ملخص كتاب تهذيب مدارج السالكين لشيخ الإسلام أبن قيم الجوزي



    • رياضة خاصة الخاصة

      تجريد الشهود ، والصعود إلى الجمع ورفض المعارضات ، وقطع المعاوضات.

      أي أن تعبد الله تعالى ﻷنه أهل للعبادة وما اﻷجر والثواب ألا وعد الله تعالى لك عند العمل والترك.
      وقبول عملك من الله تعالى منته عليك .لا لحاجته إليها .بل هو فضل منه تعالى على عباده.سواء بالفعل أو الثواب.

      وأن يربط عبادته بالعوض.

      فمثلا يدعو ويطلب من الله تعالى ماشاء ﻷنه مأمور بطاعة الله ومن طاعته وحبه لله سؤاله
      .الجنة ونعيمها والثواب عليها ولا تعارض بينهما .



      واﻹيمان بالقضاء والقدر:جامع لجميع المقضيات والمقدورات، والشهود مترتب على هذا.

      فعلى قدر العمل يكون العطاء .فالإنسان يعمل بالدعاء لدفع القدر واﻷمر كله لله عزوجل في صرفه او تبديله .
      فلا يتسخط على أقدار الله في عباده
      .

      ولا يشتكي لخلقه في النقص والمرض ونحوه ..بل جل أمره وطلبه من الله عزوجل .

      وهذا معنى قطع المعاوضات:فهو تجريد المعاملة عن إرادة المعاوضة

      ؛ بل تجردها لذاته ، وأنه أهل أن يعبد، ولو لم يحصل لعابده عوض منه.

      فإنه يستحق أن يعبد لذاته لا لعلة ،ولا لعرض، ولا لمطلوب..

      وهنا يجب أن ننتبه فليس معنى ذلك أن لانطلب الأجر والثواب على أعمالنا ،

      بل هو مطلب جميع اﻷنبياء والرسل وله خلقت الجنة والنار ، وفرض الدعاء للطلب والرجاء ..

      قال الله تعالى حكاية عن سليمان عليه السلام: {قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لا يَنْبَغِي لأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ} [ص.35].

      ولكن المقصد أن لا يمنعك استجابة الدعاء مثلا عن التوقف .

      .ولا تجعل عملك عوضا لطلب دنيوي أو منصب أو سمعة .

      وليس كما يقول دعاة التصوف نعبدك حبا لذاتك لاطمعا بالجنة أو خوفا من النار
      .

      وطلب الفردوس وهو مسكن خاصة الخاصة ليس عيبا في عبوديتهم ،

      ولا قدحا فيها.بل هو مطلبه. {رَبّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدْتنَا عَلَى رُسُلك وَلَا تُخْزِنَا يَوْم الْقِيَامَة إِنَّك لَا تُخْلِف الْمِيعَاد} .

      وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم :

      (( إذا سألتم الله فاسألوه الفردوس .فإنه وسط الجنة وأعلى الحنة ، وفوقه عرش الرحمن ، ومنه تفجر أنهار الجنة)).

      مدارج السالكين
      ج2ص ( 1222، 1228). بتصرف

      • القرآن جنتي


    • منزلة الحزن

      لم يأت الحزن في القرآن إلا منهيا عنه قال تعالى:{ولاتهنوا ولا تحزنوا}[آل عمران:139]،

      أو منفيا{فلا خوف عليهم ولاهم يحزنون}[البقرة:38].

      لأن الحزن لامصلحة فيه للقلب،وأحب شيء إلى الشيطان،أن يحزن العبد ليقطعه عن سيره،ويوقفه عن سلوكه.

      قال تعالى :{إنما النجوى من الشيطان ليحزن الذين ءامنوا}[المجادلة :10].

      وقد استعاذ منه النبي صلى الله عليه وسلم ففال :

      (اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن)).رواه البخاري ..

      والفرق بينهما إن كان لما يستقبل أورثه الهم،وإن كان لمامضى:أورثه الحزن. وكلاهما مضعف للقلب.

      ولهذا يقول أهل الجنة:{الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن}[فاطر :34].

      فهذا دليل على أنهم كان يصيبهم في الدنيا الحزن،كما يصيبهم سائر المصائب التي تجري عليهم بغير اختيارهم.

      وقوله صلى الله عليه وسلم:

      ( ما يصيب المؤمن من هم ولانصب،ولا حزن إلا كفر الله به من خطاياه))

      فهذا دليل أنها يكفر بها من سيئاته،ولايدل على أنه ينبغي طلبه.

      وحديث ان النبي صلى الله عليه وسلم كان متواصل الأحزان لايثبت .

      فقد كان دائم البشر،ضحوك السن.

      مدارج السالكين
      ج2ص ( 1285، 1289)
      • القرآن جنتي
    • منزلة الرعاية


      الرعاية في اللغة :الحفظ والملاحظة .

      يقال :رعى لفلان عهده أو حرمته :أي لاحظها وحفظها.

      الرعاية :

      هي مراعاة العلم، وحفظه بالعمل.ومراعاة العمل باﻹحسان واﻹخلاص ، وحفظه من المفسدات
      .

      مراتب العلم والعمل ثلاثة:


      1 . رواية وهي مجرد النقل .

      2.دراية وهي فهمه وتعقل معناه.

      3.رعاية وهي العمل بموجب ماعلمه ومقتضاه.

      درجات الرعاية:

      1.رعاية اﻷعمال :سلامتها من النقص.

      2.ورعاية اﻷحوال :سلامتها عن الاستحسان لها.

      3.رعاية الأوقات:الوقوف مع كل خطوة بتصحيحها.


      مدارج السالكين
      ج2ص (1475، 1489)
      • القرآن جنتي


    • منزلة التسليم

      التسليم :أن يكل العبد نفسه إلى ربه في جميع أحواله.

      وقيل الانقياد وترك الاعتراض فيما لا يلائم ،

      , وقيل هو الثبات عند نزول البلاء من غير تغير في الظاهر والباطن.

      التسليم نوعان:

      1.تسليم لحكمه الديني الأمري.وهو تسليم المؤمنين العارفين

      قال تعالى :{فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم
      ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما
      }[النساء:65].

      فهذه ثلاثة مراتب :التحكيم ، وسعة الصدر بانتفاء الحرج ، والتسليم.


      2.تسليم لحكمه الكوني القدري .وهي مسألة الرضى بالقدر.

      بما لم يؤمر العبد بمنازعته ودفعه ، كالمصائب التي لا قدرة له على دفعها.

      أما ما كان قادرا على مدافعتها فلا يجوز له التسليم إليها

      ؛بل العبودية مدافعتها بأحكام أخر أحب إلى الله منها.

      مثال:التداوي لدفع المرض.وطلب الرزق والسعي في مناكب الأرض

      وبذل الوسع في تحصيل الرزق دفعا للفقر.

      مدارج السالكين
      (1820،819/3)
      • القرآن جنتي
    • منزلة الصدق


      الصدق :هو الموافقةللحق في الأقوال والأفعال والأحوال.

      به يتميز أهل النفاق من أهل الإيمان،
      وهو سيف الله في أرضه الذي ماوضع على شيء إلا قطعه ،
      ولا واجه باطلاإلا أرداه وصرعه.

      وهو أساس بناء الدين وعمود فسطاط اليقين ، ودرجته تالية لدرجة النبوة.

      قال تعالى:{وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَظ°ئِكَمَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ
      وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِوَالصَّالِحِينَ غڑ وَحَسُنَ أُولَظ°ئِكَ رَفِيقًا
      }[النساء :69].


      والصدق مقام الإيمان {أولئك الذين صدقوا وأولئك هم المتقون}[البقرة :177].

      وقسم الله سبحانه الناس إلى صادق ومنافق،

      فق
      ال:{ لِيَجْزِيَ اللَّهُ الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ وَيُعَذِّبَالْمُنَافِقِينَ إِنْ شَاءَ أَوْ يَتُوبَ عليهم }[ألأحزاب:24].

      والإيمان أساسه الصدق، والنفاق أساسه الكذب،
      فلا يجتمع كذب وإيمان إلا وأحدهما محارب للآخر.


      مدارج السالكين
      ( 2104،2102/2)
      • القرآن جنتي
    • الصدق



      الصدق في اﻷقوال :استواء اللسان على اﻷقوال.

      والصدق في اﻷعمال:استواء اﻷفعال على اﻷمر والمتابعة .

      والصدق في الأفعال:استواء القلب والجوارح على اﻹخلاص،واستفراغ الوسع،وبذل الطاقة.

      وبحسب كمال الصدق فيه وقيامه به تكون صديقيته لذلك كان ﻷبي بكر الصديق.

      وقد أمر الله سبحانه رسوله:أن يجعل مدخله ومخرجه على الصدق

      فقال:{وقل رب أدخلني مدخل صدق وأخرجني مخرج صدق واجعل لي من لدنك سلطانا نصيرا.}[اﻹسراء:80].

      وأخبر عن خليله إبراهيم صلى الله عليه وسلم أنه سأله أن يهب له لسان صدق في الناس

      فقال:{واجعل لي لسان صدق في اﻵخرين} [الشعراء:84].

      وبشر عباده أن لهم عنده قدم صدق،ومقعد صدق،

      فقال تعالى:{وبشر الذين ءامنوا أن لهم قدم صدق عند ربهم}[يونس:2].

      وقال تعالى :{إن المتقين في جنات ونهر في مقعد صدق}[القمر:55-54].

      فهذه خمسة أشياء:مدخل الصدق،ومخرج الصدق،ولسان الصدق،وقدم الصدق،ومقعد الصدق .



      وحقيقة الصدق في هذه اﻷشياء،هو الحق الثابت،المتصل بالله الموصل إلى الله،

      وهو ماكان به وله،من اﻷقوال واﻷعمال،وجزاء ذلك في الدنيا واﻵخرة
      .

      مدارج السالكين
      ج2ص (2106-2105)
      • القرآن جنتي
    • أنواع الصدق


      1.مدخل الصدق ومخرج الصدق:أن يكون دخوله وخروجه حقا ثابتا بالله وفي مرضاته ،

      متصلا بالظفر وحصول المطلوب ،

      ضد مخرج الكذب ومخرجه الذي لا غاية له يوصل إليها.ولا له ساق يقوم عليها .

      فكل مدخل ومخرج كان بالله ولله، فصاحبه ضامن على الله ، فهو مدخل صدق ومخرج صدق.

      كان بعض السلف إذا خرج من داره : رفع رأسه إلى السماء ،

      وقال :اللهم إني أعوذ بك أن أخرج مخرجا لا أكون فيه ضامنا عليك.

      أي :أن لايكون المخرج مخرج صدق،ولذلك فسر مدخل الصدق.

      ومخرجه:بخروجه من مكة،ودخوله المدينةصلى الله عليه وسلم .

      وهذا على سبيل التمثيل..

      فمداخله ومخارجه صلى الله عليه وسلم كلها صدق.


      2.لسان الصدق:الثناء الحسن عليه صلى الله عليه وسلم من سائر الأمم بالصدق،ليس ثناء بالكذب.

      قال تعالى:{وجعلنا لهم لسان صدق عليا}[مريم :50].

      والمراد هنا:الثناء الحسن، فلما كان اللسان محله عبر به عنه.

      3.وأما قدم الصدق:ففسر بالجنة،وفسر باﻷعمال الصالحة.


      وحقيقة (القدم) ماقدموه،ويقدمون عليه يوم القيامة،وهم قدموا الأعمال

      واﻹيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم ،ويقدمون على الجنة جزاء ذلك.

      4.وأما مقعد الصدق:فهو الجنة عند الرب تبارك وتعالى .


      مدارج السالكين
      ج3 (2110-2106)
      • القرآن جنتي


    • علامات الصدق وآثاره

      من علامات الصدق: طمأنينة القلب إليه.
      علامات الكذب: حصول الريبة .

      قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((الصدق طمأنينة، والكذب ريبة)).

      وفي الصحيحين ((إن الصدق يهدي إلى البر، وإن البر يهدي إلى الجنة،
      وإن الرجل ليصدق حتى يكتب عند الله صديقا، وإن الكذب يهدي إلى الفجور،
      وإن الفجور يهدي إلى النار، وإن الرجل ليكذب حتى يكتب عند الله كذابا)).


      الصدق يحل البركة في البيع كما في الصحيحين
      ((البيعان بالخيار مالم يتفرقا، فإن صدقا وبينا بورك لهما في بيعهما،وإن كذبا وكتما محقت بركة بيعهما))..

      الصادق يتهيأ له أن يموت ولا يستحي من سره لو كشف، قال تعالى: {فتمنوا الموت إن كنتم صادقين} [البقرة:94].

      قال الجنيد: حقيقة الصدق: أن تصدق في مواطن لاينجيك منه إلا الكذب.

      قال إبراهيم الخواص: الصادق لا تراه إلا في فرض يؤديه، أو فضل يعمل فيه.

      وقيل: ثلاثة لا تخطئ الصادق: الحلاوة، والملاحة، والهيبة.

      قال بعضهم: من لم يؤد الفرض الدائم لم يقبل منه الفرض المؤقت.
      قيل: وما الفرض الدائم؟ قال: الصدق
      .

      وقيل: من طلب الله بالصدق أعطاه مرآة يبصر فيها الحق والباطل.

      وقيل عليك بالصدق حيث تخاف أنه يضرك، فإنه ينفعك، ودع الكذب حيث ترى أنه ينفعك، فإنه يضرك،

      وقيل: ما أملق تاجر صدوق.

      أي ما افتقر.

      مدارج السالكين
      ج3 (2110، 2123)
      • القرآن جنتي


    • الصدق


      الصدق: اسم لحقيقة الشيء بعينه حصولا ووجودا.

      درجات الصدق:

      1.صدق القصد،
      وبه يتلافى كل تفريط، ويتدارك به كل فائت، ويعمر كل خراب.

      وعلامة هذا الصادق:

      أن لايتحمل داعية تدعو إلى نقض عهد، ولا يصبر على صحبة ضد، ولا يقعد عن الجد بحال.

      معنى (صدق القصد): كمال العزم، وقوة الإرادة،

      بأن يكون في القلب داعية صادقة إلى السلوك، فهو طلب لا يمازجه رياء ولا فتور
      .

      ويتلافى به كل تفريط:يتدارك الفرص ﻹصلاح قلبه وما مزقته يد الغفلة والشهوة،

      ويعمر ماخربته يد البطالة، ويوقد ما أطفأته أهوية النفس، ويلم ما شعثته يد التفريط واﻹضاعة .



      وقوله: ((وعلامة هذا الصادق: أن لا يتحمل داعية تدعو إلى نقض عهد.)):

      أي قد انجذبت قوى روحه كلها إلى إرادة الله وطلبه، والاستعداد للقائه،

      فلا يتحمل سببا يدعوه إلى نقض عهده مع الله بوجه.

      وقوله: ((ولا يصبر على صحبة ضد)).

      الضد عند القوم: هم أهل الغفلة، وأضر شيء على الصادق صحبتهم،

      بل لا تصبر نفسه على ذلك، إلا لضرورة وتكون صحبته حينها كالظل بلا روح وقلب
      .

      فلما استحكمت الغفلة كما استحكم الصدق في الصادق

      أحست روحه باﻷجنبية التي بينه وبينه والمضادة، فاشتدت النفرة.

      وبحسب إحساس الصادق بها: تكون نفرته عن اﻷضداد،

      فلا يأنس به إلا تكلفا ولا يصاحبه إلا ضرورة، فيأخذ من صحبته قدر الحاحة، كصحبة من يشتري منه.

      وقوله: ((ولا يقعد عن الجد بحال))

      أي
      : مستجمع القوة:لم يقعد به عزمه عن الجد في جميع أحواله، فلا تراه إلا جادا، وأمره كله جد.

      مدارج السالكين
      ج3 (2128-2123)
      • القرآن جنتي


    • تابع درجات الصدق

      2.أن لا يتمنى الحياة إلا للحق، ولا يشهد من نفسه إلا أثر النقصان، ولا يلتفت إلى ترفيه الرخص.

      أي لا يحب العيش إلا لرضى الله وعبادته،

      كما قال عمر بن الخطاب-رضي الله عنه-((لولا ثلاث في الدنيا لما أحببت البقاء:
      لولا أن أحمل على جياد الخيل في سبيل الله، ومكابدة الليل،
      ومجالسة أقوام ينتقون أطايب الكلام، كما ينتقى أطايب التمر
      )) الحلية.

      يريد بذلك: الجهاد، والصلاة، والعلم.

      قوله (ولا يشهد من نفسه إلا أثر النقصان):

      أي لا يرى نفسه إلا مقصرا؛ لعظمة الله عنده ومكانته في قلبه، ومعرفته بعيوب نفسه.

      وأما قوله: ((ولا يلتفت إلى ترفيه الرخص)).

      فلأنه -لكمال صدقه وقوة إرادته، وطلبه للتقدم يحمل نفسه على العزائم ولا يلتفت إلى الرفاهية التي في الرخص.

      وهنا تفصيل:

      الصادق يعمل على رضى الله تعالى ومحابه

      فإذا كانت الرخص أحب إلى الله أخذ بالرخصة مثل اﻹفطار في السفر،والقصر والجمع بين الصلاتين،
      وتخفيف الصلاة عند الشغل، ونحوه
      .



      فهذه رخص يحب الله تعالى أن يؤخذ بها ولا ينافي الصدق.

      وفي الصحيح ((ماخير رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أمرين إلا اختار أيسرهما، مالم يكن إثما))
      وﻷن فيهما التعبد باسم (الرفيق، اللطيف).


      أما الرخص التأويلية، المستندة إلى اختلاف المذاهب واﻵراء التي تصيب وتخطئ:
      فاﻷخذ بها عندهم عين البطالة ومناف للصدق.

      مدارج السالكين
      ج3 (2133-2129)
      • القرآن جنتي


    • تابع درجات الصدق

      3.الصدق في معرفة الصدق إلا على حرف واحد: وهو أن يتفق رضى الحق بعمل العبد أو حاله أو وقته ويقينه.

      فأعماله وأحواله صادقة وقصوده مستقيمة
      . (بتصرف ).

      أي أن الصدق المتحقق إنما يحصل لمن صدق في معرفة الصدق.

      فالعبد إذا صدق الله: رضي الله بعمله، وحاله ويقينه، وقصده .

      ويعلم الصدق بموافقة رضاه سبحانه
      .

      سؤال؟
      من أين يعلم العبد رضا الرب؟

      الصادق مضطر إلى متابعة اﻷمر، والتسليم للرسول صلى الله عليه وسلم في ظاهره وباطنه،
      والتعبد به في كل حركة وسكون مع إخلاص القصد لله.

      فإن الله لا يرضيه من عبده إلا ذلك.

      ولا يقبل من عبده عملا، أو يرضى به، حتى يكون على متابعة رسوله صلى الله عليه وسلم خالصا لوجهه.

      وأكثر الناس سائرون على أذواق نفوسهم .

      والصادق في واد، وهؤلاء في واد.

      سير الصادق قائم على العلم، وتحكيمه عليه وتقديمه، ووزنه به حكمه، فإن وافق العلم، وإلا كان حالا فاسدا.

      فمن لم يكن هذا أصل بناء سلوكه فسلوكه فاسد، وغايته الانسلاخ عن العلم والدين.


      مدارج السالكين
      ج3 (2133، 2135)
      • القرآن جنتي


    • اﻹيثار

      قال تعالى:{ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون}[ الحشر:9].

      اﻹيثار:هو منزل الجود والسخاء واﻹحسان.

      اﻹيثار:المؤثر على نفسه تارك لما هو محتاج إليه.

      وضده الشح:وهو الحرص على ماليس له،فإذا حصل بيده شح وبخل بإخراجه.

      البخيل:من أجاب داعي الشح.

      والمؤثر:من أجاب داعي الجود.

      قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

      (( إياكم والشح،فإن الشح أهلك من كان قبلكم،أمرهم بالبخل فبخلوا،وأمرهم بالقطيعة فقطعوا)) .

      قال عبدالله بن المبارك-رضي الله عنه-:سخاء النفس عما في أيدي الناس أفضل من سخاء النفس بالبذل.

      مراتب الإيثار:

      1.السخاء:أن لا ينقصه البذل،ولا يصعب عليه .

      2.الجود:أن يعطي اﻷكثر،ويبقي له شيئا،أو يبقي مثل ما أعطى.

      3.اﻹيثار:أن يؤثر غيره بالشيء مع حاجته إليه.

      وضدها (الأثرة) وهو استئثاره عن أخيه بما هو محتاج إليه.

      وهي التي قال فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم للأنصار:
      ((إنكم ستلقون بعدي أثرة،فاصبروا حتى تلقوني على الحوض)).

      وقال تعالى:{ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة}[الحشر:9].

      فوصفهم بأعلى مراتب السخاء.


      كان قيس بن سعد بن عبادة -رضي الله عنه-من اﻷجواد المعروفين،
      حتى أنه مرض مرة فاستبطأ إخوانه في العيادة،فسألهم عنهم ؟
      فقالوا:إنهم يستحيون مما لك عليهم من الدين،
      فقال :أخزى الله مالا يمنع اﻹخوان من الزيارة
      ،ثم أمر مناديا ينادي:من كان لقيس عليه مال فهو منه في حل،
      فما أمسى حتى كسرت عتبة بابه لكثرة من عاده
      .

      مدارج السالكين
      ج3(2150، 2153)
      • القرآن جنتي


    • منزلة الخلق

      الخلق:هو مايرجع إليه المكلف من نعته،فخلقه:أي صفات نفسه.

      قال تعالى:{وإنك لعلى خلق عظيم}[القلم:4].

      قال ابن عباس ومجاهد:لعلى دين عظيم، أي دين الإسلام.

      قال الحسن-رضي الله عنه-:هو آداب القرآن.

      والمعنى:إنك لعلى الخلق الذي آثرك الله به في القرآن.

      وفي الصحيحين:أن هشام بن حكيم سأل عائشة -رضي الله عنها-عن خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم؟فقالت:

      ((كان خلقه القرآن،فقال:لقد هممت أن أقوم ولا أسأل شيئا)).

      وقد جمع الله له مكارم الأخلاق في قوله تعالى { خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين}[الأعراف:199].

      قال عبدالله بن الزبير-رضي الله عنهما-:أمر الله نبيه أن يأخذ العفو من أخلاق الناس.

      وقال مجاهد:خذ العفو من أخلاق الناس وأعمالهم من غير تجسس،
      مثل قبول اï»·عذار،والعفو،والمساهلة، وترك الاستقصاء في البحث،والتفتيش عن حقائق بواطنهم.

      قال ابن عباس-رضي الله عنه - ((خذ ما عفا لك من أموالهم،وهو الفضل عن العيال)) .

      وذلك معنى قوله تعالى:{ويسئلونك ماذا ينفقون قل العفو}[ البقرة:219]..

      ثم قال تعالى:{وأمر بالمعروف} وهو كل معروف، وأعرفه:التوحيد،ثم حقوق العبودية،وحقوق العباد.

      ثم قال تعالى:{وأعرض عن الجاهلين}يعني إذا سفه عليك الجاهل فلا تقابله بالسفه .

      كقوله:{وإذا خطابهم الجاهلون قالوا سلاما}[الفرقان:63].

      فهي ليست منسوخه بل يعرض عنه بإقامة حق الله عليه،ولا ينتقم لنفسه.

      مدارج السالكين
      ج3 ( 2178، 2182)
      • القرآن جنتي


    • فضل حسن الخلق


      1.قال أنس -رضي الله عنه-((كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أحسن الناس خلقا)).

      2.عن النواس بن سمعان رضي الله عنه قال:

      سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن البر واﻹثم؟ فقال:
      ((البر حسن الخلق، واﻹثم ماحاك في صدرك، وكرهت أن يطلع عليه الناس))

      وهذا يدل على أن حسن الخلق: هو الدين كله.

      وقد فسر حسن الخلق: بأنه البر ،

      فدل على أن حسن الخلق: طمأنينية النفس والقلب، واﻹثم حواز الصدور، وماحاك فيها، واستراب به.

      3.وفي الصحيحين: ((خياركم أحاسنكم أخلاقا)).

      4.وفي الترمذي: ((ما من شيء أثقل في ميزان المؤمن يوم القيامة من حسن الخلق،
      وإن الله تعالى ليبغض الفاحش البذيء)).


      5.وسئل عن أكثر ما يدخل الناس الجنة؟ فقال: ((تقوى الله،وحسن الخلق))،

      وسئل عن أكثر شيء يدخل الناس النار؟ فقال: ((الفم والفرج)).



      6.( أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا، وخياركم:خياركم لنسائهم)).


      7.وفي الصحيح: ((إن المؤمن ليدرك بحسن خلقه درجة الصائم القائم)).

      8: ((أنا زعيم ببيت في ربض الجنة لمن ترك المراء وإن كان محقا،

      وببيت في وسط الجنة لمن ترك الكذب وإن كان مازحا، وبيت في أعلى الجنة لمن حسن خلقه
      )).



      9. ((إن من أحبكم إلي، وأقربكم مني مجلسا يوم القيامة أحاسنكم أخلاقا،
      وإن أبغضكم إلي وأبعدكم مني يوم القيامة الثرثارون والمتشدقون والمتفيقهون))
      قالوا: يارسول الله، قد علمنا الثرثارون والمتشدقون، فما المتفيقهون؟ قال: (المتكبرون
      ).

      الثرثار: كثير الكلام بغير فائدة.

      المتشدق: المتكلم بملء فيه تفاصحا وتطاولا، وإظهارا لفضله على غيره.

      وأصله: من الفهق، وهو الامتلاء.


      مدارج السالكين ج3 (2183، 2188)
      • القرآن جنتي
    • تعريفات لحسن لخلق



      تعريفات لحسن الخلق

      1.الدين كله خلق،فمن زاد عليك في الخلق زاد عليك في الدين.

      2.حسن الخلق بذل الندى،وكف اﻷذى،واحتمال اﻷذى.

      3.بذل الجميل،وكف القبيح.

      4.التخلي من الرذائل،والتحلي بالفضائل.

      حسن الخلق يقوم على أربعة أركان:
      الصبر،والعفة،والشجاعة، والعدل.

      فالصبر
      :يحمله على الاحتمال،وكظم الغيظ،وكف اﻷذى،
      والحلم واﻷناة والرفق،وعدم الطيش والعجلة .

      والعفة:تحمله على اجتنباب الرذائل،والقبائح من القول والفعل،
      وتحمله على الحياء،وهو رأس كل خير،وتمنعه من الفحش والبخل،والكذب والغيبة والنميمة
      .

      والشجاعة:تحمله على عزة النفس،وإيثار معالي اﻷخلاق والشيم،
      وعلى البذل،والندى الذي هو شجاعة النفس وقوتها على إخراج المحبوب ومفارقته،و
      تحمله على كظم الغيظ والحلم،فإنه بقوة نفسه وشجاعتها أمسك عنانها،وكبحها.

      قال النبي صلى الله عليه وسلم :
      ( ليس الشديد بالصرعة،إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الفضب).

      1.والعدل:يحمله على اعتدال اﻷخلاق،وتوسطه فيها بين طرفي اﻹفراط والتفريط
      فيحمله على خلق الجود والسخاء الذي هو توسط بين اﻹمساك والتبذير،

      2.وعلى خلق الحياء الذي هو توسط بين الذل والقحة،

      3.وعلى خلق الشجاعة ،الذي هو توسط بين الجبن والتهور،

      4.وعلى خلق الحلم،الذي هو توسط بين الغضب والمهانة وسقوط النفس.

      -----------------------------
      كبحها:كبح الدابة إذا جذبها إليه لكي تقف.
      القحة:رجل قبيح الوجه.قبيح الكلام.
      التهور:الوقوع في الشيء بقلة مبالاة.
      المهانة:امتهن الشيء:احتقره.

      مدارج السالكين
      ج3 ( 2188، 2190)
      • القرآن جنتي


    • منشأ اﻷخلاق السافلة

      مبناها على أربعة أركان:الجهل، والظلم، والشهوة، والغضب.

      1
      .فالجهل :يريه الحسن في صورة القبيح،والقبيح في صورة الحسن،والكمال نقصا،والنقص كمالا.

      2.والظلم:يحمله على وضع الشيء في غير موضعه،فيغضب في موضع الرضى،
      ويعجل في موضع اﻷناة،ويبخل في موضع البذل،ويحجم في موضع الإقدام،
      ويقدم في موضع الإحجام،ويلين في موضع الشدة،ويشتد في موضع اللين،
      ويتواضع في موضع العزة،ويتكبر في موضع التواضع.

      3.والشهوة:تحمله على الحرص والشح والبخل،وعدم العفة والنهمة والجشع والذل والدناءات كلها.

      4.والغضب :يحمله على الكبر والحقد والحسد،والعدوان والسفه

      .ويتركب من بين كل خلقين من هذه أخلاق مذمومة .

      وملاك هذه اﻷربعة أصلان :إفراط النفس في الضعف ، وإفراطها في القوة.

      يتولد من إفراطها في الضعف:المهانة والبخل،والخسة،واللؤم ،والذل والحرص،والشح وسفاسف اﻷمور والأخلاق.


      ويتولد من إفراطها في القوة:الظلم والغضب والحدة ،والفحش والبطش.

      ويتولد من تزوج إحدى الخلقين باﻵخر:أولاد غية كثيرون .

      فإن النفس قد جمعت قوة وضعفا،فيكون صاحبها أجبر الناس إذا قدر وأذلهم إذا قهر.
      جبان عن القوي، جريء على الضعيف.


      فاﻷخلاق الذميمة :يولد بعضها بعضا،كما أن الأخلاق الحميدة:يولد بعضها بعضا.

      -----------------------------
      النهمة:بلوغ الهمة في الشيء،(ومنهوم ) مولع به والنهم :اﻹفراط في الشهوة.
      الخسة:الدنيء
      اللؤم:الدنيء اﻷصل ، الشحيح النفس.
      سفساف:الرديء من كل شيء.
      غية:الغي الضلالة والغوغاء من الناس الكثير المختلطون.

      مدارج السالكين
      ج3(2191، 2193)
      • القرآن جنتي
    • خلق بين خلقين


      اعلم أن كل محمود مكتنف بين ذميمين،وهو وسط بينهما،وطرفاه خلقان ذميمان،

      كالجود:الذي يكتنفه خلقا البخل والتبذير،

      و
      التواضع :الذي يكتنفه خلقا الذل والمهانة،والكبر والعلو.



      فإن النفس متى انحرفت عن (التوسط) انحرفت:
      إما إلى كبر وعلو،وإما إلى ذلة ومهانة وحقارة،

      وإذا انحرفت عن خلق( الحياء)انحرفت:
      إما إلى قحة وجراءة،وإما إلى عجز وخور
      ومهانة،
      بحيث يطمع في نفسه عدوه، ويفوته كثير من مصالحه،
      ويزعم أن الحامل له على ذلك الحياء، وإنما هو المهانة والعجز، وموت النفس
      .


      وإذا انحرفت عن خلق(الصبر المحمود) انحرفت:
      إما إلى جزع وهلع وجشع وتسلط،
      وإما إلى غلظة كبد،وقسوة قلب،وحجرية
      الطبع.



      وإذا انحرفت عن خلق (الحلم) انحرفت:
      إما إلى طيش والترف والحدة والخفة،
      وإما إلى الذل والمهانة والحقارة،وفرق بين حلم المهانة وحلم اقتدار وعزة وشرف .



      كل حلم أتى بغير اقتدار........................ حجة لاجئ إليها اللئام.

      وإذا انحرفت عن (اﻷناة والرفق) انحرفت:
      إما إلى عجلة وطيش وعنف،وإما إلى تفريط وإضاعة .



      وإذا انحرفت عن(العزة) التي وهبها الله للمؤمنين،انحرفت:
      إما إلى كبر وإما إلى ذل.والعزة المحمودة بينهما.


      وإذا انحرفت عن(الشجاعة)،انحرفت:
      إما إلى تهور وإقدام غير محمود،وإما إلى جبن وتأخر مذموم.


      وإذا انحرفت عن(المنافسة في المراتب العالية والغبطة)انحرفت:
      إما إلى حسد وإما إلى مهانة،وعجز وذل ورضى بالدرن
      .



      وإذا انحرفت عن (الرحمة) انحرفت:إما إلى قسوة،وإما إلى ضعف قلب وجبن نفس،
      كمن لايقدم على ذبح شاة ،ولا إقامة حد ولا تأديب ولد.

      ويزعم أن الرحمة تحمله على ذلك،وقد ذبح أرحم الخلق بيده في موقف واحد ثلاثا وستين بدنه
      وأقام الحدود،وكان أرحم خلق الله على اﻹطلاق وأرأفهم
      .





      وكذلك طلاقة الوجه،والبشر المحمود،فإنه وسط بين التعبيس والتقطيب،
      وتصعير الخد،وطي البشر عن البشر،وبين الاسترسال مع كل أحد بحيث يذهب الهيبة،
      ويزيل الوقار،ويطمع في الجانب

      وقس على ذلك بقية الأخلاق.

      صاحب الخلق الوسط:مهيب محبوب،عزيز جانبه،حبيب لقاؤه،
      وفي صفة النبي (
      من رآه بديهة هابه،ومن خالطه عشرة أحبه).
      ---------------------------

      البشر:من بشر فلان بوجه حسن:أي لقيه وهو حسن البشر أي طلق الوجه .

      مدارج السالكين
      ج3(2
      193، 2197)
      • القرآن جنتي


    • أثر الرياضة وسياسة النفس في تقويم الخلق


      ركب اﻹنسان وسائر الحيوان من قوتين :
      غضبية، وشهوانية ، وهي اﻹرادة.


      وهاتان القوتان هما الحاملتان ﻷخلاق النفس وصفاتها،في جبلة كل حيوان،

      فبقوة الشهوة واﻹرادة :يجذب المنافع إلى نفسه ،

      وبقوة الغضب:يدفع المضار عنها،فإذا استعمل الشهوة في طلب مايحتاج إليه :تولد منها الحرص.

      وإذا استعمل الغضب في دفع المضرة عن نفسه ، تولد منه القوة والغيرة ،

      فإذا أعجزه ذلك:أورثه قوة الحقد،

      وإن أعجزه وصول مايحتاج إليه ورأى غيره مستبدا به :أورثه الحسد،

      وإن ظفر له:
      أورثه شهوته وإرادته:خلق البخل والشح ،

      وإن اشتد حرصه وشهوته على الشيء ولم يمكنه تحصيله إلا بالقوة الغضبية

      فاستعملها فيه:
      فأورثه ذلك العدوان ، والبغي والظلم،

      ومنه يتولد الكبرياء والخيلاء والفخر ،

      فإنها أخلاق متولدة من قوتي الشهوة والغضب، وتزوج أحدهما بصاحبه.

      وهاتان القوتان الغضبيه والشهوانية لايمكن قطعها عن النفس .لهذا لابد من صرفها فيما ينفعها .

      فهذه اﻷخلاق ما خلقت سدى ولا عبثا،(رأى النبي صلى الله عليه وسلم:
      ( أبا دجانة يتبختر بين الصفين،فقال:إنها لمشية يبغضها الله،إلا في مثل هذا الموضع
      ).

      فانظر كيف خلى مجرى هذه الصفة وهذا الخلق يجري في أحسن مواضعه.

      وصارت الصفة المذمومة عبودية ؟.

      وقوله (لا حسد إلا في اثنتين رجل آتاه الله مالا فسلطه على هلكته في الحق
      ورجل آتاه الله القرآن فهو يقوم به آناء الليل وأطراف النهار).ر
      واه البخاري.


      فالحسد مبغوض لذاته ولكن ما يوصل إلى المنافسة التي يحبها الله
      ويأمر بها في قوله
      {وفي ذلك فليتنافس المتنافسون}[ المطففين:26].

      فلا تعمل على إعدام هذا الخلق من نفسك بل احرفه إلى الحسد المحمود وهي (الغبطة)

      الحامل على المنافسة في الرتب العالية،وتزاحم أهلها بالركب،
      لا تتمنى زوال نعمة الله عن عبده،فتزول عنك ويبقيها عليه،وكذلك الحرص،فلن يقطعه .


      قال رسول الله صلى الله عليه (احرص على ماينفعك واستعن بالله ولا تعجز) رواه مسلم.

      فقوة الحرص لاتذم،وإنما يذم صرفها إلى مايضر العبد لا إلى ما ينفعه.


      وهذه قاعدة مطردة في جميع الصفات واﻷخلاق،
      فالرسل صلوات الله وسلامه عليهم جاؤوا بصرفها عن مجاريها المذمومة إلى مجاري محمودة .


      وجاؤوا بصرف قوة الغضبية إلى جهاد أعداء الله، والغلظة عليهم والانتقام منهم،
      وكذلك جاؤوا بصرف قوة اللهو والركوب ونحوه إلى اللهو والرمي والمسابقة على الخيل
      وركوبها في سبيل الله، وشهوة الاستماع للأصوات المطربة بسماع القرآن.

      وقد وقف النبي صلى الله عليه وسلم على أبي موسى اﻷشعري واستمع قراءته،
      وقال لقد أوتي هذا مزمارا من مزامير آل داود. وكان عمر بن الخطاب -رضي الله عنه -يقرأ والصحابه يستمعون.

      فأين هذا من سماع المكاء والتصدية وقرآن الشيطان، وآلات المعازف بنغمات الناشد ؟

      حب الكتاب وحب ألحان الغنا في قلب عبد ليس يجتمعان.

      -----------------------

      المكاء :الصفير.
      التصدية:التصفيق.

      مدارج السالكين
      ج3 ( 2298، 2214)
      • القرآن جنتي



    • الفرق بين الخلق والتخلق



      الخلق: مايرجع إليه المتكلف من نعته، وشيمته وسجيته.

      وهي إما طبع عليها خلقة فتسمى جبلة: أي خلق بها بدون تدريب على اكتسابها،

      وإما أكتسبها بالتدرب عليها فتسمى أخلاقا كسبية متخلقا بها .

      قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ﻷشج عبد القيس-رضي الله عنه-
      ((إن فيك لخلقين يحبهما الله:الحلم واﻷناة)) فقال تخلقت بهما، أم جبلني الله عليهما؟
      فقال: ((بل جبلك الله عليهما)) فقال:الحمد لله الذي جبلني على خلقين يحبهما الله ورسوله.


      فدل على أن من الخلق: ما هو طبيعة وجبلة، وما هو مكتسب،
      وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في دعاء
      الاستفتاح:

      ((اللهم اهدني ﻷحسن اﻷخلاق، لا يهدي ﻷحسنها إلا أنت،
      واصرف عني سيئها لا يصرف عني سيئها إلا أنت
      )) فذكر الكسب والقدر.

      اﻷمور التي يدرك بها الخلق

      1.العلم: فالعلم يرشده إلى مواضع بذل المعروف، والفرق بينه وبين المنكر.

      2.الجود: يبعثه على المسامحة بحقوق نفسه، والاستقصاء منها لحقوق غيره، فالجود قائد جيوش الخير.

      3.الصبر يحفظ عليه استدامته ذلك، ويحمله على الاحتمال، وكظم الغيظ، وكف اﻷذى،
      وعدم المقابلة، وهو أكبر عون على نيل كل مطلوب من خير الدنيا واﻵخرة،
      قال تعالى:{استعينوا بالصبر والصلاة إن الله مع الصابرين} [البقرة:153].

      تهذيب اﻷخلاق وتزكية النفس يحتاجه كل محب لرفقة النبي صلى الله عليه وسلم، فإن المرء مع من أحب،
      قال سمنون: ذهب المحبون بشرف الدنيا واﻵخرة، فإن المرء مع من أحب.
      ---------------------------
      السجية: الطبيعة والخلق.

      مدارج السالكين
      ج3 ( 2213، 2217)
      • القرآن جنتي


    • درجات الخلق

      1.أن تعرف مقام الخلق وأنهم بأقدارهم مربوطون، وفي طاقاتهم محبوسون ، وعلى الحكم موقوفون،

      فتستفيد بهذه المعرفة ثلاثة أشياء:

      -أمن الخلق منك ، حتى الكلب،
      - ومحبة الخلق إياك،
      - ونجاة الخلق بك.

      في هذه الدرجة:يكون تحسين الخلق مع الناس في معاملاتهم ، وكيفية مصاحبتهم.

      فإن علمت بأن الخلق عبيد لله تجري عليهم المقادير ولا يمكن تجاوزها؛أمنت أن الخلق لن يؤذونك إلا بأمر الله فتأمن بالله .

      2.تحسين الخلق مع الله في معاملته.

      3.درجة الفناء على أصله.

      قال بعض العارفين لرجل تعدى عليه وظلمه ، إن كنت ظالما فالذي سلطك علي ليس بظالم.

      غدا نتكلم إن شاء الله عن مشاهد العبد فيما يصيبه من الناس

      مدارج السالكين
      ج3 ( 2218، 2219)
      • القرآن جنتي





    • مشاهد أذى الخلق



      1.القدر: أن تعلم أن ماجرى عليك: بمشيئة الله وقضائه وقدره،
      كالتأذي بالحر والبرد، والمرض واﻷلم وهبوب الرياح وانقطاع اﻷمطار،
      فما شاء الله كان ووجب وجوده، وما لم يشأ لم يكن، وامتنع وجوده، وإذا شهد هذا استراح
      .

      2.الصبر: فيشهده ويشهد وجوبه، وحسن عاقبته، وجزاء أهله،
      وما يترتب عليه من الغبطة والسرور، ويخلصه من ندامة المقابلة والانتقام، فما انتقم أحد لنفسه قط إلا أعقبه ذلك ندامة.

      3.العفو والصفح والحلم: فإنه متى شهد ذلك وفضله وحلاوته وعزته:
      لم يعدل عنه إلا لغبش في بصيرته، فإنه((
      ما زاد الله عبدا بعفو إلا عزا)).
      كما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم، وعلم بالتجربة، والوجود وما انتقم أحد لنفسه إلا ذل.

      وفي الصفح والحلم والعفو: من الحلاوة والطمأنينية والسكينة، وشرف النفس،
      وعزتها ورفعتها عن تشفيها بالانتقام: ما ليس شيء منه في المقابلة والانتقام.

      4.الرضى وهو فوق العفو والصفح ولا يكون إلا للنفوس المطمئنة ،
      لا سيما إن كان ما أصيب به سببه القيام لله. وفي مرضاته ومحبته:
      رضيت بما نالها في الله، وهذا شأن كل محب صادق
      .ومتى تشكى وتسخط كان دليلا على كذبه.

      من أجلك جعلت خدي أرضا......للشامت والحسود حتى ترضى.

      5.اﻹحسان: وهو أن يقابل إساءة المسيء إليه باﻹحسان،
      فيحسن إليه كلما أساء.ويهون عليه لعلمه بأنه قد ربح حسناته، و
      أهدى إليه حسناته وأثبتها في صحيفته ومحاها عن صحيفة المسيء.
      فينبغي أن تحسن إليه وتشكره ﻷنه وهبك حسناته.

      ويهون عليك لعلمك بأن الجزاء من جنس العمل فكما تعفو عن من ظلمك،
      يعفو عنك الله عزوجل. فهو يقابل إساءتك، بما تقابل به إساءة عبده إليك.

      6.السلامة وبرد القلب، وهو أن لايشغل قلبه وسره بما ناله من اﻷذى وطلب الوصول إلى درك ثأره وشفاء نفسه؛
      بل يفرغ قلبه من ذلك ويرى أن خلو قلبه منه وسلامته وبرده أنفع له،
      وألذ وأطيب، وأعون على مصالحه. فإن القلب متى شغل بشيء فاته ما هو أهم عنده.
      وخير له منه. فيمتلئ بالغبن والوسواس .

      7.اﻷمن إذا ترك المقابلة والانتقام: أمن ما هو شر من ذلك وإذا انتقم:
      واقعه الخوف ﻷنه يزرع العداوة والعاقل لا يأمن عدوه.
      ولو كان حقيرا فكم من حقير أردى عدوه الكبير؟
      .

      8.الجهاد: وهو أن يشهد أن أذى الناس له من جهاده في سبيل الله، وأمرهم بالمعروف،
      ونهيهم عن المنكر ، وإقامة دين الله وإعلاء كلماته.

      لما عزم الصديق على تضمين أهل الردة ما أتلفوه من نفوس وأموال،
      قال عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - بمشهد من الصحابة -رضي الله عنهم-
      ((
      تلك دماء وأموال ذهبت في الله، وأجورها على الله، ولا دية لشهيد))
      فأصفق الصحابة على قول عمر ، ووافقه عليه الصديق.
      فمن قام لله حتى أوذي في الله حرم عليه الانتقام
      .


      9.أن يشهد نعمة الله عليه في أن جعله مظلوما يترقب النصر، ولم يجعله ظالما يترقب المقت واﻷخذ.

      وأن يشهد نعمة الله عليه في التفكير بذلك من خطاياه،
      فإنه ما أصاب المؤمن من هم ولاغم ولا أذى إلا كفر الله به من خطاياه .ف
      ذلك في الحقيقة دواء يستخرج به داء الخطايا والذنوب.
      فأذى الخلق لك كالدواء الكريه من الطبيب المشفق.

      ومن المشاهد كون البلية أهون وأسهل من غيرها، فإنه ما من محنة
      إلا وفوقها ما هو أقوى منها وأمر، والمصيبة الحقيقية مصيبة الدين.

      وفي اﻷثر: أنه يتمنى أناس يوم القيامة أن جلودهم كانت تقرض بالمقاريض،
      لما يرونه من ثواب أهل البلاء.

      10.مشهد الأسوة، فإن العاقل يرضى ﻷن يكون له أسوة برسل الله وأنبيائه
      وأوليائه وخاصته من خلقه،
      فإنهم أشد الخلق امتحانا بالناس. وأذى الناس إليهم أسرع.

      وقد قال ورقة بن نوفل لرسول الله صلى الله عليه وسلم ((
      ما جاء أحد بمثل ماجئت به إلا عودي
      وهذا مستمر في ورثته من العلماء والمقربين. راجع كتاب (محن العلماء) ﻷبن عبد البر.

      11.مشهد التوحيد: فإذا امتلأ قلبه بمحبة الله، واﻹخلاص له ومعاملته،
      وإيثار مرضاته والتقرب إليه، قرت عيناه وابتهج قلبه بحبه واﻷنس به والاطمئنان إليه،
      وسكن إليه واشتاق إلى لقائه، واتخذه وليا دون ما سواه، بحيث فوض إليه أموره كلها، ورضي بأقضيته
      ..



      مدارج السالكين
      ج3 ( 2222، 2230)


      • القرآن جنتي


    • الدرجة الثانية

      تحسين خلقك مع الخلق، وتحسينه منك: أن تعلم أن كل ما يأتي منك يوجب عذرا،
      وأن كل ما يأتي من الحق يوجب شكرا، وأن لا ترى له من الوفاء بدا.

      وهذه الدرجة مبنية على قاعدتين:


      1.أن تعلم أنك ناقص، وكل ما يأتي من الناقص ناقص، فهو يوجب اعتذاره منه لا محالة،
      فعلى العبد أن يعتذر إلى ربه من كل ما يأتي منه من خير وشر. فيعتذر عن نقصان الخير.

      ولهذا مدحهم الله تعالى {والذين يؤتون ما ءاتوا وقلوبهم وجلة}. [المؤمنون:60].

      وقال النبي صلى الله عليه وسلم:
      (هو الرجل يصوم ويتصدق ويخاف أن لا يقبل منه).

      2.استعظام كل ما يصدر منه سبحانه إليك، والاعتراف بأنه يوجب الشكر عليك،
      وأنك عاجز عن شكره، ولا يتبين هذا إلا في المحبة الصادقة، فإن المحب يستكثر من محبوبه كل مايناله منه.

      لئن ساءني أن نلتني بمساءة.. ..........فقد سرني أني خطرت ببالكا.

      فمعاملتك للحق سبحانه بمقتضى الاعتذار من كل ما منك، والشكر على ما منه:
      عقد مع الله تعالى، لازم لك أبدا، لا ترى من الوفاء به لله بدا، فهو عقد لازم إلى يوم القيامة.

      الدرجة الثالثة:
      التخلق بتصفيه الخلق، ثم الصعود عن تفرقة التخلق، ثم التخلق بمجاوزة اﻷخلاق.

      أي أن تصفي أخلاقك وتكملها بالدرجات التي قبلها ويصفيها من الشوائب والقذى والتشويش.
      ويصعد بأخلاقه إلى ما فوق ذلك.

      ومدار حسن الخلق على حرفين كما يقول الشيخ عبد القادر الكيلاني-رحمه الله-
      كن مع الحق بلا خلق، ومع الخلق بلا نفس.

      فمتى عزلت الخلق -حال كونك مع الله -وعزلت النفس-حال كونك مع الخلق-فقد فزت .انتهى

      مدارج السالكين
      ج3 ( 2230، 2236)
      • القرآن جنتي
    • التواضع

      هو خفض الجناح وكسر الجانب،وضبط اﻷفعال اﻷختياريه عن اﻹفراط والتفريط
      والانقياد للحق بسهولة.ومنه أن لا تعارض منقولا بمعقول.

      قال تعالى:{وعباد الرحمن الذين يمشون على اﻷرض هونا}. [الفرقان:63].
      الهون:بالفتح في اللغة:الرفق والدين ،وبالضم :الهوان..

      فالمفتوح منه صفة أهل الإيمان
      والمضموم: صفة أهل الكفران وجزاؤهم من الله.


      قال تعالى:{يا أيها الذين ءامنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه
      أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين
      }[المائد:54].

      المراد بذل المؤمن هنا:هو ذل اللين والانقياد الذي صاحبه ذلول،
      فالمؤمن ذلول، كما في الحديث (المؤمن كالجمل الذلول،والمنافق والفاسق ذليل )


      وأربعة يعشقهم الذل:
      الكذاب، والنمام ،البخيل، والجبار .

      وقوله :{أعزة على الكافرين}.

      هي عزة القوةوالمنعة والغلبة

      قال،عطاء-رضي الله عنه-للمؤمن كالولد لوالده،وعلى الكافر كالسبع على فريسته.

      قال صلى الله عليه وسلم:
      ( ألا أخبركم بمن يحرم على النار؟-أو تحرم عليه النار- تحرم على كل قريب هين لين سهل) رواه الترمذي .

      كان رسول الله صلى الله عليه وسلم متواضعا يخدم قي بيته،
      وإذا أكل لعق أصابعه الثلاث،و يسلم على الصبي،و يعود المريض،ويركب الحمار،و
      يسلم على الصبيان،ويجيب دعوة العبد،ويشهد الجنائز.

      مدارج السالكين
      ج3 ( 2237، 2243)
      • القرآن جنتي


    • أقوال مأثورة في التواضع



      سئل الفضيل بن عياض عن التواضع؟
      فقال
      :يخضع للحق، وينقاد له،ويقبله ممن قاله.

      وقيل أن لاترى لنفسك قيمة،فمن رأى لنفسه قيمة فليس له في التواضع نصيب وهذا مذهب الفضيل .

      وقال الجنيد بن محمد:هو خفض الجناح،ولين الجانب.

      قال أبو يزيد-رحمه الله :هو أن لا يرى لنفسه مقاما ولا حالا،ولا يرى في الخلق شرا منه.

      قال ابن عطاء-رحمه الله:هو قبول الحق ممن كان،والعز في التواضع،
      فمن طلبه في الكبر فهو كتطلب الماء من النار.

      وقال إبراهيم بن شيبان:الشرف في التواضع،
      والعز في التقوى،والحرية في القناعة.


      قال عروة بن الزبير-رضي الله عنه-:رأيت عمر بن الخطاب-رضي الله عنه- على عاتقه قربة ماء، قلت:

      (
      يا أمير المؤمنين،لا ينبغي لك هذا،فقال:لما أتاني الوفود سامعين مطيعين،دخلت نفسي نخوة فأحببت أن أكسرها.)



      وولي أبو هريرة-رضي الله عنه-إمارة مرة،فكان يحمل حزمة الحطب على ظهره وهو يقول طرقوا للأمير .

      عير أبا ذر-رضي الله عنه-بلالا-رضي الله عنه-بسواده، ثم ندم، فألقى نفسه وحلف:
      لا رفعت رأسي حتى يطأ بلال خدي بقدمه،فلم يرفع رأسه حتى فعل بلال.

      بلغ عمر بن عبدالعزيز-رضي الله عنه-أن ابنا له اشترى خاتما بألف درهم فكتب إليه عمر:
      بلغني أنك اشتريت فصا بألف درهم،فإذا أتاك كتابي فبع الخاتم،
      وأشبع به ألف بطن،واتخذ خاتما بدرهمين،
      واجعل فصه حديدا صينيا،واكتب رحم الله امرءا عرف قدر نفسه.

      مدارج السالكين
      ج3 ( 2244، 2250)
      • القرآن جنتي


    • أول ذنب


      الكبر والحرص:

      الكبر ذنب إبليس اللعين، فآل أمره إلى ما آل إليه،وذنب آدم عليه السلام الحرص.



      ذنب إبليس حمله على الاحتجاج بالقدر واﻹصرار،
      وذنب آدم أوجب له إضافته إلى نفسه،والاعتراف به والاستغفار.

      فأهل الكبر واﻹصرار، والاحتجاج بالأقدار:
      مع شيخهم وقائدهم إلى النار إبليس،وأهل الشهوة.



      :المستغفرون التائبون المعترفون بالذنوب

      الذين لا يحتجون عليها باﻷقدار:مع أبيهم آدم في الجنة.




      قال تعالى:{أدخلوا أبواب جهنم خالدين فيها فبئس مثوى المتكبرين}. [غافر :76].

      قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
      ( لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر ))

      مدارج السالكين
      ج3 (2251، 2252)
      • القرآن جنتي



    • كيف تتحصل على التواضع؟

      أن تتلقي سلطان الحق بالخضوع له،والذل،والانقياد،والدخول تحت رقه،
      بحيث يكون الحق متصرفا فيك،تصرف المالك في مملوكه.

      ولهذا فسر النبي صلى الله عليه وسلم الكبر بضده،فقال: ((
      الكبر بطر الحق،وغمط الناس))
      احتقارهم وازدراؤهم،ومتى احتقرهم وازدراهم: جحد حقوقهم واستهان بها.

      درجات التواضع:

      1. التواضع للدين:وهو الانقياد لما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم والاستسلام له،والإذعان وذلك بثلاثة أشياء:

      -أن لا يعارض شيئا مما جاء به سواء بالمعقول،أو القياس،أو الذوق،أو السياسة.

      *من عارض بالعقل
      فهو من المتكلمين الذين عارضوا نصوص الوحي،
      وقالوا إذا تعارض العقل مع النقل قدمنا العقل.


      *ومن عارض بالقياس

      هم المنتسبون للفقه،قالوا:إذا عارض القياس والرأي النصوص: قدمنا القياس على النص.


      *ومن قدم الذوق والحال ولم يعبأ باﻷمر
      هم المنتسبون للتصوف والزهد.


      *ومن قدم السياسة،
      هم
      المنحرفون من ولاة اﻷمر واﻷمراء الجائرين.

      إذا تعارضت عندهم الشريعة والسياسة قدموا السياسة،ولم يلتفتوا لحكم الشريعة.



      -أن لا يتهم دليلا من أدلة الدين، بحيث يظنه فاسد الدلالة،
      أوناقصا، ومتى عرض له ذلك فليتهم نفسه.



      وإذا رأيت من أدلة الدين مايشكل عليك،وينبو فهمك عنه فاعلم أنه لعظمته
      وشرفه استعصى عليك، وأن تحته كنزا من كنوز العلم،ولم تؤت مفاتحه بعد.

      وبالنسبة ﻵراء اﻵخرين: فاتهم آراء الرجال على نصوص الوحي.

      قال الشافعي -رحمه الله -وأجمع المسلمون على أن من استبانت له
      سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم
      لم يحل له أن يدعها لقول أحد.


      - أن لا يجد إلى خلاف النص سبيلا البتة،لا بباطنه ولا بلسانه،
      ولا بفعله ولا بحاله.وهو داع إلى النفاق الذي خافه الكبار، واﻷئمة على نفوسهم.

      -------------------- --------
      المعقول: تقديم العقل.
      القياس: حمل فرع على أصل في حكم جامع بينهما.


      مدارج السالكين
      ج3 ( 2254، 2259)
      • القرآن جنتي


    • اﻷمور التي تعين على التواضع..


      بأن تعلم أن النجاة في البصيرة،والاستقامة بعد الثقة،وأن البينة وراء الحجة.

      1.أن تعلم أن النجاة من الشقاء والضلال:إنما في البصيرة،
      فمن لابصيرة له:فهو من أهل الضلال في الدنيا والشقاء في اﻵخرة.

      والبصيرة نور يجعله الله في عين القلب،يفرق به بين الحق والباطل،
      ونسبته إلى القلب،كنسبة ضوء العين إلى العين.




      وهذه البصيرة:وهبية وكسيبة.فمن أدام النظر في أعلام الحق وأدلته،وتجرد لله عن

      هواه:استنارت بصيرته،ورزق فرقانا يفرق به بين الحق والباطل.

      2.أن تعلم أن الاستقامة،تكون بعد الثقة بصحة ما معه من العلم،
      وأنه مقتبس من مشكاة النبوة،ومن لم يكن كذلك فلا ثقة له ولا استقامة.

      3.أن تعلم أن البينة وراء الحجة .

      البينة:استبانة الحق،وظهوره،ويكون بعد ظهور الحجة،فإنها متى ظهرت استبان الحق وظهر واتضح.

      مدارج السالكين
      ج3 ( 2260، 2262)
      • القرآن جنتي


    • الدرجة الثانية

      أن ترضى بمن رضي به الحق لنفسه ، عبدا من المسلمين أخا،
      وأن لا ترد على عدوك حقا، وتقبل من المعتذر معاذيره.

      إذا كان الله قد رضي أخاك المسلم لنفسه عبدا،
      أفلا ترضى انتسابه أخا، فعدم رضاك به أخا عين الكبر .

      وقوله (وأن لاترد على عدوك حقا).

      أي لا تصح لك درجة التواضع حتى تقبل الحق ممن تحب وممن تبغض،

      وإن كان له حق أديته إليه ، فلا تمنعك عداوته من قبول حقه ، ولا من إيفائه إياه.

      وأما (قبولك من المعتذر معاذيره)

      فمعناه:أن من أساء إليك ، ثم جاء يعتذر من إساءته، فإن التواضع يوجب عليك قبول معذرته ،
      حقا كان أو باطلا، وتكل سريرته إلى الله تعالى،
      كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنافقين الذين تخلفوا عنه في الغزو.


      وعلامة الكرم والتواضع:
      أنك إذا رأيت الخلل في عذره لا توقفه عليه ولا تحاجه ،
      وقل :يمكن أن يكون الأمر كما تقول ، ولو قضي شيء لكان، والمقدور لا مدفع له .

      مدارج السالكين
      ج3 ( 2262، 2264)
      • القرآن جنتي


    • الدرجة الثالثة التواضع للحق



      أن تتضع للحق،فتنزل عن رأيك وعوائدك في الخدمة ورؤية حقك في الصحبة .

      (التواضع للحق)بأن تخدم الحق سبحانه،وتعبده بما أمرك به،

      على مقتضى أمره [لأجل أنه أمرك].

      لا على ماتراه من رأيك ،ولايكون الباعث لك داعي العادة.

      ولا موافقة الهوى بل يكون الباعث في العبادة أمر الله لك فيها .




      أما(نزوله عن رؤية حقه في الصحبة)

      أي أن لا يرى لنفسه حق على الله لأجل عمله،

      ولا ينافي هذا ما أحقه الله سبحانه من إثابة عابديه وإكرامهم،

      فإن ذلك حق أحقه على نفسه،بمحض كرمه وبره وجوده وإحسانه.

      لا باستحقاق العبيد،وأنهم أوجبوه عليه بأعمالهم.


      وهنا ينبغي أن ننبه على أمر:

      أنه لايدخل أحدا عمله الجنة أبدا،ولا ينجيه من النار،
      والله سبحانه وتعالى-بفضله وكرمه-أكد إحسانه وجوده وبره بأن أوجب لعبده عليه حقا
      بمقتضى الوعد فإن وعد الكريم إيجاب ولو ب (عسى،ولعل).


      ولهذا قال ابن عباس-رضي الله عنه-((عسى: من الله واجب)).


      قال النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذ بن جبل -رضي الله عنه -

      (
      (يامعاذ ، أتدري ما حق الله على العباد))

      قال :الله ورسوله أعلم،

      قال (حقه أن يعبدوه ولايشركوا به شيئا ، يا معاذ أتدري ماحق العباد على الله إن فعلوا ذلك ؟))

      قلت الله ورسوله أعلم ،

      قال (حقهم عليه :أن لا يعذبهم بالنار)).

      فالرب سبحانه ما لأحد عليه حق، ولا يضيع لديه سعي.
      ووعد اللئيم خلف، ولو اقترن به العهد والحلف.



      مدارج السالكين
      ج3 ( 2264، 2268)
      • القرآن جنتي