
الجامعة العربية ؟ بالطبع و كالعادة ، جاءت القرارات الأمريكية مكتوبة بلغة عبرية مترجمة إلى العربية ، و مع أن الجزائر و لبنان و السودان قد رفعا أصابع الاعتراض فقد تم تمرير تلك القرارات القذرة لتخرج سوريا من الجامعة العربية و لتفرض عليها حرب إعلامية و اقتصادية و سياسية ، ثم لتحصل المفاجأة التاريخية برفع الفيتو الروسي الصيني لأول مرة في الصراع العربي الصهيوني ضد الهيمنة الأمريكية و ضد محاولة إسقاط النظام السوري بالقوة ، أتذكر أن “قادة ” الفكر في الخليج قد أصيبوا بالدهشة المبكمة ليتم التصويب الإعلامي العشوائي على روسيا بشكل غير مسبوق ، أتذكر محاولة الأمير بندر بن سلطان لإغواء الرئيس بوتين ، أتذكر تلك الحرب الدبلوماسية التاريخية التي قادها السيد سيرغى لافروف ، و في نهاية الأمر سقط خيار فرض منطقة حظر و خيار التدخل العسكري لفرض ممر ” إنساني” للجماعات الإرهابية الوهابية و لعملاء المخابرات المشتغلة على الملف السوري .
سقطت هيلارى كلينتون ، سقط الأخضر الإبراهيمي و قبله كوفي عنان ، سقط نبيل العربي ، سقط محمد مرسى بعد خطابه ” الشهير ” في القمة الإسلامية بطهران ، سقط سعود الفيصل ، سقط عقاب صقر، سقط وليد جنبلاط ، سقطت أصالة نصري ، سقط فيصل القاسم و محمد كريشان ، سقط محمد المرزوقي و راشد الغنوشى ، سقطت المؤسسة الدينية السعودية ، سقط كتاب الدولار النفطي و آخرهم عبد الباري عطوان ، سقطت محطة الجزيرة الصهيونية و من لف لفها من العربية إلى تلفزيون الجديد و المستقبل ، سقط وسام الحسن و أشرف ريفي ، سقط جمال سليمان ، كل هؤلاء سقطوا سقوطا أخلاقيا لا نظير له في التاريخ العربي .
الولايات المتحدة الأمريكية و إسرائيل ؟ …بطبيعة الحال ، سقط خيار إسقاط النظام السوري و خيار المطالبة بالرحيل الفوري للرئيس الأسد ، لكن و رغم قبول الإدارة الأمريكية الصهيونية بقواعد اللعبة و إقرارها الذهاب إلى مؤتمر جينيف فان حلقات المسلسل ما زالت متواصلة ، و ما يحدث اليوم في أوكرانيا هو محاولة أمريكية صهيونية لتغريم الحكومة الروسية فاتورة معارضتها التاريخية في سوريا ، يبقى في نهاية الأمر أن الصغار مثل المملكة السعودية و قطر و الأردن لا يمكنهم اللعب في ملاعب الكبار سواء لفارق السن أو لانعدام القدرة ، و تلك مسألة أخرى ، لكن من الواضح أن أصدقاء سوريا لم يبق لهم إلا الرحيل و لعلهم سيدفعون ثمن دماء الأبرياء في سوريا يوما ، و تلك مسألة نتركها للزمن .