شخصية إسلامية ،،، فلنشارك جميعا ولكم الأجر،،

    • سكينة بنت الحسين ابن علي بن أبي طالب


      (كريمة بيت النبوة) أمها الرباب بنت امرئ العتيى بن عدي بن أوس بن جابر تزوجها مصعب بن الزبير بن العوام رضي الله عنهم.

      ابتكرها فولدت له فاطمة، ثم قتل عنها رضي الله عنها فخلف عليها عبد الله بن عثمان بن عبد الله فولدت له عثمان الذي يقال له قرين وحكيم وربيعة فمات عنها، فخلف عليها يزيد بن عمر بن عثمان بن عفان رضي الله عنه فمات عنها فخلف عليها إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف الزهري رضي الله عنهم فتزوجها فأقامت معه ثلاثة أشهر فكتب هشام بن عبد الملك إلى واليه بالمدينة أن فرق بينهما ففرق بينهما وقال بعض أهل العلم هلك عنها زيد بن عمرو بن عثمان وتزوجها الأصبع بن عبد العزيز بن مروان . ماتت سكينة بنت الحسين بن علي رضي الله عنهم وعلى المدينة خالد بن عبد الله بن الحارث بن الحكم فقال: انتظروني حتى أصلي عليها وخرج إلى البقيع فلم يدخل حتى الظهر وخشوا أن تغير فاشتروا لها كافورا بثلاثين دينارا فلما دخل أمر شيبة بن نصاح فصلى عليها.
    • عائشة بنت طلحة


      (ابنة طلحة الخير)
      تابعية جليلة، سليلة بيت كبير القدر في عصر النبوة، نشأت في أحضان النبوة برعاية عائشة بنت الصديق رضي الله عنها فكانت يضرب بها المثل في العلم والأدب والكرم. أبوها طلحة بن عبد الله التميمي القرشي.

      أحد العشرة المبشرين بالجنة، لقبه النبي صلى الله عليه وسلم (بطلحة الخير) وأمها: أم كلثوم بنت أبي بكر الصديق تابعية جليلة تزوجت عائشة ابن خالها عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق، ولدت له عمران وعبد الرحمن وأبا بكر وطلحة ونفيسة وكان ابنها طلحة بن عبد الله من أجواد قريش. كانت عائشة بنت طلحة أشبه الناس بخالتها عائشة أم المؤمنين وأحبهم إليها، وأطبعهم على علمها وأدبها، فقد تتلمذت عليها وروت عنها الحديث النبوي الشريف، وحديثها مخرج في الصحاح . وروى عنها الحديث ثلة من أكابر التابعين، وجلة العلماء منهم ابنها طلحة بن عبد الله وابن أخيها طلحة بن يحيى ومعاوية بن اسحاق والمنهال بن عمرو وعطاء ابن أبي رباح، وعمر بن سعيد وغيرهم. ولصدقها وعلمها وقدرها، أثنى عليها العلماء والكبراء ممن يعرفون رواية الحديث، فهذا يحيى بن معين يوثقها ويحتج بحديثها فيقول: الثقات من النساء عائشة بنت طلحة ثقة حجة. وأثنى عليها أبو زرعة الدمشقي. وهذا العجلي: عائشة بنت طلحة مدنية تابعية ثقة. وغيرهم من العلماء. ولما توفي زوجها عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق تزوجها أمير العراق مصعب بن الزبير وبعد مصعب تزوجها عمر بن عبيد الله بن معمر التيمي، وأقامت معه ثماني سنين، حيث مات سنة (82 هـ) ومنذ أن تأيمت، كانت تقيم بمكة سنة، وبالمدينة سنة وتخرج إلى مال لها بالطائف تدير أمورها بنفسها. ظلت عائشة بنت طلحة من أندر نساء عصرها حيث الجمال والهيئة والأدب، والعفة والعلم. إلى أن توفيت سنة (101هـ). رحم الله عائشة بنت طلحة، وتغمدها برحمته .
    • معاوية بن أبي سفيان


      معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه " يا معاوية إنْ وُلِّيتَ أمراً فاتّقِ الله واعْدِلْ " حديث شريف
      معاوية بن أبي سفيان القرشيّ الأموي ، ولد قبل البعثة بخمس سنين أسلم بعد الحديبيـة وكتَمَ إسلامه حتى أظهره عام الفتـح ، وكان في عمرة القضاء مسلماً ، كان من الكَتَبة الحَسبَة الفصحاء حليماً وقوراً عاش عشرين سنة أميراً وعشرين سنة خليفة

      إسلامه

      أسلم معاوية بن أبي سفيان قبل عُمرة القضية ، ولكنه كان يخاف أن يخرج الى المدينة لأن أمه كانت تقول له :( إن خرجت قطعنا عنك القوت )
      صهر الرسول أخته أم المؤمنين أم حبيبة بنت أبي سفيان ، دخل الرسول -صلى الله عليه وسلم- على أم حبيبة ومعاوية عندها نائم على السرير ، فقال :( من هذا يا أم حبيبة ؟)
      فقالت :( أخي معاوية يا رسول الله )
      قال :( فتُحِبِّيه ؟)
      فقالت :( إيْ والله إنّي لأحبُّه )
      فقال :( يا أم حبيبة ! فإني أحب معاوية ، وأحب من يحب معاوية ، وجبريل وميكائيل يُحبّان معاوية ، والله أشدُّ حُبّاً لمعاوية من جبريل وميكائيل )
      خَلْقه وخُلُقه كان طويلاً أبيض أجلح وصحب النبي -صلى الله عليه وسلم-
      قال عكـرمة لابن عباس :( إن معاوية أوتر بركعة )
      فقال :( إنه فقيه )
      قال المدائنـي :( كان زيـد بن ثابت يكتب الوحـي ، وكان معاوية يكتب للنبي -صلى الله عليه وسلم- فيما بينه وبين العرب

      دخل معاوية بن أبي سفيان على عمر -رضي الله عنه- وعليه حُلّة خضراء فنظر إليه الصحابة ، فلما رأى ذلك عمر قام ومعه الدَّرّة فجعل ضرباً بمعاوية ، ومعاوية يقول :( الله الله يا أمير المؤمنين ، فيمَ ؟ فيمَ ؟)
      فلم يكلمه حتى رجع فجلس في مجلسه فقالوا له :( لِمَ ضربت الفتى وما في قومك مثله ؟)
      فقال :( ما رأيت إلا خيراً ، وما بلغني إلا خير ، ولكني رأيته -وأشار بيده الى فوق- فأردت أن أضعَ منه )
      كان معاوية لا يُتَّهم في الحديث عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ، وكان معاوية قليل الحديث عن رسول الله الكريم


      الولاية

      ولاه عمر بن الخطاب الشام بعد أخيه يزيد بن أبي سفيان وأقره عثمان
      معاوية وعلي لم يبايع معاوية علي بن أبي طالب ، وحاربه واستقل بالشام ، ثم أضاف إليها مصر ، ثم تسمّى بالخلافة بعد الحكمين
      ولمّا قُتِلَ علي -رضي الله عنه- سار معاوية من الشام الى العراق ، فنزل بمسكن ناحية حربي ( بين بغداد وتكريت )إلى أن وجّه إليه الحسن بن علي فصالحه ، وقدم معاوية الكوفة ، فبايع له الحسن بالخلافة واجتمع عليه الناس ، فسمّي ذلك العام عام الجماعة
      وقد سُئِلَ الحارث الأعور -وكان من أصحاب علي- :( ما حمل الحسن بن عليّ على أن يُبايع لمعاوية وله الأمر ؟)
      قال :( إنه سمع علياً يقول : لا تكرهوا إمْرَة معاوية )
      معاوية والملك قال معاوية :( اتبعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بوضوء فلما توضأ نظر إليّ فقال :( يا معاوية إنْ وُلِّيتَ أمراً فاتّقِ الله واعْدِلْ )
      فما زلتُ أظنُّ أنّي مُبتلِ بعمل
      قال ابن عباس :( ما رأيت أحداً أحلى للملك من معاوية ) فملك الناس عشرين سنة ، يسوسهم بالملك ، يفتح الله به الفتوح ، ويغزو الروم ، ويقسم الفيء والغنيمة ، ويقيم الحدود قال أبو الدرداء :( لا مدينة بعد عثمان ، ولا رخاء بعد معاوية ) معاوية والسيدة عائشة لمّا قدِم معاوية المدينة يريد الحج دخل على أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- ومولاها ذكوان أبو عامر عندها فقالت له عائشة :( أمِنتَ أن أخبِّىء لك رجلاً يقتلك بقتلك أخي محمداً ؟)
      قال معاوية :( صدقتِ )
      فكلّمها معاوية فلمّا قضى كلامه ، تشهدت عائشة ثم ذكرت ما بعث الله به نبيه من الهدى ودين الحق ، والذي سنّ الخلفاء بعده ، وحضّتْ معاوية على اتباع أمرهم ، فقالت في ذلك ، فلم تترِك

      فلمّا قضت مقالتها قال لها معاوية :( أنتِ والله العالمة بأمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم-المناصحة المشفقة ، البليغة الموعظة ، حَضَضْتِ على الخير وأمرت به ، ولم تأمرينا إلا بالذي هو لنا ، وأنتِ أهلٌ أن تطاعي )000فتكلّمت هي ومعاوية كلاماً كثيراً ، فلمّا قدم معاوية اتكأ على ذكوان ، قال :( والله ما سمعت خطيباً ليس رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أبلغ من عائشة )
      أخلاق الحاكم خطب معاوية بالناس وقد حَبَس العطاء شهرين أو ثلاثة ، فقال أبو مسلم:( يا معاوية ، إنّ هذا المال ليس بمالك ولا مال أبيك ولا مال أمك )
      فأشار معاوية إلى الناس أن امكثوا ، فنزل ثم رجع فقال :( أيُّها الناس ! إنّ أبا مسلم ذكر أن هذا المال ليس بمالي ولا مال أبي ولا مال أمي ، و صدق أبو مسلم ، إني سمعت رسـول اللـه -صلى اللـه عليه وسلم- يقول :( الغضبُ من الشيطان ، والشيطان من النار ، والماء يطفيء النار ، فإذا غضب أحدكم فلْيَغتسل )
      اغْدُوا على عطائكم على بركة الله عزّ وجلّ )
      وخطب يوماً معاوية فقال :( إنّ في بيت مالكم فَضْلاً عن عطائكم ، وإني قاسمٌ بينكم ذلك ، فإن كان فيه قابلاً فضلٌ قسمته عليكم ، وإلا فلا عَتِيبَة عليّ ، فإنه ليس مالي وإنّما هو فَيء الله الذي أفاءَ عليكم )
      قال معاوية :( لا أضع لساني حيث يكفيني مالي ، ولا أضع سَوْطي حيث يكفيني لساني ، ولا أضع سيفي حيث يكفيني سَوْطي ، فإذا لم أجد من السيف بُدّاً ركبتُهُ )
      فضله قال معاوية :( أفضلُ ما أعطي الرجلُ العقل والحِلْمَ ، وإذا ذُكّرَ ذَكَرَ ، وإذا أعطيَ شكر ، وإذا ابتُليَ صَبَر ، وإذا غضِبَ كظم ، وإذا قَدَرَ غَفَرَ ، وإذا أساء اسْتَغْفر ، وإذا وَعَدَ أنْجَزَ )
      قال معاوية :( لا يبلغ الرجل مبلغَ الرأي حتى يَغلِبَ حِلْمُهُ جهلَهُ ، وصبره شهوته ، ولا يبلغ ذلك إلا بقوة الحِلْم )
      الوفاة لمّا حضرت معاوية الوفاة أوصى أن يُكفّن في قميص كساه إيّاه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأن يجعل ممّا يلي جسده ، وكان عنده قُلامة أظفار رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فأوصى أن تسحق وتجعل في عينيه وفمه ، وقال :( افعلوا بي ، وخلّوا بيني وبين أرحم الراحمين )
      ومات معاوية في رجب سنة ستين على الصحيح
      مما قيل في معاوية سَألَ الزهري سعيد بن المسيّب عن أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال له :( اسمعْ يا زهري ، من مات محبّاً لأبي بكر وعمر وعثمان وعلي ، وشهد للعشرة بالجنة ، وترحّم على معاوية ، كان حقيقاً على الله عز وجل أن لا يناقشه الحساب )
      وسُئِلَ ابن مبارك عما يقوله في معاوية فأجاب :( ما أقول في رجل قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- :( سمع الله لمن حمده )
      فقال معاوية من خلفه :( ربَّنا ولك الحمد )
      فقيل له :( ما تقول في معاوية ، هل هو عندك أفضل أم عمر بن عبد العزيز ؟)
      فقال :( لتُرابٌ في مِنْخَريّ معاوية مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- خير من عمر بن عبد العزيز )
      وسأل رجل المعافى بن عمران فقال :( يا أبا مسعود ، أين عمر بن عبد العزيز من معاوية ؟)
      فغضب من ذلك غضباً شديداً وقال :( لا يُقاس بأصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أحد ، معاوية صاحبه وصهره ، وكاتبه وأمينه على وحي الله عزّ وجلّ ، وقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- :( دَعوا لي أصحابي وأصهاري ، فمن سبّهم فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين )
    • فاطمة بنت الخطاب


      (القوية في الحق)

      فاطمة بنت الخطاب كانت تكنى بأم جميل وهي أخت أمير المؤمنين عمر تزوجها سعيد بن زيد بن عمرو بن نفل، أسلمت هي وزوجها قبل دخول الرسول صلى الله عليه وسلم دار الأرقم بن أبي الأرقم المخزومي أسلمت قبل أخيها عمر، وكانت سببا في إسلامه وذلك عندما خرج عمر متقلدا سيفه يريد الرسول صلى الله عليه

      وسلم فلقي نعيم ين عبد الله، وكان قد أسلم وأخفى إسلامه خوفا من اضطهاد قريش فلما رأى الشر يملأ وجه عمر سأله: إلى أين يا ابن الخطاب؟ فقال عمر: أريد محمداً فقال نعيم: والله لقد غزتك نفسك من نفسك يا عمر أترى بني عبد مناف تاركيك وقد قتلت محمدا؟ فقال عمر: لقد بلغني أنك تركت دين آبائك فقال: نعم: إن فعلت فقد فعله من هو أعظم عليك حقا مني. قال: من هو. قال نعيم: أختك وزوجها. فانطلق عمر إلى بيت سعيد بن زيد وكان عندهما خباب بن الأرت ومعه صحيفة يقرؤها ووجد الباب مغلقا وسمع همهمة ففتح الباب ودخل فقال: ما هذا الذي أسمع؟ قالت فاطمة: ما سمعت شيئا غير حديث تحدثنا به بيننا. فقال عمر: بلى والله لقد أخبرت أنكما تابعتما محمدا على دينه. وأخذ برأس سعيد وضربه فأدماه فأخذت برأس عمر وقالت:قد كان ذلك على رغم أنفك .فاستحى عمر لما رأى الدم وما فعله بختنه وأخته وقال لهما: أروني هذا الكتاب. فأخفت فاطمة الصحيفة وراء ظهرها وقالت: أخشاك عليها، فحلف لها ليردنها إذا قرأها إليها فقالت فاطمة: يا أخي أنت نجس ولا يمسه إلا الطاهر. فقام عمر واغتسل ثم عمر استحسن الكلام بعد قراءته فلما سمع خباب ذلك من عمر خرج وكان مستترا عن عمر وقال: يا عمر إني لأرجو أن يكون الله قد خصه بدعوة نبيه صلى الله عليه وسلم فإني سمعته أمس يقول: اللهم أيد الإسلام بأبي الحكم بن هشام أو بعمر بن الخطاب. فالله الله يا عمر. فقال على الفور دلوني على محمد حتى آتيه فأسلم. فأسلم على يديهما.
    • صفية بنت عبد المطلب

      (الشجاعة وقوة الإيمان)

      هي عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي أخت حمزة بن عبد المطلب، أمها هالة بنت وهب خالة النبي عليه الصلاة والسلام وكان أول من تزوج صفية بنت عبد المطلب الحارث بن حرب بن أمية، ثم هلك فخلف عليها العوام بن خويلد بن أسد فولدت له الزبير والسائب وعبد الكعبة ولما بعث الله عز وجل ابن أخيها

      محمدا صلى الله عليه وسلم أسلم الزبير فقالت له أمه صفية: اثبت إن أحق من (آزرت) وعضدت ابن خالك والله لو كنا نقدر على ما يقدر عليه الرجال لتبعناه وذببنا عنه. وأسلمت صفية وهاجرت إلى مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم مع ابنها الزبير بن العوام. لقد جاءت صفية بنت عبد المطلب يوم أحد وقد انهزم الناس وبيدها رمح تضرب في وجوه الناس وتقول: انهزمتم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ وكان أخوها حمزة بن عبد المطلب قد قتل ومثل به.. فلما رآى رسول الله صلى الله عليه وسلم مقبلة قال لابنها الزبير: القها فأرجعها لا ترى ما بأخيها. فلقيها الزبير بن العوام وقال: أي أماه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرك أن ترجعي . فقالت صفية بنت عبد المطلب: ولم؟ لقد بلغني أنه مثل بأخي،وذاك في الله فما أرضانا بما كان من ذلك لأصبرن ولأحتسبن إن شاء الله. فلما جاء الزبير رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره بقول أمه صفية فقال النبي صلى الله عليه وسلم. خل سبيلها، فأتت صفية فنظرت إلى أخيها حمزة وقد بقرت بطنه فاسترجعت واستغفرت له. ولما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم خرجت صفية تلمع بردائها وهي تقول: قد كان بعدك أبناء وهنبشة لو كنت شاهدها لم يكثر الخطب وقد روت صفية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وماتت في خلافة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب ودفنت بالبقيع بفناء دار المغيرة بن شعبة وقد بلغت من العمر نيفا وسبعين عاما .
    • معاذ بن جبل


      معاذ بن جبل رضي الله عنه

      " وأَعْلَمُ أُمَّتي بالحلال والحرام معاذ بن جبل " حديث شريف

      معاذ بن جبل بن عمرو بن أوس الخزرجي الأنصاري

      وكنيته أبو عبدالرحمن أسلم وعمره ثماني عشرة سنـة عندما أسلم سعد بن معاذ -رضي الله عنه - سيد الخزرج الذي طلب من قومه أن يسلمـوا فأسلم الخزرج ومعهم معاذ -رضي اللـه عنه-
      وقدم من المدينةالى مكة لمبايعة الرسـول -صلى الله عليه وسلم- ليلـة العقبـة الثانية فبايعه معهم وحضر المشاهـد كلها وروى عن النبـي -صلى الله عليه وسلم- الشيء الكثير من الأحاديث النبوية

      قربه من الرسول لزم معاذ بن جبل النبي -صلى الله عليه وسلم- منذ هجرته الى المدينة
      فأخذ عنه القرآن وتلقى شرائع الاسلام حتى صار أقرأ الصحابة لكتاب الله وأعلمهم بشرعه
      وهو أحد الستة الذين حفظوا القرآن على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-
      وحسبه شهادة له قول الرسول -صلى الله عليه وسلم- ( استقرئـوا القرآن من أربعـة ) من ابن مسعـود وسالم مولى أبي حذيفـة وأبي ومعاذ بن جبل )
      وقوله - صلى الله عليه وسلم- (وأعلم أمتي بالحلال والحرام معاذ بن جبل)
      قال له الرسول -صلى الله عليه وسلم- ( يا مُعاذ ، والله إني لأُحِبّك فلا تنْسَ أن تقول في عَقِب كل صلاة : اللهم أعِنّي على ذِكْرك وشكرك وحُسْن عبادتك )
      ولقد حَـذِق معاذ الدرس وأجاد التطبيـق
      فقد لقيه الرسول -صلى الله عليه وسلم- ذات صباح فسأله ( كيف أصبحت يا معاذ ؟)
      قال ( أصبحت مؤمنا حقّا يا رسول الله )
      قال النبي ( إن لكل حق حقيقة ، فما حقيقة إيمانك ؟)
      قال معاذ ( ما أصبحت صباحا قط إلا ظننت أني لا أمْسي ، ولا أمْسَيت مساء إلا ظننت أني لا أُصْبح ، ولا خطوت خطوة إلا ظننت أني لا أتْبِعُها غيرها ، وكأني أنظر الى كل أمّة جاثية تُدْعى الى كتابها ، وكأني أرى أهل الجنة في الجنة يُنَعَّمون ، وأهل النار في النار يُعَذّبون )
      فقال له الرسول ( عرفتَ فالزم)
      ارساله الى اليمن وبعث النبي -صلى الله عليه وسلم- معاذ مع رسل ملوك اليمن يعلم الناس دينهم وأوصاه بأمور عدة
      فقد سأله النبي -صلى الله عليه وسلم-( بما تحكم يا معاذ ؟)
      قال معاذ ( بكتاب الله )
      قال الرسول -صلى الله عليه وسلم- ( فان لم تجد ؟)
      قال معاذ ( بسنة رسول الله )
      قال الرسول -صلى الله عليه وسلم- ( فان لم تجد ؟)
      قال معاذ ( أجتهد رأي ولا آلو )
      قال الرسول -صلى الله عليه وسلم- ( الحمد لله الذي وفق رسول رسول الله لما يرضي رسول الله )
      فضله لقد كان عمـر بن الخطـاب -رضي اللـه عنه- يستشيـره كثيرا وكان يقول في بعـض المواطـن التي يستعيـن فيها برأي مُعاذ وفقهـه ( لولا معاذ بن جبـل لهلك عمـر )
      ولقد أجاد ابـن مسعـود وصفه حيـن قال ( إن معـاذاً كان أمِّـةً قانتـاً للـهِ حَنيفـاً ، ولقد كنّـا نُشَبِّـه معاذا بإبراهيـم عليـه السـلام )
      دخل ( عائذ الله بن عبد الله ) المسجد يوما مع أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في أول خلافة عمر فيحدثنا ويقول ( فجلست مجلسا فيه بضعٌ وثلاثون كلهم يَذْكرون حديثا عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ، وفي الحلقة شاب شديد الأُدْمَة حلو المنطق وضيء ، وهو أشَبُّ القوم سِنّا ، فإذا اشتبـه عليهم من الحديـث شيء رَدّوه إليه فَأفْتاهم ، ولا يحدثهم إلا حين يسألونه ، ولما قُضيَ مجلسهم دَنَـوْتُ منه وسَألْتُه ( من أنت يا عبد الله ؟)
      قال ( أنا معاذ بن جبل )
      ويقول ( أبو مسلم الخولاني ) (دخلت مسجد حمص فإذا جماعة من الكهول يتوسّطهم شاب برّاق الثنايا صامت لا يتكلم ، فإذا امْتَرَى القوم في شيء تَوَجَّهوا إليه يسألونه ، فقلت لجليس لي ( من هذا ؟)
      قال ( مُعاذ بن جبل )
      فوقع في نفسي حُبُّه )
      كما قال ( شهر بن حَوْشَب )( كان أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا تحدثوا وفيهم معاذ بن جبل ، نظروا إليه هيبة له )
      حُبّ العلم كان معاذا -رضي الله عنه- دائب الدعوة الى العلم والى ذكر الله ، فقد كان يقول ( احذروا زيْغ الحكيم ، واعرفوا الحق بالحق ، فإن للحق نوراً )
      وكان يرى العبادة قصداُ وعدلا ، قال له يوما أحد المسلمين ( علّمني )
      فسأله معاذ ( وهل أنت مطيعي إذا علمتك ؟)
      قال الرجل ( إني على طاعتك لحريص )
      فقال له معاذ ( صُمْ وأفْطِر ، وصَلِّ ونَمْ ، واكْتَسِب ولا تأثَمْ ، ولا تموتنَّ إلا مُسْلِما ، وإياك ودَعْوَة المظلوم )
      وكان يرى العلم معرفة وعملا فيقول :( تعلموا ماشئتـم أن تتعلموا ، فلن ينفعـكم الله بالعلم حتى تعْمَلوا )
      وكان يرى الإيمان بالله وذكره استحضارا دائما لعظمته ومراجعة دائمة لسلوك النفس ، يقول الأسود بن هلال ( كُنّا نمشي مع مُعاذ ، فقال لنا : اجلسوا بنا نُؤْمِنْ ساعة )
      طهارته مات الرسول -صلى الله عليه وسلم- ومعاذ بن جبل في اليمن ، وفي خلافة أبي بكر رجِع معاذ الى اليمن ، وكان عمر بن الخطاب قد علِمَ أن معاذاً أثرى فاقترح على الخليفة أبي بكر أن يشاطره ثروته وماله ، ولم ينتظر عمر بل نهض مسرعا الى معاذ وأخبره ، وقد كان معاذ -رضي الله عنه- طاهر الكف والذمّة ، ولئن كان قد أثرى فإنه لم يكتسب إثما ومن ثم فقد رفض عرض عمر وناقشه رأيه ، وتركه عمر وانصرف ، وفي الغداة سارع معاذ الى عمر يلقاه ولا يكاد يراه حتى يعانقه ودموعه تسبق كلماته ويقول ( لقد رأيت الليلة في منامي أني أخوض حَوْمَة ماء ، أخشى على نفسي الغرق ، حتى جئت فخلصتني يا عمر )
      وذهبا معا الى أبي بكر وطلب معاذ إليه أن يشاطره ماله فقال أبو بكر ( لا آخذ منك شيئاً )
      فنظر عمر الى معاذ وقال له ( الآن حَلَّ وطاب )
      فما كان أبو بكر الورع ليترك لمعاذ درهما واحدا ، لو علم أنه أخذه بغير حق
      أمانته وورعه كما أرسله عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- الى بني كلاب ليقسم فيهم أعطياتهم ويوزع على فقرائهم صدقات أغنيائهم فقام بواجبه خير قيام
      وعاد الى زوجـه بحلسه (ما يوضع على ظهر الدابة) الذي خرج به فقاـلت له امرأته ( أين ما جئت به مما يأتي به الولاة من هدية لأهليهـم ؟)
      فقال معاذ ( لقد كان معي رقيب يقظ يحصي علي )
      فقالت امرأته ( لقد كنت أمينا عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأبي بكر ثم جاء عمر فبعث معك رقيبا يحصي عليك )
      وشاعت ذلك عند نساء عمر وشكته لهن فبلغ عمر
      فأرسل الى معاذ وسأله (أنا أرسلت معك رقيبا)
      فقال ( يا أمير المؤمنين لم أجد ما اعتذر به الا هذا
      وقصدت بالرقيب الله عزوجل )
      فأعطاه عمر شيئا وقال ( أرضها به)
      معلما ثم واليا للشام وفي خلافة عمر -رضي الله عنه- أرسل اليه واليه على الشام يقول ( يا أمير المؤمنين ان أهل الشام قد كثروا وملأوا المدائن واحتاجوا الى من يعلمهم القرآن،ويفقههم في الدين، فأعني يا أمير المؤمنين برجال يعلمونهم)
      فأرسل اليه عمر من يعلمهم وكان أحدهم معاذ بن جبل -رضي الله عنه-
      فلما مات أمير الشام ( أبو عبيدة ) استخلفه أمير المؤمنين على الشام ، ولم يمضِ عليه في الإمارة سوى بضعة أشهر حتى يلقى ربه منيبا ، وكان عمر بن الخطاب يقول ( لو اسْتَخْلفْت معاذ بن جبل فسألني ربي : لماذا استخلفته ؟
      لقلت : سمعت نبيك يقول : إن العلماء إذا حضروا ربهم عزَّ وجل كان معاذ بين أيديهم )
      وهذا رأيه على خلافة المسلمين جميعا
      طاعون عمواس أصيب معاذ -رضي الله عنه- بالطاعون ، فلما حضرته الوفاة قال ( مرحبا بالموت مرحبا ، زائر بعد غياب وحبيب وفد على شوق )
      ثم جعل ينظر الى السماء ويقول ( اللهم إني كنتُ أخافك ، لكنني اليوم أرجوك ، اللهم انك تعلم أني لم أكن أحب الدنيا وطول البقاء فيها لغرس الأشجار ، وجري الأنهار ، ولكن لظمأ الهواجر، ومكابدة الساعات ، ومزاحمة العلماء عند حلق الذكر ، اللهم فتقبل نفسي بخير ما تتقبل به نفسا مؤمنة )
      ثم فاضت روحه بعيدا عن الأهل داعيا الى الله مهاجرا في سبيله
      وكانت وفاته في السنة السابعة عشرة من الهجرة النبوية في طاعون عمواس وعمره ثلاث وثلاثون سنة
    • الوليد بن الوليد بن المغيرة رضي الله عنه

      " اللهم أنج الوليد بن الوليد ، والمستضعفين من المؤمنين " حديث شريف

      الوليد بن الوليد بن المغيرة القرشيّ المخزوميّ ، أخو خالد بن الوليد كان حضر بدراً مع المشركين فأسر ، فافتداه أخواه هشام وخالد ، فلما افتُديَ أسلم وعاتبوه في ذلك فقال ( أجبت )
      فقال ( كرهت أن يظنوا بي أني جزعتُ من الأسر )
      الأسر ولمّا أسلم الوليد حبسه أخواله ، فكان النبي -صلى الله عليه وسلم- يدعو له في القنوت ، وكان يقول ( اللهم أنج الوليد بن الوليد ، والمستضعفين من المؤمنين )
      ثم أفلت من أسرهم ، ولحق بالنبي -صلى الله عليه وسلم- في عمرة القضية
      الوحشة قال الوليد للرسول -صلى الله عليه وسلم- ( يا رسول الله إني أجد وحشة في منامي )
      فقال له الرسول -صلى الله عليه وسلم- ( إذا اضجعت للنوم فقُلْ : بسم الله أعوذ بكلمات الله من غضبه وعقابه وشرّ عباده ومن همزات الشياطين ، وأعوذ بك ربّ أن يحضرون ، فإنه لا يضرك )
      فقال ذلك فذهب عنه ما كان به
      وفاته لمّا توفي الوليد -رضي الله عنه- قالت أم سلمة زوج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهي ابنة عمه
      ( يا عيـن فابكي للوليد بن الوليد بن المغيرهْ
      قد كان غيثـاً في السنين ورحمةً فينا منيرهْ ضخم الدسيعة ماجداً يسمو الى طلب الوتيرهْ
      مثل الوليد بن الوليد أبي الوليد كفى العشيرة
    • ابن سينا
      (370هـ 428هـ / 980م 1037م)


      مولده ونشأته:

      اسمه الحسين بن عبد الله بن الحسن بن علي بن سينا، وكنيته أبو علي.
      ولد ابن سينا في (أفشنة) وهي قرية مجاورة لبخارى التي تقع الآن في جمهورية أزبكستان.

      نشأ ابن سينا في ظل أسرة مستقيمة، وكان أبوه من بلخ ثم انتقل إلى بخارى في أيام حكم الأمير نوح بن منصور، وقام على ضيعة من ضياع بخارى اسمها (خرميثن) ولكنه سكن بأفشنة وأقام بها، حيث كانت قريبة من مقر عمله، ولذلك استطاع والد ابن سينا أن يوفر لابن سينا وأخيه تعليمًا مثاليًا وتثقيفًا عاليًا بالنسبة لذلك العصر، فقد أحضر له والده معلمًا للقرآن ومعلمًا للأدب، فأتم ابن سينا حفظ القرآن في سن العاشرة.

      طلبه للعلم:

      درس ابن سينا كثيرًا من كتب الأدب ثم أرسله أبوه إلى رجل يعلمه الحساب، ثم درس ابن سينا الفقه وطرق البحث والمناظرة وقرأ التصوف والمنطق والفلسفة ونبغ في الطب واشتهر به حتى أتاه كبراء الطب يقرءون عليه.
      ظل ابن سينا مجتهدًا في طلب العلم فكان لا ينام ليلة إلا قرأ فيها جزءًا كبيرًا ولا نهارًا إلا واشتغل بتحصيل العلم فيه، وكان لا ينقطع عن دراسة الفقه والفلسفة، وكانت له طريقته الخاصة في حلوله لكثير من المسائل.
      أنهى ابن سينا تحصيل جميع العلوم في سن مبكرة، يقال كان وقتها في السادسة عشرة أو الثامنة عشرة من عمره.

      شهرته وعلو منزلته:

      ولما مرض الأمير نوح بن منصور وحار الأطباء في علاجه، وجرى اسم ابن سينا في حضرته، أمر بإحضاره ليشارك الأطباء في العلاج، فقام ابن سينا بعلاجه حتى شفي، فأذن له الأمير في دخول مكتبة القصر، فأنهى ابن سينا قراءة كل ما فيها من الكتب.
      بدأ ابن سينا أسفاره بعد أن اضطربت أمور الدولة السامانية، فخرج من بخارى إلى كركانج وكان يلبس وقتها زي الفقهاء، فأكرمه أمير خوارزم، ثم انتقل بعد ذلك إلى جرجان وخراسان ثم غادرهما إلى دهستان ثم عاد إلى جرجان والتقى بالجوزجاني.
      وفي جرجان علت منزلة ابن سينا وتقلد الوزارة مرتين لشمس الدولة في همدان، ولم يكن ينقطع عن الكتابة والدرس والتأليف، فكان يبدأ الدرس مع تلاميذه في أول الليل، يملي عليهم الكتب من حفظه، وفي الصباح يذهب إلى الوزارة.

      مؤلفاته:

      بلغت مؤلفات ابن سينا 250 مؤلفًا بين كتاب ، ورسالة ، ومقالة في الرياضيات والمنطق والأخلاق والطبيعيات والطب والفلسفة.
      ويعتبر أبرز إنجازات ابن سينا في مجال الطب، فقد صنف كتابه (القانون) الذي وضع فيه ملاحظات دقيقة مثل ربطه بين السل وأمراض الرئة الأخرى، والإشارة إلى دور الماء والأتربة في نقل العدوى المرضية، كما ربط بين العوامل النفسية والعاطفية والمرض وأسباب الشذوذ.
      تُرجم كتابه القانون إلى اللغات الأوروبية العديدة وظل يدرس في جامعات أوروبا طوال أربعة قرون متصلة.
      كما أسهم ابن سينا في الطبيعيات في كتبه الشفاء والنجاة والإشارة.

      وفاته:
      ورغم علمه بأسرار الطب فلم يكن ابن سينا من المهتمين بصحتهم، فكثرت عليه الأمراض، فسقطت قوته ومات عام (428هـ/1037م) بهمدان.
    • هند بنت المهلب


      (الحكيمة المحدثة العاقلة)

      هند بنت المهلب بن أبي صفرة الأزدية البصرية
      أبوها الأمير، البطل. تزوجها الحجاج بن يوسف الثقفي المشهور،
      وكانت لها معه أخبار. قال التابعي الفقيه أيوب السختياني- رحمه الله-: ما رأيت امرأة أعقل من هند بنت المهلب. حدثت هند عن أبيها- وكان أحد رواة الحديث- كما حدثت عن الحسن البصري وغيرهما. قدمت على عمر بن عبد العزيز في بلدة بخناصرة- وكان قد حبس أخاها يزيد بن المهلب- فقالت له: يا أمير المومنين علام حبست أخي؟. قال: تخوفت أن يشق عصا المسلمين. فقالت له: فالعقوبة بعد الذنب أو قبل الذنب؟!. لها أقوال مأثورة في الحكمة ومن أقوالها: - شيئان لا تؤمن المرأة عليهما: الرجل والطيب. - ما رأيت لصالح النساء وشرارهن خيراً لهن من إلحافهن. - إذا رأيتم النعم مستدرة فبادروها بتعجيل الشكر قبل حلول الزوال. رحم الله هنداً بنت المهلب، وغفر لها .
    • خولة بنت الأزور

      خولة بنت الأزور (شجاعة فائقة) يرتبط تاريخ حياة بنت الأزور بضروب البطولة التي أبدتها في واقعة أجنادين. وفيها التحم المسلمون بقيادة خالد بن الوليد بالروم بقيادة هرقل، فقد فاقت ببسالتها وشهامتها ما قام به الرجال، وحاربت مستخفية لاطلاق سراح أخيها ضرار من الأسر، وحضت النساء على خوض غمار الحرب دفاعا عن الأسرى وذودا عن الإسلام. هذه بنت الأزور، التي أسرت مرة هي وبعض النساء أثناء حرب المسلمين مع الروم، فحرضت النساء على التخلص من الأسر، ولما لم يكن معهن سلاح اقتلعن أعمدة الخيام وأوتادها وحاربن بها ضد الروم تحت قيادة خولة بنت الأزور إلى أن نجين من الأسر.

      ويقال إن هذه البطلة المحاربة أسر أخوها ضرار بن الأزور في الحرب، فتنكرت في زي فارس، وامتطت جوادها مدججة بالسلاح واخترقت الصفوف وقتلت منهم عددا كبيرا، معرضة نفسها للموت. وكان المسلمون ومعهم سيف الله المسلول خالد بن الوليد- رضي الله عنه-. يترقبون بإعجاب، معتقدين أنها رجل، حتى خرجت من المعركة ورمحها يقطر دما، فالتفوا حولها، ولما عرفوا أنها فتاة اشتعلت حماستهم وتقدموا في شجاعة حتى فكوا أسر أخيها . وعادت الحرب سجالا بين العرب والروم في مرج دابق، وفيها أسر ضرار للمرة الثانية فحزنت أخته، وصممت على الانتقام من الروم وفك أسره. واقتحمت بنت الأزور صفوف الأعداء باحثة عن أخيها، فلم توفق إلى العثور عليه، وصاحت: (يا أخي ! أختك لك فداء) واشتد حماس المسلمون، وحاصروا أنطاكية، وقد تحصن فيها الروم ومعهم الأسرى وانتصر المسلمون وأطلق سراح الأسرى. بعد جهاد مرير فعاد ضرار إلى أخته فرحين بنصر الله ومنته. توفيت خولة بنت الأزور في عهد خلافة عثمان بن عفان- رضي الله عنه- بعد أن شهدت كثيرا من المشاهد والأحداث التاريخية .
    • الرازي
      (251-313هـ / 865-936م)
      - هو أبو بكر محمد بن زكريا الرازي.
      - ولد في مدينة الري في خرسان (شرقي مدينة طهران الحالية)
      - اهتم الرازي في بداية حياته بالدراسات الفلسفية واللغوية والرياضية.
      - رحل الرازي بعد أن بلغ الثلاثين من عمره إلى بغداد وبدأ فيها بدراسة الطب بعزم وإصرار شديد.
      - ترأس بعد ذلك الرازي البيمارستان العضدي في بغداد.
      - عاد بعد فترة إلى الري مرة أخرى واحتل منصب رئيس الأطباء في البيمارستان الملكي فيها.
      - ثم اشتهر بعد ذلك الرازي وذاعت شهرته في طول البلاد.
      - توصل الرازي إلى عدد من الابتكارات والاختراعات في مجال الطب والكيمياء منها:
      * ابتكار خيوط القصاب من أمعاء القطط.
      > * ابتكار استعمال فتائل للجروح.
      * وهو أول من فرق بين الجدري والحصبة.
      * تركيب مراهم الزئبق.
      * معالجة السل بالتغذية بالحليب المحلى بالسكر.
      > * أول من قال بفصل الصيدلة عن الطب.
      * وأول من جعل الكيمياء في خدمة الطب.


      - كما فتح باب الصيدلة الكيمائية فهو:

      * أول من حضر مادة الكحول من مخمرات محاليل سكرية.

      * أول من حضر حمض الكبريتيك بتقطير كبريتات الحديد


      - فقد الرازي بصره في آخر عمره حيث كان يكثر القراءة ليلا.
      - ومن طريف ما يحكى أنه جاء إليه يوما طبيب كي يجري له عملية في عينيه إنقاذا لبصره, وقبل أن يشرع الطبيب في عمليته سأله الرازي عن عدد طبقات أنسجة العين, فاضطرب الطبيب عند ذلك وصمت, فقال له الرازي: إن من يجهل جواب هذا السؤال عليه أن لا يمسك بآلة يعبث بها في عيني).
      - ترك الرازي مؤلفات عديدة وصلت إلى 230 مؤلفا في شتى العلوم.
      - ومن أشهر الكتب التي تركها الرازي كتاب (الحاوي في الطب) وكتاب (المنصوري في الطب) وكتاب (الجدري والحصبة) وكتاب (برء الساعة) وكتاب (من لا يحضره طبيب) وكتاب (سر الأسرار) في الكيمياء وكتاب (التدبير) فيها أيضا.
      من أقواله:

      * (عالج أول العلة بما لا يسقط القوة, وما اجتمع عليه الأطباء وشهد عليه الناس وعضدته التجربة وليكن أمامك).
      * (إن استطاع الحكيم أن يعالج بالأغذية دون الأدوية فقد وافق السعادة)
      * (ينبغي للمريض أن يقتصر على واحد ممن يوثق به من الأطباء فخطؤه في جنب صوابه يسير جدا).
      * (العمر يقصر عن الوقوف على فعل كل نبات في الأرض فعليك بالأشهر مما أجمع عليه ودع الشاذ واقتصر على ما جربت).
      * (الحقيقة في الطب غاية لا تدرك والعلاج بما تنصه الكتب دون إعمال الماهر الحكيم برأيه خطر).
    • ابن رشد
      (520 595هـ / 1128 1198 م)

      هو أبو الوليد محمد بن أحمد بن محمد بن رشد

      ولد ابن رشد في قرطبة في بيت عرف بالفقه والقضاء

      كان أبوه قاضي المالكية في زمانه, وكان جده من أهل العلم والفقه وله مباحث في الفلسفة.

      درس ابن رشد معظم العلوم الشائعة في عصره على يد كبار الأساتذة فأجيز في الفقه والطب

      كان ابن رشد محبا لفنون الأدب وشعر العرب في الجاهلية والإسلام.

      التقى ابن رشد بأكابر العلماء في عصره كابن طفيل وابن باجه وأبي بكر بن العربي

      سافر ابن رشد قبل الثلاثين من عمره إلى مراكش فقربه الخلفاء والأمراء.

      وكان مع ذلك من أشد الناس تواضعا وأخفضهم جناحا وكان حسن الرأي ذكيا قوي النفس, حتى صار مضرب الأمثال.

      ولما علت مكانة ابن رشد عند أمراء الموحدين كثر حاسدوه فدسوا عليه الدسائس حتى وقعت له محنة استمرت عاما ثم ظهرت الحقيقة ببراءة ابن رشد.

      لم تطل حياة ابن رشد بعد محنته فقد مات بعدها بعام ونقلت رفاته إلى قرطبة ودفن في مدفن أجداده بمقبرة ابن العباس.

      ترك ابن رشد العديد من المؤلفات الفقهية والطبية والفلسفة وفي علم الفلك والنحو
      وصلنا من مؤلفاته حوالي 87 كتابا .


      من أشهر مؤلفاته:

      * تهافت التهافت.
      * فصل المقال فيما بين الحكمة والمقال.
      * بداية المجتهد ونهاية المقتصد.
      * شرح جمهورية أفلاطون.
      > * شرح آراء أهل المدينة الفاضلة
      * كتاب المناهج.
      * الكليات في الطب.
    • عمرو بن العاص



      عمرو بن العاص رضي الله عنه يا عمرو بايع
      فإن الإسلام " " يَجُبُّ ما كان قبله حديث شريف
      كان عمـرو بن العاص أحد ثلاثة في قريش أتعبوا الرسـول -صلى الله عليه وسلم- بعنف مقاومتهم وإيذائهم لأصحابه ، وراح الرسول يدعو عليهم ويبتهل لينزل العقاب بهم فنزل الوحي بقوله تعالى
      " لَيْسَ لَكَ مِنَ الأمْرِ مِنْ شيء أوْ يتوبَ عليهم أو يُعَذِّبهم فإنهم ظالمون " وكـف الرسول الكريم عن الدعاء عليهم وترك أمرهـم الى الله ، واختار اللـه لعمرو بن العاص طريق التوبة والرحمة ، فأسلم وأصبح مسلم مناضل وقائد فذ

      إسلامه

      أسلم عمرو بن العاص -رضي الله عنه- مع ( خالد بن الوليد ) قُبيل فتح مكة بقليل ( شهر صفر سنة ثمان للهجرة ) وبدأ إسلامه على يد النجاشي بالحبشة ففي زيارته الأخيرة للحبشة جاء ذكر النبي الجديد ودعوته وما يدعو له من مكارم الأخلاق ، وسأل النجاشي عمرا كيف لم يؤمن به ويتبعه وهو رسول الله حقاً ، فسأل عمرو النجاشي :( أهو كذلك ؟)
      وأجابه النجاشي :( نعم ، فأطِعْني يا عمرو واتبعه ، فإنه والله لعلى الحق ، ولَيَظْهرنّ على من خالفه )
      وركب عمرو من فوره عائدا لبلاده ومتجها الى المدينة ليسلم لله رب العالمين ، وفي طريق المدينة التقى ( خالد بن الوليد ) الساعي الى الرسول ليعلن إسلامه أيضا ، وما كاد الرسول -صلى الله عليه وسلم- أن يراهم حتى تهلل وجهه و قال لأصحابه:( لقد رَمَتْكم مكة بفَلَذات أكبادها )
      وتقدم خالد فبايع ، وتقدم عمرو فقال :( إني أبايعك على أن يغفر الله لي ما تقدّم من ذنبي )
      فأجابه الرسول الكريم :( يا عمرو بايع فإن الإسلام يَجُبُّ ما كان قبله )
      وبايع عمرو ووضع كل ما يملك في خدمة الدين الجديد
      فضله كان فزعٌ بالمدينة فأتى عمرو بن العاص على سالم مولى أبي حذيفة وهو مُحْتَبٍ بحمائل سيفِه ، فأخذ عمرو سيفه فاحتبى بحمائله ، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:( يا أيها الناس ! ألا كان مفزعكم إلى الله وإلى رسوله )
      ثم قال :( ألا فعلتم كما فَعَل هذان الرجلان المؤمنان )
      مُحَرِّر مِصْر كانت مصر من أهم ولايات الإمبراطورية الرومانية ، وقد استغل الروم ثرواتها وحرموا منها السكان واستباحوا أهلها حتى أصبح الناس في ضيق لأن الروم فرضوا عليهم مذهبهم الديني قسرا ، فلما بلغ المصريون أنباء الفتوحات الإسلامية وعدالة المسلمين وسماحتهم تطلعت أنظارهم إليهم لتخليصهم مما هم فيه ،واتجه عمرو بن العاص سنة ( 18 هجري ) على رأس جيش من أربعة آلاف مقاتل متجها الى مصر ، وأمام شدة المقاومة طلب عمرو المدد من أمير المؤمنين فأرسل إليه أربعة آلاف جندي وتقدّم المسلمون وحاصروا حصن بابليون لمدة سبعة أشهر وتمكنوا من فتحه
      ثم اتجهوا الى الإسكندرية فوجدوا مقاومة من حاميتها فامتد حصارها الى أربعة أشهر وأخيرا فتحت الإسكندرية وعقدت معاهدة الإسكندرية ، ولقد كان -رضي الله عنه- حريصا على أن يباعد أهل مصر وأقباطها عن المعركة ، ليظل القتال محصورا بينه وبين جنود الرومان ، وتحدث عمرو مع زعماء الأنصار وكبار أساقفتهم فقال :( إن الله بعث محمدا بالحق وأمره به ، وإنه -عليه الصلاة والسلام- قد أدّى رسالته ، ومضى بعد أن تركنا على الواضِحَة ، وكان مما أمرنا به الإعذار الى الناس ، فنحن ندعوكم الى الإسلام ، فمن أجابنا فهو مِنّا له مالنا وعليه ما علينا ، ومن لم يُجِبنا الى الإسلام عرضنا عليه الجزْية وبذلنا له الحماية والمنعة ، ولقد أخبرنا نبينا أن مصر ستفتح علينا ، وأوصانا بأهلها خيرا فقال :( ستُفْتَح عليكم بعدي مصر ، فاسْتَوصوا بِقِبْطها خيرا ، فإن لهم ذِمّة ورَحِما )
      فإن أجبتمونا الى ما ندعوكم إليه كانت لكم ذِمّة الى ذِمّة )
      وفرغ عمرو من كلماته فصاح بعض الأساقفة والرهبان قائلا :( إن الرّحِم التي أوصاكم بها نبيكم لهي قرابة بعيدة لا يصل مثلها إلا الأنبياء )
      حُبِّ الإمارة مما امتاز به عمرو بن العاص حُبّه للإمارة ، فشكله الخارجي ومشيته وحديثه كلها تدل على أنه خُلِق للإمارة ، حتى أن في أحد الأيام رآه أمير المؤمنين عمر وهو مقبل فابتسم لِمَشْيَته وقال :( ما ينبغي لأبي عبد الله أن يمشي على الأرض إلا أميرا )
      والحق أن عمرو لم يُبْخِس نفسه هذا الحق ، فمع كل الأحداث الخطرة التي اجتاحت المسلمين ، كان عمرو يتعامل معها بأسلوب أمير معه من الذكاء والدهاء ما يجعله واثقا بنفسه مُعْتَزا بتفوقه ، وقد أولاه عمر بن الخطاب ولاية فلسطين والأردن ، ثم على مصر طوال حياة أمير المؤمنين ، وعندما علم ابن الخطاب أن عمراً قد اجتاز حد الرخاء في معيشته أرسل إليه ( محمد بن مَسْلمة ) وأمره أن يقاسم عمراً جميع أمواله وأشيائه ، فيبقى له نصفها ويحمل معه الى بيت مال المسلمين بالمدينة النصف الآخر ، ولو علم أمير المؤمنين عمر أن حب عمرو للإمارة سيحمله على التفريط في مسئولياته لما أبقاه في الولاية لحظة واحدة000 ذكاؤه ودهاؤه كان عمـرو بن العاص حاد الذكاء ، قوي البديهة عميق الرؤية ، حتى أن أمير المؤمنين عمـر كان إذا رأى إنسانا عاجز الحيلة ، صـكّ كفيه عَجبا وقال :( سبحان الله !إن خالق هذا وخالق عمرو بن العاص إله واحد )
      كما كان عمرو بن العاص جريئا مِقْداما ، يمزج ذكائه بدهائه فيُظَنّ أنه جبان ، بيد أنها سعة حيلة يُخرج بها نفسه من المآزق المهلكة ، وكان عمر بن الخطاب يعرف ذلك فيه ، وعندما أرسله الى الشام قيل له :( إن على رأس جيوش الروم بالشام أرطبونا )
      أي قائدا وأميرا من الشجعان الدُّهاة ، فكان جواب أمير المؤمنين :( لقد رمينا أرْطَبون الروم بأرْطَبون العرب ، فلننظر عمَّ تنفَرج الأمور )
      ولقد انفرجت عن غلبة ساحقة لأرطبون العرب وداهيتهم عمرو بن العاص على أرطبون الروم الذي ترك جيشه للهزيمة وولى هاربا الى مصر
      ولعل من أشهر المواقف التي يظهر فيها دهاء عمرو موقف التحكيم بين عليا ومعاوية ، وموقفه من قائد حصن بابليون
      التحكيم في الخلاف بين علي ومعاوية نصل الى أكثر المواقف شهرة في حياة عمرو ، وهو موقفه في التحكيم وكانت فكرة أبو موسى الأشعري ( المُمَثِّل لعلي ) الأساسية هي أن الخلاف بينهما وصل الى نقطة حرجة ، راح ضحيتها الآلاف ، فلابد من نقطة بدء جديدة ، تعطي المسلمين فرصة للاختيار بعد تنحية أطراف النزاع ، وأبوموسى الأشعري على الرغم من فقهه وعلمه فهو يعامل الناس بصدقه ويكره الخداع والمناورة التي لجأ اليها الطرف الآخر ممثلا في عمرو بن العاص ( مُمَثِّل معاوية )الذي لجأ الى الذكاء والحيلة الواسعة في أخذ الراية لمعاوية
      ففي اليوم التالي لاتفاقهم على تنحية علي ومعاوية وجعل الأمر شورى بين المسلمين
      دعا أبوموسى عمرا ليتحدث فأبى عمرو قائلا :( ما كنت لأتقدمك وأنت أكثر مني فضلا وأقدم هجرة وأكبر سنا )
      وتقدم أبوموسى وقال :( يا أيها الناس ، انا قد نظرنا فيما يجمع الله به ألفة هذه الأمة ويصلح أمرها ، فلم نر شيئا أبلغ من خلع الرجلين - علي ومعاوية - وجعلها شورى يختار الناس لأنفسهم من يرونه لها ، واني قد خلعت عليا ومعاوية ، فاستقبلوا أمركم وولوا عليكم من أحببتم )
      وجاء دور عمرو بن العاص ليعلن خلع معاوية كما تم الاتفاق عليه بالأمس ، فصعد المنبر وقال :( أيها الناس ، ان أباموسى قد قال ما سمعتم ، وخلع صاحبه ، ألا واني قد خلعت صاحبه كما خلعه ، وأثْبِت صاحبي معاوية ، فانه ولي أمير المؤمنين عثمان والمطالب بدمه ، وأحق الناس بمقامه !!)
      ولم يحتمل أبوموسى المفاجأة ، فلفح عمرا بكلمات غاضبة ثائرة فقد أنفذ أبو موسى الإتفاق وقَعَد عمرو عن إنفاذه حصن نابليون أثناء حربه مع الرومان في مصر ، ( وفي بعض الروايات التاريخية أنها وقعت في اليرموك ) ، دعاه أرطبون الروم وقائدهم لمحادثته ، وكان قد أعطى أوامره لرجاله بإلقاء صخرة فوق عمرو إثر إنصرافه من الحصن ، ودخل عمرو على القائد لا يريبه منه شيء ، وانفض اللقاء ، وبينما هو في طريق الخروج لمح فوق أسوار الحصن حركة مريبة حركّت فيه الحرص والحذر ، وعلى الفور تصرف بشكل باهر ، لقد عاد الى قائد الحصن في خطوات آمنة مطمئنة ولم يثر شكوكه أمر ، وقال للقائد :( لقد بادرني خاطر أردت أن أطلعك عليه ، إن معي حيث يقيم أصحابي جماعة من أصحاب الرسول السابقين الى الإسلام ، لا يقطع أمير المؤمنين أمرا دون مشورتهم ، ولا يرسل جيشا من جيوش الإسلام إلا جعلهم على رأس مقاتلته وجنوده ، وقد رأيت أن آتيك بهم حتى يسمعوا منك مثل الذي سمعت ، ويكونوا من الأمر على مثل ما أنا عليه من بيّنة )
      وأدرك قائد الروم أن عمرا بسذاجة قد منحه فرصة العمر ، فليوافقه الآن الرأي ، وإذا عاد ومعه هذا العدد من زعماء المسلمين وخيرة رجالهم ، أجهز عليهم جميعا ، بدلا من أن يجهز على عمرو وحده ، وألغيت خطة اغتيال عمرو ، وودّع عمرو بحرارة ، وابتسم داهية العرب وهو يغادر الحصن ، وفي الصباح عاد عمرو على رأس جيشه الى الحصن ممتطيا صهوة فرسه
      وفاته وفي السنة الثالثة والأربعين من الهجرة ، أدركت الوفاة عمرو بن العاص بمصر حيث كان واليا عليها ، وراح يستعرض في لحظات الرحيل حياته فقال :( كنت أول أمري كافرا ، وكنت أشد الناس على رسول الله ، فلو مِتّ يومئذ لوجَبَت لي النار ، ثم بايعت رسول الله ، فما كان في الناس أحد أحبّ إلي منه ، ولا أجلّ في عيني منه ، ولو سُئِلْتُ أن أنْعَتَه ما استطعت ، لأني لم أكن أقدر أن أملأ عيني منه إجلالا له ، فلو مِتّ يومئذ لرجوت أن أكون من أهل الجنة ، ثم بُليت بعد ذلك بالسلطان ، وبأشياء لا أدري أهي لي أم عليّ )
      ثم رفـع بصره الى السماء في ضَراعـة مناجيا ربه الرحيم قائلا :( اللهم لا بريء فأعْتـذِر ، ولا عزيز فأنْتَصر ، وإلا تُدْركني رحمتك أكن من الهالكين )
      وظل في ضراعاته حتى صعدت الى الله روحه وكانت آخر كلماته : لا إله إلا الله
      وتحت ثَرَى مصر ثَوَى رُفاتُه
    • الإدريسي
      (493 560هـ / 1099 1165م)

      هو أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن إدريس الحمودي الحسني القرطبي.

      ولد الإدريسي بثغر سبتة المغربية التي تقع شمال المغرب على مضيق جبل طارق.

      تلقى الإدريسي علومه في قرطبة بالأندلس التي انتقل إليها واهتم بالجغرافية على وجه الخصوص فأبدع فيها.
      ثم تجول في بلاد شمال أفريقية فعرف المدن والقرى وزار بعض مدن الشاطئ الفرنسي والإنكليزي الواقع على المحيط الأطلنطي ثم رحل إلى الشرق فزار مصر والشام وآسيا الصغرى (تركيا).

      عرف الإدريسي بذكائه الخارق وتواضعه النادر وثقافته العالية في شتى المعارف كالرياضيات والهندسة والجغرافيا والفلك والطبيعة والسياسة والطب ومنافع الأعشاب وأماكنها وأشكالها.

      ثم انتقل الإدريسي إلى صقلية بدعوة من ملكها (روجر), وقد كانت صقلية آنذاك مركزا للتبادل التجاري والثقافي وملتقى للفكر العالمي.

      ولما رآه ملك صقلية لاحظ نبوغه وتفوقه فطلب منه أن يؤلف له كتابا شاملا يحتوي على المعلومات الضرورية في الجغرافيا, فصنف الإدريسي كتابه (نزهة المشتاق في اختراق الآفاق) وقد جاء كتابه هذا متميزا في بابه, فقد وضع فيه الإدريسي 70 خريطة عن العالم ظهرت دقتها مع مقارنتها بالخرائط التي كانت موجودة آنذاك, اعتبر فيها الإدريسي كروية الأرض في زمن ساد فيه الاعتقاد بأنها مسطحة.

      انتقد الإدريسي معظم المؤلفات التي ألفها أسلافه وعلق عليها وشرح الكثير من النقاط الغامضة فيها, كما أضاف وصفا لرحلاته حدد فيها منابع النيل والحيوانات المتواجدة في هذه المناطق وميز حدود البحيرات الاستوائية التي فشل كثير من العلماء فيها.

      تمكن الإدريسي من قياس محيط الأرض فتوصل إلى أنه اثنان وعشرون ألفا وتسعمائة ميل وهو ما يعادل 42185 كيلو متر وهذا الرقم قريب من محيطها الحقيقي وهو 40068 كم.

      من أشهر مؤلفات الإدريسي:

      * نزهة المشتاق في اختراق الآفاق.

      * الجامع لصفات اشتات النبات.

      * الأدوية المفردة.

      * المسالك والممالك

      * سعادة الرجال وغبطة النفوس.
    • سمية بنت خياط



      (أول شهيدة في الاسلام)
      سمية بنت خياط أم عمار بن ياسر
      وكانت مولاة أبي حذيفة المغيرة أعتقها سيدها، وكان ياسر حليفاً لأبي حذيفة فتزوجها فولدت عمار فأعتقه
      . وكان ياسر وولده عمار وزوجته سمية ممن سبق إلى الإسلام.
      وكانت سمية سابعة سبعة في الإسلام، وكان أول من أظهر الإسلام بمكة سبعة: رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وبلال وخباب وصهيب وعمار وسمية بنت خياط.

      وكان آل ياسر يعذبون في الله ليفتنوا عن دينهم ولكنهم يرجعوا للكفر
      وكان أبو حذيفة بن المغيرة يسقيهم الهول والعذاب وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يمر عليهم فيقول لهم: (صبراً آل ياسر موعدحم الجنة).
      وأعطيت سمية لأبي جهل أعطاها له عمه أبو حذيفة ليعذبها فقال لها أبو جهل: كيف تتركين آلهة آبائك وتتبعين إله محمد؟.
      قالت سمية بنت خياط: أرني إلهك هذا؟
      فقالت سمية: (لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير) .
      فقال أبو جهل :لقد سحرك محمد .
      قالت: بل هداني إلى النور.
      ثم أمر أبو جهل بسمية رضي الله عنها فطعنها بحربة في قلبها .
      فماتت وذلك قبل الهجرة. ولما قتل أبو جهل يوم بدر قال النبي صلى الله عليه وسلم لعمار بن ياسر: (قتل الله قاتل أمك) يعني أبو جهل.
      رحم الله السابقة إلى الإسلام وأول شهيدة في الإسلام.
    • معاذة العدوية

      (صاحبة الهمة العالية)
      من عابدات البصرة أحببن طاعة الله، وتشوقن إلى لقائه كانت - رحمها الله- إذا أحست من نفسها الكسل في العبادة، قالت لنفسها:( هذه ليلتي أموت فيها).
      ولما عوتبت على كثرة طاعتها من قبل أقاربها،
      قالت: (عجبت لعين تنام، وقد عرفت طول الرقاد في ظلم القبر)
      وكان زوجها كذلك الطاعة،
      حتى قال أبو السوار العدوي ذات يوم: بنو عدي أشد أهل هذه البلدة اجتهاداً، ففي ذات يوم قاتل ابنها غزاة حتى قتل، فاجتمعت النساء عند معاذة العدوية لكي يخففن عنها، ويشاطرنها الحزن
      ، فقالت لهن مرحبا، إن كنتن جئتن تهنئنني فمرحباً بكن، وإن كنتن جئتن لغير ذلك فارجعن.
      تقول أم الأسود بنت زيد، وكانت معاذة قد أرضعتها قالت معاذة لما قتل أبو الصهباء (زوجها). (والله يا بنية، ما محبتي للبقاء في الدنيا للذيذ عيش، ولا لروح نسيم، ولكن والله أحب البقاء لأتقرب إلى ربي عز وجل بالوسائل، لعله يجمع بيني وبين أبي الصهباء وولده في الجنة)

      رحم الله معاذة العدوية.
    • النعمان بن المقرن



      النعمان بن المقرن أحد القادة المسلمين الأبطال ان للايمان بيوتا و للنفاق بيوتا وان بيت" " بني مقرن من بيوت الايمان حديث شريف

      النعمان من قبيلة مزينة وكنيته أبوالحكيـم

      وكان يوم إسلامه يوما مشهودا إذ أسلم معه عشرة أخوة له ومعهم أربعمائة فارس بين يدي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال فيهم ( ان للإيمان بيوتا و للنفاق بيوتا وان بيـت بني مقرن من بيوت الايمان )

      جهاده واستشهاده ولقد شهد النعمان الغزوات كلها مع الرسول -صلى الله عليه وسلم- وكان له ولقبيلته دور بارز في محاربة المرتدين

      وكان هو بطل معركة نهاوند يوم أن ندبه أمير المؤمنين عمر لهذه المهمة الجليلة اذ كتب اليه قائلا ( فانه قد بلغني أن جموعا من الأعاجم كثيرة قد جمعوا لكم بمدينة نهاوند ، فاذا أتاك كتابي هذا فسر بأمر الله وبنصر الله بمن معك من المسلمين ، ولا توطئهم وعرا فتؤذيهم ولا تمنعهم حقا فتكفرهم ولا تدخلهم غيضة فان رجلا من المسلمين أحب الي من مئة ألف دينار والسلام عليكم)

      فسار النعمان بالجيش والتقى الجمعان ، ودارت المعركة حتى ألجـأ المسلمون الفـرس الى التحصـن فحاصروهم وطال الحصـار عدة أسابيع وفكر المسلمون في طريقة يستخرجون فيها الفرس من حصونهم لمناجزتهم ، فبعثوا عليهم خيـلا تقاتلهم بقيـادة القعقاع حتى اذا خرجـوا من خنادقهم تراجـع القعقاع فطمعوا وظنوا أن المسلمين قد هزموا ، وكان النعمان قد أمـر جيش المسلمين ألا يقاتلوا حتى يأذن لهم وخاطبهم قائلا (اني مكبر ثلاثا فاذا كبرت الثالثة فاني حامل فاحملوا ، وان قتلت فالأمر بعدي لحذيفة فان قتل ففلان )

      حتى عد سبعة آخرهم المغيرة ، ثم دعا ربه قائلا ( اللهم أعزز دينك وانصر عبادك واجعل النعمان أول شهيد اليوم ، اللهم اني أسألك أن تقر عيني بفتح يكون فيه عز الاسلام واقبضني شهيدا )

      فبكى الناس من شدة التأثر ودارت المعركة على مشارف نهاوند ، وقاد النعمان المعركة بشجاعة نادرة وظفر بالشهادة التي كان يتمناها ، وتحقق الفتح العظيم الذي طلبه من الله ، فأخذ أخوه نعيم بن مقرن الراية وسلمها لحذيفة ، فكتم أمر استشهاده حتى تنتهي المعركة

      وذهب البشير يخبر أمير المؤمنين عمر و يقول له ( فتح الله عليك ، وأعظم الفتح ، واستشهد الأمير )
      فقال عمر ( انا لله وانا اليه راجعون )

      واعتلى المنبر ونعى الى المسلمين النعمان بن المقرن أمير نهاوند وشهيدها
      وبكى وبكى حتى علا صوته بالبكاء رضي الله عن النعمان القائد المنتصر شهيد معركة فتح الفتوح
    • عكرمة بن أبي جهل


      عكرمة بن أبي جهل رضي الله عنه

      " مرحباً بالراكب المهاجر " حديث شريف عكرمة بن أبي جهل عمرو بن هشام بن المغيرة القرشيّ المخزومي وكنيته أبو عثمان ، أسلم بعد الفتح ، فقد كان هارباً الى اليمن وعند عودته قال له رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ( مرحباً بالراكب المهاجر )
      وقد حسُنَ إسلامه ، وشارك في حروب الردة


      الهروب تحولت إلي عكرمة رئاسة بني مخزوم بعد مقتل أبيه ( أبو جهل ) في غزوة بدر ، وكان من رؤوس الكفر والغلاة فيه ، فرزقه الله الإسلام
      فقد عهد رسـول اللـه -صلى اللـه عليه وسلم- إلى أمرائه من المسلمين حين أمرهم أن يدخلوا مكة ألا يقتلوا إلا من قاتلهم ، إلا أنه قد عهد في نفر سماهم ، أمر بقتلهم وإن وجدوا تحت أستار الكعبة منهم عكرمة بن أبي جهل ، فركب عكرمة البحر ، فأصابهم عاصف ، فقال أصحاب السفينة لمن في السفينة ( أخلصوا ، فإن آلهتكم لا تغني عنكم شيئاً هاهنا )
      فقال عكرمة ( لئن لم يُنجّني في البحر إلا الإخلاص ما يُنجّيني في البرّ غيره ، اللهم إنّ لك علي عهداً إن أنت عافيتني مما أنا فيه ، أني آتي محمداً حتى أضع يدي في يده ، فلأجدنّه عفواً كريماً )
      الأمان وأسلمت زوجته ( أم حكيم بنت الحارث بن هشام بن المغيرة ) يوم الفتح ، فقالت ( يا رسول الله ، قد هرب عكرمة منك إلى اليمن ، وخاف أن تقتله فآمنهُ )
      فقال رسـول الله -صلى الله عليه وسلم- ( هو آمن )
      فخرجت في طلبه ، فأدركته باليمن ، فجعلت تلمح إليه وتقول ( يا ابن عم ، جئتُك من عند أوصل الناس وأبرّ الناس وخير الناس ، لا تهلك نفسك )
      فوقف لها حتى أدركته فقالت ( إني قد استأمنتُ لك رسول الله -صلى الله عليه وسلم- )
      قال ( أنتِ فعلتِ ؟)
      قالت ( نعم ، أنا كلمتُهُ فأمّنَك )
      فرجع معها الإسلام قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ( يأتيكم عكرمة بن أبي جهل مؤمناً مهاجراً ، فلا تسبّوا أباه فإن سبّ الميت يؤذي الحي ، ولا تبلغ الميت )
      فلمّا جاء إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- آمناً على دمه قال له ( مرحباً بالراكب المهاجر أو المسافر )فوقف بين يديه ومعه زوجته متنقبة فقال ( يا محمد ، إنّ هذه أخبرتني أنك أمّنتني ؟!)
      فقال رسول اللـه -صلى اللـه عليه وسلم- ( صدقتْ ، فأنت آمن )
      قال عكرمة ( فإلام تدعو ؟)
      قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-( أدعو إلى أن تشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله ، وأن تقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتفعل )
      حتى عدّ خصال الإسلام
      فقال عكرمة ( واللـه ما دعوت إلا إلى الحـق ، وأمر حسن جميل ، قد كنت واللـه فينا قبل أن تدعو إلى ما دعوت إليه وأنتَ أصدقنا حديثاً ، وأبرّنا أمانة )
      ثم قال عكرمة ( فإني أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً عبده ورسوله )
      فسُرّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ، ثم قال ( يا رسول الله ، علّمني خير شيءٍ أقوله )
      قال ( تقول : أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله )
      ثم قال ( ثم ماذا ؟)
      قال ( تقول : اللهم إني أشهدك أنّي مهاجر مجاهد )
      فقال عكرمة ذلك
      ثم قال النبـي -صلى اللـه عليه وسلم- ( ما أنتَ سائلي شيئاً أعطيه أحداً من الناس إلا أعطيتك )
      فقال ( أمّا إني لا أسألك مالاً ، إني أكثر قريش مالاً ، ولكن أسألك أن تستغفر لي )
      وقال ( كل نفقة أنفقتُها لأصدّ بها عن سبيل اللـه ، فوالله لئن طالت بي حياة لأضعفنّ ذلك كله )
      فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ( اللهم اغفر له كلّ عداوةٍ عادانيها ، وكل مسير سار فيه إلى موضع يريد بذلك المسير إطفاء نورك ، واغفر له ما نال مني ومن عرضٍ في وجهي أو أنا غائب عنه )
      فقال عكرمة ( رضيتُ يا رسول الله )
      وكان إسلام عكرمة سنة ثمان من الهجرة ، فأسلم وكان محمود البلاء في الإسلام ، وكان إذا اجتهد في اليمين قال ( لا والذي نجّاني يوم بدر )
      المنام وقيل أن رسـول اللـه -صلى اللـه عليه وسلم- قد رأى في منامه أنه دخل الجنة ، فرأى فيها عذقاً مذللاً فأعجبه فقيل ( لمن هذا ؟)
      فقيل ( لأبي جهل )
      فشقّ ذلك عليه وقال ( ما لأبي جهل والجنة ؟ والله لا يدخلها أبداً )
      فلمّا رأى عكرمة أتاه مسلماً تأوّل ذلك العذق عكرمة بن أبي جهل
      الأحياء والأموات وقدم عكرمة المدينة ، فجعل كلّما مر بمجلس من مجالس الأنصار قالوا ( هذا ابن أبي جهل )
      فيسبّون أبا جهل ، فشكا ذلك لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- ، فقال الرسول الكريم ( لا تُؤذوا الأحياء بسبب الأموات )
      وكان عكرمة يضع المصحف على وجهه ويقول ( كلامُ ربي )
      جهاده استعمله أبو بكر الصديق -رضي الله عنه- على عُمان حين ارتدوا ، فقاتلهم وأظفره الله بهم ، ولما ندب أبو بكر النّاس لغزو الروم ، وقدم الناس فعسكروا بالجُرْفِ -موضع من المدينة نحو الشام- خرج أبو بكر يطوف في معسكرهم ، ويقوي الضعيف منهم ، فبصر بخباءٍ عظيم ، حوله المرابط ، ثمانية أفراس ورماح وعـدّة ظاهرة ، فانتهى إلى الخبـاء ، فإذا خباءُ عكرمة فسلّم عليـه ، وجزاه أبو بكر خيـراً ، وعرض عليه المعونة ، فقال له عكرمة ( أنا غني عنها ، معي ألفا دينار ، فاصرِفْ معونتك إلى غيري )
      فدعا له أبو بكر بخير
      الشام والشهادة استشهد عكرمة بن أبي جهل في عام 13 هـ في خلافة أبو بكر الصديق يوم ( مرج الصُّفَّر )
      وقيل في اليرموك سنة ( 15 هـ ) في خلافة عمر ، ولم يُعقِب
      فلمّا كان يوم اليرموك نزل فترجّل فقاتل قتالاً شديداً ، ولمّا ترجل قال له خالد بن الوليد ( لا تفعل ، فإنّ قتلك على المسلمين شديد )
      فقال ( خلّ عني يا خالد ، فإنه قد كان لك مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سابقة ، وإني وأبي كنّا مع أشد الناس على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-)
      فمشى حتى قُتِل ، فوجدوا به بضعةً وسبعين ما بين ضربة وطعنة ورمية
      وقيل أنه قال يوم اليرموك ( قاتلت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في كل موطن ، وأفر منكم اليوم ؟!) ثم نادى ( مَنْ يُبايع على الموت ؟)
      فبايعه الحارث بن هشام في أربع مائة من وجوه المسلمين وفرسانهم ، فقاتلوا حتى أثبتوا جميعاً جراحةً وقُتِلوا إلا من نبأ
    • صفوان بن أميّة


      صفوان بن أميّة رضي الله عنه ما طابتْ نفسُ أحدٍ بمثل هذا إلا نفسُ نبيّ " " أشهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمداً عبدُهُ ورسوله صفوان

      صفوان بن أميّة بن خلف بن وهب الجمحي القرشي ،
      أسلم بعد فتح مكة قُتِلَ أبوه يوم بدر كافراً ، وكان من كبراء قريش ، وكان صفوان أحد العشرة الذين انتهى إليهم شَرَفُ الجاهلية ، ووصله لهم الإسلام من عشر بطون ، شهد اليرموك وكان أميراً على كُرْدُوس من الجيش
      دعوة الرسول كان صفوان بن أمية من الذين دَعَا عليهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : الحارث بن هاشم وسهيل بن عمرو فنزلت الآية الكريمة
      قال الله تعالى ( ليس لكَ مِنَ الأمْرِ شيءٌ أو يتوبَ عليهم أو يُعذِّبَهُم فإنّهم ظالمون )
      آل عمران / 128 فاستبشر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بهدايتهم ، فتِيْبَ عليهم كلهم
      فتح مكة وفي يوم الفتح العظيم ، راح عمير بن وهب يُناشد صفوان الإسلام ويدعوه إليه ، بيْد أن صفوان شدّ رحاله صوب جدّة ليبحر منها الى اليمن ، فذهب عمير الى الرسول -صلى الله عليه وسلم- وقال له ( يا نبي الله ، إن صفوان بن أمية سيد قومه ، وقد خرج هاربا منك ليقذف نفسه في البحر ، فأمِّـنه صلى الله عليك )
      فقال النبي :( هو آمن )
      قال ( يا رسول الله فأعطني آية يعرف بها أمانك )
      فأعطاه الرسول -صلى الله عليه وسلم- عمامته التي دخل فيها مكة
      فخرج بها عمير حتى أدرك صفوان فقال ( يا صفوان فِداك أبي وأمي ، الله الله في نفسك أن تُهلكها ، هذا أمان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قد جئتك به )
      قال له صفوان ( وَيْحَك ، اغْرُب عني فلا تكلمني )
      قال ( أيْ صفوان فداك أبي وأمي ، إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أفضـل الناس وأبـر الناس ، وأحلـم الناس وخيـر الناس ، عِزَّه عِزَّك ، وشَرَفه شَرَفـك )
      قال ( إنـي أخاف على نفسـي )
      قال ( هو أحلم من ذاك وأكرم )
      فرجع معه حتى وقف به على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال صفوان للنبي الكريم ( إن هذا يزعم أنك قـد أمَّـنْتَنـي ) قال الرسـول -صلى الله عليه وسلم- ( صـدق )
      قال صفـوان ( فاجعلني فيها بالخيار شهريـن )
      فقـال الرسول -صلى الله عليه وسلم- ( أنت بالخيار فيه أربعة أشهر )
      وفيما بعد أسلم صفوان
      يوم حُنَين لمّا أجمع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- السير إلى هوازن ليلقاهم ، ذُكِرَ له أن عند صفوان بن أمية أدراعاً له وسلاحاً ، فأرسل إليه وهو يومئذ مشرك ، فقال ( يا أبا أمية ، أعرنا سلاحك هذا نلقَ فيه عدونا غداً )000فقال صفوان ( أغصباً يا محمد ؟)
      قال ( بل عارِيَةٌ ومضمونة حتى نؤديها إليك )
      قال :( ليس بهذا بأس )
      وقد هلك بعضها فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ( إن شئت غَرِمتُها لك ؟)
      قال ( لا ، أنا أرغبُ في الإسلام من ذلك )
      إسلامه لمّا فرّق رسول الله -صلى الله عليه وسلم- غنائم حُنَين ، رأى صفْوان ينظر إلى شِعْبٍ ملآن نَعماً وشاءً ورعاءَ ، فأدام النظر إليه ، ورسول الله -صلى اللـه عليه وسلم- يَرْمُقُـهُ فقال ( يا أبا وهب يُعْجِبُـكَ هذا الشّعْبُ ؟)
      قال ( نعم )
      قال ( هو لك وما فيه )
      فقبـض صفوان ما في الشّعْب و قال ( ما طابتْ نفسُ أحدٍ بمثل هذا إلا نفسُ نبيّ ، أشهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمداً عبدُهُ ورسوله ) وأسلم في مكانه
      الهجرة وأقام صفوان بمكة مسلماً بعد عودة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى المدينة ، فقيل له ( لا إسلام لمن لا هجرة له )
      فقدم المدينة فنزل على العباس ، فقال ( ذاك أبرَّ قريش بقريش ، ارجع أبا وهب ، فإنه لا هجرة بعد الفتحولمن لأباطحِ مكة ؟!)
      فرجع صفوان فأقام بمكة حتى مات فيها
      العطاء لمّا أعطى عمر بن الخطاب أوّل عطاء أعطى صفوان ، وذلك سنة ( 15 هـ ) ، فلمّا دَعا صفوان وقد رأى ما أخذَ أهل بدرٍ ، ومن بعدهم إلى الفتح ، فأعطاه في أهل الفتح ، أقلَّ مما أخذ من كان قبله أبَى أن يقبله و قال ( يا أمير المؤمنين ، لست معترفاً لأن يكون أكرم مني أحد ، ولستُ آخذاً أقلَّ ممّا أخذ من هو دوني ، أو من هو مثلي ؟)
      فقال عمر ( أنّما أعطيتُهُم على السابقة والقدمة في الإسلام لا على الأحساب )
      قال ( فنعم إذن )
      فأخذ وقال ( أهل ذاكَ هُمْ )
      فضله كان صفوان -رضي الله عنه- أحد المطعمين ، وكان يُقال له ( سِداد البطحاء )
      وكان من أفصح قريش لساناً
      وفاته توفي صفوان بن أميّة في مكة في نفس سنة مقتل عثمان بن عفان سنة ( 35 هـ )
    • زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم


      (أسن بنات النبي)
      ولدت زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم في سنة ثلاثين من مولد النبي صلى الله عليه وسلم،
      وتزوجت زينب أبو العاص بن ربيع بن عبد العزى بن عبد شمس، وهو ابن خالتها- أمه هالة بنت خويلد-
      قبل أن ينزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم وفرق بينهما الإسلام.

      وكان من خبر أبي العاص وأسره في غزوة بدر وإطلاقه وعندما أسلم رد النبي زينب عليه بغير مهر جديد،
      ولا نكاح جديد. وقيل بل بمهر جديد ونكاح جديد والله تعالى أعلم.
      وولدت له عليا مات صغيرا، وأمامة وهي التي حملها رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصلاة.
      عاشت أمامة حتى تزوجها علي بن أبي طالب بعد موت فاطمة،
      فكانت عنده حتى أصيب، فخلف عليها المغيرة بن يزيد بن الحارث بن عبد المطلب فتوفيت عنده
      وماتت زينب في سنة ثمان من الهجرة
      قال أبو عمر: وكان سبب موتها أنها لما خرجت من مكة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم
      عمد لها هبار بن الأسود، ورجل آخر فدفعها أحدهما فيما ذكروا فسقطت على صخرة فأسقطت واهراقت الدماء، فلم يزل بها مرضها ذلك حتى ماتت، رضي الله عنها .
    • أم كلثوم بنت رسول الله صلى الله عليه سلم


      (إحدى النورين)

      كانت عند عتيبة بن أبي لهب، فلما قال له أبواه ولأخيه: طلقا بنتي رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يبنيا بهما، وجاء عتيبة حين فارق أم كلثوم إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقال: كفرت بدينك وفارقت ابنتك وسطا عليه،

      فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (أما إني أسأل الله أن يسلط عليك كلبا من كلابه)
      وكان خارجا إلى الشام تاجراً مع نفر من قريش حتى نزلوا مكاناً من الشام يقال له الزرقاء ليلا فأطاف بهم الأسد تلك الليلة، فجعل عتيبة يقول: يا ويل أمه، هو الله آكله بدعوة محمد، قاتلي ابن أبي كبشة وهو بمكة وأنا بالشام. وفال أبو لهب: يا معشر قريش أعينونا هذه الليلة، فإني أخاف دعوة محمد فجمعوا أحمالهم وفرشوا لعتيبة في أعلاها وناموا حوله، فقيل: إن الأسد انصرف عنهم حتى ناموا وعتيبة في وسطهم، ثم أقبل يتخطاهم ويتشممهم حتى أخذ برأس عتيبة ففدغه. قال أبو عمر: ولما ماتت رقية تزوج عثمان بن عفان بأم كلثوم في شهر ربيع الأول من السنة الثالثة الهجرة. وبنى عليها في جمادى الآخرة من السنة، وتوفيت أم كلثوم رضي الله عنها في السنة التاسعة من الهجرة. ولم تلد لعثمان شيئاً، وكانت وفاتها في شعبان، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعثمان (لو كانت عندنا ثالثة زوجناكها يا عثمان) وصلى عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم، ونزل في حفرتها علي بن أبي طالب والفضل بن العباس، وأسامة بن زيد، وقد روى أن أبا طلحة الأنصاري استأذن رسول الله أن ينزل معهم في قبرها فأذن له، وغسلتها أسماء بنت عميس وصفية بنت عبد المطلب. وهي التي شهدت أم عطية غسلها،
      وحكت قول رسول الله صلى الله عليه وسلم (اغسلنها وتراً ثلاثاً أو خمساً أو أكثر من ذلك) الحديث. قال: وجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم على قبر أم كلثوم .
    • كعب بن مالك



      كعب بن مالك رضي الله عنه " أبشر بخير يوم مر عليك منذ ولدتك أمك " حديث شريف قال كعب بن مالك -رضي الله عنه- يحدث حديثه حين تخلف عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في غزوة تبوك

      تخلفه عن بدر لم أتخلف عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في غزاة غزاها قط الا غزاة تبوك ، غير أني كنت تخلفت في غزاة بدر ، ولم يعاتب أحد تخلف عنها ، وانما خرج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يريد عير قريش ، حتى جمع الله بينهم وبين عدوهم على غير ميعاد ، ولقد شهدت مع الرسول -صلى الله عليه وسلم- ليلة العقبة حين تواثقنا على الاسلام ، وما أحب أن لي بها مشهد بدر ، وان كانت بدر أذكر في الناس منها وأشهر
      حاله في تبوك وكان من خبري حين تخلفت عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في غزوة تبوك ، أني لم أكن قط أقوى ولا أيسر مني حين تخلفت عنه في تلك الغزاة والله ما جمعت قبلها راحلتين قط حتى جمعتها في تلك الغزاة
      وكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قلما يريد غزوة يغزوها الا ورى بغيرها ، حتى كانت تلك الغزوة ، فغزاها الرسول -صلى الله عليه وسلم- في حر شديد ، واستقبل سفرا بعيدا ومفاوز ، واستقبل عددا كثيرا ، فجلى للمسلمين أمرهم ليتأهبوا أهبة عدوهم ، فأخبرهم وجهه الذي يريد، والمسلمون مع الرسول -صلى الله عليه وسلم- كثير ، لا يجمعهم كتاب حافظ ( الديوان )
      قال كعب : فقل رجل يريد أن يتغيب الا ظن أن ذلك سيخفى عليه ، ما لم ينزل فيه وحي من الله عز وجل
      تباطؤه في التجهيز وغزا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- تلك الغزاة حين طابت الثمار والظلال ، وأنا والله أصعر (أميل للبقاء) ، فتجهز اليها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والمؤمنون معه ، فطفقت أغدو لكي اتجهز معهم فأرجع ولم أقض من جهازي شيئا ، فأقول لنفسي : أنا قادر على ذلك ان أردت !
      فلم يزل ذلك يتمادى بي حتى استمر بالناس بالجد ، فأصبح رسول الله -صلى الله عليه وسلم- غاديا والمسلمون معه ، ولم أقض من جهازي شيئا ، وقلت : أتجهز بعد يوم أو يومين ثم ألحقه !
      فغدوت بعدما فصلوا (خرجوا) لأتجهز فرجعت ولم أقض من جهازي شيئا ، ثم غدوت فرجعت ولم أقض من جهازي شيئا ، فلم يزل ذلك يتمادى بي حتى أسرعوا وتفارط الغزو (فات وقته) ، فهممت أن ارتحل فألحقهم ، وليت اني فعلت ، ثم لم يقدر ذلك لي فطفقت اذا خرجت في الناس بعد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يحزنني أني لا أرى الا رجلا مغموصا (متهما) في النفاق ، أو رجلا ممن عذره الله عز وجل
      الرسول يسأل عنه ولم يذكرني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حتى بلغ تبوك ، فقال وهو جالس في القوم بتبوك ( ما فعل كعب بن مالك ؟!)
      فقال رجل من بني سلمة ( حبسه يا رسول الله براده والنظر في عطفيه )
      فقال معاذ بن جبل ( بئسما قلت ، والله يا رسول الله ما علمنا عليه الا خيرا )
      فسكت الرسول -صلى الله عليه وسلم-
      عودة الرسل من تبوك قال كعب بن مالك : فلما بلغني أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قد توجه قافلا من تبوك حضرني بثي ، وطفقت أتذكر الكذب وأقول ( بماذا أخرج من سخطه غدا ؟!)
      وأستعين على ذلك بكل ذي رأي من أهلي ، فلما قيل ان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قد أظل قادما زاح عني الباطل ، عرفت أني لم أنج منه بشيء أبدا ، فأجمعت صدقه
      صدقه مع الرسول فأصبح الرسول -صلى الله عليه وسلم- وكان اذا قدم من سفر بدأ بالمسجد فصلى ركعتين ، ثم جلس للناس ، فلما فعل ذلك جاءه المتخلفون ، فطفقوا يعتذرون اليه ويحلفون له ، وكانوا بضعة وثمانين رجلا ، فيقبل منهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- علانيتهم ، ويستغفر لهم ، ويكل سرائرهم الى الله تعالى ، حتى جئت 0 فلما سلمت عليه تبسم تبسم المغضب ، ثم قال لي ( تعال !)
      فجئت أمشي حتى جلست بين يديه ،فقال لي ( ما خلفك ! ألم تكن قد اشتريت ظهرا ؟!)
      فقلت ( يا رسول الله ، اني لو جلست عند غيرك من أهل الدنيا لرأيت أن أخرج من سخطه بعذر ، لقد أعطيت جدلا ، ولكني والله لقد علمت لئن حدثتك اليوم بحديث كذب ترضى به عني ليوشكن الله أن يسخطك علي ، ولئن حدثتك اليوم بحديث تجد علي فيه اني لأرجو عقبى ذلك من الله عز وجل
      ما كان لي عذر ، والله ما كنت قط أفرغ ولا أيسر مني حين تخلفت عنك )
      قال : فقال الرسـول -صلى اللـه عليـه وسلم- ( أما هذا فقد صدق ، فقم حتى يقضي الله فيك )
      فقمت وقام الي رجال من بني سلمة وأتبعوني فقالوا لي ( والله ما علمناك كنت أذنبت ذنبا قبل هذا ، ولقد عجزت ألا تكون اعتذرت الى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بما اعتذر به المتخلفون ، فقد كان كافيك من ذنبك استغفار رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لك )
      قال : فوالله ما زالوا يؤنبونني حتى أردت أن أرجع فأكذب نفسي ، قال : ثم قلت لهم ( هل لقي هذا معي أحد ؟)
      قالوا ( نعم ، لقيه معك رجلان ، قالا مثل ما قلت ، وقيل لهما مثل ما قيل لك )
      فقلت ( فمن هما ؟)
      قالوا ( مرارة بن الربيع العامري ، وهلال بن أمية الواقفي )
      فذكروا لي رجلين صالحين قد شهدا بدرا ، لي فيهما أسوة
      قال : فمضيت حين ذكروهما لي
      النهي عن كلامه قال : ونهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- المسلمين عن كلامنا أيها الثلاثة من بين من تخلف عنه ، فاجتنبنا الناس ، وتغيروا لنا ، حتى تنكرت لي في نفسي الأرض ، فما هي بالأرض التي كنت أعرف ، فلبثنا على ذلك خمسين ليلة ، فأما صاحباي فاستكانا وقعدا في بيوتهما يبكيان ، وأما أنا فكنت أشد القوم وأجلدهم : فكنت أشهد الصلاة مع المسلمين ، وأطوف بالأسواق فلا يكلمني أحد ، وآتي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو في مجلسه بعد الصلاة فأسلم ، وأقول في نفسي أحرك شفتيه برد السلام علي أم لا ؟!
      ثم أصلي قريبا منه وأسارقه النظر ، فاذا أقبلت على صلاتي نظر الي فاذا التفت نحوه أعرض عني حتى اذا طال علي ذلك من هجر المسلمين ، مشيت حتى تسورت حائط أبي قتادة ، وهو ابن عمي وأحب الناس الي ، فسلمت عليه ، فوالله ما رد علي السلام فقلت له ( يا أبا قتادة ، أنشدك الله ، هل تعلم أني أحب الله ورسوله ؟)
      قال : فسكت
      قال : فعدت له فنشدته
      فسكت
      فعدت له فنشدته فسكت
      فقال ( الله ورسوله أعلم )
      قال : ففاضت عيناي ، وتوليت حتى تسورت الجدار ، فبينما أنا أمشي بسوق المدينة اذا أنا بنبطي من أنباط الشام ممن قدم بطعام يبيعه بالمدينة يقول ( من يدل على كعب بن مالك ؟)
      قال :فطفق الناس يشيرون له الي ، حتى جاء فدفع الي كتابا من ملك غسـان فاذا فيه ( أما بعد ، فقد بلغنا أن صاحبـك قد جفاك ، وأن اللـه لم يجعلك في دار هوان ولا مضيعـة ، فالحق بنا نواسك )
      قال : فقلت حين قرأته وهذا أيضا من البلاء 0قال : فيممت به التنور فسجرته به (أحرقته فيه)
      الأمر بالاعتزال حتى اذا ما مضت أربعون ليلة من الخمسين ، اذا برسول رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يأتيني يقول ( يأمرك رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن تعتزل امرأتك )
      قال : فقلت :( أطلقها أم ماذا أفعل ؟)
      فقال ( بل اعتزلها ولا تقرنها )
      قال : وأرسل الى صاحبي بمثل ذلك
      قال : فلبثنا عشر ليال ، فكمل لنا خمسون ليلة من حين نهى عن كلامنا
      قال : ثم صليت صلاةالصبح صباح خمسين ليلة على ظهر بيت من بيوتنا ، فبينما أنا جالس على الحال التي ذكر الله تعالى منا :قد ضاقت علي نفسي ، وضاقت علي الأرض بما رحبت ، سمعت صارخا أوفى على جبل سلع يقول بأعلى صوته ( أبشر يا كعب بن مالك )
      قال : فخررت ساجدا ، وعرفت أن قد جاء الفرج من الله عز وجل بالتوبة علينا
      فأذن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بتوبة الله علينا حين صلى الفجر ، فذهب الناس يبشروننا ، وذهب قبل صاحبي مبشرون ، وركض الي رجل فرسا ، وسعى ساع من "أسلم" وأوفى على الجبل ، فكان الصوت أسرع من الفرس ، فلما جائني الذي سمعت صوته يبشرني نزعت له ثوبي فكسوتهما اياه ببشارته ، والله ما أملك يومئذ غيرهما
      البشارة والفرج واستعرت ثوبين فلبستهما ، وانطلقت أؤم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وتلقاني الناس فوجا فوجا يهنئونني بتوبة الله ، يقولون ( ليهنك توبة الله عليك )
      حتى اذا دخلت المسجد ، فاذا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- جالس في المسجد والناس حوله ، فقام الي طلحة بن عبدالله يهرول حتى صافحني وهنأنـي ، فلما سلمت على رسـول اللـه -صلى اللـه عليه وسلم- قال (وهو يبرق وجهه من السرور) ( أبشر بخير يوم مر عليك منذ ولدتك أمك )
      قال : قلت ( أمن عندك يا رسول الله ، أم من عند الله ؟)
      قال ( لا، من عند الله )
      قال : وكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- اذا سر استنار وجهه حتى كأنه قطعة قمر ، حتى يعرف ذلك منه ، فلما جلست بين يديه قلت( يا رسول الله ، ان من توبتي أن أنخلع من مالي صدقة الى الله والى رسوله)
      قال ( أمسك عليك بعض مالك فهو خير لك )
      قال : فقلت ( فاني أمسك سهمي الذي بخيبر )
      وقلت ( يا رسول الله انما نجاني الله بالصدق ، وان من توبتي ألا أحدث الا صدقا ما بقيت )
      قال ( فوالله ما أعلم أحدا من المسلمين أبلاه الله من الصدق في الحديث منذ ذكرت ذلك لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- أحسن مما أبلاني الله تعالى ، ما تعمدت كذبة منذ قلت ذلك لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - الى يومي هذا ، واني لأرجو أن يحفظني الله عز وجل فيما بقى )
      وأنزل الله تعالى ( لقد تاب الله على النبي والمهاجرين والأنصار الذين اتبعوه في ساعة العسرة من بعد ما كاد يزيغ قلوب فريق منهم ثم تاب عليهم انه بهم رءوف رحيم ، وعلى الثلاثة الذين خلفوا حتى اذا ضاقت عليهم الأرض بما رحبت وضاقت عليهم أنفسهم وظنوا أن لا ملجأ من الله الا اليه ثم تاب عليهم ليتوبوا ان الله هو التواب الرحيم ، يأيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين )
      سورة التوبة(117-119)
    • المقداد بن عمرو


      المقداد بن عمرو
      أول فرسان الإسلام إن اللـه أمرنـي بحُبِّـك " " وأنبأني أنه يُحبك
      حديث شريف
      المقداد بن عمرو حالف في الجاهلية ( الأسود بن عبد يغوث ) فتبناه ، فصار يدعى المقداد بن الأسود حتى إذا نزلت الآية الكريمة التي تنسخ التبني ، نُسِبَ لأبيه (عمرو بن سعد )، وكان المقداد من المبكرين بالإسلام ، وسابع سبعة جاهروا بإسلامهم

      حاملا حظه من أذى المشركين ، وقال عنه الصحابة ( أوَّل من عدا به فرسه في سبيل الله المقداد بن الأسود )
      وكان حسن الإسلام ليصبح أهلا لأن يقول عنه الرسول -صلى الله عليه وسلم- ( إن اللـه أمرنـي بحُبِّـك وأنبأني أنه يُحبك )
      غزوة بدر استشار النبي -صلى الله عليه وسلم- أصحابه في استعدادهم لقتال قريش ، فقام أبو بكر الصديق فقال وأحسن ، ثم قام عمر بن الخطاب فقال وأحسن ، ثم قام المقداد بن عمرو فقال ( يا رسول الله ، امض لما أراك الله فنحن معك ، والله لا نقول كما قالت بنو إسرائيل لموسى (* اذهب أنت وربك فقاتلا إنا ههنـتا قاعدون *)
      ولكن اذهب أنت وربك فقاتلا إنا معكما مقاتلون ، فوالذي بعثك بالحق لو سرت بنا الى بَرْك الغِمـاد لجالدنا معك من دونـه حتى تبلغه )
      فقال له الرسول -صلى الله عليه وسلم- خيرا ودعا له
      وكان فرسان المسلمين يومئذ ثلاثة لا غير ( المقداد بن عمرو ) ، ( مرثد بن أبي مرثد ) ، ( الزبير بن العوام ) ، بينما كان بقية المجاهدين مشاة أو راكبين إبلا الإمارة ولاّه الرسول -صلى الله عليه وسلم- إحدى الإمارات يوما ، فلما رجع سأله النبي ( كيف وجدت الإمارة ؟)
      فأجاب ( لقد جَعَلتني أنظر الى نفسي كما لو كنت فوق الناس ، وهم جميعا دوني ، والذي بعثك بالحق ، لاأتأمرَّن على اثنين بعد اليوم أبداً )
      حكمته لقد كان المقداد دائب التغني بحديث سمعه من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ( إن السعيدَ لَمَن جُنِّبَ الفِتن )
      ومن مظاهر حكمته طول أناته في الحكم على الرجال وحكمه الأخير على الرجال يبقيه الى لحظة الموت ، ليتأكد أن هذا الذي يريد أن يحكم عليه لن يطرأ عليه أي تغيير
      ومن حكمته
      الموقـف التالي الذي يرويه أحد الرجال فيقول : جلسنا إلى المقداد يوما ، فمرَّ به رجـل فقال مُخاطبا المقداد ( طوبى لهاتيـن العينيـن اللتين رَأَتَا رسـول الله -صلى الله عليه وسلم- والله لَوَدِدْنا أنَّا رأينا ما رأيت وشهدنا ما شهدت )
      فأقبل عليه المقداد وقال ( ما يَحْمِل أحدكم على أن يتمَنّى مشهداً غَيَّبَه الله عنه ، لا يدري لو شهدَه كيف كان يصير فيه ؟؟ والله لقد عاصَرَ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أقوامٌ كَبَّهُمُ الله عز وجل على مناخِرِهم في جهنم ، أوَلاَ تحمدون الله الذي جَنَّبّكم مثل بلائهم ، وأخرجكم مؤمنين بربكم وبنبيكم )
      المسئولية وحب المقداد -رضي الله عنه- للإسلام ملأ قلبه بمسئولياته عن حماية الإسلام ، ليس فقط من كيد أعدائه ، بل ومن خطأ أصدقائه ، فقد خرج يوما في سريَّة تمكن العدو فيها من حصارهم ، فأصدر أمير السرَّية أمره بألا يرعى أحد دابته ، ولكن أحد المسلمين لم يحِط بالأمر خُبْرا فخالفه ، فتلقى من الأمير عقوبة أكثر مما يستحق ، أو لا يستحقها على الإطلاق ، فمر المقداد بالرجل يبكي ويصيح فسأله فأنبأه ما حدث ، فأخذ المقداد بيمينه ومضيا صوب الأمير ، وراح المقداد يناقشه حتى كشف له خطأه وقال له ( والآن أقِدْهُ من نفسك ، ومَكِّنْهُ من القصاص )
      وأذعن الأمير ، بيد أن الجندي عفا وصفح وانتشى المقداد بعظمة الموقف وبعظمة الدين الذي أفاء عليهم هذه العزة ، فراح يقول ( لأموتَنَّ والإسلام عزيز )
    • أسماء بنت الفرات


      (راوية الحديث والفقيهة)

      هي أسماء بنت أسد بن الفرات القيروانية
      ابنة عالم إفريقية وقاضيها، وصاحب الإمامين أبي يوسف ومالك بن أنس.
      نشأت أسماء بين يدي أبيها- ولم يكن له سواها- فأحسن تهذيبها، وثقف ذهنها علماً وحكمة. وكانت تحضر مجالسه العلمية في داره، وتشارك في السؤال والمناظرة، حتى اشتهرت بالفضيلة، ورواية الحديث والفقه على رأي أهل العراق أصحاب أبي حنيفة. ولما تقلد أسد إمارة الجيش المعد لفتح جزيرة صقلية على عهد زيادة الأول، وهرع الناس لتشييعه، وقد نشرت البنود والألوية، خرجت أسماء لوداع أبيها، ووصلت معه إلى سوسة، وبقيت معه إلى أن ركبت الأجناد الأساطيل، وغادرت السفن المرسى باسم الله مجراها ومرساها. وأتاح الله للقاضي الأمير أسد من النصر العزيز والفتح المبين في قلاع تلك الجزيرة وحصونها ما خلد التاريخ ذكره. واستشهد سنة 213 هـ وهو محاصر لمدينة سرقوسة عاصمة الروم بصقلية. وبعد وفاة أسد تزوجت أسماء بأحد تلاميذ أبيها، وهو محمد بن أبي الجواد، الذي خلف أستاذه في خطة القضاء، وتولى رئاسة المشيخة الحنفية بالبلاد الأفريقية سنة 225هـ ثم تخلى عن القضاء، ولحقته محنة من خليفته، فإنه اتهمه بمال الودائع، وسجنه! وبينما ابن الجواد في حبسه إذ جاءت أسماء زوجته للقاضي الجديد وقالت له: أنا سأجعل هذا المال يقضيه زوجي عن نفسه. قال لها القاضي: إن أقر أن ذلك هو المال، أو بدلاً منه اطلقه، فاقتنع ابن أبي الجواد من الاعتراف وأبى القاضي إطلاقه. ثم بعد حين عزل ذلك القاضي، وعاد زوج أسماء لمنصبه،ولم يؤاخذ سالفه بما فعل معه، منة منه وتكرماً. ولم تزل أسماء الأسدية معظمة معززة عند الخاص والعام من بيئة عصرها، إلى أن توفيت في حدود سنة 250 هـ .
    • قيس بن عاصم


      قيس بن عاصم رضي الله عنه
      " هذا سيد أهل الوبر " حديث شريف

      قيس بن عاصم بن سنان المنقريّ التميميّ ، صحابي سيّد كريم حليم وفد على النبي -صلى الله عليه وسلم- سنة تسع في وفد بني تميـم

      فقال عنه ( هذا سيد أهل الوبر )
      عيّنه النبي الكريم على صدقات مُقاعس وبطون أسد وغطفان ، وتحوّل الى البصرة حيث مات
      إسلامه
      عندما أسلم قيس بن عاصم أمره الرسول -صلى الله عليه وسلم- بالإغتسال بماءٍ وسدْرٍ ، فاغتسل ، فأقيمت الصلاة ، فدخل بين أبي بكر و عمر فقام بينهما ، فلما قضى الصلاة قال الرسول -صلى الله عليه وسلم- ( لقد سألني قيس عن ثلاث كلمات ما سألني عنها غيرُ أبي بكر )
      خُلُقُه كان قيس بن عاصم حليماً يُقتدى به ، فقد قيل للأحنف ( ممن تعلمت الحِلْم ؟)
      قال ( من قيس بن عاصم !! رأيته يوماً محتبياً فأتي برجلٍ مكتوف وآخر مقتول ، فقيل ( هذا ابن أخيك ، قتل ابنك )
      فالتفت الى ابن أخيه فقال ( يا ابن أخي ! بئسَمَا فعلت ، أثمت بربّك ، وقطعت رَحِمَك ، ورميت نفسك بسهمك )
      ثم قال لابن له آخر ( قُمْ يا بني فوارِ أخاك ، وحُلَّ كتاف ابن عمّك ، وسُقْ إلى أمّهِ مائةَ ناقة ديَة ابنها ، فإنها غريبة )
      قال له أبو بكر ( صِفْ لنا نفسك )
      فقال ( أما في الجاهلية فما هممتُ بملامة ، ولا حُمْتُ على تهمةٍ ، ولم أُرَ إلا في خيلٍ مغيرةٍ أو نادي عشيرة ، أو حامي جريرة ، أمّا في الإسلام فقد قال الله تعالى ( فلا تُزكّوا أنفسكم ))
      فاعجب أبو بكر
      المال قال قيس بن عاصم للرسول -صلى الله عليه وسلم- ( يا رسول الله ! المالُ الذي لا تبعة عليّ فيه ؟)\
      قال ( نِعْم المال الأربعون ، وإن كثر فستون ، ويلٌ لأصحاب المئيـن إلا من أدى حقّ اللـه في رِسْلِها ونَجْدتها ، وأطـرق فحلَها ، وأفقـر ظهرها ، ومنـح غزيرتها ، ونحرَ سمينتها ، وأطعم القانع والمعتر )
      فقال قيـس ( يا رسـول الله ما أكرم هذه الأخلاق وأحسنها )
      قال ( يا قيـس أمالك أحب إليك أم مال مواليـك ؟)
      قال ( بل مالي )
      قال ( فإنما لك من مالك ما أكلتَ فأفنيتَ أو لبست فأبليتَ أو أعطيت فأمضيتَ وما بقي فلورثتكَ )
      فقال ( يا رسول الله ! لئن بقيتُ لأدعنّ عددها قليلاً )
      الوأد كان قيس بن عاصم أول من وأد بالجاهلية ، وقد قال له أبو بكر ( ما حملك على أن وأدت ؟)
      فقال ( خشيت أن يخلف عليهنّ غيرُ كُفْوءٍ )
      وقد جاء قيس بن عاصم الى الرسول -صلى الله عليه وسلم- فقال ( إني وأدت ثماني بنات في الجاهلية )
      وفي رواية أخرى اثنتي عشرة
      فقال له الرسـول -صلى اللـه عليه وسلم- ( اعتق عن كل واحدة منهن رقبة )
      وقال :( إني صاحـب إبل )
      قال ( اهدِ إن شئـتَ عن كل واحدة منهن بدنة )
      وكان لقيس ثلاث وثلاثون ولداً
      تحريم الخمر حرّم قيس بن عاصم على نفسه الخمر في الجاهلية ، وكان سبب ذلك أنه غمز عكثة ابنته وهو سكران ، وسبّ أبويها ، وأعطى الخُمّار كثيراً من ماله ، فلمّا أفاق أخبر بذلك ، فحرّمها على نفسه وقال في ذلك ( رأيت الخمـر صالحةً وفيها
      خصال تفسد الرجلَ الحليمـا فلا واللـه أشربها صحيحاً
      ولا أشفى بها أبـداً سقيمَـا ولا أعطـي بها ثمناً حياتي
      ولا أدعـو لها أبـداً نديمَـا فإن الخمرَ تفضـح شاربيها
      وتجنيـهم الأمـر العظيمَـا الوصايا لمّا حضرت قيس بن عاصم الوفاة دعا بنيه فقال ( يا بنيّ احفظوا عني فلا أحد أنصح لكم مني ، إذا أنا مت فسوِّدوا كبارَكم ، ولا تُسَوِّدوا صغارَكم ، فتُسَفِّه الناس كبارَكم ، وتهونوا عليهم ، وعليكم بإصلاح المال ، فإنه منبهة للكريم ، ويستغني به عن اللئيم ، وإياكم ومسألة الناس ، فإنها آخر كسب المرء ولا تقيموا عليّ نائحةً فإني سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نهى عن النائحة )
      الوفاة ونزل قيس البصرة ومات فيها ، ولمّا مات رثاه عَبْدة بن الطبيب بقوله ( عليكَ سلامُ الله قيسَ بن عاصمٍ
      ورحمتُهُ ما شاءَ أن يترحّما وما كان قيسٌ هُلْكه هُلْكُ واحدٍ
      ولكنّـه بُنيانُ قومٍ تهدّمـا
    • المغيرة بن شعبة


      المغيرة بن شعبة رضي الله عنه
      كان لا يقع في أمر إلا وجد له مخرجاً ولا يلتبس " " عليه أمران إلا أظهر الرأي في أحدهما الطبري المغيرة بن شعبة بن أبي عامر الثقفيّ صحابي جليل أسلم قبل الحديبيـة وشهدها وبيعة الرضوان ، كان ضخم القامة ، عبْل الذراعين ، أصهب الشعر جعده ، وكان من دهاة العرب


      إسلامه قبل إسلام المغيرة بن شعبة كان قد قتل ثلاثة عشر مشركاً كانوا قدموا من الإسكندرية بهدايا من المقوقس ، وجاء بها لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- ليرى فيها رأيه ، فهي غنيمة من المشركين ، فقبل الرسول -صلى الله عليه وسلم- إسلامه وردّ هذه وقال ( أمّا إسلامك فنقبله ، ولا آخذ من أموالهم شيئاً ولا أخمّسُهُ لأن هذا غَدْرٌ ، والغدر لا خير فيه )
      وأقام المغيرة مع الرسول -صلى الله عليه وسلم- حتى اعتمر عُمْرة الحديبية ، في ذي القعدة سنة ست من الهجرة ، فكانت أول سفرة خرج معه فيها ، وبعثت قريش عروة بن مسعود يوم الحديبية للرسول -صلى الله عليه وسلم- ليكلّمه فجعل يَمَسُّ لحية رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ، والمغيرة بن شعبة قائم على رأس رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مُقَنّع في الحديد ، فقال لعروة ( كُفَّ يَدَكَ قبل أن لا تصل إليك )
      فقال عروة ( يا محمد ! مَنْ هذا ؟ ما أفظّهُ وأغْلظهُ !!)
      فقال ( هذا ابن أخيك المغيرة بن شعبة )
      فقال عروة ( يا غُدَر !-يُذكّر بما فعل بأصحابه قبل إسلامه- والله ما غَسَلْتُ عنّي سَوْأتَك إلا بالأمس )
      وكان قد أدّى دية أولئك عن ابن أخيه ، وانصرف عروة الى قريش
      دهاؤه عن عامر قال ( القضاة أربعـة : عمـر وعلـيّ وابـن مسعود وأبو موسـى الأشعري ، والدُّهاة أربعـة : معاوية وعمرو بن العاص والمغيرة بن شعبة وزياد )
      قال قبيصة بن جابر ( صحبت المغيرة ، فلو أن المدينة لها ثمانية أبواب لا يخرج من باب منها إلا بالمكر لخرج المغيرة من أبوابها كلها )
      وقال الطبري ( كان لا يقع في أمر إلا وجد له مخرجاً ، ولا يلتبس عليه أمران إلا أظهر الرأي في أحدهما )
      جهاده كان المغيرة بن شعبة مع أبي سفيان في هدم طاغية ثقيف بالطائف ، وبعثه أبو بكر الصديق الى أهل النُّجَيْـر -حصن منيع باليمن قرب حضر موت لجأ إليه المرتدين- ، وشهد اليمامة وأصيبت عينه يوم اليرمـوك ، ثم كان مع رسـول سعد إلى رستم ، وكان رسول النعمان بن مقرّن إلى أمير الفرس ، وشهد تلك الفتوح
      الإمارة ولاّه عمر بن الخطاب البصرة ففتح مَيْسان ودَسْت ميسان وأبَزْقُبَاذ ، ولقي العجم بالمَرْغاب -نهر البصرة- فهزمهم ، وفتح سوق الأهواز - اليوم تعرف بعربستان- ، وغزا نهر تِيْرَى ومناذر الكبرى وهرب من فيها من الأساورة الى تُسَتُر ، وفتح همذان ، وشهد نهاوند ، وكان على ميسرة النعمان بن مُقَرَّن وكان عمر قد كتب ( إذا هلك النعمان فالأمير حذيفة ، فإن هلك فالأمير المغيرة )
      وكان أول من وضع ديوان البصرة ، وجمع الناس لِيُعْطَوْا عليه ، وكان أول من سُلِّم عليه بالإمرة
      ثم ولاه عمر الكوفة وأقرّه عثمان ثم عزله فلمّا قُتِل عثمان اعتزل القتال الى أن حضر الحكمين وبايع معاوية بعد إجتماع الناس عليه ، ثم ولاه الكوفة فاستمر عليها حتى توفي
      القوي والضعيف قال عمر بن الخطاب ( ما تقولون في تولية ضعيف مسلم ، أو قوي فاجر ؟)
      فقال له المغيرة ( المسلم الضعيف إسلامه لك ، وضعفه عليك وعلى رعيته ، وأمّا القوي الفاجر ففجوره عليه ، وقوته لك ولرعيتك )
      فقال له عمر ( فأنت هو ، وأنا باعثُكَ يا مغيرة )
      فكان المغيرة على الكوفة سنة وثلاثة أشهر ، وغَزَا أذربيجان سنة عشرين ، وصالح أهلها ، وكفروا بعد ذلك في ولاية عثمان ، فغَزَا الأشعث بن قيس ، ففتح حصوناً لهم بماجروان ثم صالحوه على صلح المغيرة ، فأمضى لهم ذلك الرشوة قال المغيرة ( أنا أول من رشا في الإسلام ، جئت إلى يرفاً حاجب عمر ، وكنت أجالسه ، فقلت له ( خذ هذه العمامة فالبسها ، فإن عندي أختها )
      فكان يأنس بي ، ويأذن لي أن أجلس من داخل الباب ، فكنت آتي فأجلس في القائلة فيمر المارّ فيقول ( إنّ للمغيرة عند عمر منزلةً ، إنه ليدخل عليه في ساعة لا يدخل فيها أحداً )!!)
      الكنية استأذن المغيرة على عمر فقال ( أبو عيسى ؟)
      فقال ( من أبو عيسى ؟)
      قال ( المغيرة بن شعبة )
      قال ( فهل لعيسى من أب ؟)
      فشهد له بعض الصحابة أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يكنيه بها ، فقال ( إن النبي -صلى الله عليه وسلم- غفر له ، وإنّا لا ندري ما يُفعل بنا )
      وكنّاه أبا عبد الله
      أهل البحرين استعمل عمر المغيرة على البحرين فكرهوه ، وشكوا منه فعزله ، فخافوا أن يعيده عليهم ، فجمعوا مائة ألف فأحضرها الدهقان إلى عمر فقال ( إن المغيرة اختان هذه فأودعها عندي )
      فسأله فقال ( كذب إنما كانت مائتي ألف )
      0فقال ( وما حملك على ذلك ؟)
      قال ( كثرة العيال )
      فسُقِطَ في يد الدهقان ، فحلف وأكّد الأيمان أنه لم يُودِع عنده قليلاً ولا كثيراَ ، فقال عمر للمغيرة ( ما حملك على هذا ؟)
      قال ( إنه افترى عليّ فأردت أن أخزيَه !)0
      الشكر قال المغيرة -رضي الله عنه- ( اشْكُرْ لمن أنعمَ عليك ، وأنْعِمْ على مَنْ شكرك ، فإنّه لا بقاءَ للنعمة إذا كُفِرت ، ولا زوالَ لها إذا شُكِرَت ، إنّ الشّكر زيادة من النعم ، وأمانٌ من الفقر )
      الزواج كان المغيرة بن شعبة كثير الزواج كثير الطلاق ، وما خلا عن أربعة أزواج أبداً ، وكان يعيب صاحب الزوجة الواحدة فيقول ( وجدتُ صاحب الواحدة إن زارتْ زَارَ ، وإن حاضت حاض ، وإن نُفِسَت نُفِسَ ، وإن اعتلت اعتلّ معها بإنظاره لها !!)
      الوفاة توفي المغيرة -رضي الله عنه- بالكوفة سنة خمسين للهجرة وهو ابن سبعين سنة
    • هجيمة الوصابية


      (أم الدرداء الصغرى)
      إنها ليست أم الدرداء الصحابية فتلك اسمها خيرة وهذه تابعية رضي الله عنهما
      والعابدة هجيمة بنت حيي الوصابية زوجة أبي الدرداء الصحابي الجليل كانت- رحمها الله
      - تكثر من الصلاة، وتدريس العلم والتفكر في آلاء الله،
      يقول ميمون بن مهران: (وما دخلت على أم الدرداء في ساعة صلاة إلا وجدتها مصلية)
      وكانت مجموعة من النسوة يحضرن عند أم الدرداء، ويقمن الليل مصليات حتى إن أقدامهن قد انتفخت من طول القيام.
      جاء إلى العابدة أم الدرداء شيخ يقال له: هزان، فأخذ يستمع مع غيره لما تتحدث به أم الدرداء من أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم ثم قال لها هزان مسائلا: يا أم الدرداء ما يقول الميت على سريره؟ فقالت: إنه يقول(يا أهلاه ويا جيراناه ويا حملة سريراه لا تغرنكم الدنيا كما غرتني، ولا تلعبن بكم كما لعبت بي، فإن أهلي لا يحملون عني من وزري شيئا).
      لقد كانت مثلا للعابدة المتواضعة وماتت كذلك. ومن صور تواضعها: أنه قيل لها من غيرها: ادعي لنا: فقالت على الفور أو بلغت أنا ذلك؟
      فرحم الله أم الدرداء رحمة واسعة .
    • الأرقم بن أبي الأرقم


      الأرقم بن أبي الأرقم أول دار للدعوة الى الإسلام بقي الرسول -صلى الله عليه وسلم- يدعو الى الإسلام في دار الأرقم حتى تكاملوا أربعين رجلاً

      الأرقم بن أبي الأرقم القرشي صحابي جليل من السابقين الى الإسلام أسلم بمكة ، وكان سابع سبعة في الإسلام ، وهو الذي استخفى رسول اللـه -صلى الله عليه وسلم- في داره والمسلمون معه ، فكانت داره أول دار للدعوة الى الإسلام
      دار الأرقم كانت داره على الصفا ، وهي الدار التي كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يجلس فيها في الإسلام ، وبقي الرسول -صلى الله عليه وسلم- يدعو الى الإسلام في دار الأرقم حتى تكاملوا أربعين رجلاً ، خرجوا يجهرون بالدعوة الى الله ، ولهذه الدار قصة طويلة ، وأن الأرقم أوقفها ، وأن أحفاده بعد ذلك باعوها لأبي جعفر المنصور
      جهاده شهد الأرقم بن أبي الأرقم بدراً وأحُداً والمشاهد كلها ، واقطعه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- داراً بالمدينة ، في بني زريق
      الصلاة في مسجد الرسول تجهّز الأرقم -رضي الله عنه- يريد البيت المقدس ، فلمّا فرغ من جهازه جاء الى النبي -صلى الله عليه وسلم- يودّعه ، فقال ( ما يُخرجك ؟ أحاجة أم تجارة ؟)
      قال ( لا يا رسول الله ، بأبي أنت وأمي ، ولكنّي أريد الصلاة في بيت المقدس )
      فقال الرسول -صلى الله عليه وسلم- ( صلاة في مسجدي هذا خيرٌ من ألف صلاة فيما سواه من المساجد إلا المسجد الحرام ) فجلس الأرقم

      وفاته

      توفي الأرقم بالمدينة وصلى عليه سعد بن أبي وقاص ، وكان عمر الأرقم بضعاً وثمانين سنة ، رضي الله تعالى عنه