الزمرد الفريد

    • الزمرد الفريد



      السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
      مقدمة
      تحية للأنفس الطاهرة البريئة ، إليكم أحبتي أضع آخر ما أنتجتهُ قريحتي المتواضعة ، وأشكركم على كرم الضيافة وحسن الصحبة وجميل العشرة ، آملاً لكم حياةً رائعة ونجاحاً دائماً في معاشكم ومعادكم ، والله الموفق لنا ولكم .
      قضيتُ زمناً طويلاً أبحث في الأقطار العمانية عن قصص مؤثرةٍ واقعية ، كي أضعها في كتابي الجديد ، ولقد جمعتُ كثيراً من الوقائع الحزينة ووجدتُ بعضاً من الأمور الغريبة ، وخلتُ أني سأقتفي درب الأشبيهي في مستطرفه أو الخصيبي في زمرده .
      نهجتُ نهج أدب المجالس في سرد النوادر ، وأضفتُ عليها كثيراً من اللمسات البيانية الشخصية ، ولكوني لا أرتضي بأن يكون كتابي كزبد البحر غثاءً لا جدوى منه ، أكثرتُ من تدقيقه وفحصه وتمحصيه ، كحال امرىء القيس حينما قضى ستة عشر شهراً في اكمال شطر بيتٍ من معلقته ، فحداني الأمل في أن أبلغ مرتبة الأصفهاني في أغانيه والرافعي في رسائله ، والمبرّد في جوهرته ، على أني أبرزتُ الجيد للإقتداء به وأوردتُ الردىء للإبتعاد عنه ولإظهار الحال الذي آل إليه كثيرٌ منا .
      حينما كثرة الروائع ، ناداني شوق التميز في نشر الفائدة وسبر أغوار الحقيقة بلباس الفكاهة حيناً وبلسان المشفق أحياناً وبصوت الزاجر في كثيرٍ من الأحايين ، ولله الحمد فقد أنجزتُ أكثرَ من نصفه ، وتبقى لي بعض الفرائد التي أرجو أن أحسن نظمها علّني أفوق الأندلسي يوماً ، ساعياً أن أكون ابن عبد ربه العماني .
      ومن خلال تجوالي ، صادفتُ رجلاً عمانياً أبياً ، فلاحاً حرث الأرض طوال تسعين عاماً ، لم يبخل على مزرعته شيئاً ولا على أغنامه ، يفتخرُ ببداوته وإن كان في أواخر عمره ارتدى ثوب المدنية والحضارة ، - رحمه الله – كان أكثر الناس إنتظاراً للكتاب ، يسألني كل يومٍ عنه ، يمنّي النفس بأن تصبح قصته حديث عمان كلها ، وأظنه كان حكيماً وحليماً ، بل حلمه يفوق قس بن ساعده وكرمه تجاوز حد حاتم وابن زائدة ، وفي حياته كثير عبر وعظيم مواقف .
      وعندما توقف نبض سؤاله ، ولم أسمع عن أخباره شيئاً ، عجبتُ بأن ينقطع ذكره لأكثر من اسبوعين ، هاتفتُ أحدَ المقربين منه ، فأبلغني خبر وفاته ، وانعدام صلته من أنفاس الحياة الدنيوية ، دعوتُ الله له بطهارةٍ يوم القيامة تنجيه من نار السعير وتدخله جنة الرضوان .
      حزنتُ لتأخري في سرد معالم حياته ، وكم تمنيتُ لو أني أسرعتُ في العمل ، ولكن مشيئة الله فوق كل شيء ، وقدره لا يُرد ، لذا فإني سأسردُ الآن تفاصيل ما أضمرتُ من جميل حياةٍ له ، على أني أرجو منكم التفاعل والإستئناس بحرفي المتواضع ، وأن لا تحرموني من توجيهكم قبل أن يبزغ نور الكتاب ، ولكم كل الوداد ، فهل أنتم مستعدون للإبحار معي في قاربٍ واحد ؟؟


      يتبع

    • حروفك جميلة سطرت ونثرت بين ضفاف الساحة..

      وانا مستعدة لان ابحر معك يا اخي في بحر مغامرة قصتك وسأكون
      متابعة لقصتك للنهاية..وكم بداخلي شوق لان اقرأ قصة هذا الرجل الحكيم
      الذي ذكرته..


      ولكن يا اخي مكان موضوعك في الساحة الروايات والقصص
      وعذرا لتدخلي..

      تحياتي لك اختك:
      دموع الحب

      :)

    • ستكون روايه رائعه لانها من واقع الحياه
      حياة البدوي الاصيل والكرم والجود والشهامه

      كم نتشوق للابحار معك اخي لمعرفة فصول الروايه
      ,,,,,

      ايها البدوي الاصيل
      ما ان بدأت فصول الروايه حتى وصلت الى النهايه

      ,,,,

      تسلم اخي رقيق المشاعر
      حروفك تنثر الجمال والابداع والاصاله
      فهيا لنبحر جميعا الى عمق المحيط لنبتعد عن شواطئنا قليلا ونكتشف كل ما هو جديد
    • السلام عليكم ورحمة الله


      أخي ننتظر الإبحار معك لكي تسرد لنا قصص من بحارك والوقائع التي حدثت في الحياة البدويه


      :)
      قيل لرجل: صف لنا التقوى ؟ فقال: إذا دخلت ارضاً بها شوك، ماذا تفعل؟ قال: اتوخى و احترز… فقال: فافعل في الدنيا كذلك.. فهي التقوى
    • "المحطة الأولى"
      طوال النهار يعمل الأب في المزرعة ، يحرثها ويعتني بها ، يهذب أغصان أشجارها الذابلة ، ويمهد لعروق العنب طريق الإنتشار في الشبكة الخشبية ، سليمان يتجول بالخيل في ربوع المزرعة الشاسعة ، محمد يصارع أشواك الورد ، ومريم العجوز تأخذ الجزر والبصل توزعه على الجيران بتوجيهٍ من محمد ، ويد صالح دوماً سخية على الفقراء والمحتاجين .
      هذه المزرعة الجميلة ذاع سيطها بين الناس ، لما تحويه من الخير الوفير ، ولذا فإنها دوماً تتعرض للسرقة والنهب ، وما كان يقضّ مضجع الرجل صالح أن يدَ المخربين تطالها كل يوم ، ولم يجد وسيلةً لحفظها ، فالسياج الصغير لا يحميها ، ولكبر حجمها لا يمكن حراستها بحالٍ من الأحوال ، فظلمة الليل تمهد الطريق لكل سارقٍ وعابث .
      بالرغم من الحنان والأبوة المتدفقة التي يوليها صالح لابنه محمود إلا أن الأخير يشعر بالغربة بين أهله ، حتى في المزرعة تجده يعمل وكأنه عامل مزرعة لا من أصحابها ، يجهد نفسه في الأعمال الشاقة من حرث وبذرٍ وسقي ، يفيق قبل صياح الديك ، ويحتضن الفأس قبل أن تطلَّ الشمسُ بأشعتها الذهبية وبوجهها المشرق ، انكسر ظهره من حمله للأخشاب الثقيلة ، يداه متورمتان من عناء حرث الحقل المخصص للزرع ، رجلاه لا تتوقفان من الحراك هنا وهناك .
      الجميعُ يشفق على محمود ، ونصائح محمد المستمرة لا تجد قبولاً ، الكل يسأل الله بأن يتبدل حال هذا البائس ، وأن يخالط الناس ويأخذ من تجارب الحياة ، حتى سليمان الأقرب إلى نفس محمود لا يستطيع مجالسته كثيراً ، فهو ينفر من الناس جميعاً ، ويزيد من معاناة أبيه المسكين .
      وفي المساء ، بعدما أرخى الليل سدوله ، اشتاق محمود لأمه ، خاطب النجوم والسماء فلم يجد ما ينسيه ، حاول النوم فما استطاع ، إنه الشوق والوجد والحنين ، يذرف دموعاً ويزفر آهات ، آهٍ أماه الجميع يبحث عن دواءٍ لي ، ولا يعلمون بأنكِ طبي ودوائي ، غفر الله لهم لا يحسون بما أشعر ، تباريح الوجد يا أماه تدميني، وسياط البعد تلفحني ، ما عدتُ أطيق الفراق ، إيهٍ إيه لو يشعرون أو يذوقون كأس المرارة لأعذروني ، أماه قلبي تَخْتَلِجُ أعضاؤه ويندى جبيني ، أمي الراحلة يقولون بأن كبد العاشق ثقيلة ، ولكني أجد كبدي تتمزق ، ومرارة الأسى تطيح به إلى قعر الفاجعة ، اعلمي أنني ثكِلتُكِ.
      لم يطق محمود الفراش ، فالتسهيد والأرق ليس لهما علاج ، خرج يمشي في عتمة الليل ، ولم يشعر إلا وقدماه تسوقانه نحو المزرعة ، فهي الأم الثانية والملاذ الآمن الذي يهجع إليه ، تعالت أصوات الكلاب بالنباح فقام الأب مسرعاً ظناً منه بأن المزرعة تتعرض للسرقة ، حمل معه سلاحه ، وصرخ مراراً وتكراراً من هنالك ؟!!
      لم يجب محمود إذ أنه في عالم آخر ينسيه كل أصوات الدنيا وضجيجها .


      ***يتبع***
    • أخي رقيق المشــــــــــــاعر ,,,

      كـــــــــم متشوقه لأبحر في عالم روايتك ,,,

      ننتظر محطاتك الأخــــــــــرى ,,, أسلوب راقي ,,,


      وفقـــــــــــــك الله ^_^
      .ExternalClass .ecxhmmessage P{padding:0px;}.ExternalClass body.ecxhmmessage{font-size:10pt;font-family:Verdana;}
      ڵنگن اراۆح راقيه ... نتڛامےُ عن ڛفاڛف اڵامۆر , ۆعن گڵ مايخدش نقائنا ، نحترم ذاتنا ۆ نحترم اڵغير ، عندما نتحدث نتحدث بعمق ، نطڵب بأدب ، ۆ نشگر بذۆق ، ۆنعتذر بصدق .. نترفع عن اڵتفاهات ۆ اڵقيڵ ۆاڵقاڵ ، نحب بصمت ۆ نغضب بصمت ۆاذا اردنا اڵرحيــڵ ، نرحـڵ بصمت ..!~
      ஐ๑
    • [INDENT]


      وفي المساء ، بعدما أرخى الليل سدوله ، اشتاق محمود لأمه ، خاطب النجوم والسماء فلم يجد ما ينسيه ، حاول النوم فما استطاع ، إنه الشوق والوجد والحنين ، يذرف دموعاً ويزفر آهات ، آهٍ أماه الجميع يبحث عن دواءٍ لي ، ولا يعلمون بأنكِ طبي ودوائي ، غفر الله لهم لا يحسون بما أشعر ، تباريح الوجد يا أماه تدميني، وسياط البعد تلفحني ، ما عدتُ أطيق الفراق ، إيهٍ إيه لو يشعرون أو يذوقون كأس المرارة لأعذروني ، أماه قلبي تَخْتَلِجُ أعضاؤه ويندى جبيني ، أمي الراحلة يقولون بأن كبد العاشق ثقيلة ، ولكني أجد كبدي تتمزق ، ومرارة الأسى تطيح به إلى قعر الفاجعة ، اعلمي أنني ثكِلتُكِ.




      وحين يأتي المساء
      نفترش المواجع ونسهر على الم الفراق
      فيؤلمنا ويوجعنا رحيل ناس كانوا هم شمة حياتنا في الدنيا
      ونورهم هو الذي نستمد منه الامل لمواجهة الحياه

      حب الولد لأمه
      حب نقي وجميل

      قصه بدايتها جميله وننتظر باقي التفاصيل



      [/INDENT]
    • تسلم عالكتابات الرائعه

      واااااااااااااااااااااو روعه كلمات معبره جدا

      وانا اول راكبي السفينه معك للابحار في محيط كتاباتك الجميله..

      اتمنى لك التوفيق والى الامام دوما يامن عطرت الساحه بكتاباتك الرائعه وتشكر عليها اخوي رقيق المشاعر....لطالما كانت حروفك تساوي الذهب..

      ربي يحفظك
    • قمرٌ ونجوم ، فضاءٌ يطرزه جمال السكون ، نسمات الصحراء تلقي بأريحية باردة على قلب محمود ، طيف الأم يراوده ، يخاطبها وكأنه تتمثل أمام ناظريه ، حياة مفعمة لم يحس بها من قبل ، فراشات الربيع تتجلى في رؤى صباحية ، كل علماء النفس لن يستطيعوا تشخيص نفسية محمود حينها ، إلا أن صاحب المزرعة يصرخ ويصرخ من بعيد : " إن لم تخرج لأقتلنك يا صاح " .
      محمد وسليمان يشعران بخوفٍ شديد ، من يكون السارق العنيد الذي لا يخشى الموت ؟ ما باله لا يبالي بالتهديد وصيحات الإنذار ؟ أهنالك بشرٌ لا يخشى الموت ساعة الخطيئة ؟ أم أنه استمدّ العون من الجن وعوالم الأسرار ؟ حيرةٌ وقلق ، وقد تكون ساحة قتالٍ بعد قليل ، فالمزرعة هي كنز صالح الثمين ولن يرضى بالعبث بجوهرته المصونة .
      الإبتسامة لا تفارق ثغر محمود ، روحٌ تتغلغل في كيانه ، ريحانٌ يزكم أنفه ، كل جوارحه تشعر بقرب اللقاء ، يترنم بالأغنيات ، ويردد أجمل العبارات ، الرحلة الآن ستبدأ ، نعم ستبدأ الآن الرحلة الأخيرة يا محمود ، فيد أبيك تضغط على الزناد ، لتنطلق الرصاصة مسرعةً نحوك ، وقد وجدت ظهرك مستقبلاً لها .
      ويحك يا صالح كيف يخونك الشعور ؟ ألم يتحرك إحساس الأبوة بداخلك ؟ كيف لم تفتقد ابنك الأكبر ؟ ألم تتجمد أضلاع صدرك حينما سمعت صوت محمود وهو يستقبل رصاصة سلاحك القوي ؟ يالله لقد سقط محمود على الأرض صريعاً ، وقد أطلق صرخةً رجّت كل أرجاء البلد ، وأيقظت كل النائمين ، حتى حمار محمود أطلق عنان النهيق مستنكراً الحادث الأليم .
      تقدم صالح ببطىءٍ شديد ليرى ضحيته ، أواه ماذا أرى ؟ ولدي حبيبي !!
      عين محمود تغمض وهي تئن بخروج الروح ، يتنهد "أبوي حد قتلني وأنا ما سويت شي "
      انطفأ نور القلب والعين إستئذاناً برحيلٍ أبدي .

      **** أحبتي ****
      وغداً أصوّر لكم وقائع هول الصدمة وتفاصيل الجنازة في واقعة حسرة .
    • السلام عليكم يا جماعة
      انا احب اقرأ قصص وروايات فاحيانا اشرى كتاب اقراء اشوي اتعب واثوب وارميه في الخزانه ..........
      بس لحد الحين ما صارت في هذا الحالة ...........
      ما أعرف وشى أقولزيادة ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
      غيران اللة يوفقك ويحفظك ........
    • السلام عليكم يا جماعة
      انا احب اقرأ قصص وروايات فاحيانا اشرى كتاب اقراء اشوي اتعب واثوب وارميه في الخزانه ..........
      بس لحد الحين ما صارت في هذا الحالة ...........
      ما أعرف وشى أقولزيادة ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
      غيران اللة يوفقك ويحفظك ........
    • مـــا شاء الله ..

      راائع ..

      كانت قراءة سريعة و تسجيلاً لـ الحضور ..

      سأعود على مهلٍ بـ إذن الله ..

      دمتم بـ حفظ الرحمن !
      ميولي : شاطرة فْـ حزني عرفت آآآشد فيه الحيييل
      و فوق الحزن أتفنن أخبي الدمع يوم يــــــهون ،،
      تصنّعت الفرح ثم قيل في وصف الفرح ما قيل
      ولو حسوا بألمْ لحظة لكانوا كلّهم يبكووون .. !
      عرفت الحين بميولي ببدّع زيييين ف التمثيل !!
      خسااارة راحت الفرصة وانا تخصصت في القانون ،
      >_<
    • مـــا شاء الله ..

      راائع ..

      قراءة سريعة .. و سأعوذ على مهلٍ بـ إذن الله ..

      دمتم بـ حفظ الرحمن !
      ميولي : شاطرة فْـ حزني عرفت آآآشد فيه الحيييل
      و فوق الحزن أتفنن أخبي الدمع يوم يــــــهون ،،
      تصنّعت الفرح ثم قيل في وصف الفرح ما قيل
      ولو حسوا بألمْ لحظة لكانوا كلّهم يبكووون .. !
      عرفت الحين بميولي ببدّع زيييين ف التمثيل !!
      خسااارة راحت الفرصة وانا تخصصت في القانون ،
      >_<
    • قد شوقتنا كثيراً أخي الكريم

      بدايه مؤثرة جداً

      قيل لرجل: صف لنا التقوى ؟ فقال: إذا دخلت ارضاً بها شوك، ماذا تفعل؟ قال: اتوخى و احترز… فقال: فافعل في الدنيا كذلك.. فهي التقوى



    • ليلة لن تمر هكذا سريعا كباقي الليالي

      ستمر ولكن سيكون لها طعم اخر والانفس تكاد تختنق

      سيتجرعون طعم الحنظل كل يوم بعد هذه الليله

      كيف ليد اب ان تنتشل روح ابنه

      لماذا اطلقت النار ؟

      لماذا لم انريث ؟؟

      لتيها اخترقت صدري قبل ان تخترق صدره

      مسكين هذا الاب

      كيف ستحمل كل هذا الالم وكل هذا الحزن العميق ؟؟؟
    • محطتنا الأولى شارفت على النهاية ، نهاية لم يتمناها أي قارىء ، وليتها من نسج الخيال حتى نفعل بها ما نريد ، ولكنها واقعاً مؤسفاً ، قدر الله لا يُرد ، وهذا قضاء الجليل وتلك حكمته ، اسّودت الدنيا بوجه صالح ، مصابٌ جلل ، وخسارةُ فادحة ، من يصدق أن الوالد الرحيم يزهق روح ابنه البكر ، في الوقت الذي كان محمود ينتظر اليد الحانية التي تمسح عنه عناء المعاناة أتت يدٌ أحبها وأحبته ولكنها ألقت به إلى قبرٍ سحيق .
      كان الله في عونك يا صالح ، وجمٌ وغم ، حيرة تسري بأعماقه ، يحتضن ابنه وهو يردد عبارات الندم وكره الذات ، محمد وسليمان لم يستوعبا الأمر بعد ، موت الأخ بيد الأب وإن كان خِطئاً فإنه خطلٌ لا يغفر أبداً ، ورجال الوالي في أهبة الإستعداد للقبض على المجرم بعد تشيع جنازة ضحيته .
      القرية كلها تبكي محموداً وتستنكر الحدث ، يومٌ دامٍ ، ذرات دم محمود تحكي قصةً من الغرابة لا مثيل لها ، وضعاف النفوس بدأوا يحيكون قَصصاً من الإفتراءات ، وما أسرع الإشاعة إذ بلغت كل القرى في سويعات بأن الصالح صالح قتل ابنه بدون رحمة لخلافٍ بينهما .
      أحضر سليمان الكفن ، وتم تغسيل محمود في جنازةٍ مهيبة تنفطر لها الأكباد وتنشق جبال الصمود ويهوي كبرياء البشر ، لهذا الحادث قسوة قدر وظلم التعجل ، ما ضرَّ صالح لو تأنّى أكثر ، وأي قانونٍ يبيح له سفك الدماء بأي جرمٍ كان ؟
      حفيف الأشجار وانبعاث نسماتٍ باردة من ضفة الوادي النضير ، وعويل الجارة العجوز مريم ، وهتافات الضمير لدى صالح ، رعونة التفكير في كل الأمور في خيال محمد ، وحنين الحمار لمحمود ، ضجيج الإندهاش وعجيج البوح النازف ورائحة المصير المؤلم ، وتبعيات الحادثة ، زادت من هول الأمر ، وأعطت نكهةً أخرى لمذاق الجنازة المريرة .
      صلّى المحبون على الميت الفقيد وأكثروا من الدعاء ، حملوه على الأعناق ، وأسكنوه داره الباقية ومثواه الأخير إلى قيام الساعة ، وبعدما نثروا التراب على قبره ، وقف صالحاً يبكي ابنه بكاء الثكلى الموتورة ويأنّ أنين المفجوع ، خاطب الجسد الموارى تحت الثرى :
      ( أي بني ، غذوتكَ صغيراً ، ورأيت فيك طفولتي ، كنت حلماً من أحلامي ، بل زهو عمري وزهر أيامي ، أرقب نموك السريع فتُسرّ نفسي ، أتألم حينما تلتفع بثوب الوحدة ، رجوت بأن تخرجك الأيام من عزلتك ، وقد سألت الله لك خير الدنيا والأخرة ، ولكني اليوم ، فعلتُ فعلتي وأنا من النادمين ، ولم يكن لي ذنبٌ في ذلك .
      ما أوحشني اليوم بفراقك ، كل الحياة لن تعيد لي بسمتي ، فلقد سلبنيها بعدك ، ولا أدري إن كنتُ سألحقك قريباً أم يؤخر الله في أمدي ، اغفر زلتي ، فإني لن أنقطع من الدعاء لك بالمغفرة ، وسأتصدق بكل ما أستطيع من أجل أن يغفر الله ذنبي .
      أيها الحبيب الراحل ، لو أفنيتُ عمري في البكاء والنحيب فلن يبلغ ذلك شيئاً من حزني وحجم فظاعة فعلتي ، ولكني أستمد العون من الله أن يرزقك الجنة لتهنأ فيها ، وترتاح من عناء الدنيا وأوزارها ، اللهم الطف به واعفو عنه واغفر له وكن به باراً رحيماً ، واجعل الجنة داره وقراره ) .

      أيها الطيبون ، غداً بإذن الله ننهي محطتنا الأخيرة بالنظر في عاقبة صالح ومحاكمته في فعلته ، هل يكون القصاص نفساً بنفس ؟ أم أن لدى محمد وسليمان رأياً آخر
      لكم عظيم محبتي
    • إنا لله وإنا إليه راجعون
      قيل لرجل: صف لنا التقوى ؟ فقال: إذا دخلت ارضاً بها شوك، ماذا تفعل؟ قال: اتوخى و احترز… فقال: فافعل في الدنيا كذلك.. فهي التقوى

    • ما شاااااااء الله ... واااايد حلووو ... عندنا مبدع بالساااحه .. احلى خبر ..

      لشخص مبدع شااركنا ابدااع افكااره . وهمس كلماته ...


      رائعه هي مخيلتك .. جميل هو ما ابدعت ...


      اتمنى لك التووفيق .. ونحن نترقب كل مااا هو جديد منك.
      صمتي لا يعني جهلي بما يدور حولي ..
      ولكن ما يدور حولي لايستحق الكلام ..
    • ربما قبيل عصر النهضة ، كان القتل منتشراً في كل أنحاء الرقعة الشاسعة لعمان الحبيبة ، إذ البلد في تحجرٍ وصلف ، إلا أن قتل الأب لابنه شيءٌ غريب ، لم يعتد عليه أهل عمان ، حيث أثارتِ الحادثة ضجة عارمة في كل البلدان والقرى المجاورة ، وصالح الآن مقيدٌ بالأغلال في سجن الوالي ، ينتظر المحاكمة ، فالوالي هو يملك جميع السلطات آنذاك ، هو القاضي والوزير والحاكم الصغير ، وبيده الأمر والنهي والتصرف .
      الجميع ينتظر حكم الوالي بشغف ، الجارة مريم والفقراء وكل الأطهار والأنقياء يدعون الله بأن لا تحدث كارثةً جديدة بالقصاص من صالح وقتله ، فالخاسر الأكبر هم أولاده ، ومن الصعب على النفس خسارة روحين عزيزتين في وقتٍ متقارب ، ويبقى الأب أباً وإن أجرم أو أخطأ ، فمحمد وسليمان بحاجةٍ لأبيهما في هذا الوقت أكثر من أي وقتٍ مضى .
      ما لم يكن في الحسبان أن أخوال الراحل محمود يطالبون بالقصاص من صالح وتنفيذ الحد فيه ، فالقاتل يقتل وإن أخطأ ، وصالح المسكين يقاسي آلام فراق ابنه وتأنيب الضمير ، وفوق كل هذا فإن الروح غالية ، ويدعو الله بأنه يخرجه من هذا المأزق حياً ، ويثق بحلم ورجاحة عقل أبنائه ، فهو لم يكن طاغيةً يوماً ولا جباراً ، بل سمحاً كريماً حكيماً ، وهذا ما زرعه في محمد وسليمان طيلة حياتهما .
      استدعى الوالي محمد وسليمان فهما المعنيان بالأمر أكثر من أخوالهما ، وخيَرهما الوالي في ثلاثة أحكام :
      أولها : القصاص وقتل صالح .
      وثانيها : السجن عشرة أعوام لصالح .
      وثالثها : دفع الدية المقدرة بالعرف وتسلم لمحمد وسليمان .
      هنا نطقت حكمة محمد ، وأزال اللبس والجهل من رأس الوالي ، صادحاً بصوت العقل :
      " سعادة الوالي ، أنت تملك سلطة التنفيذ ، وكلنا نذعنُ لك بذلك ، فلا سلطة أقوى من سلطتك ، ولكن أمر الحكم يُترك للقضاء ، ولديك قاضياً نزيهاً ، هلا تركته يحكم بما أنزل الله في كتابه من حكمٍ وشريعة ؟ فإني وعلى جهلي الشديد أشعرُ بأن لا قصاص في القتل الخطأ ، فوالدنا لم يقتل متعمداً ، ومن ثم لا دية ولا قصاص للولد من أبيه ، ولأن أخينا الراحل - رحمه الله - لم يكن له أولاداً إذ أنه لم يتزوج ، وأمه سبقته للدار الآخرة ، فإن كان ولا بد من دية فإنها تقسّم على الفقراء والمحتاجين ، وقد اتفقتُ مع أخي سليمان على أن نقتطع جزءً من المزرعة ونهبُ ريعها صدقةً لكل محتاج ، والأمرُ متروكُ لكم ، فقد أبديت رأيي وإن جانبني الصواب فعليكم توجيهي نحن الرأي السديد " .
      أُعجب الجميع برجاحة عقل محمد ، فقرر الوالي إستدعاء قاضيه الذي أقصاه يوماً عنه ، وبذلك رجع القاضي ينظر في أمور الناس ويحكم بشرع الله وقد جاء حكم القاضي موافقاً تماماً لرأي محمد ، تمَّ الأمر وعاد الأب يزاول مهنته الرئيسة ، فالزراعة هي مصدر الدخل لهذه العائلة .
      انتظروا خاتمة المحطة الأولى ، ولكم عظيم ودي .
    • سلمت أناملك أيها الكاتب المميز


      سمعت فعلا عن قصة الوالد الي قتل ابنه ولكن ليس بهذه التفاصيل التي تدمي القلب

      فقد أخذتنا غلى عالم آخر من المتعة والسعي خلف الحقيقة

      أبدعت أخي الفاضل وفي انتظار البقية