ومن هذا الاتهام بادعائه النبوة أطلق عليه لقب المتنبي. ويقال إن كثيرين تبعوه في بلاد الشام وفي بادية السماوة، مما قد يفسر اعتقاله وسجنه في حمص، من قبل أميرها للإخشيديّة، لؤلؤ الغوري.
      يروى أنه سئل مرة عن سبب تلقيبه المتنبّي، فأجاب: "لست أرضى أن أدعى بهذا. وإنما يدعوني به من يريد الغضّ منّي. ولست أقدر على الامتناع".
      ويروى كذلك، أنه سئل مرة عن السبب، فغمغم ، ثم زاد قائلا:
      - "هذا شيء كان في الحداثة".
      ويروى أيضاً أنه فسر هذا اللقب بقوله:
      - " أنا أول من تنبأ شعرا".
      بلى ، لا يزال المتنبي " مالئ الدنيا، وشاغل الناس".
      بقي المتنبي يتجول في بلاد الشام حتى سنة 337هـ ، حيث تم لقاؤه بسيف الدولة، وبقي مع سيف الدولة، حتى سنة 346هـ . ثم فارقه إلى مصر. وكان المتنبي قد اشترط على سيف الدولة أنه لن يقرأ شعره واقفا، كما يفعل الشعراء، وأنه لن يفعل ذلك إلا جالسا. وقيل إنه كان " يقف بين يدي كافور، وفي رجليه خفان، وفي وسطه سيف ومنطقة. ويركب بحاجبين من مماليكه، وهما بالسيوف والمناطق".
      ثم غادر كافورا سنة 350هـ ، إلى بلاد فارس. وبعد ذلك ، جاء إلى بغداد في طريقه إلى الكوفة ، وكان يكمن له فاتك بن جهل الأسدي مع عدد من أصحابه، حيث فاجأه، فقتل المتنبي، بعد قتال شجاع، وقتل معه ابنه محسّد، وغلامه مفلح، وذلك في الجانب الغربيّ من سواد بغداد، عند دير العاقول، سنة 354 هـ (965 م).
      ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
      المتنبي


      هو أبو الطيب المتنبي الشاعر الأشهر. اسمه أحمد بن الحسين بن الحسن بن عبد الصمد الجعفي الكندي الكوفي، وإنما سمي المتنبي لأنه على ما قيل ادعى النبوة في بادية السماوة وتبعه خلق كثير من بني كلب وغيرهم. فخرج إليه لؤلؤ أمير حمص نائب الإخشيدية فأسره وتفرق أصحابه وحبسه طويلا ثم استتابه وأطلقه وكان قد قرأ على البوادي كلاما ذكر أنه قرآن أنزل عليه، ومن ذلك: والنجم السيار، والفلك الدوار، والليل والنهار، أن الكافر لفي أخطار، امض على سنتك، واقف أثر من كان قبلك من المرسلين، فإن اللّه قامع بك زيغ من ألحد في الدين وضل عن السبيل.

      وكان إذا جلس في مجلس سيف الدولة وأخبروه عن هذا الكلام أنكره وجحده. ولما أطلق من السجن التحق بالأمير سيف الدولة بن حمدان ثم فارقه ودخل مصر سنة ست وأربعين وثلاثمائة ومدح كافور الأخشيدي وأنوجور بن الأخشيد وكان يقف بين يدي كافور وفي رجليه خفان وفي وسطه سيف ومنطقة ويركب بحاجبين من مماليكه وهما بالسيوف والمناطق، ولما لم يرضه هجاه وفارقه ليلة عيد النحر سنة خمسين وثلثمائة فوجه كافور خلفه عدة رواحل فلم تلحقه وقصد بلاد فارس ومدح عضد الدولة بن بويه الديلمي فأجزل صلته. ولما رجع من عنده عرض له فاتك بن أبي جهل الأسدي في عدة من أصحابه فقاتله فقتل المتنبي وابنه مجسد وغلامه مفلح بالقرب من النعمانية في موضع يقال له الصافية من الجانب الغربي من سواد بغداد.

      ويقال إنه قال شيئا في عضد الدولة فدس عليه من قتله لأنه لما وفد عليه وصله بثلاثة آلاف دينار وثلاثة أفراس مسرجة محلاة وثياب فاخرة. ثم دس عليه من سأله أين هذا العطاء من عطاء سيف الدولة؟ فقال هذا أجزل إلا أنه عطاء متكلف، وسيف الدولة كان يعطي طبعا. فغضب عضد الدولة فلما انصرف جهز عليه قوما من بني ضبة فقتلوه بعد أن قاتل قتالا شديدا ثم انهزم فقال له غلامه أين قولك:
      الخيل والليل والبيداء تعرفني
      والسيف والرمح والقرطاس والقلم
      شاعر العرب، الذي تجسدت في شخصيته صفات العرب، وفي شعره تجسدت مزايا الشعر الأصيل، ويقول نفر من المؤرخين لولا سيف الدولة لما كان المتنبي، ويقول آخرون لولا المتنبي لم يكن سيف الدولة، لُقّب بمالئ الدنيا وشاغل الناس، حتى قبل أنه لم يحز شاعر شهرة المتنبي، فقد كان أوسع شعراء العرب شهرة على الإطلاق وأعظمهم في رأي كبار النقاد والأدباء، ترجمت بعض أشعاره وآرائه في الحياة إلى اللغة الإنكليزية بعنوان رباعيات أبي الطيب المتنبي، هو أحمد بن الحسين أبو الطيب ، ولد بالكوفة في محلة تسمى كندة كان أبوه سقاء فيها، رافق أباه إلى بلاد الشام، ثم تنقّل في البادية وأخذ عن أهلها فصاحة اللفظ وبلاغة العبارة، حفظ الكثير من شعر العرب، فاق معاصريه على الإطلاق منذ نشئته كبير النفس عالي الهمة طموحا، حتى بلغ من كبر نفسه أن دعى إلى بيعته بالخلافة، وهو حديث السن، بل أدعى النبّوة، وقبل أن يستحفل أمره خرج لؤلؤ أمير حمص ونائب الأخشيد فسجنه حتى تاب عن دعوته فأطلقه ، لكن لقب المتنبي ظل لصيقا به، ومنذ ذلك الحين، سعى إلى طلب الثروة، والمقام الرفيع بشِعره، متقربا من ذي النفوذ والسلطان، ناظما فيهم المدائح، مترددا عليهم في مختلف المناطق، ولزم سيف الدولة بن حمدان، صاحب حلب تسع سنوات، غادرها إلى مصر، وحاكمها آنذاك كان كافور الأخشيدي، وكان المتنبي يطمح في ولاية، فلم يوله كافور، فزوى عنه وجه، فهجئه هجاء لاذعا، قصد بغداد ولم يمدّح الوزير المهلّبي لأنه كان يترفع عن مدح الملوك، غضب عليه عضد الدولة فأرسل إليه فاتك بن أبي جهل الأسدي مع جماعته وهو في طريقة للكوفة كان مع المتنبي جماعته أيضا، فتقاتل الفريقان فلما رأى أبو الطيب الدائرة عليه هم بالفرار، ويقال أن غلامه قال له : يا أبا الطيب أما أنت القائل الخيل والليل والبيداء تعرفني، والسيف والرمح والقرطاس والقلم، فقال له المتنبي : قتلتني قتلك اللَّه، فرجع وقاتل حتى قُتل هو وإبنه مُحسَد وغُلامه مُفلح، دارت هذه المعركة التي قُتل فيها المتنبي بالنعمانية ، وكان عند مقتله في الحادية والخمسين من عمره .
      ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

      وشكرا