ملخص كتاب تهذيب مدارج السالكين لشيخ الإسلام أبن قيم الجوزي

    • قبائح الشخصية النفاقية


      1.مفارقة الوحي وترك الأهتداء به

      {يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا}[الأنعام :112].
      ولأجل ذلك {اتخذوا هذا القرآن مهجورا}[الفرقان:30].

      قالوا :مالنا ولظواهر لفظية لا تفيدنا شيئا من اليقين ،
      حسبنا ما وجدنا عليه خلفنا من المتأخرين فإنهم أعلم من السلف الماضين ،


      2.نهكت أمراض الشبهات والشهوات قلوبهم فأهلكتهم ،
      وغلبت القصود السيئة على إرادتهم ونياتهم فأفسدتها

      {في قلوبهم مرض فزادهم الله ولهم عذاب أليم بما كانوا يكذبون}.


      3.أسماع قلوبهم قد أثقلها الوقر ،فهي لا تسمع منادي الإيمان
      وألسنتهم بها خرس عن الحق فهم به لاينطقون
      {صم بكم عمي فهم لايرجعون}.


      4.قعد بهم الكسل عما أمروا به من أوامر الرحمن ،
      فأصبح الأخلاص ثقيلا
      {وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى يراؤون الناس ولا يذكرون الله إلا قليلا}[النساء :142].


      5.مذبذبين فهم واقفون بين الجمعين ينظرون أيهم أقوى وأعز قبيلا
      {مذبذبين بين ذلك لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء ومن يضلل الله فلن تجد له سبيلا}[النساء :143].


      6.يتربصون الدوائر بأهل السنة والقرآن
      لذين يتربصون بكم فإن كان لكم فتح من الله قالوا ألم نكن معكم
      وإن كان للكفار نصيب قالوا ألم نستحوذ عليكم ونمنعكم من المؤمنين
      فالله يحكم بينكم يوم القيامة ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا
      }[النساء :141].



      7. يعحب السامع قول أحدهم لحلاوته ولينه ،ويشهد الله على مافي قلبه من كذبه
      {ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا ويشهد الله على مافي قلبه وهو ألد الخصام }[البقرة:204].



      8.أوامرهم التي يأمرون بها أتباعهم متضمنة لفساد البلاد والعباد.
      {وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد}[البقرة:205].



      9.معرضون عن الوحي إعراضا شديدا
      {وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل الله وإلى الرسول رأيت المنافقين يصدون عنك صدودا}[النساء:61].


      10.تسبق يمين أحدهم كلامه من غير أن يعترض عليه ،
      فتبرأ بيمينه من سوء الظن به وكشف مالديه
      {اتخذوا أيمانهم جنة فصدوا عن سبيل الله إنهم ساء ما كانوا يعملون}[المنافقين :2].


      11.عرفوا الحق وأنكروه ،وعموا بعد ما عاينوا الحق وأبصروا
      {ذلك بأنهم آمنوا ثم كفروا فطبع الله على قلوبهم فهم لا يفقهون}[المنافقين:3].


      12.أحسن الناس أجساما ،وأخلبهم لسانا ،وألطفهم بيانا ،وأخبثهم قلوبا ،وأضعفهم جنانا .
      {وإذا رأيتهم تعجبك أجسامهم وإن يقولون تسمع لقولهم
      كأنهم خشب مسندة يحسبون كل صيحة عليهم هم العدو فاحذرهم قاتلهم الله أنى يؤفكون
      }[المنافقون:4].


      13.يؤخرون الصلاة عن وقتها الأول ،فالصبح عند طلوع الشمس
      ،والعصر عند المغرب ،وينقرونها نقر الغراب ،إذ هي صلاة الأبدان لا صلاة القلوب .


      14.إن أصاب اهل الكتاب والسنة عافية ونصر وظهور ،
      ساءهم ذلك وغمهم وإن أصابهم ابتلاء من الله يمحص به ذنوبهم ،
      ويكفر عنهم سيئاتهم أفرحهم ذلك

      {إن تمسسكم حسنة تسؤهم وإن تصبكم سيئة يفرحوا بها }[آل عمران:120].


      15.كره الله طاعتهم ،لخبث قلوبهم وفساد نياتهم ،فثبطهم عنها وأقعدهم
      {ولو أرادوا الخروج لأعدوا له عدة ولكن كره الله انبعاثهم فثبطهم وقيل اقعدوا مع القاعدين }[التوبة:46].

      {لو خرجوا فيكم ما زادوكم إلا خبالا ولأوضعوا خلالكم
      يبغونكم الفتنة وفيكم سماعون لهم والله عليم بالظالمين
      }[التوبة:47].


      16.ثقلت عليهم النصوص فكرهوها ،وأعياهم حملها فألقوها عن أكتافهم
      ،وتفلتت منهم السنن أن يحفظوها فأهملوها
      {ذلك يأنهم كرهوا ما أنزل الله فأحبط أعمالهم }[محمد:9].


      17.اسروا النفاق ،فأظهره الله على صفحات الوجوه منهم ،وفلتات اللسان
      {أم حسب الذين في قلوبهم مرض أن لن يخرج الله أضغانهم
      ولو نشاء لأريناكهم فلعرفتهم بسيماهم ولتعرفنهم في لحن القول والله يعلم أعمالكم
      }[محمد30،29]..


      هذه صفاتهم في الدنيا .وغدا نذكر صفاتهم واحوالهم في يوم القيامة إن شاء الله .

      تهذيب مدارج السالكين
      ج1ص(322،317).
      • القرآن جنتي


    • احوال المنافقين يوم القيامة



      1.يدعون للسجود فلا يستطيعون

      {خاشعة أبصارهم ترهقهم ذلة وقد كانوا يدعون إلى السجود وهم سالمون}[القلم:43].


      2.يعطون نورا ظاهرا مع أهل الإسلام
      ،كما كانوا بينهم في الدنيا يأتون بالصلاة والحج والصيام ،فلما توسطوا
      الجسر :
      وهو أدق من الشعرة وأحد من الحسام ،وهو دحض مزلة ،مظلم لايقطعه أحد إلا بنور .

      ،أطفأت ما بأيديهم من المصابيح .

      ،فيقفون حيارى.

      لا يستطيعون المرور،

      فضرب بينهم وبين أهل الإيمان بسور له باب فيه الرحمة،

      وما يليهم من قبلهم العذاب والنقمة. ،ينادون من تقدمهم من وفد الإيمان

      {انظرونا نقتبس من نوركم }[الحديد:13].

      لنتمكن في هذا المضيق من العبور

      ،فقد أطفئت أنوارنا


      ،ولا جواز اليوم إلا بمصباح من النور {قيل ارجعوا وراءكم فالتمسوا نورا}.

      فيتذاكر المنافق حاله في الدنيا مع المؤمن فيقول {ألم نكن معكم}

      فما الفرق بيننا اليوم
      حتى انفردتم دوننا بالمرور

      (
      قالوا بلى)

      ولكنكم كانت ظواهركم معنا وبواطنكم مع كل ملحد ،وكل ظلوم كفور .

      {ولكنكم فتنتم أنفسكم وتربصتم وارتبتم وغرتكم الأ·ماني حتى جاء أمر الله
      وغركم بالله الغرور ،فاليوم لا يؤخذ منكم فدية
      ولا من الذين كفروا مأواكم النار هي مولاكم وبئس المصير
      }[الحديد:15،14]..

      موقف السلف من النفاق والمنافقين

      سمع حذيفة رضي الله عنه رجلا يقول:
      ((اللهم أهلك المنافقين .فقال :يا ابن أخي ،
      لو هلك المنافقون لا ستوحشتم في طرقاتكم من قلة السالك).


      ساءت ظنونهم بأنفسهم حتى خشوا أن يكونوا من جملة المنافقين ،

      قال عمر بن الخطاب لحذيفة رضي الله عنهما:

      (يا حذيفة ،نشدتك بالله ،هل سماني لك رسول الله صلى الله عليه وسلم منهم ؟
      قال :لا .ولا أزكي بعدك أحد)).

      وقال ابن أبي مليكة :

      (أدركت ثلاثين من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم كلهم يخاف على نفسه
      ،ما منهم أحد يقول:إن إيمانه كإيمان جبريل وميكائيل )ذكره البخاري .

      وذكر عن الحسن البصري :
      ((ما أمنه إلا منافق،وما خافه إلا مؤمن)).

      ذكر أن بعض الصحابة كان يقول في دعائه :

      (اللهم إني أعوذ بك من خشوع النفاق ،قيل :
      وما خشوع النفاق ؟قال:أن يرى البدن خاشعا والقلب ليس بخاشع)).


      أعلم أن النفاق منبته الكذب والرياء ومخرجه من :
      عين ضعف البصيرة ،وعين ضعف العزيمة.



      فإذا تمت هذه الأركان الأربعة ،
      استحكم نبات النفاق وبنيانه.
      ومصيره الزوال.

      قال تعالى : { يحسبه الظمآن ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئا
      ووجد الله عنده فوفاه حسابه والله سريع الحساب
      }[النور:39].

      ومن صفات المنافقين أيضا:

      1. إذا عاهدوا لم يفوا .

      2.،وإن وعدوا أخلفوا ،

      3.وإن قالوا لم ينصفوا.

      4. ،وإن دعوا إلى طاعة وقفوا .

      5.،وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل الله وإلى الرسول صدفوا .

      6.،وإذا دعتهم أهواؤهم إلى أعراضهم أسرعوا إليها وانصرفوا .

      فلا تثق بعهودهم ،
      ولا تطمئن إلى وعودهم
      ،فإنهم كاذبون ،وهم لما سواهم مخالفون


      قال تعالى :{ومنهم من عاهد الله لئن آتانا من فضله لنصدقن
      ولنكونن من الصالحين فلما آتاهم من فضله بخلوا به
      وتولوا وهم معرضون فأعقبهم نفاقا في قلوبهم إلى يوم يلقونه
      بما أخلفوا الله ما وعدوه وبما كانوا يكذبون
      }[التوبة:77،75].

      تهذيب مدارج السالكين
      ج1ص(325،322).

      • القرآن جنتي
    • أنواع الفسوق

      الفسق نوعان:

      مفرد مطلق ومقرون بالعصيان.

      أولا:مفرد مطلق:

      وينقسم لقسمين:

      1.فسوق كفر ،يخرج عن الإسلام ،
      ،قال تعالى :{ولقد أنزلنا إليك آيات بينات ومايكفر بها إلا الفاسقون}[البقرة:99].

      2 -فسوق لا يخرج عن الإسلام ،ويجب التوبة منه وهو أعم من الفسوق الذي ترد به الشهادة .
      قال تعالى :{يأأيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ ..}[الحجرات:6].

      الفسوق الذي تجب فيه التوبة ينقسم قسمين :
      1.فسق من جهة العمل.
      2.،وفسق من جهة الاعتقاد.


      أولا :فسق من جهة العمل نوعان :

      مقرون بالعصيان ومفرد

      الفسق :هو ارتكاب مانهى الله عنه ،

      قوله {وإن تفعلوا فإنه فسوق بكم }
      [البقرة :282].
      والعصيان: هو عصيان أمره .

      قال تعالى :{ما منعك إذ رأيتهم ضلوا ألا تتبعن أفعصيت أمري}[ طه :93،92].

      ويطلق كل منهما على صاحبه
      قوله تعالى {إلا إبليس كان من الجن ففسق عن أمر ربه }[الكهف 50].

      فسمى مخالفته للأمر فسقا .

      قال:{وعصى آدم ربه فغوى }[طه:121].

      فسمى ارتكابه للنهي معصية .

      فهذا عند الأفراد .،

      فإذا اقترنا كان أحدهما لمخالفة الأمر ،والآخر لمخالفة النهي .

      التقوى بأن يعمل العبد بطاعة الله على نور من الله يرجو ثواب الله
      ،ويترك معصية الله ،على نور من الله ،يخاف عقاب الله .


      ثانيا :فسق الاعتقاد كفسق أهل البدع الذين يؤمنون بالله ورسوله واليوم الآخر

      ،ويحرمون ماحرم الله ،ويوجبون ما أوجب الله ،

      ولكن ينفون كثيرا مما أثبت الله ورسوله ،جهلا وتأويلا

      ،وتقليدا للشيوخ ،ويثبتون مالم يثبته الله ورسوله كذلك .


      والتوبة من هذا الفسق:

      بإثبات ما أثبته الله لنفسه ورسوله،من غير
      تشبيه ولا تمثيل ،وتنزيهه عما نزه نفسه عنه ونزهه عنه رسوله
      من غير تحريف ولا تعطيل
      ،وتلقي النفي والأثبات من مشكاة الوحي ،
      لا من آراء الرجال ونتائج أفكارهم التي هي منشأ البدعة والضلالة
      .


      كيف تكون توبة الفاسق في معتقده؟

      1.اتباع السنة .
      2.بيان ماكان عليه من فساد البدعة للناس .


      ولهذا شرط الله تعالى في توبة الكاتمين ما أنزل الله من البينات والهدى البيان.


      لأن ذنبهم لما كان بالكتمان ،كانت توبتهم منه بالبيان
      .

      قال تعالى :{إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى
      من بعد مابيناه للناس في الكتاب أولئك يلعنهم الله
      ويلعنهم اللاعنون إلا الذين تابوا وأصلحوا وبينوا
      فأولئك أتوب عليهم وأنا التواب الرحيم
      }[البقرة:160،159].


      الفرق بين ذنب المبتدع والكاتم
      .
      ذنب المبتدع فوق ذنب الكاتم ،
      لأن ذاك كتم الحق،وهذا كتمه ودعا إلى خلافه
      ،فكل مبتدع كاتم ولا ينعكس .


      وشرط في توبة المنافق الأخلاص
      لأن ذنبه الرياء .


      قال تعالى :{إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار ولن تجد لهم نصيرا
      إلا الذين تابوا وأصلحوا واعتصموا بالله وأخلصوا دينهم لله
      قأولئك مع المؤمنين وسوف يؤت الله المؤمنين أجرا عظيما
      }[النساء :146،145].

      .
      تهذيب مدارج السالكين
      ج1ص(330،326).

      • القرآن جنتي

    • ألوان من السوء

      قال تعالى:{وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان }[المائدة:2].

      الإثم والعدوان هما قرينان

      وكل منهما إذا أفرد تضمن الآخر

      ،فكل إثم عدوان ،

      وهو : فعل مانهى الله عنه ،أو ترك ما أمر الله به.

      فهو عدوان على أمره ونهيه ،

      وكل عدوان إثم .

      فإنه يأثم به صاحبه .


      ولكن عند اقترانهما فهما شيئان بحسب متعلقهما ووصفهما.

      ((الإثم))ماكان محرم الجنس كالكذب ،والزنا ،وشرب الخمر .

      ((العدوان))ماكان محرم القدر والزيادة.

      فالعدوان تعدي ما أبيح منه إلى القدر المحرم والزيادة.

      كالأعتداء في أخذ الحق ممن هو عليه ،إما بأن يتعدى على ماله أو بدنه أو عرضه

      فإذا غصبه خشبة لم يرض عوضها إلا داره ،.

      وإذا أتلف عليه شيئا أتلف عليه أضعافه وإذا قال فيه كلمة قال فيه أضعافها ،فهذا كله عدوان .

      العدوان نوعان:

      1.عدوان في حق الله .
      إذا تعدى ما أباح الله له من الوطء الحلال في الأزواج والمملوكات إلى ماحرم عليه من سواهما
      .

      قال تعالى:{والذين هم لفروجهم حافظون
      إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم
      فإنهم غير ملومين فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون
      }[المؤمنون:7،5].

      وكذلك تعدى ما أبيح له من زوجته وأمته إلى ما حرم عليه منها،

      كوطئها في حيضها أو نفاسها ،

      أو إحرام أحدهما ،أو صيامه الواجب.

      وكذلك كل من أبيح له من قدر معين فتعداه إلى أكثر منه ،فهو من العدوان ،



      كمن أبيح له نظرة الخطبة ،والشهادة ،والمعاملة ،والمداواة
      فأطلق طرفه في ميادين محاسن المنظور
      ،فتعدى المباح إلى القدر المحظور .
      ،وحام حول الحمى المحظور المحجور .



      ((البغي))غالب استعماله في حقوق العباد والاستطالة عليهم..

      إذا قرن البغي بالعدوان كان ظلمهم بمحرم الجنس

      ،كالسرقة ،والكذب ،والبهت ،الابتداء بالأذى .


      والعدوان تعدي الحق في استيفائه إلى أكبر منه

      ،فيكون البغي والعدوان في حقهم كالأثم والعدوان في حدود الله ..


      فالبغي والعدوان والظلم. :

      تجاوز حق الله وحق العباد بحديهما إلى ما وراءهما أو التقصير عنهما. فلا يصل إليهما.

      أما ((الفحشاء والمنكر )).


      الفحشاء صفة لموصوف محذوف وهي الفعلة الفحشاء ،

      والخصلةالفحشاء هي ما ظهر قبحها لكل أحد واستفحشه كل ذي عقل سليم
      ولهذا فسرت بالزنا واللواط ،وسماها.
      الله(
      فاحشة)لتناهي قبحهما،وكذلك القبح من القول يسمى فحشا .
      وهو ماظهر قبحه جدا من السب ،والقذف .ونحوه



      ،أما (المنكر)

      فهي صفة لموصوف محذوف أي الفعل.

      المنكر :وهو الذي تستنكره العقول والفطر ،

      ونسبته إليها كنسبة الرائحة القبيحة إلى حاسة الشم ،
      والمنظر القبيح إلى العين ،والطعم المستكره إلى الذوق ،ونحوه.

      فما اشتد إنكار العقول والفطر له فهو فاحشة ،

      فالمنكر لها مالم تعرفه ولم تألفه والقبيح المستكره لها الذي تشتد نفرتها عنه وهو الفاحشة.

      ولذالك قال ابن عباس '((الفاحشة الزنا ،والمنكر مالم يعرف في شريعة ولا سنة ))

      فتأمل تفريقه بين مالم يعرف حسنه ولم يؤلف ،وبين ما استقر قبحه في الفطر والعقول ..

      تهذيب مدارج السالكين
      ج1ص(343،330).

      • القرآن جنتي


    • القول على الله بلا علم أصل المفاسد

      المحرمات نوعان :

      1.محرم في وقت دون وقت .

      كأكل الميتته للمضطر .ولحم الخنزير

      2محرم لذاته لا يباح بحال.

      قال تعالى :{قل إنما حرم ربي الفواحش ماظهر منها وما بطن}[الأعراف :33].

      ثم أنتقل منه إلى ما هو أعظم منه .

      {وأن تشركوا بالله مالم ينزل به سلطان}

      ثم ألى ما هو أعظم منه

      فقال :{والإثم والبغي بغير الحق }.

      ثم أنتقل إلى ما هو أعظم منه

      فقال :{وأن تقولوا على الله مالا تعلمون}

      فهذه أعظم المحرمات عند الله

      وأشد إثما ،

      وهو أصل الشرك والكفر

      وعليه أسست البدع والضلالات،

      فكل بدعة مضلة في الدين أساسها القول على الله بلا علم .

      ولهذا اشتد نكير السلف والأئمة لها وحذروا فتنتهم أشد التحذير ،

      وبالغوا في ذلك مالم يبالغوا مثله في إنكار الفواحش ،والظلم والعدوان

      إذ مضرة البدعة وهدمها للدين ومنافاتها له أشد ،


      وقد انكر تعالى على من نسب إلى دينه تحليل شيء أو تحريمه من عنده ،بلا برهان من الله.

      قال تعالى:{ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام لتفتروا على الله الكذب}[النحل :16].

      قال بعض السلف :ليحذر أحدكم أن يقول :أحل الله كذا وحرم الله كذا ،فيقول الله:كذبت ،لم أحل هذا ،ولم أحرم هذا.

      ،يعني التحليل والتحريم بالرأي المجرد ،بلا برهان من الله ورسوله..

      وأصل الشرك والكفر هو القول على الله بلا علم ،

      فإن المشرك يزعم أن من اتخذه معبودا من دون الله

      ،يقربه إلى الله ،

      ويشفع له عنده

      ،ويقضي حاجته بواسطته،كما تكون الوسائط عند الملوك.

      فكل مشرك قائل على الله بلا علم .

      إذا القول على الله بلا علم

      قد يتضمن التعطيل

      والابتداع في دين الله،

      فهو أعم من الشرك ،والشرك فرد من أفراده.

      لهذا كان الكذب على الرسول صلى الله عليه وسلم موجبا

      لدخول النار

      ،واتخاذ منزلة منها مبوءا

      لأنه متضمن للقول على الله بلا علم.

      كصريح الكذب عليه ،

      لأن ما انضاف إلى الرسول

      فهو مضاف إلى المرسل ،

      والقول على الله بلا علم صريح

      افتراء الكذب عليه

      قال تعالى {ومن أظلم ممن
      افترى على الله كذبا}.


      فذنوب أهل البدع كلها داخلة تحت هذا الجنس.

      فلا تتحقق التوبة منه.

      إلا بالتوبة من البدع.

      ولا تكون التوبة

      إلا بتضلعه من السنة ،

      وكثرة اطلاعه عليها،

      ودوام البحث والتفتيش عليها

      ولا ترى صاحب البدعة كذلك أبدا.

      ولا يرى العبد الفرق بين البدعة والسنة

      ويعينه على الخروج من ظلمتها إلى نور السنة إلا

      المتابعة

      والهجرة بقلبه كل وقت إلى الله ،بالأستعانة والأخلاص

      ،وصدق اللجأ إلى الله،

      والهجرة إلى رسوله ،

      بالحرص على الوصول إلى أقواله وأعماله وهديه وسنته.

      ((فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله ))

      ومن هاجر إلى غير ذلك فهو حظه ونصيبه في الدنيا والآخرة ..

      تهذيب مدارج السالكين
      ج 1ص(335،333)

      • القرآن جنتي
    • مشاهد المعصية


      للمعاصي مشاهد كثيرة


      مشاهد المنحرفين :

      مشهد الحيوانية وقضاء الشهوة
      مشهد الجبر
      مشهد القدر .


      مشاهد أهل الاستقامة :
      مشهد الحكمة،مشهد الأسماء والصفات
      مشهد التوفيق والخذلان ،مشهد الإيمان وتعدد شواهده.
      مشهد التوحيد ،مشهد الرحمة ،مشهد العجز والضعف ،مشهد الذل والافتقار،مشهد المحبة والعبودية .



      الطبائع الحيوانية في بعض البشر

      مشهد الحيوانية ،وقضاء الشهوة ،الذي لا فرق بينهم وبين سائر الحيوان ،
      إلا في اعتدال القامة ونطق اللسان ،
      ليس همهم إلا مجرد نيل الشهوة بأي طريقة أفضت إليها .
      فهؤلاء نفوسهم حيوانية،لم تترق عنها إلى درجة الإنسانية ،
      وهم في أحوالهم متفاوتون بحسب تفاوت الحيوانات التي هم على أخلاقها وطباعها
      .


      النفس الكلبية:
      لو صادفت جيفة تشبع ألف كلب لوقع عليها،وحماها من سائر الكلاب ،
      همه شبع بطنه من أي طعام اتفق ،ميتة أو مذكى ،خبيث ،أو طيب ،
      ولا يستحي من قبيح ،إن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث،
      إن أطعمته بصبص بذنبه ودار حولك،وإن منعته نهرك ونبحك .

      النفس الحمارية:

      :لم تخلق إلا للكد والعلف ،كلما زيد في علفه زيد في كده،أبكم الحيوان،
      وأقله بصيرة ،ولهذا مثل الله سبحانه وتعالى به من حمله كتابه،
      فلم يحمله معرفة ولا فقها ولا عملا،ومثل الكلب السوء الذي آتاه الله آياته
      فانسلخ منها وأخلد إلى الأرض واتبع هواه،


      النفس السبعية :

      غضبية،همته العدوان على الناس وقهرهم بما وصلت إليه قدرته.

      النفس الخنزيرية :
      طبعه طبع الخنزير ،يمر بالطيبات فلا يلوي عليها،
      فإذا قام الإنسان عن رجيعه قمه،وهكذا كثير من الناس،
      يسمع منك ويرى من المحاسن أضعاف المساوئ،
      فلا يحفظها ولا ينقلها ولا تناسبه،فإذا رأى سقطه
      أو كلمة عوراء وجد بغيته ومايناسبها ،فجعلها فاكهته ونقله .

      النفس الطاووسيه:

      هو على طبيعة الطاووس ،ليس له إلا التطوس والتزين بالريش،وليس وراء ذلك من شيء

      النفس الخيليه:

      وهي افضل الطباع طبع بطبع الخيل التي هي أشرف الحيوانات نفوسا،
      وأكرمها طبعا،وكذلك الغنم ،وكل من تلف ضربا من ضروب هذه الحيوانات
      اكتسب من طبعه وخلقه،فإن تغذى بلحمه كان الشبه أقوى ،فإن الغاذي شبيه بالمتغذي..
      ولهذا حرم الله أكل لحوم السباع وجوارح الطير ،لما تورث آكلها من شبه نفوسها بها والله أعلم

      وعلى هذا الشبه اعتماد أهل التعبير للرؤيا.
      وقد رأى النبي صلى الله عليه وسلم في قصة أحد ((بقرا تنحر))
      فكان من أصيب من المؤمنين بنحر الكفار ،
      فإن البقر أنفع الحيوانات للأرض ،وبها صلاحها ،
      وفلاحها ،مع مافيها من السكينة والمنافع ،
      فإنها ذلول مذللة.منقادة غير أبية ،
      ورأى عمر بن الخطاب كأن ديكا نقره ثلاث نقرات
      فكام طعن أبي لؤلؤة له ،والديك رجل أعجمي شرير.

      تهذيب مدارج السالكين
      ج1ص(339،337)

      • القرآن جنتي
    • مشهد أصحاب الجبر

      هم الذين يشهدون أنهم مجبورون على أفعالهم ،
      وأنها واقعة بغير قدرتهم ،بل لايشهدون أنها أفعالهم البتة.



      يقولون إن أحدهم غير فاعل في الحقيقة ولا قادر ،

      وأن الفاعل فيه غيره والمحرك له سواه ،وإنه آلة محضة ،

      وحركاته بمنزلة هبوب الرياح ،وحركات الأشجار .



      وهؤلاء إذا أنكرت عليهم أفعالهم احتجوا بالقدر ،وحملوا ذنوبهم عليه،

      وقد يغلون في ذلك ،حتى يروا أفعالهم كلها طاعات ،خيرها وشرها ،لموافقتها للمشيئة والقدر .

      وهؤلاء شر من القدرية النفاة ،وأشد منهم عداوة لله،
      ومناقضة لكتبه ورسله ودينه



      ،حتى إن من هؤلاء من يعتذر عن إبليس ،ويتوجع له،
      ويقيم عذره بجهده ،وينسب ربه تعالى إلى ظلمه بلسان الحال والمقال .





      ويقولون :ما ذنبه وقد صان وجهه عن السجود لغير خالقه؟
      وقد وافق حكمه ومشيئته فيه وإرادته منه؟\
      ثم كيف يمكنه السجود ،وهو الذي منعه منه وحال بينه وبينه ؟
      وهل كان في ترك السجود لغير الله محسنا؟.



      هؤلاء أعداء الله حقا،
      وأولياء إبليس ،
      وإخوانه،
      وإذا ناح منهم نائح على إبليس
      رأيت من البكاء والحنين أمرا عجيبا ،
      ورأيت من ظلمهم الأقدار،
      واتهامهم الجبار ،
      مايبدو على فلتات ألسنتهم ،وصفحات وجوههم .






      مشهدالقدرية النفاة

      وهؤلاء يشهدون أن الجنايات والذنوب هم الذين أحدثوها

      وأنها واقعة بمشيئتهم ،دون مشيئة الله تعالى ،.

      وأن الله لم يقدر ذلك عليهم ولم يكتبه،ولا شاء ،ولا خلق أفعالهم

      ،وأنه لايقدر أن يهدي أحدا ولا يضله إلا بمجرد البيان،

      لا أنه يلهمه الهدى والضلال ،
      .
      ويشهدون أنه يكون في ملك الله مالا يشاؤه ،
      وأنه يشاء مالا يكون،
      وأن العباد خالقو لأفعالهم بدون مشيئة الله .

      وهم لذلك مبخوسو الحظ جدا من الاستعانة بالله ،والتوكل عليه ،
      والاعتصام به ،وسؤاله أن يهديهم ،وأن يثبت قلوبهم ،
      وأن لايزيغهم .وعين أفعالهم لايدخل تحت مشيئة الرب شيء منها ..



      والشيطان قد رضي منهم بهذا القدر ،
      فلا يؤزهم إلى المعاصي ،ولا يزعجهم إليها وله في ذلك غرضان :

      1.أن يقر في قلوبهم صحة هذا المشهد وهذه العقيدة ،

      وأنكم تاركوا الذنوب الكبائر التي يقع فيها أهل السنة

      فدل على أن الأمر مفوض إليكم واقع بكم ،

      وأنكم العاصمون لأنفسكم ،المانعون لها من المعصية .


      2.أن يصطاد على أيديهم الجهال ،فإذا رأوهم أهل عبادة ،
      وزهادة عن المعاصي ،وتعظيم لها،قالوا:هؤلاء أهل الحق
      -والبدعة آثر عنده وأحب إليه من المعصية -

      فإذا ظفر بها منهم ،واصطاد الجهال على أيديهم ،كيف يأمرهم بالمعصية ؟
      بل ينهاهم عنها ،ويقبحها في أعينهم وقلوبهم ولا يكشف هذه الحقائق إلا أرباب البصائر .



      أجارناالله منهم
      وحصن قلوبنا وعقولنا
      وديننا من أفكارهم .
      اللهم آمين


      تهذيب مدارج السالكين
      ج1ص(342،339)


      • القرآن جنتي
    • أول الاستقامة حكمة الخلق

      أهل الاستقامة يشهدون حكمة الله في تقديره على عبده
      مايبغضه سبحانه ويكرهه ،يلوم ويعاقب عليه ،

      وأنه لو شاء لعصمه منه ،ولحال بينه وبينه ،
      وأنه سبحانه لايعصى قسرا،

      وأنه لا يكون في العالم شيء إلا بمشيئته {ألا له الخلق والأمر تبارك الله رب العالمين}.[الأعراف:57].


      وأن الله لم يخلق شيئا عبثا ولا سدى ،وأن له الحكمة البالغة في كل ماقدره
      وقضاه من خير وشر ،وطاعة ومعصية وحكمة باهرة تعجز العقول عن الإحاطة بكنهها .


      وقد قال تعالى لملائكته لما قالوا:{أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك }[البقرة: 30].
      فأجابهم سبحانه بقوله :{إني أعلم مالا تعلمون}.

      فلله سبحانه في ظهور المعاصي والذنوب والجرائم ،وترتيب أثارها

      من الآيات والحكم

      وأنواع التعريفات إلى خلقه

      وتنوع آياته

      ،ودلائل ربوبيته ووحدانيته،وإلهيته وحكمته ،وعزته

      وتمام ملكه عياناببصائر قلوبهم

      فيقولون {ربنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك }.[آل عمران:191].

      فكم من آية في الأرض بينة ،كان سببها معاصي بني آدم وذنوبهم
      كآياته في إغراق قوم نوح ،وعلو الماء على رؤوس الجبال ،
      حتى أغرق جميع أهل الأرض ،ونجى أولياءه.


      وكذلك إظهاره سبحانه ما أظهر من جعل النار بردا وسلاما على إبراهيم ،
      بسبب ذنوب قومه ومعاصيهم ،وإلقائهم له في النار ،حتى صارت تلك آية ،ونال إبراهيم كمال الخلة .


      وكذلك اتخاذ الله تعالى الشهداء والآولياء والأصفياء من بني آدم ،
      بسبب صبرهم على أذى بني آدم من أهل المعاصي والظلم .ومجاهدتهم في الله .

      وغير ذلك من المصالح والحكم التي وجدت بسبب ظهور المعاصي والجرائم
      وكان ذلك محض الحكمة

      ،لما يترتب عليه مما هو أحب إليه وآثر عنده من فوته بتقدير عدم المعصية

      -الحكمة من تسلط أعداء الله على أولياءه والعكس:

      1.حصول محبوب للرب ،وحمدا له من أهل سمواته وأرضه

      2.وخضوع له وتذلل ،

      3.وخشية وافتقار إليه

      4.،وانكسار بين يديه أن لا يجعلهم من أعدائه
      ،

      إذ هم يشاهدونهم ويشاهدون خذلان الله لهم ،وإعراضه عنهم ،ومقته لهم ،وما أعد لهم من العذاب .

      وكل ذلك بمشيئته وإرادته ،وتصرفه في مملكته .

      البصير يطالع ببصيرته ما وراءه

      ،فيطلعه على عجائب من حكمته

      ،لا تبلغها العبارة ولا تنالها الصفة .

      وهذه البصيرة تحصل للعبد

      بحسب استعداده

      وقوة بصيرته ،

      وكمال علمه ومعرفته بالله وأسمائه وصفاته

      ،ومعرفتة بحقوق العبودية والربوبية ،

      تهذيب مدارج السالكين
      ج 1 ص(345،342)

      • القرآن جنتي
    • مشهد التوحيد

      هو أن يشهد انفراد الرب تبارك وتعالى بالخلق والحكم ،

      وأنه ماشاء كان ومالم يشأ لم يكن ،

      وأنه لا يتحرك ذرة إلا بإذنه،

      وأن الخلق مقهورون تحت قبضته

      ،وأنه ما من قلب إلا وهو بين إصبعين من أصابعه ،

      إن شاء أن يقيمه أقامه ،

      وإن شاء أن يزيغه أزاغه ،

      فالقلوب بيده،وهو مقلبها ومصرفها كيف شاء وكيف أراد ،

      وأنه هو الذي آتى نفوس المؤمنين فجورها وأشقاها

      {من يضلل الله فلا هادي له}[الأعراف:186].

      يهدي من يشاء بفضله ورحمته

      ،ويضل من يشاء بعدله وحكمته

      .{لا يسأل عما يفعل وهم يسألون}
      .[الأنبياء :23].

      قال ابن عباس رضي الله عنهما :
      ((الأيمان بالقدر نظام التوحيد ،فمن كذب بالقدر نقص
      تكذيبه توحيده ،ومن آمن بالقدر صدق إيمانه توحيده
      )).

      وفي هذا المشهد يتحقق للعبد مقام

      {إياك نعبد وإياك نستعين}.

      فإنه إذا تيقن أن الضر والنفع ،

      والعطاء والمنع ،والهدى والضلال،والسعادة والشقاء

      ،كل ذلك بيدالله لا بيد غيره ،

      كان أحب إليه من كل ماسواه

      ،وأخوف عنده من كل ماسواه،

      وأرجى له من كل ماسواه.

      فتتقدم محبته في قلبه جميع المحاب ،

      فتنساق المحاب تبعا لها كما ينساق الجيش تبعا للسلطان

      ،ويتقدم خوفه في قلبه جميع المخوفات


      ،فتنساق المخاوف كلها تبعا لخوفه

      ،ويتقدم رجاؤه في قلبه جميع الرجاء فينساق كل رجاء تبعا لرجائه.



      فهذه علامة توحيد الإلهية في هذا القلب ،

      والباب الذي دخل منه توحيد الربوبية فباب توحيد الإلهية هو توحيد الربوبية .

      فأول ما يتعلق القلب يتعلق بتوحيد الربوبية

      ،ثم يرتقي إلى توحيد الإلهية



      قال تعالى:{ولئن سألتهم من خلقهم ليقولن الله فأنى يؤفكون}[الزخرف:87].

      أي :فأين يصرفون عن شهادة أن لا إله إلا الله ،

      وعن عبادته وحده ،وهم يشهدون أنه

      لا رب غيره ،ولا خالق سواه ...


      اعلم رحمك الله

      أن موارد الإمور كلها بيد الله ،

      ومصادرها إليه

      وأزمة التوفيق جميعها بيديه

      فلا مستعان للعباد إلا به

      ،ولا متكل إلا عليه.

      كما قال شعيب خطيب الأنبياء

      :{وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب }[هود:88].


      تهذيب مدارج السالكين
      ج1ص(349،345).

      • القرآن جنتي
    • مشهد التوفيف والخذلان

      أجمع العارفون بالله أن التوفيق

      هو أن لا يكلك الله إلى نفسك

      ،وأن الخذلان هو أن يخلي الله بينك وبين نفسك ،

      فالعبيد متقلبون بين توفيقه وخذلانه

      ،بل العبد في الساعة الواحدة ينال نصيبه من هذا وهذا


      ،فيطيعه ويرضيه ،


      ويذكره ويشكره بتوفيقه له

      ،ثم يعصيه ويخالفه ويسخطه

      ويغفل عنه بخذلانه له

      فهو دائر بين توفيقه وخذلانه

      ،فإن وفقه فبفضله ورحمته،

      وإن خذله فبعدله وحكمته ،

      وهو المحمود على هذا وهذا ،له أتم حمد وأكمله .



      في هذا المشهد يشهد توفيق الله وخذلانه ،

      كما يشهد ربوبيته وخلقه ،

      فيسأله مسألة المضطر ،

      ويعوذ به من خذلانه ،

      ويلقي نفسه بين يديه

      ،مستسلما له ،ناكس الرأس بين بديه ،خاضعا ذليلا مستكينا

      ،لا يملك لنفسه ضرا ولا نفعا ولاموتا ولا حياة ولا نشورا.


      فالتوفيق إرادة الله من نفسه

      أن يفعل بعبده مايصلح به العبد

      بأن يجعله قادرا على فعل مايرضيه ،مريدا له،

      محبا له

      ،مؤثرا له على غيره

      ،ويبغض إليه مايسخطه ،

      ويكرهه إليه

      ،قال تعالى :{واعلموا أن فيكم رسول الله لو يطيعكم في كثير من الأمر لعنتم }

      ثم جاء بحرف الاستدراك

      فقال :{ولكن الله حبب إليكم الإيمان وزينه في قلوبكم وكره إليكم الكفر والفسوق والعصيان ..}
      [الحجرات :8،7].

      لا تقدموا بين يدي رسولي

      ،ولا تقولوا حتى يقول

      ،ولا تفعلوا حتى يأمر

      ،فالذي حبب إليكم الإيمان

      أعلم بمصالح عباده منكم

      فنفوسكم تقصر

      وتعجز عن ذلك

      ولا تبلغه ،

      فلو أطاعكم رسولي في كثير مما تريدون لشق عليكم ذلك

      ولهلكتم

      وفسدت مصالحكم

      وأنتم لا تشعرون .

      فسر القدرية الجبرية التوفيق

      بأنه خلق الطاعة

      والخذلان خلق المعصية

      وردوا الأمر إلى محض المشيئة من غير سبب ولا حكمة .


      وقالت القدرية النفاة :

      التوفيق بالبيان العام ،والهدى العام.

      ،والتمكن من الطاعة والإقبال عليها ،وتهيئة أسبابها

      ،وهذا حاصل لكل كافر ومشرك بلغته الحجة ،
      وتمكن من الإيمان

      ،فالتوفيق عندهم أمر مشترك بين الكافر والمؤمن

      ،ولم يفرد المؤمنين عندهم بتوفيق وقع به الإيمان منهم،

      والكفار بخذلان امتنع به الإيمان منهم

      ،ولو فعل ذلك لكان عندهم محاباة وظلما .
      الذين آمنوا هداهم الله


      ،فأثبتوا القضاء والقدر ،

      وعموم مشيئة الله للكائنات

      "وأثبتوا الأسباب والحكم

      ،والغايات والمصالح

      ،ونزهوا الله عزوجل أن يكون في ملكه مالا يشاء

      ،أو أن يقدر خلقه على ما لا يدخل تحت قدرته ولا مشيئته

      ،أو أن يكون شيء من أفعالهم واقعا بغير اختياره وبدون مشيئته .

      ،ومن قال ذلك لم يعرف ربه ،ولم يثبت له كمال الربوبية ..

      ونزهوه عن العبث وفعل القبيح

      ،وأن يخلق شيئا سدى

      ،وأن تخلو أفعاله عن حكم بالغة،

      لأجلها أوجدها

      ،وأسباب بها سببها

      ،وغايات جعلت طرقا

      ووسائل إليها

      ،وأن له في كل ما خلقه وقضاه حكمة بالغة ،

      وتلك الحكمة صفة له قائمة به

      ،ليست مخلوقة كما تقول القدرية النفاة للقدر والحكمة في الحقيقة .



      تهذيب مدارج السالكين
      ج1ص(352،349).

      .
      • القرآن جنتي
    • مشهد الأسماء والصفات

      كل اسم من أسمائه سبحانه له صفة خاصة ،

      فإن أسماءه أوصاف مدح وكمال

      ،وكل صفة لها مقتض وفعل إما لازم ،وإما متعد ،

      ولذالك الفعل متعلق بمفعول هو من لوازمه

      ،وهذا في خلقه وأمره وثوابه وعقابه وكل ذلك آثار الأسماء الحسنى وموجباتها.

      فاسمه الحميد المجيد الحكيم :

      يمنع ترك الأنسان سدى

      مهملا معطلا،

      لايؤمر ولا ينهى ،

      ولا يثاب ولا يعاقب


      ،وكذلك اسمه المالك والحي :

      يمنع أن يكون معطلا من الفعل

      بل حقيقة الحياة الفعل

      ،فكل حي فعال

      ،وكونه سبحانه خالقا قيوما

      من موجبات حياته ومقتضياتها .

      واسمه السميع البصير

      يوجب مسموعا ومرئيا

      ،واسمه الرزاق والمالك

      يقتضي مملكة وتصرفا وتدبيرا

      ،وإعطاء ومنعا

      ،وإحسانا وعدلا

      ،وثوابا وعقابا

      ونحوذلك قي بقية الأسماء والصفات
      .

      إذا عرف هذا فمن أسمائه سبحانه ((الغفار ،التواب ،العفو))

      فلا بد لهذه الأسماء من متعلقات،

      ولا بد من جناية تغفر،

      وتوبةتقبل،

      وجرائم يعفى عنها

      ،ولابد لاسمه الحكيم من متعلق يظهر فيه حكمه ،

      إذ اقتضاء هذه الأسماء لآثارها

      كاقتضاء اسم (الخالق الرازق المعطي المانع )للمخلوق والمرزوق والمعطي والممنوع

      ،وهذه الأسماء كلها حسنى.

      والرب تعالى يحب ذاته وأوصافه وأسماءه ،فهو عفو يحب العفو

      ،ويحب المغفرة ،

      ويحب التوبة ،

      ويفرح بتوبة عبده حين يتوب إليه أعظم فرح يخطر بالبال.


      وكان تقدير ما يغفره ويعفو عن فاعله ،ويحلم به ،ويتوب عليه ويسامحه

      من موجبات أسمائه وصفاته

      ،وحصول ما يحبه ويرضاه من ذلك

      ،وما يحمد به نفسه ويحمده به أهل سماواته وأهل أرضه

      ماهو من موجبات كماله ومقتضى حمده.

      وهو سبحانه الحميد المجيد ،
      وحمده ومجده يقتضيان آثارهما .

      ومن آثارهما :

      مغفرة الزلات

      ،وإقالة العثرات

      ،والعفو عن السيئات ،

      والمسامحة على الجنايات

      ،مع كمال القدرة على استيفاء الحق ،والعلم منه سبحانه بالجناية ومقدار عقوبتها

      ،فحلمه بعد علمه ،

      وعفوه بعد قدرته

      ،ومغفرته عن كمال عزته وحكمته

      قال تعالى على لسان المسيح عليه السلام :
      ن تعذبهم فإنهم عبادك ،وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم }[المائدة:118].

      المغفره في الآية

      عن كمال قدرته وحكمته،ليس كمن يغفر عن عجز.

      ويسامح جهلا بقدر الحق

      ،بل أنت عليم بحقك

      ،قادر على استيفائه ،
      حكيم في الأخذ به.

      من تأمل في ذلك

      تبين له كمال الأسماء والصفات والأفعال ،وغايتها من مقتضى حمده ومجده.

      ،كما هو مقتضى ربوبيته وإلهيته .وتعبد الخلق له بأسمائه الحسنى .

      فكل اسم له تعبد خاص

      ،علما

      ومعرفة

      وحالا


      ،وأكمل الناس عبودية

      المتعبد بجميع الأسماء والصفات التي يطلع عليها البشر .

      ،فلا تحمله عبودية المعطي عن عبودية اسم المانع

      أو عبودية اسمه الرحيم والعفو والغفور عن اسمه المنتقم أو

      التعبد بأسماء

      (التودد ،والبر،واللطف،والإحسان))عن أسماء (العدل،والجبروت،والعظمة والكبرياء )

      ونحو ذلك .

      وهذه طريقة الكمل من السائرين إلى الله ،وهي طريقة مشتقة من قلب القرآن
      قال تعالى :{ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها }[الأعراف :180].

      والدعاء بها يشمل :

      دعاء المسألة

      ،ودعاء الثناء

      ،ودعاء التعبد

      وهو سبحانه يدعو عباده إلى

      أن يعرفوه بأسمائه وصفاته

      ،ويثنوا عليه بها ،

      ويأخذوا بحظهم من عبوديتها .


      وهو سبحانه يحب موجب أسمائه وصفاته
      فهو عليم بحب كل عليم
      جواد يحب كل جواد

      وتر يحب الوتر

      جميل يحب الجمال

      عفو يحب العفو

      حليم يحب أهل الحلم .

      فلمحبته سبحانه للتوبة والمغفرة والعفو والصفح:

      خلق من يغفر له

      ،ويتوب عليه

      ،ويعفو عنه ،.

      وقدر عليه ما يقتضي وقوع المكروه والمبغوض له

      ،ليترتب عليه المحبوب له المرضي له .


      ولهذا ينكر الله سبحانه وتعالى على من عطله عن أمره ونهيه

      ،وثوابه وعقابه ،وأنه بذلك نسبه إلى مالا يليق به .

      قال تعالى:{وماقدروا الله حق قدره إذ قالوا ما أنزل الله على بشر من شيء }
      [الأنعام :91].

      ونظائر هذا كثير في القرآن ينفي عن نفسه خلاف موجب أسمائه وصفاته.

      تهذيب مدارج السالكين
      .ج1ص(357،353)

      • القرآن جنتي
    • مشهد زيادة الإيمان وتعدد شواهده

      وهذا من ألطف المشاهد ،

      وأخصها بأهل المعرفة

      ،ولعل سامعه يبادر إلى إنكارهويقول:كيف يشهد زيادة الإيمان من الذنوب والمعاصي ؟
      لاسيما أن المعصية منقصة للإيمان .بإجماع أهل السلف .


      اعلم أن هذا حاصل من:

      التفات العارف إلى الذنوب والمعاصي منه ومن غيره.

      وإلى ترتيب آثارها عليها ،

      وترتب هذه الآثار عليها علم من أعلام النبوة .وبرهان صدق الرسل .

      قال تعالى :
      {من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبه ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون}[النحل :97].

      قال تعالى:{ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى }[طه:124،125].

      الإعراض عن آيات الله وعن آثار أسمائه وصفاته في الأنفس ،والآفاق والانسلاخ منها:

      هو الذي أركس الإنسان في ظلمات الجاهلية .
      ،ومكن لولاية الشيطان منه
      فاتبع وحيه الجاهلي الوثني

      واتخذ القرآن مهجورا

      ،فلم يحاول أن يتدبر آياته

      ولا أن يتلوه حق تلاوته

      ،لأنه زعم أنه ليس بحاجة إليه

      لا في عقيدة

      ولا

      عمل

      ولا خلق ولا حال

      ،وزاده غرورا ومخادعة

      بإيهامه أن تكرار ألفاظ القرآن للموتى وللتبرك

      ،واتخاذ المصحف تميمة يخرجه عن المعرضين عن ذكر الله .

      وفسرت المعيشة الضنك أنها في الحياة الدنيا والبرزخ

      ،فإن من أعرض عن الله

      فإن له ضيق الصدر ،

      ونكد العيش

      ،وكثرة الخوف

      ،وشدة الحرص

      ،والتعب على الدنيا،

      والتحسر على فواتها قبل حصولها وبعد حصولها ،

      والآلام التي في خلال ذلك مالا يشعر به القلب لسكرته

      ،وانغماسه في السكر

      ،فهو لايصحو ساعة إلا أحس وشعر بهذا الآلم ،

      فيبادر إلى إزالته بسكر ثاني ،فهو هكذا مدة حياته ،

      فقلوب أهل البدع والمعرضين عن القرآن ،وأهل الغفلة عن الله ،وأهل المعاصي

      في جحيم قبل الجحيم الأكبر


      وقلوب الأبرار في نعيم

      قال تعالى :{إن الأبرار لفي نعيم وإن الفجار لفي جحيم }[الأنفطار :14،13].

      وقد جعل الله سبحانه للحسنات والطاعات آثارا محبوبة

      لذيذة طيبة

      ،لذتها فوق لذة المعصية بأضعاف مضاعفة

      ،وجعل للسيئات والمعاصي آلاما وآثارا مكروهة

      وحزازات تربو على لذة تناولها بأضعاف مضاعفة .

      قال ابن عباس :

      (إن للحسنة نورا في القلب ،وضياء في الوجه ،وقوة في البدن،وزيادة في الرزق،ومحبة في قلوب الخلق،
      وإن للسيئة سوادا في الوجه ،وظلمة في القلب ،ووهنا في البدن،ونقصا في الرزق،وبغضة في قلوب الخلق)).


      وهذا يعرفه صاحب البصيرة ،ويشهد من نفسه ومن غيره .

      فما حصل للعبد حال مكروهة قط إلا بذنب ،وما يعفو الله عنه أكثر .

      قال تعالى :{وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير }[الشورى:30].

      فكل نقص وبلاء وشر في الدنيا والآخرة ،فسببه الذنوب

      ومخالفة أوامر الرب

      ،فليس في العالم شر قط إلا الذنوب وموجباتها ..

      وآثار الحسنات والسيئات في القلوب والأبدان والأموال

      أمر مشهود في العالم يعرفه المؤمن والكافر ،والبر والفاجر .

      قال بعض الناس إذا صدر مني ذنب ولم أبادره ،ولم أدركه بالتوبة

      انتظرت أثره السيء

      فإذا أصابني كما حسبت

      أكثرت قوله :أشهد أن لا إله إلا الله ،وأشهد أن محمدا رسول الله .

      ويكون ذلك من شواهد الإيمان وأدلته

      فإن الصادق متى أخبرك أنك إذا فعلت كذا وكذا ترتب عليه من المكروه كذا وكذا


      ،جعلت كلما فعلت شيئا من ذلك ،وحصل لك ما قال من المكروه

      ،لم تزدد إلا علما بصدقه وبصيرة فيه.

      ،وليس هذا لكل أحد ،بل أكثر الناس ترين الذنوب على قلبه

      ،فلا يشهد شيئا من ذلك ولن يشعر به ألبتة ..

      وإنما يكون هذا لقلب

      فيه نور الإيمان

      وأهوية الذنوب والمعاصي تعصف فيه ،فهو يشاهد هذا وهذا

      ،ويرى حال مصباح إيمانه مع قوة تلك الأهوية والرياح ،


      الذنوب مثل السموم مضرة بالذات

      ،فإن تداركها من سقي بالأدوية المقاومة ،

      وإلا قهرت القوة الإيمانية

      وكان الهلاك

      ،كما قال بعض السلف: (المعاصي بريد الكفر،كما أن الحمى بريد الموت)).


      العبد إذا نقص حاله بمعصية

      ،تغيرت القلوب عليه وجفولها

      ،وانسدت الأبواب في وجهه

      ،وتوعرت المسالك عليه

      ،وهان على أهل بيته وأولاده وزوجته وإخوانه ،

      علم من أين أتى ذلك كله ..

      فإن أقلع وباشر الأسباب التي تفضي به إلى ضده هذه الحال

      ،رأى العز بعد الذل

      .،والغنى بعد الفقر

      ،والسرور بعد الحزن

      ،والأمن بعد الخوف

      ،والقوة في قلبه بعد ضعفه ووهنه

      ازداد إيمانا مع إيمانه


      ،فتقوى شواهد الإيمان في قلبه ،وبراهينه ،وأدلته في حال معصيته وطاعته.

      فهذا من الذين قال فيهم

      الله سبحانه:{ليكفر الله عنهم أسوأ الذي عملوا ويجزيهم أجرهم بأحسن الذي كانوا يعملون }[الزمر :35].

      وصاحب هذا المشهد متى تبصر فيه ،وأعطاه حقه

      صار من أطباء القلوب العالمين بدائها ودوائها ،

      فنفعه الله في نفسه

      ونفع به من شاء من خلقه .

      تهذيب مدارج السالكين
      ج1ص(362،357).
      • القرآن جنتي
    • مشهد الرحمة

      العبد إذا وقع في الذنب

      خرج من قلبه تلك الغلظة والقسوة ،والكيفية الغضبية التي كانت عنده لمن صدر منه الذنب،

      حتى لو قدر عليه لأهلكه ،

      وربما دعا عليه أن يهلكه ويأخذه

      ،غضبا منه لله

      ،وحرصا على أن لا يعصي

      ،فلا يجد في قلبه رحمة للمذنبين الخاطئين

      ،ولا يراهم إلا بعين الاحتقار والازدراء ،ولا يذكرهم إلا بلسان الطعن فيهم

      ،فإذا جرت عليه المقادير وخلي ونفسه استغاث الله والتجأ إليه ،ودعاه دعاء المضطر

      ،تبدلت تلك الغلظة على المذنبين رقة ،وتلك القساوة على الخاطئين رحمة ولينا مع قيامه بحدود الله

      ،وتبدل دعائه عليهم دعاء لهم يسأل الله أن يغفر لهم .


      مسكين هذا العاجز

      ثم يشهد الضعف ،

      وأنه أعجز شيء عن حفظ نفسه وأضعفه وأنه لا قوة له ولا قدرة ولاحول إلا بربه.

      ،فيشهد قلبه كريشة بأرض فلاة تقلبها الرياح يمينا وشمالا ،

      تجري عليه أحكام القدر

      .لا يردها عنه إلا الله سبحانه.

      فالعبد ملقى بين يدي الله وبين أعدائه ،من شياطين الإنس والجن ،


      فإن حماه منهم وكفهم عنه

      لم يجدوا إليه سبيلا،

      وإن تخلى عنه ووكله إلى نفسه طرفة عين لم ينقسم عليهم ،بل هو نصيب من ظفر به منهم .

      قال احدهم: من عرف نقسه عرف ربه ولها ثلاث تأويلات :

      1.أن من عرف نفسه بالضعف
      عرف ربه بالقوة

      ومن عرفها بالعجز
      عرف ربه بالقدرة ،

      ومن عرفها بالذل
      عرف ربه بالعز .

      ،ومن عرفها بالجهل
      عرف ربه بالعلم ،فإن الله سبحانه استأثر بالكمال المطلق .

      2.أن من نظر إلى نفسه وما فيها من الصفات الممدوحة من القوة والإرادة

      والكلام والمشيئة والحياة


      ،عرف أن من أعطاه ذلك وخلقه فيه أولى به فمعطي الكمال أحق بالكمال .


      3.أن هذا من باب النفي :

      أي كما أنك لا تعرف نفسك التي هي أقرب الأشياء إليك ،

      فلا تعرف حقيقتها

      ،ولا ماهيتها

      ولا كيفيتها

      ،فكيف تعرف ربك وكيفية صفاته .


      تهذيب مدارج السالكين
      ج1 ص(364،362)

      • القرآن جنتي


    • [INDENT]استشعار الافتقار لله

      يشهد في كل ذرة من ذراته الباطنة والظاهرة ضرورة تامة
      وافتقارا تاما إلى ربه ووليه ،ومن بيده صلاحه وفلاحه ،وهداه وسعادته
      وهذه الحقيقة لا تدرك بالكلام وإنما تدرك بالحصول
      ،فيحصل لقلبه

      كسرة خاصة لا يشبهها شيء

      وأنه لا يرغب في مثله

      ،وأنه لا يصلح للانتفاع

      إلا بجبر جديد من صانعه وقيمه،
      فحينئذ يستكثر ما من ربه إليه من الخير ،ويرى أنه لا يستحق قليلا منه ولا كثيرا.

      ،فأي خير ناله من الله استكثره على نفسه ،

      وعلم أن قدره دونه ،

      وأن رحمة ربه هي التي اقتضت ذكره به ،وسياقه إليه

      ،واستقل ما من نفسه من الطاعات لربه،

      ورآها ولو ساوت طاعات الثقلين من أقل ما ينبغي لربه عليه

      ،واستكثر قليل معاصيه وذنوبه

      فإن الكسرة التي حصلت لقلبه أوجبت له هذا كله.

      فما أقرب الجبر من هذا القلب المكسور !

      وما أدنى النصر والرحمة والرزق منه !

      وما أنفع هذا المشهد له وأجداه عليه!

      وذرة من هذا أحب إلى الله من طاعات أمثال الجبال من المدلين المعجبين بأعمالهم وعلومهم وأحوالهم .

      فإذا تمكن منه هذا الشعور من قلبه ،وباشره

      ذاق طعمه وحلاوته

      ،ترقى إلى مشهد العبودية والمحبة ،والشوق إلى لقائه

      ،والابتهاج به

      ،فتقر به عينه،

      ويسكن إليه قلبه ،

      وتطمئن إليه جوارحه

      ،ويستولي ذكره على لسان محبه وقلبه فتصير خطرات المحبة مكان خطرات المعصية

      ،وإرادات التقرب إليه وإلى مرضاته،وحركات السان والجوارح بالطاعات ،مكان حركاتها بالمعاصي

      ،قد امتلأ قلبه من محبته ،

      ولهج لسانه بذكره،وانقادت الجوارح لطاعته ،

      فإن هذه الكسرة الخاصة لها تأثير عجيب في المحبة لا يعبر عنه.

      قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :من أراد السعادة الأبدية ،فليلزم عتبة العبودية .

      اعلم أن العبد كلما طالع منن ربه سبحانه عليه قبل الذنب ،وفي حال مواقعته ،وبعده.وبره به وحلمه عنه ،وإحسانه إليه،

      هاجت من قلبه لواعج محبته والشوق إلى لقائه

      ،فإن القلوب مجبولة على حب من أحسن إليها .


      وأي إحسان أعظم من إحسان من يبارزه العبد بالمعاصي ،وهو يمده بنعمه ،ويعامله بألطافه،ويسبل عليه ستره .

      تهذيب مدارج السالكين .
      ج1ص(369،365)
      [/INDENT]
      • القرآن جنتي
    • منزلة اللإنابة

      الإنابة بمعنى الأسراع والتقدم .

      والمنيب إلى الله المسرع إلى مرضاته .الراجع إليه كل وقت ،المتقدم إلى محابه.

      وفي اللغة بمعنى الرجوع .

      وهنا بمعنى الرجوع إلى الحق .


      تأتي منزلة الإنابة بعد منزلة التوبة

      1.وقد أمر الله تعالى بها {وأنيبوا إلى ربكم }[الزمر:54].

      2.،وأثنى على خليله بها

      فقال:{إن إبراهيم لحليم أواه منيب }
      [هود :75].

      3.وأخبر أن آياته إنما يتبصر بها ويتذكر أهل الإنابة

      فقال :{أفلم ينظروا إلى السماء فوقهم كيف بنيناها وزيناها}[ق:5].

      4.وأخبر أن ثوابه وجنته لأهل الخشية والإنابة

      فقال :{وأزلفت الجنة للمتقين غير بعيد هذا ماتوعدون لكل أواب حفيظ
      من خشي الرحمن بالغيب وجاء بقلب منيب ادخلوها بسلام
      }[ق:34،31].

      والإنابة إنابتان:

      إنابة ربوبية :

      وهي إنابة المخلوقات كلها ،يشترك بها المؤمن والكافر ،والبر والفاجر .

      قال تعالى :{وإذا مس الناس ضر دعوا ربهم منيبين إليه }[الروم :33].

      فهذا عام في كل داع أصابه ضر


      ،وهذه الإنابة لا تستلزم الإسلام .

      ويكون حالهم بعد الإنابة
      كما قال تعالى :{ثم إذا أذاقهم منه رحمة إذا فريق منهم بربهم يشركون ليكفروا بما آتيناهم }[الروم :34،33].

      الإنابة الثانية :

      هي إنابة أوليائه

      ،وهي إنابة لآلهيته ،إنابة عبودية ومحبه.

      وتتضمن أربعة أمور:

      1.محبته

      2.الخضوع له

      3.الإقبال عليه

      4.الإعراض عما سواه .

      ،فلا يستحق اسم المنيب

      إلا من اجتمعت فيه هذه الأربع .

      رجوع الأصلاح

      ويستقيم الرجوع بثلاثة أشياء :

      1.بالخروج من التبعات :

      وهو بالتوبة من الذنوب التي بين العبد وبين الله ،

      وأداء الحقوق التي عليه للخلق .


      2.التوجع للعثرات :

      إذا عثر ،فيتوجع قلبه وينصدع

      ،وهذا دليل على إنابته إلى الله

      ،بخلاف من لا يتألم قلبه

      ،ولا ينصدع من عثرته

      ،فإنه دليل على فساد قلبه وموته .

      وأيضا أن يتوجع لعثرة أخيه المؤمن إذا عثر

      حتى كأنه هو الذي عثر بها

      ولايشمت به

      ،فهو دليل على رقة قلبه وإنابته .

      3.استدراك الفائتات :

      وهو استدراك مافاته من طاعة وقربه بأمثالها أو خير منها
      لا سيما عند قرب رحيله إلى الله

      ،فبقية عمر المؤمن لاقيمة لها
      ،يستدرك بها مافات ويحيي بها ما أمات .

      تهذيب مدارج السالكين
      ج1ص(375،371).
      • القرآن جنتي
    • الرجوع وفاء بالعهد

      العبد إذا صفت له الإنابة إلى ربه

      ،تخلص من الفكرة في لذة الذنب

      ،وعاد مكانها ألما وتوجعا لذكره،والفكرة فيه

      ،فما دامت لذة الفكرة فيه موجودة في قلبه ،فإنابته غير صافية .


      فأي الحالين أفضل ؟
      حال من:

      يجد لذة الذنب في قلبه

      ،فهو يجاهدها لله ،

      ويتركها من خوفه ومحبته وإجلاله .


      ،أو حال من:

      ماتت لذة الذنب في قلبه

      وصار مكانها ألما وتوجعا

      وطمأنينة إلى ربه ،وسكونا إليه ،والتلذاذا بحبه ،وتنعما بذكره؟.

      قيل هذا أكمل وأرفع ،

      وغاية صاحب المجاهدة يجاهد نفسه حتى يصل إلى مقام هذا ومنزلته .


      فإن قيل :

      فأين أجر
      مجاهدة صاحب اللذة

      ،وتركه محابة لله وإيثاره رضا الله على هواه؟

      الجواب :
      بهذا كان النوع الأنساني أفضل من النوع الملكي عند أهل السنة وكانوا خير البرية .


      المطمئن

      قد استراح من ألم هذه المجاهدة
      وعوفي منها

      ،فبينهما من التفاوت ما بين درجة المعافى والمبتلى .

      النفس لها ثلاثة أحوال :

      1.الأمر بالذنب

      2. اللوم عليه .

      3.الندم منه .



      ثم الطمأنينة إلى ربها والأقبال بكليتها عليه .

      وهي ما يشمر إليها المجاهد. .

      وما يحصل للمطمئن

      من الأحوال والعبودية والأيمان

      فوق ما يحصل لهذا المجاهد نفسه في ذات الله ،

      وإن كان أكثر عملا

      ،فقدر عمل المطمئن المنيب

      بجملته

      وكيفيته أعظم

      ،وإن كان هذا المجاهد أكثر عملا

      ،وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء .


      فما سبق الصديق الصحابة بكثرة عمل .وقد كان فيهم من هو أكثر صياما وحجا وقراءة وصلاة منه

      .ولكنه بأمر قام بقلبه

      فأفضل الأعمال الإيمان بالله

      ،والجهاد أشق منه

      وهو تاليه في الدرجة

      ودرجة الصديقين أعلى من درجة المجاهدين والشهداء.

      وجل ....دون يأس

      من علامات الإنابة :

      ترك الاستهانة بأهل الغفلة ،والخوف عليهم ،


      قال بعض السلف :
      لن تفقه كل الدين حتى تمقت الناس في ذات الله ،ثم ترجع إلى نفسك فتكون لها أشد مقتا..

      وهذا الكلام لا يفقه معناه إلا الفقيه في دين الله..

      فمن شهد

      اقبال الناس على غير الله

      وبيعهم حظهم من الله بأبخس الثمن

      لم يجد بدا من مقتهم ،

      ولا يمكنه غير ذلك ألبتة

      .وإذا رجع لنفسه كان أشد مقتا .


      علل تمنع وصول العمل لله

      1.بين العمل وبين القلب مسافة ،فيكون الرجل كثير العمل

      وما وصل منه إلى قلبه

      لامحبة
      . ولا خوف ولا رجاء

      ،ولا زهد في الدنيا ،

      ولا رغبة في الآخرة

      .،ولا نور يفرق بين أولياء الله وأعدائه ،ولا قوة في أمره
      .

      ،فلو وصل أثر الأعمال إلى قلبه
      لاستناروأشرق


      .2.بين القلب وبين الرب مسافة ،

      من كبر

      وإعجاب

      وإدلال

      ،ورؤية العمل ،

      ونسيان المنة ،


      ومن رحمة الله تعالى

      سترها على أكثر العمال
      .

      تهذيب مدارج السالكين
      ج1ص(378،375).
      • القرآن جنتي


    • هل حالك يصدق مقالك

      يستقيم الرجوع لله بثلاثة أشياء:

      1.بالإياس من عملك

      2.معاينة اضطرارك .

      3.رؤية لطفه بك .

      فتيأس من النجاة بعملك،

      وترى النجاة

      هي برحمته تعالى وفضله

      كما في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه

      قال:
      ((لن ينجي أحد منكم عمله،قالوا :ولا أنت يارسول الله ؟قال:ولا أنا ،إلا أن يتغمدني الله برحمة منه وفضل))

      أما معاينة الاضطرار

      فإنه إذا أيس من عمله شهد أن الله عزوجل غني بالذات

      ،فإن الغنى وصف ذاتي للرب

      ،والفقر والحاجة والضرورة وصف ذاتي للعبد .

      قال شيخ الإسلام ابن تيمية :

      والفقر لي وصف ذات لازم أبدا
      كما الغنى أبدا وصف له ذاتي .


      وعلى العبد أن

      ينظر إلى إلطاف الله

      ويعلم أن كل ما هو فيه وما يرجوه وماتقدم له لطف من الله به

      ومنة من بها عليه

      .وصدقة تصدق بها عليه

      بلا سبب منه

      ،إذ هو المحسن بالسبب والمسبب

      ،والأمر له من قبل ومن بعد ..

      تهذيب مدارج السالكين
      ج1ص(379).
      • القرآن جنتي

    • منزلة التذكر

      التذكر قرين الإنابة قال تعالى :{وما يتذكر إلا من ينيب}[غافر،13].

      وهما يثمران أنواع المعارف ،وحقائق الإيمان والإحسان ،

      والعارف لايزال يعود بتفكره على تذكره ،وبتذكره على تفكره

      حتى يفتح قفل قلبه .


      قال الحسن البصري :مازال أهل العلم يعودون بالتذكر على التفكر ،وبالتفكر على التذكر ،ويناطقون القلوب حتى تنطق ..

      والتذكر ضد النسيان :

      وهو حضور صورة المذكور العلمية في القلب ولحصوله بعد مهلة وتدرج،كالتبصر والتفهم والتعلم .

      فمنزلة التذكر من التفكر منزلة حصول الشيء بعد التفتيش عليه .


      ولهذا كانت آيات الله المتلوة والمشهودة ذكرى قال تعالى {وإنه لتذكرة للمتقين }[الحاقة :48]..

      {أفلم يينظروا إلى السماء فوقهم كيف بنيناها وزيناها وما لها من فروج
      والأ·رض مددناها وألقينا فيها رواسي وأنبتنا فيها من كل زوج بهيج تبصرة وذكرى لكل عبد منيب}
      [ق:8،6].

      ف(التبصرة))آلة البصر

      ،((والتذكرة))آله الذكر .

      وقرن بينهما وجعلهما لأهل الإنابة.

      لأن العبد إذا أناب إلى الله أبصر مواقع الأيات والعبر

      ،فاستدل بها على ماهي آيات له

      ،فزال عنه الأعراض بالإنابة .والعمى بالبصيرة ،والغفلة بالتذكرة ،


      لأن التبصرة توجب له حصول صورة المدلول في القلب بعد غفلته عنها

      ،فترتيب المنازل الثلاث أحسن ترتيب ،
      ثم إن كلا منها يمد صاحبه ويقويه ويثمره

      الناس ثلاثة

      1.رجل قلبه ميت :فذلك الذي لا قلب له ،فهذا لا تنفع معه اللآيات ولا تحصل له الذكرى .

      2.رجل له قلب حي مستعد،لكنه غير مستمع للآيات المتلوة ،التي يخبر بها الله عن الآيات المشهودة .

      إما لعدم ورودها

      أو لوصولها إليه

      ،ولكن قلبه مشغول عنها بغيرها

      ،فهو غائب القلب ليس حاضرا

      ،فهذا أيضا تحصل له الذكرى،مع استعداده ووجود قلبه .

      3.رجل حي القلب مستعد ،تليت عليه الآيات فأصغى بسمعه ،وألقى السمع

      وأحضر قلبه ،ولم يشغله بغير فهم مايسمعه،

      فهو شاهد القلب ،ملق السمع

      ،فهذا الذي ينتفع بالآيات المتلوة والمشهودة .


      فالأول بمنزلة الأعمى الذي لايبصر

      والثاني بمنزلة البصير الطامح ببصره إلى

      غير جهة المنظور إليه ،فكلاهما لايراه .

      والثالث :بمنزلة البصير الذي قد حدق إلى جهة المنظور وأتبعه بصره ،فهذا الذي يراه.

      اعلم أن الرجل قد يكون له قلب وقاد مليء باستخراج العبر ،

      واستنباط الحكم ،

      فهذا قلبه يوقعه على التذكر والاعتبار.


      ،فإذا سمع الآيات

      كانت له نور على نور

      ،وهؤلاء أكمل خلق الله،

      وأعظمهم إيمانا وبصيرة ،

      حتى كأن الذي أخبرهم به الرسول مشاهد لهم .


      فصاحب هذا القلب

      إذا سمع الآيات وفي قلبه نور من البصيرة

      ازداد بها نورا إلى نوره .


      فإن لم يكن للعبد مثل هذا القلب

      فألقى السمع

      وشهد قلبه

      ولم يغب

      حصل له التذكر أيضا {فإن لم يصبها وابل فطل}[البقرة:265].

      والوابل والطل في جميع الأعمال وآثارها ،وموجباتها

      .فكل مؤمن يرى هذا

      ولكن رؤية أهل العلم له لون

      ،ورؤية غيرهم له لون آخر .


      .{ويرى الذين أوتوا العلم الذي أنزل إليك من ربك هو الحق ويهدي إلى صراط العزيز الحميد}[سبأ:6]..

      تهذيب مدارج السالكين
      ج1ص(384،381).
      • القرآن جنتي


    • تفكر يقود إلى صالح العمل

      أبنية التفكر ثلاثة :

      أولا :الانتفاع بالعظة
      هو أن يقدح في القلب قادح الخوف والرجاء فيتحرك للعمل ،طلبا للخلاص من الخوف
      ،ورغبة في حصول المرجو .


      ((العظة)) هي الأمر والنهي ،المعروف بالترغيب والترهيب

      .وهي نوعان:

      1.عظة بالمسموع :

      وهي الانتفاع بما يسمعه من الهدى والرشد ،من كل ناصح ومرشد في مصالح الدين والدنيا .

      2.العظةبالمشهود:

      الانتفاع بما يراه ويشهده في العالم من مواقع العبر وأحكام القدر

      ،ومجاريه ومايشاهده من آيات الله الدالة على صدق رسله.


      ثانيا:.الاستبصار بالعبرة:

      :هو زيادة البصيرة عما كانت في منزل التفكر بقوة الاستحضار

      لأن التذكر يعتقل المعاني التي حصلت بالتفكر في مواقع الآيات والعبر

      فهو يظفر بها بالتفكر ،

      وتنصقل له وتنجلي بالتذكر

      ،فيقوى العزم على السير

      بحسب قوة الاستبصار

      لأنه يوجب تحديد النظر فيما يحرك المطلب

      إذ الطلب فرع الشعور

      فكلما قوي الشعور بالمحبوب

      اشتد سفر القلب إليه ،

      وكلما اشتغل الفكر به ازداد الشعور به ،والبصيرة فيه ،والتذكر له.


      ثالثا:الظفر بثمرة الفكرة:

      ولها ثمرتان:

      1.حصول المطلوب تاما بحسب الأمكان ،

      2.العمل بموجبه رعاية لحقه .


      فإن القلب حال التفكر كان قد كل بأعمال في تحصيل المطلوب

      ،فكلما حصلت له المعاني

      وتخمرت في القلب

      ،واستراح العقل

      عاد فتذكر ماكان حصله وطالعه

      ،فابتهج به وفرح به

      وصحح في هذه المنزلة ما كان فاته في منزل التفكر

      .فأخذ حينئذ في الثمرة المقصودة

      ،وهي العمل بموجبه مراعاة لحقه

      ،فإن العمل الصالح هو ثمرة العلم النافع ،الذي هو ثمرة التفكر .

      مثال ذلك :طالب المال ما دام جادا في طلبه ،فهو في كلال وتعب ،
      حتى إذا ظفر به استراح من كد الطلب ،وقدم من سفر التجارة،فطالع ماحصله وأبصره ،
      وصحح في هذا الحال ما عساه غلط في حال اشتغاله بالطلب ،
      فإذا صح له وبردت غنيمته له ،أخذ في صرف المال في وجوه الانتفاع المطلوبة منه .


      تهذيب مدارج السالكين
      ج1ص(385،384)
      • القرآن جنتي
    • تفكر يقود إلى صالح العمل


      أبنية التفكر ثلاثة :


      أولا :الانتفاع بالعظة

      هو أن يقدح في القلب قادح الخوف والرجاء فيتحرك للعمل ،طلبا للخلاص من الخوف
      ،ورغبة في حصول المرجو .





      ((العظة))



      هي الأمر والنهي ،المعروف بالترغيب والترهيب


      .وهي نوعان:


      1.عظة بالمسموع :


      وهي الانتفاع بما يسمعه من الهدى والرشد ،من كل ناصح ومرشد في مصالح الدين والدنيا .


      2.العظةبالمشهود:


      الانتفاع بما يراه ويشهده في العالم من مواقع العبر وأحكام القدر

      ،ومجاريه ومايشاهده من آيات الله الدالة على صدق رسله.



      ثانيا:.الاستبصار بالعبرة:


      :هو زيادة البصيرة عما كانت في منزل التفكر بقوة الاستحضار

      لأن التذكر يعتقل المعاني التي حصلت بالتفكر في مواقع الآيات والعبر

      فهو يظفر بها بالتفكر ،

      وتنصقل له وتنجلي بالتذكر


      ،فيقوى العزم على السير

      بحسب قوة الاستبصار


      لأنه يوجب تحديد النظر فيما يحرك المطلب

      إذ الطلب فرع الشعور

      فكلما قوي الشعور بالمحبوب

      اشتد سفر القلب إليه ،

      وكلما اشتغل الفكر به ازداد الشعور به ،والبصيرة فيه ،والتذكر له.



      ثالثا:الظفر بثمرة الفكرة:


      ولها ثمرتان:


      1.حصول المطلوب تاما بحسب الأمكان ،

      2.العمل بموجبه رعاية لحقه .



      فإن القلب حال التفكر كان قد كل بأعمال في تحصيل المطلوب

      ،فكلما حصلت له المعاني

      وتخمرت في القلب

      ،واستراح العقل

      عاد فتذكر ماكان حصله وطالعه

      ،فابتهج به وفرح به


      وصحح في هذه المنزلة ما كان فاته في منزل التفكر

      .فأخذ حينئذ في الثمرة المقصودة

      ،وهي العمل بموجبه مراعاة لحقه

      ،فإن العمل الصالح هو ثمرة العلم النافع ،الذي هو ثمرة التفكر .


      مثال ذلك :طالب المال ما دام جادا في طلبه ،فهو في كلال وتعب ،

      حتى إذا ظفر به استراح من كد الطلب ،وقدم من سفر التجارة،فطالع ماحصله وأبصره ،

      وصحح في هذا الحال ما عساه غلط في حال اشتغاله بالطلب ،

      فإذا صح له وبردت غنيمته له ،أخذ في صرف المال في وجوه الانتفاع المطلوبة منه .



      تهذيب مدارج السالكين
      ج1ص(385،384)
      • القرآن جنتي
    • شروط استبصار العبرة

      العبرة هي الاعتبار :

      وحقيقتها العبور من حكم الشيء إلى حكم مثله ،

      فإذا رأى من قد أصابته محنة وبلاء لسبب ارتكبه ،

      علم أن حكم من ارتكب ذلك السبب كحكمه.


      تستبصر العبرة بثلاثة أشياء :

      1.بحياة العقل:هي صحة الإدراك

      ،وقوة الفهم وجودته ،

      وتحقق الانتفاع بالشيء

      والتضرر به ،

      وهو نور يخص الله به من يشاء من خلقه .ويتفاوت الناس فيه في وجوده وعدمه .

      2.معرفة الأيام :

      -بأن يعلم قصرها

      ،وأنها أنفاس معدودة منصرمة

      كل نفس منها يقابله آلآف من السنين في دار البقاء .

      وهي كمدة المنام لمن له عقل حي وقلب واع،

      فما أولاه أن لا يصرف منها نفسا إلا في أحب الأمور إلى الله

      .فلو صرفه فيما يحبه وترك الأحب لكان مفرطا،

      فكيف إذا صرفه فيما لا ينفعه ويمقته عليه ربه ،؟.

      -تذكر أيام الله التي أمر رسله بتذكير رسله بتذكير أممهم ،

      قال تعالى:{ولقد أرسلنا موسى بآياتنا أن أخرج قومك م
      ن الظلمات إلى النور وذكرهم بأيام الله }[إبراهيم :5].


      اي فذكرهم بالوقائع التي أوقعها الله بأعدائه ،ونعمه التي ساقها إلى أوليائه.

      وسميت هذه النعم والنقم أياما

      لأنها ظرف لها .ويقال فلان عالم بأيام العرب

      وأيام الناس أي الوقائع التي كانت في تلك الأيام .

      ومعرفة الأيام توجب للعبد استبصار العبر وبحسب معرفته بها تكون عبرته وعظته.

      قال تعالى {لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب }[يوسف :111].

      3.السلامة من الإعراض:

      من متابعة الهوى والانقياد لداعي النفس الأمارة بالسوء

      ،فإن اتباع الهوى يطمس نور العقل ،ويعمي بصيرة القلب

      ،ويصد عن اتباع الحق ،

      ويضل عن الطريق المستقيم ،

      فلا تحصل بصيرة معه ألبته .

      والعبد إذا اتبع هواه

      فسد رأيه ونظره

      ،فأرته نفسه الحسن في صورة القبيح والقبيح في صورة الحسن

      ،فالتبس عليه الحق بالباطل ،
      فأنى له الانتفاع بالتذكر ،أو التفكر ،أو بالعظة ؟.

      ثمرة الفكرة تجن

      ى بقصر الأمل
      .
      تجتنى ثمرة الفكرة بثلاثة أشياء :

      1.قصر الأمل:

      فهو العلم بقرب الرحيل

      وسرعة انقضاء مدة الحياة ،

      وهو من أنفع الأمور للقلب

      فإنه يبعثه على معافصة الأيام ،

      وانتهاز الفرص التي تمر مر السحاب ،ومبادرة طي صحائف الأعمال

      ،ويثير ساكن عزماته إلى دار البقاء ويحثه على جهاز سفره

      ،وتدارك الفارط،

      ويزهده في الدنيا

      ،ويرغبه في الآخرة

      .فيقوم في قلبه شاهد من شواهد اليقين يريه فناء الدنيا

      وسرعة انقضائها

      ،وقلة مابقي منها .

      قال تعالى :{ويوم يحشرهم كأن لم يلبثوا إلا ساعة من النهار يتعارفون بينهم }[يونس:45].

      2.تدبر القرآن

      3.تجنب مفسدات القلب الخمسة .

      تهذيب مدارج السالكين
      ج1ص(390،387).

      • القرآن جنتي

    • 2.تدبر القرآن يولد الأفكار

      التأمل في القرآن:
      هو تحديق ناظر القلب إلى معانيه ،وجمع الفكر على تدبره وتعلقه

      ،وهو المقصود يإنزاله

      ،لا مجرد تلاوته بلا فهم ولا تدبر


      قال تعالى:{كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته وليتذكر أولوا الألباب }[ص:29].

      اعلم أن أنفع شيء للعبد في معاشه ومعاده ،وأقرب إلى نجاته

      هو تدبر القرآن

      .وإطالة التأمل فيه

      وجمع الفكر على معاني آياته .

      فهي تعرفه الرب المدعو إليه

      ،وطريق الوصول إليه

      ،وما له من الكرامة إذا قدم عليه .

      گتعرفه ما يدعو إليه الشيطان

      والطريق الموصله إليه .

      وما للمستجيب لدعوته من الإهانة ومطالعتها

      .تشهده الآخرة حتى كأنه فيها

      وتغيبه عن الدنيا

      حتى كأنه ليس فيها

      وتميز له بين الحق والباطل في كل ما اختلف فيه العالم .

      فتريه الحق حقا ،والباطل باطلا.

      تعطيه فرقانا ونورا يفرق به بين الهدى والضلال والغي والرشاد

      تبصره بحدود الحلال والحرام

      وتوقفه عليها لئلا يتعداها

      تثبت قلبه عن الزيغ والميل عن الحق والتحويل ،

      تعطيه قوة في قلبه ،

      حياة واسعة

      وانشراحا وبهجة وسرورا .

      فيصير في شأن والناس في شأن آخر ..

      3.تجنب مفسدات القلب الخمسة

      1.كثرة الخلطه :

      فامتلاء القلب من دخان الناس بني آدم حتى يسود ،ويوجب له

      تشتتا وتفرقا

      وهما وغما

      وضعفا وحملا لما يعجز عن حمله من مؤنة قرناء السوء

      .وإضاعة مصالحه

      والاشتغال عنها بهم وبأمورهم

      .وتقسم فكره في أودية مطالبهم وإراداتهم

      فماذا يبقى منه لله والدار الآخرة ؟

      هذه الخلطة التي تكون على نوع مودة في الدنيا

      ،وقضاء وطر بعضهم من بعض

      تنقلب إذا حقت الحقائق عداوة

      ،ويعض المخلط عليها يديه ندما


      قال تعالى :{
      ويوم يعض الظالم على يديه يقول ياليتني اتخذت مع الرسول سبيلا
      يا ويلتى ليتني لم اتخذ فلانا خليلا لقد أضلني عن الذكر بعد إذ جاءني
      }[الفرقان:29،27].

      يتوادون ما داموا متساعدين على حصول منفعة

      ،فإذا انقطع ذلك الغرض

      أعقبه ندامة وحزنا وألما

      وانقلبت تلك المودة بغضا ولعنة

      ،وذما من بعضهم لبعض

      ،لما انقلب الغرض حزنا وعذابا

      .فكل متساعدين على باطل ،متوادين عليه

      لابد أن تنقلب مودتهما بغضا وعداوة .

      .الضابط النافع في خلطة الناس

      أن تكون المخالطة في الخير

      كالجمعة والجماعة

      والأعياد والحج

      وتعلم العلم والجهاد والنصيحة .

      ويعتزلهم في الشر

      وفضول المباحات

      ،فإن دعت الحاجة إلى خلطتهم في الشر د،ولم يمكنه اعتزالهم

      ،فالحذر الحذر أن يوافقهم

      ،وليصبر على أذاهم

      فإنهم لا بد أن يؤذوه

      إن لم يكن له قوة ولا ناصر .

      لكن أذى يعقبه عز ومحبة له وتعظيم ،وثناء عليه منهم ومن المؤمنين ومن رب العالمين

      وموافقتهم يعقبها ذل وبغض له ومقت وذم منهم ومن المؤمنين ومن رب العالمين .

      فالصبر على أذاهم خير وأحسن عاقبة وأحمد مآلا .

      ،وإن دعت الحاجة إلى خلطتهم في فضول المباحات.

      ،فليجتهد أن يقلب ذلك المجلس طاعة لله إن أمكنه ،

      ويشجع نفسه ويقوي قلبه

      ولا يلتفت إلى الوارد الشيطاني القاطع له عن ذلك

      ،بأن هذا رياء ومحبة لإظهار علمك وحالك .ونحو ذلك

      .فليحاربه وليستعن بالله ويؤثر فيهم الخير ما أمكنه .

      فإن عجز عن ذلك

      فليسل قلبه من بينهم كسل الشعر من العجين

      ،وليكن فيهم حاضرا غائبا ،قريبا بعيدا ،نائما يقظا

      ينظر إليهم ولا يبصرهم

      ،ويسمع كلامهم ولا يعيه


      لأنه قد أخذ قلبه من بينهم ورقى به إلى الملأ الأعلى

      ويديم اللجأ إليه ،

      والذكر الدائم بالقلب واللسان .



      نكمل باقي المفسدات الأيام المقبلة إن شاء الله وهي

      2.التمني

      3.التعلق بغير الله

      4.الشبع .

      5.المنام .

      تهذيب مدارج السالكين
      ج1ص(397،391).

      • القرآن جنتي
    • في التمني مزيد فساد

      اعلم رحمك الله أن القلب يفسد

      بركوبه بحر التمني

      وهو بحر لا

      ساحل له

      يركبه مفاليس العالم

      كماقيل :إن المنى رأس أموال المفاليس فلا تزال أمواج الأماني الكاذبة ،والخيالات الباطلة ،تتلاعب براكبه ،

      وكل حسب حاله ،من متمن للقدرة والسلطان والتطواف في البلدان أو للأموال والأثمان

      ،فيمثل المتمني صورة مطلوبة في نفسه وقد فاز بوصولها والتذ بالظفر بها

      ،فبينا هو على هذه الحال

      ،إذ استيقظ فإذا يده والحصير .


      صاحب الهمة العالية

      أمانيه حائمة حول العلم والإيمان والعمل الذي يقربه إلى الله ويدنيه جواره .

      فأماني هذا إيمان ونور وحكمة

      وأماني أولئك خدع وغرور.

      وقد مدح النبي صلى الله عليه وسلم متمني الخير ،

      وربما جعل أجره في بعض الأشياء كأجر فاعله ،

      كالقائل :لو أن لي مالا لعملت بعمل فلان الذي يتقي في ماله ربه،ويصل فيه رحمه ،ويخرج منه حقه
      ،وقال ((
      هما في الأجر سواء)).صحيح رواه الترمذي .


      تمام الخذلان في التعلق بغير الله

      المفسد الثالث للقلب

      التعلق بغير الله تبارك وتعالى

      ،وهذا أعظم مفسداته على الأطلاق .


      فإنه إذا تعلق بغير الله

      وكله الله إلى ما تعلق به

      ،وخذله من جهة ما تعلق به

      ،وفاته تحصيل مقصوده من الله عزوجل ،بتعلقه بغيره

      والتفاته إلى سواه

      ،فلا على نصيبه من الله حصل

      ،ولا إلى ما أمله ممن تعلق به وصل.

      قال تعالى :{واتخذوا من دون الله آلهة ليكونوا لهم عزا كلا سيكفرون بعبادتهم ويكونون عليهم ضدا}[مريم:82،81].

      اعظم الناس خذلانا

      من تعلق بغير الله

      فإن ما فاته من مصالحه وسعادته وفلاحه

      ،أعظم مما حصل له ممن تعلق به ،

      وهو معرض للزوال والفوات

      ،ومثل المتعلق بغير الله

      كمثل المستظل من الحر والبرد ببيت العنكبوت ،أوهن البيوت.

      وبالجملة :

      فأساس الشرك وقاعدته التي بني عليها التعلق بغير الله .

      قال تعالى :{لا تجعل مع الله إلها آخر فتقعد مذموما مخذولا}[الأسراء :22].

      النهم المميت

      من مفسدات القلب

      الطعام ،والمفسد له من ذلك نوعان :

      1.ما يفسده لعينه وذاته

      كالمحرمات وهي نوعان
      :

      محرمات لحق الله

      ،كالميتة والدم

      ،.ولحم الخنزير

      ،وذي الناب من السباع

      والمخلب من الطير

      ،ومحرمات لحق العباد

      كالمسروق

      والمغصوب

      والمنهوب

      ،وما أخذ بغير رضا صاحبه

      إما قهرا وإما حياء وتذمما.

      2.ما يفسد بقدره وتعدى حده ،

      كالإسراف في الحلال

      ،والشبع

      المفرط

      فإنه يثقله عن الطاعات

      ويشغله بمزاولة مؤنة البطنة

      ومحاولتها حتى يظفر بها

      فإذا ظفر بها شغله بمزاولة تصرفها ووقاية ضررها

      ،والتأذي بثقلها

      وقوي عليه مواد الشهوة

      وطرق مجاري الشيطان ووسعها

      فإنه يجري من ابن آدم مجرى الدم .فالصوم يضيق مجاريه

      ويسد عليه طرقه ،والشبع يطرقها ويوسعها

      ومن أكل كثيرا شرب كثيرا

      ،فنام كثيرا

      ،فخسر كثيرا


      وفي الحديث ((ما ملأ آدمي وعاء شرا من بطنه ،بحسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه
      ،فإن كان لابد فاعلا فثلث لطعامه ،وثلث لشرابه ،وثلث لنفسه))
      .
      حسن رواه أحمد والترمذي وابن ماجه والبغوي .عن المقداد .

      رقاد الغافلين

      النوم الكثير

      يميت القلب

      ،ويثقل البدن

      ،ويضيع الوقت ،

      ويورث كثرة الغفلة والكسل

      وله انواع :

      1.النوم المكروه

      الضار غير النافع للبدن

      2. النوم النافع

      ما كان عند شدة الحاجة إليه ونوم أول الليل أحمده وأنفع من آخره .

      ونوم وسط النها

      ر أنفع من طرفيه

      .وكلما قرب النوم من طرفين

      قل نفعه

      وكثر ضرره ولا سيما نوم العصر

      والنوم أول النهار إلا لسهران.

      3. المكروه النوم بين صلاة الصبح وطلوع الشمس

      ،فإنه وقت غنيمة

      ،فإنه أول النهار

      ومفتاحه ،

      ووقت نزول الأرزاق

      وحصول القسم

      وحلول البركة

      ،فينبغي أن يكون نومها كنوم المضطر .

      4.أعدل النوم وأنفعه :

      نوم نصف الليل الأول وسدسه الأخير وهو مقدار ثمان ساعات

      وهذا أعدل النوم عند الأطباء

      وما زاد أو نقص أثر عندهم في الطبيعة .

      5.ومن النوم الذي لا ينفع

      نوم أول النهار

      ،عقيب غروب الشمس ،

      حتى تذهب فحمة العشاء

      .وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم (كان يكره النوم قبل العشاء ..) رواه البخاري .

      وكثرة النوم تورث :

      سوء المزاج ويبسه

      انحراف النفس ،

      جفاف الرطوبات المعينة على الفهم والعمل
      .
      ويورث أمراضا متلفة لا ينتفع صاحبها بقلبه ولا بدنه معها .

      تهذيب مدارج السالكين .
      ج1ص(401،497)
      • القرآن جنتي
    • درجات الاعتصام

      1.اعتصام العامة بالخبر ، استسلاما وإذعانا
      ، بتصديق الوعد والوعيد وتعظيم الأمر والنهي ،وتأسيس المعاملة على اليقين والانصاف .

      فالعامة اعتصموا بالخبر الوارد عن الله،
      استسلاما من غير منازعة
      ، بل إيمانا

      وانقادوا إلى تعظيم الامر والنهي والأذعان لهما

      والتصديق بالوعد والوعيي وأسسوا معاملاتهم على اليقين لا على الشك والتردد

      وسلوك طريق الاحتياط.


      كما قال القائل :

      زعم المنجم والطبيب كلاهما لا تبعث الأجساد قلت إليكما .

      إن صح قولكما فلست بخاسر
      أو صح قولي فالخسار عليكما

      هذه طريق أهل الشك والريب .يقومون بالأمر والنهي احتياطا.

      وهذه الطريقة لا تنجي من عذاب الله

      ولاتحصل لصاحبها السعادة

      ولا توصله إلى المأمن .

      أهل الإيمان أسسوا معاملاتهم علي الإنصاف في معاملتهم لله ولخلقه .

      اعلم أن الإنصاف في معاملة الله أن يعطي العبودية حقها
      ، وأن لا ينازع ربه صفات إلهيته التي لا تليق بالعبد ولا تنبغي له :من العظمة
      والكبرياء والجبروت .


      ومن إنصافه لربه :
      أن لا يشكر سواه على نعمه وينساه
      ولا يستعين بها على معصية .


      لا علائق

      2.اعتصام الخاصة:هو إسبال الخلق عن الخلق بسطا .ورفض العلائق عزما .

      فإن حسن الخلق وتزكية النفس بمكارم الأخلاق :

      يدل على سعة قلب صاحبه ، وكرم نفسه وسجيته

      وفي هذا الوصف يكف الأذى ، ويتحمل الأذى .


      وأما رفض العلائق عزما :

      فهو العزم التام على رفض العلائق وتركها في ظاهره وباطنه .

      والأصل قطع علائق الباطن فمتى قطعها لم تضره علائق الظاهر ..


      فمتى كان المال في يدك وليس في قلبك لم يضرك ولو كثر

      ومتى كان في قلبك ضرك ولولم يكن في يديك منه شيء.

      قيل للإمام أحمد :أيكون الرجل زاهدا ومعه ألف دينار ؟
      قال نعم :على شريطة ألا يفرح إذا زادت ولا يحزن إذا نقصت
      .

      وقيل لسفيان الثوري :أيكون ذو المال زاهدا؟قال :نعم إن كان إذا زيد في ماله شكر ، وإن نقص شكر وصبر .

      3 اعتصام القرب لله وهو ذروة انواع اï»·عتصام .

      قرب العبد كقوله تعالى
      :{واسجد واقترب }[ العلق :19].

      وقوله ((من تقرب مني شبرا تقربت منه ذراعا ))

      وفي الحديث ((أقرب مايكون العبد من ربه وهو ساجد)).

      وفي الحديث الصحيح -لما ارتفعت أصواتهم بالتكبير مع النبي صلى الله عليه وسلم في السفر فقال :
      (ياأيها الناس ، أربعوا على أنفسكم ، إنكم لا تدعون أصم ولا غائبا، إن الذي تدعونه سميع قريب، أقرب إلى أحدكم من عنق راحلته)).

      تهذيب مدارج السالكين.
      ج1ص (308، 405).

    • منزلة الفرار

      قال تعالى:{ففروا إلى الله}[الذاريات :50].

      حقيقة الفرار :

      الهرب من شيء إلى شيء .

      وهو نوعان :

      1.فرار السعداء :←الفرار إلى الله عزوجل .

      ◇وهو فرار أوليائه.

      ○ قال ابن عباس في قوله تعالى {ففروا إلى الله}.↓

      ← فروا منه إليه

      ←واعملوا بطاعته


      ○وقال سهل بن عبدالله :↓

      ←فروا مما سوى الله إلى الله .


      ○وقال آخرون :اهربوا من عذاب الله إلى ثوابه باﻹيمان والطاعة .

      ◇وأدناه :

      ←الفرار من الجهل إلى العلم عقدا وسعيا ←ومن الكسل إلى التشمير جدا وعزما ، ←ومن الضيق إلى السعة ثقة ورجاء.

      2.فرار الأشقياء :الفرار منه لا إليه .

      ○انواع الجهل ○

      1.عدم العلم بالحق النافع .

      2.عدم العمل بموجبه ومقتضاه .


      ○فكلاهما جهل لغة وعرفا وشرعا وحقيقة

      ◇قال موسى :{أعوذ بالله أن أكون من الجاهلين }[البقرة:67].

      ◇وقال يوسف الصديق:

      {وإلا تصرف عني كيدهن أصب إليهن وأكن من الجاهلين}[يوسف:33].

      ◇قال تعالى :{إنما التوبة على الذين يعملون السوء بجهالة}[النساء:17].

      ○قال قتادة :أجمع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أن كل ماعصي الله به فهو جهالة .

      ◇وقال غيره :أجمع الصحابة أن كل من عصى الله فهو جاهل .

      ○فالفرار المذكور هو ↓

      ●الفرار من الجاهلين :

      ←من الجهل بالعلم إلى تحصيله ↓

      ◇، اعتقادا ومعرفة وبصيرة

      ●، ومن جهل العمل↓

      ← إلى السعي النافع والعمل الصالح

      ◇ قصدا وسعيا.


      ◇ثم يفر من إجابة داعي الكسل

      ← إلى داعي العمل والتشمير

      ● بالجد والاجتهاد .

      ◇و(الجد )ها هنا هو↓

      ←صدق العمل

      ←وإخلاصه من شوائب

      الفتور

      ←،، ووعود التسويف والتهاون.


      .وهو تحت السين وسوف وعسى ولعل ،

      ◇فهي أضر شيء على العبد ،

      ← وهي شجرة ثمرها الخسران والندامات .

      ○الفرق بين الجد والعزم○

      العزم
      :صدق اﻹرادة واستجماعها

      الجد:صدق العمل وبذل الجهد فيه .

      وقد أمر الله سبحانه وتعالى بتلقي أوامره بالعزم والجد

      قال تعالى:

      {وكتبنا له في اﻷلواح من كل شيء موعظة وتفصيلا لكل شيء فخذها بقوة }.
      [اﻷعراف :145].


      ○هروب العبد ○

      اعلم أن العبد يهرب

      من ضيق صدره بالهم والحزن والغم والمخاوف من جهة الدنيا .

      وماهو خارج من نفسه

      مما يتعلق بمصالح الدنيا

      ومصالح من يتعلق به

      .وما يتعلق بماله وبدنه وأهله وعدوه.

      يهرب من ضيق صدره بذلك كله

      إلى سعة فضاء الثقة بالله تبارك وتعالى .وصدق التوكل عليه

      وحسن الرجاء لجميل صنعه به

      ، وتوقع المرجو منه من لطفه وبره .

      ومن أحسن كلام العامة قولهم:

      لاهم مع الله

      قال تعالى :{ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب}[الطلاق:2، 3].

      ●قال الربيع بن خثيم :يجعل له مخرجا من كل ماضاق على الناس .

      وقال أبو العالية :مخرجا من كل شدة .

      وهذا جامع لشدائد الدنيا واﻵخرة .

      وكلما كان العبد حسن الظن بالله ،

      حسن الرجاء له ،

      صادق التوكل له ،

      فإن الله لا يخيب أمله فيه ألبته

      فإنه سبحانه وتعالى لا يخيب أمل آمل .ولا يضيع عمل عامل .

      اعلم أنه لا أنفع للعبد بعد اﻹيمان من ثقته بالله ورجائه له وحسن ظنه به .

      تهذيب مدارج السالكين


      ج1ص (411، 409).
      • القرآن جنتي
    • منزلة الإشفاق

      قال تعالى:{الذين يخشون ربهم بالغيب وهم من الساعة مشفقون}[اï»·نبياء:49].

      الإشفاق هو رقة الخوف:

      وهو خوف برحمة من الخائف لمن يخاف عليه

      .فنسبته إلى الخوف نسبة الرأفة إلى الرحمة

      ، فإنها ألطف الرحمة وأرقها.


      بدايتها :

      إشفاق على النفس أن تجمع العناد
      ،
      أو أن تسرع وتذهب إلى طريق الهوى والعصيان

      ومعاندة العبودية


      .ثم هو إشفاق على العمل أن يصير إلى الضياع.

      قال تعالى :{وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا}[الفرقان:23].

      قال تعالى:{
      أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ لَهُ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَأَصَابَهُ الْكِبَرُ وَلَهُ ذُرِّيَّةٌ ضُعَفَاءُ فَأَصَابَهَا إِعْصَارٌ فِيهِ نَارٌ فَاحْتَرَقَتْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ الآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ }[البقرة:266].


      قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه للصحابة رضي الله عنهم

      (فيمن ترون هذه الآية نزلت؟فقالوا الله أعلم ،

      فغضب عمر،وقال :قولوا نعلم ، أو لا نعلم،

      فقال ابن عباس:في نفسي منها شيء يا أمير المؤمنين،

      قال:ياابن أخي ، قل، ولا تحقرن نفسك،

      قال ابن عباس :ضربت مثلا لعمل ، قال عمر :أي عمل؟

      قال ابن عباس :لعمل ،

      قال عمر:لرجل غني ، يعمل بطاعة الله، فبعث الله إليه الشيطان، فعمل بالمعاصي حتى أغرق جميع أمواله)).

      ونهايته:

      إشفاق يصون سعيه عن العجب،

      ويكف عن مخاصمة الخلق، ويحمل صاحب الإرادة على حفظ الجد.

      أعلم أن العجب يفسد العمل ما يفسد الرياء العمل

      فيشفق على سعيه من هذا المفسد شفقة تصونه عنه .


      اعلم أن مخاصمة الخلق :

      مفسدة للخلق ،

      فيشفق على خلقه من هذا المفسد شفقة تصونه عنه .


      اعلم أن الإرادة

      يفسدها عدم الجد ،

      وهو الهزل واللعب

      فيشفق على إرادته مما يفسدها .

      فإذا صح عمله وخلقه وإرادته :استقام سلوكه وقلبه وحاله .

      تهذيب مدارج السالكين
      ج1ص (437، 438).

      • القرآن جنتي
    • منزلة السماع

      1.امر الله تعالى به ،قال تعالى :{واتقوا الله واسمعوا}[المائدة :108].

      2.أخبر أن البشرى لهم .{فبشر عباد الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه أولئك الذين هداهم الله وأولئك هم أولوا الإلباب}[الزمر :17، 18].

      3.أثنى على أهله قال تعالى :
      {
      ولو أنهم قالوا سمعنا وأطعنا واسمع وانظرنا لكان خيرا لهم وأقوم}[النساء:46].

      4.جعله دليل الخير فيهم وعدمه على عدم الخيرية قال تعالى :
      {
      ولو علم الله فيهم خيرا لأسمعهم ولو أسمعهم لتولوا وهم معرضون}[الأنفال :33 ].

      اعلم أن السماع، رسول الإيمان إلى القلب.وداعيه ومعلمه.

      فالسماع أصل العقل وأساس الإيمان الذي بني عليه .

      حقيقة السماع :

      تنبيه القلب على معاني المسموع وتحريكه عنها ، طلبا وهربا وحبا وبغضا، فهو حاد ،يحدو بكل أحد، إلى وطنه ومآلفه.

      أصناف الناس في السمع

      1.من يسمع بطبعه ونفسه وهواه فهذا حظه من مسموعه :ما وافق طبعه.

      2.من يسمع بحاله وإيمانه ومعرفته وعقله ، فهذا يفتح له من المسموع بحسب استعداده وقوته ومادته .

      3.من يسمع بالله ، لايسمع بغيره ، كما في الحديث ((فبي يسمع وبي يبصر )) وهذا أعلى سماعا وأصح .


      أنواع المسموع

      1.مسموع يحبه الله ويرضاه

      وأمر به عباده،

      وأثنى على أهله

      ، ورضي عنهم به .

      . وذم المعرضين عنه

      وجعلهم أضل من الأنعام وهم القائلين في النار :{لو كنا نسمع أو نعقل ما كنا في أصحاب السعير}[الملك :10].

      وهو سماع الآيات المتلوة التي أنزلت على رسوله .

      وهو على ثلاثة أنواع :
      1.سماع إدراك بحاسة الأذن
      قال تعالى :{إنا سمعنا قرآنا عجبا يهدي إلى الرشد فآمنا به}[الجن:1، 2].

      2.سماع فهم وعقل

      قوله :{يا قوم إنا سمعنا كتابا أنزل من بعد موسى }[الأحقاف:30].

      فهذا سماع إدراك اتصل به الإيمان والإجابة.

      3.سماع فهم وإجابة وقبول :

      وهو منفي عن أهل الإعراض والغفلة قال تعالى :
      {إن الله يسمع من يشاء وما أنت بمسمع من في القبور }[فاطر:22].
      {ولو علم الله فيهم خيرا لأسمعهم ولو أسمعهم لتولوا وهم معرضون}[الأنفال:23].

      لو علم الله في هؤلاء الكفار قبولا وانقيادا لأفهمهم .
      وإلا فهم قد سمعوا سمع الإدراك ((ولو أسمعهم لتولوا وهم معرضون)).


      2.مسموع مباح:

      مأذون فيه ،

      لا يحبه ولا يبغضه ،

      ولا مدح صاحبه ولاذم

      فحكمه حكم سائر المباحات:من المناظر ، والمشام ، والمطعومات ، والملبوسات المباحة .

      3.مسموع يبغضه ويكرهه .ونهى عنه ، ومدح المعرضين عنه.:

      1.وهو سماع كل مايضر العبد في قلبه ودينه

      .كسماع الباطل إلا إذا تضمن رده وإبطاله والاعتبار به . فإن الضد يظهر حسنه الضد .

      2.كسماع اللغو الذي مدح التاركين لسماعه والمعرضين عنه
      :{وإذا سمعوا اللغوا أعرضوا عنه }[القصص:55 ].

      ،3.سماع الغناء

      قال تعالى : {وإذا مروا باللغوا مروا كراما}[الفرقان:72].

      قال محمد بن الحنفية:هو الغناء ، وقال الحسن:أكرموا نفوسهم عن سماعه .

      قال ابن مسعود(الغناء ينبت النفاق في القلب كما ينبت الماء البقل)).

      قال ابن مسعود رضي الله عنه هو ((رقيةالزنا)).

      ڈقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
      (إنما نهيت عن صوتين أحمقين فاجرين:صوت ويل عند مصيبة ، وصوت مزمار عند نعمة )).


      تهذيب مدارج السالكين
      ج1ص (429، 415).
      • القرآن جنتي








    • منزلة الخشوع

      قال تعالى :{ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله ومانزل من الحق}[الحديد :16].

      قال ابن مسعود
      رضي الله عنه (ماكان بين إسلامنا وبين أن عاتبنا الله بهذه الآية إلا أربع سنين )).

      قال ابن عباس ((إن الله استبطأ قلوب المؤمنين ، فعاتبهم على رأس ثلاث عشرة سنة من نزول القرآن)) وقال تعالى

      :{قد أفلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون}
      [المؤمنون، 1، 2].

      الخشوع في أصل اللغة : الانخفاض والذل والسكون

      قال تعالى :{وخشعت الأصوات للرحمن}[طه:108].

      أي ذلت وسكنت وخضعت ، ومنه وصف الأرض بالخشوع ، وهو يبسها وانخفاضها ،

      وعدم ارتفاعها بالري والنبات قال تعالى:{ومن آياته أنك ترى الأرض خاشعة فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت وربت}[فصلت :39].


      خشوع القلب :قيامه بين يدي الرب بالخضوع والذل .

      وقيل الانقياد للحق .

      ومن علاماته :

      أن العبد إذا خولف ورد عليه بالحق ، استقبل ذلك بالقبول والانقياد.

      وقال الجنيد:الخشوع تذلل القلوب لعلام الغيوب..

      أجمع العارفون أن محل الخشوع القلب ،

      وثمرته على الجوارح

      ، وهي تظهر ، و ((رأى النبي صلى الله عليه وسلم رجلا يعبث بلحيته في الصلاة ، فقال :لو خشع قلب هذا لخشعت جوارحه)).

      وقال بعض العارفين :حسن أدب الظاهر عنوان أدب الباطن .

      ورأى بعضهم رجلا خاشع المنكبين والبدن .فقال :يافلان ، الخشوع هاهنا، وأشار إلى صدره ، لا ها هنا وأشار إلى منكبيه.

      كان حذيفة يقول
      (إياكم وخشوع النفاق، فقيل له:وماخشوع النفاق؟ قال:أن ترى الجسد خاشعا والقلب ليس بخاشع ))

      ورأى عمر بن الخطاب رضي الله عنه رجلا طأطأ رقبته في الصلاة ،

      فقال (ياصاحب الرقبة ، ارفع رقبتك ، ليس الخشوع في الرقاب، إنما الخشوع في القلوب)).

      ورأت عائشة رضي الله عنها ((شبابا يمشون ويتماوتون في مشيتهم ، فقالت لأصحابها :من هؤلاء؟

      فقالوا :نساك ، فقالت :كان عمر بن الخطاب إذا مشى أسرع ، وإذا قال أسمع ، وإذا ضرب أوجع ، وإذت أطعم أشبع ، وكان هو الناسك حقا))

      قال حذيفة رضي الله عنه(أول ماتفقدون من دينكم الخشوع وآخرما تفقدون من دينكم الصلاة ،
      ورب مصل لاخير فيه، ويوشك أن تدخل مسجد الجماعة ، فلا ترى فيهم خاشعا)).

      قال سهل :من خشع قلبه لم يقرب منه الشيطان .

      تهذيب مدارج السالكين


      ج1ص ( 439، 441)


      • القرآن جنتي