***"موسوعة الأحلام"***

    • ***"موسوعة الأحلام"***



      في تأويل رؤيا العبدنفسه بين يدي ربه عز وجل في منامه
      أخبرنا أبو القاسم الحسين بن هارون بعكا قال: حدثنا أبو يعقوب إسحاق بن إبراهيم الأوزاعي قال: أخبرني عبد الرحمن بن واصل أبو زرعة الحاضري قال: حدثنا أبو عبد الله التستري قال: رأيت في منامي كأن القيامة قد قامت وقمت من قبري فأتيت بدابة فركبتها ثم عرج بي إلى السماء فإذا فيها جنة وأردت أن أنزل فقيل لي ليس هذا مكانك فعرج بي إلى سماء في كل سماء منها جنة حتى صرت إلى أعلى عليين فنزلت, ثم أردت أن أقعد فقيل لي: تقعد قبل أن ترى ربك عز وجل؟ قلت: لا فقمت فساروا بي فإذا بالله تبارك وتعالى قدامه آدم عليه السلام فلما رآني آدم أجلسني يمينه جلسة المستغيث قلت: يا رب أفلجت على الشيخ بعفوك فسمعت الله تعالى يقول: قم يا آدم قد عفونا عنك.

      ( أخبرنا): أبو علي الحسن بن محمد الزبيري قال: حدثنا محمد بن المسيب قال: حدثنا عبد الله بن حنيف قال: حدثني ابن أخت بشر بن الحارث قال: جاء رجل إلى بشر فقال: أنت بشر بن الحارث؟ قال نعم قال: رأيت الرب عز وجل في المنام وهو يقول: ائت بشرا فقل له لو سجدت لي على الجمر ما أديت شكري لما قد بينت اسمك في الناس.

      ( وأخبرنا): أحمد بن أبي عمران الصوفي بمكة حرسها الله تعالى قال: أخبرني أبو بكر الطرسوسي قال: قال عثمان الأحول تلميذ الخراز: بات عندي أبو سعيد فلما مضى ثلث الليل صاح بي يا عثمان قم أسرج فقمت فأسرجت فقال لي: ويحك رأيت الساعة كأني في الآخرة والقيامة قد قامت فنوديت فأوقفت بين يدي ربي وأنا أرعد لم يبق علي شعرة إلا قد ماتت, فقال: أنت الذي تشير إلي في السماع إلى سلمى وبثينة لولا أعلم أنك صادق في ذلك لعذبتك عذابا لا أعذبه أحدا من العالمين.

      ( قال الأستاذ أبو سعيد رضي الله عنه): من رأى في منامه كأنه قائم بين يدي الله تعالى والله تعالى ينظر إليه فإن كان الرائي من الصالحين فرؤياه رؤيا رحمة وإن لم يكن من الصالحين فعليه بالحذر لقوله تعالى: يوم يقوم الناس لرب العالمين فإن رأى كأنه يناجيه أكرم بالقرب وحبب إلى الناس قال الله تعالى: وقربناه نجيا وكذلك لو رأى أنه ساجد بين يدي الله تعالى لقوله تعالى: واسجد واقترب فإن رأى أنه يكلمه من وراء حجاب حسن دينه وأدى أمانة إن كانت في يده وقوي سلطانه. وإن رأى أنه يكلمه من غير حجاب فإنه يكون خطأ في دينه لقوله تعالى: وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا أو من وراء حجاب فإن رآه بقلبه عظيما كأنه سبحانه قربه وأكرمه وغفر له أو حاسبه أو بشره ولم يعاين صفة لقي الله تعالى في القيامة كذلك, فإن رآه تعالى قد وعده المغفرة والرحمة كان الوعد صحيحا لا شك فيه لأن الله تعالى لا يخلف الميعاد ولكنه يصيبه بلاء في نفسه ومعيشته ما دام حيا, فإن رآه تعالى كأنه يعظه انتهى عما لا يرضاه الله تعالى لقوله تعالى: يعظكم لعلكم تذكرون فإن كساه ثوبا فهو هم وسقم ما عاش ولكنه يستوجب بذلك الشكر الكثير, فقد حكي أن بعض الناس رأى كأن الله كساه ثوبين فلبسهما مكانه فسأل ابن سيرين فقال: استعد لبلائه فلم يلبث أن جذم إلى أن لقي الله تعالى فإن رأى نورا تحير فيه فلم يقدر على وصفه لم ينتفع بيديه ما عاش, فإن رأى أن الله تعالى سماه باسمه أو اسم آخر علا أمره وغلب أعداءه, فإن أعطاه شيئا من متاع الدنيا فهو بلاء يستحق به رحمته. فإن رأى كأن الله تعالى ساخط عليه فذلك يدل على سخط والديه عليه, فإن رأى كأن أبويه ساخطان عليه دل ذلك على سخط الله عليه لقوله عز اسمه: اشكر لي ولوالديك وقد روي في بعض الأخبار رضا الله تعالى في رضا الوالدين وسخط الله تعالى في سخط الوالدين وقيل: من رأى كأن الله تعالى غضب عليه فإنه يسقط من مكان رفيع لقول الله تعالى: ومن يحلل عليه غضبي فقد هوى ولو رأى كأنه سقط من حائط أو سماء أو جبل دل ذلك على غضب الله تعالى عليه. فإن رأى نفسه بين يدي الله عز وجل في موضع يعرفه انبسط العدل والخصب في تلك البقعة وهلك ظالموها ونصر مظلوموها. فإن رأى كأنه ينظر إلى كرسي الله تبارك وتعالى نال نعمة ورحمة. فإن رأى مثالا أو صورة فقيل له إنه إلهك أو ظن أنه إلهه سبحانه فعبده وسجد له فإنه منهمك في الباطل على تقدير أنه حق , وهذه رؤيا من يكذب على الله تعالى, فإن رأى كأنه يسب الله تعالى فإنه كافر لنعمة ربه عز وجل غير راض بقضائه.
    • في رؤيا الأنبياء والمرسلين عموما ...ورؤيا محمد صلى الله عليه وسلم خصوصا



      في رؤيا الأنبياء والمرسلين عموما
      ورؤيا محمد صلى الله عليه وسلم خصوصا


      سمعت أبا بكر أحمد بن الحسين بن مهران المقري قال: اشتريت جارية أحسبها تركية ولم تكن تعرف لساني ولا أعرف لسانها وكان لأصحابي جوار يترجمن عنها قال: فكانت يوما من الأيام نائمة فانتبهت وهي تبكي وتصيح وتقول: يا مولاي علمني فاتحة الكتاب, فقلت في نفسي: انظر إلى خبثها تعرف لساني ولا تكلمني به , فاجتمع جواري أصحابي وقلن لها: لم تكوني تعرفين لسانه والساعة كيف تكلمينه؟ فقالت الجارية: إني رأيت في منامي رجلا غضبان وخلفه قوم كثير. وهو يمشي فقلت من هذا؟ فقالوا موسى عليه السلام, ثم رأيت رجلا أحسن منه ومعه قوم وهو يمشي فقلت من هذا؟ فقالوا محمد صلى الله عليه وسلم فقلت: أنا أذهب مع هذا فجاء إلى باب كبير وهو باب الجنة فدق ففتح له ولمن معه ودخلوا وبقيت أنا وامرأتان فدققنا الباب ففتح وقيل: من يحسن أن يقرأ فاتحة الكتاب يؤذن له فقرأتا فأذن لهما وبقيت أنا فعلمني فاتحة الكتاب, قال : فعلمتها مع مشقة كبيرة فلما حفظتها سقطت ميتة.

      (قال الأستاذ أبو سعيد رحمه الله): رؤيا الأنبياء صلوات الله عليهم أحد شيئين : إما بشارة وإما إنذار. ثم هي ضربان: أحدهما أن يرى نبيا على حالته وهيئته فذلك دليل على صلاح صاحب الرؤيا وعزه وكمال جاهه وظفره بمن عاداه. والثاني يراه متغير الحال عابس الوجه فذلك يدل على سوء حاله وشدة مصيبته ثم يفرج الله عنه أخيرا فإن رأى كأنه قتل نبيا دل على أنه يخون في الأمانة وينقض العهد لقوله تعالى: فبما نقضهم ميثاقهم وكفرهم بآيات الله وقتلهم الأنبياء بغير حق هذا على الجملة وأما على التفصيل فإن رأى آدم عليه السلام على هيئته نال ولاية عظيمة إن كان أهلا لها لقوله تعالى: إني جاعل في الأرض خليفة فإن رأى أنه كلمه نال علما لقوله تعالى: وعلم آدم الأسماء كلها

      وقيل: إن من رأى آدم اغتر بقول بعض أعدائه ثم فرج عنه بعد مدة فإن رئي متغير اللون والحال دل ذلك على انتقال من مكان إلى مكان ثم على العودة إلى المكان الأول أخيرا. (ومن رأى) شيثا عليه السلام نال أموالا وأولادا وعيشة راضية. ( ومن رأى) إدريس أكرم بالورع وختم له بخير. ( ومن رأى) نوحا عليه السلام طال عمره وكثر بلاؤه من أعدائه ثم رزق الظفر بهم وأكثر شكره الله تعالى لقوله تعالى: إنه كان عبدا شكورا وتزوج امرأة دنية فولدت له أولادا. ( ومن رأى) هودا عليه السلام تسفه عليه أعداؤه وتسلطوا على ظلمه ثم رزق الظفر بهم. وكذلك من رأى صالحا عليه السلام

      ( ومن رأى) إبراهيم عليه السلام رزق الحج إن شاء الله. وقيل: إنه يصيبه أذى شديد من سلطان ظالم ثم ينصره الله عليه وعلى أعدائه ويكثر الله له النعمة ويرزقه زوجة صالحة. وقيل: إن رؤيا إبراهيم عليه السلام عقوق الأب. وحكي أن سماك بن حرب كف فرأى في منامه كأن إبراهيم عليه السلام مسح على عينيه وقال: ائت الفرات فاغتمس فيه يرد الله عليك بصرك فلما انتبه فعل ذلك فأبصر. ( ومن رأى) إسحاق عليه السلام أصابه شدة في بعض الكبراء أو الأقرباء ثم يفرج الله عنه ويرزق عزا وشرفا وبشارة ويكثر الملوك والرؤساء والصالحون من نسله هذا إذا رآه على جماله وكمال حاله, فإن رآه متغير الحال ذهب بصره نعوذ بالله.

      ( ومن رأى) إسماعيل عليه السلام رزق السياسة والفصاحة. وقيل: إنه يتخذ مسجدا أو يعين عليه لقوله تعالى: وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل وقيل: إن من رآه أصابه جهد من جهة أبيه ثم يسهل الله ذلك عليه. ( ومن رأى) يعقوب عليه السلام أصابه حزن عظيم من جهة بعض أولاده ثم يكشف الله تعالى ذلك عنه ويؤتيه محبوبه. ( ومن رأى) يوسف عليه السلام فإنه يصيبه ظلم وحبس وجفاء من أقربائه ويرمى بالبهتان ثم يؤتى ملكا وتخضع له الأعداء, فقد قيل في التعبير أن الأخ عدو, وهذه دليل على كثرة صدقة صاحبها لقوله تعالى: وتصدق علينا وقد حكي أن بعض الناس رأى كأن يوسف عليه السلام ناوله إحدى خفيه فانتبه وقد صار معبرا. وحكي أن إبراهيم بن عبد الله الكرماني رأى كأن يوسف عليه السلام كلمه فقال له علمني مما علمك الله فكساه قميص نفسه فاستيقظ وهو أحد المعبرين.

      وعن ابن سيرين قالت: رأيت في المنام كأني دخلت الجامع فإذا أنا بمشايخ ثلاثة وشاب حسن الوجه إلى جانبهم فقلت للشاب: من أنت رحمك الله؟ قال: أنا يوسف قلت: فهؤلاء المشيخة؟ قال: آبائي إبراهيم وإسحاق ويعقوب فقلت: علمني مما علمك الله قال: ففتح فاه وقال انظر ماذا ترى؟ فقلت أرى لسانك ثم فتح فاه فقال: انظر ماذا ترى؟ فقلت لهاتك ثم فتح فاه فقال انظر ماذا ترى؟ قلت أرى قلبك فقال: عبر ولا تخف, فأصبحت وما قصت علي رؤيا إلا وكأني أنظر إليها في كفي. ( ومن رأى) يونس عليه السلام فإنه يستعجل في أمر يورثه ذلك حبسا وضيقا ثم ينجيه الله تعالى, وهذه الرؤيا تدل على أن صاحبها يسرع الغضب والرضا ويكون بينه وبين قوم خائنين معاملة.

      ( ومن رأى) شعيبا عليه السلام مقشعرا فإنه يذهب بصره, فإن رآه على غير تلك الحالة فإنه يبخسه قوم حقه عليهم ويظلمونه ثم يقهرهم. وربما دلت هذه الرؤيا على أن صاحبها له بنات. ( ومن رأى) موسى وهارون عليهما السلام أو أحدهما فإنه يهلك على يديه جبار ظالم وإن رآهما وهو قاصد حربا رزق الظفر. وحكي أن جارية لسعيد بن المسيب رأت كأن موسى عليه السلام ظهر بالشأم وبيده عصا وهو يمشي على الماء فأخبرت سعيدا برؤياها قال : إن صدقت رؤياك فقد مات عبد الملك بن مروان, فقيل له: بم علمت ذلك؟ قال: لأن الله تعالى بعث موسى ليقصم الجبارين وما أجد هناك إلا عبد الملك بن مروان فكان كما قال.

      (ومن رأى) أيوب عليه السلام ابتلي في نفسه وماله وأهله وولده ثم يعوضه الله من كل ذلك ويضاعف له لقوله تعالى: ووهبنا له أهله ومثلهم معهم ( ومن رأى) داود عليه السلام على حالته أصاب سلطانا وقوة وملكا. ( ومن رأى) سليمان عليه السلام رزق الملك والعلم والفقه, فإن رآه ميتا على منبر أو سرير فإنه يموت خليفة أو أمير أو رئيس لا يعلم بموته إلا بعد مدة. وقيل: من رأى سليمان انقاد له الولي والعدو وكثرت أسفاره. ( ومن رأى) زكريا عليه السلام رزق على كبر ولدا تقيا. ( ومن رأى) يحيى عليه السلام وفق للعفة والتقوى والعصمة حتى يصير في ذلك واحد عصره. ( ومن رأى) عيسى عليه السلام دلت رؤياه على أنه رجل نفاع مبارك كثير الخير كثير السفر ويكرم بعلم الطب وبغير ذلك من العلوم.

      (أخبرنا): الشريف أبو القاسم جعفر بن محمد بمصر قال: حدثنا حمزة بن محمد الكناني قال: أخبرنا أبو القاسم عيسى بن سليمان البغدادي قال: حدثنا داود بن عمرو الضبي قال: حدثنا علي بن موسى بن جعفر الرضا عن أبيه عن جده قال الحسن بن علي رضي الله عنهما: ما رأيت عيسى ابن مريم عليه السلام في النوم فقلت: يا روح الله إني أريد أن أنقش على خاتمي فما أنقش عليه؟ قال: انقش عليه لا إله إلا الله الحق المبين فإنه يذهب الهم والغم وقيل: إن رأت امرأة عيسى ابن مريم عليه السلام وهي حامل ولدت ابنا حكيما. ( ومن رأى) مريم بنت عمران فإنه ينال جاها ورتبة من الناس ويظفر بجميع حوائجه. وإن رأت امرأة هذه الرؤيا وهي حامل ولدت أيضا ابنا حكيما وإن افتري عليها برئت من ذلك وأظهر الله براءتها, (ومن رأى) أنه يسجد لمريم فإنه يكلم الملك ويجلس معه. ( ومن رأى) دانيال الحكيم رزق حظا وافرا وعلم الرؤيا وظفر بجبار بعد أن تصيبه منه شدة, وقيل: إنه يصير أميرا أو وزير أمير. وحكي أن أبا عبد الله الباهلي رأى كأنه حمل دانيال على عاتقه فوضعه على جدار وأحياه فكلمه وقال له: أبشر فإنك دخلت في جملة ورثة الأنبياء وصرت إماما من جملة المعبرين, ( ومن رأى) الخضر عليه السلام دل على ظهور الخصب والسعة بعد الجدوبة والأمن بعد الخوف. وقال بعضهم: من رأى كأن بعض الأنبياء ضربه نال مناه في الدنيا دينا ودنيا, ( ومن رأى) كأنه بنفسه تحول نبيا معروفا نالته الشدائد بقدر مرتبة ذلك النبي في البلاء ويكون آخر أمره الظفر ويصير داعيا إلى الله سبحانه وتعالى.


      رؤيا محمد المصطفى صلى الله عليه وسلم

      (أخبرنا): أبو القاسم عمر بن محمد البصري بتنيس قال: حدثنا علي بن المسافر قال: حدثنا أحمد بن عبد الرحمن بن وهب قال: حدثني عمي قال: أخبرني أبو بشر عن ابن شهاب قال: أخبرني أبو سلمة بن عبد الرحمن أن أبا هريرة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من رآني في المنام فكأنما رآني في اليقظة فإن الشيطان لا يتمثل بي قال أبو سلمة: قال أبو قتادة: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من رآني فقد رأى الحق

      (أخبرنا): أبو الحسن عبد الوهاب بن الحسن الكلابي بدمشق قال: حدثني أبو سليمان بن محمد الخزاعي عن محمد بن المصفى الحمصي عن يحيى بن سعيد القطان عن سعيد بن مسلم عن أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من رآني في المنام فلن يدخل النار (وحدثنا): أبو بكر محمد بن أحمد بن محمد الأصفهاني بمكة حرسها الله تعالى في المسجد الحرام قال: حدثنا أبو الحسن محمد بن سهل عن محمد بن المصفى عن بكر بن سعيد عن سعيد قيس عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لن يدخل النار من رآني في المنام

      (قال الأستاذ أبو سعيد رضي الله عنه): قد بعث الله محمدا صلى الله عليه وسلم رحمة للعالمين فطوبى لمن رآه في حياته فاتبعه, وطوبى لمن يراه في منامه فإنه إن رآه مديون قضى الله دينه, وإن رآه مريض شفاه الله, وإن رآه محارب نصره الله, وإن رآه صرور حج البيت, وإن رئي في أرض جدبة أخصبت, أو في موضع قد فشا فيه الظلم بدل الظلم عدلا, أو في موضع مخوف أمن أهله هذا إذا رآه على هيئته, وإن رآه شاحب اللون مهزولا أو ناقصا بعض الجوارح فذلك يدل على وهن الدين في ذلك المكان وظهور البدعة, وكذلك إن رأى كسوة رثة وإن رأى أنه شرب دمه حبا له في خفية فإنه يستشهد في الجهاد, وإن رأى أنه شرب علانية دل ذلك على نفاقه ودخل في دم أهل بيته وأعان على قتلهم, فإن رآه كأنه مريض ففاق من مرضه فإن أهل ذلك المكان يصلحون بعد الفساد, وإن رآه عليه السلام راكبا فإنه يزور قبره راكبا, وإن رآه راجلا توجه إلى زيارته راجلا, وإن رآه قائما استقام أمره وأمر إمام زمانه, وإن رآه يؤذن في مكان خراب عمر ذلك المكان, وإن رأى كأنه يؤاكله فذلك أمر منه إياه بإيتاء زكاة ماله, فإن رأى أن النبي صلى الله عليه وسلم قد مات فإنه يموت من نسله واحد, وإن رأى جنازته في بقعة حدثت في تلك البقعة مصيبة عظيمة, فإن رأى أنه شيع جنازته حتى قبر فإنه يميل إلى البدعة, وإن رأى أنه قد زار قبره أصاب مالا عظيما, وإن رأى كأنه ابن النبي وليس من نسله دلت رؤياه على خلوص إيمانه, وإن رأى كأنه أبو النبي عليه السلام دل على وهن دينه وضعف إيمانه ويقينه.

      ورؤية الرجل الواحد رسول الله صلى الله عليه وسلم في منامه لا تختص به بل تعم جماعة المسلمين. روي أن أم الفضل قالت لرسول الله صلى الله عليه وسلم: رأيت في المنام كأن بضعة من جسمك قطعت فوضعت في حجري فقال: خيرا رأيت, تلد فاطمة إن شاء الله غلاما فيوضع في حجرك فولدت فاطمة الحسين عليهما السلام فوضع في حجرها وروي أن امرأة قالت: يا رسول الله أريت في المنام كأن بعض جسدك في بيتي قال: تلد فاطمة غلاما فترضعيه, فولدت الحسين فأرضعته فإن رأى النبي صلى الله عليه وسلم قد أعطاه شيئا من مستحب متاع الدنيا أو طعام أو شراب فإنه خير يناله بقدر ما أعطاه, وإن كان ما أعطاه رديء الجوهر مثل البطيخ وغيره فإنه ينجو من أمر عظيم إلا أنه يقع به أذى وتعب, فإن رأى أن عضوا من أعضائه عليه السلام عند صاحب الرؤيا قد أحرزه فإنه على بدعة في شرائعه قد استمسك بها دون سائر الشرائع من الإسلام وترك سواها دون سائر المسلمين.

      ( سمعت أبا الحسن): علي بن محمد البغدادي بمشهد علي بن أبي طالب رضي الله عنه يقول: قال ابن أبي طبيب الفقير: كان بي طرش عشر سنين فأتيت المدينة وبت بين القبر والمنبر فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم في المنام فقلت: يا رسول الله أنت قلت من سأل لي الوسيلة وجبت له شفاعتي, قال: عافاك الله ما هكذا قلت ولكني قلت: من سأل لي الوسيلة من عند الله وجبت له شفاعتي, قال: فذهب عني الطرش ببركة قوله: عافاك الله.

      حكى عبد الله بن الجلاء قال: دخلت مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم وبي فاقة فتقدمت إلى قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم فسلمت عليه وعلى صاحبيه رضوان الله عليهما ثم قلت: يا رسول الله بي فاقة وأنا ضيفك, ثم تنحيت ونمت دون القبر فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم جاء إلي فقمت فدفع إلي رغيفا فأكلت بعضه وانتبهت وفي يدي بعض الرغيف.

      وعن أبي الوفاء القاري الهروي قال: رأيت المصطفى صلى الله عليه وسلم في المنام بفرغانة سنة ستين وثلاثمائة وكنت أقرأ عند السلطان وكانوا لا يسمعون ويتحدثون فانصرفت إلى المنزل مغتما فنمت فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم كأنه تغير لونه فقال لي عليه السلام: أتقرأ القرآن كلام الله عز وجل بين يدي قوم يتحدثون ولا يسمعون قراءتك؟ لا تقرأ بعد هذا إلا ما شاء الله, فانتبهت وأنا ممسك اللسان أربعة أشهر فإذا كانت لي حاجة أكتبها على الرقاع فحضرني أصحاب الحديث وأصحاب الرأي فأفتوا بأني آخر الأمر أتكلم فإنه قال: إلا ما شاء الله وهو استثناء فنمت بعد أربعة أشهر في الموضع الذي كنت نمت فيه أولا فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم في المنام يتهلل وجهه فقال لي: قد تبت؟ قلت نعم يا رسول الله, قال: من تاب تاب الله عليه أخرج لسانك فمسح لساني بسبابته وقال: إذا كنت بين يدي قوم وتقرأ كتاب الله فاقطع قراءتك حتى يسمعوا كلام الله فانتبهت وقد انفتح لساني بحمد الله ومنه.

      وحكي أن رجلا من المياسير مرض فرأى رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات ليلة كأنه يقول له: إن أردت العافية من مرضك فخذ لا ولا, فلما استيقظ بعث إلى سفيان الثوري رضي الله عنه بعشرة آلاف درهم وأمره أن يفرقها على الفقراء وسأله عن تعبير الرؤيا فقال معنى قوله لا ولا الزيتونة فإن الله تعالى وصفها في كتابه فقال: لا شرقية ولا غربية وفائدة مالك ارتفاق الفقراء بك, قال: فتداوى بالزيتون فوهب الله له العافية ببركة استعماله أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم وتعظيمه رؤياه. وبلغنا أن رجلا أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنام فشكا إليه ضيق حاله فقال له: اذهب إلى علي بن عيسى وقل له يدفع إليك ما تصلح به أمرك فقال: يا رسول الله بأي علامة؟ قال قل له بعلامة أنك رأيتني على البطحاء وكنت على نشز من الأرض فنزلت وجئتني فقلت ارجع إلى مكانك قال: وكان علي بن عيسى قد عزل فردت إليه الوزارة فلما انتبه جاء إلى علي بن عيسى وهو يومئذ وزير فذكر قصته فقال: صدقت ودفع إليه أربعمائة دينار فقال: اقض بهذه دينك ودفع إليه أربعمائة دينار أخرى فقال: اجعلها رأس مالك فإذا أنفقت ذلك ارجع إلي.

      وذكر رجل يعرف بمرادك من أهل البصرة وكان يبيع الطيالسة قال: بعث ساجا من بعض ولاة الأهواز وكنت أختلف إليه في ثمنه فسب أبا بكر وعمر رضوان الله عليهما فمنعتني هيبته من الرد عليه فانقلبت وأنا مغموم فبت ليلتي كذلك فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم في المنام فقلت له: يا رسول الله إن فلانا سب أبا بكر وعمر رضي الله عنهما قال: ائتني به فجئت به فقال: أضجعه فأضجعته فقال: اذبحه فتعاظم الذبح في عيني فقلت: يا رسول الله أذبحه فقال: اذبحه حتى قال ثلاث مرات فأمررت السكين على حلقه فذبحته فلما أصبحت قلت: أذهب إليه أعظه وأخبره بما رأيت من رسول الله صلى الله عليه وسلم فذهبت فلما بلغت داره سمعت الولولة فقيل إنه مات وأتى ابن سيرين رجل غير متهم في دينه قلقا فقال: إني رأيت البارحة في النوم كأني وقد وضعت رجلي على وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له: هل بت البارحة مع خفيك؟ قال نعم قال: فاخلعهما فخلعهما فكان تحت إحدى رجليه درهم عليه محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
    • في رؤيا الملائكة عليهم السلام

      في رؤيا الملائكة عليهم السلام

      سمعت أبا الفضل أحمد بن عمران الهروي بمكة حرسها الله تعالى قال: سمعت أبا بكر بن القاري يقول: سمعت أبا بكر جعفر بن الخياط الشيخ الصالح يقول: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في النوم جالسا معه جماعة من الفقراء متسمين بالتصوف فإذا بالسماء قد انشقت فنزل جبريل ومعه ملائكة بأيديهم الطسوت والأباريق فكانوا يصبون الماء على أيدي الفقراء ويغسلون أرجلهم, فلما بلغوا إلي مددت يدي فقال بعضهم لبعض: لا تصبوا الماء على يديه فإنه ليس منهم, فقلت: يا رسول الله فإن كنت لست منهم فإني أحبهم, فقال النبي صلى الله عليه وسلم المؤمن مع من أحب فصب الماء على يدي حتى غسلتهما.

      (قال الأستاذ أبو سعيد رضي الله عنه): رؤية الملائكة في النوم إذا كانوا معروفين مستبشرين يدل على ظهور شيء لصاحب الرؤيا وعز وقوة وبشارة ونصرة بعد ظلم, أو شفاء بعد مرض, أو أمن بعد خوف, أو يسر بعد عسر, أو غنى بعد فقر, أو فرج بعد شدة, وتقتضي أن يحج صاحبها أو يغزو فيستشهد, فإن رأى كأنه يعادي جبريل وميكائيل أو يجادلهما فإنه في أمر يحل به نقمة الله تعالى من ساعة إلى ساعة وكان رأيه موافقا لرأي اليهود نعوذ بالله, وإن رأى أنه أخذ من جبريل طعاما فإنه يكون من أهل الجنة إن شاء الله, وإن رآه حزينا مهموما أصابته شدة وعقوبة لأنه ملك العقوبة, ( ومن رأى) ميكائيل عليه السلام فإنه ينال مناه في الدارين إن كان تقيا وإن لم يكن تقيا فليحذر, فإن رآه في بلدة أو قرية مطر أهلها مطرا عاما وأرخصت الأسعار فيها فإن كلم صاحب الرؤيا أو أعطاه شيئا فإنه ينال نعمة وسرورا لأنه ملك الرحمة, ( ومن رأى) إسرافيل عليه السلام محزونا ينفخ في الصور وظن أنه سمعه وحده دون غيره فإن صاحب الرؤيا يموت, فإن كان يظن أن أهل ذلك الموضع سمعوه ظهر في ذلك الموضع موت ذريع. وقيل: إن هذه الرؤيا تدل على انتشار العدل بعد انتشار الظلم, وعلى هلاك الظلمة في تلك الناحية.

      ( ومن رأى) ملك الموت عليه السلام مسرورا مات شهيدا, فإن رآه باسرا ساخطا مات على غير توبة. (ومن رأى) كأنه يصارعه فصرعه مات فإن لم يكن صرعه أشفى على الموت ثم نجاه الله. وقيل: من رأى ملك الموت طال عمره. وحكي عن حمزة الزيات قال: رأيت ملك الموت في النوم فقلت: يا ملك الموت نشدتك بالله هل لي عند الله من خير؟ قال نعم وآية ذلك أنك تموت بحلوان فمات بحلوان. فإن رأى كأن ملكا من الملائكة يبشره بابن رزق ابنا عالما رضيا وجيها لقوله تعالى: إن الله يبشرك بكلمة منه الآية. وقوله: إنما أنا رسول ربك لأهب لك غلاما زكيا

      إن رأى ملائكة بأيديهم أطباق الفواكه خرج من الدنيا شهيدا. وإن رأى أن ملكا من الملائكة دخل عليه داره فليحذر دخول اللص داره. وإن رأى كأن ملكا أخذ منه سلاحه فإنه تذهب قوته ونعمته وربما فارق امرأته. وإن رأى كأن الملائكة في موضع وهو يخافهم وقع في ذلك الموضع فتنة وحرب. وإن رأى كأن الملائكة في موضع حرب ظفر بالأعداء. وإن رآهم راكعين بين يديه أو ساجدين له نال أمانيه وعلا ذكره وأمره. فإن رأى أنه يصارع ملكا نال هما وذلا بعد العز. وإن رأى مريض كأن ملكا يواقع ملكا قرب موته. وإن رأى كأن الملائكة هبطت من السماء إلى الأرض على هيئتها فذلك دليل على عز أهل الحق وذل أهل الباطل ونصرة المجاهدين فإن رآهم على صورة النساء فإنه يكذب على الله تعالى لقوله تعالى: أفأصفاكم ربكم بالبنين واتخذ من الملائكة إناثا إنكم لتقولون قولا عظيما

      وإن رأى أنه يطير مع الملائكة أو يصعد معهم إلى السماء ولا يرجع نال شرفا في الدنيا ثم يستشهد. وإن رأى كأنه ينظر إلى الملائكة أصابته مصيبة لقوله تعالى: يوم يرون الملائكة لا بشرى يومئذ للمجرمين وإن رأى كأن الملائكة يلعنونه فذلك دليل على وهن دينه. وإن رأى كأن الملائكة يضجون خرب بيته ومسكنه. وإن رأى رهطا من الملائكة في بلد أو محلة أو قرية فإنه يموت هناك عالم أو زاهد أو يقتل رجل مظلوم أو تهدم دار على قوم. وإن رأى كأن ملائكة يصنعون مثل صناعته دل ذلك على ارتفاقه بصناعته. وإن رأى ملكا يقول له اقرأ كتاب الله تعالى فإن كان رجلا من أهل الخير أصاب شرفا وإن لم يكن من أهل الخير فليحذر لقوله تعالى: اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا

      وإن رأى الملائكة في موضع على خيل هلك هناك جبار. وإن رأى طيورا تطيرا ولا يعرف أعنانها فهي ملائكة ورؤيتهم في المنام في مكان دليل على الانتقام من الظالمين ونصر المظلومين. ( ومن رأى) الكرام الكاتبين نال السرور والفرح في الدنيا والآخرة ورزق حسن الخاتمة إن كان من أهل الصلاح وإلا خيف عليه لقوله تعالى: كراما كاتبين يعلمون ما تفعلون وقد قال بعض أهل العلم بهذه الصناعة أن رؤية الملك في صورة شيخ دليل على الزمان الماضي ورؤيته في صورة الشبان دليل على الزمن الحاضر, ورؤيته في صورة صبي دليل على الزمان المستقبل.

      ( ومن رأى) كأنه صار في صورة ملك فإن كان في شدة نال الفرج وإن كان في رق أعتق, وإن كان شريفا نال رياسة, وإن كان مريضا دلت هذه الرؤيا على موته. ( ومن رأى) كأن الملائكة يسلمون عليه آتاه الله بصيرة في حياته وختم له بالخير. وحكي أن شمويل اليهودي التاجر رأى في منامه وكان في سفر كأن الملائكة يصلون عليه فسأل معبرا فقال: إنك تدخل في دين الله وشريعة رسوله صلى الله عليه وسلم لقوله تعالى: هو الذي يصلي عليكم وملائكته ليخرجكم من الظلمات إلى النور فأسلم وهداه الله, وكان سبب إسلامه أنه وارى رجلا مديونا فقيرا عن غريم له كان يطلبه.
    • في رؤية الصحابة والتابعين في المنام رضي الله عنهم وأرضاهم



      في رؤية الصحابة والتابعين في المنام رضي الله عنهم وأرضاهم
      من رأى واحدا منهم أو جميعهم أحياء دلت رؤياه على قوة الدين وأهله, ودلت على أن صاحب الرؤيا ينال عزا وشرفا ويعلو أمره, فإن رأى كأنه صار واحدا منهم يناله شدائد ثم يرزق الظفر, وإن رآهم في منامه مرارا صدقت معيشته, وإن رأى أبا بكر رضي الله عنه حيا أكرم بالرأفة والشفقة على عباد الله, وإن رأى عمر رضي الله عنه أكرم بالقوة في الدين والعدل في الأقوال وحسن السيرة فيمن تحت يده فإن رأى عثمان رضي الله عنه حيا رزق حياء وهيبة وكثر حساده , وإن رأى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب كرم الله وجهه حيا أكرم بالعلم ورزق الشجاعة والزهد. (ومن رأى) القراء مجتمعين في موضع فإنه يجتمع هناك أصحاب الدولة من السلاطين والتجار والعلماء . (ومن رأى) بعض الصالحين من الأموات صار حيا في بلده فإن تلك البلدة ينال أهلها الخصب والفرج والعدل من واليهم ويصلح حال رئيسهم.

      ورأى الحسن البصري رحمه الله كأنه لابس صوف وفي وسطه كستيج وفي رجليه قيد وعليه طيلسان عسلي وهو قائم على مزبلة وفي يده طنبور يضرب به وهو مستند إلى الكعبة فقصت رؤياه على ابن سيرين فقال: أما درعه الصوف فزهده, وأما كستيجه فقوته في دين الله, وأما عسليه فحبه للقرآن وتفسيره للناس, وأما قيده فثباته في ورعه, وأما قيامه على المزبلة فدنياه جعلها الله تحت قدميه, وأما ضرب طنبوره فنشره حكمته بين الناس, وأما استناده إلى الكعبة فالتجاؤه إلى الله عز وجل.
    • في تأويل سور القرآن العزيز




      في تأويل سور القرآن العزيز

      ( أخبرنا): أبو سعيد عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب الرازي, أخبرنا محمد بن أيوب الرازي قال: أنبأنا مسلم بن إبراهيم قال: حدثنا هشام عن قتادة عن الحسن أن رجلا مات فرآه أخوه في المنام فقال: يا أخي أي الأعمال تجدون أفضل؟ قال القرآن, قال: أي آي القرآن أفضل ؟ قال: آية الكرسي, قال: يرجو الناس قال نعم إنكم تعملون ولا تعلمون ونحن لا نعلم ولا نعمل. (ومن رأى) كأنه يقرأ فاتحة الكتاب فتحت له أبواب الخير وأغلقت عنه أبواب الشر. (ومن رأى) كأنه يقرأ سورة البقرة طال عمره وحسن دينه. (ومن رأى) أنه يقرأ سورة آل عمران صفا ذهنه وزكت نفسه وكان مجادلا لأهل الباطل. ومن قرأ سورة النساء فإنه يكون قساما للمواريث صاحب حرائر من النساء وجوار يرث النساء ويورث بعد عمر طويل.

      ومن قرأ سورة المائدة علا شأنه وقوي يقينه وحسن ورعه. ومن قرأ سورة الأنعام كثرت أنعامه ودوابه ومواشيه ورزق الجود. ومن قرأ سورة الأعراف لم يخرج من الدنيا حتى يطأ قدمه طور سيناء. ومن قرأ سورة الأنفال رزقه الله الظفر بأعدائه ورزق الغنائم. ومن قرأ سورة التوبة عاش في الناس محمودا ومات على توبة. ومن قرأ سورة يونس حسنت عبادته ولم يضره كيد ولا سحر. ومن قرأ سورة هود كان مرزوقا من الحرث والنسل. ومن قرأ سورة يوسف ظلم أولا ثم يملك أخيرا ويلاقي سفرا يقيم فيه. ومن قرأ سورة الرعد كان حافظا للدعوات ويسرع إليه الشيب. ومن قرأ سورة إبراهيم حسن أمره ودينه عند الله. ومن قرأ سورة الحجر كان عند الله وعند الناس محمودا. ومن قرأ سورة النحل رزق علما وإن كان مريضا شفي .

      ومن قرأ سورة بني إسرائيل كان وجيها عند الله ونصر على أعدائه. ومن قرأ سورة الكهف نال الأماني وطال عمره حتى يمل الحياة ويشتاق إلى الموت. ومن قرأ سورة مريم أحيا سنن الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ويكذب عليه ثم تظهر براءته. ومن قرأ سورة طه لم يضره سحر ساحر. ومن قرأ سورة الأنبياء نال الفرج بعد الشدة واليسر بعد العسر ورزق علما وخشوعا. ومن قرأ سورة الحج رزق الحج مرارا إن شاء الله تعالى. ومن قرأ سورة المؤمنون قوي إيمانه وختم له به. ومن قرأ سورة النور نور الله قلبه وقبره. ومن قرأ سورة الفرقان كان فارقا بين الحق الباطل. ومن قرأ سورة الشعراء عصمه الله من الفواحش. ومن قرأ سورة النمل أوتي ملكا. ومن قرأ سورة القصص رزق كنزا حلالا. ومن قرأ سورة العنكبوت كان في أمان الله وحرزه إلى أن يموت.

      ومن قرأ سورة الروم فتح الله على يديه بلدة من بلاد المشركين وهدى على يديه قوما. ومن قرأ سورة لقمان آوتي الحكمة. ومن قرأ سورة السجدة مات في سجدته وصار من الفائزين عند الله. ومن قرأ سورة الأحزاب كان من أهل التقى واتبع الحق. ومن قرأ سورة سبإ تزهد في الدنيا وآثر العزلة. ومن قرأ سورة فاطر فتح الله عليه باب النعم. ومن قرأ سورة يس رزق محبة أهل رسول الله صلى الله عليه وسلم. ومن قرأ سورة الصافات رزقه الله ولدا صاحب يقين طائعا له. ومن قرأ سورة ص كثر ماله وحذق في صناعته. ومن قرأ سورة الزمر خلص دينه وحسنت عاقبته. ومن قرأ سورة المؤمن رزق رفعة في الدنيا والآخرة وتجري الخيرات على يديه. من قرأ سورة حم السجدة يكون داعيا إلى الحق ويكثر محبوه. ومن قرأ سورة حم عسق عمر عمرا طويلا إلى غاية.

      ومن قرأ سورة الزخرف كان صادقا في أقواله. ومن قرأ سورة الدخان رزق الغنى. ومن قرأ سورة الجاثية فإنه يخشع لربه ما عاش. ومن قرأ سورة الأحقاف رأى العجائب في الدنيا. ومن قرأ سورة محمد صلى الله عليه وسلم حسنت سيرته. ومن قرأ سورة الفتح وفق للجهاد. ومن قرأ سورة الحجرات يصل رحمه. ومن قرأ سورة ق وسع عليه رزقه. ومن قرأ سورة الذاريات كان مرزوقا من الحرث والزرع. ومن قرأ سورة الطور دلت رؤياه على أنه يجاور بمكة. ومن قرأ سورة النجم رزق ولدا جميلا وجيها. ومن قرأ سورة القمر فإنه يسحر ولا يضره. ومن قرأ سورة الرحمن نال في الدنيا النعمة وفي الآخرة الرحمة. ومن قرأ سورة الواقعة كان سباقا إلى الطاعات. ومن قرأ سورة الحديد كان محمود الأثر صحيح البدن. ومن قرأ سورة المجادلة كان مجادلا لأهل الباطل قاهرا لهم بالحجج. ومن قرأ سورة الحشر أهلك الله أعداءه.

      ومن قرأ سورة الممتحنة نالته محنة وأجر عليها. ومن قرأ سورة الصف استشهد. ومن قرأ سورة الجمعة جمع الله له الخيرات. ومن قرأ سورة المنافقين برئ من النفاق. ومن قرأ سورة التغابن استقام على الهدى. ومن قرأ سورة الطلاق دل على نزاع بينه وبين امرأته يؤدي ذلك إلى الفراق. ومن قرأ سورة الملك كثرت أملاكه. ومن قرأ سورة نون رزق الكتابة والفصاحة. ومن قرأ سورة الحاقة كان على الحق. ومن قرأ سورة المعارج كان آمنا منصورا. ومن قرأ سورة نوح كان آمرا بالمعروف ناهيا عن المنكر مظفرا على الأعداء. ومن قرأ سورة الجن عصم من شر الجن. ومن قرأ سورة المزمل وفق للتهجد. ومن قرأ سورة المدثر حسنت سريرته وكان صبورا. ومن قرأ سورة القيامة فإنه يتجنب الحلف فلا يحلف أبدا.

      ومن قرأ سورة هل أتى وفق للسخاء ورزق الشكر وطابت حياته. ومن قرأ سورة المرسلات وسع عليه في رزقه. ومن قرأ سورة عم يتساءلون عظم شأنه وانتشر ذكره بالجميل. ومن قرأ سورة النازعات نزعت الهموم والخيانات من قلبه. ومن قرأ سورة عبس فإنه يكثر إيتاء الزكاة والصدقة. ومن قرأ سورة التكوير كثرت أسفاره في ناحية المشرق وكثرت أرباحه في أسفاره. ومن قرأ سورة الانفطار قربه السلاطين وأكرموه. ومن قرأ سورة المطففين رزق الأمانة والوفاء والعدل. ومن قرأ سورة الانشقاق كثر نسله وولده. ومن قرأ سورة البروج فاز من الهموم وأكرم بنوع من العلوم وقيل ذلك علم النجوم. ومن قرأ سورة الطارق ألهم كثرة التسبيح. ومن قرأ سورة سبح تيسرت عليه أموره. ومن قرأ سورة الغاشية ارتفع قدره وانتشر ذكره وعلمه. ومن قرأ سورة الفجر كسي البهاء والهيبة. ومن قرأ سورة البلد وفق لإطعام وإكرام الأيتام ورحمة الضعفاء. ومن قرأ سورة الشمس أوتي الفهم وذكاء الفطنة في الأشياء. ومن قرأ سورة الليل وفق لقيام الليل وعصم من هتك الستر. ومن قرأ سورة الضحى فإنه يكرم المساكين والأيتام, وقد حكي أن بعض العلوية رأى في منامه مكتوبا على جبينه سورة الضحى فأخبر بذلك ابن المسيب فعبرها بدنو الأجل فمات العلوي بعد ليلة. ومن قرأ سورة ألم نشرح فإن الله يشرح للإسلام صدره وييسر عليه أمره وتنكشف عنه همومه. ومن قرأ سورة التين عجل له قضاء حوائجه وسهل له رزقه. ومن قرأ سورة اقرأ رزق الكتابة والفصاحة والتواضع. ومن قرأ سورة القدر طال عمره وعلا أمره وقدره. ومن قرأ سورة لم يكن هدى الله على يديه قوما ضالين.

      ومن قرأ سورة الزلزلة زلزل الله به أقدام أهل الكفر. ومن قرأ سورة العاديات رزق الخيل وارتباطها. ومن قرأ سورة القارعة أكرم بالعبادة والتقوى. ومن قرأ سورة التكاثر كان زاهدا في المال تاركا لجمعه. ومن قرأ سورة العصر وفق الصبر وأعين على الحق ويناله خسران في تجارته ويتعقبه ربح كثير. ومن قرأ سورة الهمزة فإنه يجمع مالا ينفعه في أعمال البر. ومن قرأ سورة الفيل نصر على الأعداء وجرى على يديه فتوح في الإسلام. ومن قرأ سورة قريش فإنه يطعم المساكين ويؤلف الله بينه وبين قلوب عباده في المحبة. ومن قرأ سورة أرأيت فإنه يظفر بمن خالفه وعانده. ومن قرأ سورة الكوثر كثر خيره في الدارين. ومن قرأ سورة الكافرون وفق لمجاهدة الكافرين. ومن قرأ سورة النصر نصره الله على أعدائه وهذه الرؤيا تدل على قرب وفاة صاحبها فإنها سورة نعي النبي صلى الله عليه وسلم إلى نفسه. وقد حكي أن رجلا أتى ابن سيرين فقال: إني رأيت في المنام كأني أقرأ سورة النصر فقال: عليك بالوصية فقد جاء أجلك, فقال: ولم؟ قال: لأنها آخر سورة نزلت من السماء.

      ومن قرأ سورة تبت يدا فإن بعض أهل النفاق تشمر لمعاداته وطلب عثراته ثم يهلكه الله عز وجل. ومن قرأ سورة الإخلاص نال مناه وعظم ذكره ووقي زلات توحيده, وقيل: يقل عياله ويطيب عيشه, وقد قيل: إن قراءتها أيضا دليل على اقتراب الأجل. وقد حكي أن بعض الصالحين رأى سورة الإخلاص مكتوبة بين عينيه فقص ذلك على سعيد بن المسيب فقال: إن صدقت رؤياك فقد دنا موتك فكان كما قال. ومن قرأ سورة الفلق فإن الله يدفع عنه شر الإنس والجن والهوام والحساد. ومن قرأ سورة الناس عصم من البلايا وأعيذ من الشيطان وجنوده ووسواسهم.

      (قال أبو سعيد رضي الله عنه): والأصل في هذا النوع من الرؤيا أن يتدبر المعبر رؤيا القاص عليه في هذا الباب , فإن كانت الآية التي رأى أنه قرأها آية رحمة مبشرة بشره بالرحمة والنعمة والأمن والغبطة, وإن كانت عقوبة حذره ارتكاب معصية يستحقها بها, وأشار عليه بترك معصية هو فيها أو هام بها قاصدا لها, فإن رأى كأنه يقرأ القرآن ظاهرا فإنه يكون مؤديا للأمانات مستقيما على الحق يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر لقوله تعالى: يتلون آيات الله إلى قوله ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر فإن رأى كأنه يقرأ في مصحف نال حكمة وعزا وذكرا وحسن دين. والمصحف حكمة في التأويل. فإن رأى أنه اشترى مصحفا انتشر علمه في الدين والناس وأفاد خيرا. (ومن رأى) أنه باع مصحفا فإنه يحتقب الفواحش, فإن رأى أنه أحرق مصحفا أفسد دينه.

      فإن رأى أنه سرق مصحفا نسي الصلاة, فإن رأى في يده كتابا أو مصحفا فلما فتحه لم يكن فيه كتابة دل على أن ظاهره بخلاف باطنه, فإن رأى أنه يأكل أوراق المصاحف فإنه يكتب المصاحف بأجرة ويطلب رزقه من غير وجهه. فإن رأى أنه يقبل المصحف فإنه لا يقصر في أداء الواجبات, فإن رأى أنه يكتب القرآن في خزف أو صدف فإنه يقول في القرآن برأيه, فإن رأى أنه يكتبه على الأرض فهو ملحد. وقد حكي أن الحسن البصري رحمه الله رأى كأنه يكتب القرآن في كساء فقص رؤياه على ابن سيرين فقال: اتق الله ولا تفسر القرآن برأيك فإن رؤياك تدل على ذلك, فإن رأى كأنه يقرأ القرآن وهو متجرد فإنه صاحب أهواء. (ومن رأى) كأنه يأكل القرآن فإنه يأكل به. (ومن رأى) كأنه متوسد مصحفا فإنه رجل لا يقوم بما معه من القرآن لقوله صلى الله عليه وسلم : لا توسدوا بالقرآن (ومن رأى) أنه حفظ القرآن ولم يكن يحفظه نال ملكا لقوله تعالى: إني حفيظ عليم

      ( ومن رأى) كأنه يسمع القرآن قوي سلطانه وحسنت خاتمته. (ومن رأى) أن المصحف أخذ منه فإنه ينتزع منه علمه وينقطع عمله في الدنيا. من رأى أنه يتلى عليه القرآن وهو لا يفهمه أصابه مكروه أما من الله أو من السلطان لقوله تعالى: وقالوا لو كنا نسمع أو نعقل ما كنا في أصحاب السعير ومن رأى آية رحمة فإذا وصل إلى آية عذاب عسرت عليه قراءتها أصاب فرجا. (ومن رأى) أنه يقرأ آية عذاب فإذا وصل إلى آية رحمة لم يتهيأ له قراءتها بقي في الشدة. (ومن رأى) أنه يختم القرآن ظفر بمراده وكثر خيره.

      وحكي أن امرأة رأت كأن في حجرها مصحفا وهي تقرأ منه فجاءت فروجتان يلتقطان كل كتابة فيه حتى استوفتا جميع كتابته أكلا فقصت رؤياها على ابن سيرين فقال: ستلدين ابنين يحفظان القرآن. فكان كذلك. وحكي أن رجلا من القراء رأى في منامه كأنه يقطع ورقة ورقة من المصحف فيضعها على النار فيسكن لهبها فرفعها إلى بعض المفسرين فقال: ستكون فتنة من جهة السلطان وتسكن بقراءتك القرآن فكان كذلك. ومن سمع قراءة القرآن قوي سلطانه وحمدت عاقبته وأعيذ من كيد الكائدين لقوله تعالى: وإذا قرأت القرآن جعلنا بينك وبين الذين لا يؤمنون بالآخرة حجابا مستورا
    • في تأويل رؤيا الإسلام




      في تأويل رؤيا الإسلام

      (قال الأستاذ أبو سعيد رحمه الله): كل مشرك رأى في منامه أو رآه غيره كأنه في الجنة أو على أساور من فضة فإنه يسلم لقوله تعالى: وحلوا أساور من فضة وكذلك لو رأى أنه يدخل حصنا فقد روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: يقول الله تعالى: لا إله إلا أنا تعالى حصني فمن دخله أمن من عذابي فإن رأى مشرك أنه أسلم أو رأى أنه يصلي نحو القبلة أو رأى أنه يشكر الله تعالى هدي للإسلام, وإن كان في دار الشرك فرأى في منامه أنه تحول إلى دار الإسلام فإنه يموت عاجلا لأن دار الإسلام دار الحق. فإن رأى مسلم في منامه كأنه يقول أسلمت استقامت أموره واستحكم إخلاصه. فإن رأى مسلم كأنه يسلم ثانيا سلم من الآفات. (ومن رأى) من المشركين كأنه كان ميتا فحيي فإنه يسلم. وكذلك إذأ رأى سعة في صدره فإنه يسلم. وكذلك إذا رأى نفسه في سفينة في البحر فإنه يسلم.
    • في تأويل السلام والمصافحة



      في تأويل السلام والمصافحة

      من رأى كأنه يصافح عدوا ويعانقه ارتفعت من بينهما العداوة وثبتت الألفة لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: المصافحة تزيد في المودة (ومن رأى) أن عدوه مسلم عليه فإنه يطلب إليه الصلح. (ومن رأى) أنه سلم على من ليس بينه وبينه عداوة أصاب المسلم عليه من المسلم فرحا, وإن كانت بينهما عداوة فإنه يظفر بالمسلم ويأمن بوائقه. (ومن رأى) كأنه سلم على شيخ لا يعرفه فإن ذلك أمان من عذاب الله عز وجل. وإن رأى أنه سلم على شيخ يعرفه فإنه ينكح امرأة حسناء وينال أنواع الفواكه لقوله تعالى: لهم فيها فاكهة ولهم ما يدعون سلام قولا من رب رحيم فإن سلم عليه شاب لا يعرفه فإنه يسلم من شر أعدائه. ومن كان يخطب إلى رجل فرأى كأنه يسلم على ذلك الرجل فرد عليه جواب سلامه فإنه يزوجه, فإن لم يرد سلامه لم يزوجه, وكذلك إن كان بينه وبين رجل تجارة فرأى في منامه كأنه سلم عليه فرد جوابه استقامت تلك التجارة بينهما, فإن لم يرد جوابه لم تستقم.



    • في تأويل رؤيا الطهارة

      (قال الأستاذ أبو سعيد رحمه الله): أولى الطهارات بتقديم الذكر الختان وهي من الفطرة. فمن رأى كأنه اختتن فقد عمل خيرا طهره الله به من الذنوب وأحسن القيام بأمر الله تعالى ولو قال قائل أنه يخرج من الهموم لم يبعد. فإن رأى كأنه أقلف فإن القلفة زيادة مال ووهن في الدين, وهذه الرؤيا تدل على أن صاحبها يترك الدين لأجل الدنيا. فإن رأى أنه اختتن فسال منه دم كثير خرج عن ذنوبه وأقبل على إقامة سنن رسول الله صلى الله عليه وسلم, والسواك من الفطرة أيضا وهذه رؤيا أهل السنة. فمن رأى أنه يستاك فإنه يكون محسنا إلى أقاربه واصلا لرحمه, فإن رأى أنه يستاك بشيء نجس فإنه ينفق مالا حراما في طاعة. (ومن رأى) أنه يتوضأ وضوءه للصلاة فإنه أمان من الله تعالى. (ومن رأى) أنه جنب فإنه يسافر ويطلب حاجة لا سوى لها. (ومن رأى) أنه اغتسل فإنه يقضي حاجة والاغتسال يطهر الذنوب ويكشف الهموم. (ومن رأى) أنه اغتسل ولبس ثيابا جددا فإن كان معزولا عن ولاية ردت إليه وإن كان فقيرا أثرى وغني, وإن كان مسجونا خلي سبيله, وإن كان مريضا عوفي, وإن كان تاجرا قد كسدت تجارته أو صانعا قد تعذرت عليه صنعته استقام أمرهما وتجدد لهما أمر في أتم دولة, وإن كان صرورا حج, وإن كان مهموما فرج الله همه, وإن كان مديونا قضى الله دينه لأن أيوب حين اغتسل ولبس ثيابا جددا وهب الله له أهله ومثلهم معهم وذهب همه وصح جسمه. فإن رأى أنه اغتسل ولبس ثيابا خلقا فإنه يذهب همه ويفتقر. (ومن رأى) أنه يغتسل إلا أنه لم يتم اغتساله لم يتم أمره ولم ينل ما يطلبه.

      (ومن رأى) كأنه يتوضأ أو يغتسل في سرب فإنه يظفر بشيء كان سرق له. (ومن رأى) كأنه يتوضأ ودخل في الصلاة خرج من الهموم وشكر الله تعالى على الفرج. (ومن رأى) كأنه يتوضأ بما لا يجوز الوضوء به فهو في هم ينتظر الفرج ولا يناله. وإن رأى تاجر أنه يصلي بغير وضوء فإنه يتجر من غير رأس مال. وإن رأى أمير هذه الرؤيا فلا يجتمع له جند, وإن رآها محترف لم يستقر به قرار. (ومن رأى) أنه يصلي بغير وضوء في مكان لا تجوز الصلاة فيه فإنه متحير في أمر لا يجد منه خلاصا, وقيل: الوضوء في المنام أمانة يؤديها أو دين يقضيه أو شهادة يقيمها. وروي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: رأيت رجلا من أمتي قد بسط عليه العذاب في القبر فجاءه وضوءه فاستنقذه من ذلك (ومن رأى) أنه يتيمم فقد دنا فرجه وقربت راحته لأن التيمم دليل الفرج القريب من الله تعالى.
    • في تأويل رؤيا الأذان والإقامة



      في تأويل رؤيا الأذان والإقامة

      (أخبرنا): أبو بكر محمد بن عبد الله بن قريش قال: أخبرنا الحسن بن سفيان قال: حدثنا إسحاق بن إبراهيم بن مخلد الحنظلي قال: حدثنا وهب بن جرير قال: حدثنا أبي قال: حدثنا محمد بن إسحاق قال: حدثني محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي عن محمد بن عبد الله بن زيد الأنصاري عن أبيه قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وأخبرته بالذي رأيته من الأذان فقال: إن هذه الرؤيا حق فقم فألقها على بلال فإنه أندى صوتا منك, قال: ففعلت. قال: فجاء عمر بن الخطاب رضي الله عنه لما سمع أذان بلال يجر ثوبه وقال: يا رسول الله رأيت مثل ما رأى عبد الله بن زيد. قال: فقال: الحمد لله فذاك أثبت

      (وأخبرنا) أبو بكر قال: أخبرنا الحسن بن سفيان عن إسماعيل بن عبيد الحراني عن محمد بن سلمة عن محمد بن إسحاق عن محمد بن إبراهيم عن محمد بن عبد الله بن زيد الأنصاري عن أبيه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد هم بالبوق وأمر بالناقوس فنمت فرأى عبد الله بن زيد الأنصاري في المنام قال: رأيت رجلا عليه ثوبان أخضران يحمل ناقوسا فقلت: يا عبد الله أتبيع الناقوس؟ قال: وما تصنع به؟ قلت: ننادي به للصلاة, قال: أفلا أدلك على ما هو خير لك من ذلك؟ قلت بلى, قال: تقول: الله أكبر ثم لقنني كلمات الأذان ثم مشى هنية ولقنني كلمات الإقامة, فلما استيقظت أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرته فقال عليه السلام: إن أخاكم قد رأى رؤيا فاخرج مع بلال إلى المسجد فألقها عليه فليناد بها فإنه أندى صوتا منك فخرجت معه فجعلت ألقيها وينادي بها بلال, فسمع عمر بن الخطاب رضي الله عنه الصوت فخرج فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله لقد رأيت مثل ما رأى

      (قال الأستاذ أبو سعيد رضي الله عنه): من رأى أنه أذن مرة أو مرتين وأقام وصلى صلاة فريضة رزق حجا وعمرة لقوله تعالى: وأذن في الناس بالحج ولأن بعرفات يؤذن ويقام مرتين مرتين, فإن رأى كأنه يؤذن على منارة فإنه يكون داعيا إلى الحق ويرجى له الحج, فإن رأى كأنه يؤذن في بئر فإنه يحث الناس على سفر بعيد, فإن رأى كأنه مؤذن وليس بمؤذن في اليقظة ولي ولاية بقدر ما بلغ صوته إن كان للولاية أهلا, فإن رأى كأنه يؤذن على تل أصاب ولاية من رجل أعجمي وإن لم يكن للولاية أهلا فإنه يصيب تجارة رابحة أو حرفة عزيزة, فإن رأى أنه زاد في الأذان أو نقص منه أو غير ألفاظه فإنه يظلم الناس بقدر الزيادة والنقصان, وإن أذن في شارع فإن كان من أهل الخير فإنه يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر وإن كان من أهل الفساد فإنه يضرب. ( ومن رأى ) كأنه يؤذن على حائط فإنه يدعو رجلا إلى الصلح, وإن أذن فوق بيت فإنه يموت أهله, فإن أذن فوق الكعبة فإنه يظهر بدعة, والأذان في جوف الكعبة لا يحمد, ومن أذن على سطح جاره فإنه يخون جاره في أهله, ومن أذن بين قوم فلم يجيبوه فإنه بين قوم ظلمة لقوله تعالى: فأذن مؤذن بينهم أن لعنة الله على الظالمين

      ومن رأى أنه أذن وأقام فإنه يقيم سنة ويميت بدعة (ومن رأى) صبيا يؤذن فإنه براءة لوالديه من كذب وبهتان لقصة عيسى عليه السلام, والأذان في الحمام لا يحمد دينا ولا دنيا وقيل إنه يقود, فإن أذن في البيت الحار فإنه يحم حمى ناقض, فإن أذن في البيت البارد فإنه يحم حمى حارة, ومن أذن على باب سلطان فإنه يقول حقا.

      (وحكي): عن ابن سيرين رحمه الله أنه قال: الأذان مفارقة شريك لقوله تعالى: وأذان من الله ورسوله إلى الناس يوم الحج الأكبر الآية فإن أذن في قافلة فإنه يسرق لقوله تعالى: أيتها العير إنكم لسارقون والأذان في البرية أو المعسكر يكون جاسوسا للصوص. ومن كان محبوسا فرأى كأنه يقيم أو يصلي قائما فإنه يطلق لقوله تعالى: فإن تابوا وأقاموا الصلاة الآية. (ومن رأى) غير محبوس أنه يقيم إقامة الصلاة فإنه يقوم له رفيع يحسن الثناء عليه فيه. (ومن رأى) كأنه أقام على باب داره فوق سرير فإنه يموت. (ومن رأى) كأنه يؤذن على سبيل اللهو واللعب سلب عقله لقوله تعالى: وإذا ناديتم إلى الصلاة اتخذوها هزوا ولعبا ذلك بأنهم قوم لا يعقلون

      (وحكي): عن دانيال الصغير أنه قال: من رأى كأنه أذن وأقام وصلى فقد تم عمله وهو دليل الموت ومن سمع أذانا في السوق فإنه موت رجل من أهل تلك السوق. ومن سمع أذانا يكرهه فإنه ينادي عليه في مكروه.

      (قال الأستاذ أبو سعيد): الأصل في هذا الباب أن الأذان إذا رآه من هو أهل له كان محمودا إذا أذن في موضعه, وإذا رآه من ليس بأهل أو رآه في غير موضعه كان مكروها, فإن أذن في مزبلة فإنه يدعو أحمق إلى الصلح ولا يقبل منه وإن أذن في بيت فإنه يدعو امرأة إلى الصلح, فإن أذن مضطرا فإنه يغشى امرأة .

      (وحكي): أن رجلا أتى ابن سيرين فقال: رأيت كأني أؤذن فقال: تحج. وأتاه آخر فقال: رأيت كأني أؤذن فقال: تقطع يدك, قيل له: كيف فرقت بينهما؟ قال: رأيت للأول سيما حسنة فأولت : وأذن في الناس بالحج ورأيت للثاني سيما غير صالحة فأولت : ثم أذن مؤذن أيتها العير إنكم لسارقون
    • في تأويل رؤيا الصلاة وأركانها




      الباب العاشر
      في تأويل رؤيا الصلاة وأركانها


      (قال الأستاذ أبو سعيد رحمه الله): الأصل في رؤيا الصلاة في المنام أنها محمودة دينا ودنيا وتدل على إدراك ولاية ونيل رسالة أو قضاء دين أو أداء أمانة أو إقامة فريضة من فرائض الله تعالى, ثم هي على ثلاثة أضرب: فريضة وسنة وتطوع, فالفريضة منها تدل على ما قلنا وأن صاحبها يرزق الحج ويجتنب الفواحش لقوله تعالى: إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر والسنة تدل على طهارة صاحبها وصبره على المكاره وظهور اسم حسن له لقوله تعالى: لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة وشفقة على خلق الله تعالى وعلى أنه يكرم عياله ومن تحت يده ويحسن إليهم فوق ما يلزمه ويجب عليه في الطعام والكسوة ويسعى في أمور أصدقائه فورثه ذلك عزا, والتطوع يقتضي كمال المروءة وزوال الهموم, فإن رأى كأنه يصلي فريضة الظهر في يوم صحو فإنه يتوسط في أمر يورثه ذلك عزا حسب صفاء ذلك اليوم, فإن كان يوم غميم فإنه يتضمن حمل غموم.

      فإن رأى كأنه يصلي العصر فإنه يدل على أن العمل الذي هو فيه لم يبق منه إلا أقله, فإن رأى أنه يصلي الظهر في وقت العصر فإنه يقضي دينه. فإن رأى إحدى الصلاتين انقطعت عليه فإنه يقضي نصف الدين أو نصف المهر لقوله تعالى: فنصف ما فرضتم فإن رأى كأنه يصلي فريضة المغرب فإنه يقوم بما يلزمه من أمر عياله, فإن رأى أنه يصلي العتمة فإنه يعامل عياله بما يفرح به قلوبهم وتسكن إليه نفوسهم. فإن رأى كأنه يصلي فريضة الفجر فإنه يبتدئ أمرا يرجع إلى إصلاح معاشه ومعاش عياله. فإن رأى كأنه يصلي الظهر أو العصر أو العتمة ركعتين فإنه يسافر, فإن رأت مثلها امرأة حاضت من يومها, فإن رأى كأنه يصلي قاعدا من غير عذر لم يقبل عمله. فإن رأى كأنه يصلي على جنبه مرض, فإن رأى كأنه يصلي راكبا أصابه خوف شديد, فإن رأى كأن يصلي بالناس وهو راكب وهم ركبان فإن كانوا في حرب رزقوا الظفر.

      فإن رأى كأنه يصلي في بستان فإنه يستغفر الله, فإن رأى كأنه صلى في أرض مزروعة قضى الله دينه منها, فإن رأى كأنه يصلي في مسلخ حمام دل ذلك على فساد يرتكبه وقيل إنه يلوط بغلام, فإن رأى كأن صلاة مفروضة فاتته ولا يجد موضعا يقضيها فيه تعذر عليه نيل ما يطلبه فإن رأى كأنه يصلي في جماعة مستوية الصفوف فإنهم يكثرون التسبيح والتهليل لقوله تعالى: وإنا لنحن الصافون وإنا لنحن المسبحون فإن رأى كأنه ترك صلاة فريضة فإنه يستخف ببعض الشرائع والسجدة في المنام دليل الظفر, ودليل التوبة من ذنب هو فيه, ودليل الفوز بمال, ودليل طول الحياة, ودليل النجاة من الأخطار, فإن رأى كأنه سجد لله تعالى على جبل فإنه يظفر برجل منيع, فإن رأى أنه سجد لغير الله تعالى لم تقض حاجته وقهر إن كان في حرب وخسر إن كان تاجرا.

      فإن رأى كأنه قائم في الصلاة فلم يركع حتى ذهب وقتها فإنه يمنع الزكاة المفروضة فلا يؤديها, فإن رأى كأنه يصلي فيأكل العسل فإنه يأتي امرأته وهو صائم, فإن رأى كأنه قاعد يتشهد فرج عنه همه وقضيت حاجته, فإن رأى كأنه سلم وخرج من صلاته على تمامها فإنه يخرج من همومه فإن سلم عن يمينه دون يساره صلح بعض أموره, فإن سلم عن يساره دون يمينه فإنه يتشوش عليه بعض أحواله فإن رأى أنه يصلي نحو الكعبة دل على استقامة دينه, فإن صلى نحو المغرب دل على رداءة مذهبه وجراءته على المعاصي لأنه قبلة اليهود وهم اجترءوا على أخذ الحيتان يوم سبتهم, فإن صلى نحو المشرق دل على ابتداعه واشتغاله بالباطل لأنه قبلة النصارى, فإن صلى وظهره للقبلة في الصلاة دل على نبذه الإسلام وراء ظهره بارتكاب بعض الكبائر, فإن رأى أنه لا يهتدي إلى القبلة فإنه متحير في أمره, فإن صلى إلى غير القبلة إلا أن عليه ثيابا بيضا وهو يقرأ القرآن كما يجب رزق الحج لقوله تعالى: فأينما تولوا فثم وجه الله فإن رأى من ليس بإمام في اليقظة كأنه يؤم الناس في الصلاة وكان للولاية أهلا نال ولاية شريفة وصار مطاعا, فإن أم بهم إلى القبلة وصلى بهم صلاة تامة عدل في ولايته, وإن رأى في صلاتهم نقصانا أو زيادة أو تغيرا جار في ولايته وأصابه فقر ونكبة من جهة اللصوص, فإن صلى بهم قائما وهم جلوس فإنه لا يقصر في حقوقهم ويقصرون في حقه أو تدل رؤياه أنه يتعهد قوما مرضى, فإن صلى بقوم قاعدا وهم قيام فإنه يقصر في أمر يتولاه, فإن صلى بقوم قيام وقوم قعود فإنه يلي أمر الأغنياء وأمر الفقراء, فإن صلى بهم قاعدا وهم قعود فإنهم يبتلون بغرق أو سرقة ثياب أو افتقار, فإن رأى أنه يصلي بالنساء فإنه يلي أمور قوم ضعاف, فإن أم بالناس على جنبه أو مضطجعا وعليه ثياب بياض وينكر موضعه ذلك ولا يقرأ في صلاته ولا يكبر فإنه يموت ويصلي الناس عليه, وكذلك إن رأت امرأة كأنها تؤم بالرجال ماتت لأن المرأة لا تتقدم الرجال إلا في الموت.

      فإن رأى الوالي أنه يؤم بالناس عزل وذهب ماله, ومن صلى بالرجال والنساء نال القضاء بين الناس إن كان أهلا لذلك وإلا نال التوسط والإصلاح بين الناس, (ومن رأى) أنه أتم الصلاة بالناس تمت ولايته فإن انقطعت عليه الصلاة انقطعت ولايته ولم تنفذ أحكامه ولا كلامه, فإن صلى وحده والقوم يصلون فرادى فإنهم خوارج, فإن صلى بالناس صلاة نافلة دخل في ضمان لا يضره فإن كان القوم جعلوه إماما فإنه يرث ميراثا لقوله تعالى: ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين فإن رأى كأنه أم بالناس ولا يحسن أن يقرأ فإنه يطلب شيئا لا يجده, ومن صلى بقوم فوق سطح فإنه يحسن إلى أقوام يكون له بذلك صيت حسن من جهة قرض أو صدقة. فإن رأى أنه يدعو دعاء معروفا فإنه يصلي فريضة فإن دعا دعاء ليس فيه اسم الله فإنه يصلي صلاة رياء.

      فإن رأى كأنه يدعو لنفسه خاصة رزق ولدا لقوله تعالى: إذ نادى ربه نداء خفيا فإن كان يدعو ربه في ظلمة ينجو من غم لقوله تعالى: فنادى في الظلمات وحسن الدعاء دليل على حسن الدين, والقنوت دليل على الطاعة, وكثرة ذكر الله تعالى دليل على النصر لقوله تعالى: وذكروا الله كثيرا وانتصروا من بعد ما ظلموا (ومن رأى ) كأنه يستغفر الله تعالى رزق حلالا وولدا لقوله تعالى: استغفروا ربكم إنه كان غفارا فإن رأى كأنه فرغ من الصلاة واستغفر الله تعالى ووجه إلى القبلة فإنه يستجاب دعاؤه, وإن كان وجهه إلى غير القبلة فإنه يذنب ذنبا ويموت منه, فإن سكت عن الاستغفار دل على نفاقه لقوله تعالى: وإذا قيل لهم تعالوا يستغفر لكم رسول الله الآية. فإن رأت امرأة كأنه يقال لها استغفري لذنبك فإنها تتهم بذنب وفاحشة لقصة زليخا.

      فإن رأى أنه يقول: سبحان الله فرج عنه همومه من حيث لا يحتسب, فإن رأى كأنه نسي التسبيح أصابه حبس أو غم لقوله تعالى: فلولا أنه كان من المسبحين فإن رأى كأنه قال: لا إله إلا الله أتاه الفرج من غم هو فيه وختم له بالشهادة. فإن رأى كأنه يكبر الله واتى مناه ورزق الظفر بمن عاداه, فإن رأى كأنه يحمد الله نال نورا وهدى في دينه, (ومن رأى) كأنه يشكر الله تعالى نال قوة وزيادة نعمة, وإن كان صاحب هذه الرؤيا واليا ولي بلدة عامرة لقوله تعالى : واشكروا له بلدة طيبة ورب غفور وقيل: من رأى كأنه يحمد الله رزق ولدا لقوله تعالى: الحمد لله الذي وهب لي على الكبر إسماعيل

      (ومن رأى) كأنه صلى يوم الجمعة فإنه يسافر سفرا ممتنعا ينال خيرا وبرا ورزقا وفضلا. (ومن رأى) كأنه صلى صلاة الجمعة يوم الجمعة اجتمعت له أموره المتفرقة وأصاب بعد العسر يسرا, وقيل: من رأى هذه الرؤيا فإنه يظن بأمر خيرا وليس كذلك, (ومن رأى) كأنه فرغ من الصلاة وقضاها نال من الله فضلا ورزقا واسعا, فإن رأى أن الناس يصلون الجمعة في الجامع وهو في بيته أو حانوته أو قرية يسمع التكبير والركوع والسجود والتشهد والتسليم ويظن أن الناس قد رجعوا من الصلاة فإن والي تلك الكورة يعزل, وإن رأى كأنه يحفظ الصلاة فإنه ينال كرامة وعزا لقوله تعالى: والذين هم على صلاتهم يحافظون فإن رأى أنه صلى وخرج من المسجد فإنه ينال خيرا ورزقا لقوله تعالى: فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله واذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون
    • في تأويل رؤيا المسجد والمحراب والمنارة ومجالس الذكر




      في تأويل رؤيا المسجد والمحراب والمنارة ومجالس الذكر

      (أخبرنا): عبد الله بن حامد الفقيه قال: أخبرنا إبراهيم بن محمد الهروي قال: أنبأنا أبو شاكر ميسرة بن عبد الله عن أبي عبد الله العجلي عن عمرو بن محمد عن العزيز بن أبي داود قال: كان رجل بالبادية قد اتخذ مسجدا فجعل في قلبه سبعة أحجار فكان إذا قضى صلاته قال: يا أحجار أشهدكم أن لا إله إلا الله, قال: فمرض الرجل فمات فعرج بروحه قال: فرأيت في منامي أنه قال: أمر بي إلى النار فرأيت حجرا من تلك الأحجار قد عظم فسد عني بابا من أبواب جهنم قال: حتى سد عني بقية الأحجار أبواب جهنم.

      (قال الأستاذ أبو سعيد): من رأى في منامه مسجدا محكما عامرا فإن المسجد رجل عالم يجتمع الناس عنده في صلاح وخير وذكر الله تعالى لقوله عز وجل: يذكر فيها اسم الله كثيرا فإن رأى كأن المسجد انهدم فإنه يموت هناك رئيس صاحب دين, فإن رأى أنه يبني مسجدا فإنه يصل رحمه ويجمع الناس على خير, وبناء المسجد يدل على الغلبة على الأعداء لقوله تعالى: قال الذين غلبوا على أمرهم لنتخذن عليهم مسجدا فإن رأى كأن رجلا مجهولا أم بالناس في مسجد وكان إمام ذلك المسجد مريضا فإنه يموت, فإن رأى كأن مسجدا تحول حماما دل أن رجلا مستورا يرتكب الفسوق, (ومن رأى) كأن بيته تحول مسجدا أصاب شرفا وصار داعيا للناس من الباطل إلى الحق, (ومن رأى) كأنه دخل مع قوم مسجدا فحفروا له حفرة فإنه يتزوج, (ومن رأى) كأنه يصلي في المحراب فإنه بشارة لقوله تعالى: فنادته الملائكة وهو قائم يصلي في المحراب فإن كان صاحب الرؤيا امرأة ولدت ابنا, (ومن رأى) كأنه يصلي في المحراب صلاة لغير وقتها فإن ذلك خير يكون لعقبه من بعده, فإن رأى أنه بال في المحراب قطرة أو قطرتين أو ثلاثا فكل قطرة ابن نجيب وجيه يولد له والمحراب في الأصل إمام رئيس.

      (وحكي) أن رجلا رأى في منامه كأنه بال في المحراب فسأل معبرا فقال: يولد لك غلام يصير إماما يقتدى به, وأما المنارة فهو رجل يجمع الناس على خير, وانهدام منارة المسجد موت ذلك الرجل وخمول ذكره وتفرق جماعة ذلك المسجد, ومنارة الجامع صاحب البريد أو رجل يدعو الناس إلى دين الله تعالى. (ومن رأى) كأنه سقط من منارة في بئر ذهبت دولته ودلت رؤياه على أنه يتزوج امرأة سليطة وله امرأة دينة جميلة. ورأى مهندس كأنه ارتقى منارة عظيمة من خشب وأذن فقص رؤياه على معبر فقال: يصيب ولاية وقوة ورفعة في إنفاق فولي بلخ. وقيل: أن القعقاع ركبه دين عشرة آلاف درهم وكان مغموما فرأى والده في منامه على شرف منارة يسبح الله ويهلل فلما رآه دعاه واستيقظ فسأل المعبر عنه فقال: إن المنارة علو ورفعة يصيبها أبوك قال: فإن أبي ميت, قال المعبر: ألست ابنه؟ قال نعم, قال: لعلك تكون عالما أو أميرا, وأما تسبيحه فإنك في غم وحزن ويفرجه الله عز وجل عنك لقوله تعالى: فنادى في الظلمات أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين فلم يلبث إلا قليلا فإذا رجل قد أخذ بيده وقال له: أنت القعقاع؟ فقال في نفسه: ليس هذا إلا غريم ملازم فقال له: إن سعدانة امرأة مريضة وهي توصي وتدعوك قال: فذهب معه فإذا جماعة من المشايخ وكتاب مكتوب أن سعدانة جعلت ثلث مالها للقعقاع فأوصت له بثلث مالها وماتت بعد ثلاثة أيام.

      (ومن رأى) كأنه يصلي في بيت المقدس ورث ميراثا أو تمسك ببر, وإن رأى أنه على مصلى رزق الحج والأمن لقوله تعالى: واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى (ومن رأى) أنه يصلي في بيت المقدس إلى غير القبلة فإنه يحج, فإن رأى كأنه يتوضأ في بيت المقدس فإنه يصير فيه شيئا من ماله, والخروج منه يدل على سفر وذهاب ميراث منه إن كان في يده, فإن رأى أنه أسرج في بيت المقدس سراجا أصيب في ولده أو كان عليه نذر في ولده يلزمه الوفاء به, وأما العالم فهو طبيب الدين والمذكر ناصح لقوله تعالى: وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين فإن رأى كأنه يذكر وليس من أهله فإنه في هم ومرض وهو يدعو الله تعالى بالفرج, فإن يتكلم بالحكمة شفي وقضى دينا إن كان عليه ونصر على من ظلمه, وإن تكلم بالخنا تعسر عليه الأمر وصار ضحكة يستخف به, والقاص رجل حسن المحضر لقوله تعالى: نحن نقص عليك أحسن القصص فإن رأى كأنه يقص أمن من خوف لقوله تعالى: فلما جاءه وقص عليه القصص قال لا تخف وإن رآه تاجر نجا من الخسران, وإذا رأى في مكان مجلس ذكر وقراءة قرآن ودعاء وإنشاد أشعار زهدية فإن ذلك الموضع يعمر عمارة محكمة على قدر صحة القراءة, وإن وقع في القرآن لحن لم يكمل ولم يتم وإن أنشد أشعار الغزل فتلك ولاية باطلة.
    • في تأويل رؤيا الزكاة والصدقة والإطعام وزكاة الفطر



      في تأويل رؤيا الزكاة والصدقة والإطعام وزكاة الفطر


      (أخبرنا): أبو الحسن أحمد بن محمد بن جميع الغساني بصيدا قال: أخبرنا أبو محمد جعفر بن محمد بن علي الهمداني قال: حدثنا إبراهيم بن الحسين بن علي الهمداني عن أبي معمر عبد الله بن عمر المقري عن عبد الوارث بن سعيد عن الحسن بن ذكوان المعلم أن يحيى بن كثير حدثهم أن عكرمة بن خالد حدثه أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه رأى في المنام فقيل له: لتتصدق بأرضك ثمغ فقيل له ذلك ثلاث مرات فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فحدثه بذلك فقال: يا رسول الله إنه لم يكن لنا مال أوصف لنا منه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: تصدق بها واشرط

      (قال الأستاذ أبو سعيد رضي الله عنه): من رأى كأنه يوفي زكاة ماله بشرائطها فإنه يصيب مالا وثروة لقوله تعالى: وما آتيتم من زكاة تريدون وجه الله فأولئك هم المضعفون ورؤية الصدقة في المنام تختلف باختلاف أحوال الرائين, فإن رأى عالم كأنه يتصدق فإنه يبذل للناس علمه, فإن رآها سلطان ولي أقواما, وإن رآها تاجر ارتفق بمبايعته أقوام, وإن رآها محترف علم الأجراء حرفته, (ومن رأى) كأنه أطعم مسكينا خرج من همومه وأمن إن كان خائفا, فإن أطعم كافرا فإنه يقوي عدوا, وتأويل المسكين هو الممتحن, (ومن رأى) كأنه أدى زكاة الفطر فإنه يكثر الصلاة والتسبيح لقوله تعالى: قد أفلح من تزكى وذكر اسم ربه فصلى ويقضي دينا إن كان عليه ولا يصيبه في عامه ذلك مرض ولا سقم.
    • في تأويل رؤيا الصوم والفطر



      في تأويل رؤيا الصوم والفطر

      (قال الأستاذ أبو سعيد رضي الله عنه): اختلف المعبرون في تأويلهم الصوم فقال بعضهم: من رأى أنه في شهر الصوم دلت رؤياه على غلاء السعر وضيق الطعام, وقال بعضهم: إن هذه الرؤيا تدل على صحة دين صاحب الرؤيا والخروج من الغموم والشفاء من الأمراض وقضاء الديون, فإن رأى كأنه صام شهر رمضان حتى أفطر فإن كان في شك يأتيه البيان لقوله تعالى: هدى للناس وبينات فإن كان صاحب الرؤيا أميا حفظ القرآن, فإن رأى أنه أفطر شهر رمضان عامدا جاحدا, فإنه يستخف ببعض الشرائع, فإن رأى أنه أقر بحقيقة الصوم واشتهى قضاءه فهو رزق يأتيه عاجلا من حيث لا يحتسب, وقال بعضهم: إن من رأى كأنه يفطر في شهر رمضان فإنه يصيب الفطرة, وقال بعضهم: إنه يسافر في رضا الله تعالى لقوله عز وجل: فمن كان منكم مريضا أو على سفر الآية. وقيل: إنه من رأى أنه أفطر في شهر رمضان متعمدا, فإنه يقتل رجلا متعمدا.

      (ومن رأى) أنه قتل مؤمنا متعمدا فإنه يفطر في شهر رمضان متعمدا, (ومن رأى) كأنه صام شهرين متتابعين لكفارة فإنه يتوب من ذنب هو فيه, (ومن رأى) كأنه يقضي صيام رمضان بعد خروج الشهر فإنه يمرض, ومن صام تطوعا لم يمرض تلك السنة لما روي في الخبر: صوموا تصحوا (ومن رأى) كأنه صائم دهره فإنه يجتنب المعاصي, (ومن رأى) كأنه صائم لغير الله تعالى بل للرياء والسمعة فإنه لا يجد ما يطلبه, فإن رأى إنسان تعود صيام الدهر أنه أفطر فإنه يغتاب إنسانا أو يمرض مرضا شديدا, (ومن رأى) أنه صائم ولم يدر أفرض هو أو نفل فإن عليه قضاء نذر لقول الله تعالى: إني نذرت للرحمن صوما فلن أكلم اليوم إنسيا وربما يلزم الصمت لأن أصل الصوم السكوت, (ومن رأى) كأنه في يوم عيد فإنه يخرج من الهموم ويعود إليه السرور واليسر.
    • في تأويل رؤيا الحج والعمرة والكعبة والحجر الأسود والمـقام وزمزم وما يتصل به والأضاحي




      في تأويل رؤيا الحج والعمرة والكعبة والحجر الأسود والمـقام وزمزم وما يتصل به والأضاحي والقربانات.


      ( قال الأستاذ أبو سعيد رضي الله عنه): من رأى كأنه خارج إلى الحج في وقته فإن كان صرورة رزق الحج, وإن كان مريضا عوفي, وإن كان مديونا قضي دينه, وإن كان خائفا أمن, وإن كان معسرا يسر, وإن كان مسافرا سلم, وإن كان تاجرا ربح, وإن كان معزولا ردت إليه الولاية, وإن كان ضالا هدي, وإن كان مغموما فرج عنه. فإن رأى كأنه خارج إلى الحج ففاته فإنه إن كان واليا عزل, وإن كان تاجرا خسر, وإن كان مسافرا قطع عليه الطريق, وإن كان صحيحا مرض. فإن رأى أنه حج أو اعتمر طال عمره واستقام أمره. فإن رأى أنه طاف بالبيت ولاه بعض الأئمة أمرا شريفا, فإن رأى أنه طاف على رمكة فإنه يأتي ذات محرم, فإن رأى كأنه يلبي في الحرم فإنه يظفر بعدوه ويأمن خوف الغالب, فإن لبى خارج الحرم فإن بعض الناس يغلبه ويخيفه. (ومن رأى) كأن الحج واجب عليه ولا يحج دل على خيانته في أمانته وعلى أنه غير شاكر لنعم الله تعالى.

      (ومن رأى) كأنه في يوم عرفة وصل رحمه ويصالح من نازعه, وإن كان له غائب رجع إليه في أسر الأحوال فإن الله تعالى جمع بين آدم وحواء في هذا اليوم وعرفها له. فإن رأى أنه يصلي في الكعبة فإنه يتمكن من بعض الأشراف والرؤساء وينال أمنا وخيرا. (ومن رأى) كأنه أخذ من الكعبة شيئا فإنه يصيب من الخليفة شيئا, والكعبة في الرؤيا خليفة أو أمير أو وزير وسقوط حائط منها يدل على موت الخليفة, ورؤية الكعبة في المنام بشارة بخير قدمه أو نذارة من شر قد هم به, فإن رأى كأن الكعبة داره فإنه لا يزال ذا خدم وسلطان ورفعة وصيت في الناس إلا أن يرى الكعبة في هيئة رديئة فذلك لا خير فيه, فإن رأى كأن داره الكعبة فإن الإمام يقبل إذا عليه ويكرمه, وقيل: من رأى أنه دخل الكعبة فإنه يدخلها إن شاء الله, وقيل: إنه يدخل على الخليفة, فإن رأى أنه سرق من الكعبة رمانا فإنه يأتي ذا محرم, فإن رأى أنه يصلي فوق الكعبة فإن دينه يختل, فإن رأى أنه ولي ولاية بمكة فإن الخليفة يقلده بعض أشغاله, فإن رأى أنه توجه نحو الكعبة صلح دينه, فإن رأى أنه أحدث في الكعبة دل على مصيبة تنال الخليفة, فإن رأى أنه مجاور بمكة فإنه يرد إلى أرذل العمر, فإن رأى أنه بمكة مع الأموات يسألونه فإنه يموت شهيدا.

      (وحكي): أن رجلا أتى ابن سيرين فقال: رأيت كأني أصلي فوق الكعبة فقال: اتق الله فإني أراك خرجت عن الإسلام. ورأى مهندس أنه دخل الحرم وصلى على سطح الكعبة فقص رؤياه على معبر فقال: تنال أمنا وولاية وتجبي جباية من كل مكان مع سوء المذهب ومخالفة السنة فكان كذلك. ورأى رجل كأنه تخطى الكعبة ثم قصها على ابن سيرين فقال: هذا رجل خالف سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ودخل في هوى ألا ترى أنه يتخطى القبلة؟ فكان كذلك لأنه دخل في الإباحة. (ومن رأى) كأنه مس الحجر الأسود فقيل إنه يقتدي بإمام من أهل الحجاز, فإن قلع الحجر الأسود واتخذه لنفسه خاصة فإنه ينفرد في الدين ببدعة, (ومن رأى) كأنه وجد الحجر بعد ما فقده الناس فوضعه مكانه فهذه رؤيا رجل يظن أنه على الهدى وسائر الناس على الضلالة.

      ومن شرب من ماء زمزم فإنه يصيب خيرا وينال ما يريده من وجه بر, فإن رأى أنه حضر المقام أو صلى نحوه فإنه يقيم الشرائع ويحافظ عليها ويرزق الحج والأمن, فإن رأى كأنه يخطب بالموسم وليس بأهل الخطبة ولا في أهل بيته من هو أهلها فإن تأويلها يرجع إلى سميه أو نظيره أو يناله بعض البلاء أو ينشر ذكره بالصلاح, (ومن رأى) كأنه أحسن الخطبة والصلاة وأتمها بالناس وهم يستمعون لخطبته فإنه يصير واليا مطاعا فإن لم يتمها لم تتم ولايته وعزل, (ومن رأى) من ليس بمسلم أنه يخطب فإنه يسلم أو يموت عاجلا, فإن رأت امرأة أنها تخطب وتذكر المواعظ فهو قوة لقيمها, وإن كان كلامها في الخطبة غير الحكمة والمواعظ فإنها تفتضح وتشتهر بما ينكر من فعل النساء.

      وأما المنبر فإنه سلطان العرب والمقام الكريم وجماعة الإسلام, فمن رأى أنه على منبر وهو يتكلم بكلام البر فإنه إن كان أهلا أصاب رفعة وسلطانا وإن لم يكن للمنبر أهلا اشتهر بالصلاح, ثم إن لم يكن للمنبر أهلا ورأى كأنه لم يتكلم عليه أو يتكلم بالسوء فإنه يدل على أنه يصلب والمنبر قد شبه بالجذع, وإن رأى وال أو سلطان أنه على منبر فانكسر أو صرع عنه أو أنزل عنه قهرا فإنه يعزل ويزول ملكه إما بموت أو غيره, فإن لم يكن صاحب الرؤيا ذا ولاية ولا سلطان رجع تأويله إلى سميه أو إلى ذي سلطان من عشيرته.

      (وحكي): أن رجلا أتى جعفرا الصادق رضي الله عنه فقال: رأيت كأني على منبر أخطب فقال: ما صناعتك؟ قال: حمامي, فقال: يسعى بك إلى السلطان فتصلب فكان كما عبره. وقد روي: أن النبي صلى الله عليه وسلم استيقظ من رقدته ثم تبسم وقال: رأيت بني مروان يتعاقبون منبري فكان كما رآه صلى الله عليه وسلم.

      وأما الأضحية فبشارة بالفرج من جميع الهموم وظهور البركة لقوله تعالى: وبشرناه بإسحاق نبيا من الصالحين وباركنا عليه وعلى إسحاق الآية, فإن كانت امرأة صاحب الرؤيا حاملا فإنها تلد ابنا صالحا, (ومن رأى) أنه ضحى ببدنة أو بقرة أو كبش فإنه يعتق رقابا, وإن رأى أنه ضحى وهو عبد عتق, وإن كان صاحب الرؤيا أسيرا تخلص, وإن رآه مديون قضي دينه, أو فقير أثري, أو خائف أمن, أو صرورة حج, أو محارب نصر, أو مغموم فرج عنه. (ومن رأى) كأنه يقسم في الناس لحم قربانه خرج من همومه ونال عزا وشرفا. (ومن رأى) كأنه سرق شيئا من القربان فإنه يكذب على الله. وقال بعضهم: إن المريض إذا رأى أنه يضحي دلت رؤياه على موته. وقال بعضهم: إنه ينال الشفاء. وأما رؤية عيد الأضحى فإنه عود سرور ماض ونجاة من الهلكة لأن فكاك إسماعيل كان فيه من الذبح.
    • فـي رؤيـا الجهاد



      فـي رؤيـا الجهاد

      (حدثنا): محمد بن شاذان قال: حدثني محمد بن سليمان عن الحسن بن علاء عن حسام بن محمد بن مطيع المقدسي عن سعيد بن منصور عن ابن جريج عن عطاء قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في المنام فقلت: يا رسول الله مسألة قال: هاتها, قلت: الجهاد أفضل أم الرباط؟ فقال عليه السلام: الرباط رباط يوم وليلة خير من عبادة ألف سنة

      (قال الأستاذ أبو سعيد رضي الله عنه): بلغنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: الكاد على عياله كالمجاهد في سبيل الله فمن رأى كأنه يجاهد في سبيل الله فإنه يجتهد في أمر عياله وينال خيرا وسعة لقوله تعالى: يجد في الأرض مراغما كثيرا وسعة أو رأى كأنه في الغزو وقد ولى وجهه القتال فإنه يترك السعي في أمر عياله ويقطع رحمه ويفسد دينه لقوله تعالى: فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم (ومن رأى) كأنه يذهب إلى الجهاد فإنه ينال غلبة وفضلا وثناء حسنا ورفعة لقوله تعالى: وفضل الله المجاهدين على القاعدين أجرا عظيما فإن رأى كأن الناس يخرجون إلى الجهاد فإنهم يصيبون ظفرا وقوة وعزة, وكذلك إذا رأى كأنه يقاتل الكفار بسيف وحده يضرب به يمينا وشمالا فإنه ينصر على أعدائه, فإن رأى كأنه نصر في الغزو ربح في تجارته فإن رأى غاز كأنه يغير نال غنيمة, فإن رأى كأنه قتل في سبيل الله نال سرورا ورزقا ورفعة لقوله تعالى: بل أحياء عند ربهم يرزقون فرحين بما آتاهم الله من فضله الفتوح في الغزو فتوح أبواب الدنيا.
    • في تأويل رؤيا الموت والأموات والمقابر والأكفان وما يتصل به مـن البكاء والنوح وغــير ذ



      في تأويل رؤيا الموت والأموات والمقابر والأكفان وما يتصل به مـن البكاء والنوح وغــير ذلك...

      (أخبرنا): الوليد بن أحمد الزوزني قال: أخبرنا عبد الرحمن بن أبي حاتم قال: أخبرنا محمد بن يحيى الواسطي قال: حدثنا محمد بن الحسن البرجلاني عن يحيى بن بسام قال: حدثني عمر بن صبيح السعدي قال: رأيت عبد العزيز بن سليمان العابد في منامي وعليه ثياب خضر وعلى رأسه, إكليل من لؤلؤ فقلت: أبا محمد كيف كنت بعدي؟ وكيف وجدت طعم الموت ؟ وكيف رأيت الأمور هناك؟ فقال: أما الموت فلا تسأل عن شدة كربه وغمومه إلا أن رحمة الله وارت منا كل عيب وما نلناها إلا بفضله عز وجل.

      (قال الأستاذ أبو سعيد رحمه الله): الموت في الرؤيا ندامه من أمر عظيم, فمن رأى أنه مات ثم عاش فإنه يذنب ذنبا ثم يتوب لقوله تعالى: ربنا أمتنا اثنتين وأحييتنا اثنتين فاعترفنا بذنوبنا ومن مات من غير مرض ولا هيئة من يموت عمره يطول, (ومن رأى) كأنه لا يموت فقد دنا أجله وإن ظن صاحب الرؤيا في منامه أنه لا يموت أبدا فإنه يقتل في سبيل الله عز وجل, (ومن رأى) أنه مات ورأى لموته مأتما ومجتمعا وغسلا وكفنا سلمت دنياه وفسد دينه. (ومن رأى) أن الإمام مات خربت البلدة كما أن خراب البلدة دليل على موت الإمام. (ومن رأى) ميتا معروفا مات مرة أخرى وبكوا عليه من غير صياح ولا نياحة فإنه يتزوج من عقبه إنسان ويكون البكاء دليل الفرج فيما بينهم. وقيل: من رأى ميتا مات موتا جديدا فهو موت إنسان من عقب ذلك الميت وأهل بيته حتى يصير ذلك الميت كأنه قد مات مرة ثانية. فإن رأى كأنه قد مات ولم ير هيئة الأموات ولا جهازهم فإنه ينهدم من داره جدار أو بيت, فإن كانت الرؤيا بحالها ورأى كأنه دفن على هذه الحالة من غير جهاز ولا بكاء ولا شيع أحد جنازته فإنه لا يعاد بناء ما انهدم إلا إذا صار في يد غيره.

      (ومن رأى) وقوع الموت الذريع في موضع دل على وقوع الحريق هناك, فإن رأى كأنه مات وهو عريان على الأرض فإنه يفتقر, فإن رأى كأنه على بساط بسطت له الدنيا أو على سرير نال رفعة أو على فراش نال من أهله خيرا. فإن رأى كأنه وجد ميتا فإنه يجد مالا, فإن جاءه نعي غائب فإنه يأتيه خبر بفساد دينه وصلاح دنياه. فإن رأى كأن ابنه مات تخلص من عدوه. وإن رأى كأن ابنته ماتت أيس من الفرج, فإن رأى كأن رجلا قال لرجل: إن فلانا مات فجأة فإنه يصيب المنعي غم مفاجأة وربما مات فيه. فإن رأت حامل أنها ماتت وحملت والناس يبكون عليها من غير رنة ولا نوح فإنها تلد ابنا وتسر به. وقال بعضهم: رؤيا العزب الموت دليل على التزويج, وموت المتزوج دليل على الطلاق فإن بالموت تقع الفرقة. وكذلك رؤيا أحد الشريكين موته دليل فرقة شريكه.

      وأما النياحة فمن رأى كأن موضعا يناح فيه وقع في ذلك الموضع تدبير شؤم يتفرق به عنه أصحابه, وقيل: إن تأويل النوح الزمر وتأويل الزمر النوح. وأما البكاء فحكي عن ابن سيرين أنه قال : البكاء في النوم قرة عين, وإذا اقترن بالبكاء النوح والرقص لم يحمد, فإن رأى كأنه مات إنسان يعرفه وهو ينوح عليه ويعلن الرنة فإنه يقع في نفس ذلك الذي رآه ميتا أو في عقبه مصيبة أو هم شنيع. فإن رأى كأنهم ينوحون على وال قد مات ويمزقون ثيابهم وينفضون التراب على رءوسهم فإن ذلك الوالي يجور في سلطانه. فإن رأى كأن الوالي مات وهم يبكون خلف جنازته من غير صياح فإنهم يرون من ذلك الوالي سرورا. (ومن رأى) كأن الوالي مات والناس يذكرونه بخير فإنه يكون محمودا في ولايته. (ومن رأى) كأنه بين قوم أموات فهو بين أقوام منافقين يأمرهم بالمعروف فلا يأتمرون بأمر قال الله تعالى: فإنك لا تسمع الموتى (ومن رأى) كأنه بقي معهم ميتا فإنه يموت على بدعة أو يسافر سفرا لا يرجع منه. (ومن رأى) كأنه خالطهم ولامسهم أصابه مكروه من قبل أراذل.

      (وحكي): عن بعضهم أن من رأى كأنه يصاحب ميتا فإنه يسافر سفرا بعيدا يصيبب فيه خيرا كثيرا, فإن حمل ميتا على عنقه نال مالا وخيرا كثيرا, وإن أكل الميت طال عمره. ورؤية موت الوالي دليل على عزله, وسكر الميت لا خير فيه. وأما غسل الميت فمن رأى ميتا يغسل نفسه فهو دليل على خروج عقبه من الهموم وزيادة في مالهم, فإن غسله إنسان تاب على يد ذلك الإنسان رجل في دينه فساد, والمغتسل في الأصل تاجر نفاع ينجو بسببه أقوام من الهموم أو رجل شريف يتوب على يديه أقوام من المفسدين. فمن رأى كأنه على المغتسل ارتفع أمره وخرج من الهموم فإن رأى بعض الأموات يطلب من يغسل ثيابه فإن ذلك فقره إلى دعاء وصدقة وقضاء دين أو إرضاء خصم أو تنفيذ وصية. فإن رأى كأن إنسانا غسل ثيابه فإن ذلك خير يصل إلى الميت من الغاسل.

      وأما الكفن فقد قيل هو دليل الميل إلى الزنا, فإن رأى كأنه لم يتم لبسه فإنه يدعى إلى الزنى فلا يجيب. (ومن رأى) كأنه ملفوف في الكفن كما تلف الموتى د لت رؤياه على موته, فإن لم يغط رأسه ورجليه فهو فساد دينه وكلما كان الكفن على الميت أقل فهو أقرب إلى التوبة وما كان أكثر فهو أبعد من التوبة. (ومن رأى) كأن قوما مجهولين زينوه وألبسوه ثيابا فاخرة من غير سبب موجب لذلك من عيد أو عرس وأنهم تركوه في بيت وحيدا فذلك دليل موته والثياب الجدد البيض تجديد أمره, وأما الحنوط فدليل التوبة للمفسد والفرج للمغموم والثناء الحسن. (ومن رأى) كأنه استعان برجل يشتري له الحنوط فإنه يستعين به في حسن محضر وذلك أن الحنوط يذهب نتن الميت.

      وأما النعش فمن رأى كأنه حمل على نعش ارتفع أمره وكثر ماله لأن أصله من الانتعاش. (ومن رأى) كأنه على الجنازة فإنه يواخي إخوانا في الله تعالى لقوله عز وجل: إخوانا على سرر متقابلين وقال بعضهم: أن الجنازة رجل موافق يهلك على يديه قوم أردياء, فإن رأى كأنه موضوع على جنازة وليس يحمله أحد فإنه يسجن, فإن رأى كأنه حمل على الجنازة, فإنه يتبع ذا سلطان وينتفع منه بمال, فإن رأى كأنه رفع ووضع على جنازة وحمله الرجال على أكتافهم, فإنه ينال سلطانا ورفعة ويذل أعناق الرجال ويتبعه في سلطانه بقدر من رأى من مشيعي جنازته, فإن رأى أنهم بكوا خلف جنازته حمدت عاقبة أمره, وكذلك إن أثنوا عليه الجميل أو دعوا له. فإن رأى كأنهم ذموه ولم يبكوا عليه لم تحمد عاقبته.

      فإن رأى كأنه اتبع جنازة فإنه يتبع سلطانا فاسد الدين, فإن رأى جنازته في سوق فإن ذلك نفاق ذلك السوق, فإن رأى كأن جنازة حملت إلى المقابر معروفة فإنه حق يصل إلى أربابه, فإن رأى كأن جنازة تسير في الهواء فإنه يموت رجل رفيع في غربة أو رئيس أو عالم رفيع يعمى على الناس أمره, فإن رأى أنه على جنازة يسير على الأرض فإنه يركب في سفينة, فإن رأى جنائز كثيرة موضوعة في مكان فإن أهل ذلك المكان يكثرون ارتكاب الفواحش, فإن رأت امرأة أنها ماتت وحملت على جنازة فإن لم تكن ذات زوج تزوجت, وإن كانت ذات زوج فسد دينها. فإن رأى أنه حمل ميتا أصاب مالا حراما. فإن رأى أنه جر الميت على الأرض اكتسب مالا حراما. فإن رأى أن ميتا تعلق بفاسد فإنه يصيد فأرا. فإن رأى أنه نقل ميتا إلى المقابر فإنه يعمل بالحق. فإن رأى أنه نقل ميتا إلى السوق نال حاجة وربحت تجارته ونفقت.

      فأما الصلاة على الميت فكثرة الدعاء والاستغفار له, فإن رأى كأنه الإمام عليه عند الصلاة عليه ولي ولاية من قبل السلطان المنافق. (ومن رأى) كأنه خلف إمام يصلي على ميت فإنه يحضر مجلسا يدعون فيه للأموات. وأما الدفن فمن رأى كأنه مات ودفن فإنه يسافر سفرا بعيدا يصيب فيه مالا لقوله تعالى: ثم أماته فأقبره ثم إذا شاء أنشره (ومن رأى) كأنه دفن في قبر من غير موت دلت رؤياه على أن دافنه يقهره أو يحبسه. فإن رأى أنه مات في القبر بعد ذلك فإنه يموت في الهم, فإن لم ير الموت في القبر نجا من ذلك الحبس والظلم. وقال بعضهم: من دفن فإن دينه يفسد. وإن رأى أنه خرج من القبر بعدما دفن فإنه يرجى له التوبة. فإن رأى أنه حثا على رجل التراب أو سلمه إلى حفيرة القبر فإنه يلقيه في هلكة. فإن رأى كأنه وضع في اللحد فإنه ينال دارا فإن سوي عليه التراب نال بقدر ذلك التراب مالا, وأما القبر المحفور في الأصل فقيل هو السجن في التأويل كما أن السجن القبر.

      فمن رأى أنه يريد أن يزور المقابر فإنه يزور أهل السجن, فإن رأى أنه حفر قبرا على سطح فإنه يعيش عيشا طويلا, والقبور الكثيرة في موضع مجهول تدل على رجال منافقين. (ومن رأى) كأن القبور مطرت نال أهلها الرحمة, فإن رأى قبرا في موضع مجهول فإنه يخالط رجلا منافقا. وأما المقابر المعروفة فإنها تدل على أمر حق وهو غافل عنه. فإن رأى كأنه يحفر لنفسه قبرا فإنه يبني لنفسه دارا . وإن رأى كأن قبر ميت حول إلى داره أو محله أو بلده فإن عقبه يبنون هناك دارا. فإن رأى كأنه دخل قبرا من غير أن كان على جنازة اشترى دارا مفروغا منها. (ومن رأى) كأنه قائم على قبر فإنه يتعاطى ذنبا لقوله تعالى: ولا تقم على قبره فإن رأى رجلا موسرا في مقبرة يطوف حول القبور فيسلم عليها فقيل إنه يصير مفلسا يسأل الناس لأن المقبرة موضع المفاليس. فإن رأى ميتا كأنه حي فإنه يصلح أمره بعد الفساد ويتعقب عسره يسر من حيث لا يحتسب. فإن رأى حيا كأنه ميت فإنه يعسر عليه أمره ذلك لأن الحياة يسر والموت عسر.

      فإن رأى الأموات مستبشرين دل على حسن حاله عند الله تعالى لأنهم في دار الحق. ومن رآهم غير مستبشرين أو رآهم معرضين عنه دل على سوء حاله عند الله لقول النبي صلى الله عليه وسلم: يكفي أحدكم أن يوعظ في منامه فإن رأى ميتا عرفه فأخبره أنه لم يمت دل على صلاح حال الميت في الآخرة لقوله تعالى: بل أحياء عند ربهم يرزقون وكذلك لو رأى على الميت تاجا أو خواتيم أو رآه قاعدا على سرير, ولو رأى على الميت ثيابا خضرا دل على أن موته كان على نوع من أنواع الشهادة كما تدل مثل هذه الرؤيا على حسن حال الميت في الآخرة, فكذلك تدل على حسن حال عقبه في الدنيا, فإن رأى ميتا ضاحكا فإنه مغفور له لقوله تعالى: وجوه يومئذ مسفرة ضاحكة مستبشرة فإن رأى ميتا طلق الوجه لم يكلمه ولم يمسه فإنه راض عنه لوصول بره إليه بعد موته. فإن رآه معرضا عنه أو منازعا له وكأنه يضربه دل على أنه ارتكب معصية. وقيل: إن من رأى ميتا ضربه فإنه يقتضيه دينا, فإن رأى الميت غنيا فوق غناه في حياته فهو صلاح حاله في الآخرة, وإن رآه فقيرا فهو فقره إلى الحسنات, وإن رأى كأن الميت عريانا فهو خروجه من الدنيا عاريا من الخيرات. وقيل: إن عري الميت راحته. فإن رأى كأن أقواما معروفين قاموا من موضع لابسين ثيابا جددا مسرورين فإنه يحيا لهم ولعقبهم أمور ويتجدد لهم إقبال ودولة, فإن كانوا محزونين أو ثيابهم دنسة فإنهم يفتقرون ويرتكبون الفواحش.

      فإن رأى في مقبرة معروفة قيام الأموات عنها فإن أهل ذلك الموضع تنالهم شدة ويظهر فيها منافقون. وأما الكافر الميت إذا رئي في أحسن حالة وهيئة دل ذلك على ارتفاع أمر عقبه ولم يدل على حسن حاله عند الله, فإن رأى كأن الميت ضحك ثم بكى دل على أنه لم يمت مسلما, وكذلك لو رأى أن وجه الميت مسود لقوله تعالى: فأما الذين اسودت وجوههم أكفرتم بعد إيمانكم فإن رأى كأن على الميت ثيابا وسخة أو كأنه مريض فإنه مسئول عن دينه فيما بينه وبين الله تعالى خاصة دون الناس. (ومن رأى) الميت مشغولا أو متعبا فذلك شغله بما هو فيه, فإن رأى كأن جده وجدته قد حييا فإن ذلك حياة الجد والبخت, فإن رأى كأن أمه قد حييت أتاه الفرج من هم هو فيه, وكذلك إن رأى أباه قد حيي إلا أن رؤية الأب أقوى, فإن رأى أن ابنا له قد حيي ظهر له عدو من حيث لا يحتسب, فإن رأى أن ابنة له ميتة قد عاشت أتاه الفرج.

      (ومن رأى) كأن أخا له ميتا قد عاش فإنه يقوى من بعد ضعف لقوله تعالى: اشدد به أزري (ومن رأى) أختا له ميتة قد عاشت فإنه قدوم غائب له من سفر وسرور يأتيه لقوله تعالى: وقالت لأخته قصيه فبصرت به عن جنب فإن رأى خاله أو خالته قد عاشا فإنه يعود إليه شيء قد خرج من يده. (ومن رأى) كأنه أحيا ميتا فإنه يسلم على يديه كافر أو يتوب فاسق. فإن رأى في محلته نسوة ميتات معروفات قد قمن من موضعه مزينات فإنه يحيا لأصحاب الرؤيا والأعقاب أولئك النسوة أمور على قدر جمالهن وثيابهن, فإن كانت ثيابهن بيضا فإنه أمور في الدين, وإن كانت حمرا فأمور في اللهو, وإن كانت سوداء ففي الغنى والسؤدد, وإن كانت خلقانا فإنها أمور في فقر وهم, وإن كانت وسخة فإنها تدل على كسب الذنوب.

      فإن رأى ميتا كأنه نائم فإن نومه راحته في الآخرة, فمن رأى كأنه نام في فراش مع الميت فإنه يطول عمره, فإن رأى ميتا كأنه يصلي في غير موضع صلاته الذي كان يصلي فيه أيام حياته فتأويلها أنه وصل إليه ثواب عمل كان يعمله في حياته أو ثواب وقف قد وقفه وتصدق به, فإن كان الميت واليا فإن عقبه ينالون مثل ولايته. فإن رأى كأنه يصلي في موضع كان يصلي فيه أيام حياته دل ذلك على صلاح دين عقب الميت من بعده لأن الميت قد انقطع عن العمل لنفسه. فإن رأى كأن ميتا يصلي بالأحياء فإنه تقصر أعمار أولئك الأحياء لأنهم اتبعوا الموتى. فإن رأى كأنه يتبع الميت ويقفو أثره في دخوله وخروجه فإنه يقتدي بأفعاله من الصلاح والفساد, فإن رأى ميتا في مسجد دل على أمنه من العذاب لأن المسجد أمن.

      فإن رأى ميتا يشتكي رأسه فهو مسئول عن تقصيره في أمر والديه أو رئيسه. فإن كان يشتكي عنقه فهو مسئول عن تضييع ماله أو منعه صداق امرأته. فإن كان يشتكي يده فهو مسئول عن أخيه وأخته أو شريكه أو يمين حلف بها كاذبا. وإن كان يشتكي جنبه فهو مسئول عن حق المرأة. فإن كان يشتكي بطنه فهو مسئول عن حق الوالد والأقرباء وعن ماله. فإن رأى أنه يشتكي رجله فهو مسئول عن إنفاقه ماله في غير رضا الله. فإن رآه يشتكي فخذه فهو مسئول عن عشيرته وقطع رحمه فإن رآه يشتكي ساقيه فهو مسئول عن إفنائه حياته في الباطل. (ومن رأى) كأن ميتا ناداه من حيث لا يراه فأجابه وخرج معه بحيث لا يقدر أن يمتنع منه فإنه يموت في مثل مرض ذلك الميت الذي ناداه أو في مثل سبب موته من هدم أو غرق أو فجأة. وكذلك لو رأى أنه تابع ميتا فدخل معه دارا مجهولة ثم لم يخرج منها فإنه يموت.

      فإن رأى كأن الميت يقول له أنت تموت وقت كذا فقوله حق, فإن رأى كأنه اتبع ميتا ولم يدخل معه دارا أو دخل ثم انصرف فإنه يشرف على الموت ثم ينجو, فإن رأى كأنه يسافر مع ميت فإنه يلتبس عليه أمره, فإن رأي كأن الميت أعطاه شيئا من محبوب الدنيا فهو خير يناله من حيث لا يرجو, فإن كان الميت أعطاه قميصا جديدا أو نظيفا, فإنه ينال معيشة مثل معيشته أيام حياته, فإن رأى كأنه أعطاه طيلسانا فإنه يصيب جاها مثل جاهه, فإن أعطاه ثوبا خلقا فإنه يفتقر, فإن أعطاه ثوبا وسخا فإنه يركب الفواحش, فإن أعطاه طعاما فإنه يصيب رزقا شريفا من حيث لا يحتسب. (ومن رأى) كأن الميت أعطاه عسلا نال غنيمة من حيث لا يرجو. (ومن رأى) كأنه أعطاه بطيخا أصابه هم لم يتوقعه, فإن رأى كأن الميت يعظه أو يعلمه علما فإنه يصيب صلاحا في دينه بقدر ذلك, فإن رأى كأنه أعطى الميت كسوة لم ينشرها ولم يلبسها فإنه ضرر في ماله أو مرض ولكنه يشفى, فإن رأى كأنه نزع كسوة حتى يلبسها الميت فخرجت الكسوة من ملك الحي فإنه يموت وإن لم تخرج الكسوة من ملكه وناولها ليخيطها أو ليعملها لم يضره ذلك, وكل شيء يراه الحي أنه أعطاه للميت فإنه غير محبوب إلا في مسألتين: إحداهما أنه إذا رأى كأنه أعطى الميت بطيخا فإنه يذهب همه من حيث لا يحتسب. والثانية: أنه إذا رأى أنه أعطى عمه أو عمته بعد موتهما في منامه فإنه يلزمه غرم ونفقة, فإن رأى كأن ميتا سلم عليه دل على حسن حاله عند الله عز وجل, فإن رأى كأنه أخذ بيده فإنه يقع في يده مال من وجه ميئوس منه, فإن رأى الميت كأنه عانقه معانقة مودة طال عمره, فإن رأى كأنه عانقه معانقة ملازمة أو منازعة فلا تحمد رؤياه, فإن رأى كأنه يكلم الميت عاش طويلا وتدل هذه الرؤيا على أن صاحبها يصالح قوما بعد المنازعة, فإن رأى كأنه يقبل ميتا مجهولا نال مالا من حيث لا يحتسب, فإن قبل ميتا معروفا فإنه ينتفع من الميت بعلمه أو ماله, فإن رأى كأن ميتا معروفا قبله نال من عقبه خيرا فإن رأى ميتا مجهولا قبله فهو قبوله الخير من موضع لا يرجوه. فإن رأى كأن ميتا اشترى طعاما فإن يغلو أو يعز ذلك الطعام, فإن رأى كأن الأموات يبيعون طعاما أو متاعا كسد ذلك الطعام والمتاع فإن وجد الحي بين الطعام والمتاع إنسانا ميتا أو فأرة ميتة أو دابة ميتة فإنه ينفسد ذلك الطعام والمتاع.

      وإن رأى كأنه ينكح ميتا مجهولا في قبر فإنه يزني, فإن رأى كأنه نكحه فأمنى فإنه يخالط رجلا شريرا منافقا ويغرم عليه مالا, فإن رأى كأنه ينكح ميتا معروفا رجلا كان أو امرأة فإنه يظفر بحاجة قد أيس منها, فإن رأى أنه نكح رجلا صديقا أصاب عقبه من الفاعل خير, فإن كان المنكوح عدوا فإن الفاعل يظفر بعقب ذلك الميت, فإن رأى أنه ينكح ذا حرمة من الموتى فإن الناكح يصل المنكوح بصدقة أو دعاء أو يصل إلى عقبه منه خير وقيل إنه يقدم على حرام, فإن رأى كأن ميتا معروفا نكحه أصابه نفع من عمله أو ماله, فإن رأى كأن امرأة ميتة حييت فنكحها وأصابه من مائها فإنه يظفر بحاجته وينفق فيها مالا بطيبة نفس منه وينال ولاية مستأنفة وتجارة رابحة, فإن تزوج بامرأة ميتة ورأى أنها حية وحولها إلى منزله فإنه يعمل عملا يندم عليه, فإن وطئها وتلطخ من مائها فإنه نادم من عمل فيه خسران وهم وتحمد عاقبته وينال خيرا بقدر ما أصابه من مائها آخر الأمر, فإن رأى كأنه تزوج بامرأة ميتة ورأى أنها حية ودخل بها ولم يمسها لكنه تحول إلى دارها واستوطنها دلت رؤياه على موته, وكذلك رؤيا المرأة جارية مجرى رؤية الرجل في كل ذلك.

      (قال الأستاذ أبو سعيد رحمه الله): الأصل في رؤيا الميت و الله أعلم أنك إذا رأيت ميتا في منامك يعمل شيئا حسنا, فإنه يحثك على فعل ذلك, وإذا رأيته يعمل عملا سيئا فإنه ينهاك عن فعله ويدلك على تركه, (ومن رأى) كأنه نبش عن قبر ميت فإنه يبحث عن سيرة ذلك الميت في حال حياته دينا ودنيا ليسير بمثل سيرته, فإن رأى الميت حيا في قبره نال برا وحكمة ومالا حلالا, وإن وجد ميتا في قبره فلا يصفو ذلك المال, قال بعضهم: من رأى كأنه أتى المقابر فنبش عنها فوجدهم أحياء أو أمواتا فإنه يدل على وقوع موت ذريع في تلك الناحية أو البلدة و الله أعلم. ومن هذا الباب مسائل كثيرة تجيء في الباب التاسع والثلاثين والثامن والثلاثين فمن أحبها فليطلبها هنالك.
    • في رؤيا القيامة والحساب والميزان والصحائف والصراط وما يتصل بذلك



      في رؤيا القيامة والحساب والميزان والصحائف والصراط وما يتصل بذلك

      (أخبرنا): الحسن بن بكير بعكا قال: حدثنا أبو يعقوب إسحاق بن إبراهيم الأذرعي عن عبد الرحمن بن واصل عن أبي عبيد التستري قال: رأيت كأن القيامة قد قامت وقد اجتمع الناس فإذا المنادي ينادي: أيها الناس من كان من أصحاب الجوع في دار الدنيا فليقم إلى الغداء فقام الناس واحدا بعد واحد, ثم نوديت: يا أبا عبيد قم فقمت وقد وضعت الموائد فقلت لنفسي: ما يسرني أني ثم (أخبرنا) أبو الحسن الهمداني بمكة حرسها الله قال: حدثنا محمد بن جعفر عن أحمد بن مسروق قال: رأيت في المنام كأن القيامة قد قامت والخلق مجتمعون إذ نادى مناد: الصلاة جامعة فاصطف الناس صفوفا فأتاني ملك عرض وجهه قدر ميل في طول مثل ذلك قال: تقدم فصل بالناس فتأملت وجهه فإذا بين عينيه مكتوب جبريل أمين الله, فقلت: فأين النبي صلى الله عليه وسلم؟ فقال: هو مشغول بنصب الموائد لإخوانه من الصوفية وذكر الحكاية.

      (قال الأستاذ أبو سعيد رحمه الله): قال الله تبارك وتعالى: ونضع الموازين القسط ليوم القيامة فلا تظلم نفس شيئا فمن رأى كأن القيامة قد قامت في مكان فإنه يبسط العدل في ذلك المكان لأهله فينتقم من الظالمين هناك وينصر المظلومين لأن ذلك يوم الفصل والعدل. (ومن رأى) كأنه ظهر شرط من أشراط الساعة بمكان مثل طلوع الشمس من مغربها وخروج دابة الأرض أو الدجال يأجوج ومأجوج فإن كان عاملا بطاعة الله عز وجل كانت رؤياه بشارة له, وإن كا عاملا بمعصية الله أو هاما بها كانت رؤياه نذيرا. فإن رأى كأن القيامة قد قامت وهو واقف بين يدي الله عز وجل كانت الرؤيا أثبت وأقوى وظهور العدل أسرع وأوحى, وكذلك إن رأى في منامه كأن القبور قد انشقت والأموات يخرجون منها دلت رؤياه على بسط العدل. فإن رأى قيام القيامة وهو في حرب نصر فإن رأى أنه في القيامة أوجبت رؤياه سفرا. فإن رأى كأنه حشر وحده أو مع واحد آخر دلت رؤياه على أنه ظالم لقوله تعالى: احشروا الذين ظلموا وأزواجهم فإن رأى كأن القيامة قد قامت عليه وحده دلت رؤياه على موته لما روي في الخبر: "أنه من مات قامت قيامته" فإن رأى القيامة قد قامت وعاين أهوالها ثم رأى كأنها سكنت وعادت إلى حالها فإنها تدل على تعقب العدل والظلم من قوم لا يتوقع منهم الظلم, وقيل: إن هذه الرؤيا يكون صاحبها مشغولا بارتكاب المعاصي وطلب المحال مسوفا بالتوبة أو مصرا على الكذب لقوله تعالى: ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه وإنهم لكاذبون ومن رأى كأنه قرب من الحساب فإن رؤياه تدل على غفلته من الخير وإعراضه عن الحق لقوله تعالى: اقترب للناس حسابهم وهم في غفلة معرضون فإن رأى كأنه حوسب حسابا يسيرا دلت رؤياه على شفقة زوجته عليه وصلاحها وحسن دينها. فإن رأى كأنه حوسب حسابا شديدا دلت رؤياه على خسران يقع له لقوله تعالى: فحاسبناها حسابا شديدا فإن رأى كأن الله سبحانه وتعالى يحاسبه وقد وضعت أعماله في الميزان فرجحت حسناته على سيئاته فإنه في طاعة عظيمة ووجب له عند الله مثوبة عظيمة, وإن رجحت سيئاته على حسناته, فإن أمر دينه مخوف. وإن رأى كأن الميزان بيده فإنه على الطريقة المستقيمة لقوله تعالى: وأنزلنا معهم الكتاب والميزان الآية. فإن رأى كأن ملكا ناوله كتابا وقال له: اقرأ فإن كان من أهل الصلاح نال سرورا, وإن لم يكن كان أمره مخوفا لقوله تعالى: اقرأ كتابك فإن رأى أنه على الصراط فإنه مستقيم على الدين. فإن رأى أنه زال عن الصراط والميزان والكتاب وهو يبكي فإنه يرجى له إن شاء الله تسهيل أمور الآخرة عليه.
    • في تأويل رؤيا جهنم نعوذ بالله منها



      في تأويل رؤيا جهنم نعوذ بالله منها

      (أخبرنا): أبو عمرو محمد بن جعفر بن مطر قال: حدثنا محمد بن سعيد بن محمد قال: حدثنا محمد بن يعقوب الكرابيسي, حدثنا محمد بن أبي بكر المقدمي, حدثنا الحكم بن ظهير, حدثنا ثابت بن عبد الله بن أبي بكرة عن أبيه عن جده قال: من رأى أنه يحرق فهو في النار. فإن رأى كأن ملكا أخذ بناصيته فألقاه في النار فإن رؤياه توجب له ذلا, فإن رأى مالكا خازن النار طلقا بساما سر من شرطي أو جلاد أو صاحب عذاب السلطان, فإن رأى النار من قريب فإنه يقع في شدة ومحنة لا ينجو منها لقول الله تعالى: ورأى المجرمون النار فظنوا أنهم مواقعوها ولم يجدوا عنها مصرفا وأصابه خسران فاحش لقوله عز وجل: إن عذابها كان غراما وكانت رؤياه نذيرا له ليتوب من ذنب هو فيه. فإن رأى كأنه دخل جهنم فإنه يرتكب الفواحش والكبائر الموجبة للجد وقيل إنه يقبض بين الناس. فإن رأى كأنه أدخل النار فإن الذي أدخله النار يضله ويحمله على ارتكاب فاحشة. فإن رأى كأنه خرج منها من غير إصابة مكروه وقع في غموم الدنيا. فإن رأى كأنه يشرب من حميمها أو طعم من زقومها فإنه يشتغل بطلب علم ويصير ذلك العلم وبالا عليه, وقيل: إن أموره تعسر عليه, وتدل رؤياه على أنه يسفك الدم (ومن رأى) كأنه اسود وجهه فيها فإنه يدل على أنه يصاحب من هو عدو الله ويرضى بسوء فعله فيذل ويسود وجهه عند الناس ولا تحمد عاقبته. فإن رأى كأنه لم يزل محبوسا فيها لا يدري متى دخل فيها فإنه لا يزال في الدنيا فقيرا محزونا محروما تاركا للصلاة والصوم وجميع الطاعات. فإن رأى كأنه يجوز على الجمر فإنه يتخطى رقاب الناس في المحافل والمجالس متعمدا, وكل رؤيا فيها نار فإنها دالة على وقوع فتنة سريعة لقوله تعالى: ذوقوا فتنتكم هذا الذي كنتم به تستعجلون فإن رأى كأنه سل سيفه ودخل النار فإنه يتكلم بالفحشاء والمنكر, فإن رأى كأنه دخلها متبسما فإنه يفسق ويفرح بنعيم الدنيا.
    • الجنة وخزنتها وحورها وقصورها وأنهارها وثمارها...



      الجنة وخزنتها وحورها وقصورها وأنهارها وثمارها

      (أخبرنا): الوليد بن أحمد الواعظ قال: أخبرنا ابن أبي حاتم قال حدثنا محمد بن يحيى الواسطي قال: حدثنا محمد بن الحسين البرجلاني قال: حدثنا بشر بن عمر الزهراني أبو محمد قال: حدثنا حماد بن زيد عن هشام بن حسان عن حفصة بنت راشد قالت: كان مروان المحلمي جارا لنا وكان ناصبا مجتهدا فمات فوجدت عليه وجدا شديدا فرأيته فيما يرى النائم فقلت: يا أبا عبد الله ما فعل بك ربك؟ قال: أدخلني الجنة قالت قلت: ثم ماذا؟ قال: ثم رفعت إلى أصحاب اليمين, قالت قلت: ثم ماذا؟ قال: ثم رفعت إلى المقربين, قلت: فمن رأيت من إخوانك؟ قال: رأيت ثم الحسن وابن سيرين وميمونا قال حماد قال هشام بن حسان: فحدثتني أم عبد الله وكانت من خيار نساء أهل البصرة قالت: رأيت في منامي كأني دخلت دارا حسنة ثم دخلت بستانا فرأيت من حسنه ما شاء الله فإذا أنا برجل متكئ على سرير من ذهب وحوله وصائف بأيديهم الأكاريب قالت: فإنني متعجبة من حسن ما أرى إذ أتي برجل فقيل من هذا؟ قال: هذا مروان المحلمي أقبل فاستوى على سريره جالسا قالت: فاستيقظت من منامي فإذا جنازة مروان المحلمي قد مرت علي تلك الساعة.

      (أخبرنا): أبو الحسين عبد الوهاب بن جعفر الميداني بدمشق قال: أخبرنا علي بن أحمد البزار قال: سمعت إبراهيم بن السري المغلس يقول: سمعت أبي يقول: كنت في مسجدي ذات يوم وحدي بعدما صلينا العصر وكنت قد وضعت كوز ماء لأبرده لإفطاري في كوة المسجد فغلب عيني النوم فرأيت كأن جماعة من الحور العين قد دخلن المسجد وهن يصفقن بأيديهن فقلت لواحدة منهن: لمن أنت؟ قالت: لثابت البناني, فقلت للأخرى: وأنت؟ فقالت: لعبد الرحمن بن زيد, وقلت للأخرى: وأنت؟ فقالت: لعتبة, وقلت للأخرى: وأنت؟ فقالت: لفرقد حتى بقيت واحدة فقلت: لمن أنت؟ فقالت: لمن لا يبرد الماء لإفطاره. فقلت لها: فإن كنت صادقة فاكسري الكوز فانقلب الكوز ووقع من الكوة فانتبهت من منامي بكسر الكوز.

      (قال الأستاذ أبو سعيد رحمه الله): من رأى الجنة ولم ير دخولها فإن رؤياه بشارة له بخير عمل أو يهم بعمله وهذه رؤيا منصف غير ظالم. وقيل: من رأى الجنة عيانا نال ما اشتهى وكشف عنه همه, فإن رأى كأنه يريد أن يدخلها فمنع فإنه يصير محصرا عن الحج والجهاد بعد أن يهم بهما أو يمنع من التوبة من ذنب هو عليه مصر يريد يتوب منه. فإن رأى أن بابا من أبواب الجنة أغلق عنه مات أحد أبويه, فإن رأى أن بابين أغلقا عنه مات أبواه, فإن رأى كأن جميع أبوابها تغلق عنه ولا تفتح له فإن أبويه ساخطان عليه, فإن رأى كأنه دخلها من أي باب شاء فإنهما عنه راضيان, فإن رأى كأنه دخلها نال سرورا وأمنا في الدراين لقوله تعالى: ادخلوها بسلام آمنين فإن رأى كأنه أدخل الجنة فقد قرب أجله وموته, وقيل: إن صاحب الرؤيا يتعظ ويتوب من الذنوب على يد من أدخله الجنة إن كان يعرفه. وقيل: من رأى دخول الجنة نال مراده بعد احتمال المشقة لأن الجنة محفة بالمكاره. وقيل: إن صاحب هذه الرؤيا يصاحب أقواما كبارا كراما ويحسن معاشرة الناس ويقيم فرائض الله تعالى. فإن رأى كأنه يقال له ادخل الجنة فلا يدخلها دلت رؤياه على ترك الدين لقوله تعالى: ولا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط فإن رأى أنه قيل له إنك تدخل الجنة فإنه ينال ميراثا لقوله تعالى: وتلك الجنة التي أورثتموها الآية. فإن رأى أنه في الفردوس نال هداية وعلما. فإن رأى كأنه دخل الجنة متبسما فإنه يذكر الله كثيرا. فإن رأى كأنه سل سيفا ودخلها فإنه يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر وينال نعمة وثناء وثوابا. فإن رأى كأنه جالس تحت شجرة طوبى فإنه ينال خير الدارين لقوله تعالى: طوبى لهم وحسن مآب فإن رأى كأنه في رياضها رزق الإخلاص وكمال الدين. فإن رأى كأنه أكل من ثمارها رزق علما بقدر ما أكل, وكذلك إن رأى أنه شرب من مائها وخمرها ولبنها نال حكمة وعلما وغنى. فإن رأى كأنه متكئ على فراشها دل على عفة لامرأته وصلاحها, فإن كان لا يدري متى دخلها دام عزه ونعمه في الدنيا ما عاش. فإن رأى كأنه منع ثمار الجنة دل على فساد دينه لقوله تعالى: من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة فإن رأى كأنه التقط ثمار الجنة وأطعمها غيره فإنه يفيد غيره علما يعمل به وينتفع ولا يستعمله هو ولا ينتفع به. فإن رأى كأنه طرح الجنة في النار فإنه يبيع بستانا ويأكل ثمنه. فإن رأى كأنه يشرب من ماء الكوثر نال رياسة وظفرا على العدو لقوله تعالى: إنا أعطيناك الكوثر فصل لربك وانحر (ومن رأى) كأنه في قصر من قصورها نال رياسة أو تزوج بجارية جميلة لقوله تعالى: حور مقصورات في الخيام فإن رأى كأنه ينكح من نساء الجنة وغلمانها يطوفون حوله نال مملكة ونعما لقوله تعالى: ويطوف عليهم ولدان مخلدون

      (وحكي): أن الحجاج بن يوسف رأى في منامه كأن جاريتين من الحور العين نزلتا من السماء فأخذ الحجاج إحداهما ورجعت الأخرى إلى السماء قال: فبلغت رؤياه إلى ابن سيرين فقال: هما فتنتان يدرك إحداهما ولا يدرك الأخرى فأدرك الحجاج فتنة ابن الأشعث ولم يدرك فتنة ابن المهلب. وإن رأى رضوان خازن الجنة نال سرورا ونعمة وطيب عيش ما دام حيا وسلم من البلايا لقوله تعالى: وقال لهم خزنتها سلام عليكم الآية. فإن رأى الملائكة يدخلون عليه ويسلمون عليه في الجنة فإنه يصبر على أمر يصل به إلى الجنة لقوله تعالى: والملائكة يدخلون عليهم من كل باب الآية. ويختم له بخير.
    • في تأويل رؤيا الجن والشياطين





      في تأويل رؤيا الجن والشياطين

      (قال الأستاذ أبو سعيد): من رأى أنه تحول جنيا قوي كيده, ورؤيا سحرة الجن في المنام تدل على الغيلان, فإذا رأى الإنسان في منامه الجن واقفة قرب بيته فإن رؤياه تدل على إحدى ثلاث خصال: إما على خسران أو على هوان أو على أن عليه نذرا لم يف به. فإن رأى كأنه يعلم الجن القرآن أو يستمعونه منه رزق الرياسة والولاية لقوله تعالى: قل أوحي إلي أنه استمع نفر من الجن الآية. فإن رأى أن الجن دخلوا داره وعملوا في داره عملا فإن اللصوص يدخلون داره ويضرون به أو يهجم عليه أعداؤه في بيته والأصل في رؤيا الجن أنهم أصحاب الاحتيال لأمور الدنيا وغرورها, وأما الشيطان فهو عدو في الدين والدنيا مكار خداع غير مكترث بشيء وإنما يكون تأويله السلطان وربما كان الأهل. ومن رأى كأن طائفا من الشيطان مسه وهو مشتغل بذكر الله تعالى دلت رؤياه على أن له أعداء كثيرة يريدون إهلاكه فلا ينالون منه مرادهم لقوله تعالى: إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا الآية. فإن رأى كأن شهابا ثاقبا يتبع شيطانا دلت رؤياه على صحة دينه. (ومن رأى) كأن الشيطان خوفه دلت رؤياه على إخلاصه في دينه وعلى أمن من خوف هو فيه بدليل قوله تعالى: فلا تخافوهم وخافون إن كنتم مؤمنين (ومن رأى) الشيطان فرحا مسرورا اشتغل بالشهوات. (ومن رأى) كأن الشيطان نزع لباسه عزل عن ولاية إن كان واليا أو أصيب بضيعة إن كان صاحب ضيعة لقوله تعالى: يا بني آدم لا يفتننكم الشيطان الآية. فإن رأى كأن الشيطان قد مسه فإن له عدوا يقذف امرأته ويغويها. وقيل: إن هذه الرؤيا تدل على فرج صاحبها من غم أو شفاء من مرض لقوله تعالى: واذكر عبدنا أيوب إذ نادى ربه أني مسني الشيطان الآية. (ومن رأى) كأن الشيطان يتبعه فإن له عدوا يخدعه ويغريه وينقص من عمله وجاهه لقوله تعالى: فأتبعه الشيطان فكان من الغاوين (ومن رأى) كأنه ملك الشياطين فاتبعوه وانقادوا له نالت رياسة وهيبة وقهر أعداءه لقوله تعالى: ومن الشياطين من يغوصون له الآية. فإن رأى كأنه قيد الشيطان نال نصرة لقوله: مقرنين في الأصفاد فإن رأى كأن شيطانا نزل عليه ارتكب إثما وافترى كذبا لقول الله تعالى: تنزل على كل أفاك أثيم فإن رأى كأن يناجي الشيطان فإنه يشاور أعداءه ويظاهرهم في أهل الصلاح فلا يستطيعون لقوله تعالى: إنما النجوى من الشيطان ليحزن الذين آمنوا فإن رأى أن الشيطان يعلمه كلاما فإنه يتكلم بكلام مفتعل أو يكيد الناس أو ينشد كذب الأشعار. فإن رأى كأنه قتل إبليس فإنه يمكر بمكر وخداع والدجال إنسان مخادع يفتتن الناس به.
    • في رؤيا الناس الشيخ منهم والشاب والفتاة والعجوز والأطفال والمعروف والمجهول.





      في رؤيا الناس الشيخ منهم والشاب والفتاة والعجوز والأطفال والمعروف والمجهول.

      (قال الأستاذ أبو سعيد رحمه الله): من رأى رجلا يعرفه دلت رؤياه على أنه يأخذ منه أو من شبيهه أو من سميه شيئا, فإن رأى كأنه أخذ منه ما يستحب جوهرة نال منه يؤمله, فإن كان من أهل الولاية ورأى كأنه أخذ منه قميصا جديدا فإنه يوليه فإن أخذ منه حبلا فإنه عهد. فإن رأى كأنه أخذ منه ما لا يستحب جوهره أو نوعه فإنه يأس منه ويقع بينهما عداوة وبغضاء, ورؤيا الشيخ والكهل المجهولين تدل على جد صاحبها, فإذا رآهما أو أحدهما ضعيفا فهو ضعف جده, وإذا رآهما أو أحدهما قويا فهو قوة جده. فإن رأى شابا كأنه تحول شيخا فإنه يصيب علما وأدبا. فإن رأى كأنه اتبع شيخا اتبع خيرا وخصبا. فإن رأى شيخا رستاقيا اتخذ صديقا غليظا, (ومن رأى) شيخا تركيا اتخذ صديقا, فإن كان مسلما سلم من شره. والشاب في التأويل عدو الرجل, فإن كان أبيض فهو عدو مستور, وإن كان أسود فهو عدو غني, وإن كان أشقر فهو عدو شيخ, وإن كان ديلميا فهو عدو أمين, وإن كان رستاقيا فهو عدو فظ, فإن كان قويا فهو شدة عداوته, وإن كان مجهولا وإن كان معروفا فهو بعينه, فمن رأى أنه تبعه شاب فإنه عدو يظفر به, فإن رأى شيخا أشرف عليه فإنه يمكنه من الخير, وإن كان شابا أشرف عليه فإنه عدو يتمكن منه لأنه علاه. وإن رأى شيخا كأنه صار شابا فقد اختلف في تأويل رؤياه فقال بعضهم: إنه يتجدد له سرور, وقال بعضهم: إنه يظهر في دينه أو دنياه نقص عظيم, وقال بعضهم: إنه يموت, وقال بعضهم: إن رؤياه تدل على حرصه لأن قلب الشيخ شاب على الحرص والأمل. فإن رأى شابا مجهولا فأبغضه فإنه يظهر له عدو بغيض إلى الناس فإن أحبه فإنه يظهر له عدو محبوب, فإن رأى جارية متزينة مسلمة سمع خبرا سارا من حيث لا يحتسب, وإن كانت كافرة سمع خبرا سارا مع خنا, فإن رأى جارية عابسة الوجه سمع خبرا وحشا. فإن رأى جارية مهزولة أصابه هم وفقر. فإن رأى جارية عريانة خسر تجارته وافتضح فيها. فإن رأى أنه أصاب بكرا ملك ضيعة مغلة واتجر تجارة رابحة والجارية خير على قدر جمالها ولبسها وطيبها, فإن كانت مستورة فإنه خير مستور مع دين, فإن كانت متبرجة فإن الخير مشهور, وإن كانت متنقبة فإن الخير ملتبس, وإن كانت مكشوفة فإنه خير يشيع والناهد خير مرجو.

      (ومن رأى) امرأة حسناء دخلت داره نال سرورا وفرحا, والمرأة الجميلة مال لا بقاء له لأن الجمال يتغير. فإن رأى كأن امرأة شابة أقبلت عليه بوجهها أقبل أمره بعد الإدبار والمرأة العربية الأدماء المجهولة الشابة المتزينة يطول وصف خيرها ونفعها في التأويل والسمينة من النساء في التأويل خصب السنة والمهزولة جدبها, وأفضل النساء في التأويل العربيات الأدم والمجهولة منهن خير من المعروفة وأقوى, والمتصنعات منهن في الزينة والهيئة أفضل من غيرهن, وكل مواتاة العربيات والأدم ومعاملتهن في التأويل خير بقدر موتاتهن ولهن فضل على من سواهن من النساء, وإذا رأت امرأة في منامها امرأة شابة فهي عدوة لها على أية حالة رأتها, وإذا رأت عجوزا فهي جدها, وأما العجوز فهي دنياه, فإن رآها متزينة مكشوفة نال دنياه مع بشارة عاجلة, وإن رآها عابسة دلت على ذهاب الجاه لأجل الدنيا, وإن رآها قبيحة انقلبت عليه الأمور, وإن رآها عريانة فإنه فضيحة, وإن رآها متنقبة فإنه أمر مع ندامة. فإن رأى كأن عجوزا دخلت داره أقبلت دنياه, وإن رآها خرجت عن داره زالت عنه دنياه, فإن لم تكن العجوز مسلمة فهي دنيا حرام, فإن كانت مسلمة فهي دنيا حلال, وإن كانت قبيحة فلا خير فيها. والعجوز المجهولة في التأويل أقوى. فإن رأت امرأة شابة في منامها كأنها قد تحولت عجوزا دلت رؤياها على حسن دينها. فإن رأى الرجل عجوزا لا تطاوعه وهو يهم بها فهي دنيا تتعذر عليه فإن طاوعته نال من الدنيا بقدر مطاوعتها. وأما الصبي في التأويل فعدو ضعيف يظهر صداقة ثم يظهر عداوة. فإن رأى رجل كأنه صار صبيا ذهبت مروءته إلا أن رؤياه تدل على الفرج من هم فيه. فإن رأى كأنه يحمل صبيا فإنه يدير ملكا. (ومن رأى) كأنه يتعلم في الكتب القرآن أو الأدب فإنه يتوب من الذنوب. (ومن رأى) كأنه ولد له جملة من الأولاد دلت رؤياه على هم لأن الأطفال لا يمكن تربيتهم إلا بمقاساة الهموم.

      وحكي أن رجلا أتى ابن سيرين فقال: رأيت كأن في حجري صبيا يصيح فقال: اتق الله ولا تضرب بالعود. وقيل: من رأى له ولدا صغيرا بعد لا يخالط جسده فهو زيادة ينالها أو يغتم. وقيل: الصبيان الصغار يدلون على هموم يسيرة. والصبية في المنام خصب وفرج ويسر بعد عسر ينمو ويزيد, والوصيفة خير محدث فيه ثناء حسن وخير مرجو. (ومن رأى) كأنه اشترى غلاما أصابه هم, ومن اشترى جارية أصاب خيرا. وإن رأى العبد غير البالغ كأنه قد أدرك الحلم فإنه يعتق, فإن رأى كأنه أدرك وطرح عليه رداء أبيض فإنه يتزوج امرأة حرة, وإن رأى كأنه طرح عليه رداء أسود فإنه يتزوج مولاة. (ومن رأى) كأنه طرح عليه رداء أرجواني تزوج بامرأة شريفة الحسب, فإن رأى مثل هذه الرؤيا دلت رؤياه على أن ابنه يبلغ, وإن رآها شيخ دلت رؤياه على موته, وإن رآها مرتكب لمعصية خفية فإنه يفتضح. (ومن رأى) أنه أصاب ولدا بالغا فهو له عز وقوة وأمه أولى به في أحكام التأويل من أبيه, وإذا رأت امرأة ذكرا أمرد فهو خير يأتيها على قدر حسنه أو قبحه وقيل من كان له ابن صغير ورأى أنه قد صار رجلا دل على موته, وقيل من كان من الصبيان قد أدرك ولحق بالرجال فإنه يدل على تقوية ومساعدة, ومن الناس من يرى أنه ولد له غلام وكانت امرأته حبلى فإنها تلد جارية ويرى أنها ولدت جارية فتلد غلاما, وربما اختلفت الطبيعة في ذلك فيرى أنه ولد له غلام فهو غلام, أو يرى أنه ولد له جارية فهي جارية, فسل عن ذلك الطبائع فإنها تخبرك. وقيل: الوصيف خير. وحكي أن امرأة بمكة تقرأ القرآن رأت كأن حول الكعبة وصائف بأيديهن الريحان وعليهن معصفرات وكأنها قالت: سبحان الله هذا حول الكعبة قيل لها: أما علمت أن عبد العزيز بن أبي داود تزوج الليلة. فانتبهت فإذا عبد العزيز بن أبي داود قد مات.
    • في تأويل اختلاف الإنسان وأعضائه واحدا واحدا على الترتيب




      في تأويل اختلاف الإنسان وأعضائه واحدا واحدا على الترتيب

      (قالت الأستاذ أبو سعيد رحمه الله): بشرة الإنسان وجلده ستره, وسواد البشرة في التأويل سؤدد في ترك الدين. فمن رأى كأنه اسود وجهه وهو لابس ثيابا بيضا دلت رؤياه على أنه يولد له ابنة لقوله تعالى: وإذا بشر أحدهم بالأنثى ظل وجهه مسودا الآية. وقد رأى أمير المؤمنين المهدي رحمه الله في منامه كأن وجهه اسود فانتبه مذعورا ودعا بإبراهيم بن عبد الله الكرماني فأنهض إليه من الشيرجان فقص عليه رؤياه فقال: سيولد لك ابنة وتلا هذه الآية فولدت له من ليلته ابنة ففرح من ذلك وأحسن جائزته. فإدن رأى أن وجهه اسود وثيابه وسخة دلت رؤياه على أنه يكذب على الله. فإن رأى كأن وجهه أسود مغبر دلت رؤياه على موته. وحكي أن رجلا أتى ابن سيرين فقال: رأيت رجلا أسود ميتا يغسله رجل قائم عليه فقال: أما موته فكفره. وأما سواده فماله. وأما هذا القائم يغسله فإنه يخادعه عن ماله. وحكي أن رجلا قال لابن سيرين: رأيت كأن رجلا معلق من السماء بسلسلة ونصف بدنه أسود ونصف بدنه أبيض وله ذنب كذنب الحمار, قال ابن سيرين: أنا ذلك الرجل. أما نصف بدني الأبيض فورد لي بالنهار, والنصف الأسود ورد الليل, والسلسلة التي علقت بها من السماء فذكر مني يصعد أبدا إلى السماء, وأما الذنب فدين يجتمع علي وموتي فيه فكان كما عبره. وقيل: إن الشجاع إذا رأى في منامه أن وجهه أسود دل على أنه يصير جبانا.

      وأتى ابن سيرين رجل فقال: إني خطبت امرأة فرأيتها في المنام سوداء قصيرة فقال: أما سوادها فمالها, وأما قصرها فقصر عمرها فلم تلبث إلا قليلا حتى ماتت وورثها الرجل. وروي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى في المنام امرأة سوداء ناشرة الرأس خرجت من المدينة حتى أقامت بالجحفة فأولها النبي صلى الله عليه وسلم بأن وباء المدينة انتقل إلى الجحفة وحكي أن رجلا رأى كأنه أهدي إليه غلام نوبي فلما أصبح أهدي إليه عدل فحم. (ومن رأى) نسوة زنجيات قد أشرفن عليه فإنه يشرف عليه خير لرؤيتهن كثير شريف ولكن من جنس العدو وحمرة اللون وجاهة وفرح. وقيل: إن كان مع الحمرة بياض نال صاحبها عزا, وصفرة اللون مرض. وقيل: من رأى وجهه أصفر فاقعا فإنه يكون وجيها في الآخرة ومن المقربين. وأما بياض اللون فمن رأى كأن وجهه أشد بياضا مما كان حسن دينه واستقام على الإيمان. فإن رأى أن لون خده أبيض فإنه ينال عزا وكرما. وحكي أن رجلا شابا رأى كأن وجهه قد لطخ بالحمرة مثل النساء وكأنه قاعد في مجمع النساء فعرض له من ذلك أنه زنى فافتضح. وأما الرأس في التأويل فرئيس الإنسان الذي هو تحت يده ورأس ماله وجده. فمن رأى كأن رأسه أعظم مما كان زاد شرفه. (ومن رأى) كأن رأسه أصغر مما كان نقص شرفه. (ومن رأى) كأن له رأسين أو ثلاثة فإنه ينال ظفرا بالأعداء وإن كان مبارزا, وإن كان فقيرا استغنى, وإن كان غنيا يكون له أولاد بررة, وإن كان عزبا يتزوج وينال ما يريد, فإن رأى تاجر كأنه منكوس الرأس خسر في تجارته. فإن رأى الرجل أنه منكوس الرأس معلق طال عمره في جهد وتوبيخ لقصة هاروت وماروت. فإن رأى كأنه منكوس الرأس منحن في ملأ فإنه قد عمل خطيئة وهو نادم عليها تائب منها, وأصل هذه الرؤيا تدل على طول العمر لقوله تعالى: ومن نعمره ننكسه في الخلق وقيل: من رأى رأسه مقلوبا فإن ذلك يدل فيمن يريد سفرا على مانع يمنعه من خروجه على أنه لا يرى ما يتمناه عاجلا لكن آجلا, ويدل لمن كان مسافرا غريبا على رجوعه إلى بلده بعد إبطاء على غير طمع.

      والرأس والعنق إذا رآهما الإنسان وكان فيهما قرحة أو ألم فإن ذلك مرض يكون في جميع الناس بالسوية. فإن رأى أن رأسه صار مثل رأس الكلب أو الحمار أو الفرس أو غيرها من الأنعام فإنه يصير إلى الكد والتعب والعبودية. (ومن رأى) كأن رأسه استحال رأس فيل أو أسد أو نمر أو ذئب فقد قيل أنه يأخذ في إنشاء أمر أرفع من قدره وينتفع بها وينال الرياسة والظفر على الأعداء. فإن رأى أن رأسه رأس طير دلت رؤياه على كثرة الأسفار. فإن رأى رأسه مطيبا مدهونا دلت رؤياه على حسن جده. فإن رأى رءوسا مقطوعة دلت رؤياه على خضوع الناس له. فإن رأى كأنه أكل رأس إنسان نيئا فإنه يغتاب رئيسا ويصيب مالا من بعض الرؤساء. فإن رأى كأنه أكله مطبوخا فهو رأس مال ذلك الرجل إن كان معروفا وإلا فهو مال نفسه يأكله. فإن رأى كأنه أخذ رأس ماله بيده فهو مال يصير إليه أكثره دية وأقله ألف درهم, وهذه الرؤيا تدل على وقوع صلح بينه وبين رجل له عليه دين لقوله تعالى: وإن تبتم فلكم رءوس أموالكم فإن رأى كأن رأسه بان عنه من غير ضرب فإنه يفارق رئيسه, فإن حمل رأسه من ذلك الموضع ذهبت رياسته, فإن كان رأسه قطع فأخذه ووضعه فعاد صحيحا كما كان فإنه يقتل في الجهاد. (ومن رأى) كأن رأسه بان عنه فأحرزه أصاب مالا بقدر ديته وعوفي إن كان مريضا, والرأس على رمح أو خشبة رئيس مرتفع الشأن. (ومن رأى) كأن رأسا من رءوس الناس في وعاء عليه دم فهو رجل رئيس يكذب عليه. (ومن رأى) كأن رقبته ضربت وبان رأسه عنه فإن كان مريضا شفي أو مديونا قضي دينه أو صرورة حج, وإن كان في كرب أو حرب فرج عنه, فإن عرف الذي ضربه فإن ذلك يجري على يدي من ضربه, فإن كان الذي ضربه صبيا لم يبلغ فإن ذلك راحته وفرجه مما هو فيه من كرب أو مرض وهو موته على تلك الحال. وكذلك لو رأى وهو مريض قد طال مرضه وتساقطت عنه ذنوبه أو معروف بالصلاح فهو يلقى الله على خير حالاته ويفرج عنه, وكذلك المرأة النفساء والمريض المبطون أو من هو في بحر العدو وما يستدل به على الشهادة, فإن رأى ضرب العنق لمن ليس به كرب ولا شيء مما وصفت فإنه ينقطع ما هو فيه من النعيم ويفارقه بفرقة رئيسه ويزول سلطانه عنه ويتغير حاله في جميع أمره. فإن رأى أن ملكا أو واليا يضرب عنقه فإن الوالي هو الله ينجيه من همومه ويعينه على أموره. فإن رأى أن ملكا ضرب رقاب رعيته فإنه يعفو عن المذنبين ويعتق رقابهم, وضرب الرقبة في المماليك يدل على العتق. وقيل: من رأى أن رقبته تضرب إما بحكم الحاكم وإما بقطع الطريق وإما في الحرب أو غيره فإن ذلك مذموم لمن كان أبواه باقيين وكان له ولد, وذلك أن الرأس يشبه بالوالدين لأنهما سبب الحياة, ويشبه أيضا بالأولاد من أجل الصورة. فإن رأى ذلك خائف أو من حكم عليه بالقتل فهو محمود لأن البلاء يصيب الإنسان مرة واحدة ليس يصيبه مرة ثانية.

      فأما في الصيارفة وأرباب رءوس الأموال فإنه يدل على ذهاب رءوس أموالهم, ويدل في المسافرين على رجوعهم, وفي المخاصمين على الغلبة; لأن البدن إذا قطع رأسه عدم الشفاء. وإن رأى أن رأسه في يده فذاك صالح لمن لم يكن له أولاد ولم يقدر على الخروج في سفر. وإذا رأى كأن في يده رأسه وله رأس آخر طبيعي دل على أنه يقاوم شيئا من الآفات التي تكتنفه ويصلح شيئا من أموره الرديئة التي في تدبيره. وروي أن رجلا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله رأيت رأسي قطع فكأني أنظر إليه بإحدى عيني, فتبسم صلى الله عليه وسلم وقال: بأيهما كنت تنظر إليه؟ فلبث ما شاء الله أن يلبث ثم مات صلى الله عليه وسلم. والنظر إليه اتباع السنة والرأس الإمام. ورأى ابن مريم ستين جارية يدخلن داره وفي يد كل جارية طبق وعليه رأس إنسان مغسول ممشوط فكأن تاليا يتلو: وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا أو من وراء حجاب فقص رؤياه فقيل له إن الخليفة يقلدك حجته وإنك تنال ستين ألف دينار فكان كذلك. (ومن رأى) رءوس الناس مقطوعة بيده في محله فإن الناس ينقادون إليه ويأتون ذلك الموضع وربما اجتمع الناس هناك. فإن رأى أنه ملك رأسا فإنه مال يصير إليه أقله ألف درهم وأكثره ألف دينار, فإن رأى الإمام في رأسه عظما فهو زيادة وقوة في سلطانه. فإن رأى كأن رأسه رأس كبش فإنه يعدل وينصف. فإن رأى كأن رأسه رأس كلب فإنه يجور ويعامل رعيته بالسفه وشعر الرأس مال وطول عمر, والجمة تختلف باختلاف صاحب الرؤيا, فإن رآها صاحب صلاح على رأسه فهو زيادة ووقاية وهيبة له, وإن رآها غني فهو ماله, وإن رآها فقير فهي ذنوبه وحسن شعر الرأس شرف وعز. فإن رأى شعره جعدا وسبطا فإنه يشرف ويعز, فإن رأى شعره الجعد وسبطا فإنه يتضع ويصير دون ما كان, وإن رآه سبطا طويلا متفرقا فإن مال رئيسه يتفرق وإن كان ناعما لينا فإنه زيادة مال رئيسه. وقيل: من رأى كأن له شعرا طويلا وهو مسرور به فإنه محمود وخاصة في النساء فإنهن يستعملن شعور غيرهن في الزينة. وكان ابن سيرين يكره بياض الشعر للشاب ويقول: الشيب الافتقار والهم إذا طال الشعر, فإن رأى ذلك فقير اجتمع عليه مع فقره دين وربما حبس. فإن رأى أنه نتف شيبه فإنه يخالف السنة ويستخف بالمشايخ, فإن رأى شاب في شعره بياض فإنه قدوم غائب عليه. وقيل: إن الشيب في التأويل زيادة وقار ودين. وقيل: هو زيادة عمر لقوله تعالى: ثم لتكونوا شيوخا وقيل: من رأى رأسه أشيب فإنه يولد له لقوله تعالى: واشتعل الرأس شيبا

      وحكي أن الحجاج بن يوسف رأى كأن رأسه ولحيته قد ابيضا فلقي عبد الملك بن مروان هما وغما وتغير في أمره. وأما المرأة إذا رأت شيب جميع رأسه دلت رؤياها على فسق زوجها, فإن كان زوجها صالحا فإنه يغايرها بامرأة أخرى جارية, وإن لم يكن كذلك فإنه يصيبه منها غم أو حزن. وأما الذؤابة للرجل فإنه ابن مبارك إن كان متزوجا, وإن كان عزبا فهي جارية جميلة يشتريها بعدد كل ذؤابة, وكذلك هي للمرأة ابن رئيس وتدل على خصب السنة. وأما سواد شعر المرأة فيدل على شيئين: أحدهما محبة زوجها لها. والثاني: استقامه أحوال زوجها, فإن رأت امرأة كأنها كشفت شعرها فإن زوجها يغيب عنها, فإن رأت كأنها لم تزل مكشوفة الرأس فإن زوجها لا يرجع إليها, وإن لم يكن لها زوج لم تتزوج أبدا. فإن رأت شعرها كثيفا وأبصر الناس ذلك منها فإنها تفتضح في أمر. فإن رأى الرجل كأن على رأسه قرونا فإنه رجل منيع. فإن رأى كأن شعر مقدم رأسه انتثر أصابه ذل في الوقت. فإن رأى كأن شعر مؤخر رأسه قد انتثر دل على هوان يصيبه في حال شيبه فإن رأى كأن شعر الجانب الأيمنر من رأسه انتثر دل على أنه يصاب بالذكور من أقربائه, فإن كان شعر الجانب الأيسر من رأسه انتثر فإنه يصاب بالإناث من أقربائه, فإن لم يكن له قرابة من الرجال والنساء رجع الضرر إلى نفسه. وأما حلق الشعر للرجال في الحج وتقصيره فهو في التأويل أمن وفتح وقضاء دين وفرج لقوله تعالى: لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله آمنين محلقين رءوسكم ومقصرين لا تخافون وفي غير الحج كذلك إلا أنه في الحج أقوى, هذا إذا لم يكن صاحب الرؤيا رئيسا, فإن كان رئيسا وحلق في غير الموسم دلت رؤياه على افتقاره أو عزله, أو هتك ستره, فهذه الرؤيا للفقير قضاء دين وللغني نقصان مال, وإن كان صاحب الرؤيا من أهل الصلاح ضعف بطشه وإن لم ير أنه لم يحلق رأسه لكن رأى أنه محلوق الرأس ظفر بالأعداء ونال قوة وعزا. وقال بعضهم: إنما يصلح الحلق في التأويل لمن عادته الحلق ولا يصلح لمن عادته غير الحلق. وقيل: إن حلق الرأس للمحارب يوجب الشهادة في التأويل. وحكي أن رجلا قال: رأيت رأسي حلق وخرج من فمي طائر وأن امرأة لقيتني فأدخلتني في فرجها ورأيت أبي يطلبني طلبا حثيثا ثم حبس عني فقصها على أصحابه وقال: إني تأولتها, أما حلق رأسي فوضعه, وأما الطائر الذي خرج مني فروحي, والمرأة التي أدخلتني في فرجها فالأرض تحفر لي وأغيب فيها, وأما طلب أبي إياي ثم حبسه عني, فإنه يجتهد أن يصيبه ما أصابني, فقتل صاحب الرؤيا شهيدا. ورأى آخر كأنه يحلق رأسه بيده فقصها على معبر فقال: تقضي دينك.

      فإن رأت امرأة أن شعرها محلوق يخلعها زوجها أو تموت, فإن رأت كأن زوجها حلق رأسها أو جز شعرها في الحرم دلت رؤياها على قضاء دينها وأداء أمانتها, وإن رأت أن زوجها حلق رأسها في غير الحرم دلت رؤياها على أنه يحبسها في منزله فإن الطائر يبقى في عشه إذا قطع جناحه, وقيل: إن حلقه إياها يدل على هتك سترها, وإن رأت كأن إنسانا دعاها إلى جز شعرها فإنه يدعو زوجها إلى غيرها من النساء سرا منها ويقع بينها وبين ذلك الإنسان عداوة وشحناء, وقيل: من رأى ذوائب امرأة مقطوعة فإنها لا تلد ولدا أبدا.

      وأما الدماغ فإنه يدل على العقل.

      (ومن رأى) أن له دماغا كبيرا دل على كثرة عقله, فإن رأى كأنه لا دماغ له دل على جهله وقلة عقله, وقيل: إن الدماغ مال نزر مدخور طاهر, فإن رأى كأنه أكل دماغه أو مخ بعض عظامه فإنه يأكل ماله, وقال بعضهم: أكل دماغ الميت يوجب سرعة الموت والطرة الحسنة مال وعز, وقيل: إن صاحب الرؤيا يتزوج امرأة جمالها حسب جمال الطرة التي رآها والجبهة جاه الرجل وهيبته والعيب فيها نقصان في الجاه والهيبة, والزيادة فيها إذا لم تتفاحش توجب أن يولد له ابن يسود أهل بيته, وقيل: من رأى جبهته من حديد أو نحاس أو حجر فإن ذلك محمود للشرط أو السوقة ولمن كان تدبير معاشه من قمحه, وأما الباقون فهذه الرؤيا تبغضهم إلى الناس, وأما الصدغان فابنان شريفان مباركان والحاجبان حسن سمت الرجل وحسن دينه وجاهه والنقصان فيهما نقصان في هذه, وقيل: إذا كان الحاجبان متكاثفي الشعر فهما محمودان من أجل أن النساء يسودن حواجبهن طلبا للزينة. وأما العين فدين الرجل وبصيرته التي يبصر بها الهدى والضلالة, فإن رأى في جسده عيونا كثيرة دل على زيادة صلاحه ودينه فإن رأى كأن بطنه انشق فرأى في باطنه عيونا فإنه زنديق لقوله تعالى: ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه فإن رأى كأن عينيه عينا إنسان آخر غريب مجهول دلت رؤياه على ذهاب بصره ويكون غيره يهديه الطريق, فإن كان الرجل معروفا فإن صاحب الرؤيا يتزوج ابنته وتصيب منه خيرا, فإن رأى كأن عينيه ذهبتا مات أولاده, (ومن رأى) أنه أعمى العينين وهو في غربة دل على امتداد غربته إلى أن يموت, فإن رأى كأن عينيه من حديد ناله هم شديد يؤدي إلى هتك ستره, فإن رأى أنه فتح عينيه على رجل فإنه ينظر في أمره ويعينه وإن كأن نظر إليه شزرا فإنه يحقد عليه. (ومن رأى) كأنه يسمع بالعين وينظر بالأذن فإنه يحمل أهله وابنته على ارتكاب المعاصي. (ومن رأى) على كفه عين رجل أو عين بهيمة نال مالا عينا. (ومن رأى) كأنه نظر إلى عين فأعجبته فاستحسنها فإنه يعمل شيئا يضر بدينه والعين السوداء الدين والزرقاء البدعة والشهلاء مخالفة الدين والخضراء دين يخالف الأديان. فإن رأى لقلبه عينا أو عيونا فهو صلاح في الدين بقدر نورها. فإن رأى أنه زنى بالعين فإنه ينظر إلى النساء. فإن رأى أن عينه مسمرة فإنه ينظر بريبة إلى امرأة صديقه وحدة البصر محمودة لجميع الناس وضعفه يدل على أنه سيكون محتاجا إلى الناس وأنه يصير في عيلة لأن المال بمنزلة العين, ومن كان له أولاد ورأى هذه الرؤيا دل على أنهم يمرضون لأن الأولاد بمنزلة العينين محبوبتان.

      ورأى الحجاج بن يوسف كأن عينيه سقطتا في حجره فنعي إليه أخوه محمد وابنه محمد ورأى بعض اليهود جارية في السماء أو عين جارية فقص رؤياه على برهمي فقال: تصيب مالا من التجارة, فإن رآها صانع أصاب مالا من صناعته, وأهداب العينين في التأويل وقاية للدين فإنها أوقى للعينين من الحاجبين, وقيل: الصلاح والفساد فيهما راجعان إلى الولد والمال, فإن رأى كأن أهداب عينيه كثيرة حسنة فإن دينه حصين, فإن رأى كأنه قعد في ظل أهداب عينيه فإن كان صاحب دين وعلم فإنه يعيش في ظل دينه, وإن كان صاحب دنيا فإنه يأخذ أموال الناس ويتوارى, فإن رأى كأنه ليس لعينيه هدب فإنه يضيع شرائع الدين, فإن نتفها إنسان فإن عدوه ينصحه في دينه, فإن رأى كأن أشعاره ابيضت دل على مرض يصيبه من الرأس أو العينين أو الأذنين أو الضرس. وحسن الوجنة في النوم دليل الخصب والفرج وقبحها دليل السقم والضر والخدان عمل الرجل, فإن رأى الإمام في وجنته سعة فوق القدر فهو زيادة عزه وبهائه, وأما الأنف فيقال: أنه جمال للرجال ويقال هو قرابة الرجل, فإن رأى كأنه لا أنف له فلا رحم له, فإن رأى كأن له أنفين فإنه يدل على اختلاف يقع بينه وبين الأهل لأن الأنف ليس بغريب, فإن شم رائحة طيبة دلت على فرج يصيبه, وإن كانت امرأة صاحب الرؤيا حبلى فإنها تلد ولدا سارا, ويقال: أن الأنف الولد, ويقال الجاه والحسب, ويقال الأبوان, وتأويل ما يدخل في الأنف يجري مجرى الدواء وما يدخل فيه من مكروه فهو غيظ يكظم. (ومن رأى) كأن له خرطوما دل على أن له حسبا قويا. والفم فاتحة أمر صاحبه وخاتمته. فإن رأى كأنه خرج من فمه شيء فهو يدل على الرزق من خير أو شر, فإن رأى كأن فمه متعلق أو مقفل عليه دلت رؤياه على الكفر والشفة صديق الرجل الذي يتجمل به وعونه ومعتمده والسفلى أقوى في التأويل من العليا, وقيل: الشفة في التأويل القرابة والعليا صديقه الذي يعتمد عليه في جميع أموره, فما حدث فيهما من حدث ففيما وصفت, فإن رأى كأن فيهما الماء فإن أمر الأصدقاء ليس يجري على ما ينبغي.

      وأما اللسان فترجمان صاحبه ومدبر أمره المؤدي لما في قلبه وجوارحه من صلاح أو فساد يجري ذلك على ترجمته بما ينطق, فإذا كان فيه زيادة من طول أو عرض أو انبساط في الكلام عند الحجج فهو قوة وظفر, وإن رأى كأن لسانه طويلا لا على حال المخاصمة والمنازعة دل على بذاءة اللسان, وقد يكون طول اللسان ظفر صاحبه في فصاحته ومنطقه وحلمه وأدبه وعظمته, فإن رأى الإمام كأن لسانه طال فإنه يكثر أسلحته ويدل على أنه ينال مالا بسبب ترجمان له, واللسان المربوط في التأويل دليل على الفقر ودليل المريض, فإن رأى كأنه نبت على لسانه شعر أسود فهو شر عاجل وإن كان شعرا أبيض فهو شر آجل, فإن رأى كأن له لسانين رزق علما إلى علمه وحجة إلى حجته وظفرا على أعدائه, وقيل: المعتدل المقدار في الفم الصحيح محمود لجميع الناس. وأما اللهاة فإذا رأى أنها زادت حتى كادت تسد حلقه دلت رؤياه على حرصه في جمع المال وتضيق النفقة على نفسه وقد دنا أجله وأما الأسنان فإنهم أهل بيت الرجل فالعليا هم الرجال من أهل البيت والسفلى هم النساء فالناب سيد بيته والثنية اليمنى الأب والثنية اليسرى العم, وإن لم يكونا فأخوان أو ابنان, فإن لم يكونا فصديقان شقيقان والرباعية ابن العم, والضواحك الأخوال والخالات ومن يقوم مقامهم في النصح, والأضراس الأجداد والبنون الصغار والثنية السفلى اليمنى الأم واليسرى العمة, فإن لم يكونا فأختان أو ابنتان أو من يقوم مقامهما والرباعية السفلى بنات العم وبنات العمات, والناب السفلى سيدة أهل بيتها والضواحك السفلى بنات الخال والخالة, والأضراس السفلى الأبعدون من أهل بيت الرجل من النساء والبنات الصغار, وحركة بعض الأسنان دليل على من هو تأويله في المرض وسقوطه وضياعه دليل على موته أو غيبته عنه غيبة من لا يعود إليه, فإن أصابه بعد ما فقده فإنه يرجع, وتآكله دليل على بلاء يصيب من ينتسب إليه, واصطكاك الأسنان دليل على جدال بين أهل بيته. فإن رأى في أسنانه قلحا فهو عيب بأهل بيته يرجع إليه, ونتن الأسنان قبح الثناء على أهل البيت, وكلال الأسنان ضعف حال أهل بيته, وتنقية الأسنان من القلوحة يدل على بذل المال في نفي الهموم عنهم, وبياض الأسنان وطولها وجمالها زيادة قوة ومال وجاه لأهل البيت, فإن رأى كأنه نبت مع ثنيته مثلها فإن أهل بيته يزيدون, فإن رأى كأن النابت معها يضرها كان الزائد في أهل البيت عارا ووبالا عليه, فإن رأى كأنه قلع أسنانه دلت رؤياه على قطع رحمه أو ينفق ماله على كره منه, فإن رأى كأنه يرمي أسنانه بلسانه فسدت أمور أهل بيته بكلام يتكلم به, فإن رأى كأن أسنانه من ذهب فإن كان من أهل العلم والكلام حمدت رؤياه وإلا فلا تحمد لأنها تدل في غير العلم وأهله على مرض أو حريق, فإن رأى كأنها من فضة دلت على خسران في المال, فإن رآها من زجاج أو خشب دلت على الموت, فإن رأى مقاديم أسنانه سقطت فنبتت مكانها أخرى دلت على تغيير أموره وتدابيره, وقيل: إن من رأى أسنانه العليا سقطت في يده فهو مال يصير إليه, فإن رآها سقطت في حجره فهو ابن لقوله تعالى: ويكلم الناس في المهد يعني في الحجر, فإن رآها سقطت إلى الأرض فهي الموت, فإن رأى كأنه أمسك الساقط من أسنانه فلم يدفنه فإنه يستفيد بدل من هو مثله في الشفقة والنصيحة, وكذلك التأويل في سائر الأعضاء إذا أصابتها آفة فلم يدفنها, فإن رأى كأنه نبت في قلبه أسنان دل على موته, وقيل إن سقوط الأسنان يدل على عائق يعوق فيما يريده, وقيل: هو دليل قضاء الديون, فإن رأى كأن جميع أسنانه سقطت وأخذها في كمه أو حجره فإنه يعيش عيشا طويلا حتى تسقط أسنانه ويكثر عدد أهل بيته, وإن رأى كأن جميع أسنانه سقطت وذهبت عن بصره فإن أهل بيته يموتون قبله وربما كان ذلك موت ذوي سنه من الناس وأقرانه في العمر, فإن رأى كأن الناس يلوكونه بأضراسهم أو يعضونه فإنه يمكنه أن يتضع للناس فلا يتضع, وقيل: ينبغي أن يجعل الفم بمنزلة المنزل والأسنان بمنزلة السكان, فما كان فيها من ناحية اليمين فهو يدل على الذكور, وما كان من اليسرى فهو يدل على الإناث في جميع الناس إلا قليلا منهم.

      وقيل: من رأى أسنانه تنكسر فإنه يقضي دينه قليلا قليلا فإن تساقط أسنانه بلا وجع يدل على أعمال تبطل, فإن رأى كأنها تسقط بلا وجع دل على ذهاب شيء مما في منزله ومقاديم الأسنان إذا سقطت منعت من أن يفعل الإنسان شيئا مما يعمل بالكلام والقول, فإن كان مع ذلك وجع أو خروج دم أو لحم فإن ذلك يبطل أو يفسد الأمر الذي يراد. وأما الأصحاء والأحرار والمسافرون إذا سقطت جميع أسنانهم دل على مرض طويل ووقوع في السل من غير أن يموتوا وذلك أن الإنسان لا يمكنه أن ينال الغذاء القوي بلا أسنان لكنه يستعمل الأحساء والعصارات, وإنما لا يموتون لأن الموتى لا تسقط أسنانهم, والشيء الذي لا يعرض للموتى هو مخلص للمرضى فلهذا السبب صار محمودا في المرضى, وإن تساقطت أسنانهم جميعا فإنه يدل على سرعة نجاتهم من المرض, وأما التجار المسافرون فيدل على خفة حملهم وخاصة إن رأى أن تلك الأسنان تتحرك, فإن رأى كأن بعض أسنانه قد طال وازداد عظما دل على جدال وخصومة في منزل, ومن كانت أسنانه سودا متآكلة معوجة فرأى سقوطها فإنه ينجو من جميع الشدائد, فإن رأى كأن أسنانه تسقط وهو يأخذها بيده أو بلحيته وفي حجره فذلك يدل على أن أولاده تنقطع فلا يولد له وما يلد فلا يبقى ولا يتربى.

      (وحكي): أن رجلا رأى أسنانه كلها سقطت فاغتم لذلك غما شديدا وقص رؤياه على معبر فقال: تموت أسنانك كلها قبلك فكان كذلك. ورأى آخر كأنه أخذ ثلاث أسنان من فمه في كفه وضم عليهم أنامله فعرض له أنه وجد درهما ونصفا. والذقن في التأويل سيد عشيرته وصاحب نسل كثير, والأذن امرأة الرجل أو ابنته, فإن رأى كأن له ثلاثة آذان دلت على أن له امرأة وابنتين, فإن كان له أربع آذان دلت رؤياه على أحد خصلتين: إما أن يكون له أربع نسوة أو أربع بنات لا أم لهن, فإن رأى كأن أذنه بانت منه فإنه يطلق امرأته أو تموت ابنته, فإن رأى كأن له أذنا واحدة فلا يعيش له قريب, فإن رأى كأن له نصف أذن دلت الرؤيا على موت امرأته وتزويجه بأخرى, فإن رأى كأن في أذنه خاتما معلقا فإنه يزوج ابنته رجلا فتلد له ابنا وقيل الدين الأذن, فإن رأى كأنه حشا أذنيه بشيء دلت رؤياه على الكفر, وإن رأى كأن له آذانا كثيرة فإنه يعرض عن الحق فلا يقبله لقوله تعالى: أم لهم آذان يسمعون بها وقيل: إن الغني إذا رأى آذانا حسانا متشاكلة سمع أخبارا حسانا سارة, فإذا لم تكن متشاكلة حسانا سمع أخبارا كثيرة كريهة. (ومن رأى) كأن في أذنيه عينين فإنه يعمى ويعاين الأشياء التي كان يعاينها بعينيه بسمعها بأذنيه. وقيل: من رأى كأن آذانا كثيرة فذلك محمود لمن أراد أن يكون له إنسانا يطيعه مثل المرأة والأولاد والمماليك, وأما الأغنياء فإنها تدل على أخبار تأتيهم محمودة إذا كانت الآذان حسانا أشكالا, وإذا لم تكن حسانا ولا جيدة الأشكال فإنها أخبار مذمومة, وأما المماليك وأصحاب الخصومات المدعى منهم فإنها تدل على أن عبوديته تدوم ويسمع ويطيع ويدل المدعي على أن الحكم يلزمه.

      (وحكي): أن إنسانا رأى أن له اثنتي عشرة أذنا وأكثر فقص رؤياه على معبر فقال: إن كان صاحب مماليك وحشم فإنه دليل خير كثير يناله, وإن كان غنيا فإنه يأتيه أخبار على قدر عدد الآذان من البلدان بسبب معاش, وإن كان مملوكا أصابه مذمة وغم, وإن كان له خصوم حكم عليه القاضي بأحكام كثيرة وسمع كلاما رديئا وإن كان في خصومة ظفر بخصمائه. وأما اللحية فمن رأى كأنها طالت فوق قدرها دلت رؤياه على دين وغم, فإن طالت حتى سقطت على الأرض دلت على الموت لقوله تعالى: منها خلقناكم وفيها نعيدكم فإن طالت حتى التصقت ببطنه أصاب مالا وجاها يتعب فيه بقدر ما كان منها على بطنه, فإن رأى أن طولها قدر حسن موافق نال مالا وجاها وعيشا طيبا, وقيل إنها إن طالت حتى بلغت السرة دلت على أنه في غير طاعة الله, فإن رأى أن جوانبها طالت دون وسطها فإنه ينال مالا يستمتع به غيره, وأتى ابن سيرين رجل فقال: رأيت لحيتي بلغت سرتي وأنا أنظر فيها فقال: أنت مؤذن تنظر في دور الجيران, ولا تحمد اللحية في التأويل للصبي غير البالغ, فإن رأى أنه أخذ لحية غيره بيده وجرها فإنه يرث ماله ويأكله, ونقصان اللحية إذا لم يكثر دليل على اليسر وقضاء الدين والفرج, وإذا كثر نقصانها دل على الهوان وذهاب المال والجاه, فإن رأى كأن كوسجا يكلم امرأته تشوش عليه أمره بقدره ويفرق بينه وبين أحبابه لأن إبليس لعنه الله كلم حواء في صورة كوسج, وسواد شعر اللحية يدل على الاستغناء إذا كان حالكا, فإذا ضرب السواد إلى الخضرة نال ملكا ومالا كثيرا ولكن يكون طاغيا لأنها صفة لحية فرعون وصفرتها دليل على الفقر والقلة. وأما الحمرة فدليل الورع.

      وإذا رأى كأنه تناول لحيته وانتثر شعرها بيده وأمسكه ولم يرم به فإنه يذهب من يده مال ثم يعود إليه, فإن رأى كأنه رمى به ذهب منه مال ولا يعود إليه, وزيادة شعر الشارب مكروهة ونقصانه محمود, وتأويل نتف اللحية للغني إسرافه في ماله, وللفقير يدل على غمين يجتمعان عليه ويدل على أنه يستقرض من إنسان شيئا فيقرضه لآخر, وحلق اللحية ذهاب المال والجاه, فإن رأى كأنه قطع من لحيته ما فضل عن قبضته فهو يؤدي زكاة ماله, والشيب في اللحية وقار وهيبة. والخضاب ستر, وإذا كان الخضاب بالحناء دل على تمسكه بالسنة, فإن رأى كأنه خضب رأسه دون لحيته فإنه يحفظ سر رئيسه, فإن رأى كأن خضبهما جميعا فإنه يجتهد في إخفاء فقره ويطلب القدر عند الناس, وإن قبل الشعر الخضاب فإنه يرجع جاهه ولا يبقى كثيرا ويتجمل بالقناعة ثم ينكشف, فإن رأى كأنه يخضب بطين أو جص فإنه يطلب محالا ويشتهر أمره, ولحية المرأة تدل على أنها لا تلد أبدا, وقيل: تدل على مرضها, وقيل: تأويلها زيادة مال زوجها وابنها وشرف ولدها, وقيل: إنها إن كانت متزوجة دلت على غيبة زوجها, وإن رأت ذلك حبلى فإنها تلد ابنا ويتم أمره, وقيل: من طالت لحيته وكثر شعره طال عمره وزاد ماله, وقيل: إن الشيء الذي يكون قبل وقته يدل على الشر مثل أن يرى للصبيان الذكور لحية أو بياض في الشعور وللإناث من الصبيان الصغار عرس أو ولد, وكذلك جميع ما يكون في غير وقته ما خلا النطق فإن النطق هو دليل خير لأن الإنسان بالطبيعة حيوان ناطق, فإن رأى غلام لم يبلغ الحلم أن له لحية فإنه يموت ولا يبلغ الحلم وذلك أنه قد سبق الوقت الذي كان ينبغي أن يكون له فيه لحية, فإن لم يكن الغلام بعيدا من وقت نبات اللحية فذلك دليل على أنه ينفرد ويقوم بأمر نفسه.

      (وحكي): أن رجلا أتى ابن سيرين فقال: رأيت كأن لحيتي طالت ولم يطل سبالاي فقال: تصيب مالا يتهنأ به غيرك. والعنفقة عون الرجل الذي يتباهى به ويعيش به في الناس, فما رأى فيها من حدث فتأويله فيما ذكرت. (ومن رأى) نصف لحيته محلوقة فإنه يفتقر ويذهب جاهه, فإن حلقها شاب مجهول ذهب جاهه على يد عدو يعرفه أو سميه أو نظيره, فإن حلقها شيخ ذهب جاهه بحده المقدور, وإن كان مجهولا فإنه يذهب جاهه على يدي رئيس مستغل قاهر لا يكون له أصل, فإن رأى أنها مقطوعة فإنه يقطع من ماله ويذهب من جاهه بقدر ما قطع من لحيته, فإن رأى أنها حلقت فهو ذهاب وجهه في عشيرته ومقدرته من ماله, والحلق أيسر من النتف, وربما كان النتف صلاحا لبعض أمره إذا لم يشك الوجه إلا أن ذلك الصلاح فيه مشقة عليه.

      (وحكي): أن رجلا أتى ابن سيرين فقال: رأيت كأني قابض على لحية عمي وقرضتها حتى استأصلتها فقال: إنك تأكل ميراث عمك ولا يكون له وارث غيرك فإن تناولت منها شيئا ورثت بقدر ذلك. (ومن رأى) أن لحيته بيضاء براقة نال عزا وجاها واسما وذكرا في البلاد لأن لحية إبراهيم عليه السلام كانت بيضاء, فإن رأى أنها شمطاء فإنه يصيب جاها ووقارا, فإن رأى أنه أشد سوادا وأحسن مما كانت في اليقظة وكانت سوداء في اليقظة فإنه يصيب هيبة وعزا وجاها وجمالا, فإن رأى أنه شابت وبقي من سوادها شيء فإنه وقار, فإن لم يبق من سوادها شيء فإنه يفتقر ويذهب جاهه. وأتى ابن سيرين رجل فقال: رأيت أن لحيتي بيضاء وأني أخضبها فلا يعلق بها الخضاب وكان الرجل شابا أسود اللحية فقال: البياض نقص من ملكك وأنت تريد ستره وقد علم به قال: صدقت.

      وأما العنق فموضع الأمانة وزيادتها زيادة في الدين, وأداء الأمانة ونقصانها نقصان في أداء الأمانة, فإن رأى كأن في عنقه حيه مطوقة فإنه لا يزكي ماله لقوله تعالى: سيطوقون ما بخلوا به يوم القيامة فإن رأى كأن ودجيه انفجرا دما فإنه يموت, فإن رأى الإمام في عنقه غلظا فهو قوته في عدله وقهره لأعدائه, والغلظ في القفا قوة على ما قلده الله, وحسن القفا يدل على الفرار والهرب, وشعر القفا يدل على أن له مالا وعليه مال, وحلق القفا أداء الأمانة وقضاء الدين, فإن رأى كأنه لا شعر عليه دل على إفلاسه. ورأى رجل كأن عنقه لا بطويل ولا بقصير فقص رؤياه على معبر فقال: إن كنت سيئ الخلق حسن خلقك وإن كنت شجاعا ازدادت شجاعتك وإن كنت رديء الطبع كرمت. وأما العاتق فصديق أو شريك أو أجير وكتفه امرأة ومنكبه زينته وجماله وطيشه, فما رأى بهما من حال أو حدث فهو بهؤلاء. وقيل إذا كانت العوائق غلاظا حسنة اللحم دل على رجولة وقوة في الأعمال, ويدل في المحبوسين على طول اللبث في الحبس حتى يمكنهم أن يحملوا ثقل قيودهم. فإن رأى كأن في عاتقيه علة فإنه يدل على مرض الإخوة أو موتهم لأن العاتقين إخوان. ورأى رجل كأنه يريد أن يرى أحد كتفيه فلا يقدر على ذلك فعرض له أنه انعور وذلك بالواجب لأنه لم يقدر أن يرى الكتف في جانب العين العوراء.

      وأما اليد اليمنى فسبب لمعاش الرجل وماله وإحسانه وطول اليد في التأويل للوالي ظفر وللتاجر ربح وللسوقي حذق. وقيل: إن طول يدي الإمام وقوتهما يدل على قوة أعوانه وزيادة عمره ورؤيته عظمهما زيادة في ماله, فإن رأى كأنهما تحولتا رخاما طال عمره في سرور, وقيل: صحة اليدين في التأويل وحسنهما يدل على حسن الأخذ والإعطاء, وقيل: اليمنى تدل على الأقرباء من الرجال واليسرى تدل على النساء منهم, فإن رأى كأنه فقد إحدى يديه فإن ذلك يدل على فقده بعض أقربائه بغيبة أو موت, فإن رأى كأنه أدخل يده تحت إبطه فأخرجها ولها نور فإنه ينال علما إن كان من أهله أو ربحا إن كان تاجرا, وإن خرجت ولها نار فإنه ينال قوة وغلبة وعزا في أمره الذي يتعاطاه, وإن أخرجها ولها ماء فإنه مال. وأما اليد الزائدة مع اليدين فإنها زيادة دولة وقوة وتدل على ولد أو قدوم غائب أو يولد له أخ, فإن رأى كأنه أعسر فإنه يعسر أمره, فإن رأى أنه يعمل بيده اليسرى على جهد منه نال حاجته أخيرا, وبسط اليدين يدل على السخاء, فإن رأى كأنه يمشي على يديه فإنه يعتمد في أمره على بعض أقربائه, فإن رأى كأنه يبصر بيديه كما يبصر بعينيه فإنه يكثر ملامسة من يحرم عليه. (ومن رأى) كأن يده اليمنى كلمته كلاما حسنا فإن معيشته تحسن, فإن رأى كأن الشمال كلمته بالخير شكرته أقاربه, وإن كلمتاه أو إحداهما بالتوبيخ دل ذلك على سوء فعله. فإن رأى كأن يمينه من ذهب مات شريكه أو امرأته, ومن ريئت يده تحولت يد سلطانه فإنه ينال سلطانا ويجري على يديه ما يجري على يد ذلك السلطان من عدل أو جور, فإن رأى كأن له جناحين ولد له ابنان.

      وأما العضد فإنه أخ. فمن رأى في عضده زيادة فهي صلاح أمر أخيه أو ابنه البالغ, (ومن رأى) في عضده نقصانا فهو مصيبة فيهما بقدر النقصان والزيادة. ورأى إنسان كأنه ناقص العضد فقص رؤياه على معبر فقال: تصير قليل العقل كثير الزهو. وأما الساعدان في التأويل فقريبان أو صديقان مثل الأخ والولد البالغ ينتفع منهم ويعتمد عليهم, فإن رأى رجل امرأة حاسرة الذراعين فإنها الدنيا لحديث النبي صلى الله عليه وسلم ليلة المعراج والذراع إذا ألمت فإنها تدل على حزن, وبطلان الأشياء التي تعمل باليد وعلى عدم الخدم والشعر على الذراعين دين. وانبساط الكف سعة الدنيا وانقباضها ضيق الدنيا, والشعر على الكف دين وحزن, وقيل: هو مال ينبو عن يده, والشعر على ظاهر الكف ذهاب مال. وأما الأصابع فولد الأخ على القول الذي قيل أن اليد أخ وتشبيكها من غير عمل بها ضيق اليد, والاشتغال بشغل أهل البيت وبني الإخوة بأمر قد حزبهم يخافون منه على أنفسهم وقد تظاهروا في دفعه وكفايته, وقيل: أصابع اليد اليمنى هي الصلوات الخمس والإبهام صلاة الفجر والسبابة صلاة الظهر والوسطى صلاة العصر والبنصر صلاة المغرب والخنصر صلاة العتمة, وقصرها يدل على التقصير والكسل فيها, وطولها يدل على محافظته على الصلوات, وسقوط واحدة منها يدل على ترك تلك الصلاة. (ومن رأى) إحدى الأصابع موضع الأخرى فإنه يصلي تلك الصلاة في وقت الأخرى, فإن رأى كأنه عض بنان إنسان دل على سوء أدب المعضوض ومبالغة العاض في تأديبه, فإن رأى كأنه يخرج من إبهامه اللبن ومن سبابته الدم وهو يشرب منهما يباشر أم امرأته أو أختها, وفرقعة الأصابع تدل على كلام قبيح بين أقربائه, فإن رأى الإمام زيادة في أصابعه كان ذلك زيادة في طمعه وجوره وقلة إنصافه.

      (وحكي): أن هارون الرشيد رأى ملك الموت عليه السلام قد مثل له فقال له: يا ملك الموت كم بقي من عمري؟ فأشار إليه بخمس أصابع كفه مبسوطة فانتبه مذعورا باكيا من رؤياه وقصها على حجام موصوف بالتعبير فقال: يا أمير المؤمنين قد أخبرك أن خمسة أشياء علمها عند الله تجمعها هذه الآية: إن الله عنده علم الساعة الآية. فضحك هارون وفرح بذلك. وقال وأصابع اليد اليسرى أولاد الأخ والأخت والأظافير مقدرة الرجل في دنياه وبيض الأظفار يدل على سرعة الحفظ والفهم ورؤية الأظفار في مقدارها صلاح الدين والدنيا, والمعالجة بها دليل الاحتيال في جمع الدنيا وطولها مع حسنها مال وكسوة وإعداد سلاح لعدو أو حجة أو مال يتقي بذلك شرهم, وطولها بحيث يخاف انكسارها دليل على تولي غيره إفساد أمر بيده لإفراطه في استعمال مقدرته فإن قلمها فإنه يخرج زكاة الفطر, فإن رأى كأن شيخا أمره بقلمها فإن جده يأمره بالقيام بتعهد نفسه وصيانة جاهه, وخضاب أصابع الرجل بالحناء دليل على كثرة التسبيح, وخضاب أصابع المرأة بالحناء يدل على إحسان زوجها إليها, فإن رأى كأنها خضبتها فلم تقبل الخضاب فإن زوجها لا يظهر حبها, فإن رأى الرجل كفه مخضوبة خضابا وحشا نال كدا في معاشه, فإن كانت يده اليمنى مخضوبة خضابا وحشا دلت رؤياه على أنه يقتل رجلا, فإن رأى كأن يديه مخضوبتان بالحناء فإنه يظهر ما في يده من خير أو شر أو من ماله أو من مكسبه أو صناعته, فإن رأى يديه منقوشتين بالحناء فإنه يحتل حيلة من البيت ليصرف بعض أثاث البيت في نفقته لقلة كسبه ويشمت به عدوه ويناله ذل, فإن رأت امرأة يدها منقوشة فإنها تحتال لزينتها في أمر هو حق, فإن كان النقش بالطين دل على كثرة تسبيحها, فإن رأت نقش يديها قد اختلط بعضه ببعض أصيبت بأولادها, فإن رأت كأن يدها مخضوبة بالذهب أو منقوشة به فإنها تدفع مالها إلى زوجها أو يصيبها منه فرح, فإن رأى رجل أنه مخضوب أو منقوش بالذهب فإنه يحتال حيلة يذهب فيها ماله أو معيشته.

      وأما شعر الإبط فإن طوله دليل على نيل الحاجة لقوله تعالى: واضمم يدك إلى جناحك تخرج بيضاء من غير سوء ويدل على دين صاحبه وكرمه, فإن رأى شعر إبطه كثيرا فإنه رجل يطلب بجلادته جمع المال في العلم والولاية والتجارة وغيرها ولا يرجع إلى المروءة والدين فإن كان فيه قل كثير دل على كثرة العيال. وأما الظهر فظهر الرجل وسنده وقيمته وملتجؤه الذي يستظهر به وموضع قوته, فإن رأى أن ظهره منحن أصابته نائبة, وقيل: هو دليل الشيب, ورؤية ظهر الصديق إعراضه وهجرانه, ورؤية ظهر العدو الأمن من شره, ورؤية ظهر العجوز إدبار الدنيا وزوالها, ورؤية ظهر الشابة تأخير نيل المراد قليلا, ورؤية ظهر المرأة النصف دليل على طلب أمر قد تعسر عنه وتولى عنه ذلك الأمر. والصلب موضع الرزانة وموضع الولد والقوة, فمن رأى صلبه قويا رزق عقلا وقيل ولدا قويا, وقيل: الصلب رجل شديد يعتمد عليه, وطول القد بالمقدار محمود وفوق الحد دليل على قرب الأجل وذهاب الحياة, وكذلك قصره دليل على قصر العمر والجاه. والسمن والقوة في البدن قوة الدين والإيمان, فإن رأى كأن جسده جسد حية فإنه يظهر ما يكتم من العداوة, فإن رأى كأن له ألية كألية الكبش فإن له ولدا مرزوقا يعيش بعده, (ومن رأى) أن جسده من حديد أو من حجارة فإنه يموت, فإن رأى زيادة في جسده من غير مضرة فهو زيادة في النعمة عليه. وجاء رجل خامل الذكر قليل المال إلى معبر فقال: رأيت كأن جسدي ازداد وتضاعف وكان لي نورا وبهاء وكأني تزهدت وأنا أسيح في الجبال والمفاوز, فقال المعبر: ستكون أهلا لملك وتصيب ملكا وتصير ذا مال وعز فلم يلبث أن خرج مع الغزاة وكان شجاعا فهزم المشركين ونال مالا وغنائم.

      وأما شعر الجسد فنباته للرجل حمل امرأته وكثرة شعر الجسد للمكروب زيادة كربه وتساقطه ذهاب كربه, وكثرة شعر الجسد للمسرور زيادة سرور وغنى, وسقوطه ذهاب غناه, وزيادة شعر البدن للغني مال وللفقير دين يجتمع, ومن تنور وكان غنيا فإنه يذهب ماله بالاستلاب, وإن كان فقيرا فإنه يقضي دينه بالجد والتعب والمطالبة, فإن رأى شعر جسده أبيض فإنه إن كان غنيا نال خسرانا في ماله وأشرف على الفناء, وإن كان فقيرا فإنه دين يمكنه قضاؤه, وأما استحالة شعر جسده شعر بهيمة أو سبع فتدل على وقوعه في الشدائد. وضيق الصدر ضلال. فإن رأى ذمي أن صدره ضيق نال خسرانا في ماله, وقيل: إن سعة صدر الإنسان سخاوة وضيقه بخله وكثرة الشعر على الصدر دين يركبه, فإن رأى كأن صدره تحول حجرا فإنه يكون قاسي القلب. وجاء ابن سيرين رجل فقال: رأيت شعرا كثيرا نبت في صدري وأنا أعقده فقال: عقدت أمانة فأديتها. وسعة الصدر أيضا تدل على الحلم. وأما الثدي فامرأة الرجل وابنته فجماله جمالها وفساده فسادها, فمن رأى امرأة معلقة بثديها فإنها تزني وتلد ولدا من الزنى لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ليلة أسري بي رأيت امرأة معلقة بثديها فقلت: "يا جبريل من هذه؟ فقال: إنها ولدت من الزنى"

      (وحكي): أن رجلا أتى ابن سيرين فقال: رأيت كأن لي ثديا عظيما قد بلغ الغاية فقال: إنك تزني بمحرم وذلك لأن الثدي منه ومن جلده وذلك محرم وإنما يكون تعبير هذه الرؤيا نكاحا حراما. وقيل: إن رأى رجل في ثدييه لبنا فإن كان عزبا فإنه يتزوج ويولد له, وإن كان فقيرا دل على يساره, وإن كان شابا دل على طول عمره, وأما المرأة الشابة إذا رأت ذلك دل على حملها وولادتها, وأما العجوز فإذا رأته دل على فقرها وذهاب مالها, والعذارء إذا رأته دل على عرسها, والصغيرة إذا رأته دل على موتها, وطول ثدي الرجل حتى يضربا صدره دليل على هوى في غير رضا الله تعالى, وقيل: هو دليل على الموت للأولاد, فإن لم يكن له ولد دل على الفقر والحزن, وطول ثدي المرأة فوق الحد دليل على غاية الحزن, فإن النساء إذا أصابهن حزن جذبن أثداءهن وخدشنها. (ومن رأى) كأنه يرتضع امرأة فإنه يمرض إلا أن تكون امرأته حبلى فإنها تلد ابنا, وإن كان صاحب الرؤيا امرأة فإنها تلد بنتا.

      والبطن من ظاهر ومن باطن مال الرجل وولده أو قرابة من عشيرته أو خزانته ومأوى عياله وصغره قلة هؤلاء وكبره كثرة هؤلاء وصغره من غير جوع قلة المال, فإن رأى أنه جائع فإنه يكون حريصا ويصيب مالا بقدر مبلغ الجوع منه, وقيل: إن عظم البطن أكل الربا والمشي على البطن اعتماد على المال, فإن رأى أن بطنه صار صغيرا فإنه يكون كثير الأمتعة. والشبع ملاله من المال والعطش سوء حال في دينه والري صلاح في دينه. والقلب شجاعة الرجل وسماحته وجراءته وجلادته وجوده وسخاؤه وغلظته وصلاحه وفساده راجع إلى البدن لأنه ملك البدن والقائم بتدبيره, وخروج القلب من البطن حسن الدين والإخلاص والتفريغ عنه هو الاهتداء إلى الحق, وقيل: القلب يدل على امرأة صاحب الرؤيا فإنها هي المدبرة لأموره, فإن رأى كأن قلبه تقطع فإن كان عليلا برئ وشفي وفرج عن كربه. والكبد موضع الغضب والرحمة, وقيل: الكبد تدل على الأولاد والحياة وخروج الكبد من البطن ظهور مال مدفون, فإن رأى أنه يأكل كبد إنسان أو أصابها فإنه يصيب مالا مدفونا ويأكله, فإن كانت أكبادا كثيرة مطبوخة أو مشوية أو نيئة فهي كنوز تفتح له ويصيبها وأكباد البهائم والآدميين سواء وأكل كبد الإنسان المعروف أكل ماله, فإن نظر في كبده فرأى وجهه فيها كما يفعل بالمرآة فإنه يموت, وقوة الطحال فرج فإنه قوام البدن, (ومن رأى) كأن إنسانا قطع مرارة إنسان بأسنانه فمات فيه فإن القاطع يحقد عليه حقدا عظيما يهلكه فيه, فإن خرج دمه وشربه القاطع فإنه يحلل ماله على نفسه لجهله وشره. وأما صلاح الرئة فهو طول العمر وفسادها قصر العمر لأنها موضع الروح. والكليتان موضع الغنى والصواب والبيان والخطأ فإن رآهما سحيمتين فإنه رجل غني صاحب نطق وصواب, وهزالهما فقره وخطأ رأيه, وقيل: الكلى القرابات وصلاحهما وفسادهما يرجعان إلى ذلك, وظهور الأمعاء أو شيء مما في جوفه ظهور ماله المدخور أو يظهر من أهل بيته أحد يسود أو هو بنفسه, وأكل الرجل أمعاء نفسه دليل على أنه يأكل مال نفسه, وكذلك لو رأى أنه يأكل أمعاء غيره. أو شيئا مما في جوف غيره فهو يصيب من ذلك مالا مدخورا ويأكله, وقيل: إن خروج الأمعاء يدل على أن ابنته تخطب. (ومن رأى) كأن أمعاء بطنه أو سائر ما في بطنه خرج فغسل بطنه وأعيدت إليه أو لم تعد فهو موته في رضا الله تعالى. فإن خرج شيء من جوفه فإن عنده وصية لرجل وبنتا لصاحب الوصية وهو على تزويجها, وقيل: إن خرج ما في البطن دل على هتك الستر, فإن رأى كأن ملكا شق بطون رعيته فإنهم تفتش بطونهم, فإن أخذ ما في بطونهم أخذ أموالهم, فمن رأى كأنه يشق بطنه وأحشاؤه في موضعها المعروف فإن ذلك محمود لمن لا ولد له وللفقير لأنها تدل على أن من لا ولد له يولد له, وتدل للفقراء أن يستغنوا لأن الأولاد بمنزلة الأحشاء وقياس الأحشاء في البطن كقياس متاع المنزل, وإذا رأى إنسان كأن غيره يكشف عن أحشائه ويظهرها فإن ذلك أمر رديء يدل على أنهم يصيرون إلى الخصومات وتكشف أمور مستورة من أمورهم, فإن رأى الإنسان أن جوفه انشق وهو فارغ ليس فيه شيء فإن ذلك يدل على خراب منزله ووحشته وهلاك أولاده وفي المريض على أنه يموت.

      وأما السرة فامرأة الرجل وحبيبته من جواريه وهمته, فما رأى بسرته من قبح الحال أو جمال أو سوء حال فهو فيهن. وقيل: من كان له والدان فرأى سرته عليلة فإن ذلك يدل على علة الوالدين, ومن لم يكن له والدان فإن ذلك يدل على أوطانهم التي ولدوا فيها, وأما من كان في غربة فإنه يدل على رجوعه. وأما المراق وما يلي السرة فإن أعلاه وأسفله يدل على قوة البدن وعلى الملك, فمتى كان في شيء من أجزائه وجع فإن ذلك مرض صاحب الرؤيا وفقره. وأما الضلع فهو المرأة لأنها خلقت منها فما حدث فيها فهو في النساء. وأما العورة فظهورها هتك الستر وشماتة الأعداء وهي ما بين السرة والركبة, فمن رأى أنه أبداها وكشفت عنها ثيابه أو بعضها فإنه يظهر منه بقدر ما بدا منها, وإذا كان عليه من الثياب شيء قليل قدر ما يسترها خاصة فإنه قد تجرد في أمر أمعن فيه, فإن كان ذلك الأمر يدل على دين فهو يبلغ في الدين والصلاح مبلغا يتجرد فيه, وإن كان ذلك في معصية فإنه يبلغ في معصيته مبلغا يمعن فيها, فمن لم يعرف في منامه تجرده في دين ولا معصية وكان الموضع الذي تجرد فيه مثل السوق أو وسط الملأ, والعورة بارزة يراها بعينه كأنه مستحي منها وعليه بعض ثيابه ولم ير مع ذلك شيئا يدل على أعمال البر فإنه يهتك ستره ولا خير فيه, وإن كان تجرده على ما وصفت ولم ير العورة بارزة ولم يصر على الاستحياء منها ولم يكن عليه من ثيابه شيء فإنه يسلم من أمر هو به مكروب, إن كان مريضا شفاه الله, وإن كان مديونا قضى دينه, وإن كان خائفا أمن, وإن لم يكن عليه من الثياب شيء فهو يسقط من رجاء من كان يرجوه أو يعزل من سلطان هو فيه أو ينتقض عليه أمر هو مستمسك به, وكل ذلك إذا كانت عورته بارزة ظاهرة وهو كالمستحي منها, فإن لم تكن العورة ظاهرة ولا هو مستحي منها فإن تحويل حالته التي وصفت يدل على السلامة ولا يشمت به عدو إن شاء الله, والتجرد مع الاشتغال بعمل دليل على تجلده فيه وظفره بمراده, فمن رأى كأنه عريان متجرد من ثوبه فإن له أعداء في الموضع الذي رأى فيه وهو يغلبهم, فإن لم تكن عورته مكشوفة فإنه لا يغلبهم, فإن غطى عورته بشيء أو بيده فإنه ينقاد لهم ويهرب منهم, فإن رأى على وسطه مئزرا فقط فإنه يجتهد في العبادة. وإن رأى نفسه متجردا في طلب شيء نال ذلك الشيء بقدر تجرده, وأما العري إذا لم يكن معه اشتغال بعمل فهو محنة وترك طاعة وهتك ستر.

      (وحكي): أن رجلا أتى ابن سيرين فقال: رأيت كأن رجلا قائما وسط المسجد يعني مسجد البصرة متجردا بيده سيف يضرب به صخرة فيفلقها, فقال له ابن سيرين: ينبغي أن يكون هذا الرجل الحسن البصري, فقال الرجل: هو والله هو, فقال ابن سيرين: قد علمت أنه الذي تجرد في الدين يعني لموضع المسجد وأن سيفه الذي كان يضرب به لسانه الذي يفلق بكلامه الحجر بالحق في الدين. وأما الذكر فإنه ذكر الرجل في الناس وشرفه أو ولده والزيادة والنقصان فيه في ذلك, وقيل: إنه إذا رآه طال فوق المقدار نال هما, فإن رأى له ذكرين أصاب ولدا مع ولده وذكرا في الناس مع ذكره وشرفه, فإن كان قلعه بيده أو قلع بعضه ثم أعاده إلى مكانه مات له ابن واستفاد بدله وذهب ماله ثم رجع إليه وانقطاعه حتى يبين منه دليل على موته أو موت ولده لأن ذكره ينقطع بموته, وقيامه قوة الجد وحركته نشاطه وسعة دنياه, وربما كان انقطاع ذكره انقطاع اسمه وذكره من ذلك البلد أو المحلة, وذلك مع انقطاع ما يدل على السلامة والخير, ولا يكون معه ما يدل على موت, والذكر إذا نقص أو زاد أو عظم أو صغر بعد أن يكون له طرف واحد فإن عامة تأويله في الولد والنسل, وإذا تشعب فكانت له شعب كثيرة أو قليلة فإن عامة تأويله في شرفه وذكره في الناس بقدر ذلك لأن شعبه انتشار ذكره, وضعف الذكر دليل على مرض الولد أو إشرافه على سقوط جاهه, فإن رأى كأنه يمص ذكر إنسان أو حيوان عاش الماص بذكر صاحب الذكر واسمه, فإن رأى أنه خنثى حسن دينه, (ومن رأى) كأن عورته ظاهرة ولم ينظر إليها ولا يستحي منها ولم يلتفت إليها أحد فإنه يسلم من أمر هو فيه مكروب من مرض أو هم أو خوف أو دين, والإمناء دليل على نيل المنى من دينار إلى مائة ألف على قدر الرجل في الناس, فإن رأى كأنه قد عقد على ذكره اشتد عليه عيشه وتعسر عليه أمره وسخر بولده. (ومن رأى) كأن ذكره دخل جوفه دل ذلك على أنه يكتم شهادة. (ومن رأى) كأنه يقبل إحليله فإن لم يكن له ولد فإنه يولد له ولد, فإن كان له أولاد وهم مسافرون فإنهم يرجعون إليه ويقبلهم. ورأت امرأة كأن الشعر على إحليل ابنها فقصتها على معبر فقال لها: قد فني عمره فما لبث إلا قليلا حتى مات. ورأى آخر كأن على إحليله شعرا كثيرا إلى طرفه فقص رؤياه على معبر فقال: يدل على فجورك وانهماكك في الفساد. ورأى آخر كأنه أطعم إحليله طعاما فعرض له أنه مات ميتة سوء لأن الطعام ينبغي أن يقدم إلى الفم كأنه لم يكن له وجه ولا فم. وفرج المرأة فرج, فإن رأت كأن الماء دخل فرجها رزقت ابنا, ورؤية فرجها من حديد أو صفر يدل على الإياس من نيل المراد.

      (ومن رأى) أنه يعالج فرج امرأة بدون الذكر فإنه ينال فرجا من قبلها فيه نقص وضعف. (ومن رأى) أنه عض فرج امرأة مجهولة فإنه يأتيه فرج في أمر دنياه. فإن رأى فرج جارية يأتيه خير وفرج. فإن رأى أنه مس فرج امرأته وكان مصمتا من صفر فإنه يطلب منها فرجا وييأس منها. فإن رأى فرجها من خلفها فإنه يرجو خيرا ومودة تصير إلى عدوه. فإن كان الفرج صغيرا غلب عدوه, وإن كان كبيرا غلبه عدوه. (ومن رأى) أن ذكره استحال فرجا عجز بعد القوة, فإن رأى لامرأته ذكرا كذكر الرجل فإن كان لها ولد أو في بطنها فإنه يبلغ ويسود أهل بيته, وإن لم يكن لها ولد ولا في بطنها ولد فإنها لا تلد ولدا أبدا, وإن ولدت مات الولد قبل بلوغه. وربما انصرف التأويل في ذلك عنها إلى قيمها أو مالكها فيكون له ذكر في الناس وشرف بقدر الذكر, فإن رأى للرجل سوأة كسوأة المرأة فإنه يصيبه ذل وخضوع. فإن رأى أنه ينكح في ذلك الفرج فإن الفاعل به يظفر بحاجته منه أو من سميه إن لم يكن لذلك موضعا, وقيل: إن استحالة فرج المرأة ذكرا دليل على بذاءة لسانها وتسلطها على زوجها بالكلام. (ومن رأى) أنه يمتص فرج امرأة نال فرجا ضعيفا قليلا. ومن نظر إلى فرج امرأة أو غيرها نظر شهوة أو مسه فإنه يتجر تجارة مكروهة. والخصيتان عرى الأعداء التي يصلون بها إليه. فإن رأى خصيتيه قطعتا من غير أن ينتنا أو ينالهما مكروه فإن أعداءه يظفرون بقدر ما نيل من خصيتيه, ولو رأى أن خصيتيه عظمتا أو لهما قوة فوق قدرهما فإنه يكون منيعا لا يصل إليه أعداؤه بسوء, وربما كان انقطاعهما انقطاع الإناث من الولد إذا كان في الرؤيا ما يدل على الخير; لأن الخصيتين هما الأنثيين, والبيضة اليسرى يكون الولد منها, فإن رأى أنها انتزعت منه مات ولده ولم يولد له بعده. فإن رأى أنه وهبها لغيره بطيبة نفس منه وبانت منه فإنه يولد له ولد لغير رشد وينسب الولد إلى غيره. فإن رأى أن خصيتيه في يد رجل معروف فإن ذلك الرجل يظفر به. فإن كان الرجل شابا فهو عدوه. (ومن رأى) أنه آدر فإنه يصيب مالا لا يؤمن عليه أعداؤه. ورأى رجل كأن له عشرة ذكور وليست له خصية فقص رؤياه على معبر فقال له: يولد لك عشر بنين ولا يولد لك أنثى.

      وأما العانة فنقصانها صالح في السنة وزيادتها مال وسلطان يناله من جهة رجل أعجمي. فإن رأى كأنه نظر إلى عانته فلم ير عليها شعرا كأنه لم ينبت قط دل على حجر عليه في المال أو خسران يقع له, فإن كان عليه شعر كثير حتى تسحبه في الأرض فإنه ينال مالا كثيرا مع فساد دين وتضييع سنين ومروءة والعجز هو مال امرأة, فإن كان كبيرا فإن لامرأته مالا كثيرا, وإن رأى عجز نفسه كبيرا فإنه يسود بمال امرأته ويصيب من ذلك خيرا. (ومن رأى) رجلا كشف له عن نفسه ورأى عجزه فإنه يطعمه دسما ومنفعة ثم يشرف على إدبار فيها, فإن رأى دبره فإنه يناله منه إدبار إن كان شابا, وإن كان شيخا معروفا فإنه يوقعه هو بعينه في إدبار, وإن كان مجهولا فإنه ينال إدبارا من حيث لا يشعر, فإن كشف عنه رجل حتى أظهر عجزه فإنه يفضحه في أهله. فإن رأى امرأة كشفت عن عجزها حتى رأى دبرها فإن الأمر الذي ينسب إلى ذلك يشرف على الإدبار ويلحقه دين من تجارة أو ولاية. ومن نكح امرأة في دبرها فإنه يطلب أمرا من غير وجهه ولا ينتفع به لأن النكاح في الدبر ليس له ثمر. (ومن رأى) أنه يسحب على عجزه أو دبره فإنه يضطر. وأما الفخذ فعشيرة الرجل, فإن رأى أن فخذه قطعت وبانت فإنه يغترب عن قومه وعشيرته حتى يكون موته في الغربة لأن الفخذ إذا قطعت وبانت لا ينجبر صاحبها ولا يلتئم فلذلك لا يرجع إلى قومه أبدا, فمن رأى كأن فخذيه نحاسا فإن عشيرته تكون جريئة على المعاصي.

      (وحكي): أن رجلا أتى ابن سيرين فقال: رأيت فخذي حمراء وعليها شعر نابت وأمرت رجلا فقص ذلك الشعر فقال: أنت رجل عليك دين يؤديه عنك رجل من قرابتك. والعصب سيد قومه, والمؤلف بين القرابات والعروق أهل بيته مما ينسب إلى ذلك العضو وجمالها جمالهم وفسادها فسادهم. فإن رأى أنه فصد عرقا بالعرض فهو موت قريب من أقربائه بمنزلة ذاك العرق, وربما كان هو نفسه المنقطع عن أقربائه بموت إذا كانت الرؤيا في تأويلها ما يدل على مكروه أو معصية, وإن كان ذلك في مكروه التأويل فهو فراق ما بينه وبينهم, وربما كان فراق بغير موت. والركبة كد الرجل ونصبه في معاشه ومطلبه فإن رأى بها حدثا فإنه تنسب إليه الركبة وقوة جلدها قوة معيشته وانسلاخ جلدها زيادة كد وتعب, وغلظ جلدها أو ظهور الورم فيها إصابة مال من تعب. وقيل: إن المريض إذا رأى في ركبته الماء أو علة دل على موته. وقيل: إن الركبتين ينبغي أن يجعل تأويلهما على قوة البدن وحركته وجودة عمله, ولهذا السبب متى كانت صحيحتين قويتين فإن ذلك دليل على سفر أو حركة أخرى وعلى أعمال يعملها صاحب الرؤيا على صحة البدن. وإن رأى فيهما علة أو ألما فإن ذلك يدل على ثقل الركبتين في الأعمال. والرجل قوام الرجل وماله ومعيشته التي عليها اعتماده وربما كانت الساق عمر صاحبها. فإن رأى أن ساقه من حديد طال عمره وبقي ماله. وإن رأى أن ساقه من قوارير لم يلبث أن يموت ويذهب ماله وقوامه لأن القوارير لا بقاء لها. فإن رأى رجله قطعت ذهب نصف ماله, فإن قطعتا جميعا ذهب ماله وقواه أو مات كل ما بانت منه. وقيل: الرجلان الأبوان والمشي حافيا يدل على التعب والمشقة. وقيل: من رأى له أرجلا كثيرة فإن كان مسافرا سهل عليه سفره ونال خيرا, وإن كان فقيرا نال ثروة, وإن كان غنيا مرض. ورؤية الرجلين مخضوبتين منقوشتين للرجل موت الأهل والمرأة موت بعلها. (ومن رأى) كأنه رفع ساقا ومد ساقا فالتفت إحدى ساقيه بالأخرى فإنه قد قرب أجله ويلقاه أمر صعب, ويدل على أن صاحب الرؤيا كذاب. ورؤية الرجل ساق امرأة دليل على التزوج. وكشف المرأة عن ساقها حسن دينها وإصابتها أمرا خيرا مما كانت فيه. والكعب ولد مقامر, وقيل: انكسار الكعب موت أو غم. وانكسار عقب سعي في أمر يورث الندم.

      والقدم زينة الرجل وماله وأصابعها جواريه وغلمانه, فإن رأى بعض أصابعه صعد إلى السماء مات بعض غلمانه أو جواريه والشعر على القدمين دين غالب. (ومن رأى) كأن رجليه صعدتا إلى السماء وبانا منه مات ولداه, فإن رأى أنه يزني برجله فإنه يمشي خلف النساء حراما. (ومن رأى) له أرجلا كثيرة فقيل إنه للغني مرض لأنه يحتاج إلى أرجل كثيرة تنوب عنه, وربما دلت على ذهاب البصر حتى احتاجوا إلى من يقودهم, ودلت في الشرار على الحبس حتى يكون عليهم حفظة فلا يمشون منفردين ورأى رجل كأن إحدى رجليه صارت حجرا فجفت تلك الرجل بعينها ورأى رجل كأنه يركل الملك برجله فأصاب وهو يمشي دينارا وعليه صورة الملك.

      (وحكي): أن رجلا أتى ابن سيرين فقال: رأيت كأن على ساقي رجل شعرا كثيرا فقال: يركبه دين ويموت في السجن, فقال لك رأيتها فاسترجع ابن سيرين, ثم إنه مات في السجن وعليه أربعون ألف درهم فقضاها عنه بعد موته. ورأى رجل كأنه معوق الساق فعبرها له معبر فقال: إنك تصير زانيا فأخذ بعد ذلك مع امرأة. وأتى ابن سيرين رجل فقال: رأيت كأن أصبع رجلي على جمر فإذا وضعته عليه طفئ وإذا رفعتها عنه عاد كما كان, فقال: هذا صاحب هوى, فقال: ليس هو صاحب هوى ولكنه يتكلم في القدر, فقال: وأي شيء هو أشد من القدر؟ ورأت امرأة كأن إبهام رجلها قطعت فقصت رؤياها على ابن سيرين فقال: تصلين قوما قطعتيهم. وأصابع القدمين زينة مال صاحبها وأعمال البر وعظام ماله الذي به اعتماده ومعيشته.
    • فـي تأويل الأشياء الخارجة من الإنسان وسائر الحيوان مـن المياه والألبان والدماء وما يت

      فـي تأويل الأشياء الخارجة من الإنسان وسائر الحيوان مـن المياه والألبان والدماء وما يتصل بذلك من الأصوات والصفات.


      روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: من رأى أنه يشرب لبنا فهو الفطرة

      (قال الأستاذ أبو سعيد): رؤية اللبن في الثديين للرجال والنساء مال ودر اللبن منها سعة المال, فإن رأت امرأة لا لبن لها في اليقظة أنها ترضع صبيا أو رجلا أو امرأة معروفين فإن أبواب الدنيا تنغلق عليها وعليهم. وقال بعضهم: من رأى كأنه ارتضع امرأة نال مالا وربحا. (ومن رأى) كأنه شرب لبن فرس أو رمكة أحبه السلطان ونال منه خيرا. وألبان الأنعام مال حلال من السلطان, فإن رأى كأنه انصب عليه لبن إنسان دل على ضيق وحبس, وكذلك المرضع والراضع أيهما كان معروفا فإن حاله في الحبس والضيق أشد من المجهول. والحلب تأويله المكر, وحلب الناقة عمالة على أرض, وحلب البختية عمالة على أرض العجم تعمل على سنة وفطرة. فإن حلبها فخرج دما فإنه يجور في سلطانه, فإن حلبها سما فإنه يجبي مالا حراما, فإن حلبها تاجر لبنا أصاب رزقا حلالا وربحا في تجارته ودرت عليه الدنيا بقدر ما در عليه الضرع. ولبن اللقحة فطرة في الدين فمن شرب منه أو مص مصة أو مصتين أو ثلاثة فإنه على الفطرة يصلي ويصوم ويزكي وهو لشاربه مال حلال وعلم وحكمة. وقيل: من حلب ناقة وشرب لبنها دل على أنه يتزوج امرأة صالحة. وإن كان الرائي مستورا ولد له غلام له فيه بركة. ولبن البقرة خصب السنة ومال حلال وإصابة الفطرة. وقيل: إن كان صاحب الرؤيا عبدا عتق وإن كان فقيرا استغنى ولبن الشاة والعنز إصابة مال حلال إن كان حليبا, ولبن الأسد ظفر بعدو لشاربه. وقيل: إنه ينال مالا من جهة سلطان جبار. ولبن الكلب خوف شديد ولبن الذئب مثله, وربما دل على إصابة مال من ظالم. ولبن الخنزير تغيير عقل صاحبه وذهنه. وقيل إن الكثير منه مال حرام والقليل منه حلال لقوله تعالى: فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه فقد رخص في القليل وحرم الكثير, ولبن النمر إظهار عداوة, ولبن الحمار الأهلي مرض يسير, وألبان الوحش كلها قوة في الدين, ولبن الضأن والجاموس خير وفطرة, ولبن الدب ضر وغم عاجل, ولبن الثعلب مرض يسير, ولبن الهرة مرض يسير أو خصومة, ولبن الفرس لمن شربه اسم صالح في الناس, ولبن الأتان إصابة خير, وظهور اللبن من الأرض وخروجه منها دليل على ظهور الجور, وألبان ما لا ألبان لها بلوغ المنى من حيث لا يحتسب, وارتضاع الإنسان من ثدي نفسه دليل على الخيانة. وألبان النواهش واللواذع صلاح ما بينه وبين أعدائه. ومن شرب من لبن حية فإنه يعمل عملا يرضى به الله. وقيل: من شربه نال فرجا ونجا من البلايا, والزبد مال مجموع نافع وغنيمة وكذلك السمن إلا أن في السمن قوة لسلطان النار التي مسته, واللبن الرائب لا خير فيه. وقيل: هو رزق من سفر, والحامض المخيض رزق بعد هم ووجع وقيل هو مال حرام ومعاملة قوم مفاليس لأن زبده قد نزع منه. وقيل: إن شاربه يطلب المعروف ممن لا خير فيه, والشيراز استماع كلام من نسوة. والأنفحة مال مع نسك وورع. وأما الجبن فإنه مال مع راحة والرطب منه خير من اليابس ومال حاضر للرائي وخصب السنة. وقيل: إن الجبن اليابس سفر. وقيل: إن الجبنة الواحدة بدرة من المال. (ومن رأى) كأنه يأكل الخبز مع الجبن فإنه معاشه بتقدير. وقيل: من أكل الخبز مع الجبن أصابته علة فجأة. والمصل قيل هو دين غالب لحموضته. وقيل هو مال نام يقوم قليله مقام كثير من الأموال يناله بعد كد. والأقط مال عزيز لذيذ.

      وروي أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى وهو نازل بالطائف كأنه جيء بقدح من لبن فوضع بين يديه فانصب القدح فأولها أبو بكر رضي الله عنه فقال: يا رسول الله ما أظنك مصيبا من الطائف في عامك هذا شيئا, فقال: أجل لم يؤذن لي فيه, ثم ارتحل صلى الله عليه وسلم. وأتى ابن سيرين رجل فقال: رأيت عسا من لبن جيء به حتى وضع ثم جيء بعس آخر فوضع فيه. فوسعه فجعلت أنا وأصحابي نأكل من رغوته ثم تحول رأس جمل فجعلنا نأكله بالعسل. فقال: أما اللبن ففطرة, وأما الذي صبه فيه فوسعه فما دخل في الفطرة من شيء, وأما أكلكم رغوته فيقول الله تعالى: فأما الزبد فيذهب جفاء وأما البعير فرجل عربي وليس في الجمل شيء أعظم من رأسه ورأس العرب أمير المؤمنين وأنتم تغتابونه وتأكلون من لحمه. وأما العسل فشيء تزينون به كلامكم وكان ذلك في زمان عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه. وأتى ابن سيرين رجل فقال: رأيت كأني أرتضع إحدى ثديي فقال: ما تعمل؟ فقال: أكون مع مولاي في الحانوت فقال: اتق الله في مال مولاك. ورأى عدي بن أرطأة لقحة مرت به وهو على باب داره فعرض عليه لبنها فلم يقبل. ثم عرض عليه ثانية فلم يقبل ثم عرض عليه مرة أخرى فقبله فقال ابن سيرين: هي رشوة لم يقبلها ثم عاد فقبلها وأخذها. ورأى أمير المؤمنين هارون الرشيد رضي الله عنه وعن آبائه كأنه في الحرم يرتضع من أخلاف ظبية فسأل الكرماني مشافهة عن تأويلها فقال: يا أمير المؤمنين الرضاع بعد الفطام حبس في السجن ومثلك لا يحبس ولكنك منحبس بحب جارية قد حرمت. فكان كذلك.

      وأما الرعاف فإنه إن كان كثيرا رقيقا دل على إصابة مال دائم وإن كان غليظا دل على سقط يولد له. فإن رأى أن أنفه رعف وكان ضميره أن الرعاف ينفعه فإنه يصيب من رئيسه خيرا, وإن كان ضميره أنه يضره فإنه يصيب من رئيسه شرا ويكون وبالا عليه ويناله بعده ضرر, فإن كان هو الرئيس فإنه يرى بجسده بقدر ما رأى من القوة والضعف وكثرة الدم, وقلته, فإن رعف قطرة أو قطرتين فإنه منفعة, فإن رعف رطلا أو رطلين وكان ضميره أنه منفعة لبدنه فإن صحة البدن صحة الدين فهو يخرج من إثم ويصح دينه, وإن كان في ضميره أنه يضره في بدنه فإن ضرر البدن ضرر الدين أو اكتساب إثم, فإن ذهبت قوته بعد خروج الدم فإنه يفتقر, وإن قوي فإنه يستغني لأن القوة غنى الرجل, فإن تلطخ بدمه ثيابه فإنه يصيب من ذلك مالا مكروها وإثما, فإن لم تلطخ بشيء فإن صاحبه يخرج من إثم, فإن رأى أن الرعاف يقطر في الطريق فإنه يؤدي زكاة ماله ويتصدق بها على قارعة الطريق. وقيل: إن الرعاف إصابة كنز والعطاس تيقن أمر مشكوك.

      وأما الدمع فالبارد منه فرح والحار غم. (ومن رأى) الدمع على وجهه من غير بكاء فإنه يطعن في نسبه وينفذ فيه القول من طاعته, فإن رأى الدموع تمور في عينيه فإنه يدخر مالا حلالا في أمر الدين لا يريد إظهاره, فإن سال على وجهه فإنه يطيب قلبا بإنفاقه, فإن رأى أن دمع عينه اليمنى دخل في عينه اليسرى نكح ابن بنته نعوذ بالله من غضب الله. وأما المخاط فمن رأى كأنه امتخط فإنه يقضي دينه أو ينجو من هم أو يجازي قوما بشيء فعلوه. وقيل: إن المخاط دليل الولد بدليل أن الهرة تولدت من مخاط الأسد. (ومن رأى) كأنه امتخط على الأرض ولدت له ابنة, فإن رأى كأنه امتخط على امرأته فإنها تحبل وتسقط ابنا, وإن رأى امرأته امتخطت عليه فإنها تلد ابنا أو تفطم ولدا صغيرا, ومن امتخط في دار رجل نكح امرأة من تلك الدار حلالا أو حراما, فإن امتخط في فراش رجل فإنه يخون امرأته, فإن امتخط في منديله خانه في خادمته. فإن رأى كأنه امتخط فأخذت امرأة مخاطه فإنها تخدعه وتحمل منه. وإن رأى كأنه يغسل مخاط غيره فإن رجلا يخدع امرأته وهو يجتهد في ستره ولا يستر, فإن رأى كأنه أكل مخاط نفسه فإنه يأكل مال ولده, وإن أكل مخاط غيره أكل مال ولد غيره, فإن رأى كأن في أنفه مخاطا دلت رؤياه على حبل امرأته, وإن رأى كأنه عطس فخرج من أنفه حيوان ينسب إليه ولد غيره فإن كان الخارج سنورا فهو ولد لص, وإن كان حمامة فابنة محبوبة. فإن رأى مخاطه يسيل أصاب أولادا شبهه. (ومن رأى) إنسانا مخط في ثوبه واصله بمصاهرة. والتثاؤب مرض وطيب النكهة حسن المحضر والضحك حزن لقوله تعالى: فليضحكوا قليلا وهو أيضا بشارة بغلام لقوله تعالى: فضحكت فبشرناها بإسحاق والتبسم محمود والغطيط في النوم يدل على غفلة صاحب الرؤيا وانخداعه لمن خدعه. وأما رفع الصوت فارتفاع على قوم في منكر بدليل قوله تعالى: واغضض من صوتك الآية. وإن رأى كأنه سمع صوتا طيبا صافيا فإنه ينال ولاية. (ومن رأى) كأن إنسانا أسمعه شتما نال منه أذى ثم يظفر به وينتصر عليه. وقيل: هو حق يجب للمشتوم على الشاتم, كما أن عليه أي المفتري الحد له, وإن كان الشاتم ملكا فالمشتوم أحسن حالا من الشاتم لأنه مبغي عليه والمبغي عليه منصور. (ومن رأى) كأنه يصيح وحده فإن قوته تضعف, فإن رفع صوته فوق صوت عالم فإنه يرتكب معصية لقوله تعالى: لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي والعلماء ورثة الأنبياء. وأما العرق فهو دال على مضرة في الدنيا وقيل: من رأى كأنه يرفض عرقا قضيت حاجته ونتن عرق الإبط يدل على الرياء للرعية, وللوالي يدل على أنه يصيب مالا في قبح ثناء, وأما الدعاء فمن دعا ربه في ظلمة فإنه ينجو من غم, فإن رأى أنه يدعو رجلا فإنه يتضرع إليه مخافة منه. وأما الهتف فمن رأى أنه سمع صوت هاتف بأمر أو نهي أو بشارة أو نذارة فهو كما سمعه بلا تفسير, وكذلك كلام الموتى, وكذلك كلام كل طيور لصاحب الرؤيا مبشر بنيل ملك عظيم وعلم وفقه.

      وأما الكلام بلغات شتى فمن رأى ذلك فإنه يملك ملكا عظيما, وأما المشاورة فكل فاسق شاور عفيفا فقد دنا إلى التوبة, وكل عفيف شاور فاسقا فقد دنا إلى بدعة, وإن شاور عفيفا أراد صلاحا, وإن شاور فاسقا فاسق حصل له ترياق من السموم, فإن نقى أذنيه من وسخ أو قيح فإنه يأتيه أخبار سارة. (ومن رأى) كأنه يأكل من وسخ أذنه فإنه يأتي الغلمان أو يرتكب فاحشة. والبصاق فهو مال الرجل وقدرته. فمن رأى أنه يبصق فإنه يقذف إنسانا, فإن كان مع البصاق دم فهو كسب من حرام, فإن بصق على حائط فإنه ينفق ماله في جهاد أو يشغل ماله في تجارة, فإن بزق على الأرض اشترى ضيعة أو أرضا, فإن بزق على شجرة نكث عهدا أو حنث في يمين, فإن بزق على إنسان فإنه يقذفه, والبزاق الحار دليل طول العمر, وأما البارد فدليل الموت. ومن رأى ريقه جف فإنه فقر. (ومن رأى) اللعاب يجري من فيه فهو مال يناله ثم يذهب منه. ومن رآه يجري ولا يصيب شيئا من أعضائه ورأى كأن الناس يتناولونه بأيديهم فهو علم يبثه في الناس, فإن كان معه دم خالط علمه كذب. فإن رأى أنه يسيل من فمه ماء كثير نال سعة من العيش. وخروج الماء من فم التاجر دليل صدقه, فإن خرج اللعاب منه فسال بين يدي رجل شاب فإنه يفشي سره إلى عدو, فإن كان معه دم فإنه يكذب في بعض ما تساره به, والبلغم مال مجموع لا ينمو, فإذا رأى أنه ألقى بلغما نال الفرج والشفاء إن كان مريضا, فإن رأى أنه تنخع فإنه ينفق نفقة في سره, وإن كان صاحب علم فإنه شحيح عليه, وإن خرج من فيه شعر أو خيط أو مدة غير كريهة طالت حياته. وقيل: إن خروج الماء من فم الإنسان وعظ من عالم ينتفع به الناس أو فتيا, وإن كان تاجرا كان صدق كلامه. وأما القيء فدليل التوبة على طيب نفس منه وإن تعذر عليه وكره طعمه كانت على كراهة منه. ومن تقيأ وهو صائم ثم انغمس فيه فإن عليه دينا يقدر على قضائه ولا يقضيه فيأثم فيه, فإن شرب لبنا وتقيأ لبنا وعسلا فهو توبة, فإن ابتلع لؤلؤا وتقيأ عسلا فإنه يتعلم تفسير القرآن, فإن تقيأ لبنا ارتد عن الإسلام, فإن تقيأ طعاما فإنه يهب إنسانا شيئا فإن عاد في قيئه عاد في هبته, فإن شرب خمرا ولم يسكر وتقيأ أخذ مالا حراما ثم رده, وإن سكر وتقيأ فإنه بخيل لا ينفق على عياله إلا القليل ويندم على إنفاقه. فإن رأى كأن أمعاءه تخرج من فيه دل على موت أولاده. وقيل: إذا رأى فواقا وقيئا ذريعا مع الفواق دل على موته. وقيل: من رأى كأنه تقيأ دما كثيرا حسن اللون دل على أنه يولد له مولود, فإن سال الدم في وعاء عاش الولد, وإن سال على الأرض مات الولد سريعا, وهذه الرؤيا للفقير مال وملك كثير, وهذه الرؤيا مذمومة لمن أراد أن يخدع إنسانا لأن أمره ينكشف.

      وأما الدم الفاسد فإنه يدل على المرض في جميع الناس عاما, فإن كان الدم قليلا كالنفثة دل على أهل البين والقرابة وعلى نيل الشر ثم يتخلص منه. وقيل: إن قيء الدم توبة من إثم أو مال حرام ويؤدي أمانة في عنقه. وأما البول فهو في التأويل مال حرام, فمن رأى أنه بال في موضع مجهول تزوج في ذلك الموضع امرأة ويلقي فيها نطفته بمصاهرة أهل الموضع أو جاره وقيل: من رأى كأنه يبول فإنه ينفق نفقة تعود إليه لقوله تعالى: وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه وهو خير الرازقين فإن رأى كأنه بال في بئر فإنه ينفق من كسب مال حلال. فإن رأى كأنه بال على سلعة فإنه نجس على تلك السلعة, فإن بال في محراب فإنه يولد له ولد عالم. وحكي أن مروان بن الحكم رأى كأنه يبول في المحراب فقص رؤياه على سعيد بن المسيب فقال: إنك تلد الخلفاء. (ومن رأى) كأنه بال على المصحف ولد له ولد يحفظ القرآن. (ومن رأى) كأنه بال بعضا وأمسك بعضا فإن كان غنيا ذهب بعض ماله, وإن كان مكروبا ذهب بعض كربه. فإن رأى كأنه يبول ويبول معه آخر فاختلط بولاهما وقعت بينهما مواصلة ومصاهرة. فإن رأى أنه حاقن فإنه يغضب على امرأته, فإن غلبه البول ولا يجد لذلك موضعا أراد دفن مال ولا يجد مدفنا. فإن رأى أنه بال في موضع البول فأكثر أصاب الفرج إن كان فقيرا وإن كان غنيا خسر ماله, وإن رأى الناس يتمسحون ببوله ولد له غلام يتبعه الناس. فإن رأى كأن إنسانا معروفا بال عليه فإنه يذله بإنفاق عليه. وإن رأى امرأة تبول بولا كثيرا فإنها تشتهي الرجال. فإن رأى الرجل كأنه يبول لبنا فإنه يضيع الفطرة, فإن شربه إنسان معروف فهو ينفق عليه في دنياه مال حلال. (ومن رأى) كأنه يبول دما فإنه يأتي امرأة وهي حائض.

      (وحكي): أن رجلا أتى ابن سيرين فقال: رأيت كأني أبول دما فقال: اتق الله فإنك تأتي امرأتك وهي حائض؟ قال: نعم. وقيل إن صاحب هذه الرؤيا إن كانت امرأته حبلى سقطت, فإن رأى كأن الدم يحرق إحليله أو يؤلمه فإنه يأتي امرأة مطلقة أو امرأة ذات محرم ولا يعلم بذلك, فإن رأى كأنه بال زعفرانا ولد له ابن ممراض. فإن رأى كأنه بال عصيرا فإنه يسرف في ماله. فإن رأى كأنه بال ترابا أو طينا فإنه رجل لا يحسن الوضوء ولا يحافظ عليه, فإن بال نارا ولد له ولد لص, وإن خرج سبع ولد له ولد ظلوم, وإن خرجت سمكة ولد له جارية من امرأة أصابها من ساحل البحر بحر المشرق, وإن خرج طائر ولد له ولد مناسب لجوهر ذلك الطائر في الفساد والصلاح. ومن بال قائما فإنه ينفق ماله جهلا. ومن بال في قميصه فإنه يولد له ابن. فإن لم يكن له زوجة تزوج. فإن رأى أنه يبول في أنفه فإنه يأتي محرما, فإن بال في موضع فطرة فإنه ينفق في موضع لا يحمد عليه.

      وأتى أبن سيرين رجل فقال: رأيت امرأة من أهلي كأن بين ثدييها إناء من لبن كلما رفعته إلى فيها لتشرب أعجلها البول فوضعته ثم ذهبت فبالت. فقال: هذه امرأة مسلمة صالحة وهي على الفطرة وهي تشتهي الرجال وتنظر إليهم فاتقوا الله وزوجوها. فكان كذلك. ورأى والد أردشير بن ساسان وكان راعي الغنم كأنه بال وعلا من بوله بخار عم السماء كلها فسأل بابك المعبر فقال: لا أعبرها لك حتى تنسب إلي ولدا يولد لك فوعده بذلك فقال: يولد لك غلام يملك الآفاق فكان كذلك, فلما ولد أردشير نسبه إلى بابك المعبر وفاء له بوعده فلذلك يقال أردشير بن بابك وإنما كان أبوه ساسان. ورأى إنسان كأنه يبول في محفل من محافل السوق فصار محتسبا على الأسواق لأن من رأس قوما يهونون عليه, والودي مال لا بقاء له مع ندامة, وأما المني فهو مال باق زائد. فمن رأى كأنه سال منه مني ظهر له, فإن رأى أنه يلطخ امرأته بذلك أعطاها حليا أو كسوة, فإن رأى عنده مني غيره صار إليه مال غيره, والجرة من المني كنز يصيبه من أصابها, فإن رأى أنه تلطخ بمني مرأة انتفع منها, وخروج ماء أصفر من فرج المرأة يدل على أنها تلد ولدا ممراضا, فإن خرج ماء أحمر ولدت ولدا قصير العمر, فإن خرج ماء أسود ولدت ولدا يسود أهل بيته, فإن خرج من فرجها نار كان الولد ذا سلطان وجور وظلم, فإن رأت أنها ولدت سمكة وهي حبلى فقد قيل إنه ولد طويل العمر, وقيل إنه ولد قصير العمر, فإن رأى رجل كأنه حائض فإنه يأتي محرما, وكذلك المرأة الشابة إذا رأت كأنها اغتسلت من الحيض تابت ونالها فرج, وأما إذا أيست من الحيض ورأت الحيض فهو ولد لقوله تعالى: فضحكت فبشرناها بإسحاق والضحك هنا بمعنى الحيض, فإن رأت أنها تستحاض فإنها في إثم وتريد أن تتخلص منه فلا يمكنها. وأما الغائط فقد قيل هو رزق من ظلم, وقيل هو دليل الفرج.

      (ومن رأى) أنه أحدث ذهب غمه, فإن كان ذا مال فإنه يزكي ماله, وإن رأى كأنه أحدث غائطا كثيرا وكان على سفر فإنه لا يسافر وتنقطع عليه الطريق وأكل العذرة وإصابتها وإحرازها مال حرام مع ندامة, وربما كان كلاما يندم عليه لطمع, ومن أحدث وكان الحدث جامدا فإنه ينفق بعض ماله في عافية, وإن كان سائلا فإنه ينفق عامة ماله, فإن كان موضع الحدث معروفا مثل المتوضأ فإن نفقته معروفة بشهوته, وإن كان مجهولا فإنه ينفق فيما لا يعرف مالا حراما لا يؤجر عليه ولا يشكر عليه وكل ذلك بطيب نفس منه, وكل ما خرج من بطون الناس والدواب من الأرواث فهو مال إلا أن تحليله وتحريمه بقدر ريحه وقذره وأذاه للناس إلا أن يكون شيئا غالبا كثيرا من عذرة الناس شبه الوحل فهو هم أو خوف من سلطان, فإن أحدث في ثيابه أحدث فاحشة, وإن أحدث في سراويله غضب على زوجته ووفر عليها مهرها, فإن رأى أنه أحدث في موضع وستره بالتراب فإنه يستر مالا, فإن أحدث على نفسه وقع في خطيئة, فإن أحدث في فراشه مرض مرضا طويلا لأنه ما يفعل ذلك في اليقظة إلا من لا يستطيع القيام, وتدل أيضا هذه الرؤيا على مفارقة الرجل امرأته. وقيل: من رأى كأنه يأكل الخبز بالعذرة دل على أنه يأكل الخبز بالعسل في اليقظة, وقيل: هو مخالفة السنة, فإن تغوط من غير قصد منه فحمله بيده فإنه يرزق كيس دنانير حرام على قدر الغائط. (ومن رأى) كأنه يحدث في الأسواق العابرة العامرة أو في الحمامات والجماعات دل على غضب الله عليه والملائكة وتناله فضيحة عظيمة وخسارة كبيرة وظهور ما يخفيه الإنسان, ويدل أيضا على نقص يعرض لصاحب الرؤيا, فإن أحدث في مزبلة أو شط البحر أو في موضع لا ينكر لذلك فهو دليل خير وذهاب الهم والوجع, فإن رأى كأن إنسانا معروفا يرميه بشيء من زبل الناس فإن ذلك يدل على معاداة ومخالفة في الرأي والظلم يعرض له ممن رماه بها ومضرة عظيمة. وكثرة زبل الناس أيضا تدل على تعويق عن الحركات والإقبال على مضار كثيرة والتلطخ بزبل الإنسان مرض أو خوف وهو أيضا دليل خير لمن أفعاله قبيحة, وقد امتحنا أن ذلك مما ينتفعون به.

      وأما الفساء فهو كلام فيه ذلة, فمن فسا أصابه غم, فإن كان بين الناس فإنه غم فاش يقع فيه. (ومن رأى) كأن غيره فسا وهو يشم فإنه غم يمر به, فمن رأى كأنه في الصلاة وخرج منه ريح غير منتنة فإنه طلب حاجة ويدعو الله بالفرج فيكلم بكلام فيه ذلة فيعسر عليه ذلك الأمر. وأما الضراط فمن رأى أنه بين قوم خرجت منه ضرطة من غير إرادة فإنه يأتيه فرج من غم وعسر ويكون فيه شنعة, فإن ضرط متعمدا وكان له صوت عال ونتن فإنه يتكلم بكلام قبيح أو يعمل عملا قبيحا وينال منه سوء الثناء على قدر نتنه والتشنيع بقدر ذلك الصوت. فإن رأى له نتنا من غير صوت فإنه ثناء قبيح من غير تشنيع على قدر نتنه. وإذا ضرط بين قوم فإنهم إن كانوا في غم أو هم فرج عنهم وإن كانوا في عسر تحول يسرا. فإن ضرط بجهد فإنه يؤدي ما لا يطيق, فإن ضرط سهلا فإنه يؤدي ما يطيق. فإن رأى أنه خرج من دبره طاووس ولدت له ابنة حسناء, فإن خرجت سمكة ولدت له ابنة قبيحة, فإن خرج من دبره دود أو قمل أو ما يطعم في جوفه فإنه يفارقه قوم من عياله الأقربين, فإن خرج منه مثل الحيات فهم عيال على كل حال غرباء من الأبعدين إذا خرج ذلك منه على قدر ما وصفت منه, فإن خرج منه دم فهو خروجه من إثم, فإن تلطخ به خرج منه مال حرام, وقيل: خروج الدم من الدبر أولاد الأولاد, فإن رأى أنه يشرب بإسته فإنه رجل مأبون وإن لم يكن ذلك فهو يحقن بحقنة. وأما أرواث الحيوان فمن رأى أنه يكنس روث الخيل نال مالا من رجل شريف, وزبل البقر دليل خير للأكرة فقط وللحراثين دون غيرهم. فإن رأى أنه جلس على الروث نال مالا من جهة بعض أقاربه, وأما البيض إذا رئي في وعاء دل على الجواري لقوله تعالى: كأنهن بيض مكنون فإن رأى كأن دجاجته باضت فإنه يرزق ولدا, والبيض المطبوخ المميز عن القشر رزق هنيء, فإن رأى كأنه أكله نيئا فإنه يأكل مالا حراما أو يصيبه هم أو يرتكب فاحشة. وأكل قشر البيض يدل على أنه نباش للقبور. فإن رأى كأنه خرجت من امرأته بيضة ولدت ولدا كافرا لقوله تعالى: ويخرج الميت من الحي فإن رأى كأنه وضع بيضة تحت الدجاجة فتشققت عن فروج فإنه يحيا له أمر ميت ويولد له ولد مؤمن لقوله تعالى: يخرج الحي من الميت وربما يرزق بعدد كل فروج ابنا, فإن وضع بيضا تحت ديك فأخرج فراريج فإنه يحضر هناك معلم يعلم الصبيان, فإن كسر بيضة افتض بكرا وإن لم يمكنه كسرها عجز عنها, فإن ضرب البيض ضربة وكانت امرأته حاملا فإنه يأمرها أن تسقط, فإن رأى غيره كسر بيضة وردها عليه افتض ابنته رجل, ومن وطئ كمه فخرج منه بيضة فإنه يطأ أمته ويولد له منها جارية, فإن رأى عنده بيضا كثيرا فإن عنده مالا ومتاعا كثيرا يخشى فساده وهذا كله في البيض النيئ.

      (ومن رأى) بيضا سليقا فإنه يصلح له أمر قد تمادى عليه وتعسر وينال بإصلاحه مالا ويحيا له أمر ميت, فإن أكله بقشره فهو نباش, فإن تجشأ أكل مال امرأة وأسرف فيه, فإن أكله فإنه يتزوج امرأة عندها مال وبيض الكركي ولد مسكين وبيض الببغاء جارية ورعة. وقيل: من رأى أنه أعطي بيضة رزق ولدا شريفا, فإن انكسرت البيضة مات الولد, وقيل: البيض للأطباء والمزوقين ولمن كان معاشه منه دليل خير, وأما لسائر الناس فإن البيض القليل يدل على المنافع لأنه يؤكل, والبيض الكثير فإنه يدل على هموم وغموم, ويدل مرارا على الأشياء الخفية, وقيل: الكبار من البيض البنون والصغار بنات. وأتى ابن سيرين رجل فقال: رأيت كأني آكل قشور البيض فقال: اتق الله فإنك نباش تسلب الموتى ورأى رجل عزب كأنه وجد بيضا كثيرا فقص رؤياه على معبر فقال: هو للعزب امرأة وللمتزوج أولاد. ورأى رجل كأنه يقشر بيضا مطبوخا فقص رؤيا على معبر فقال: تنال مالا من جهة بعض الموالي. ورأى مملوك كأنه أخذ من مولاته بيضة سليقا فرمى بقشرها واستعمل ما فيها فولدت مولاته ابنا فأخذ المملوك ذلك المولود ورباه وذلك بأمر زوج المرأة فصار سببا لمعاش ذلك المملوك. وحبل الرجل زيادة في دنياه وقيل هو حزن بقتل مستور. وولادة الرجل جارية إصابة خير وفرج قريب, ويخرج من نسله من يسود أهل بيته, وولادته غلاما يصيبه هم شديد وحبل المرأة زيادة في المال وولادتها غلاما تلد جارية وربما كانت طبيعتها مخالفة لذلك فيكون ممن إذا رأت أنها ولدت جارية كانت جارية. وإذا رأت أنها ولدت غلاما كان غلاما, وكذلك لو رأى امرأته أو جاريته ولدت جارية أصاب خيرا, فإن ولدت أحدهما غلاما ناله هم شديد, وكذلك لو رأى أنه اشترى جارية أصاب خيرا, فإن اشترى غلاما أصابه هم شديد.
    • في رؤيا الأمراض والأوجاع والعاهات التي تبدو على أعضاء الإنسان

      في رؤيا الأمراض والأوجاع والعاهات التي تبدو على أعضاء الإنسان


      (قال الأستاذ أبو سعيد رحمه الله): الحمى لا تحمد في التأويل وهي نذير الموت ورسوله. فكل من تراه محموما فإنه يشرع في أمر يؤدي إلى فساد دينه, ودوام الحمى إصرار على الذنوب, والحمى الغب ذنب تاب منه بعد أن عوقب عليه, والنافض تهاون والصالب تسارع إلى الباطل, وحمى الربع تدل على أنه أصابه عقوبة الذنب وتاب منه مرارا ثم نكث توبته. وقيل: إن من رأى كأنه محموم فإنه يطول عمره ويصح جسمه ويكثر ماله وأما البرص فإنه إصابة كسوة من غير زينة وقيل هو مال. (ومن رأى) كأنه أبلق أصابه برص والثآليل مال نام بلا نهاية يخشى ذهابه والجرب إذا لم يكن فيه ماء فهو هم وتعب من قبل الأقرباء, وإن كان في الجرب ماء فإنه إصابة مال من كد, وقيل: الجرب في الفقراء يدل على ثروة, وفي الأغنياء يدل على رياسة. وقيل: إذا رأى الجرب أو البرص في نفسه كان أحب في التأويل من أن يراه في غيره فإنه إن رآه في غيره نفر عنه وذلك لا يحمد في التأويل والبثور إذا انشقت وسالت صديدا دلت على الظفر والمدة في البثور والجرب والجدري وغيرها تدل على مال ممدود, والجدري زيادة في المال, وكذلك القروح والحصبة اكتساب مال من سلطان مع هم وخشية هلاك فأما الحكة في الجسد فتفقد أحوال القرابات وافتقادهم واحتمال التعب منهم والدماميل مال بقدر ما فيها من المدة والدرن على الجسد والوجه كثرة الذنوب وذهاب شعر الجسد ذهاب المال والرعشة في الأعضاء عسر. فإن رأى الرعشة في رأسه أصابه العسر من قبل رئيسه, وفي اليمين تدل على ضيق المعاش, وفي الفخذ على العسر من قبل العشيرة, وفي الساقين تدل على العسر في حياته, وفي الرجلين تدل على العسر في ماله. (ومن رأى) كأنه سقي سما فتورم وانتفخ وصار فيه القيح فإنه ينال بقدر ذلك مالا. وإن لم ير القيح نال غما وكربا, وقيل: السموم القاتلة تدل على الموت. (ومن رأى) بجسده سلعة نال مالا والشرى مال سريع في فرج وتعجيل عقوبة والطاعون يدل على الحرب. وكذلك الحرب يدل على الطاعون والعقر لا يحمد في النوم. (ومن رأى) أنه قد أغشي عليه فلا خير فيه ولا يحمد في التأويل واللقوة تدل على إظهار بدعة تحل به عقوبة الله تعالى وقيل عامة الأمراض في الدين لقوله تعالى: في قلوبهم مرض إلا أنها توجب صحة البدن, فإذا رأى هذه الرؤيا من كان في حرب أصابه جراحة. لقوله تعالى: أو كنتم مرضى أن تضعوا أسلحتكم يعني جرحى فإن رأى أنه مريض مشرف على النزع ثم مات وتزوجت امرأته فإنه يموت على كفر, فإن رأى امرأته مريضة حسن دينها, ولا يستحب للمريض أن يرى نفسه مضمخا بالدسم ولا راكبا بعيرا ولا حمارا ولا خنزيرا ولا جاموسا, ويستحب للمريض أن يرى نفسه سمينا أو طويلا أو عريضا أو يرى الغنم والبقر من بعيد أو يرى الاغتسال بالماء فهذه كلها دليل الشفاء والعافية للمريض وكذلك لو رأى كأنه شرب ماء عذبا أو لبس إكليلا أو صعد شجرة مثمرة أو ذروة جبل, فإن رأى في نفسه نقصانا من مرض فهو قلة دين, وقيل: إن رؤية المريض دليل الفرج والظفر وإصابة مال لمن كان مكروبا, وأما في الأغنياء فيدل على الحاجة لأن العليل محتاج.

      ومن أراد سفرا فرأى كأنه مريض فإنه يعوقه في سفره عائق لأن المرضى ممنوعون عن الحركة. (ومن رأى) نقصانا في بعض جوارحه فهو نقصان في المال والنعمة والورم في النوم زيادة في ذات اليد وحسن حال واقتباس علم, وقيل: هو مال بعد هم وكلام, وقيل: هو حبس أو أذى من جهة سلطان والهزال هو نقص مال وضعف الحال وأما التخمة فدليل أكل الربا وأما الجذام فمن رأى أنه مجذوم فإنه يحبط عمله بجراءته على الله تعالى ويرمى بأمر قبيح وهو منه بريء, فإن رأى كأن الجذام أظهر في جسده زيادة وورما فهو مال باق وقيل هو كسوة من ميراث. (ومن رأى) كأنه في صلاته وهو مجذوم دلت رؤياه على أنه ينسى القرآن.

      (وحكي): أن رجلا أتى ابن سيرين فقال: رأيت كأني مجذوم فقال: أنت رجل يشار إليك بأمر قبيح وأنت منه بريء والقوباء مال يخشى صاحبه على نفسه المطالبة من جهته وأما اختلاف الأمراض فمن رأى كأن به أمراضا باردة فإنه متهاون بالفرائض من الطاعات والواجبات من الحقوق وقد نزلت به عقوبة الله تعالى والأمراض الحارة في التأويل هم من جهة السلطان وأما اليبوسة فمن رأى به مرضا من يبوسة فقد أسرف في ماله من غير رضا الله وأخذ ديونا من الناس وأسرف فيها ولم يقضها فنزلت به العقوبة. وأما الرطوبة فدليل العسر والعجز عن العمل. وأما الجنون فمال يصيبه صاحبه بقدر الجنون منه إلا أنه يعمل في إنفاقه بقدر ما لا ينبغي من السرف فيه مع قرين سوء. وقيل كسوة من ميراث. وقيل نيل سلطان لمن كان من أهله. وجنون الصبي غنى أبيه من ابنه وجنون المرأة خصب السنة ومرض الرأس في الأصل يرجع تأويله إلى الرئيس, وقيل: الصداع ذنب يجب عليه التوبة منه ويعمل عملا من أعمال البر لقوله تعالى: أو به أذى من رأسه ففدية من صيام أو صدقة أو نسك (ومن رأى) شعر رأسه تناثر حتى صلع فإنه يخاف عليه ذهاب ماله وسقوط جاهه عند الناس. (ومن رأى) امرأة صلعاء دل على أمر مع فتنة. (ومن رأى) كأنه أجلح ذهب بعض رأس مال رئيسه وأصابه نقصان من سلطان أو جهة, وقيل: إن كان صاحب هذه الرؤيا مديونا أدى دينه. (ومن رأى) كأنه أقرع فإنه يلتمس مال رئيسه لا ينتفع به ولا يحصل منه إلا على العناء والمرأة القرعاء سنة جدبة. والآفة في الصدغ تدل على الآفة في المال والمرض في الجبهة نقصان في الجاه وأما جدع الأنف وفقء العين فيدلان أن الجادع والفاقئ يقضيان دينا للمجدوع والمفقوع ويجازيان قوما على عمل سبق منهم. لقوله تعالى: والأذن بالأذن فإن رأى كأن شيخا مجهولا قطع أذنيه فإنه يصيب ديتين. (ومن رأى) كأنه صلم أذن رجل فإنه يخونه في أهله أو ولده ويدل على زوال دولته, وقال بعضهم: من رأى كأن أذنيه جدعتا وكانت له امرأة حبلى فإنها تموت, وإن لم تكن له امرأة فإن امرأة من أهل بيته تموت. وأما الصمم فإنه فساد في الدين وأما الرمد فدليل على إعراض صاحبه عن الحق ووقوع فساد في دينه على حسب الرمد لأنه يدل على العمى. وقد قال الله تعالى: فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور وقد قيل: إن الرمد دليل على أن صاحبه قد أشرف على الغنى فإن لم ينقص الرمد من بصره شيئا فإنه ينسب في دينه إلى ما هو بريء منه وهو على ذلك مأجور, وكل نقصان في البصر نقصان في الدين. وقيل: إن الرمد غم يصيبه من جهة الولد. وكذلك لو رأى أنه يداوي عينه فإنه يصلح دينه. فإن رأى أنه يكتحل فإن كان ضميره في الكحل لإصلاح البصر فإنه يتعاهد دينه بصلاح, وإن كان ضميره للزينة فإنه يأتي في دينه أمرا يتزين به. فإن أعطي كحلا أصاب مالا وهو نظير الرقيق, فإن رأى أن بصره دون ما يظن الناس به ويرى أنه قد ضعف وكل وليس يعلم الناس فإن سريرته في دينه دون علانيته. وإن رأى أن بصره أحد وأقوى مما يظن الناس به فإن سريرته خير من علانيته. فإن رأى بجسده عيونا كثيرة فهو زيادة في الدين. فإن رأى لقلبه عينا يبصر بها فهو صالح في دينه, وقيل: إن صلاح العين وفسادها فيما تقر به العين من مال أو ولد أو علم أو صحة جسم.

      وأما العور فإن رأى رجل مستور أنه أعور دل على أنه رجل مؤمن صادق في شهادته, وإن كان صاحب الرؤيا فاسقا فإنه يذهب نصف دينه أو يرتكب ذنبا عظيما أو يناله هم أو مرض يشرف منه على الموت, وربما يصاب في نفسه أو في إحدى يديه أو في ولد أو في امرأته أو أخيه أو شريكه أو زوال النعمة عنه لقوله تعالى: ألم نجعل له عينين ولسانا وشفتين فإذا ذهبت العين زالت النعمة. (ومن رأى) كأن عينيه فقئتا فإنه يصاب بشيء مما تقر به عينه. وأما العمى فهو ضلال في الدين وإصابة مال من جهة بعض العصابات. وقيل: من رأى كأنه أعمى فإنه إن كان فقيرا نال الغنى. ويدل العمى على نسيان القرآن لقوله تعالى: قال رب لم حشرتني أعمى الآية. فإن رأى كأن إنسانا أعماه فإنه يضله ويزيله عن رأيه. ورؤية الكافر العمى تدل على خسران يصيبه أو هم أو غم. وإن رأى كأنه أعمى مكفوف في ثياب جدد فإنه يموت. وإن رأى أعمى أن رجلا داواه فأبصر فإنه يرشده إلى ما فيه له منافع والحملة على التوبة, وربما دلت رؤية العمى على خمول الذكر. فإن رأى سواد العين بياضا دل على غم وهم يصيبه.

      (وحكي): أن رجلا أتى جعفرا الصادق رضي الله عنه فقال: رأيت كأن في عيني بياضا. فقال: يصيبك نقص في مالك ويفوتك أمر ترجوه ومن غاب عنه بعض أقربائه فإن كان الغائب قد قدم وهو أعمى فإن صاحب الرؤيا يموت لأن رؤياه تدل على أن القادم الأعمى زائر. وقيل: إن الغشاوة على العين من البياض وغيره تدل على حزن عظيم يصيب صاحب الرؤيا ويصبر عليه لقصة يعقوب عليه السلام. (ومن رأى) كأن الماء الأسود نزل في عينيه فلم يبصر شيئا دلت رؤياه على قلة حيائه لأن العين موضع الحياء. وأما العلة في الوجه من القبح والتشقق فهي دالة على الحياء وقلته, كما أن حسن الوجه دليل على الحياء في التأويل, وصفرة الوجه دليل على حزن يصيب صاحب الرؤيا, والنمش في الوجه دليل على كثرة الذنوب. وأما الأنف فمن رأى أن إنسانا جدع أنفه فإنه يكلمه بكلام يرغم به أنفه, وقيل: إن جدع الأنف من أصله يدل على موت المجدوع, وقيل: إن ذلك يدل على موت امرأة المجدوع إن كان بها حبل, وقيل: جدع الأنف هو أن يصيبه خسارة فإن الوجه إذا أبين منه الأنف قبح. والتاجر إذا رأى كأن أنفه جدع خسر في تجارته.

      وأما اللسان فهو ترجمان الإنسان والقائم بحجته, فمن رأى لسانه شق ولا يقدر على الكلام فإنه يتكلم بكلام يكون عليه وبالا ويناله من ذلك ضرر بقدر ما رأى من الضرر, ويدل أيضا على أنه يكذب وعلى أنه إن كان تاجرا خسر في تجارته وإن كان واليا عزل عن ولايته. (ومن رأى) كأن طرف لسانه قطع فإنه يعجز عن إقامة الحجة في المخاصمة, وإن كان من جملة الشهود لم يصدق في شهادته أو لم تقبل شهادته. وقال بعضهم: من رأى لسانه قطع كان حليما. (ومن رأى) كأن امرأته قطعت لسانه فإنه يلاطفها ويبرها. (ومن رأى) كأن امرأة مقطوعة اللسان دل على عفتها وسترها. فإن رأى كأنه قطع لسان فقير فإنه يعطي سفيها شيئا. ومن التزق لسانه بحنكه جحد دينا عليه أو أمانة كانت عنده. وأما الخرس ففساد الدين وقول البهتان, ويدل على سب الصحابة وغيبة الأشراف. (ومن رأى) كأنه منعقد اللسان نال فصاحة وفقها لقوله تعالى: واحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي ورزق رياسة وظفرا بالأعداء. وأما الشفة فمن رأى أنه مقطوع الشفتين فإنه غماز, فإن رأى شفته العليا قطعت فإنه ينقطع عنه من يعينه في أموره. وقيل إن تأويل الشفتين أيضا في المرأة. وأما البخر فمن رأى كأن به بخرا فإنه يتكلم بكلام يثني به على نفسه وينكر ويقع منه في شدة وعذاب, فإن وجد البخر من غيره فإنه يسمع منه قولا قبيحا. فإن رأى كأنه لم يزل أبخر فإنه رجل يكثر الخنا والفحش. وأما الحلق فمن رأى كأنه يسعل فإنه يشكو إنسانا متصلا بالسلطان. فإن رأى كأنه سعل حتى شرق فإنه يموت. وقيل: إن السعال يدل على أنه يهم بشكاية إنسان ولا يشكوه. (ومن رأى) كأنه خرج من حلقه شعر أو خيط فمده ولم ينقطع ولم يخرج بتمامه فإنه تطول محاجته ومخاصمته لرئيسه, فإن كان تاجرا نفقت تجارته. وإن رأى كأنه يخنق فقد قهر على تقلد أمانة, فإن مات في الخناق فإنه يفتقر. فإن رأى كأنه عاش بعدما مات فإنه يستغني بعد الافتقار. وإن رأى كأنه يخنق نفسه فإنه يلقي نفسه في هم وحزن.

      وأما وجع الأضراس فإن رأى أن بضرس من أضراسه أو سن من أسنانه وجعا فإنه يسمع قبيحا من قرابته الذي ينسب إليه ذلك الضرس في التأويل ويعامله بمعاملة تشد عليه على مقدار الوجع الذي يجده. وأما وجع العنق فدليل على أن صاحبه أساء المعاشرة حتى تولدت منه شكاية, وربما دلت هذه الرؤيا على أن صاحبها خان أمانة فلم يؤدها فنزلت به عقوبة من الله تعالى. وأما الحدبة فمن رأى أنه أحدب أصاب مالا كثيرا وملكا من ظهر قوي من ذوي قراباته. وأما الفواق فمن رأى كأن به ذلك فإنه يغضب ويتكلم بما لا يليق به ويمرض مرضا شديدا. وأما وجع المنكب فمن رأى به ذلك فإساءة الرجل في كده وكسب يده. وأما آفات اليد فإن الآفة في اليد تدل على محنة الإخوة. وفي أصابعها تدل على أولاد الإخوة. (ومن رأى) كأن ليس له يدان فإنه يطلب ما لا يصل إليه. (ومن رأى) كأنه صافح رجلا مسلما فخلع يده فإنه يدفع إليه أمانة فلا يؤديها. (ومن رأى) كأن يمينه لم تزل مقطوعة فإنه رجل حلاف. (ومن رأى) كأن يمينه مقطوعة موضوعة أمامه فإنه يصيب مالا من كسب, والنقص في اليد دليل على نقصان القوة والأعوان, وربما دل قطع اليد على ترك عمل هو بصدده. فإن رأى كأن يده قطعت من الكف فهو مال يصير إليه. فإن قطعت من المفصل فإنه يصيب جور حاكم, فإن قطعت من العضد وذهبت مات أخوه إن كان له أخ لقوله تعالى: سنشد عضدك بأخيك فإن لم يكن له أخ ولا من يقوم مقامه قل ماله. فإن رأى كأن واليا قطع أيدي رعيته وأرجلهم فإنه يأخذ أموالهم ويفسد عليهم كسبهم ومعاشهم.

      ( وسئل): ابن سيرين عن رجل رأى كأن يده قطعت فقال: هذا رجل يعمل عملا فيتحول عنه إلى غيره وكان نجارا فتحول إلى عمل آخر وأتاه رجل آخر فقال: رأيت رجلا قطعت يداه ورجلاه وآخر صلب فقال: إن صدقت رؤياك عزل هذا الأمير وولي غيره, فعزل من يومه فطن بن مدرك وولي الجراح بن عبد الله فإن رأى كأن حاكما قطع يمينه حلف عنده يمينا كاذبة. فإن رأى كأنه قطع يساره فإن ذلك موت أخ أو أخت أو انقطاع الألفة بينه وبينهما, أو قطع رحم أو مفارقة شريك أو طلاق امرأة. فإن رأى كأن يده قطعت بباب السلطان فارق ملك يده. وأما قصر اليد فدليل على فوت المراد والعجز عن المراد وخذلان الأعوان والإخوان إياه.

      ( وسئل): ابن سيرين عن رجل رأى أن يمينه أطول من يساره فقال: هذا رجل يبذل المعروف ويصل الرحم. (ومن رأى) كأنه قصير الساعدين والعضدين دلت رؤياه على أنه لص أو خائن أو ظالم, فإن رأى كأن ساعديه وعضديه أطول مما كان فإنه رجل محتال سخي شجاع. وأما الشلل في اليدين وأوصالهما فمن رأى كأن يديه قد شلتا فإنه يذنب ذنبا عظيما. فإن رأى كأن يمينه شلت فإنه يضرب بريئا ويظلم ضعيفا. فإن رأى كأن شماله شلت مات أخوه أو أخته. وإن يبست إبهامه مات والده, وإن يبست سبابته ماتت أخته, وإن يبست وسطاه مات أخوه, وإن يبست البنصر أصيب بابنته, وإن يبست الخنصر أصيب بأمه وأهله. فإن رأى في يده اعوجاجا إلى وراء فإنه يتجنب المعاصي, وقيل: إنه يكسب إثما عظيما يعاقبه الله عليه. (ومن رأى) يديه ورجليه قطعت من خلاف فإنه يكثر الفساد أو يخرج على السلطان. لقوله تعالى: إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله الآية. وقيل: إن من رأى يمينه قطعت فإنه يسرق لقوله تعالى: فاقطعوا أيديهما ورأى رجل كأن يده مقطوعة فقص رؤياه على معبر فقال: يقطع عنه أخ أو صديق أو شريك فعرض له أنه مات صديق له. ورأى رجل أن يده قطعها رجل معروف فقال: تنال على يده خمسة آلاف درهم إن كنت مستورا وإلا فتنتهي عن منكر على يده. والآفة في الأصابع دليل على محنة الولد, فإن لم يكن له ولد فهو دليل على إضاعة الصلوات. وقيل: من رأى كأن خنصره قطعت غاب عنه ولده. (ومن رأى) بنصره قطعت فإنه يولد له ولد. (ومن رأى) الوسطى قطعت مات عالم بلده أو قاضيها. فإن رأى كأن أربع أصابعه قطعت تزوج أربع نسوة فيمتن كلهن. وقيل: من رأى كأنه قطع أصبع إنسان أصابه بمصيبة في ماله. وقيل: ذهاب الأصابع فقدان الخدم, ومص الأصابع زوال المال, وانقباض الأصابع يدل على ترك المحارم. وأما الأظفار فالآفة فيها تدل على ضعف المقدرة وفساد الدين والأمور. وقيل: إن طول الأظفار غم. (ومن رأى) كأنه لا ظفر له فإنه يفلس. فإن رأى كأن أظفاره مكسورة كلها فإنه يموت, وكذلك إذا رآها مخضرة وهو يرقيها فلا ينفع فإنه يموت.

      وأما الصدر فمن رأى أنه توجع صدره فإنه ينفق مالا في إسراف من غير طاعة الله وقد عوقب عليه والزكام يدل على مرض يسير يتعقبه عافية وغبطة. والبرسام فمن رأى أنه مبرسم فإنه رجل مجترئ على المعاصي وقد نزل به عقوبة من السلطان وأنذر ليتوب. (ومن رأى) أنه مبطون فإنه قد أنفق ماله في معصية وهو نادم عليه ويريد أن يتوب من ذلك. (ومن رأى) كأنه أصابه القولنج فقد قتر على أولاده وأهله القوت ونزلت به العقوبة. وقيل: إن وجع البطن يدل على صحة الأقرباء وأهل البيت وأما وجع السرة فإن رؤياه تدل على أن صاحبه يسيء معاملة امرأته. ووجع القلب دليل على سوء سيرته في أمور الدين. ومرض القلب دليل على النفاق والشك لقوله تعالى: في قلوبهم مرض والكرب في القلب دليل على التوبة. وأما وجع الكبد فهو في التأويل إساءة إلى الولد. فقد قال عليه السلام: أولادنا أكبادنا وقطع الكبد موت الولد. وقرح الكبد غلبة الهوى والعشق. وأما وجع الطحال فدليل على إفساد صاحبه مالا عظيما كان به قوامه وقوام أهله وأولاده وأشرف معهم على الهلاك, فإن اشتد وجعه حتى خيف عليه الموت دل ذلك على ذهاب الدين نعوذ بالله منه. وأما الرئة فمن رأى أن رئته عفنة دل على دنو أجله لأن الرئة موضع الروح. وأما وجع الظهر فيدل على موت الأخ فقد قيل: موت الأخ قاصمة الظهر. وقيل: وجع الظهر يرجع تأويله إلى من يتقوى به الرجل من ولد ووالد ورئيس وصديق. فإن رأى في ظهره انحناء من الوجع فإنه يدل على الافتقار والهرم. وأما نقصان الفخذ فدليل على قلة العشيرة والغربة عن الأهل والوحدة. ووجع الفخذ يدل على أن صاحبه مسيء إلى عشيرته. ووجع الرجل يدل على كثرة المال. وقطع الأخمص يدل على الزمانة. فإن رأى كأن رجليه قطعتا فبانتا منه ذهب ماله أو مات, فإن رأى إحدى رجليه قطعت ذهب نصف ماله أو ذهبت قوته وضعفت حيلته وعجز عن الحركة. فإن رأى كأن إنسانا قطع إبهام رجله فإنه يحبس عنه دينا عليه أو يقطع عليه مالا كان يتكل عليه. فإن رأى كأنه مقعد ضعفت قدرته في أمور الدنيا والدين. فإن رأى كأنه يحبو على بطنه فإنه تصيبه علة تمنعه عن العمل وتحوجه إلى إنفاق ماله فيفتقر. فإن رأى أنه لا يقدر على أن يحبو وقد ذهبت جلدة بطنه من الحبو ويسأل الناس أن يحملوه فإنه يفتقر ويسأل الناس. (ومن رأى) أن ذكره توجع فقد أساء إلى قوم وهم يذكرونه بالسوء ويدعون عليه فإن رأى أنه قطع ورمي به فإنه يدل على موته أو انقطاع نسله أو على موت ابنه فإن كانت له ابنة ورأى كأن ذكره انقطع ووضع على أذنه فإن ابنته تلد بنتا لا من زوجها, وقطعه للوالي عزل وللمحارب هزيمة.

      (ومن رأى) كأنه خصي أو خصى نفسه أصابه ذل, فإن أراد أن يودع رجلا وديعة أو يفضي إليه بسر فرأى في منامه خصيا فليجتنب أن يودعه. وقيل: من رأى كأنه تحول خصيا نال كرامة. وإن رأى خصيا مجهولا له سمت الصالحين وكلام الحكمة فهو ملك من الملائكة ينذر أو يبشر. (ومن رأى) كأنه مأسور انسدت عليه أبواب المعيشة كما إذا انسد إحليله عن البول, ويدل على أن عليه دينا لا يمكنه قضاؤه. (ومن رأى) كأن به أدرة أصاب مالا لا يأمن عليه أعداءه. (ومن رأى) كأن بعضو من أعضائه وجعا لا صبر له عليه فإنه يسمع قبيحا من قريبه الذي ينسب إليه ذلك العضو والوجع. فإن رأى كأن إنسانا خدش عضوا من أعضائه فإنه يضره في ماله وفي بعض أقربائه, فإن رأى في الخدشة قيحا أو دما أو مدة فإن الخادش يقول في المخدوش قولا وينال المخدوش بعد ذلك مالا. (ومن رأى) كأن جبهته خدشت فإنه يموت سريعا, وكل أثر في الجسد فيه قيح أو مدة فهو مال, وكل زيادة في الجسم إذا لم تضر صاحبها فهي زيادة في النعمة. وأما البرص والجذام والجدري فقد تقدم القول عليه والأفضل أن يرى الإنسان كأنه هو الذي به البرص والجرب والجدري والبثر, فإن رآها في غيره فهي تدل على حزن ونقصان جاه لصاحب الرؤيا لأن كل من كان منظره قبيحا فإن نفس الذي يراه تنفر منه وخصوصا إذا رآها في مملوكه فإنه لا يصلح لخدمته على كل ما يفعله فهو قبح وفضيحة, وكذلك كل من يعاشره. (ومن رأى) أنه جدر فهو زيادة في ماله. وإن رأى أن ولده جدر ففضل يصير إليه وإلى ابنه. وكذلك القروح في الجسد زيادة في المال. وإذا رأى في يده قروحا تسيل منها مدة فإنه مال ينفعه ولا يضره ذلك. والحصبة اكتساب مال من سلطان وقيل هي تهمة وأما الرعشة فإنه عسر في الأمور التي تنسب إلى ذلك العضو المرتعش. (ومن رأى) يده اليمنى ترتعش تعسرت عليه معيشته. فإن رأى فخذه يرتعش دخل عليه عسر من قبل عشيرته وارتعاش الرجلين عسر في المال. وأما الطاعون فهو الحزن. فمن رأى أنه أصابه الطاعون أصابه حزن كما لو رأى أنه أصابه حزن أصابه الطاعون. (ومن رأى) كأن أعضاءه قطعت فإنه يسافر وتتفرق عشيرته. لقوله تعالى: وقطعناهم في الأرض أمما وأما العنة فإنه لا يزال صاحبها معصوما زاهدا في الدنيا وما فيها ولا يكون له ذكر البتة, فإن زالت عنه العنة فإنه ينال دولة وذكرا. وقيل: من رأى أنه تزوج بامرأة أو اشترى جارية فلم يقدر على مجامعتها لعنته فإنه يتجر تجارة بلا رأس مال ولا تجلد. وأما العقر فإذا كان من عقر الخف فإنه يناله هم ويصيبه من ذلك الهم نكبة, فإن عقره إنسان فإن المعقور يناله من العاقر نكبة يصير ذلك حقدا عليه. (ومن رأى) رجله اليمنى اعتلت أو انكسرت أو انخلعت فإن كان بها جرح فإن ابنه يمرض, فإن رأى ذلك في رجله اليسرى وكان له ابنة خطبت, وإن لم يكن له بنت ولدت له بنت, وإن رأى انكسار رجله وهو يريد سفرا فليقم ولا يبرح, وإن خلعت فإن امرأته تمرض, وإن طالت إحدى ساقيه على الأخرى فإنه يسافر سفرا. (ومن رأى) أنه أعرج أو مقعد ولا تقله رجلاه فذلك ضعف مقدرته عما يطلبه وخذلان من ينتسب إليه ذلك العضو من أقاربه إياه. وقيل: من رأى أنه أعرج حسن دينه وتفقه. وإن حلف على يمين لم يكن عليه فيها بأس هذا قول ابن سيرين

      والأعرج لا يحسن حرفة ولا يتكل على مال ناقص يكون عيشه من ذلك. فإن رأى رجل امرأة عرجاء فإنه ينال أمرا ناقصا. وإذا رأت امرأة رجلا أعرج نالت أمرا ناقصا. والشيخ الأعرج جد الرجل أو صديقه وفيه نقص. فإن رأى إنسان أنه يمشي برجل واحدة وقد وضع إحداهما على الأخرى فإنه يخبأ نصف ماله ويعمل بالنصف الآخر. وأما الكي فله وجوه. فمن رأى به أثر كي عتيق أو حديث ناتئ عن الجلد فإنه يصيب دنيا من كنز, فإن عمل بها في طاعة الله عز وجل فاز. وإن عمل بها في معصية الله كوي بذلك الكنز الذي كان يجمع في الدنيا يوم القيامة لقوله تعالى: فتكوى بها جباههم وجنوبهم وقيل: إن أثر الكي العتيق والجديد إذا كان قد تقشرت القرفة منه فلم تؤلمه فهو أعظم الدواء وأبلغه وأقواه فعند ذلك يجري مجرى الدواء. وقيل: الكي كلام موجع. وقيل: الكي المستدير ثبات في أمر السلطان أو ملك بخلاف السنة. وقيل: الكي يدل على التزويج أو على الولادة. وروي أن أبا بكر رضي الله عنه قال: يا رسول الله رأيت في المنام كأن في صدري كيتين فقال صلى الله عليه وسلم: "تلي أمر الدنيا سنتين"

      (وحكي): أن امرأة رأت كأن بنيها قد مرضا فرمدت عيناها. ورأى رجل كأنه مريض وليس له طبيب يعالجه وكان له مع آخر خصومة فعرض له أن خصمه غلبه. والمرض دليل خصم والطبيب معوان عليه. ورأى رجل كأن أباه قد مرض فعرض له وجع في رأسه وذلك أن الرأس تدل على الأب. وأما قحل الوجه وتشققه فهو قلة حيائه ومائه. فمن رأى أن وجهه طري صبيح فإنه صاحب حياء والسماجة فيه عيب والعيب سماجة. ورأى رجل كأن الوباء قد نزل بالناس والمواشي فسأل المعبر عنه فقال: إن ملك عصرنا يقصم رجالا أو يحبسهم أو يؤذي المستورين. وكان بعض الملوك ظالما جبارا فرأى رجل من الصالحين هذا الملك قد قبح ورد وجهه على دبره وقد عرج وقطعت يداه ورجلاه وسمع تاليا يتلو: ألم تر كيف فعل ربك بعاد إرم ذات العماد فقص رؤياه على معبر فقال: إن الملك سيهلك كما أهلك عاد, فبعد عشرين يوما ذهب ملكه وماله وأهلكه الله تعالى وكفى الناس شره.
    • في المعالجات والأدوية والأشربة والحجامة والفصد




      في المعالجات والأدوية والأشربة والحجامة والفصد

      كل شراب أصفر اللون في الرؤيا فهو دليل المرض, وكل دواء سهل المشرب والمأكل فهو دليل على شفاء المريض, وللصحيح اجتناب ما يضره. وأما الدواء الكريه الطعم الذي لا يكاد يسيغه فهو مرض يسير يعقبه برء. وقيل: إن الأشربة الطيبة الطعم السهلة المشرب والمآكل صالحة للأغنياء بسبب التفسح. وأما للفقراء فهو رديء لأنهم لا يمدون أعينهم إليه إلا بسبب مرض يعرض لهم ويضطرهم إلى شربها. وأما السويق فحسن دين وسفر في بر لقوله تعالى: وتزودوا فإن خير الزاد التقوى (ومن رأى) كأنه شرب دواء فنفعه فهو صالح في دينه وشرب الفقاع منفعته من قبل خادم أو خدمة من قبل رجل شديد وذهاب غم وليس تأويل ما يخرج من الإنسان كتأويل ما يخرج بغير الدواء من الأحداث. وأما الفصد فمن رأى كأن شيخا فصده فإنه يسمع كلاما من صديق, فإن خرج من عرق دم فإنه يؤجر عليه, فإن لم يخرج منه دم فإنه يقال فيه حق ويخرج الفاصد من الإثم, فإن فصده بالعرض فإنه يقطع ذلك الكلام عنه, وإن فصده بالطول فإنه يزيد الكلام ويضاعفه. فإن رأى كأن شابا فصده بالطول فإنه يسمع من عدوه طعنا فيه ويزيد ماله. (ومن رأى) كأن الشاب فصده بالعرض فهو موت بعض أقاربه, فإن فصده الشاب بالطول وخرج منه دم فإنه يصيبه نائبة من السلطان ويأخذ منه مالا بقدر الدم الخارج منه, فإن فصده بالعرض لم يتعرض له السلطان, فإن فصده عالم وخرج منه دم كثير في طست أو طبق فإنه يمرض ويذهب ماله على العيال والأطباء لأن الطبق هو الطبيب, فإن فصده ولم ير دما ولا خدشة سمع كلاما من أقربائه ممن ينسب إلى ذلك العضو بقدر ما أصابه من الوجع, فإن افتصد وكره خروج الدم فإنه يمرض ويصيبه ضرر في ماله, وإن كان في ضميره أن الفصد ينفعه وخرج الدم منه بقدر معلوم موافق فإنه يصح دينه ويصح جسمه أيضا في تلك السنة والفصد في اليمنى زيادة في المال وفي اليسرى زيادة في الأصدقاء, فإن كان له امرأة سمنت سمنا عظيما واتسع في دنياه, فإن فصد عرق رأسه استفاد رئيسا آخر, وإن لم يخرج من عرقه دم فإنه يقال فيه حق. فإن رأى أنه يفصد إنسانا فإن الفاصد يخرج من إثم. فإن رأى كأنه سرح الدم بعد الفصد فإنه يتوب من ذنب لأن خروج الدم توبة. فإن كان الدم أسود فإنه مصر على ذنب عظيم لأن الدم إثم وخروجه توبة. فإن رأى كأنه أخذ مبضعا ففصد به امرأته طولا فإنها تلد بنتا, وإن فصدها عرضا فإنه يقطع بينها وبين قرابتها. فإن رأى كأنه ينوي الفصد فإنه ينوي أن يتوب.

      وأما الحجامة فمن رأى أنه يحجم أو يحتجم ولي ولاية أو قلد أمانة أو كتب عليه كتاب شرط أو تزوج لأن العنق موضع الأمانة. فإن شرط تزوج بجارية وطلبت منه النفقة وما لا يطيقه وإن لم يشرط لم تطلب منه النفقة, فإن كان الحجام شيخا معروفا فهو صديقه, وإن كان شابا فهو عدو له يكتب عليه كتاب شرط أو دين, فإن حجم رجلا شابا ظفر بعدو له. وقالوا: الحجامة ذهاب المرض. وقالوا: نقص المال. وقيل: من رأى حجاما حجمه فهو ذهاب مال عنه في منفعة, فإن كان ذا سلطان فهو عزله, فإن احتجم ولم يخرج منه دم فإنه دفن مالا ولا يهتدي إليه, أو دفع وديعة إلى من لا يؤديها إليه. فإن خرج منه دم صح جسمه في تلك السنة, فإن خرج بدل الدم حجر فإن امرأته تلد من غيره فلا يقبل ذلك الولد, فإن انكسرت المحجمة فإنه يطلق امرأته أو تموت. وقيل: من رأى أنه احتجم نال ربحا ومالا. وقيل: إن الحجامة إصابة السنة. وقيل: هي نجاة من كربة.

      (وحكي): أن يزيد بن الملهب كان في حبس الحجاج فرأى في منامه أنه يحتجم فنجا من الحبس ورأى معن بن زائدة كأنه احتجم وتلطخ سرادقه من دمه فلما أصبح دخل عليه أسودان يقتلانه. (ومن رأى) أنه يداوي عينه فإنه يصلح دينه. (ومن رأى) كأنه يكتحل وكان ضميره في كحله إصلاح البصر فإنه يتفقد دينه بصلاح أو زينة. فإن كان ضميره الزينة فإنه يأتي أمرا يزين به دينه ودنياه. وأما السعوط فمن رأى أنه يستعط فإنه يبلغ الغضب منه ما تضيق منه الحيلة بقدر ما سعط به من دهن أو غيره. وأما الحقنة فمن رأى أنه يحتقن من داء يجده في نفسه فإنه يرجع في أمر له فيه صلاح في دينه, وإن احتقن من غير داء يجده فإنه يرجع في عدة يعدها إنسانا أو نذر نذره على نفسه أو في كلام تكلم به أو في غبطة خرجت منه ونحو ذلك, وربما كان من غضب شديد يبتلى به. والتمريخ بالدهن الطيب ثناء حسن وبالدهن المنتن ثناء قبيح. وقيل: الدهن غم في الأصل. فإن رأى كأن له قارورة دهن وأخذ منها الدهن وادهن به أو دهن به غيره فإنه مداهن أو حالف بالكذب أو نمام لقوله تعالى: ودوا لو تدهن فيدهنون الآية. (ومن رأى) أنه دهن رأسه اغتم إذا جاوز المقدار وسال على الوجه, فإن لم يجاوز المقدار المعلوم فهو زينة, والدهن الطيب الرائحة ثناء حسن, والدهن المنتن ثناء قبيح. وقيل: الدهن النتن امرأة زانية أو رجل فاسق. وقالوا: من دهن رأس رجل في موضع ينكر فليحذر المفعول به من الفاعل مداهنة ومكرا. فإن رأى وجهه مدهونا فإنه رجل يصوم الدهر. (ومن رأى) أنه قد رقي أو سقاه غيره في قدح فإنه يدل على طول حياته. وأما الكي فاللدغ بالكلام الطيب الموجع لمن يكويه. فمن رأى أنه يكوي بالنار إنسانا كيا موجعا فهو يلدغ المكوي بكلام سوء وبأس من سلطان. فإن كان الكي مستديرا فهو ثبات في أمر السلطان في خلاف السنة. وقيل: من رأى أنه كوى عرقا من عروقه فإنه تولد له جارية أو يتزوج أو يرى امرأته مع رجل غريب. وأما الترياق فقد رأيت ابن سيرين يكرهه.
    • في الأطعمة والحلاوى واللحمان وما يتصل بها من القدر والمائدة والسفرة والقصاع والمغرفة




      في الأطعمة والحلاوى واللحمان وما يتصل بها من القدر والمائدة والسفرة والقصاع والمغرفة والأثفية.

      قال المعبرون: إن دقيق الحنطة مال مجموع وعيال وعجنه سفر عاجنه إلى أقاربه, والعجين مال شريف في التجارة يحصل منه ربح كثير عاجل إن اختمر, وإن لم يختمر فهو فساد وعسر في المال, وإن حمض فهو قد أشرف على الخسران. (ومن رأى) أنه يعجن دقيق شعير فإنه يكون رجلا مؤمنا ويصيب ولاية وثروة وظفرا بالأعداء, والنخالة شدة في المعيشة وأكلها فقر. (ومن رأى) أنه يخبز خبزا فهو يسعى في طلب المعاش لطمع منفعة دائمة, فإن خبز عاجلا لئلا يبرد التنور نال دولة وحصل مالا بيده بقدر ما خرج الخبز من التنور. ومن أصاب رغيفا فهو عمر والرغيف أربعون سنة فما كان فيه من نقصان فهو نقصان ذلك العمر وصفاؤه صفاء الدنيا. وقيل: الرغيف الواحد ألف درهم وخصب وبركة ورزق حاضر قد سعى له غيره وذهب عنه حزنه لقوله عز وجل: وقالوا الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن قال المفسرون: الحزن الخبز فإن رأى رغفانا كثيرة من غير أن يأكلها لقي إخوانا له عاجلا. وإن رأى بيده رغيفا خشكارا فهو عيش طيب ودين وسط, فإن كان شعيرا فهو عيش نكد في تدبير وورع, فإن كان رغيفا يابسا فإنه قتر في معيشته, وإن أعطي كسرة خبز فأكلها دل على نفاد عمره وانقضاء أجله, وقيل: بل هذه الرؤيا تدل على طيب العيش, فإن أخذ لقمة فإنه رجل طامع, والرغيف للعرب زوجة, والرغيف النظيف النضيج للسلطان عدله وللتاجر إنصافه وللصانع نصحه, وحرارة الخبز نفاق وتحريم. فإن رأى رجل رغيفا معلقا في جبهته دل على فقره والخبز المتكرج مال كثير لا ينفع صاحبه ولا يؤدي زكاته, وأما خبز الملة فهو ضيق في المعاش لآكله لأنه لا يخبزه إلا مضطر. (ومن رأى) أنه يأكل الخبز بلا أدم فإنه يمرض وحيدا ويموت وحيدا. وقيل: الخبز الذي لم ينضج يدل على حمى شديدة وذلك أنه يستأنف إدخاله إلى النار ليستوي. وقيل: الخبز الحواري الحار يدل على الولد وأكل خبز الرقاق سعة رزق. وقيل: إن رقة الخبز قصر العمر. وقيل: إن الرقاق من الخبز ربح قليل يتراءى كثيرا.

      (وحكي): أن رجلا أتى ابن سيرين فقال: رأيت كأن في يدي رقاقتين آكل من هذه ومن هذه. فقال: أنت رجل تجمع بين الأختين والقرص ربح قليل والرغيف ربح كثير. وأما المائدة فقد روي أن بعضهم رأى كأن هاتفا يسمع صوته ولا يرى شخصه يتلو هذه الآية: اللهم ربنا أنزل علينا مائدة من السماء فقص رؤياه على معبر فقال: إنك في عسر وتدعو الله تعالى بالفرج واليسر فيستجيب لك. فكان كما قال. واختلف المعبرون في تفسير المائدة فمنهم من قال: المائدة رجل شريف سخي والقعود عليها صحبته والأكل منها الانتفاع منه, فإن كان معه على تلك المائدة رجال فإنه يؤاخي قوما على سرور ويقع بينه وبينهم منازعة في أمر معيشة له والرغفان الكثيرة الصافية, والطعام الطيب على المائدة دليل على كثرة مودتهم, ومنهم من قال المائدة هي الدين.

      (وقد روي): أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله رأيت البارحة مرجا أخضر فيه مائدة منصوبة ومنبر موضوع له سبع درجات ورأيتك يا رسول الله ارتقيت السابعة وتنادي عليها وتدعو الناس إلى المائدة فقال صلوات الله عليه وسلامه: أما المائدة فالإسلام والمرج الأخضر فالجنة والمنبر سبع درجات فبقاء الدنيا سبعة آلاف سنة مضت منها ستة آلاف سنة وصرت في السابعة. والنداء فأنا أدعو الخلق إلى الجنة والإسلام. ومنهم من قال: المائدة مشورة يحتاج فيها إلى أعوان من عمارة بلدة أو عمارة قرية. ومنهم من قال: المائدة امرأة رجل.

      (وحكي): أن بعضهم رأى كأنه يأكل على مائدة فكلما مد يده إليها خرجت يد كلب أشقر من تحت المائدة فأكل معه. فقص رؤياه على معبر فقال: إن صدقت رؤياك فإن غلاما من الصقالبة يشاركك في امرأتك. ففتش عن الأمر فوجده كما قال. وإن رأى الأرغفة بسطت على المائدة فإنه يظهر له عدو. وإذا رأى أنه يأكل منها ظهرت المنازعة بينه وبين عدوه على قول بعض المعبرين. وقيل: إن أكل على المائدة أكلا كثيرا فوق عادته في مثلها دل ذلك على طول حياته بقدر أكله. وإن رأى أن تلك المائدة رفعت فقد نفد عمره. وقيل: إذا رأى كأن على المائدة لونا أو لونين من الطعام فإنه رزق يصل إليه وإلى أولاده بدليل قوله عز وجل: أنزل علينا مائدة من السماء وقيل: المائدة غنيمة في خطر ورفعها انقضاء تلك الغنيمة. وقيل: إنها مأكلة ومعيشة لمن كانت له وأكل منها, فإن كان عليها وحده فإنه لا يكون له منازع, وإن كان عليها غيره كان ذلك إخوان مشاركون. وكثرة الرغفان كثرة مودتهم وقلتها قلة مودتهم والرغيف مودة سنة. فإن رأى أنه يفرش بطعام فهو استخفافه بنعمة الله تعالى. ورأى مملوك كأن مائدة مولاه قد خرجت وهربت كما يهرب الحيوان فلما دنت إلى الباب انكسرت فعرض له من ذلك أن امرأة مولاه ماتت من يومها وتلف كل ما كان لها وكان ذلك بالواجب لأنه رأى المائدة التي يقدم عليها انكسرت. وأما السفرة فسفر جليل ينال فيه سعة. وقيل: هي سفر إلى ملك عظيم الشأن ونيل سعة وراحة لمن وجدها لأنها معدن الطعام. والأكل والقصعة المتخذة من خشب تدل على إصابة مال في سفر. والخزفية تدل على إصابته في حضر, وأواني الفضة كلها خدم في التجارة والدار وخصوصا السكرجات. وقيل: القصاع والطاسات تدل على الجمال في تدبير معاش الإنسان. والقدر قيم دار كثير الإنفاق. وقيل: هي امرأة أعجمية. فمن رأى أنه طبخ قدرا فإنه ينال مالا عظيما من قبل السلطان أو ملك أعجمي, واللحم والمرقة في القدر رزق شريف مفروغ منه مع كلام وشرب. والمغرفة قهرمان محسن يجري على يديه تفقه أهله, والأثفية نفس الرجل, فكما أن قوام القدر بالأثافي فكذلك قوام الأنفس بالمال والبزماورد مال هنيء لذيذ مجموع بغير كد والكواميخ كلها هموم وخصوم, فمن أكل منها أصابه هم وإن رآها ولم يأكل منها ولم يمسها فإنه مال يخسر عليه. (ومن رأى) أنه يشرب الزيت فإنه يدل على سحر أو مرض. والخل مال مبارك في ورع وقلة لهو وطول حياة ولمن أكل بالخبز, والدردي منه مال ساقط قليل المنفعة ذو وهن وسكرجة الخل جارية رحيمة. وقيل: إذا رأى الإنسان كأنه يشرب الخل فإنه يعادي أهل بيته وذلك للقبض الذي يعرض منه للفم والمريء مرض, والصحنا هم وحزن مع خصومة ومنفعة قليلة.

      وأما الملح فقد اختلف فيه فمنهم من قال: إن الأبيض منه زهد في الدنيا وخير ونعمة وكرهه ابن سيرين. وقيل: إن المبرز منه هم وشغل وشغب ومرض ودراهم فيها هم وتعب. ومن أكل الخبز به فقد اقتنع من الدنيا بشيء يسير والمصلحة جارية مليحة. وقيل: من وجد ملحا وقع في شدة أو مرض شديد, فأما اللحوم فأوجاع وأسقام وابتياعها مصيبة والطري منها موت وأكلها غيبة لذلك الرجل الذي ينسب إليه الحيوان. والملح من لحوم الشاء إذا أدخل الدار فهو خير يأتي أهلها بعد مصيبة كانت من قبل بقدر مبلغه, والسمين منه خير من الهزيل وإن كان من غير لحم الشاء فهو رزق قد خمد ذكره. وقيل: الهزيل رجل فقير وقيل: هو خسران. والقديد غنيمة في اغتياب الأموات. وقيل: من أكل اللحم المهزول المملح نال نقصانا في ماله ولحم الإبل مال يصيبه من عدو قوي ضخم ما لم يمسه صاحب الرؤيا, فإن مسه أصابه من قبل رجل ضخم قوي عدو, فإن أكله مطبوخا أكل مال رجل ومرض مرضا ثم برئ. وقيل من أكله نال منفعة من السلطان. وأما لحم البقر فإنه يدل على تعب لأنه بطيء الانهضام, ويدل على قلة العمل لغلظه. وقيل: لحم البقر إذا كان مشويا أمان من الخوف, وإن كان امرأة صاحب الرؤيا حاملا فإنها تلد غلاما لقوله تعالى: أن جاء بعجل حنيذ إلى آخر القصة. وكل شيء أصابته النار في اليقظة فهو في النوم رزق فيه إثم. (ومن رأى) في النوم كأنه يأكل لحم ثور فإنه يقدم إلى حاكم, والعجل السمين الحنيذ بشارة كبيرة سريعة وتكون البشارة على قدر سمنه. وقيل: إنه رزق وخصب ونجاة من خوف. والمطبوخ من لحم البقر فضل يسير إلى صاحب الرؤيا حتى يجب لله تعالى فيه شكر لقوله تعالى: وجفان كالجواب وقدور راسيات اعملوا آل داود شكرا ولحم الضأن إذا كان مشويا مسلوخا فرآه في بيته دلت رؤياه على اتصاله بمن لا يعرفه ويعمل ضيافة لمن لا يعرفه أو يستفيد إخوانا يسر بهم, فإن كان المسلوخ مهزولا دل على أن الإخوان الذين استفادهم فقراء لا نفع في مواصلتهم. وإن رأى في بيته مسلوخة غير مشرحة فإنها مصيبة تفجؤه, فإن كانت سمينة فهو يرث من الميت مالا, وإن كانت مهزولة لم يرثه. وقيل: لحم الضأن إذا كان مطبوخا فهو مال في تعب كحال النار, وإذا كان نيئا فهم وخصومة, والفج غير النضيج هموم وبغي ومخاصمات, والعظام من كل حيوان عماد لما ملكته أيمانهم, والمخ من كل حيوان مال مكنوز مدخور يرجوه. وقيل: إن المسلوخ رديء لجميع الناس ويدل على حزن يكون في بيت الرجل وذلك أن الكباش تشبه بالناس وليس تؤكل لحوم الناس وكل اللحوم التي تؤكل جيدة خلا اليسير منها.

      وأما اللحم الذي يرى الإنسان أنه يأكله نيئا فهو رديء أبدا ويدل على هلاك شيء يملكه وذلك أن طبيعته لا تقوى على النيء وهضمه. وقال بعض المفسرين: إنما اللحم النيء رديء لمن يراه ولا يأكله, فأما من أكله فهو صالح له. فإن رأى أنه أكل لحما مطبوخا ازداد ماله, فإن رأى أنه يأكله مع شيخ ارتفع أمره عند السلطان. وأما الجمل المشوي فقد اختلف فيه فمنهم من قال: إن كان سمينا فهو مال كثير, وإن كان مهزولا فمال قليل ورزق في تعب. وقال بعضهم: إن الجمل المشوي أمان من الخوف. وقال بعضهم: الجمل المشوي ابن. فإن رأى أنه يأكل منه رزق ابنا يبلغ ويأكل من كسب نفسه, وإن كان نضيجا رزق ولده الأدب, وإن لم يكن نضيجا لم يكن كيسا في عمله. وقيل: إن كان شواء السوق بشارة. فإن لم يكن نضيجا فهو حزن يصيبه من جهة ولده. (ومن رأى) كأن ذراع الشواء كلمه فإنه ينجو من المهلكة لقصة رسول الله صلى الله عليه وسلم في الذراع المسمومة التي كلمته. وأما الرأس التنوري فرئيس. فمن رأى كأنه اشترى رأسا سمينا كبيرا من رآس استفاد أستاذا نافعا. وإن كان مهزولا فإنه غير نافع. فإن كان الرأس منتنا فإنه يثني عليه ثناء قبيحا وأكل رءوس الأنعام نيئا دليل على أنه يغتاب رئيسا ينسب إلى ذلك الحيوان, وأكل المطبوخ والمشوي من الرءوس انتفاع من بعض الرؤساء بمال. وقال بعض المعبرين: من رأى كأنه يأكل رأس غنم وكراعه أصاب جاها ومالا من إرث أو غيره. وقال: رأس الشاة في التأويل مال وهو عشرة آلاف درهم أكثرها وأقلها ألف درهم. وأكل عيون رأس المشوي أكل عيون أموال الرؤساء وأكل الدماغ أكل من صلب المال ومن مال مدفون. فإن رأى كأنه يأكل من دماغه أو دماغ غيره فإنه يأكل من صلب ماله أو مال غيره المدخور. فإن أكل مخ ساقه أكل مخ ماله وأكل الأكارع مختلف فيه فمنهم من قال: إنه أكل مال اليتامى, ومنهم من قال: هو أكل أموال كبراء الناس لأن الكراع مال والغنم دليل على كبراء الناس وأكل جلد الجمل المسلوخ أكل مال يتيم وأكل الكبد نيل قوة ومنفعة من جهة الولد وأكل الأمعاء صحة جسم وخير. والمصران المحشو من اللحم هو مال مدخور. وما كان فيه فإنه مال من قبل النساء. ولحوم الطير إذا كانت مطبوخة أو مشوية رزق ومال من مكر وغدر من جهة امرأة, فإن كان غير نضيج فإنه يغتاب امرأة ويظلمها. فإن رأى كأنه يأكل لحم طير مما لا يحل أكله فإنه يأكل من أموال قوم ظلمة مكرة. وقيل: إن أكل لحم الدجاج والإوز خير لجميع الناس لأن لحم الدجاج يدل على منفعة من قبل النساء اللواتي هن أخص به وذلك أن الدجاج يشبه بالنساء في الولادة والمشي, والإوز يدل على منفعة تكون من قبل أصحاب الرهن من الرجال, وفراخ الطير مشويا أو مقليا مال في تعب. فمن رأى أنه يأكل فرخا نيئا فهو يغتاب أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أو أشراف الناس, فإن كانت فراخ طيور شتى مما لا يؤكل لحمه من سباع الطير فإنه يغتاب أولاد السلاطين أو يرتكب منهم فاحشة, والطيور التي يؤكل لحمها فإنها استفادة مال من ضيعة ألف درهم إلى ستة آلاف درهم لأن لها ستة أعضاء: رأس وجناحين ورجلين وذنب.

      وأما السمك فقد حكي أن رجلا أتى ابن سيرين فقال: رأيت كأن على مائدتي سمكة آكل أنا وخادمي منها من ظهرها وبطنها. قال: فتش خادمك فإنه يصيب من أهلك ففتش خادمه فإذا هو رجل والسمك المالح المشوي سفر في طلب علم أو صحبة رئيس لقوله تعالى: نسيا حوتهما ومن أصاب سمكة طرية مشوية فإنه يصيب غنيمة وخيرا لقصة مائدة عيسى عليه السلام. والسمك المشوي قضاء حاجة أو إجابة دعوى أو رزق واسع إن كان الرجل تقيا. وإلا كانت عقوبة تنزل عليه, فإن رأى أنه مرغ صغار السمك في الدقيق وقلاها بالدهن فإنه ينفق ماله في شيء لا قيمة له حتى يصير له قيمة ويصير لذيذا شريفا. وقيل: السمك محمود وخاصة المشوي منه ما خلا السمك الصغار فإن شوكها أكثر من لحمها, ويدل على عداوة بينه وبين أهل بيته, ويدل على رجاء شيء لا ينال. وأكل السمك المالح يدل على خير ومنفعة في ذلك الوقت. وأما ذوق الأشياء فيختلف تأويله حسب اختلاف الأحوال, فإن رأى كأنه ذاق شيئا فاستلذه واستطابه فإنه ينال الفرج والنعمة لقوله تعالى: وإنا إذا أذقنا الإنسان منا رحمة فرح بها فإن رأى كأنه ذاق شيئا فوجد له طعما مرا فإنه يطلب شيئا يصيب منه أذى. فإن رأى كأنه ابتلع طعاما حارا خشنا دل على تنغيص عيشه ومعيشته. وأكل الشيء اللذيذ طيب العيش والمعيشة. فإن رأى أنه ذاق شيئا مجهولا فكره طعمه دل على الموت لقوله تعالى: كل نفس ذائقة الموت وإن رأى أنه ذاق شيئا لم يكرهه ولم يستطبه دل على فقر وخوف, وأكل الشيء المنتن ثناء قبيح, وإن دخل في فيه شيء مكروه فهو شدة كره في معيشته, وإن دخل فيه شيء طيب الطعم لين محبوب سهل المسلك في حلقه فهو طيب المعيشة وسهولة عمله. فإن رأى في فمه طعاما كثيرا وفيه سعة لإضعافه تشوش أمره ودلت رؤياه على أنه قد ذهب من عمره قدر ذلك الطعام الذي فيه وبقي من عمره قدر ما في فمه سعة له. فإن رأى أنه عالج ذلك الطعام حتى تخلص منه سلم وإن لم يتخلص منه فليتهيأ للموت. (ومن رأى) أنه يتلمظ فهو طيبة نفسه. والتلمظ مص اللسان. والشعرة في اللقمة هم وحزن وعسر ولحس الأصابع نيل خير قليل من جنس ذلك الطعام الذي لحسه.

      (ومن رأى) كأنه يشرب الطعام كما يشرب الماء اتسعت عليه معيشته, وكل الطعام رزق ما خلا الهريسة والبيض والعصيدة فإنه غم من جهة عماله في ذريته. فإن رأى أنه يصلي ويأكل العصيدة فإنه يقبل امرأة وهو صائم وجامات الحلواء حوار ذات حلاوة. وأما الطباهجة فمن رأى كأنه اتخذها ودعا إلى أكلها غيره فإنه يستعين بالذي يدعوه على قهر إنسان. فإن رأى كأنه يطعمه للناس فإنه ينفق مالا في طلب تجارة أو تعلم صناعة. وأما الطعام الذي هو في غاية الحموضة حتى لا يقدر على أكله فهو مرض أو ألم لا يقدر معه على أكل, ويدل أخذ الطعام الحامض من إنسان على سماع الكلام القبيح. فإن رأى كأنه يأخذه ويطعمه غيره فإنه يسمع ذلك المطعم مثله, وإن أكله أصاب حزنا أو مرضا, وإذا رأى كأنه صبر على أكله وحمد الله تعالى عليه نال الفرج وأما السكباجة المطبوخة بلحم الغنم إذا تمت أبازيرها فإن أكلها يدل على طيب النفس وتمام العز والجاه عند سادات الناس, وإذا كانت بلحم البقر دل أكلها على حياة طيبة ونيل مراد من جهة عمال, وإذا كانت بلحم العصافير دل أكلها على ملك وقوة وصفاء عيش وصحة جسم, وإن كانت بلحم الطيور فإنه تجارة أو ولاية على قوم أغنياء مذكورين على قدر كثرة الدسم وقلته. وأما الزرباجة إذا كانت بلا زعفران فإنها نافعة, وإذا كانت بالزعفران كانت مرضا لآكلها, وكذلك كل ما كان فيه صفرة وأما كل شيء فيه بياض من المطعومات وغيرها فإن أكلها بهاء وسرور إلا المخيض فإنه غم شديد لزوال الدسم عنه والمضيرة قليلة الضرر. والكشك رزق في تعب ومرض, والكشكية إن كان فيها دسم دل على تجارة دنيئة بمنفعة كثيرة.

      والثريد إذا كان كثير الدسم فهي ولاية نافعة ودنيا واسعة, وإذا كانت بغير دسم فإنه ولاية بلا منفعة. فإن رأى كأن بين يديه قصعة فيها ثريد يأكل منها فقد ذهب من عمره بقدر ما أكل منها وبقي من عمره بقدر ما بقي من الثريد فإن الثريد في الأصل يدل على حياة الرجل. فإن رأى بين يديه قصعة فيها ثريد كثير الدسم حتى لا يمكنه أكلها دل على أنه يجمع مالا ويأكله غيره. فإن رأى كأن بين يديه ثريدا لا دسم فيه وليس بطيب الطعم وهو يسرع في أكله حتى يستريح منه دلت رؤياه على أنه يتمنى الموت من ضيق الحال. فإن رأى كأن بين يديه ثريدا وهو لا يأكل منه مخافة أن ينفد فإنه يخشى الموت مع كثرة ما له من النعمة. وإن كانت ثريدة بلا دسم وبخل بلا لحم دل على حرفة نظيفة وورع, فإن لم يكن فيها دسم البتة دل على حرفة دنيئة وافتقار, فإن كانت الثريدة من مرقة طبخت بلحم بعض السباع فإن صاحبها يلي قوما ظالمين على خوف منه وكراهية أو يكون بينه وبين قوم ظالمين تجارة. وكون الدسم فيها دليل على تحريم منفعتها, وإن كانت بلا دسم فلا منفعة فيها. فإن كانت الثريدة من مرقة طبخت بلحم الكلب دل على ولاية دنيئة على قوم سفهاء أو تجارة دنيئة أو صناعة مع قوم سفهاء ذوي دناءة. فإن رأى كأنه أكل الثريد كله فإنه يموت على ذلك الهوان والفقر, وإذا كانت الثريدة من طبيخ سباع الطيور فإنها معاملة مع قوم ظلمة مكرة في مال حرام, وعلى الجملة إن الثريد في الأصل حياة الرجل وكسبه ومعيشته ومنافعها على قدر دسمها وحلالها وحرامها على قدر جوهر لحمها.

      وأما الأزرية فمال من خصومة وهم والنيء منه خسران ومرض. وأما الحلوات والمطعومات في الأصل إذا رأى الإنسان كأنه أكلها دل على طيب الحياة والنجاة من المخاطرات ونيل السرور والفرج. وقصب السكر تردد كلام يستحلى ويستطاب, والسكرة الواحدة قبلة حبيب أو ولد, والسكر الكيثر يدل على قال وقيل. وأما الشهد والعسل فمال من ميراث حلال أو مال من غنيمة أو شركة. (ومن رأى) كأن بين يديه شهدا موضوعا دل على أن عنده علما شريفا. فإن رأى كأنه يطعمه للناس فإنه يقرأ القرآن بين الناس بنغمة طيبة, والعسل لأهل الدين حلاوة الإيمان وتلاوة القرآن وأعمال البر, ولأهل الدنيا إصابة غنيمة من غير تعب, وإنما قلنا إن العسل يدل على القرآن لأن الله عز وجل وصف كلامه بالشفاء.

      (وحكي): عن ابن سيرين أنه قال: الشهد رزق كثير يناله صاحبه من غير تعب لأن النار لم تمسه, والعسل رزق قليل من وجه فيه تعب. فإن رأى كأن السماء أمطرت عسلا دل على صلاح الدين وعموم البركة. فإن رأى كأنه أكل الشهد وفوقها العسل فقد كرهه بعض المعبرين حتى فسره بنكاح الأم. وبلغنا أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: رأيت ظلة ينطف منها السمن والعسل والناس يلعقونها فمستكثر منها ومستقل. فقال أبو بكر: دعني أعبرها إنما هي القرآن وحلاوته ولينه والناس يأخذونه فمستكثر منه ومستقل وروي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: رأيت كأني في قبة من حديد وإذا عسل ينزل من السماء فيلعق الرجل اللعقة واللعقتين ويلعق الرجل أكثر من ذلك. ومنهم من يحسو. فقال أبو بكر رضي الله عنه: دعني أعبرها يا رسول الله فقال: أنت وذاك, فقال: أما قبة الحديد فالإسلام, وأما العسل الذي ينزل من السماء فالقرآن, وأما الذي يلعق اللعقة واللعقتين فالذي يتعلم السورة والسورتين. وأما الذين يحسونه فالذين يجمعونه, فقال النبي صلى الله عليه وسلم صدقت وروي أن عبد الله بن عمر قال: يا رسول الله رأيت كأن إصبعي هذين تقطران عسلا وأنني ألعقهما. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "تقرأ الكتابين". ورأى رجل كأنه يغمس خبزا في عسل ويأكله فصار محبا للعلم والحكمة فانتفع بذلك وكثر ماله لأن العسل دل على حسن علمه والخبز على يساره.

      وأما الترنجبين فرزق طيب بلا منة أحد من المخلوقين بدليل قوله تعالى: وأنزلنا عليكم المن والسلوى كلوا من طيبات ما رزقناكم وأما التمر فقد روي أن ابن عمر رأى كأنه أكل تمرا فذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "ذلك حلاوة الإيمان" وأنواع التمر كثيرة, والتمر لمن يراه يدل على المطر, ولمن أكله رزق عام خالص يصير إليه. وقيل: إنه يدل على قراءة القرآن. وقيل: إن التمر يدل على مال مدخور. ورؤيا أكل الدقل يكون للذميين. وقيل: من رأى كأنه يأكل تمرا جيدا فإنه يسمع كلاما حسنا نافعا. (ومن رأى) كأنه يدفن تمرا فإنه يخزن مالا أو ينال من بعض الخزائن مالا. (ومن رأى) كأنه شق تمرة وميز عنها نواها فإنه يرزق ولدا لقوله تعالى: إن الله فالق الحب والنوى الآية. ورؤيا أكل التمر بالقطران دليل على طلاق المرأة سرا. وأما رؤية نثر التمر فنية سفر. والكيلة من التمر غنيمة. (ومن رأى) كأنه يجني ثمرة من نخلة في إبانها فإنه يتزوج بامرأة جليلة غنية مباركة. وقيل: إنه يصيب مالا من قوم كرام بلا تعب أو من ضيعة له. وقيل: يصيب علما نافعا يعمل به. فإن كان في غير أوانها فإنه يسمع علما ولا يعمل به. فإن رأى كأنه جنى نخلة عنبا أسود فإن امرأته تلد ولدا من مملوك أسود. فإن رأى كأنه جنى من نخلة يابسة رطبا فإنه يتعلم من رجل فاسق علما ينفعه, وإن كان صاحب الرؤيا مغموما نال الفرج لقوله عز وجل في قصة مريم: وهزي إليك بجذع النخلة وقيل: التمر المنثور دراهم لا تبقى. (ومن رأى) أنه يجنى إليه التمر فإنه يجنى إليه مال من رجال ذوي أخطار يلي عليهم ولاية.

      (وحكي): أن رجلا أتى ابن سيرين فقال: رأيت كأني وجدت أربعين تمرة فقال: تضرب أربعين عصا, ثم رآه بعد ذلك بمدة فقال: رأيت كأني وجدت أربعين تمرة على باب السلطان. فقال: تصيب أربعين ألف درهم, فقال الرجل: عبرت رؤياي هذه المرة بخلاف ما عبرت في المرة الأولى. فقال: لأنك قصصت علي رؤياك في المرة الأولى وقد يبست الأشجار وأدبرت السنة وأتيتني هذه المرة وقد دبت الحياة في الأشجار. وكان الأمر في المرتين على ما عبره وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: رأيت كأن رجلا أتاني فألقمني لقمة تمر فذهبت أعجمها فإذا نواة فلفظتها. ثم ألقمني لقمة ثانية فإذا نواة فلفظتها. ثم ألقمني لقمة ثالثة فإذا نواة فلفظتها. فقال أبو بكر: دعني يا رسول الله أعبرها. فقال: عبرها. قال: تبعث سرية فيغنمون ويسلمون ويصيبون رجلا فينشدهم ذمتك فيخلونه. ثم تبعث سرية وقال ثلاثا فقال صلى الله عليه وسلم: كذلك قال الملك ورأى أنس بن مالك في المنام كأن ابن عمر يأكل بسرا فكتب إليه إني رأيتك تأكل بسرا وذلك حلاوة الإيمان وقيل: إن رجلا عاريا رأى كأن سلات من التمر البسر في نغض من بطون الخنازير وهو يدفعها ويحملها إلى بيته. فسأل المعبر عنها فعبرها غنائم من مال الكفار فما لبث أن خرجت الروم وكان الظفر للمسلمين ووصل إليه ما عبر له.

      ( وسئل): ابن سيرين عن امرأة رأت كأنها تمص تمرة وتعطيها جارا لها فيمصها فقال: هذه المرأة تشاركه في معروف يسير فإذا هي تغسل ثوبه. وأتى ابن سيرين رجل فقال: رأيت كأن بيدي سقاء وفيه تمر وقد غمست فيه رأسي ووجهي وأنا آكل منه وأقول ما أشد حموضته. فقال ابن سيرين: إنك رجل قد انغمست في كسب مال يمينا وشمالا ولا تبالي أمن حرام كان أم من حلال غير أني أعلم أنه حرام. فكان كذلك. فإن رأت امرأة أنها تأكل التمر بالقطران فإنها تأخذ ميراث زوجها وهي منه طالق. والعصيدة غم من سبب غلمانه, فإن رأى كأنه يأكل العصيدة أو الخبيص أو الفالوذج وهو في الصلاة فإنه يقبل امرأته وهو صائم. وأتى ابن سيرين رجل فقال: رأيت كأني أصلي وآكل الخبيص في الصلاة فقال: الخبيص حلال ولا يحل أكله في الصلاة وأنت تقبل امرأتك وأنت صائم فلا تفعل وأما الخبيص فاليابس منه مال في مشقة والرطب منه مختلف فيه فكرهه بعضهم لما فيه من الصفرة. وذكر أنه يدل على المرض. وقال بعضهم: هو مال كثير ودين خالص واللقمة منه قبلة من ولد أو حبيب. وقال بعضهم: إن الخبيص كلام حسن لطيف في أمر المعاش وكذلك الفالوذج, والخبيص يدل على رزق كثير في قوة وسلطنة لما مسهما من النار فإن مس النار إياهما يدل على تحريم أو كلام أو سلطنة والزلابية نجاة من هم ومال وسرور بلهو وطرب وأما أوعية الحلاوى وجاماتها فإنها تدل على جوار حسان مليحات والقطائف المحشوة مال ولذاذة وسرور واللبن الصافي مال في تعب لمس النار له.
    • في مجالس الخمر




      في مجالس الخمر

      وما فيها من المعازف والأواني واللعب والملاهي والعطر وما أشبهه والضيافات والدعوات.
      الضيافة اجتماع على خير, فمن رأى كأنه يدعو قوما إلى ضيافته فإنه يدخل في أمر يورثه الندم والملام بدليل قصة سليمان عليه السلام حين سأل ربه عز وجل أن يطعم خلقه يوما واحدا فلم يمكنه إتمامه. فإن رأى كأنه دعا قوما إلى ضيافته من الأطعمة حتى استوفوا فإنه يترأس عليهم. وقيل: إن اتخاذ الضيافة يدل على قدوم غائب. فإن رأى كأنه دعي إلى مكان مجهول فيه فاكهة كثيرة وشراب فإنه يدعى إلى الجهاد ويستشهد لقوله تعالى: يدعون فيها بفاكهة كثيرة وشراب وأما ضرب العود فكلام كذب وكذلك استماعه. (ومن رأى) كأنه يضرب العود في منزله أصيب بمصيبة. وقيل: إن ضرب العود رياسة لضاربه. وقيل: إصابة غم. فإن رأى كأنه يضربه فانقطع وتره خرج من همومه. وقيل: إن نقره يدل على ملك شريف قد أزعج من ملكه وعزه. وكلما تذكر ملكه انقلبت أمعاؤه وهو للمستور عظة وللفاسق إفساده قوما بشيء يقع على أمعائهم. وهو للجائر جور يجور على قوم يقطع به أمعاءهم. (ومن رأى) أنه يضرب بباب الإمام من الملاهي شيئا من المزمار والرقص مثل العود والطنبور والصنج نال ولاية وسلطانا إن كان أهلا لذلك وإلا فإنه يفتعل كلاما والمزمار ناحية فمن رأى كأن ملكا أعطاه مزمارا نال ولاية إن كان من أهلها وفرجا إن لم يكن من أهلها. (ومن رأى) أنه يزمر ويضع أنامله على ثقب المزمار فإنه يتعلم القرآن ومعانيه ويحسن قراءته. وقيل: إن رأى مريض كأنه يزمر فإنه يموت والصنج المتخذ من الصغر يدل على متاع الحياة الدنيا وضربه افتخار بالدنيا. وصوت الطبل صوت باطل, فإن كان معه صراخ ومزهر ورقص فهو مصيبة والطبال رجل بطال ويفتخر بالبطالة, والطبل رجل صفعان فمن رأى أنه تحول طبالا صار صفعانا, وطبل المخنثين امرأة لها عيوب يكره تصريحها لأنها عورة وفضيحة إذا فتش عنها كانت شنعة عليها لأن ارتفاع صوته شناعة وكذلك حال هذه المرأة, وطبل النساء تجارة في أباطيل قليلة المنفعة كثيرة الشنعة. وضرب الدف هم وحزن ومصيبة وشهرة لمن يكون معه, فإن كان بيد جارية فهو خير ظاهر مشهور على قدر هيئتها وجوهرها وهو ضرب باطل مشهور, وإن كان مع امرأة فإنه أمر مشهور وسنة مشهورة في السنين كلها, وإن كان مع رجل فإنه شهرة, والمعازف والقيان كلها في الأعراس مصيبة لأهل تلك الدار.

      وأما الغناء فإن كان طيبا دل على تجارة رابحة, وإن لم يكن طيبا دل على تجارة خاسرة. وقال بعضهم: إن المغني عالم أو حكيم أو مذكر, والغناء في السوق للأغنياء فضائح وأمور قبيحة يقعون فيها, وللفقير ذهاب عقله. (ومن رأى) كأن موضعا يغني فيه فإنه يقع هناك كذب يفرق بين الأحبة وكيد حاسد كاذب لأن أول من غنى وناح إبليس لعنه الله. وقيل: الغناء يدل على صخب ومنازعة وذلك بسبب تبدل الحركات في المرقص. (ومن رأى) كأنه يغني قصائد بلحن حسن وصوت عال فإن ذلك خير لأصحاب الغناء والألحان ولجميع من كان منهم. فإن رأى كأنه يغني غناء رديئا فإن ذلك يدل على بطالة ومسكنة. (ومن رأى) كأنه يمشي في الطين ويغني فإن ذلك خير وخاصة لمن كان يبيع العيدان, والمغني في الحمام كلام متهم, وقيل: الغناء في الأصل يدل على صخب ومنازعة. وأما الرقص فهو هم ومصيبة مقلقة, والرقص للمريض يدل على طول مرضه, وقيل: إن رقص الفقير غنى لا يدوم, ورقص المرأة وقوعها في فضيحة. وأما رقص من هو مملوك فهو يدل على أنه يضرب. وأما رقص المسجون فدليل الخلاص من السجن وانحلاله من القيد لانحلال بدن الرقاص وخفته. وأما رقص الصبي فإنه يدل على أن الصبي يكون أصم أخرس ويكون إذا أراد الشيء أشار إليه بيده ويكون على هيئة الرقص. وأما رقص من يسير في البحر فإنه رديء ويدل على شدة يقع فيها. وإن رقص إنسان لغيره فإن المرقوص عنده يصاب بمصيبة يشترك فيها مع الرقاص. (ومن رأى) كأنه رقص في داخل منزله وحوله أهل بيته وحدهم ليس معهم غريب فإن ذلك خير للناس كلهم بالسواء. والضارب الطنبور رجل رئيس صاحب أباطيل مفتعل في قوم فقراء أو ساعي الدراهم السكية أو زان يجتمع مع النساء لأن الوتر امرأة, وضرب الطنبور مصيبة وحزن تلتف له الأمعاء وتلتوي لأن صوته يخرج من الأمعاء التي فتلت وجففت وأخرجت من الموطن, ونقره ذكر ما رأى من الرفاهية والعز والدلال, فإن رأى سلطان أنه يسمع الطنبور فإنه يسمع قول رجل صاحب أباطيل.

      وأما العصير فيدل على الخصب لمن ناله, فمن رأى أنه يعصر خمرا فإنه يخدم سلطانا ويجري على يديه أمور عظام والخمر في الأصل مال حرام بلا مشقة, فمن رأى أنه يشرب الخمر فإنه يصيب إثما كثيرا ورزقا واسعا لقوله عز وجل: يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس وإثمهما أكبر (ومن رأى) أنه شربها ليس له من ينازعه فيها فإنه يصيب مالا حراما وقالوا: بل مالا حلالا, فإن شربها وله من ينازعه فيها فإنه ينازعه في الكلام والخصومة بقدر ذلك, فإن رأى أنه أصاب نهرا من خمر فإنه يصيب فتنة في دنياه, فإن دخله وقع في فتنة بقدر ما نال منه. وقال بعض المعبرين: ليس كثرة شرب الخمر في الرؤيا رديئة فقط. فإن رأى الإنسان كأنه بين جماعة كثيرة يشربون الخمر فإن ذلك رديء لأن كثرة الشراب يتبعه السكر والسكر فيه سبب الشغب والمضادة والقتال. وقال: الخمر لمن أراد الشركة والتزويج موافقة بسبب امتزاجها.

      (وحكي): أن رجلا رأى كأنه مسود الوجه محلوق الرأس يشرب الخمر فقص رؤياه على معبر فقال: أما سواد الوجه فإنك تسود قومك, وأما حلق الرأس فإن قومك يذهبون عنك ويذهب أمرك, وأما شرب الخمر فإنك تحوز امرأة.

      ( وأتى ) : ابن سيرين رجل فقال: رأيت كأن بين يدي إناءين في أحدهما نبيذ وفي الآخر لبن فقال: اللبن عدل والنبيذ عزل, فلم يلبث أن عزل وكان واليا. وشرب الخمر للوالي عزل, وصرف نبيذ التمر مال فيه شبهة, وشرب نبيذ التمر اغتمام, وقد اختلفوا في شرب الخمر الممزوجة ماء فقيل: ينال مالا بعضه حلال وبعضه حرام, وقيل: يصيب مالا في شركة, وقيل: يأخذ من امرأة مالا ويقع في فتنة. والسكر من غير شراب هم وخوف وهول. لقوله تعالى: وترى الناس سكارى وما هم بسكارى والسكر من الشراب مال وبطر وسلطان يناله صاحب الرؤيا, والسكر من الشراب أمن الخوف لأن السكران لا يفزع من شيء, فإن رأى أنه سكر ومزق ثيابه فإنه رجل إذا اتسعت دنياه بطر ولا يحتمل النعم ولا يضبط نفسه, ومن شرب خمرا وسكر منها أصاب مالا حراما ويصيب من ذلك المال سلطانا بقدر مبلغ السكر منه. وقيل: إن السكر رديء للرجال والنساء وذلك أنه يدل على جهل كثير. ورأى رجل كأنه ولي ولاية فركب في عمله مع قوم فلما أراد أن ينصرف وجدهم سكارى أجمعين فلم يقدر على أحد منهم وأقام كل واحد على سكره. فقصها على ابن سيرين فقال: إنهم يتمولون ويستغنون عنك ولا يجيبونك ولا يتبعونك. وأكل الطير المقلو للتنقل غيبة وبهتان ورؤية الخمر في الخابية إصابة كنز, والحب إذا كان فيه ماء وكان في بيت فإنها امرأة غنية مغمومة, وإذا كان حب الماء في السقاية فإنه رجل كثير المال كثير النفقة في سبيل الله, والحب إذا كان فيه الخل فهو رجل صاحب ورع, وإذا كان فيه زبد فهو صاحب مال تام, وإذا كان فيه كامخ فهو رجل مريض. وأتى ابن سيرين رجل فقال: رأيت كأن خابية بيتي قد انكسرت. فقال: إن صدقت رؤياك طلقت امرأتك فكان كذلك. والراووق رجل صادق يقول الحق. والقنينة خادمة مترددة في نقل الأموال, وكذلك الإبريق خادم بدليل قول الله عز وجل: يطوف عليهم ولدان مخلدون بأكواب وأباريق فمن رأى كأنه يشرب من إبريق فإنه يرزق ولدا من أمته, والأباريق الخدم القوام على الموائد.

      (وحكي): أن رجلا أتى ابن سيرين فقال: رأيت كأني أشرب من ثليلة لها ثقبان أحدهما عذب والآخر مالح. فقال: اتق الله فإنك تختلف إلى أخت امرأتك. والكأس يدل على النساء فإن رأى كأنه سقي في كأس أو قدح زجاج دلت رؤياه على جنين في بطن امرأته. فإن رأى كأن الكأس انكسرت وبقي الماء فإن المرأة تموت ويعيش الجنين.

      (وقد حكي): أن رجلا أتى ابن سيرين فقال: رأيت كأني استسقيت ماء فأتيت بقدح ماء فوضعته على كفي فانكسر القدح وبقي الماء في كفي. فقال له: ألك امرأة؟ قال نعم, قال: هل بها حبل؟ قال: نعم, قال: فإنها تلد فتموت ويبقى الولد على يدك. فكان كما قال. فإن رأى كأن الماء انصب وبقي الكأس صحيحا فإن الأم تسلم والولد يموت. وقيل: ربما يدل انكسار الكأس على موت الساقي. والقدح أيضا من جواهر النساء فإنه من زجاج والشرب في القدح مال من جهة امرأة, وقيل: إن أقداح الذهب والفضة في الرؤيا أصلح لبقائها, وأقداح الزجاج سريعة الانكسار, وتدل على إظهار الأشياء الخفية لضوئها, والأقداح حوار أو غلام حدث واللعب بالشطرنج والنرد والكعاب والجوز مكروه ومنازعة, وإنما قيل إن اللعب بكل شيء مكروه لقوله تعالى: أوأمن أهل القرى أن يأتيهم بأسنا ضحى وهم يلعبون (ومن رأى) أنه يلعب بها فإن له عدوا دينا. والشطرنج منصوبة لا يلعب بها فإنها رجال معزولون, وأما منصوبة ويلعب بها فإنهم ولاة رجال, فإن قدم أو أخر إقطاعها فإنه يصير لوالي ذلك الموضع ضرب أو خصومة, وإن غلب أحد الخصمين الآخر فإن الغالب هو الظاهر, وقيل: إن اللعب بالشطرنج سعي في قتال أو خصومة, وأما اللعب بالنرد فاختلف فيه فقيل: إنه خوض في معصية, وقيل: إنه تجارة في معصية, واللعب به في الأصل يدل على وقوع قتال في جور لأجل تحريمه ويكون الظفر للغالب. واللعب بالكعاب اشتغال بباطل وقيل هو دليل خير. والقمار هو شغب ونزاع. وأما المحمرة فمملوك أديب نال منه صاحبه ثناء حسنا. والطيب في الأصل ثناء حسن. وقيل: هو للمريض دليل الموت. والحنوط والتدخين بالطيب ثناء مع خطر لما فيه من الدخان فأما العنبر فنيل مال من جهة رجل شريف والمسك وكل سواد من الطيب كالقرنفل والمسك والجوزبو فسؤدد أو سرور وسحقه ثناء حسن, وإذا لم يكن لسحقه رائحة طيبة دل على إحسانه إلى غير شاكر والكافور حسن ثناء مع بهاء والزعفران ثناء حسن إذا لم يمسه وطحنه مرض مع كثرة الداعين له والغالية قد قيل إنها تدل على الحج, وقيل إنها مال, وقيل إنها سؤدد, وقيل: من رأى كأنه تغلف بالغالية في دار الإمام اتهم بغلول وخيانة, والذريرة ثناء حسن وماء الورد مال وثناء حسن وصحة جسم والتبخر حسن معاشرة الناس, والأدهان كلها هموم إلا الزئبق فإنه ثناء حسن, والزيت بركة إن أكله أو شربه أو ادهن به لأنه من الشجرة المباركة. ورأى بعض الملوك كأن مجامير وضعت في البلد تدخن بغير نار ورأى البذور تبذر في الأرض ورأى على رأسه ثلاثة أكاليل. فقص رؤياه على معبر فقال: تملك ثلاث سنين أو ثلاثين سنة ويكثر النبات والثمار في زمانك وتكثر الرياحين. فكان كذلك. (ومن رأى) أنه تبخر نال ربحا وخيرا ومعيشته في ثناء حسن.
    • في الكسوات واختلاف ألوانها وأجناسها




      في الكسوات واختلاف ألوانها وأجناسها

      أنواع الثياب أربعة: الصوفية والشعرية والقطنية والكتانية والمتخذة من الصوف مال ومن الشعر مال دونه والمتخذة من القطن مال ومن الكتان مال دونه. وأفضل الثياب ما كان جديدا صفيقا واسعا, وغير المقصور خير من المقصور, وخلقان الثياب وأوساخها فقر وهم وفساد الدين والوسخ والشعث في الجسد والرأس هم. والبياض من الثياب جمال في الدنيا والدين, والحمرة في الثياب للنساء صالح وتكره للرجال لأنها زينة الشيطان إلا أن تكون الحمرة في إزار أو فراش أو لحاف وفيما لا يظهر فيه الرجل فيكون حينئذ سرورا وفرحا. والصفرة في الثياب كلها مرض. وقد قيل: إن الحمرة هم والحمرة والصفرة في الجسد لا يضران لأنهما لا ينكران ولا يستبشعان للرجال, والخضرة في الثياب جيدة في الدين لأنها لباس أهل الجنة, والسود من الثياب صالحة لمن لبسها في اليقظة ويعرف بها وهي سؤدد ومال وسلطان وهي لغير ذلك مكروهة وثياب الخز مال كثير وكذلك الصوف ولا نوع من الثياب أجود من الصوف إلا البرود من القطن إذا لم يكن فيها حرير فإنها تجمع خير الدنيا والدين, وأجود البرود الحبرة والبرود من الإبريسم مال حرام وفساد في الدين والكساء من الخز والقز والحرير والديباج سلطان إلا أنها مكروهة في الدين إلا في الحرب فهو صالح والعمائم تيجان العرب ولبسها يدل على الرياسة وهي قوة الرجل وتاجه وولايته. فإن رأى كأنه لوى العمامة على رأسه ليلا فإنه يسافر سفرا في ذكر وبهاء, وإن رأى أن عمامته اتصلت بأخرى زاد في سلطانه, والعمامة من الإبريسم تدل على رياسة وفساد الدين ومال حرام, ومن القطن والصوف رياسة في صلاح الدين والدنيا, ومن الخز إصابة غنى, وتجري ألوانها مثل ألوان باقي الثياب. رأى إسحاق عليه السلام كأن عمامته قد نزعت فانتبه ونزل عليه الوعيد بانتزاع امرأته عنه, ثم رأى أن عمامته قد أعيدت إليه فسر بعودها إليه. ورأى أبو مسلم الخرساني كأن رسول الله صلى الله عليه وسلم عممه بعمامة حمراء ولواها على رأسه اثنتين وعشرين لية فقص رؤياه على معبر فقال: تلي اثنتين وعشرين سنة ولاية في بغي فكان كذلك.

      والقلنسوة سفر بعيد أو تزويج امرأة أو شراء جارية, ووضعها على الرأس إصابة سلطان ورياسة ونيل خير من رئيس أو قوة لرئيسه ونزعها مفارقة لرئيسه, فإن رآها مخرقة أو وسخة فإن رئيسه يصيبه هم بقدر ذلك, وإن نزعها عن رأسه شاب مجهول أو سلطان مجهول فهو موت رئيسه وفراق ما بينهما بموت أو حياة. فإن رأى على رأسه برطلة فهو يعيش في كنف رئيسه, فإن كانت بيضاء فإنه يصيب سلطانا إن كان ممن يلبسها وإن لم يكن فهو دينه الذي يعرف به. (ومن رأى) ملكا أعطى الناس قلانس فإنه يرئس الرؤساء على الناس ويوليهم الولايات, ولبس القلنسوة مقلوبة تغير رئيسه عن عادته, فإن رأى بقلنسوة الإمام آفة أو بهاء فإنه في الإسلام الذي توجه الله تعالى به وبالمسلمين الذين هم أعزة بهم, فإن كانت من برود كما كان يلبسه الصالحون فهو يتشبه بهم ويتبع آثارهم في ظاهر أمره. (ومن رأى) بقلنسوة نفسه وسخا أو حدثا فهو دليل على ذنوب قد ارتكبها, فإن رأت امرأة على رأسها قلنسوة, فإنها تتزوج إن كانت أيما وإن كانت حبلى ولدت غلاما على جوهر القلنسوة. (ومن رأى) قلنسوة من سمور أو سنجاب أو ثعلب فإن كان رئيسه سلطانا فهو ظالم غشوم, وإن كان رئيسه فقيها فهو خبيث الدين, وإن كان رئيسه تاجرا فهو خبيث المتجر, وإن كانت القلنسوة من فرو الضأن فهي صالحة. وجاء رجل إلى معبر فقال: رأيت كأن عدوا لي فقيها عليه ثياب سود وقلنسوة سوداء وهو راكب على حمار أسود. فقال له: قلنسوته السوداء توليته القضاء والحكم, والثياب السود سؤدد يصيبه, والحمار الأسود خير ودولة مع سؤدد يناله والمنديل خادم. وما يرى به من حدث أو جدة أو جمال أو صفاء فهي الخادم وخمار المرأة زوجها وسترها ورئيسها وسعته سعة حاله, وصفاقته كثرة ماله وبياضه دينه وجاهه. فإن رأت أنها وضعت خمارها عن رأسها بين الناس ذهب حياؤها, والآفة في الخمار مصيبة في زوجها إن كانت مزوجة وفي مالها إن لم تكن ذات زوج, فإن رأت خمارها أسود باليا دل على سفاهة زوجها ومكره, وإن رأت امرأة عليها خمارا مطيرا دل على مكر أعداء المرأة بها وتعييرهم صورتها عند زوجها. وقميص الرجل شأنه في مكسبه ومعيشته ودينه, فكل ما رآه فيه من زيادة أو نقصان فهو في ذلك. وقيل: القميص بشارة لقوله تعالى: اذهبوا بقميصي هذا وقيل: للرجل امرأة وللمرأة زوج لقوله تعالى: هن لباس لكم وأنتم لباس لهن فإن رأى قميصه انفتق فارق امرأته. فإن رأى أنه لبس قميصا ولا كمين له حسن شأنه في دينه إلا أنه ليس له مال ويكون عاجزا عن العمل لأن المال والعمل ذات اليد وليس له ذات اليد وهي الكمان. فإن رأى جيب قميصه ممزقا فهو دليل فقر. فإن رأى كأن له قمصانا كثيرة دل ذلك على أن له حسنات كثيرة ينال بها في الآخرة أجرا عظيما. والقميص الأبيض دين وخير ولبسه القميص شأن لابسه وكذلك جبته وصلاحهما وفسادهما في شأن لابسهما. فإن رأت امرأة أنها لبست قميصا جديدا صفيقا واسعا فهو حسن حالها في دينها ودنياها وحال زوجها.

      وقال النبي عليه السلام: رأيت كأن الناس يعرضون علي وعليهم قمص منها ما يبلغ الثدي ومنها ما يبلغ أسفل من ذلك وعرض علي عمر وعليه قميص يجره قالوا: فما أولت ذلك يا رسول الله؟ قال: الدين وأما القرطق ففرج وقيل ولد. فمن رأى أنه لبس قرطقا وتوقع ولدا فهو جارية والقباء ظهر وقوة وسلطان وفرج وصفيقة خير من رقيقه. فمن رأى عليه قباء خزا أو قزا أو ديباجا فإن ذلك سلطان يصيبه بقدر خطر القوة في كسوتها وحدتها إلا أن كله مكروه في الدين لأنه ليس من لباس المسلمين إلا في الحرب مع السلاح فإنه لا بأس به, والقباء لصاحبه ولاية وفرج على كل الأحوال, والدواج أيضا ظهر, ويدل على تزوج امرأة إذا تلحف به ونام. فإن رأى كأن دواجه من لؤلؤ فإن امرأته دينة قارئة لكتاب الله تعالى, فإن كان الدواج مبطنا بسمور أو سنجاب أو ثعلب فإن امرأته خائنة مكرة لزوجها برجل ظالم. والدراعة امرأة أو نجاة من هم وكرب, فإن كان عليه دراعة وبيده قلم وصحيفة فإنه قد أمن الفقر بالخدمة للملك وأما الفرو في الشتاء فخير يصيبه وغنى, وفي الصيف خير يصيبه في غم, وجلود الأغنام ظهور قوته, وجلود السباع كالسمور والثعلب والسنجاب يدل على رجال ظلمة, وقيل: إنها دليل السؤدد, ولبس الفرو مقلوبا إظهار مال مستور والسراويل امرأة دينة أو جارية أعجمية. فإن رأى كأنه اشترى سراويل من غير صاحبه تزوج امرأة بغير ولي, والسروال الجديد امرأة بكر, والتسرول دليل العصمة عن المعاصي, وقيل: السراويل دليل صلاح شأن امرأته وأهله, ولبس السراويل بلا قميص فقر, ولبسه مقلوبا ارتكاب فاحشة من أهله, وبوله فيه دليل حمل امرأته, وتغوطه فيه دليل غضبه على حمل امرأته, وانحلال سراويله ظهور امرأته للرجال وتركها الاختفاء والاستتار عنهم. وقيل: إن السراويل تدل على سفر إلى قوم عجم لأنه لباسهم. وقيل: السراويل صلاح شأن أهل بيته وتجدد سرورهم. والتكة تابعة للسراويل, وقيل: إنها مال, وقيل: من رأى في سراويله تكة فإن امرأته تحرم عليه أو تلد له ابنتين إن كانت حبلى, وإن رأى كأنه وضع تكته تحت رأسه فإنه لا يقبل ولده. وإن رأى كأن تكته انقطعت فإنه يسيء معاشرة امرأته أو يعزل عنها عند النكاح. فإن رأى كأن تكته حية فإن صهره عدو له. (ومن رأى) كأن تكته من دم فإنه يقتل رجلا بسبب امرأة أو يعين على قتل امرأة الزاني. (ومن رأى) أنه لبس رانا فإنه يلي ولاية على بلدة إن كان أهلا للولاية, ولغير الوالي امرأة غنية ليس لها حميم ولا قريب.

      والإزار امرأة حرة لأن النساء محل الإزار, فإن رأت امرأة أن لها إزارا أحمر مقصولا فإنها تتهم بريبة, فإن خرجت من دارها فيه فإنها تستبشع, فإن رئي في رجلها مع ذلك خف فإنها تتهم بريبة تسعى فيها. والملحفة امرأة وقيمة بيت. (ومن رأى) أنه لبس ملحفة فإنه يصيب امرأة حسنة, ومن لبس ملحفة حمراء لقي قتالا بسبب امرأة. والرداء الجديد الأبيض الصفيق جاه الرجل وعزه ودينه وأمانته والرقيق منه رقة في الدين وقيل: الرداء امرأة دينة. وقيل: هو أمر رفيع الذكر قليل النفع. وصبغة الرداء والطيلسان الخلق من الفقر والرداء أمانة الرجل لأن موضعه صفحتا العنق والعنق موضع الأمانة. وسئل ابن سيرين عن رجل رأى كأن عليه رداء جديدا من برد يمان قد تخرقت حواشيه فقال: هذا رجل قد تعلم شيئا من القرآن ثم نسيه. والطيلسان جاه الرجل وبهاؤه ومروءته على قدر الطيلسان وجدته وصفاقته, فإن كان لابس الطيلسان ممن تتبعه الجيوش قاد الجيوش, وإن كان للولاية أهلا نال الولاية, وإن لم يكن أهلا لذلك فإنه يصير قيما على أهل بيته وعائلا لهم. وقيل: إن الطيلسان حرفة جيدة يقي صاحبها الهموم والأحزان كما يقيه الحر والبرد. وقيل: الطيلسان قضاء دين, وقيل: هو سفر في بر ودين وتمزقه وتخرقه دليل موت من يتجمل به من أخ وولد. فإن رأى الحرق أو الخرق ورأى كأن لم يذهب من الطيلسان شيء ناله ضرر في ماله, وانتزاع الطيلسان منه دليل على سقوط جاهه ويقهر. والكساء رجل رئيس, وقيل هو حرفة يأمن بها صاحبها من الفقر. والوسخ في الكساء خطأ في المعيشة وذهاب الجاه. والتوشح بالكساء في الصيف هم وضر, وفي الشتاء صالح. والمطرف امرأة والقطيفة سلاح على العدو والممطر ثناء حسن وذكر في الناس وسعة في الدنيا لأنه من أوسع الملابس. وقيل: هو اجتماع الشمل والأمن في الدنيا ووقاية من البلايا, ولبسه وحده من غير أن يكون معه شيء آخر من الثياب دليل الفقر, والتجمل مع ذلك للناس بإظهار الغنى. وأما اللفافة إذا لفت فهي سفر, والجورب مال ووقاية للمال, فإن طابت رائحتها دل على أن صاحبها يقي ماله ويحصنه بالزكاة ويحسن الثناء عليه, وإن كانت رائحتها كريهة دلت على قبح الثناء, وإن كانت بالية دل على منع الزكاة والصدقة.

      والجبة امرأة فمن رأى أن عليه جبة فهي امرأة عجمية تصير إليه, فإن كانت مصبوغة فإنها ودود ولود, وظهارة الجبة من القطن حسن دين. ولبس الصوف مال كثير مجموع يصيبه. والنوم على الصوف إصابة مال من جهة امرأة, واحتراق الصوف فساد في الدين وذهاب الأموال. ولبسه للعلماء زهد, فإن رأى كلبا لابسا صوفا دل على تمول رجل دنيء بمال رجل شريف. فإن رأى أسدا لابسا صوفا دل على إنصاف السلطان وعدله. وإن رأى أسدا لابسا ثوبا من قطن أو كتان فإنه سلطان جائر يسلب الناس أموالهم وحرمهم ولبس الثياب البيض صالح دينا ودنيا, لمن تعود لبسها في اليقظة. وأما المحترفون والصناع فإنها عطلة لهم إذا كانوا لا يلبسون الثياب البيض عند أشغالهم. والثياب الخضر قوة ودين وزيادة عبادة للأحياء والأموات وحسن حال عند الله تعالى وهي ثياب أهل الجنة. ولبس الخضرة أيضا للحي يدل على إصابة ميراث, وللميت يدل على أنه خرج من الدنيا شهيدا. والثياب الحمر مكروهة للرجال إلا الملحفة والإزار والفراش فإن الحمرة في هذه الأشياء تدل على سرور وهي صالحة للنساء في دنياهن, وقيل: إنها تدل على كثرة المال مع منع حق الله منه. ولبس الملك الحمرة دليل على اشتغاله باللهو واللعب وقيل يدل في المرض على الموت. ومن لبس الحمرة يوم عيد لم يضره. والصفرة في الثياب مرض وضعف إلا في الديباج والخز والحرير فقد قيل إنها في هذه الأشياء صالحة للنساء وفساد دين للرجل والثياب السود لمن لا يعتاد لبسها إصابة مكروه ولمن اعتاد لبسها صالحة, وقيل: هي للمريض دليل الموت لأن أهل المريض يلبسونها, والزرقة هم وغم. وأما الثياب المنقوشة بالألوان فإنه كلام من سلطان يكرهه وحزن, والثوب ذو الوجهين أو ذو اللونين فهو رجل يداري أهل الدين والدنيا, فإن كان جديدا وسخا فإنه دنيا وديون قد اكتسبها. وقيل: إن الثياب المنقوشة الألوان للفتكة والذباحين ولمن كانت صناعته في شيء من أمر الأشردة خير, وأما في سائر الناس فتدل على الشدة والحزن, وتدل للمريض على زيادة مرضه من كيموس حاد ومرة أصفراء وهي صالحة للنساء وخاصة للغواني والزواني منهن وذلك أن عادتهن لبسها. والثياب الجدد صالحة للأغنياء, والفقراء دالة على ثروة وسرور. (ومن رأى) كأنه لابس ثيابا جددا ممزقة وهو يقدر على إصلاح مثلها فإنه يسحر, وإن كان التمزق بحيث لا يمكنه إصلاح مثلها فإنه يرزق ولدا. والثياب الرقيقة تجدد الدين, فإن رأى كأنه لبسها فوق ثيابه دل على فسق وخطأ في الدين, فإن لبسها تحت ثيابه دل على موافقة سريرته علانيته أو كونها خيرا مدخورا.

      وأما الديباج والحرير وجميع الثياب الإبريسم لا يصلح لبسها للفقهاء فإنه يدل على طلبهم الدنيا ودعوتهم النساء إلى البدعة وهي صالحة لغير الفقهاء فإنها تدل على أنهم يعملون أعمالا يستوجبون بها الجنة ويصيبون مع ذلك رياسة, وتدل أيضا على التزوج بامرأة شريفة أو شراء جارية حسناء, والثياب المنسوجة بالذهب والفضة صلاح في الدين والدنيا وبلوغ المنى. (ومن رأى) أنه يملك حللا من حرير أو إستبرق أو يلبسها على أنه تاج أو إكليل من ياقوت فإنه رجل ورع متدين غاز وينال مع ذلك رياسة. وأتى ابن سيرين رجل فقال: رأيت كأني اشتريت ديباجا مطويا فنشرته فإذا في وسطه عفن فقال له: هل اشتريت جارية أندلسية؟ قال: نعم, قال: هل جامعتها؟ قال: لا. لأني لم أستبرئها بعد, قال: فلا تفعل فإنها عفلاء, فمضى الرجل وأراها النساء فإذا هي عفلاء. ورأى رجل كأنه لبس ديباجا فسأل معبرا فقال: تتزوج جارية عذراء جميلة ذات قدر. وأما الأعلام على الثوب فهي سفر إلى الحج أو إلى ناحية الغرب. وثياب الوشي تدل على نيل الولاية لمن كان من أهلها خصوصا على أهل الزرع والحرث وعلى خصب السنة لمن لم يكن من أهلها وهي للمرأة زيادة عز وسرور ومن أعطي وشيا نال مالا من جهة العجم أو أهل الذمة, والثياب المسيرة تدل على السياط ونعوذ بالله منها والمصمت جاه ورفع صيت والملحم مختلف فيه فمنهم من قال هو المرأة, ومنهم من قال هو النار, ومنهم من قال هو مرض, ومنهم من قال هو ملحمة. والخز قد قيل إنه يدل على الحج. واختلفوا في الأصفر منه فمنهم من كرهه, ومنهم من قال: إن الخز الأصفر لا يكره ولا يحمد. والأحمر منه تجدد دنيا لمن لبسه. وأما ثياب الكتان من رأى أنه لبس قميص كتان نال معيشة شريفة ومالا حلالا. وأما ثياب البرود فإنه يدل على خير الدنيا والآخرة. وأفضل الثياب البرود الحبرة وهي أقوى في التأويل من الصوف, والبرود المخططة في الدين خير منه في الدنيا. والبرود من الإبريسم مال حرام. والخلقان من الثياب غم. فمن رأى كأنه لبس ثوبين خلقين مقطعين أحدهما فوق الآخر دل على موته, وتمزق الثوب عرضا تمزق عرضه, وتمزق الثوب طولا دليل الفرج مثل البقاء والزواج, فإن رأت امرأة قميصها خلقا قصيرا اقتصرت وهتك سترها, ومن مزق قميصه على نفسه فإنه يخاصم أهله وتبطل معيشته, فإن لبس قمصانا خلقانا ممزقة بعضها فوق بعض فإنه فقره وفقر ولده, فإن رأيت الخلقان على الكافر فإنها سوء حاله في دنياه وآخرته, وقيل: الثياب المرقعة القبيحة تدل على خسران وبطالة.

      والوسخ هم سواء كان في الثوب أو في الجسد أو في الشعر, والوسخ في الثياب بغير دسم يدل على فساد الدين وكثرة الذنوب, وإذا كان مع الدسم فهو فساد الدنيا, وغسلها من الوسخ توبة, وغسلها من المني توبة من الزنا, وغسلها من الدم توبة من القتل, وغسلها من العذرة توبة من الكسب الحرام, ونزع الثياب الوسخة زوال الهموم وكذلك إحراقها. وأما البلل في الثوب فهو عاقة عن سفر أو عن أمرهم به ولا يتم له حتى يجف الثوب. (ومن رأى) أنه أصاب خرقا جددا من الثياب أصاب كسورا من المال. والخلعة شرف وولاية ورياسة. وأكل الثوب الجديد أكل المال الحلال, وأكل الثوب الوسخ أكل المال الحرام. (ومن رأى) كأنه لبس ثيابا للنساء وكان في ضميره أنه يتشبه بهن فإنه يصيبه هم وهول من قبل سلطان, فإن ظن مع لبسها أن له فرجا مثل فروجهن خذل وقهر, فإن رأى كأنه نكح في ذلك الفرج ظفر به أعداؤه. ولبس الرجل ثياب النساء مصبوغة زيادة في أعدائه. (ومن رأى) كأنه لبس ثيابا فسلبها عزل عن سلطانه. فإن رأى كأنه فقد بعض كسوته أو متاع بيته فإنه يلتوي عليه بعض ما يملكه ولا يذهب أصلا. وأما لبس الخفين فقيل إنه سفر في بحر, ولبسه مع السلاح جنة. والخف الجديد جنة من المكاره ووقاية المال. وإذا لم يكن معه سلاح فهو هم شديد وضيقه أقوى في الهم, وقيل: الخف الضيق دين وحبس وقيد وإن كان واسعا فإنه هم من جهة المال, وإن كان جديدا وهو منسوب إلى الوقاية فهو أجود لصاحبه, وإن كان خلقا فهو أضعف للوقاية, وإن كان منسوبا إلى الهم فما كان أحكم فهو أبعد من الفرج. فإن رأى الخف مع اللباس والطيلسان فهو زيادة في جاهه وسعة في المعاش, والخف في إقبال الشتاء خير وفي الصيف هم, فإن رأى خفا ولم يلبسه فإنه ينال مالا من قوم عجم, وضياع الخف المنسوب إلى الوقاية ذهاب الزينة وإن كان منسوبا إلى الهم والديون كان فرجا ونجاة منهما. ولبس الخف الساذج يدل على التزوج ببكر, فإن كان تحت قدمه متخرقا دل على التزويج بثيب, فإن ضاع أو قطع طلق امرأته, فإن باع الخف ماتت المرأة. فإن رأى أنه وثب على خفه ذئب أو ثعلب فهو رجل فاسق يغتاله في امرأته. ومن لبس خفا منعلة أصابه هم من قبل امرأة, وإن كانت في أسفل الخف رقعة فإنه يتزوج امرأة معها ولد, ولبس الخف الأحمر لمن أراد السفر لا يستحب, وقيل: من رأى أنه سرق منه الخفان أصابه همان ونزع الصندل مفارقة خادم أو امرأة. والنعل المحذوة إذا مشى فيها طريق وسفر فإن انقطع شسعها أقام من سفره, فإن انقطع شراكها أو زمامها أو انكسرت النعل عرض له أمر منعه عن سفره على كره منه وتكون إرادته في سفره حسب لون نعله, فإن كانت سوداء كان طالب مال وسؤدد, وإن كانت حمراء كان لطلب سرور, وإن كانت خضراء كان لدين, وإن كانت صفراء كان لمرض وهم.

      فإن رأى أنه ملك نعلا ولم يمش فيها ملك امرأة. فإن لبسها وطئ المرأة, فإن كانت غير محذوة كانت عذراء وكذلك إن كانت محذوة لم تلبس وتكون المرأة منسوبة إلى لون النعل. فإن رأى أنه يمشي في نعلين فانخلعت إحداهما عن رجله فارق أخا له أو شريكا, ولبس النعلين مع المشي فيهما سفر في بر, فإن لبسها ولم يمش فيها فهي امرأة يتزوجها, فإن رأى أنه مشى فيها في محلته وطئ امرأته, والنعل المشعرة غير المحذوة مال والمحذوة امرأة. والنعل المشركة ابنة, فإن رأى كأنه لبس نعلا محذوة مشعرة جديدة لم تشرك ولم تلبس تزوج بكرا. فإن رأى كأن عقبها انقطع فإنها امرأة غير ولود, وقيل: إنه يتزوج امرأة بلا شاهدين, فإن لم يكن لها زمام تزوج امرأة بلا ولي, فإن رأى كأن نعله مطبقة فانشق الطبق الأسفل ولم يسقط فإن امرأته تلد بنتا, فإن تعلق الطبق بالطبق فإن حياة البنت تطول مع أمها وإن سقطت فإنها تموت. (ومن رأى) كأنه رقع نعله فإنه يردم الخلل في أمر امرأته ويحسن معها المعاشرة, فإن رقعها غيره دل على فساد امرأته, فإن دفع نعله إلى الحذاء ليصلحها فإنه يعين امرأته على ارتكاب فاحشة. فإن رأى كأنه يمشي بفرد نعل فإنه يطلق امرأته أو يفارق شريكه. وقيل: إن هذه الرؤيا تدل على أنه يطأ إحدى امرأتيه دون الأخرى أو يسافر سفرا ناقصا. فإن رأى كأن نعله ضلت أو وقعت في الماء فإن امرأته تشرف على الهلاك ثم تسلم. فإن رأى رجلا سرق نعله فلبسها فإن رجلا يخدع امرأته على علم منه ورضاه بذلك. والنعل من الفضة حرة جميلة, ومن الرصاص امرأة ضعيفة, ومن النار امرأة سليطة, ومن الخشب امرأة منافقة خائنة والنعل السوداء امرأة غنية ذات سؤدد, والنعل المتلونة امرأة ذات تخليط, ومن جلود البقر فهي من العجم, ومن جلود الخيل فهي من العرب, ومن جلود السباع فهي من ظلمة السلاطين, والنعل الكتانية امرأة مستورة قارئة لكتاب الله فصيحة وقيل: إن خلع النعلين أمن ونيل ولاية لقوله تعالى: فاخلع نعليك وسأل رجل ابن سيرين فقال: رأيت نعلي قد ضلتا فوجدتهما بعد المشقة. فقال: تلتمس مالا ثم تجده بعد المشقة. وقيل: إن المشي في النعل سفر في طاعة الله تعالى وسئل ابن سيرين عن رجل رأى في رجليه نعلين فقال: تسافر إلى أرض العرب. وقيل: إن النعل يدل على الأخ.

      (وحكي): أن رجلا أتى ابن سيرين فقال: رأيت كأني أمشي في نعلي فانقطع شسع إحداهما فتركتها ومضيت على حالي. فقال له: ألك أخ غائب؟ قال: نعم. قال: خرجتما إلى الأرض معا فتركته هناك ورجعت؟ قال: نعم, فاسترجع ابن سيرين وقال: ما أرى أخاك إلا قد فارق الدينا. فورد نعيه عن قريب.
    • في السلاطين والملوك وحشمهم وأعوانهم ومن يصحبهم




      في السلاطين والملوك وحشمهم وأعوانهم ومن يصحبهم

      السلطان في النوم هو الله تعالى, ورؤيته راضيا دالة على رضاه, ورؤيته عابسا تدل على إظهار صاحب الرؤيا أمرا يرجع إلى فساد الدين, ورؤيته ساخطا دليل على سخط الله تعالى. (ومن رأى) كأنه ولي الخلافة نال عزا وشرفا, فإن رأى أنه تحول خليفة بعينه وكان للخلافة أهلا نال رفعة, وإن لم يكن للخلافة أهلا نال ذلا وتفرق أمره وأصابته مصيبة. (ومن رأى) أنه تحول ملكا من الملوك أو السلاطين نال جدة في الدنيا مع فساد دين. وقيل: من رأى ذلك ولم يكن أهلا له مات سريعا, وكذلك إن كان مريضا دل على موته لأن من مات لم يكن للناس عليه سلطان كما أن الملك لا سلطان عليه. وإن رأى ذلك عبد أعتق, فإن رأى أن الإمام عاتبه بكلام جميل فإن ذلك صلاح ما بينهما, فإن رأى أنه خاصم الإمام بكلام حكمة ظفر بحاجته, فمن رأى أنه سائر مع الإمام فإنه يقتدي به, فإن رأى كأنه صدمه في مسيره فإنه يخالفه, وإن كان رديفه على دابة فإنه يستخلفه في حياته أو بعد مماته. فإن رأى أنه يؤاكله نال شرفا بقدر الطعام الذي أكل وقيل يلقى حربا ومكاشفة. فإن رأى نفسه قائما مع الإمام ليس بينهما حاجز ثم قام الإمام وبقي هو نائما دل على أن الإمام يحقد عليه. وإن ثبتت بينهما المصاحبة يصير ماله للإمام لأن النائم كالميت ووجود الميت وجود مال. فإن رأى كأنه نام قبل الإمام سلم مما خاطر بنفسه فإن النوم معه مساواته بنفسه وهي مخاطرة, فإن رأى كأنه نائم على فراش الإمام وكان الفراش معروفا فإنه ينال منه أو من بعض المتصلين به امرأة أو جارية أو مالا يجعله في مهر امرأة أو ثمن جارية, وإن كان الفراش مجهولا قلده الإمام بعض الولايات, فإن رأى أن الإمام كلمه نال رفعة لقوله تعالى: فلما كلمه قال إنك اليوم لدينا مكين أمين وإن كان تاجرا نال ربحا, وإن كان في خصومة ظفر, وإن كان محبوسا أطلق, ومن ساير الإمام خالطه في سلطانه.

      ومن رأى الإمام أو السلطان دخل دارا أو محلة أو موضعا ينكر دخوله إليه أو قرية أصاب أهل ذلك المكان مصيبة عظيمة, وكل ما رأى في حال الإمام وهيئته من الحسن فهو حسن حالة رعيته, وما رأى في جوارحه من فضل فهو قوته في سلطانه, ومن رأى في بطنه من زيادة أو نقص فهي في ماله وولده, فإن رأى أنه دخل في دار الإمام فإنه يتولى أمور أهله وينال سعة من العيش. (ومن رأى) كأنه ضاجع حرم الإمام اختلف في تأويله فمنهم من قال: إنه يصيب منه خاصية, وقيل: يغتاب حرمه. فإن رأى أنه أعطاه شيئا نال شرفا فإن أعطاه ديباجة وهب له جارية أو يتزوج بامرأة متصلة ببعض السلاطين, ومن دخل دار الإمام ساجدا نال عفوا ورياسة, فإن اختلف إلى بابه ظفر بأعدائه. فإن رأى أن باب دار الملك حول فإن عاملا من عمال الملك يتحول عن سلطانه أو يتزوج الملك بأخرى. ومشي الإمام راجلا كتمان سره وظفر بعدوه وثناء الرعية عليه ظفر له ونثرهم عليه السكر إسماعهم إياه كلاما جميلا. ونثرهم عليه الدراهم كذلك ونثرهم عليه الدنانير إسماعهم إياه ما يكره. ورميهم إياه بالحجارة إسماعهم إياه كلام قسوة وجفوة, ورميهم إياه بالنبال دعاؤهم عليه في لياليهم لظلمه إياهم, فإن أصابه نبل أصابته نقمة, وسجود الرعية له حسن الطاعة له, وقذفه إياهم في النار يدل على أنه يدعوهم إلى الضلال, وعمله برأي امرأته وقوعه في حرب طويل وذهاب ملكه فإن آدم عليه السلام لما أطاع أهله رأى ما رأى, ومخالفته امرأته بالضد من ذلك وركوبه الفرس في سلاح إصابة زيادة في ولايته, وركوبه عقابا مطواعا إصابة ملك المشرق والمغرب ثم زوال ذلك الملك عنه لقصة نمروذ (ومن رأى) كأنه يصارع أسدا عظيما فصرعه فإنه يغلب ملكا عظيما, فإن رأى سلطان أنه قاتل سلطانا آخر فصرعه فإن المغلوب منهما ينصر على الغالب في اليقظة ويقهره, فإن رأى كأنه قعد بنفسه عن الولاية من غير أن يعزل فإنه عمل يندم عليه لقصة يونس حين ذهب مغاضبا فإن صرفه غيره فهو ذل وهوان.

      فإن رأى الإمام أنه يمشي فاستقبله بعض العامة فساره في أذنه مات فجأة لما حكي أن شداد بن عاد لما سار إلى الجنة التي اتخذها تلقاه ملك الموت في هيئة بعض العامة فأسر إليه في أذنه وقبض روحه. فإن رأى للإمام قرنين فإنه يملك المشرق والمغرب لقصة الإسكندر. فإن رأى الإمام هيئته هيئة السوقة أو رأى كأنه يمشي في السوق مع غيره تواضعا لم يخل ذلك بسلطانه بل زاده قوة. ومرض الإمام دليل ظلمه ويصح جسمه في تلك السنة. وموته خلل يقع في مملكته, وحمل الرجال إياه على أعناقهم قوة ولايته وضعف دينه ودين رعيته من غير رجاء صلاح, فإن لم يدفن فإن الصلاح يرجى له, وتأويل حياة الميت قوة ودولة لعقبه, ورفعة مجلس السلطان ارتفاع أمره, واتضاع مجلسه فساد أمره. فإن رأى الملك كأن بعض خدمه أطعمه من غير أن رأى مائدة لم ينازع في ملكه وطال عمره وطاب عيشه إن كان في الطعام دسم فإن رأى إنسان أن الإمام ولاه من أقاصي أطراف ثغور المسلمين نائبا عنه فإنه عز وشرف واسم وذكر وسلطان بقدر بعد ذلك الطرف عن موضع الإمام. فإن رأى وال أن عهده أتاه فهو عزله في الوقت, وكذلك إن نظر في مرآة فهو عزله, ولا يلبث أن يرى مكانه مثله إلا أن يكون منتظرا لولد فإنه يصيب حينئذ غلاما. وكذلك لو رأى أنه طلق امرأته فإنه يعزل, وأما أخذ الإمام أغنام الرعية ظلما فهو ظلم أشرافهم. فإن رأى الملك أنه يهيئ مائدة ويزينها فإنه يعانده قوم باغون ويشاور فيهم ويظفر بهم. فإن رأى أنه وضع على مائدة طعاما فإنه يأتيه سرور في منازعة, فإن كان الطعام حلوا فإنه سرور, وإن كان دسما فإن في المنازعة بقاء, وإن رفع الحلو وقدم الحامض الدسم فإنه خير فيه هم وثبات, فإن كان بغير دسم فإنه لا يكون فيه ثبات, فإن طال رفع الطعام ووضعه فإنه تطول تلك المنازعة. فإن رأى الإمام أنه تحول عن سلطانه من قبل نفسه فإنه يأتي أمرا يندم عليه كندامة ذي النون إذ ذهب مغاضبا. فإن رأى كأنه يصلي بغير وضوء في موضع لا تجوز الصلاة فيه كالمقبرة والمزبلة فإنه يطلب مالا يناله أو يلي ولاية بلا جند, ومن حمل إلى أمير أو رئيس طعاما أصابه حزن ثم أتاه الفرج وأصاب مالا من حيث لا يرجو. (ومن رأى) كأنه يجتاز على بعض السلاطين أصاب عزا, فإن رأى كأنه دخل عليه أصاب غنى وسرورا, ودخول الإمام العدل إلى مكان نزول الرحمة والعدل على أهل ذلك الموضع ومكاشفة الرعية السلطان الجائر وهن للسلطان, وقوة للرعية والثياب السود للسلطان زيادة قوته والبيض زيادة بهاء وخروج من ذنب. والثياب القطنية ظهور الورع منه والتواضع وقلة الأعداء ونيل الأمن ما عاش, والثياب الصوف كثرة البركة في مملكته, وظهور الإنصاف والثياب والديباج ظهور أعمال الفراعنة وقبح السير. ووضع السلطان والأمير قلنسوته أو حلة قبائه أو منطقته توانيه في سلطانه, ولبسه إياها قيامه بأسباب سياسته, ولبسه خفا جديدا فوزه بمال أهل الشرك والذمة, وطيرانه بجناح قوة له. وسبيه قوما نيله مالا من حيث لا يحتسب وفتح بلادهم وظفر بأعدائه. لقوله تعالى: فريقا تقتلون وتأسرون فريقا وأورثكم أرضهم وديارهم الآية.

      فإن رأى أن الإمام أو السلطان يتبع النبي صلى الله عليه وسلم فإنه يقفو أثره في سنته, فإن رأى أنه عزل وولي مكانه شيخ قوي أمره, وإن ولي مكانه شاب ناله في ولايته مكروه من بعض أعدائه, وعزل الوالي في النوم ولايته في اليقظة, والجند في النوم ملائكة الرحمة, والعامة ملائكة العذاب, وصاحب الجيش رجل صاحب الرأي والتدبير. (ومن رأى) كأنه ولي الوزارة فإنه يقوم بأمر المملكة, ورؤية حجاب الأمير قياما جدهم في أسباب السياسة. ورؤيتهم قعودا توانيهم فيها, وحاجب الملك بشارة والقائد رجل النهود. (ومن رأى) أنه قائد في الجيش نال خيرا, والشرطي ملك الموت وقيل هول وهم وأما القاضي فمن رأى كأنه ولي القضاء فعدل فيه فإن كان صاحب الرؤيا تاجرا كان منصفا, وإن كان سوقيا أوفى الكيل والوزن. فإن رأى أنه يقضي بين الناس ولا يحسن أن يقضي ويجور في قضائه ولا يعدل فإنه إن كان واليا عزل وإن كان مسافرا قطع عليه الطريق وإلا تغيرت نعم الله عليه ببلية يبتلى بها. كما يصدق القاضي ما يلفظ به من القول. فإن رأى قاضيا معروفا فهو بمنزلة الحكماء والعلماء. فإن رأى قاضيا معروفا يجور في حكمه فإن أهل ذلك الموضع يبخسون في موازينهم وينقصون مكاييلهم, فإن تقدم رجل إلى القاضي فأنصفه فإن صاحب الرؤيا ينتصف من خصم له, وإن كان مهموما فرج عنه, وإن جار القاضي في حكمه فإنه إن كانت بينه وبين إنسان خصومة فلا ينتصف منه. فإن رأى قاضيا وضع في الميزان فرجح فإن له عند الله أجرا وثوابا, وإن شال الميزان فإنه يدبر له في معصية. فإن رأى أن القاضي يزن فلوسا أو دراهم رديئة فإنه يميل ويسمع شهادة الزور ويقضي بها, والقاضي المجهول في النوم هو الله تعالى. (ومن رأى) أنه تحول قاضيا أو حكما أو صالحا أو عالما فإنه يصيب رفعة وذكرا حسنا وزهدا وعلما, فإن لم يكن لذلك أهلا فإنه يبتلى بأمر باطل يقبل قوله فيما ابتلي به كما يقبل قول القاضي فيما يحكم به. وقيل: من رأى وجه القاضي مستبشرا طلقا فإنه ينال بشرا وسرورا. فإن رأى موضع قاض نال فزعا وخصومة. وقيل: موضع الحكم والقضاة والمتكلمين والأحكام والمعلمين للسنن والشرائع والفرائض في الرؤيا يدل على اضطراب وحزن وتلف مال كثير في جميع الناس وعلى ظهور الأشياء الخفية. ويدل في المرض على البحران. فإن رأى مريض كأنه يقضى له فإنه بحرانه يكون إلى خير ويبرأ, فإن رأى المريض كأنه يقضى عليه فإنه يموت. ومن كان في خصومة فرأى كأنه قاعد في موضع الحكام أو أنه الحاكم فإنه لا يغلب وذلك أن الحاكم لا يحكم على نفسه لكن على غيره والقهرمان رجل حافظ عالم فإن يوسف كان يعمل القهرمية والقاطع للمفاصل رجل يفرق بين الناس بالكلام السوء والبندار رجل ثقة تودع عنده الودائع والجهبذ رجل نحوي والحاسب في الديوان صاحب عذاب يؤذي الناس في معاملتهم ويشدد عليهم في المحاسبات والخادم الخصي ملك وهو بشار. فإن رأى في داره خدما معهم أطباق فإن هناك مريضا قد طال مرضه أو شهيدا وبواب السلطان نذير. (ومن رأى) بواب أمير نال ولاية.

      وأما البوق فمن رأى كأنه يضرب بالبوق فإنه يغشى خيرا, وإذا سمع غيره يضربه فإنه يدعى إلى حرب أو خصومة والطبال سلطان ذو هول وأما الصناج فرجل مشنع مشتغل بالدنيا وصاحب البريد رجل يغدر بمن اعتمده وصاحب الخبر إن كان شيخا فهو من الكرام الكاتبين. وإن كان شابا فهو رجل قتال وصاحب الراية القاضي لأنه منظور إليه والصفار نقيب والفهاد بطريق والعارض رجل يتفقد أصحابه ويقوم بإصلاح أمورهم. (ومن رأى) كأنه عرض في الديوان وليس من أهله فإنه يموت, فإن رأى كأن العارض غضبان عليه فإنه قد ارتكب المعاصي, وإن رآه راضيا عنه دل على رضا الله عنه. فإن رأى كأنهم أرادوا أن يعرضوه فلم يفعلوا فإنه يشرف على الموت ثم يسلم والديوان موضع البلايا وتغليقه تغليق أبواب البلايا, وفتحه فتح أبواب البلايا والعريف صاحب بدعة والعسس نذير لتارك الصلاة والأعوان إذا كانت عليهم ثياب بيض فإنه بشارة, وإذا كانت ثيابهم سودا فمرض أو حزن والغماز رجل حقود, (ومن رأى) أنه غماز فإنه يفرح بأمر في ابتدائه ثم يحزن عند انتهائه والجلاد رجل سباب كثير الشتم والسجان حفار القبور والمنادي رجل يذيع الأسرار والنقاط رجل كياد والوكيل رجل يكسب ذنوبا لنفسه والترسي سلطان قوي محرض الجيوش على أعدائهم. والحمال رجل جاب والحمار رجل ينفذ الأمور ويمشيها والشيروان رجل حازم مدبر الأمور والسائس رجل صاحب رأي وتدبير ونخاس الدواب رجل يؤثر صحبة الأشراف على المال.

      (ومن رأى) كأنه يأكل ديوان السلطان نال ولاية بلدة لقوله تعالى: كلوا من رزق ربكم واشكروا له بلدة طيبة ورب غفور وقيل: من رأى كأنه جندي فإنه يصيبه غم أو خسران, وإن كان مريضا مات. وقيل: إذا رأى العبد كأنه جندي أصاب عزا وكرامة. (ومن رأى) كأنه أثبت اسمه في ديوان من غير أن يصير جنديا فإنه يصيب كفاية في العيش من غير أذى ولا مشقة. فإن رأى في رأس الملك عظما فهو زيادة في سلطانه. فإن رأى في عينه عمى عميت عليه أخبار قومه. فإن رأى أن لسانه طال وغلظ فإن له أسلحة تامة وسيوفا قاتلة. فإن رأى رأسه رأس كبش فإنه يتظاهر بالإنصاف, فإن رأى رأسه رأس كلب فإنه يبدأ معامليه بالسفاهة والدناءة, فإن رأى في وجنته سعة فوق قدره فهو زيادة عزه وبهائه, فإن رأى صدره تحول حجرا فإنه يكون قاسي القلب, فإن رأى في بدنه سمنا وقوة فإنه قوة دينه وإسلامه (ومن رأى) أن يده تحولت يد سلطان فإنه ينال سلطانا ويجري على يديه مثل ما جرى على يد ذلك السلطان من عدله أو ظلمه. فإن رأى أن جسده جسد كلب فإنه يعمل بالسفاهة والدناءة. فإن رأى أن جسده جسد حية فإنه يظهر ما يكتم من العداوة. فإن رأى جسده جسد كبش فإنه يظهر منه كرم وإنصاف. فإن كانت له إلية كإلية الكبش وهو يلحسها بلسانه فإن له ولدا مرزوقا يعيش منه. فإن رأى بطنه تحول صفرا فإنه يكون كثير الأمتعة. فإن رأى في بطنه عظما فهو زيادة في أهله وقوة وبأس. فإن رأى أن فخذيه تحولتا نحاسا فإن عشيرته تكون جريئة على المعاصي. فإن رأى أصابعه قد زاد فيها زاد في طمعه وجوره وقلة إنصافه. فإن رأى رجليه تحولتا رصاصا فإنه يكون كثير المال حيث أدرك. فإن رأى أنه ولي مكانه شيخ فهو زيادة في سلطانه. فإن رأى ذلك تاجر فإنه تتضاعف تجارته لأن الشيخ جد الرجل فإن أخذ هذا الشيخ الأمر من يده فإنه يعينه ويقويه. والشاب عدو, وأما الدجال فإنه سلطان مخادع جائر ولا يفي بما يقول وله أتباع أردياء, والشرطي إذا جاء بأعوانه فإنه فزع وهم وحزن وهول وعذاب وخطر, وكذلك كل ذي سلطان شرير وذوي شر من الهوام وذي ناب من السباع إن كان ضاريا فإنه نجاة وفوز, وكل شيء يراه الإنسان أنه أخذه بأمر الملك يدل على منفعة ينالها من الملك عن أمره, والعون رجل يعين على الباطل فمن رأى في داره أعوانا عليهم ثياب بيض فإنه بشارة له ونجاة من هم أو غم أو هول أو شدة أو ما أشبه ذلك, فإن كان عليهم سواد فهو مرض أو هم أو هول, والعسس نذير له من ترك الصلاة, فإن رأى أنه هرب والعسس يطلبه فأدركه وأخذه وتكلم بكلام نجا به من العسس فإنه يقصر في صلاة العتمة ويتوب والفهاد رجل بطريق البطارقة.
    • في الحرب وحالاتها والأسلحة وآلاتها والقتل والصلب والحبس والقيد وأشباه ذلك





      في الحرب وحالاتها والأسلحة وآلاتها والقتل والصلب والحبس والقيد وأشباه ذلك


      الحرب في المنام على ثلاثة أضرب: أحدها: بين سلطانين والثاني: بين السلطان والرعية والثالث: بين الرعية فأما الحرب بين السلطانين فيدل على فتنة أو وباء نعوذ بالله منها, وإذا كان الحرب بين السلطانين والرعية دلت الرؤيا على رخص الطعام, وإذا كانت الحرب بين الرعية دلت على غلاء الطعام وقدوم العسكر بلده دليل المطر بها. ومن رأى جنودا مجتمعة دل على هلاك المبطلين ونصرة المحققين لقوله تعالى: فلنأتينهم بجنود لا قبل لهم بها وقلة الجند دليل الظفر بدليل قوله تعالى: كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله ورؤية الجندي بيده سوطا أو نشابا دليل على حسن معاشه. ورؤية الغبار دليل سفر, وقيل إذا كان معه رعد وبرق فهو دليل القحط والشدة بدليل قوله تعالى: ووجوه يومئذ عليها غبرة ترهقها قترة وإذا لم يكن معه ذلك فهو دليل إصابة الغنيمة لقوله تعالى: فأثرن به نقعا والتراب مال ومنه يكون الغبار. وقيل: من رأى عليه غبارا سافر وقيل: يتمول في حرب. ومن ركب فرسا وركضه حتى ثار الغبار فإنه يعلو أمره ويأخذه البطر ويخوض في الباطل ويسرف فيه ويهيج فتنة لأن النشاط في التأويل بطر, والغبار فتنة وأما العلم فعالم زاهد أو موسر جواد يقتدي به الناس. لقوله تعالى: وعلامات وبالنجم هم يهتدون والأعلام الحمر تدل على الحبوب, والصفر تدل على وقوع الوباء في العسكر, والخضر تدل على سفر في خير, والبيض تدل على المطر, والسود تدل على القحط. وقيل: من رأى راية صار في بلدة مذكورا. والمتحير إذا رأى في منامه العلم يدل على اهتدائه لقوله تعالى: وإنه لعلم للساعة فلا تمترن بها والعلم للمرأة زوج, والعلم الذي ينسب إلى العالم الزاهد إن كان أحمر فهو فرج وسرور وإن كان أسود فإنه يرى منه سؤدد. وقيل: الأعلام السود تدل على المطر العام, والبيض تدل على المطر العبور والحمر حرب.

      (ورأت): امرأة كأنها دفنت ثلاثة ألوية فأتت أمها ابن سيرين فقصت رؤياها عليه فقال: إن صدقت الرؤيا تزوجت ثلاثة أشراف كلهم يقتل عنها. فكان كذلك. والحرب اضطراب لجميع الناس ما خلا القواد وأصحاب الجيش, ومن كان عمله بالسلاح أو بسبب السلاح. فإنه لهم دليل خير وصلاح. والسيف ولد ذكر وسلطان. وقبيعته ولد. ونعله ولد, فمن رأى أنه تقلد سيفا تقلد ولاية كبيرة لأن العنق موضع الأمانة والحديد بأس شديد. فإن رأى أنه استثقل السيف وجره في الأرض فإنه يضعف عن ولايته. فإن رأى أن الحمائل انقطعت عزل عن ولايته. والحمائل فيها جمال ولايته, فإن رأى أنه ناول امرأته نصلا أو ناولته امرأته نصلا فهو ولد ذكر. فإن رأى أنه ناول امرأته سيفا في غمده رزقت بنتا. وإن ناولته سيفا في غمده رزق منها ابنا. وقيل بنتا. فإن رأى أنه متقلد أربعة سيوف: سيفا من حديد وسيفا من رصاص وسيفا من صفر وسيفا من خشسب. فإنه يولد له أربعة بنين, فالحديد ولد شجاع, والصفر ولد يرزق غنى, والرصاص ولد مخنث, والخشب ولد منافق. وإن رأى أنه سل سيفه وهو صديء ولد له ولد قبيح, وإن انكسر السيف في غمده. مات الولد في بطن أمه, وإن انكسر الغمد وسل السيف ماتت المرأة وسلم الولد, فإن انكسرا جميعا مات الولد والأم. فإن رأى أنه سل سيفا من غمده ولم تكن امرأته حبلى فهو كلام قد هيأه, فإن كان السيف قاطعا لامعا فإن كلامه حق وله حلاوة, وإن كان السيف ثقيلا فإنه يتكلم بكلام لا يطيقه, فإن كان في السيف ثلمة فهو عجز لسانه عما يتكلم به. فإن رأى في يده سيفا مسلولا وكان في الخصومة فالحق له, وإن وجد السيف فتناوله فإنه صاحب حق يجده, فإن دفع إليه سيف فهي امرأة لقول لقمان عن السيف: ألا ترى ما أحسن منظره وأقبح أثره. (ومن رأى) أنه متقلد سيفين أو ثلاثة فانقطعت فإنه يطلق امرأته ثلاثا. وقيل من رأى أنه سل سيفه فإنه يطلب من أناس شهادة ولا يقومون بها له لقول الله تعالى: سلقوكم بألسنة حداد يعني السيوف. فإن رأى أنه يضرب في بلد المسلمين بسيف يمينا وشمالا فإنه يبسط لسانه ويتكلم بما لا يحل. والسيف إذا رئي موضوعا جانبا فإنه رجل ذو بأس ونجدة, ومن تقلد حمائل بلا سيف فإنه يتقلد أمانة, وقائم السيف أب أو عم وقيل أم أو خالة وانكساره موت أحدهم. وقيل: إن نعل السيف خادم أو بيع وانكساره موت خادمه أو بيعه. واللعب بالسيف منسوبا إلى الولاية فهو حذاقته فيها, وإن كان منسوبا إلى الكلام فهو فصاحته, فإن كان منسوبا إلى الولد فهو عجبه. وإن رأى السيوف مع الريح فإنه طاعون. وقيل: إن السيف يدل على غضب صاحب الرؤيا وشدة أمره.

      أتى ابن سيرين رجل فقال: رأيت رجلا قائما وسط هذا المسجد يعني مسجد البصرة متجردا وبيده سيف مسلول فضرب صخرة ففلقها. فقال ابن سيرين: ينبغي أن يكون هذا الرجل الحسن البصري. فقال الرجل: هو و الله هو. قال ابن سيرين: قد ظننت أنه الذي تجرد في الدين لموضع المسجد وإن سيفه الذي كان يضرب به لسانه الذي كان يفلق بكلامه صخرة الحق في الدين. وقال هشام لابن سيرين: رأيت كأن في يدي سيفا مسلولا وأنا أمشي قد وضعت طرفه في الأرض كما يضع الرجل العصا, فقال ابن سيرين: هل بالمرأة حبل؟ قال: نعم, قال: تلد غلاما إن شاء الله. ورأى شجاع من الهنود كأنه ابتلع سيفا وقص رؤياه على معبر فقال: ستأكل مال عدوك. ولو رأيت كأن السيف ابتلعك للدغتك حية. وأتى ابن سيرين رجل فقال: رأيت كأني أخذت زنجيا فبسطت عليه السيف حتى أتيت على نفسه. فقال: هذه معاتبة فيها غلظ فارفق فإنه سيعتبك من تعاتبه. والسيف مع غيره من السلاح سلطان. والقتال بالسيف منازعة لقوم. والضرب بالسيف بسط اللسان واليدين إذا كانت فيها سلاطة تشبه بالسيف. والسيف على الانفراد بغير شيء من السلاح فإنه ولد غلام. فإن رأى سيفا في يده قد رفعه فوق رأسه مخترطا وهو لا ينوي أن يضرب به نال سلطانا مشهورا له فيه صيت. وقال ابن سيرين: الأقرب من السيف إن كان ينبغي له السلطان فالسلطان وإلا فهو ولد ذكر. وأما الرمح فهو مع السلاح سلطان ينفذ فيه أمره, والرمح على الانفراد ولد أو أخ, والطعن بالرمح هو العيب والوقيعة ولذلك قيل للعباب طعان وهماز. وقيل: إن الرمح شهادة حق. وقيل: هو سفر. وقيل: هو امرأة. (ومن رأى) في يده رمحا فإنه يولد له غلام, فإن كان فيه سنان فإنه ولد يكون قيما على الناس. (ومن رأى) بيده رمحا وهو راكب فهو سلطان في عز ورفعة. وانكساره في يد الراكب وهن في سلطانه. وانكسار الرمح المنسوب إلى الولد أو الأخ علة في الولد والأخ, فإن كان الكسر مما يرجى إصلاحه فهو يبرأ, وإن كان الكسر مما لا يجبر فهو موت أحد هؤلاء. وكسر الرمح للوالي عزله, وضياع السنان موت الولد أو الأخ, والمزراق يدل على ما دل عليه الرمح.

      (وحكي): أن رجلا أتى ابن سيرين فقال: رأيت كأن بيدي رمحا وأنا ماش بين يدي الأمير. فقال: إن صدقت رؤياك لتشهدن بين يدي الأمير شهادة حق.

      (وحكي): أن أبا مخلد رأى في المنام كأنه أعطي رمحا ردينيا فولد غلاما فسماه رديني. ورأى رجل كأن حربة وقعت من السماء فجرحته في رجله الواحدة فلدغته حية في تلك الرجل. والطعن بالرمح كلام يتكلم به الطاعن في المطعون. والوهق رجل مستعان به فإن كان من حبل فإنه رجل متين. وإن كان من ليف فهو رجل حسن. فمن رأى أنه وهق رجلا فإن الواهق يستعين برجل إن وقع الوهق في عنق الموهوق. فإن وقع في وسطه فإن الواهق يخدعه وينتصف من الموهوق ويظفر به ويشرف الموهوق على الهلاك. وأما النشاب فإنه رسول. فمن رأى أنه رمي بسهم فلم يصب الغرض فإنه يرسل رسولا في حاجة فلا يقضيها, فإن أصاب الغرض فإنه يقضيها, فإن كانت النشابة سوية فهي كتاب فيه كلام حق, فإن نفذت النشابة فإن ذلك الكلام يقبل, فإن كانت من قصب ناقصة فإن ذلك الكلام باطل, فإن نفذ بها ما أراد وأصاب العلامة نفذ أمره, فإن كانت النشابة سهما فإنه رجل لسن, فإن أصاب نفذ ما يقوله, فإن رأى أن امرأة رمته فأصاب قلبه فإنها تمازحه فيعلق قلبه بها, وإن كانت نشابة من ذهب فإنها رسالة إلى امرأة أو بسبب امرأة, فإن كانت سهاما معاريض فإنهم رسل معهم لطف ولين في كلامهم, فإن رمى بها مقلوبة نصولها إلى جانب الوتر فإنها رسالة مقلوبة, فإن كانت بلا ريش فإن الرسول مسخر, والنصل في النشابة رسالة في بأس وقوة, والنصل من رصاص رسالة في وهن, ومن صفر متاع الدنيا ومن ذهب رسالة من كراهية, وإن كانت نشابته بغير نصل فإنه يريد رسالة إلى امرأة ولا يصيب رسولا, فإن كانت بلا فواق فإن الرسول غير حازم, واضطراب السهم خوف الرسول على نفسه, فإن رأى أنه رمى سهما فأصاب فإنه إن رجا ولدا كان ذكرا. والنشاب قول الحق والرد على من لا يطيع الله, فإن أصاب قبل قوله وإن أخطأ لم يقبل قوله. والسهم الواحد المنكوس إذا رأته امرأة في الجعبة فهو انقلاب زوجها عنها. وقيل: من رأى قوسا يرمي منها سهام فإن القوس أب, وربما كان النشاب رجلا رباه غير أبيه. والسهم ولاية. وقيل: من رأى بيده سهما فإنه ينال ولاية وعزا ومالا. وقيل: من رأى بيده نشابا أتاه خبر سار. ورأى رجل كأنه يضرب بالنشاب فقص رؤياه على معبو فقال: إنك تنسب إلى النميمة والغمز فكان كذلك. وانكسار القوس عجزه من أداء الرسالة. والسهم للمرأة زوجها والجعبة قيل هي كورة أو بلد. فمن رأى أنه أعطي جعبة أصاب سلطانا. وقيل: الجعبة امرأة حافظة أو هيبة على الأعداء. والجعبة ولاية لأهل الولاية. وللعرب امرأة, والرمي بالسهام في الأصل كلام في رسائل, والقوس امرأة سريعة الولادة أو ولد أو أخ أو سفر أو قربة إلى الله تعالى, والقوس في غلاف غلام في بطن أمه, والقوس مع غيره من السلاح سلطان وعز, ومن ناول امرأته قوسا ولدت بنتا, فإن ناولته المرأة قوسا رزق ابنا, ومد القوس بغير سهم دليل السفر.

      (ومن رأى) كأنه مد قوسا عربية فإنه يسافر إلى رجل شريف سفرا في عز, فإن كانت القوس فارسية سافر إلى عجم وانقطاع الوتر دليل العاقة عن السفر ويدل على طلاق المرأة. وانكسار القوس دليل موت المرأة أو الولد والشريك أو بعض الأقرباء, وربما دلت القوس على ولاية, وانكسارها على العزل. وصعوبة القوس دليل للمسافر على كثرة التعب وللتجار على الخسران وفي الولد على العقوق وفي المرأة على النشوز وسهولتها تدل على الضد من ذلك. وإن رمى عنها سهما فأصاب الغرض نال مراده, وربما تدل رؤية القوس على القرب من بعض الأشراف لقوله تعالى: ثم دنا فتدلى الآية. ومن مد قوسا بلا سهم سافر سفرا بعيدا وعاد صالح الحال فإن انقطع الوتر أقام بالموضع الذي سافر إليه إن كان وصل إليه, وإن انكسرت قوسه أصابه مصيبة في سلطانه بأمره ونهيه, والرمي عن قوس البندق قذف من يرميه, ومن اتخذ قوسا أصاب ولدا غلاما وازداد سلطانا. (ومن رأى) أنه ينحت قوسا وكان عزبا ونوى التزوج فإنه يتزوج وتحبل امرأته عند دخوله بها, وإن تولى ولاية فإن الرعية لا تطيعه, وإنما جعل تأويل القوس امرأة لقول الناس: المرأة كالقوس إن سويتها انكسرت. والقوس المنسوب إلى الولد يكون ولدا صاحب كتابة ورسالات, وإن مد قوسا لها صوت صاف فرمى عنها ونفذ السهم فإنه يلي ولاية مهيبة وينفذ أمره على العدل والإنصاف. وقيل: من رأى بيده قوسا مكسورة تزوج امرأة حرة.

      وأما المنجنيق والقذيفة فيدلان على قذف وبهتان. فإن رأى كأنه يرمي بهما حصنا من حصون الكفار قاصدا فتحه فإنه يدعو قوما إلى خير. وحجر المنجنيق رسول فيه قسوة. (ومن رأى) كأنه يرمي الحجر من مكان مرتفع نال ملكا وجار فيه والصخور التي على الجبل أو في أسفله من غيره فهم رجال قلوبهم قاسية في الدين, فإن رأى أنه يشيل حجرا لتجربة القوة فإنه يقاتل بطلا قويا معينا قاسيا, فإن شاله كان غالبا به, وإن عجز عنه فهو مغلوب. رأى رجل أبو بنات وكان مقلا كأن صخرة دخلت داره فقص رؤياه على معبر فقال: يولد لك غلام قاسي القلب. فعرض له أنه زوج ابنته رجلا فاسد الدين. ورأى رجل كأن حصاة وقعت في أذنه فنفضها فزعا فخرجت فقص رؤياه على ابن سيرين فقال: هذا رجل جالس أهل البدع فسمع كلمة قاسية مجتها أذنه. (ومن رأى) أنه رمى إنسانا بحجر في مقلاع فإن الرامي يدعو إلى المرمي في أمر حق في قسوة قلب. وقيل: من رأى كأن النساء رمينه بالحجارة فإنهن بالسحر يكدنه. والدبوس أخ موافق أو ولد ذكر أو خادم يذب عن صاحبه مشفق عليه والطبرزين عز وسلطان وللتاجر ربح. وأما الدرع فحصن ولابسه ينال سلطانا عظيما, ولبس السلاح كله جنة من الأعداء, والدرع حصانة الدين. وهو للعامة نعمة ووقاية من البلايا والمكايد. قال الله تعالى: سرابيل تقيكم الحر وسرابيل تقيكم بأسكم كذلك يتم نعمته عليكم وقال عز وجل: وعلمناه صنعة لبوس لكم لتحصنكم من بأسكم

      (ومن رأى) كأنه يصنع درعا فإنه يبني مدينة حصينة, ولبس الدرع أيضا يدل على أخ ظهير أو ابن شفيق. ولبسه للتجارة فضل يصير إليه من تجارة دائمة وأمن وحفظ. وقيل: الدرع مال وملك. وقيل: إن ما كان من السلاح يغطي مثل الترس والبيضة والجوشن والصدور والساق فإنه يدل على ثياب كسوة, والجوشن مثل الدرع إلا أنه أحصن وأحفظ وأقوى. وقيل: إن لبسه يدل على التزويج بامرأة قوية عزيزة وحسناء ذات مال. وأما المغفر والبيضة فمن رأى على رأسه مغفرا أو بيضة فإنه يأمن نقصان ماله وينال عزا وشرفا. وقيل: إن البيضة إذا كانت ذات قيمة مرتفعة دلت على امرأة غنية جميلة, وإذا كانت غير مرتفعة دلت على امرأة قبيحة. وقيل: من رأى بيضة حديد بلغ وسيلة عظيمة. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: رأيت كأني في درع حصينة فأولتها المدينة وأني مردف كبشا فأولته كبش الكتيبة ورأيت كأن بسيفي ذي الفقار فلا فأولته فلا يكون فيكم, ورأيت بقرا تذبح فأولته القتلى من أصحابي والساعدان من الحديد هما من رجال قراباته, فمن رئي عليه ساعدان فإنه يقوى على يدي رجل من قراباته. وقيل إنه يصحب رجلين قويين عظيمين, وربما وقع التأويل على ابنه أو أخيه. (ومن رأى) عليه ساقين من حديد فهما ولد وقوة في سفر والترس رجل أديب كريم الطبع مطيع كاف لإخوانه في كل شيء من الفضائل حافظ لهم ناصر لهم يقيهم المكاره والأسواء. وقيل هو يمين يحلف بها. وقيل هو ولد ذاب عن أبيه. والترس الأبيض رجل ذو دين وبهاء, والأخضر ذو ورع, والأحمر صاحب لهو وسرور, والأسود ذو مال وسؤدد, والملون ذو تخاليط, وإن رأى مع الترس أسلحة فإن أعداءه لا يصلون إليه بمكروه. فإن رأى صائغ أو تاجر أن ترسا موضوعا عند متاعه أو في حانوته أو عند معامليه فإنه رجل حلاف. وقد جعل يمينه جنة لبيعه وشرائه لقوله تعالى: اتخذوا أيمانهم جنة (ومن رأى) معه ترسا وكان له ولد فإن ولده يكفيه المؤن كلها ويقيه الأسواء والمكاره. وقيل: من تترس بترس فإنه يلجأ إلى رجل قوي يستظهر به. وقيل: إن الترس إذا كان ذا قيمة يدل على امرأة موسرة جميلة وإلا فهو امرأة قبيحة. فإن رأى أن عليه أسلحة وهو بين رجال لا أسلحة عليهم نال الرياسة على قوم, فإن كان القوم شيوخا فهم أصدقاؤه, وإن كانوا شبانا فهم أعداؤه. وقيل: إن كان صاحب هذه الرؤيا مريضا دلت على موته.

      وصوت الطبل الموكبي خبر كذب, وتمزق طبل الملك موت صاحب خبره. وقيل: الطبل الموكبي رجل حماد لله تعالى على كل حال, والطبل الذي يدلدل يدل على اغترار وصلف. والدبادب أغنياء بخلاء. (ومن رأى) على بابه الدبادب والصنوج تضرب نال ولاية في العجم. والبوق من القرن خادم في رياسة والمبارزة تدل على خصومة إنسان أو على تشتيت واختلاف وقتال مع آخر, وذلك أن المبارزة أول المقاتلة, وتكون أيضا مع سلاح تدل على المقاتلين, وهذه الرؤيا تدل على تزويج امرأة تشاكل ما رأى النائم إن كان مسلحا بأنواع السلاح في مبارزته, والإنسان إذا رأى أنه مبارز بالسلاح الذي هو عندنا أو نوع من الجواشن فإن الرؤيا تدل على أنه يتزوج امرأة غنية خداعة محبة للفقراء لا شكل لها, أما غنية فلأن السلاح يغطي بعض البدن, وأما خداعة فلأن سيف المبارزة ليس بقائم ظاهر, وأما محبة للفقراء فلأن هذا السلاح لا يغطي البدن كله. والضرب بالسيف إصابة شرف في سبيل الله. ورؤية السيف المشهور بيد رجل اشتهاره بعمل يعمله, والطعن بالرمح طعن بكلام, وكذلك بالسيف والعصا والعمود, فإن أشار بأحد هذه الأشياء ولم يطعن فإنه يهم بكلام ولا يتكلم به والمناضلة إن كانت في سبيل الله وكان هو المرمي والمصاب بالسهم فإنه ينال حاجته من القربة إلى الله تعالى, وإن كانت في الدنيا فإنه يناله شرفها.

      ( أتى): ابن سيرين رجل فقال: رأيت صفين من الناس يرمي كل صف منهما الصف الآخر فكان أحد الصفين يرمون فيصيبون والآخرون يرمون فلا يصيبون, قال: هؤلاء فريقان بينهما خصومة والمصيبون يعملون بالحق والمخطئون يتكلمون بالباطل. والرمي بالسهم إذا أصاب وكان في سبيل الله فإن الله يستجيب دعوته, وإذا كان لأجل الدنيا أصاب عزها. وأما الجراحات فمن رأى أنه جرح في يديه فإن ذلك مال يصير إليه. وإن جرح في يده اليمنى فإنه مال يفيده من قرابة له من الرجال, وفي اليسرى من قرابة له من النساء, فإن جرح في رجله اليسرى فمال من الحرث والزرع, فإن جرح في عقبه أصاب مالا من جهة عقبه وولده, والجراحة في إبهام يده اليمنى دليل على ركوب الدين إياه, وكل جراحة سائلة نفقة وضرر في المال. (ومن رأى) بجسده جراحة طرية يسيل منها الدم فإنها مضرة لصاحبها في مال وكلام من إنسان يقع فيه ويصيب على ذلك أجرا, والجراحة في الرأس ولم يسل منها الدم فإنه قد قرب من أن يصيب مالا, فإن سال منها الدم فإنه مال يبين أثره عليه, فإن رأى سلطان أو إمام أنه جرح في رأسه حتى بضعت جلدته والعظم فإنه يطول عمره ويرى أترابه, فإن هشمت العظم انهزم جيش له, فإن جرح في يده اليسرى زاد عسكره, فإن جرح في اليمنى زاد ملكه, فإن جرح في بطنه زاد مال خزانته, فإن جرح في فخذه زادت عشيرته, فإن جرح في ساقه طال عمره, وإن جرح في قدميه زاد في الأمور استقامة في المال وثباتا فإن رأى كأن إنسانا قطع أعضاءه وفرقها فإن القاطع يتكلم في أمره بكلام حق يورث ذلك ويفرق أولاده ويشتتهم في البلاد, فإن تلطخ الجارح بدم المجروح فإنه يصيب مالا حراما بقدر الدم الذي تلطخ به ومن جرح كافرا وسال من الكافر دم فإنه يظفر بعدو له ظاهر العداوة وينال منه مالا حلالا بقدر الدم الخارج منه لأن دم الكافر حلال للمؤمن, فإن تلطخ بدمه فهو أقوى. (ومن رأى) كأن إنسانا جرحه ولم يخرج منه دم فإن الجارح يقول فيه قولا حقا جوابا له. فإن خرج دم فإنه يغتابه بما يصدق فيه ويخرج المضروب من إثم. وقيل: من رأى كأنه جرح بشيء من الحديد بسكين أو غيرها فإنه تظهر مساويه ومعايبه ولا خير فيه. وقال بعضهم: من رأى في بعض أعضائه جرحا فإن التعبير فيه للعضو الذي حلت فيه الجراحة, فإن كانت في الصدر أو الفؤاد فإنها في الشباب من الرجال والنساء تدل على عشق. وأما المشايخ والعجائز فإنها تدل على حزن.

      وأما القتل فمن رأى أنه قتل إنسانا فإنه يرتكب أمرا عظيما. وقيل: إنه نجاة من غم لقوله تعالى: وقتلت نفسا فنجيناك من الغم وفتناك فتونا (ومن رأى) أنه يقتل نفسه أصاب خيرا وتاب توبة نصوحا لقوله تعالى: فتوبوا إلى بارئكم فاقتلوا أنفسكم الآية. (ومن رأى) أنه يقتل فإنه يطول عمره. (ومن رأى) كأنه قتل نفسا من غير ذبح أصاب المقتول خيرا, والأصل أن الذبح فيما لا يحل ذبحه ظلم. فإن رأى أنه ذبحه ذبحا فإن الذابح يظلم المذبوح في دينه أو معصية يحمله عليها. وأما من قتل أو سمى قتيلا وعرف قاتله فإنه ينال خيرا وغناء ومالا وسلطانا, وقد ينال ذلك في القاتل أو من شريكه لقوله تعالى: ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا وإن لم يعرف قاتله فإنه رجل كفور يجري كفره على قدره إما كفر الدين وإما كفر النعمة لقوله تعالى: قتل الإنسان ما أكفره (ومن رأى) مذبوحا لا يدري من ذبحه فإنه رجل قد ابتدع بدعة أو قلد عنقه شهادة زور وحكومة وقضاء. وأما من ذبح أباه أو أمه أو ولده فإنه يعقه ويتعدى عليه. وأما من ذبح امرأة فإنه يطؤها, وكذلك إن ذبح أنثى من إناث الحيوان وطئ امرأة أو افتض بكرا. ومن ذبح حيوانا ذكرا من ورائه فإنه يلوط. فإن رأى أنه ذبح صبيا طفلا وشواه ولم ينضج للشواء فإن الظلم في ذلك لأبيه وأمه. فإن كان الصبي موضعا للظلامة فإنه يظلم في حقه. ويقال فيه القبيح كما نالت النار من لحمه ولم ينضج. ولو كان ما يقال فيه لنضج الشواء. فإن لم يكن الصبي لما يقال فيه ويظلم به موضعا فإن ذلك لأبويه فإنهما يظلمان ويرميان بكذب ويكثر الناس فيهما وكل ذلك باطل ما لم تنضج النار الشواء. فإن رأى الصبي مذبوحا مشويا فإن ذلك بلوغ الصبي مبلغ الرجال, فإن أكل أهله من لحمه نالهم من خيره وفضله. فإن رأى أن سلطانا ذبح رجلا ووضعه على عنق صاحب الرؤيا بلا رأس فإن السلطان يظلم إنسانا ويطلب منه ما لا يقدر عليه. ويطالب هذا الحامل تلك المطالبة ويطالبه بماله ثقيل ثقل المذبوح, فإن عرفه فهو بعينه وإن لم يعرفه وكان شيخا فإنه يؤاخذه بصديق ويلزمه بغرامة على قدر ثقله وخفته, وإن كان شابا أخذ بعدو وغرم, وإن كان المذبوح معه رأسه فإنه يؤذن به ولا يغرم وتكون الغرامة على صاحبه ولكن ينال منه ثقلا وهما. والمملوك إذا رأى أن مولاه قتله فإنه يعتقه.

      ( وأتى): ابن سيرين رجل فقال: رأيت امرأة مذبوحة وسط بيتها تضطرب على فراشها. فقال له ابن سيرين: ينبغي أن تكون هذه المرأة قد نكحت على فراشها في هذه الليلة, وكان الرجل أخا المرأة وكان زوجها غائبا فقام الرجل من عند ابن سيرين وهو مغضب على أخته مضمر لها الشر فأتى بيته فإذا بجارية أخته وقد أتته بهدية وقالت: إن سيدي قدم البارحة من السفر. ففرح الرجل وزال عنه الغضب.

      ( وأتت): ابن سيرين امرأة فقالت: رأيت كأني قتلت زوجي مع قوم فقال لها: إنك حملت زوجك على إثم فاتقي الله عز وجل. قالت صدقت.

      ( وأتاه): آخر فقال: رأيت كأني قتلت صبيا وشويته فقال: إنك ستظلم هذا الصبي بأن تدعوه إلى أمر محظور وأنه سيطيعك. وأما ضرب الرقبة فمن ضربت رقبته وبان عنه رأسه فإن كان مريضا شفي, وإن كان مديونا قضي دينه, وإن كان صرورة حج, وإن كان في خوف أو كرب فرج عنه, فإن عرف الذي ضرب رقبته فإن ذلك يجري على يديه, فإن كان الذي ضربها صبيا لم يبلغ فإن ذلك راحته وفرجه مما هو فيه من كرب المرض إلى ما يصير إليه من فراق الدنيا وهو موته على تلك الحال. وكذلك لو رأى وهو مريض وقد طال مرضه وتساقطت عنه ذنوبه أو هو معروف بالصلاح. فهو يلقى الله تعالى على خير حالاته ويفرج عنه ما هو فيه من الكرب والبلاء, وكذلك المرأة النفساء والمريض والمبطون أو من هو في بحر العدو. وما يستدل به على الشهادة. فإن رأى ضرب العنق لمن ليس به كرب ولا شيء مما وصفت فإنه ينقطع ما هو فيه من النعيم ويفارقه بفرقة ويزول سلطانه عنه ويتغير حاله في جميع أمره. فإن رأى كأن ملكا أو واليا يضرب عنقه فإن تأويل الوالي هو الله تعالى ينجيه من همومه ويعينه على أموره. فإن رأى كأن ملكا ضرب رقاب رعيته فإنه يعفو عن المذنبين ويعتق رقابهم. وضرب الرقبة للملوك عتقه أو بيعه. وللصيارفة وأرباب رءوس الأموال فإنها تدل على ذهاب رءوس أموالهم, وتدل في المسافرين على رجوعهم. (ومن رأى) رأسه في يده فإنه صالح لمن لم يكن له أولاد ولم يكن متزوجا ولم يقدر على الخروج في سفر. (ومن رأى) كأن سلطانا ضرب أوساط رعيته فإنه ينتصف منهم. (ومن رأى) كأنه جعل نصفين وحمل كل نصف منه إلى موضع فإنه يتزوج امرأتين لا يقدر على إمساكهما بالمعروف ولا تطيب نفسه على تسريحهما. وقيل: من رأى ذلك فرق بينه وبين ماله. والدم مال حرام أو إثم. فإن رأى أنه يتشحط في الدم فإنه يتقلب في مال حرام أو إثم عظيم. فإن رأى على قميصه دما من حيث لا يعلم فإنه يكذب عليه من حيث لا يشعر لقصة يوسف عليه السلام. فإن رأى قميصه تلطخ بالدم دم سنور فإنه يكذب عليه سلطان غشوم ظلوم, فإن تلطخ بدم كبش فإنه يكذب عليه رجل شريف غني منيع, وكذلك دم جميع الحيوان فإنه يكذب عليه من ينسب إلى ذلك الحيوان. فإن رأى أنه شرب دم إنسان فإنه ينال مالا ومنفعة وينجو من كل فتنة وبلية وشدة. وقيل: من شرب دم الناس ارعوى من إثم ونجا منه. ومن وقع في بئر من دم فإنه يبتلى بدم أو مال حرام, وسيلان الدم من الجسم صحة وسلامة. وإن كان غائبا رجع من سفره سالما.

      (وذكر): رجل من الأزد قال: صلى معنا رجل من عظمائنا صلاة العشاء الآخرة صحيحا بصيرا فأصبح وهو أعمى فأتنياه وقلنا له: ما هذا الذي طرقك؟ قال: أتيت في منامي فأخذت فذهب بي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وإذا هو قاعد وبين يديه طشت مملوء دما قال: إنك كنت فيمن قاتل الحسين؟ قلت: نعم, فأخذ إصبعي هاتين يعني السبابة والوسطى فغمسهما في الدم ثم قال بهما هكذا في عيني. وأومأ بإصبعيه, قال: فأصبحت لا أبصر شيئا.

      ( وجاء): رجل إلى ابن المسيب فقال: رأيت كأن في يدي قطرة من دم وكلما غسلتهما ازدادت إشراقا. فقال: أنت رجل تنتفي من ولدك فاتق الله واستلحقه. وقال سفيان: رأيت كأن على ثوبي دما فلما أصبحت خرجت إلى المسجد وكان على بابه معبر فقصصت رؤياي عليه فقال: يكذب عليك فكان كما قال.

      وأما الصلب فهو على ثلاثة أضرب: صلب مع الحياة وصلب مع الموت وصلب مع القتل. فمن رأى كأنه صلب حيا أصاب رفعة وشرفا مع صلاح دينه. ومن صلب ميتا أصاب رفعة مع فساد دينه. ومن صلب مقتولا نال رفعة ويكذب عليه. (ومن رأى) كأنه مصلوب ولا يدري متى صلب فإنه يرجع إليه مال قد ذهب عنه. وقال بعضهم للأغنياء رديء ربما كان فقرا لأن المصلوب يصلب عاريا وللفقراء دليل غنى. وفي مسافري البحار دليل نيل المراد من أسفارهم والنجاة من الأهوال لأن الخشبة مركب من خشب وشبيه بذيل السفينة. وقيل: إن صلب العبد عتقه. وقال بعضهم: من رأى كأنه مصلوب على سور المدينة والناس ينظرون إليه نال رفعة وسلطانا وتصير الأقوياء والضعفاء تحت يده, فإن سال منه الدم فإن رعيته ينتفعون به. (ومن رأى) كأنه يأكل لحم مصلوب نال مالا ومنفعة من جهة رئيس مرتفع. وقيل: إنه يدل على أنه يغتاب سلطانا أو رئيسا دونه إذا لم يكن لما يأكل أثر. وأما الهزيمة فللكفار هي بعينها لقوله تعالى: وقذف في قلوبهم الرعب وللمؤمنين ظفر في الحرب. (ومن رأى) جندا عادلين دخلوا بلدة منهزمين رزقوا النصر والظفر وإن كانوا ظالمين حلت بهم العقوبة. (ومن رأى) الفرار من الموت أو القتل دل على قرب أجله. لقوله تعالى: قل لن ينفعكم الفرار إن فررتم من الموت أو القتل الآية. وقيل: إن الفرار من العدو أمن وبلوغ مراد. لقوله تعالى: ففررت منكم لما خفتكم فوهب لي ربي حكما ومن دعا رجلا وهو يفر منه فإنه لا يقبل قوله ولا يطيعه لقوله تعالى: فلم يزدهم دعائي إلا فرارا وقيل: الفرار أمان لقوله تعالى: ففروا إلى الله إني لكم منه نذير مبين ومن اختفى من عدوه فإنه يظفر به. فإن اطلع عليه العدو أصابته نائبة من عدوه, فإن ارتعد أو ارتعش أو ارتخت مفاصله أصابه هم ولا يقوى به.

      ورؤية الخيل يتراكضون في بلده أو محله فإنها أمطار وسيول. والخوف أمن, والأسر هم شديد. وأما القيد فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أحب القيد وأكره الغل والقيد ثبات في الدين, فإن كان من فضة فهو ثبات في أمر التزويج, وإن كان من صفر فثبات في أمر مكروه, وإن كان من رصاص فثبات في أمر فيه وهن وضعف, وإن كان حبلا فهو ثبات في الدين لقوله تعالى: واعتصموا بحبل الله وإن كان من خشب فهو ثبات في نفاق, وإن كان من خرقة أو خيط فهو مقام في أمر لا دوام له, وإن كان المقيد صاحب دين أو في مسجد فهو ثباته على طاعة الله تعالى, وإن كان ذا سلطان ورأى مع ذلك تقلد سيف فهو ثباته في سلطانه وولايته, وإن كان من أبناء الدنيا فهو ثباته في عصارتها. والقيد للمسافر عاقة عن سفره, وللتجار متاع كاسد يتقيدون به, والمهموم دوام همه. وللمريض طول مرضه. (ومن رأى) أنه مقيد في سبيل الله فهو يجتهد في أمر عياله مقيما عليهم. وإن رأى أنه مقيد في بلدة أو في قرية فهو مستوطنها. فإن رأى أنه مقيد في بيت فهو مبتلى بامرأة. فإن رأى القيد ضيقا فإنه يضيق عليه الأمر فيها, والقيد للمسرور دوام سروره وزيادته, وإن كان المقيد رأى أنه ازداد قيدا آخر فإن كان مريضا فإنه يموت فيه, وإن كان في حبس طال حبسه. (ومن رأى) أنه مربوط إلى خشبة فإنه محبوس في أمر رجل منافق. (ومن رأى) أنه مقيد وهو لابس ثيابا خضرا فمقامه في أمر الدين واكتساب ثواب عظيم الخطر, وإن كانت بيضاء فمقامه في أمر علم وفقه وبهاء وجمال, فإن كانت حمراء فمقامه في أمر لهو وطرب, وإن كانت صفراء فمقامه في مرض. (ومن رأى) أنه مقيد بقيد من ذهب فإنه ينتظر مالا قد ذهب له. فإن رأى أنه مقيد في قصر من القوارير فإنه يصحب امرأة جميلة وتدوم صحبتها معه, وإن كان على سفر أقام بسبب امرأة. (ومن رأى) أنه مقرون مع رجل آخر في قيد دل على أكتساب معصية كبيرة يخاف عليها انتقام السلطان. لقوله تعالى: وترى المجرمين يومئذ مقرنين في الأصفاد وقيل: إن القيد في الأصل هرم وفقر. وقال بعضهم: أن المقيد يدل على السفر لأنه يغير المشية.

      وأما الغل فمن رأى يده مغلولة إلى عنقه فإنه يصيب مالا لا يؤدي زكاته, وقيل: إنه يمنع عن معصية. فإن رأى كأن يديه مغلولتان دل على شدة بخله, فإن كان الغل من ساجور وهو الذي حوله حديد ووسطه خشب دل على نفاقه. (ومن رأى) أنه مقيد مغلول فهو كافر يدعى إلى الإسلام. (ومن رأى) أنه أخذ وغل فإنه يقع في شدة عظيمة من حبس أو غيره لقوله تعالى: خذوه فغلوه وأتت ابن سيرين امرأة فقالت: رأيت رجلا عليه قيد وغل وساجور فقال لها: الغل والساجور من خشب فهذا رجل يدعي أنه من العرب وليس بصادق في دعواه. فكان كما قال.

      (وحكي): أن الإمام الشافعي رضي الله عنه رأى في الحبس كأنه مصلوب مع أمير المؤمنين رضي الله عنه على قفاه فبلغت رؤياه بعض المعبرين فقال: إن صاحب هذه الرؤيا سينشر ذكره ويرتفع صيته فبلغ أمره إلى ما بلغ.

      (وأتى): ابن سيرين رجل في زمن يزيد بن المهلب فقال: رأيت كأن قتادة مصلوب فقال: هذا رجل له شرف وهو يسمع منه, فكان قتادة في تلك الأيام يثبط الناس عن الخروج مع يزيد ويحملهم على القعود والسلسلة تدل على ارتكاب معصية عظيمة لقوله تعالى: إنا أعتدنا للكافرين سلاسلا والسلسلة في عنق الرجل تزوج امرأة سيئة الخلق. ومن ربط بسلسلة دل على حزن هو فيه أو في المستقبل. وأما دخول الحبس فلا يحمد البته. ويدل على طول المرض وامتداد الحزن إن دخله برأي نفسه أو أكرهه غيره على دعوته نعوذ بالله من البلاء. وأما المصالحة فتدل على ظهور خير لقوله تعالى: والصلح خير والدعوة إلى الصلح دعوة إلى الصلاح والهدى, والنهي عن الصلح يدل على أن صاحبه مناع للخير, والصلح يدل على السلامة فإن أحد معانيه السلم.