المكتبة الإسلامية

    • السيرة النبوية ( لابن هشام ) ح 21

      سيرة ابن هشام > الجزء الأول


      [ كسرى وبعثة النبي صلى الله عليه وسلم ]


      فبلغني عن الزهري أنه قال كتب كسرى إلى باذان : أنه بلغني أن رجلا من قريش خرج بمكة ، يزعم أنه نبي ، فسر إليه فاستتبه فإن تاب وإلا فابعث إلي برأسه .

      فبعث باذان بكتاب كسرى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فكتب إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم (( إن الله قد وعدني أن يقتل كسرى في يوم كذا من شهر كذا )) فلما أتى باذان الكتاب توقف لينظر وقال إن كان نبيا فسيكون ما قال . فقتل الله كسرى في اليوم الذي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم .

      قال ابن هشام : قتل على يدي ابنه شيرويه ، وقال خالد بن حق الشيباني :

      وكسرى إذ تقسمه بنوه ### بأسياف كما اقتسم اللحام

      تمخضت المنون له بيوم ### أنى ولكل حاملة تمام


      [ إسلام باذان ]


      قال الزهري : فلما بلغ ذلك باذان بعث بإسلامه وإسلام من معه من الفرس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم . فقالت الرسل من الفرس لرسول الله صلى الله عليه وسلم إلى من نحن يا رسول الله ؟ قال أنتم منا وإلينا أهل البيت .


      [ سلمان منا ]


      قال ابن هشام : فبلغني عن الزهري أنه قال فمن ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (( سلمان منا أهل البيت ))
    • السيرة النبوية ( لابن هشام ) ح 22

      سيرة ابن هشام > الجزء الأول

      [ بعثة النبي ونبوءة سطيح وشق ]


      قال ابن هشام : فهو الذي عنى سطيح بقوله " نبي زكي ، يأتيه الوحي من قبل العلي " . والذي عنى شق بقوله " بل ينقطع برسول مرسل يأتي بالحق والعدل من أهل الدين والفضل يكون الملك في قومه إلى يوم الفصل " .



      [ الحجر الذي وجد باليمن ]


      قال ابن إسحاق : وكان في حجر باليمن - فيما يزعمون كتاب - بالزبور كتب في الزمان الأول " لمن ملك ذمار ؟ لحمير الأخيار لمن ملك ذمار ؟ للحبشة الأشرار لمن ملك ذمار ؟ لفارس الأحرار لمن ملك ذمار ؟ لقريش التجار " . وذمار : اليمن أو صنعاء .

      قال ابن هشام : ذمار : بالفتح فيما أخبرني يونس



      [ شعر لأعشى في نبوءة سطيح وشق ]


      قال ابن إسحاق : وقال الأعشى أعشى بني قيس بن ثعلبة في وقوع ما قال سطيح وصاحبه

      ما نظرت ذات أشفار كنظرتها ### حقا كما صدق الذئبي إذا سجعا


      وكانت العرب تقول لسطيح الذئبي لأنه سطيح بن ربيعة بن مسعود بن مازن بن ذئب . قال ابن هشام : وهذا البيت في قصيدة له .
    • السيرة النبوية ( لابن هشام ) ح 23

      سيرة ابن هشام > الجزء الأول


      قصة ملك الحضر


      [ نسب النعمان وشيء عن الحضر ، وشعر عدي فيه ]



      قال ابن هشام : وحدثني خلاد بن قرة بن خالد السدوسي عن جناد ، أو عن بعض علماء أهل الكوفة بالنسب أنه يقال (( إن النعمان بن المنذر من ولد ساطرون ملك الحضر ))

      والحضر : حصن عظيم كالمدينة ، كان على شاطئ الفرات ، وهو الذي ذكر عدي بن زيد في قوله

      وأخو الحضر إذ بناه وإذ ### دجلة تجبى إليه والخابور

      شاده مرمرا وجلله كلسا ### فللطير في ذراه وكور

      لم يهبه ريب المنون فبان ### الملك عنه فبابه مهجور


      قال ابن هشام : وهذه الأبيات في قصيدة له . والذي ذكره أبو دواد الإيادي في قوله

      وأرى الموت قد تدلى من الحضر ###على رب أهله الساطرون


      وهذا البيت في قصيدة له . ويقال إنها لخلف الأحمر ويقال لحماد الراوية .




      [ دخول سابور الحضر ، وزواجه بنت ساطرون وما وقع بينهما ]





      وكان كسرى سابور ذو الأكتاف غزا ساطرون ملك الحضر ، فحصره سنتين فأشرفت بنت ساطرون يوما ، فنظرت إلى سابور وعليه ثياب ديباج وعلى رأسه تاج من ذهب مكلل بالزبرجد والياقوت واللؤلؤ وكان جميلا ، فدست إليه أتتزوجني إن فتحت لك باب الحضر ؟ فقال نعم فلما أمسى ساطرون شرب حتى سكر وكان لا يبيت إلا سكران . فأخذت مفاتيح باب الحضر من تحت رأسه فبعثت بها مع مولى لها ، ففتح الباب فدخل سابور فقتل ساطرون ، واستباح الحضر وخربه وسار بها معه فتزوجها .

      فبينا هي نائمة على فراشها ليلا إذ جعلت تتململ لا تنام فدعا لها بشمع ففتش فراشها ، فوجد عليه ورقة آس فقال لها سابور أهذا الذي أسهرك ؟ قالت نعم قال فما كان أبوك يصنع بك ؟ قالت كان يفرش لي الديباج ويلبسني الحرير ويطعمني المخ ويسقيني الخمر قال أفكان جزاء أبيك ما صنعت به ؟ أنت إلي بذلك أسرع ثم أمر بها فربطت قرون رأسها بذنب فرس ثم ركض الفرس حتى قتلها . ففيه يقول أعشى بني قيس بن ثعلبة :

      ألم تر للحضر إذ أهله ##بنعمى وهل خالد من نعم

      أقام به شاهبور الجنود ##حولين تضرب فيه القدم

      فلما دعا ربه دعوة ## أناب إليه فلم ينتقم


      وهذه الأبيات في قصيدة له .


      وقال عدي بن زيد في ذلك

      والحضر صابت عليه داهية ###من فوقه أيد مناكبها

      ربية لم توق والدها ### لحينها إذ أضاع راقبها

      إذ غبقته صهباء صافية ###والخمر وهل يهيم شاربها

      فأسلمت أهلها بليلتها ###تظن أن الرئيس خاطبها

      فكان حظ العروس إذ جشر الصبح ###دماء تجري سبائبها

      وخرب الحضر واستبيح وقد ###أحرق في خدرها مشاجبها


      وهذه الأبيات في قصيدة له .




      ذكر ولد نزار بن معد


      [ أولاده في رأي ابن إسحاق وابن هشام ]


      قال ابن إسحاق : فولد نزار بن معد ثلاثة نفر مضر بن نزار وربيعة بن نزار وأنمار بن نزار .

      قال ابن هشام وإياد بن نزار .

      قال الحارس بن دوس الإيادي ، ويروى لأبي دواد الإيادي و اسمه جارية بن الحجاج

      وفتو حسن أوجههم

      من إياد بن نزار بن معد


      وهذا البيت في أبيات له .

      فأم مضر وإياد سودة بنت عك بن عدنان وأم ربيعة و أنمار شفيقة بنت عك بن عدنان ، ويقال جمعة بنت عك بن عدنان .



      [ أولاد أنمار ]


      قال ابن إسحاق : فأنمار أبو خثعم وبجيلة . قال جرير بن عبد الله البجلي وكان سيد بجيلة ، وهو الذي يقول له القائل

      لولا جرير هلكت بجيله ### نعم الفتى وبئست القبيله


      وهو ينافر الفرافصة الكلبي إلى الأقرع بن حابس التميمي ( بن عقال بن مجاشع بن دارم بن مالك بن حنظلة بن مالك بن زيد مناة ) :

      يا أقرع بن حابس يا أقرع ### إنك إن يصرع أخوك تصرع


      وقال

      ابني نزار انصرا أخاكما ### إن أبي وجدته أباكما


      لن يغلب اليوم أخ والاكما


      وقد تيامنت فلحقت باليمن . قال ابن هشام : قالت اليمن : وبجيلة : أنمار بن إراش بن لحيان بن عمرو بن الغوث بن نبت بن مالك بن زيد بن كهلان بن سبأ ; ويقال إراش بن عمرو بن لحيان بن الغوث . ودار بجيلة وخثعم : يمانية .



      [ أولاد مضر ]


      قال ابن إسحاق : فولد مضر بن نزار رجلين إلياس بن مضر ، وعيلان بن مضر . قال ابن هشام : وأمهما جرهمية .
      [ أولاد إلياس ]



      قال ابن إسحاق : فولد إلياس بن مضر ثلاثة نفر مدركة بن إلياس وطابخة بن إلياس وقمعة بن إلياس وأمهم خندف ، امرأة من اليمن .


      [ شيء عن خندف وأولادها ]


      قال ابن هشام : خندف بنت عمران بن الحاف بن قضاعة .

      قال ابن إسحاق : وكان اسم مدركة عامرا ، واسم طابخة عمرا ; وزعموا أنهما كانا في إبل لهما يرعيانها ، فاقتنصا صيدا فقعدا عليه يطبخانه وعدت عادية على إبلهما ، فقال عامر لعمرو : أتدرك الإبل أم تطبخ هذا الصيد ؟ فقال عمرو : بل أطبخ فلحق عامر بالإبل فجاء بها ، فلما راحا على أبيهما حدثاه بشأنهما ، فقال لعامر أنت مدركة وقال لعمرو : وأنت طابخة ( وخرجت أمهم لما بلغها الخبر وهي مسرعة فقال لها : تخندفين فسميت خندف ) .

      وأما قمعة فيزعم نساب مضر : أن خزاعة من ولد عمرو بن لحي بن قمعة بن إلياس .
    • السيرة النبوية ( لابن هشام ) ح 24

      السيرة النبوية لابن هشام > الجزء الأول >

      قصة عمرو بن لحي وذكر أصنام العرب


      قال ابن إسحاق : وحدثني عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن أبيه قال حدثت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (( رأيت عمرو بن لحي يجر قصبه في النار فسألته عمن بيني وبينه من الناس فقال هلكوا ))

      قال ابن إسحاق : وحدثني محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي أن أبا صالح السمان حدثه أنه سمع أبا هريرة - قال ابن هشام : واسم أبي هريرة عبد الله بن عامر ، ويقال اسمه عبد الرحمن بن صخر - يقول (( سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لأكثم بن الجون الخزاعي يا أكثم رأيت عمرو بن لحي بن قمعة بن خندف يجر قصبه في النار فما رأيت رجلا أشبه برجل منك به ولا بك منه فقال أكثم عسى أن يضرني شبهه يا رسول الله ؟ قال لا ، إنك مؤمن وهو كافر إنه كان أول من غير دين إسماعيل فنصب الأوثان وبحر البحيرة وسيب السائبة ووصل الوصيلة وحمى الحامي ))


      [ جلب الأصنام من الشام إلى مكة ]


      قال ابن هشام : حدثني بعض أهل العلم أن عمرو بن لحي خرج من مكة إلى الشام في بعض أموره فلما قدم مآب من أرض البلقاء ، وبها يومئذ العماليق - وهم ولد عملاق . ويقال عمليق بن لاوذ بن سام بن نوح - رآهم يعبدون الأصنام فقال لهم ما هذه الأصنام التي أراكم تعبدون ؟ قالوا له هذه أصنام نعبدها ، فنستمطرها فتمطرنا ، و نستنصرها فتنصرنا ، فقال لهم أفلا تعطونني منها صنما ، فأسير به إلى أرض العرب ، فيعبدوه ؟ فأعطوه صنما يقال له هبل فقدم به مكة ، فنصبه وأمر الناس بعبادته وتعظيمه .


      [ أول عبادة الحجارة كانت في بني إسماعيل ]



      قال ابن إسحاق : ويزعمون أن أول ما كانت عبادة الحجارة في بني إسماعيل أنه كان لا يظعن من مكة ظاعن منهم حين ضاقت عليهم والتمسوا الفسح في البلاد إلا حمل معه حجرا من حجارة الحرم تعظيما للحرم فحيثما نزلوا وضعوه فطافوا به كطوافهم بالكعبة حتى سلخ ذلك بهم إلى أن كانوا يعبدون ما استحسنوا من الحجارة وأعجبهم حتى خلف الخلوف ونسوا ما كانوا عليه واستبدلوا بدين إبراهيم وإسماعيل غيره فعبدوا الأوثان وصاروا إلى ما كانت عليه الأمم قبلهم من الضلالات وفيهم على ذلك بقايا من عهد إبراهيم يتمسكون بها ، من تعظيم البيت والطواف به والحج والعمرة والوقوف على عرفة والمزدلفة وهدي البدن والإهلال بالحج والعمرة مع إدخالهم فيه ما ليس منه . فكانت كنانة وقريش إذا أهلوا قالوا : " لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك ، إلا شريك هو لك ، تملكه وما ملك " . فيوحدونه بالتلبية ثم يدخلون معه أصنامهم ويجعلون ملكها بيده . يقول الله تبارك وتعالى لمحمد صلى الله عليه وسلم (( وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون )) أي ما يوحدونني لمعرفة حقي إلا جعلوا معي شريكا من خلقي .



      [ الأصنام عند قوم نوح ]


      وقد كانت لقوم نوح أصنام قد عكفوا عليها ، قص الله تبارك وتعالى خبرها على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال (( وقالوا لا تذرن آلهتكم ولا تذرن ودا ولا سواعا ولا يغوث ويعوق ونسرا وقد أضلوا كثيرا ))


      [ القبائل وأصنامها ، وشيء عنها ]



      فكان الذين اتخذوا تلك الأصنام من ولد إسماعيل وغيرهم وسموا بأسمائهم حين فارقوا دين إسماعيل هذيل بن مدركة بن إلياس بن مضر ، اتخذوا سواعا ، فكان لهم برهاط .

      وكلب بن وبرة من قضاعة ، اتخذوا ودا بدومة الجندل .

      قال ابن إسحاق : وقال كعب بن مالك الأنصاري :

      وننسى اللات والعزى وودا

      ونسلبها القلائد والشنوفا




      [ ما كان يفعله العرب مع الأصنام ]


      قال ابن إسحاق : واتخذ أهل كل دار في دارهم صنما يعبدونه فإذا أراد الرجل منهم سفرا تمسح به حين يركب فكان ذلك آخر ما يصنع حين يتوجه إلى سفره وإذا قدم من سفره تمسح به فكان ذلك أول ما يبدأ به قبل أن يدخل على أهله فلما بعث الله رسوله محمدا صلى الله عليه وسلم بالتوحيد قالت قريش : (( أجعل الآلهة إلها واحدا إن هذا لشيء عجاب )) وكانت العرب قد اتخذت مع الكعبة طواغيت وهي بيوت تعظمها كتعظيم الكعبة ، لها سدنة وحجاب وتهدي لها كما تهدي للكعبة وتطوف به كطوافها بها ، وتنحر عندها . وهى تعرف فضل الكعبة عليها ، لأنها كانت قد عرفت أنها بيت إبراهيم الخليل ومسجده .
    • السير ة النبوية ( لابن هشام ) ح 25

      سيرة ابن هشام > الجزء الأول


      [ ذو الكعبات وسدنته ]

      قال ابن إسحاق : وكان ذو الكعبات لبكر وتغلب ابني وائل وإياد بسنداد وله يقول أعشى بني قيس بن ثعلبة

      بين الخورنقوالسدير وبارق

      والبيت ذي الكعبات من سنداد


      قال ابن هشام : وهذا البيت للأسود بن يعفر النهشلي . نهشل بن دارم بن مالك بن حنظلة بن مالك بن زيد مناة بن تميم ، في قصيدة له . وأنشدنيه أبو محرز خلف الأحمر :

      أهل الخورنق والسدير وبارق ### والبيت ذي الشرفات من سنداد


      أمر البحيرة والسائبة والوصيلة والحامي


      قال ابن إسحاق : فأما البحيرة فهي بنت السائبة والسائبة الناقة إذا تابعت بين عشر إناث ليس بينهن ذكر سيبت فلم يركب ظهرها ، ولم يجز وبرها ولم يشرب لبنها إلا ضيف فما نتجت بعد ذلك من أنثى شقت أذنها ، ثم خلي سبيلها مع أمها فلم يركب ظهرها ، ولم يجز وبرها ، ولم يشرب لبنها إلا ضيف كما فعل بأمها ، فهي البحيرة بنت السائبة . والوصيلة الشاة إذا أتأمت عشر إناث متتابعات في خمسة أبطن ليس بينهن ذكر جعلت وصيلة . قالوا : قد وصلت فكان ما ولدت بعد ذلك للذكور منهم دون إناثهم إلا أن يموت منها شيء فيشتركوا في أكله ذكورهم وإناثهم .

      قال ابن هشام : ويروي : فكان ما ولدت بعد ذلك لذكور بنيهم دون بناتهم . قال ابن إسحاق : والحامي : الفحل إذا نتج له عشر إناث متتابعات ليس بينهن ذكر حمي ظهره فلم يركب ولم يجز وبره وخلي في إبله يضرب فيها ، لا ينتفع منه بغير ذلك .

      قال ابن هشام : وهذا ( كله ) عند العرب على غير هذا إلا الحامي ، فإنه عندهم على ما قال ابن إسحاق .

      فالبحيرة عندهم الناقة تشق أذنها فلا يركب ظهرها ، ولا يجز وبرها ، ولا يشرب لبنها إلا ضيف . أو يتصدق به وتهمل لآلهتهم .

      والسائبة التي ينذر الرجل أن يسيبها إن برئ من مرضه أو إن أصاب أمرا يطلبه . فإذا كان أساب ناقة من إبله أو جملا لبعض آلهتهم فسابت فرعت لا ينتفع بها . والوصيلة التي تلد أمها اثنين في كل بطن فيجعل صاحبها لآلهته الإناث ( منها ) ولنفسه الذكور منها ، فتلدها أمها ومعها ذكر في بطن فيقولون وصلت أخاها . فيسيب أخوها معها فلا ينتفع به .

      قال ابن هشام : حدثني به يونس بن حبيب النحوي وغيره روى بعض ما لم يرو بعض .



      قال ابن إسحاق : فلما بعث الله تبارك وتعالى رسوله محمدا صلى الله عليه وسلم أنزل عليه

      ((ما جعل الله من بحيرة ولا سائبة ولا وصيلة ولا حام ولكن الذين كفروا يفترون على الله الكذب وأكثرهم لا يعقلون ))

      وأنزل الله تعالى :

      (( وقالوا ما في بطون هذه الأنعام خالصة لذكورنا ومحرم على أزواجنا وإن يكن ميتة فهم فيه شركاء سيجزيهم وصفهم إنه حكيم عليم )).

      وأنزل عليه

      (( قل أرأيتم ما أنزل الله لكم من رزق فجعلتم منه حراما وحلالا قل آلله أذن لكم أم على الله تفترون ))
      وأنزل عليه

      (( من الضأن اثنين ومن المعز اثنين قل آلذكرين حرم أم الأنثيين أما اشتملت عليه أرحام الأنثيين نبئوني بعلم إن كنتم صادقين ومن الإبل اثنين ومن البقر اثنين قل آلذكرين حرم أم الأنثيين أما اشتملت عليه أرحام الأنثيين أم كنتم شهداء إذ وصاكم الله بهذا فمن أظلم ممن افترى على الله كذبا ليضل الناس بغير علم إن الله لا يهدي القوم الظالمين )).


      [ البحيرة والسائبة والوصيلة والحامي لغة ]

      قال ابن هشام : قال الشاعر

      حول الوصائل في شريف حقة

      والحاميات ظهورها والسيب


      وقال تميم بن أبي ( بن ) مقبل أحد بني عامر بن صعصعة فيه من الأخرج المرباع قرقرة هدر الديافي وسط الهجمة البحر وهذا البيت في قصيدة له . وجمع بحيرة بحائر وبحر . وجمع وصيلة وصائل ووصل . وجمع سائبة ( الأكثر ) : سوائب وسيب . وجمع حام ( الأكثر ) : حوم .
    • السيرة النبوية ( لابن هشام ) ح 26

      سيرة ابن هشام > الجزء الأول


      عودة إلى سياقة النسب


      [ نسب خزاعة ]



      قال ابن إسحاق : وخزاعة تقول نحن بنو عمرو بن عامر ، من اليمن .

      قال ابن هشام : وتقول خزاعة : نحن بنو عمرو بن ربيعة بن حارثة بن عمرو بن عامر بن حارثة بن امرئ القيس بن ثعلبة بن مازن بن الأسد بن الغوث ; وخندف أمها ، فيما حدثني أبو عبيدة وغيره من أهل العلم .

      ويقال خزاعة : بنو حارثة بن عمرو بن عامر ، وإنما سميت خزاعة لأنهم تخزعوا من ولد عمرو بن عامر ، حين أقبلوا من اليمن يريدون الشام ، فنزلوا بمر الظهران فأقاموا بها .

      قال عون بن أيوب الأنصاري أحد بني عمرو بن سواد بن غنم بن كعب بن سلمة من الخزرج في الإسلام

      فلما هبطنا بطن مر تخزعت

      خزاعة منا في خيول كراكر

      حمت كل واد من تهامة واحتمت

      بصم القنا والمرهفات البواتر


      وهذان البيتان في قصيدة له .

      وقال أبو المطهر إسماعيل بن رافع الأنصاري ، أحد بني حارثة بن الحارث بن الخزرج بن عمرو بن مالك بن الأوس .

      فلما هبطنا بطن مكة أحمدت

      خزاعة دار الآكل المتحامل

      فحلت أكاريسا وشتت قنابلا

      على كل حي بين نجد وساحل

      نفوا جرهما عن بطن مكة واحتبوا

      بعز خزاعي شديد الكواهل



      [ أولاد مدركة وخزيمة ]


      قال ابن إسحاق : فولد مدركة بن إلياس رجلين خزيمة بن مدركة وهذيل بن مدركة ; وأمهما امرأة من قضاعة . فولد خزيمة بن مدركة أربعة نفر كنانة بن خزيمة ، وأسد بن خزيمة ، وأسدة بن خزيمة ، والهون بن خزيمة ، فأم كنانة عوانة بنت سعد بن قيس بن عيلان بن مضر .

      قال ابن هشام : ويقال الهون بن خزيمة .



      [ أولاد كنانة وأمهاتهم ]


      قال ابن إسحاق : فولد كنانة بن خزيمة أربعة نفر النضر بن كنانة ، ومالك بن كنانة ، وعبد مناة بن كنانة ، وملكان بن كنانة . فأم النضر برة بنت مر بن أد بن طابخة بن إلياس بن مضر ، وسائر بنيه لامرأة أخرى .

      قال ابن هشام : أم النضر ومالك وملكان برة بنت مر ; وأم عبد مناة : هالة بنت سويد بن الغطريف من أزد شنوءة . وشنوءة عبد الله بن كعب بن عبد الله بن مالك بن نصر بن الأسد بن الغوث ، وإنما سموا شنوءة لشنآن كان بينهم . و الشنآن البغض .

      قال ابن هشام : النضر قريش ، فمن كان من ولده فهو قرشي ، ومن لم يكن من ولده فليس بقرشي . قال جرير بن عطية أحد بني كليب بن يربوع بن حنظلة بن مالك بن زيد مناة تميم بن يمدح هشام بن عبد الملك بن مروان :

      فما الأم التي ولدت قريشا

      بمقرفة النجار ولا عقيم

      وما قرم بأنجب من أبيكم

      وما خال بأكرم من تميم


      يعني برة بنت مر أخت تميم بن مر ، أم النضر . وهذان البيتان في قصيدة له . ويقال فهر بن مالك : قريش ، فمن كان من ولده فهو قرشي ، ومن لم يكن من ولده فليس بقرشي وإنما سميت قريش قريشا من التقرش والتقرش التجارة والاكتساب . قال رؤبة بن العجاج :

      قد كان يغنيهم عن الشغوش

      والخشل من تساقط القروش


      شحم ومحض ليس بالمغشوش

      قال ابن هشام والشغوش قمح يسمى الشغوش . والخشل رءوس الخلاخيل والأسورة ونحوه . والقروش التجارة والاكتساب . يقول قد كان يغنيهم عن هذا شحم ومحض . والمحض اللبن الحليب الخالص . وهذه الأبيات في أرجوزة له . وقال أبو جلدة اليشكري ، ويشكر بن بكر بن وائل :

      إخوة قرشوا الذنوب علينا

      في حديث من عمرنا وقديم


      وهذا البيت في أبيات له قال ابن إسحاق : ويقال إنما سميت قريش قريشا لتجمعها من بعد تفرقها ، ويقال للتجمع التقرش .



      [ أولاد النضر وأمهاتهم ]


      فولد النضر بن كنانة رجلين مالك بن النضر ، ويخلد بن النضر فأم مالك عاتكة بنت عدوان بن عمرو بن قيس بن عيلان ولا أدري أهي أم يخلد أم لا .

      قال ابن هشام : والصلت بن النضر - فيما قال أبو عمرو المدني - وأمهم جميعا بنت سعد بن ظرب العدواني .

      وعدوان بن عمرو بن قيس بن عيلان .

      قال كثير بن عبد الرحمن وهو كثير عزة أحد بني مليح بن عمرو ، من خزاعة :

      أليس أبي بالصلت أم ليس إخوتي

      لكل هجان من بني النضر أزهرا

      رأيت ثياب العصب مختلط السدى

      بنا وبهم والحضرمي المخصرا

      فإن لم تكونوا من بني النضر فاتركوا

      أراكا بأذناب الفوائج أخضرا


      وهذه الأبيات في قصيدة له .

      والذين يعزون إلى الصلت بن النضر من خزاعة ، بنو مليح بن عمرو ، رهط كثير عزة .



      [ ولد مالك بن النضر وأمه ]


      قال ابن إسحاق : فولد مالك بن النضر فهر بن مالك ، وأمه جندلة بنت الحارث بن مضاض الجرهمي .

      قال ابن هشام : وليس بابن مضاض الأكبر .



      [ أولاد فهر وأمهاتهم ]



      قال ابن إسحاق : فولد فهر بن مالك أربعة نفر غالب بن فهر ، ومحارب بن فهر ، والحارث بن فهر ، وأسد بن فهر ، وأمهم ليلى بنت سعد بن هذيل بن مدركة .

      قال ابن هشام : وجندلة بنت فهر ، وهي أم يربوع بن حنظلة بن مالك بن يد مناة بن تميم وأمها ليلى بنت سعد .

      قال جرير بن عطية بن الخطفي - واسم الخطفي حذيفة بن بدر بن سلمة بن عوف بن كليب بن يربوع بن حنظلة

      وإذا غضبت رمى ورائي بالحصى

      أبناء جندلة كخير الجندل




      [ أولاد غالب وأمهاتهم



      قال ابن إسحاق : فولد غالب بن فهر رجلين لؤي بن غالب ، وتيم بن غالب ، وأمهما سلمى بنت عمرو الخزاعي . وتيم بن غالب : الذين يقال لهم بنو الأدرم .

      قال ابن هشام : وقيس بن غالب ، وأمه سلمى بنت كعب بن عمرو الخزاعي وهي أم لؤي وتيم ابني غالب .



      وهذا البيت في قصيدة له .



      [ أولاد لؤي وأمهاتهم ]


      قال ابن إسحاق : فولد لؤي بن غالب أربعة نفر كعب بن لؤي ، وعامر بن لؤي ، وسامة بن لؤي وعوف بن لؤي فأم كعب وعامر وسامة ماوية بنت كعب بن القين بن جسر ، من قضاعة .

      قال ابن هشام : ويقال والحارث بن لؤي وهم جشم بن الحارث في هزان من ربيعة . قال جرير

      بني جشم لستم لهزان فانتموا

      لأعلى الروابي من لؤي بن غالب

      ولا تنكحوا في آل ضور نساءكم

      ولا في شكيس بئس مثوى الغرائب


      وسعد بن لؤي وهم بنانة في شيبان بن ثعلبة بن عكابة بن صعب بن علي بن بكر بن وائل ، من ربيعة .

      وبنانة حاضنة لهم من بني القين بن جسر بن شيع الله ويقال سيع الله ابن الأسد بن وبرة بن ثعلبة بن حلوان بن عمران بن الحاف بن قضاعة .

      ويقال بنت النمر بن قاسط ، من ربيعة .

      ويقال بنت جرم بن ربان بن حلوان بن عمران بن الحاف بن قضاعة . وخزيمة بن لؤي بن غالب ، وهم عائذة في شيبان بن ثعلبة . وعائذة امرأة من اليمن ، وهي أم بني عبيد بن خزيمة بن لؤي .

      وأم بني لؤي كلهم إلا عامر بن لؤي : ماوية بنت كعب بن القين بن جسر . وأم عامر بن لؤي مخشية بنت شيبان بن محارب بن فهر ; ويقال ليلى بنت شيبان بن محارب بن فهر .



      [أمر سامة بن لؤي ]


      قال ابن إسحاق : فأما سامة بن لؤي فخرج إلى عمان ، وكان بها . ويزعمون أن عامر بن لؤي أخرجه وذلك أنه كان بينهما شيء ففقأ سامة عين عامر فأخافه عامر فخرج إلى عمان . فيزعمون أن سامة بن لؤي بينا هو يسير على ناقته إذ وضعت رأسها ترتع فأخذت حية بمشفرها فهصرتها حتى وقعت الناقة لشقها ثم نهشت سامة فقتلته . فقال سامة حين أحس بالموت فيما يزعمون

      عين فابكي لسامة بن لؤي

      علقت ساق سامة العلاقه

      لا أرى مثل سامة بن لؤي

      يوم حلوا به قتيلا لناقه

      بلغا عامرا وكعبا رسولا

      أن نفسي إليهما مشتاقه

      إن تكن في عمان داري فإني

      غالبي خرجت من غير ناقه

      رب كأس هرقت يا بن لؤي

      حذر الموت لم تكن مهراقه

      رمت دفع الحتوف يا بن لؤي

      ما لمن رام ذاك بالحتف طاقه

      وخروس السرى تركت رديا

      بعد جد وجدة ورشاقه


      قال ابن هشام : وبلغني أن بعض ولده أتي رسول الله صلى الله عليه وسلم فانتسب إلى سامة بن لؤي فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم آلشاعر ؟ فقال له بعض أصحابه كأنك يا رسول الله أردت قوله

      رب كأس هرقت يا بن لؤي

      حذر الموت لم تكن مهراقه


      قال أجل .



      [أمر عوف بن لؤي ونقلته ]

      [ سبب انتمائه إلى بني ذبيان ]




      قال ابن إسحاق : وأما عوف بن لؤي فإنه خرج - فيما يزعمون - في ركب من قريش ، حتى إذا كان بأرض غطفان بن سعد بن قيس بن عيلان أبطئ به فانطلق من كان معه من قومه فأتاه ثعلبة بن سعد وهو أخوه في نسب بني ذبيان - ثعلبة بن سعد بن ذبيان بن بغيض بن ريث بن غطفان .

      وعوف بن سعد بن ذبيان بن بغيض بن ريث بن غطفان - فحبسه وزوجه والتاطه وآخاه . فشاع نسبه في بني ذبيان . وثعلبة - فيما يزعمون - الذي يقول لعوف حين أبطئ به فتركه قومه

      احبس علي ابن لؤي جملك

      تركك القوم ولا منزل لك


      قال ابن إسحاق : وحدثني محمد بن جعفر بن الزبير ، أو محمد بن عبد الرحمن بن عبد الله بن حصين . أن عمر بن الخطاب قال لو كنت مدعيا حيا من العرب ، أو ملحقهم بنا لادعيت بني مرة بن عوف ، إنا لنعرف فيهم الأشباه مع ما نعرف من موقع ذلك الرجل حيث وقع يعني عوف بن لؤي .
    • السيرة النبوية ( لابن هشام ) ح 27

      سيرة ابن هشام > الجزء الأول


      [ نسب مرة ]


      قال ابن إسحاق : فهو في نسب غطفان : مرة بن عوف بن سعد بن ذبيان بن بغيض بن ريث بن غطفان . وهم يقولون إذا ذكر لهم هذا النسب ما ننكره وما نجحده وإنه لأحب النسب إلينا .

      وقال الحارث بن ظالم بن جذيمة بن يربوع - قال ابن هشام : أحد بني مرة بن عوف - حين هرب من النعمان بن المنذر فلحق بقريش :

      فما قومي بثعلبة بن سعد

      ولا بفزارة الشعر الرقابا

      وقومي ، إن سألت ، بنو لؤي

      بمكة علموا مضر الضرابا

      سفهنا باتباع بني بغيض

      وترك الأقربين لنا انتسابا

      سفاهة مخلف لما تروى

      هراق الماء واتبع السرابا

      فلو طووعت ، عمرك ، كنت فيهم

      وما ألفيت أنتجع السحابا

      وخش رواحة القرشي رحلي

      بناجية ولم يطلب ثوابا


      قال ابن هشام : هذا ما أنشدني أبو عبيدة منها .

      قال ابن إسحاق : فقال الحسين بن الحمام المري ، ثم أحد بني سهم بن مرة برد على الحارث بن ظالم ، وينتمي إلى غطفان :

      ألا لستم منا ولسنا إليكم

      برئنا إليكم من لؤي بن غالب

      أقمنا على عز الحجاز وأنتم

      بمعتلج البطحاء بين الأخاشب


      يعني قريشا . ثم ندم الحصين على ما قال وعرف ما قال الحارث بن ظالم ، فانتمى إلى قريش وأكذب نفسه فقال

      ندمت على قول مضى كنت قلته

      تبينت فيه أنه قول كاذب

      فليت لساني كان نصفين منهما

      بكيم ونصف عند مجرى الكواكب

      أبونا كناني بمكة قبره

      بمعتلج البطحاء بين الأخاشب

      لنا الربع من بيت الحرام وراثة

      وربع البطاح عند دار ابن حاطب


      أي أن بني لؤي كانوا أربعة كعبا ، وعامرا ، وسامة وعوفا .

      قال ابن إسحاق : وحدثني من لا أتهم أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال لرجال من بني مرة إن شئتم أن ترجعوا إلى نسبكم فارجعوا إليه .




      [ سادات مرة ]


      قال ابن إسحاق : وكان القوم أشرافا في غطفان ، هم سادتهم وقادتهم . منهم هرم بن سنان بن أبي حارثة [ بن مرة بن نشبة ] ، وخارجة بن سنان بن أبي حارثة والحارث بن عوف ، والحصين بن الحمام ، وهاشم بن حرملة الذي يقول له القائل

      أحيا أباه هاشم بن حرمله

      يوم الهباآت ويوم اليعمله

      ترى الملوك عنده مغربله

      يقتل ذا الذنب ومن لا ذنب له



      [هاشم بن حرملة وعامر الخصفي ]


      قال ابن هشام : أنشدني أبو عبيدة هذه الأبيات لعامر الخصفي خصفة بن قيس بن عيلان

      أحيا أباه هاشم بن حرمله

      يوم الهباآت ويوم اليعمله

      ترى الملوك عنده مغربله

      يقتل ذا الذنب ومن لا ذنب له


      ورمحه للوالدات مشكله

      وحدثني أن هاشما قال لعامر قل في بيتا جيدا أثبك عليه فقال عامر البيت الأول فلم يعجب هاشما : ثم قال الثاني فلم يعجبه ثم قال الثالث فلم يعجبه فلما قال الرابع

      يقتل ذا الذنب ومن لا ذنب له


      أعجبه فأثابه عليه .

      قال ابن هشام : وذلك الذي أراد الكميت بن زيد في قوله

      وهاشم مرة المفني ملوكا

      بلا ذنب إليه ومذنبينا


      وهذا البيت في قصيدة له . وقول عامر " يوم الهباآت " عن غير أبي عبيدة .


      [ مرة والبسل ]


      قال ابن إسحاق : قوم لهم صيت وذكر في غطفان وقيس كلها ، فأقاموا على نسبهم وفيهم كان البسل



      [أمر البسل ]


      والبسل - فيما يزعمون - ثمانية أشهر حرم لهم من كل سنة من بين العرب قد عرفت ذلك لهم العرب لا ينكرونه ولا يدفعونه يسيرون به إلى أي بلاد العرب شاءوا ، لا يخافون منهم شيئا . قال زهير بن أبي سلمى ، يعني بني مرة

      - قال ابن هشام : زهير أحد بني مزينة بن أد بن طابخة بن إلياس بن مضر ، ويقال زهير بن أبي سلمى من غطفان ، ويقال حليف في غطفان

      تأمل فإن تقو المروراة منهم

      وداراتها لا تقو منهم إذا نخل

      بلاد بها نادمتهم وألفتهم

      فإن تقويا منهم فإنهم بسل


      يقول ساروا في حرمهم .

      قال ابن هشام : وهذان البيتان في قصيدة له .

      قال ابن إسحاق : وقال أعشى بني قيس بن ثعلبة

      أجارتكم بسل علينا محرم

      وجارتنا حل لكم وحليلها


      قال ابن هشام : وهذا البيت في قصيدة له .



      [ أولاد كعب وأمهم ]


      قال ابن إسحاق : فولد كعب بن لؤي ثلاثة نفر مرة بن كعب ، وعدي بن كعب ، وهصيص بن كعب . وأمهم وحشية بنت شيبان بن محارب بن فهر بن مالك بن النضر .



      [ أولاد مرة وأمهاتهم ]


      فولد مرة بن كعب ثلاثة نفر كلاب بن مرة ، وتيم بن مرة ويقظة بن مرة . فأم كلاب هند بنت سرير بن ثعلبة بن الحارث بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة . وأم يقظة البارقية امرأة من بارق ، من الأسد من اليمن . ويقال هي أم تيم . ويقال تيم لهند بنت سرير أم كلاب .
    • السيرة النبوية ( لابن هشام ) ح 28

      سيرة ابن هشام > الجزء الأول


      [ نسب بارق ]


      قال ابن هشام : بارق : بنو عدي بن حارثة بن عمرو بن عامر بن حارثة بن امرئ القيس بن ثعلبة بن مازن بن الأسد بن الغوث ، وهم في شنوءة . قال الكميت بن زيد

      وأزد شنوءة اندرءوا علينا

      بجم يحسبون لها قرونا

      فما قلنا لبارق قد أسأتم

      وما قلنا لبارق أعتبونا


      قال وهذان البيتان في قصيدة له . وإنما سموا ببارق لأنهم تبعوا البرق .



      [ ولدا كلاب وأمهما ]


      قال ابن إسحاق : فولد كلاب بن مرة رجلين قصي بن كلاب ، وزهرة بن كلاب . وأمهما فاطمة بنت سعد بن سيل أحد ( بني ) الجدرة من جعثمة الأزد ، من اليمن ، حلفاء في بني الديل بن بكر بن عبد مناف بن كنانة .
    • السيرة النبوية ( لابن هشام ) ح 29

      سيرة ابن هشام > الجزء الأول


      [ نسب جعثمة ]


      قال ابن هشام : ويقال جعثمة الأسد وجعثمة الأزد ، وهو جعثمة بن يشكر بن مبشر بن صعب بن دهمان بن نصر بن زهران بن الحارث بن كعب بن عبد الله بن مالك بن نصر بن الأسد بن الغوث ، ويقال جعثمة بن يشكر بن مبشر بن صعب بن نصر بن زهران بن الأسد بن الغوث .

      وإنما سموا الجدرة لأن عامر بن عمرو بن جعثمة تزوج بنت الحارث بن مضاض الجرهمي وكانت جرهم أصحاب الكعبة . فبنى للكعبة جدارا ، فسمي عامرا بذلك الجادر فقيل لولده الجدرة لذلك .

      قال ابن إسحاق : ولسعد بن سيل يقول الشاعر

      ما نرى في الناس شخصا واحدا

      من علمناه كسعد بن سيل

      فارسا أضبط فيه عسرة

      وإذا ما واقف القرن نزل

      فارسا يستدرج الخيل كما

      استدرج الحر القطامي الحجل


      قال ابن هشام : قوله " كما استدرج الحر " عن بعض أهل العلم بالشعر .



      [ بقية أولاد كلاب ]


      قال ابن هشام : ونعم بنت كلاب وهي أم أسعد وسعيد ابني سهم بن عمرو بن هصيص بن كعب بن لؤي ، وأمها فاطمة بنت سعد بن سيل .


      [ أولاد قصي وأمهم ]


      قال ابن إسحاق : فولد قصي بن كلاب أربعة نفر وامرأتين عبد مناف بن قصي ، وعبد الدار بن قصي ، وعبد العزى بن قصي ، وعبد ( قصي ) بن قصي ، وتخمر بنت قصي ، وبرة بنت قصي . وأمهم حبي بنت حليل بن حبشية بن سلول بن كعب بن عمرو الخزاعي . قال ابن هشام : ويقال حبشية بن سلول .




      [ أولاد عبد مناف وأمهاتهم ]


      قال ابن إسحاق : فولد عبد مناف - واسمه المغيرة بن قصي - أربعة نفر هاشم بن عبد مناف وعبد شمس بن عبد مناف ، والمطلب بن عبد مناف ، وأمهم عاتكة بنت مرة بن هلال بن فالج بن ذكوان بن ثعلبة بن بهثة بن سليم بن منصور بن عكرمة ، ونوفل بن عبد مناف وأمه واقدة بنت عمرو المازنية مازن بن منصور بن عكرمة
    • السيرة النبوية ( لابن هشام ) ح 30

      سيرة ابن هشام > الجزء الأول

      [ نسب عتبة بن غزوان ]


      قال ابن هشام : فبهذا النسب خالفهم عتبة بن غزوان بن جابر بن وهب بن نسيب بن مالك بن الحارث بن مازن بن منصور بن عكرمة



      [ عود إلى أولاد عبد مناف ]


      قال ابن هشام : وأبو عمرو ، وتماضر وقلابة وحية وريطة وأم الأخثم وأم سفيان بنو عبد مناف . فأم أبي عمرو : ريطة امرأة من ثقيف ; وأم سائر النساء عاتكة بنت مرة بن هلال أم هاشم بن عبد مناف وأمها صفية بنت حوزة بن عمرو بن سلول بن صعصعة بن معاوية بن بكر بن هوازن : وأم صفية بنت عائذ الله بن سعد العشيرة بن مذحج .
    • السيرة النبوية ( لابن هشام ) ح 31

      سيرة ابن هشام > الجزء الأول


      [ أولاد هاشم وأمهاتهم ]



      قال ابن هشام : فولد هاشم بن عبد مناف أربعة نفر وخمس نسوة عبد المطلب بن هاشم ، وأسد بن هاشم وأبا صيفي بن هاشم ونضلة بن هاشم ، والشفاء وخالدة وضعيفة ورقية وحية . فأم عبد المطلب ورقية سلمى بنت عمرو بن زيد بن لبيد ( بن حرام ) بن خداش بن عامر بن غنم بن عدي بن النجار . واسم النجار تيم الله بن ثعلبة بن عمرو بن الخزرج بن حارثة بن ثعلبة بن عمرو بن عامر . وأمها : عميرة بنت صخر بن الحارث بن ثعلبة بن مازن بن النجار . وأم عميرة سلمى بنت عبد الأشهل النجارية .

      وأم أسد : قيلة بنت عامر بن مالك الخزاعي . وأم أبي صيفي وحية هند بنت عمرو بن ثعلبة الخزرجية وأم نضلة والشفاء امرأة من قضاعة وأم خالدة وضعيفة واقدة بنت أبي عدي المازنية .
    • السيرة النبوية ( لابن هشام ) ح 32

      سيرة ابن هشام > الجزء الأول


      أولاد عبد المطلب بن هاشم



      قال ابن هشام : فولد عبد المطلب بن هاشم عشرة نفر وست نسوة العباس وحمزة وعبد الله وأبا طالب - واسمه عبد مناف - والزبير والحارث وحجلا ، والمقوم وضرارا ، وأبا لهب - واسمه عبد العزى - وصفية وأم حكيم البيضاء وعاتكة ، وأميمة ، وأروى ، و برة . فأم العباس وضرار : نكيلة بنت جناب بن كليب بن مالك بن عمرو بن عامر بن زيد مناة بن عامر - وهو الضحيان - بن سعد بن الخزرج بن تيم اللات بن النمر بن قاسط بن هنب بن أفصى بن جديلة بن أسد بن ربيعة بن نزار .

      ويقال أفصى ابن دعمي بن جديلة . وأم حمزة والمقوم وحجل وكان يلقب بالغيداق لكثرة خيره وسعة ماله وصفية هالة بنت وهيب بن عبد مناة بن زهرة بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي .

      وأم عبد الله وأبي طالب والزبير وجميع النساء غير صفية فاطمة بنت عمرو بن عائذ بن عمران بن مخزوم بن يقظة بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر .

      وأمها : صخرة بنت عبد بن عمران بن مخزوم بن يقظة بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر .

      وأم صخرة تخمر بنت عبد بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر .

      وأم الحارث بن عبد المطلب : سمراء بنت جندب بن جحير بن رئاب بن حبيب بن سواءة بن عامر بن صعصعة بن معاوية بن بكر بن هوازن بن منصور بن عكرمة . وأم أبي لهب لبنى بنت هاجر بن عبد مناف بن ضاطر بن حبشية بن سلول بن كعب بن عمرو الخزاعي .
    • السيرة النبوية ( لابن هشام ) ح 33

      سيرة ابن هشام > الجزء الأول


      [ رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمهاته ]


      قال ابن هشام : فولد عبد الله بن عبد المطلب رسول الله صلى الله عليه وسلم سيد ولد آدم محمد بن عبد الله بن عبد المطلب ، صلوات الله وسلامه ورحمته وبركاته عليه وعلى آله . وأمه آمنة بنت وهب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر .

      وأمها : برة بنت عبد العزى بن عثمان بن عبد الدار بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر .

      وأم برة أم حبيب بنت أسد بن عبد العزى بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر .

      وأم أم حبيب برة بنت عوف بن عبيد بن عويج بن عدي بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر .

      قال ابن هشام : فرسول الله صلى الله عليه وسلم أشرف ولد آدم حسبا ، وأفضلهم نسبا من قبل أبيه وأمه صلى الله عليه وسلم .
    • السيرة النبوية ( لابن هشام ) ح 34

      سيرة ابن هشام > الجزء الأول


      [ إشارة إلى ذكر احتفار زمزم ]


      قال محمد بن إسحاق المطلبي : بينما عبد المطلب بن هاشم نائم في الحجر ، إذ أتي فأمر بحفر زمزم ، وهي دفن بين صنمي قريش : إساف ونائلة . عند منحر قريش .

      وكانت جرهم دفنتها حين ظعنوا من مكة ، وهي بئر إسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام ، التي سقاه الله حين ظمئ وهو صغير فالتمست له أمه ماء فلم تجده فقامت إلى الصفا تدعو الله وتستغيثه لإسماعيل ثم أتت المروة ففعلت مثل ذلك . وبعث الله تعالى جبريل عليه السلام ، فهمز له بعقبه في الأرض فظهر الماء وسمعت أمه أصوات السباع فخافتها عليه فجاءت تشتد نحوه فوجدته يفحص بيده عن الماء من تحت خده ويشرب فجعلته حسيا .



      [ أمر جرهم ودفن زمزم ]

      قال ابن هشام : وكان من حديث جرهم ، ودفنها زمزم ، وخروجها من مكة ومن ولي أمر مكة بعدها إلى أن حفر عبد المطلب زمزم ، ما حدثنا به زياد بن عبد الله البكائي عن محمد بن إسحاق المطلبي ، قال لما توفي إسماعيل بن إبراهيم ولي البيت بعده ابنه نابت بن إسماعيل ما شاء الله أن يليه ثم ولي البيت بعده مضاض بن عمرو الجرهمي .



      [ جرهم وقطوراء وما كان بينهما ]



      قال ابن هشام : ويقال مضاض بن عمرو الجرهمي . قال ابن إسحاق : وبنو إسماعيل وبنو نابت مع جدهم مضاض بن عمرو وأخوالهم من جرهم . وجرهم وقطوراء يومئذ أهل مكة ، وهما ابنا عم .

      وكانا ظعنا من اليمن ، فأقبلا سيارة وعلى جرهم مضاض بن عمرو ، وعلى قطوراء السميدع رجل منهم . وكانوا إذا خرجوا من اليمن لم يخرجوا إلا ولهم ملك يقيم أمرهم . فلما نزلا مكة رأيا بلدا ذا ماء وشجر فأعجبهما فنزلا به .

      فنزل مضاض بن عمرو بمن معه من جرهم بأعلى مكة بقعيقعان فما حاز .

      ونزل السميدع بقطوراء . أسفل مكة بأجياد فما حاز . فكان مضاض يعشر من دخل مكة من أعلاها ، وكان السميدع يعشر من دخل مكة من أسفلها ، وكل في قومه لا يدخل واحد منهما على صاحبه . ثم إن جرهم وقطوراء ، بغى بعضهم على بعض وتنافسوا الملك بها ، ومع مضاض يومئذ بنو إسماعيل وبنو نابت : وإليه ولاية البيت دون السميدع . فسار بعضهم إلى بعض فخرج مضاض بن عمرو من قعيقعان في كتيبته سائرا إلى السميدع ومع كتيبته عدتها من الرماح والدرق والسيوف والجعاب يقعقع بذلك معه فيقال ما سمي قعيقعان بقعيقعان إلا لذلك .

      وخرج السميدع من أجياد ومعه الخيل والرجال فيقال : ما سمي أجياد أجيادا إلا لخروج الجياد من الخيل مع السميدع منه . فالتقوا بفاضح ، واقتتلوا قتالا شديدا ، فقتل السميدع وفضحت قطوراء . فيقال ما سمي فاضح فاضحا إلا لذلك . ثم إن القوم تداعوا إلى الصلح فساروا حتى نزلوا المطابخ : شعبا بأعلى مكة ، واصطلحوا به وأسلموا الأمر إلى مضاض . فلما جمع إليه أمر مكة فصار ملكها له نحر للناس فأطعمهم فاطبخ الناس وأكلوا ، فيقال ما سميت المطابخ المطابخ إلا لذلك . وبعض أهل العلم يزعم أنها إنما سميت المطابخ لما كان تبع نحر بها وأطعم وكانت منزله . فكان الذي كان بين مضاض والسميدع أول بغي كان بمكة فيما يزعمون .



      [ أولاد إسماعيل وجرهم بمكة ]


      ثم نشر الله ولد إسماعيل بمكة وأخوالهم من جرهم ، ولاة البيت والحكام بمكة لا ينازعهم ولد إسماعيل في ذلك لخئولتهم وقرابتهم وإعظاما للحرمة أن يكون بها بغي أو قتال . فلما ضاقت مكة على ولد إسماعيل انتشروا في البلاد فلا يناوئون قوما إلا أظهرهم الله عليهم بدينهم فوطئوهم .
    • السيرة النبوية ( لابن هشام ) ح 35

      سيرة ابن هشام > الجزء الأول


      [ بغي جرهم بمكة وطرد بني بكر لهم ]

      ‏ ثم إن جرهما بغوا بمكة واستحلوا خلالا من الحرمة فظلموا من دخلها من غير أهلها ، وأكلوا مال الكعبة الذي يهدى لها ، فرق أمرهم . فلما رأت بنو بكر بن عبد مناة بن كنانة ، وغبشان من خزاعة ذلك أجمعوا لحربهم وإخراجهم من مكة . فآذنوهم بالحرب فاقتتلوا ، فغلبتهم بنو بكر وغبشان فنفوهم من مكة . وكانت مكة في الجاهلية لا تقر فيها ظلما ولا بغيا ، ولا يبغي فيها أحد إلا أخرجته فكانت تسمى الناسة ، ولا يريدها ملك يستحل حرمتها إلا هلك مكانه فيقال إنها ما سميت ببكة إلا أنها كانت تبك أعناق الجبابرة إذا أحدثوا فيها شيئا .


      [ بكة لغة ]


      قال ابن هشام : أخبرني أبو عبيدة أن بكة اسم لبطن مكة ، لأنهم يتباكون فيها ، أي يزدحمون . وأنشدني :

      إذا الشريب أخذته أكه

      فخله حتى يبك بكه


      أي فدعه حتى يبك إبله أي يخليها إلى الماء فتزدحم عليه . وهو موضع البيت والمسجد . وهذان البيتان لعامان بن كعب بن عمرو بن سعد بن زيد مناة بن تميم .

      قال ابن إسحاق : فخرج عمرو بن الحارث بن مضاض الجرهمي بغزالي الكعبة وبحجر الركن فدفنها في زمزم ، وانطلق هو ومن معه من جرهم إلى اليمن ، فحزنوا على ما فارقوا من أمر مكة وملكها حزنا شديدا . فقال عمرو بن الحارث ( بن عمرو ) بن مضاض في ذلك وليس بمضاض الأكبر :

      وقائلة والدمع سكب مبادر

      وقد شرقت بالدمع منها المحاجر

      كأن لم يكن بين الحجون إلى الصفا

      أنيس ولم يسمر بمكة سامر

      فقلت لها والقلب مني كأنما

      يلجلجه بين الجناحين طائر

      بلى نحن كنا أهلها ، فأزالنا

      صروف الليالي والجدود العواثر

      وكنا ولاة البيت من بعد نابت

      نطوف بذاك البيت والخير ظاهر

      ونحن ولينا البيت من بعد نابت

      بعز فما يحظى لدينا المكاثر

      ملكنا فعززنا فأعظم بملكنا

      فليس لحي غيرنا ثم فاخر

      ألم تنكحوا من خير شخص علمته

      فأبناؤه منا ونحن الأصاهر

      فإن تنثن الدنيا علينا بحالها

      فإن لها حالا وفيها التشاجر

      فأخرجنا منها المليك بقدرة

      كذلك يا للناس تجري المقادر

      أقول إذا نام الخلي ولم أنم

      أذا العرش لا يبعد سهيل وعامر

      وبدلت منها أوجها لا أحبها

      قبائل منها حمير ويحابر

      وصرنا أحاديثا وكنا بغبطة

      بذلك عضتنا السنون الغوابر

      فسحت دموع العين تبكي لبلدة

      بها حرم أمن وفيها المشاعر

      وتبكي لبيت ليس يوذى حمامه

      يظل به أمنا وفيه العصافر

      وفيه وحوش لا ترام أنيسة

      إذا خرجت منه فليست تغادر


      قال ابن هشام : قوله " فأبناؤه منا " ، عن غير ابن إسحاق .

      قال ابن إسحاق : وقال عمرو بن الحارث أيضا يذكر بكرا وغبشان وساكني مكة الذين خلفوا فيها بعدهم

      يا أيها الناس سيروا إن قصركم

      أن تصبحوا ذات يوم لا تسيرونا

      حثوا المطي وأرخوا من أزمتها

      قبل الممات وقضوا ما تقضونا

      كنا أناسا كما كنتم فغيرنا

      دهر فأنتم كما كنا تكونونا


      قال ابن هشام : هذا ما صح له منها . وحدثني بعض أهل العلم بالشعر أن هذه الأبيات أول شعر قيل في العرب ، وأنها وجدت مكتوبة في حجر باليمن ولم يسم لي قائلها .




      [ استبداد قوم من خزاعة بولاية البيت ]



      قال ابن إسحاق : ثم إن غبشان من خزاعة وليت البيت دون بني بكر بن عبد مناة ، وكان الذي يليه منهم عمرو بن الحارث الغبشاني ، وقريش إذ ذاك حلول وصرم وبيوتات متفرقون في قومهم من بني كنانة فوليت خزاعة البيت يتوارثون ذلك كابرا عن كابر حتى كان آخرهم حليل بن حبشية بن سلول بن كعب بن عمرو الخزاعي . قال ابن هشام : يقال حبشية بن سلول . تزوج قصي بن كلاب حبى بنت حليل
    • السيرة النبوية ( لابن هشام ) ح 36

      سيرة ابن هشام > الجزء الأول



      [ أولاد قصي ]



      قال ابن إسحاق : ثم إن قصي بن كلاب خطب إلى حليل بن حبشية ابنته حبى ، فرغب فيه حليل فزوجه فولدت له عبد الدار وعبد مناف وعبد العزى ، وعبدا . فلما انتشر ولد قصي ، وكثر ماله وعظم شرفه هلك حليل .




      [ تولي قصي أمر البيت ونصرة رزاح له ]



      فرأى قصي أنه أولى بالكعبة وبأمر مكة من خزاعة وبني بكر ، وأن قريشا قرعة إسماعيل بن إبراهيم وصريح ولده . فكلم رجالا من قريش ، وبني كنانة ، ودعاهم إلى إخراج خزاعة وبني بكر من مكة ، فأجابوه . وكان ربيعة بن حرام من عذرة بن سعد بن زيد قد قدم مكة بعد هلك كلاب فتزوج فاطمة بنت سعد بن سيل وزهرة يومئذ رجل وقصي فطيم فاحتملها إلى بلاده فحملت قصيا معها ، وأقام زهرة فولدت لربيعة رزاحا . فلما بلغ قصي وصار رجلا أتى مكة ، فأقام بها ، فلما أجابه قومه إلى ما دعاهم إليه كتب إلى أخيه من أمه رزاح بن ربيعة ، يدعوه إلى نصرته والقيام معه . فخرج رزاح بن ربيعة ومعه إخوته حن بن ربيعة ، ومحمود بن ربيعة ، وجلهمة بن ربيعة ، وهم لغير فاطمة فيمن تبعهم من قضاعة في حاج العرب ، وهم مجمعون لنصرة قصي .

      وخزاعة تزعم أن حليل بن حبشية أوصى بذلك قصيا وأمره به حين انتشر له من ابنته من الولد ما انتشر . وقال أنت أولى بالكعبة وبالقيام عليها ، وبأمر مكة من خزاعة ، فعند ذلك طلب قصي ما طلب . ولم نسمع ذلك من غيرهم فالله أعلم أي ذلك كان .



      ما كان يليه الغوث بن مر من الإجازة للناس بالحج


      وكان الغوث بن مر بن أد بن طابخة بن إلياس بن مضر يلي الإجازة للناس بالحج من عرفة ، وولده من بعده وكان يقال له و لولده صوفة . وإنما ولي ذلك الغوث بن مر ، لأن أمه كانت امرأة من جرهم ، وكانت لا تلد فنذرت لله إن هي ولدت رجلا أن تصدق به على الكعبة عبدا لها يخدمها ، ويقوم عليها . فولدت الغوث ، فكان يقوم على الكعبة في الدهر الأول مع أخواله من جرهم ، فولي الإجازة بالناس من عرفة ، لمكانه الذي كان به من الكعبة ، وولده من بعده حتى انقرضوا . فقال مر بن أد لوفاء نذر أمه

      إني جعلت رب من بييه

      ربيطة بمكة العليه

      فباركن لي بها أليه

      واجعله لي من صالح البريه


      وكان الغوث بن مر - فيما زعموا - إذا دفع بالناس قال

      لاهم إني تابع تباعه

      إن كان إثم فعلى قضاعه
    • السيرة النبوية ( لابن هشام ) ح 37

      سيرة ابن هشام > الجزء الأول


      [ صوفة ورمي الجمار ]



      قال ابن إسحاق : حدثني يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير عن أبيه . قال كانت صوفة تدفع بالناس من عرفة ، وتجيز بهم إذا نفروا من منى ، فإذا كان يوم النفر أتوا لرمي الجمار ورجل من صوفة يرمي للناس لا يرمون حتى يرمي . فكان ذوو الحاجات المتعجلون يأتونه فيقولون له قم فارم حتى نرمي معك ; فيقول لا والله حتى تميل الشمس . فيظل ذوو الحاجات الذين يحبون التعجل يرمونه بالحجارة ويستعجلونه بذلك ويقولون له ويلك قم فارم فيأبى عليهم . حتى إذا مالت الشمس قام فرمى ورمى الناس معه .



      [ تولي بني سعد أمر البيت بعد صوفة ]



      قال ابن إسحاق : فإذا فرغوا من رمي الجمار وأرادوا النفر من منى ، أخذت صوفة بجانبي العقبة ، فحبسوا الناس وقالوا : أجيزى صوفة فلم يجز أحد من الناس حتى يمروا ، فإذا نفرت صوفة ومضت خلي سبيل الناس فانطلقوا بعدهم فكانوا كذلك حتى انقرضوا ، فورثهم ذلك من بعدهم بالقعدد بنو سعد بن زيد مناة بن تميم وكانت من بني سعد في آل صفوان بن الحارث بن شجنة .



      [ نسب صفوان ]


      قال ابن هشام : صفوان بن جناب بن شجنة بن عطارد بن عوف بن كعب بن سعد بن زيد مناة بن تميم .



      [ صفوان وكرب والإجازة في الحج ]


      قال ابن إسحاق : وكان صفوان هو الذي يجيز للناس بالحج من عرفة ، ثم بنوه من بعده حتى كان آخرهم الذي قام عليه الإسلام كرب بن صفوان وقال أوس بن تميم بن مغراء السعدي :

      لا يبرح الناس ما حجوا معرفهم

      حتى يقال أجيزوا آل صفوانا


      قال ابن هشام : هذا البيت في قصيدة لأوس بن مغراء .
    • الخشوع في الصلاة

      الخشـــوع فـي الصـــلاة (( لبــدر الديــن الخليلــي- حفظه الله ورعاه ))

      المصـــــــدر:- جواهر التفسير..أنوار من بيان التنزيل
      تألــــيف:- سماحة الشيخ احمد بن حمد الخليلي-حفظه الله ورعاه-
      الجزء الثاني..من صفحة146 الى صفحة 153

      صفة الصلاة الصحيحة :

      وبالجملة فإن الأدلة متظافرة على أن الصلاة الصحيحة المقبولة عند الله هي الصلاة المصحوبة بالطمأنينة والسكينة، المقترنة بروحها ومصدر سلطانها وهو الخشوع وبدون ذلك لا يكون لها على النفس سلطان ولا في الحياة أثر، فإنها تعد ميتة لا تغني شيئا ولا تحيي قلبا، وإذا أردت أن تعرف حقيقة ذلك فأمعن فكرك فيما تقوله في صلاتك مستحضرا معانيه، مستشعرا عظمة لله المعبود الذي أنت واقف بين يديه،تجد كل كلمة تلفظ بها دافقة بمعنى حيوي يسري في نفسك كما تسري الروح في جسمك ، وأول ما تنطق به التكبير ، وبه تدخل في صلاتك، وهو يسكب في نفسك شعورا بأن كل ما في الوجود وإن عظم شأنه وعلا قدره عند الخلق هو صغير حقير بجانب كبرياء لله و عظمته، إذ ليس من المعقول أن يقارن بين الخالق و المخلوق، وبين القديم والحادث، وبين الباقي والفاني، فالمخلوق مهما أوتي من قوة أو سلطان فهو نسبي في حدوده لا يوازي شيئا بجانب قوة الله المطلقة، وسلطانه المهيمن على الوجود، وإذا استشعرت هذه الحقيقة كان لها!! أثر نفسي عليك ؛ لأنك إما أن تكون من ذوي القدر والمكانة عند الناس بمنصبك، أو مالك، أو جاهك ووجاهتك، وإما أن تكون من الذين تتجاوزهم الأنظار و لا زنة لك عند الناس لضعفك المادي، ولضعة قدرك بينهم.

      فإن كنت من الصنف الأول ، كان نطقك بتكبير الله عز وجل كافيا في تنبيه قلبك الغافل ، وإيقاظ بصيرتك النائمة بأنك لا مزية لك على غيرك من الناس ، فأنتم جميعا متساوون في الضعف ، والفقر، والذلة والمسكنة أمام الله ، وليس ما أوتيته مما تظنه أو يظنه غيرك مزية لك وعلوا لقدرك إلا ابتلاء من الله تعالى مالك الملك ذي الطول والحول الذي يؤتي الملك من يشاء وينزعه ممن يشاء ، ويهب النعمة من يشاء ، ويسلبها ممن يشاء ، وله ما آتى وما نزع ، وبيده ما وهب وما سلب ، فيكون لك من ذلك دواء لغرورك ، وكبح لشرورك ، لأنك تستشف بهذا الشعور عيوبك المتنوعة ، سواء ما كان خاصا بك أو ما كان مشتركا بينك وبين الناس ، وتدرك أنك واحد من العباد المفتقرين إلى الله لا مزية لك بينهم ، ولا فضل لك عليهم إلا بقدر ما تتقي ربك ، وتتقرب إليه بالتذلل والخضوع والخشية والخشوع ، وذلك ينافي ما أنت فيه من الغرور والاستكبار والتطاول على الناس بما ابتلاك الله به.
      وإن كنت من الصنف الثاني ، كان شعورك بما يوحيه التكبير كافيا لأن يرفع من قدرك!! ، فلا ترضى أن تنزل منزلة المهانة والذلة بين الناس بسبب فقرك أو ضعفك ، فإنهم مثلك ،وكلكم في الضعف سواء ، ولئن كان بعضهم أوتي ما لم تؤته من أسباب القوة ووسائل النعيم في الحياة الدنيا ؛ فإن ذلك لا يعدو أن يكون ظلا زائلا ، وخيالا عابرا ، وإذا أنت تقربت إلى الله بصالح الأعمال ، واستمسكت بعروة التقوى كنت أجدر منهم بالعزة ، وأولى منهم بالكرامة ، وهذا الشعور نفسه كفيل بتحرير نفسك من الذل لغير الله وجعلك تقصر خضوعك على مقام الربوبية ، فما أعظم هذه التربية النفسية للمصلين ، سواء كانوا من الفريق الأول أو الثاني.

      وإذا شرعت في التلاوة وافتتحتها بالاستعاذة عملا بقول الله تعالى : (( فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم )) { سورة النحل الآية 98} ، شعرت أنك تلجأ إلى حمى الله المنيع هروبا من الشيطان ووساوسه ومكائده ، وفي ذلك ما يوقظ نفسك لما يريد بك الشيطان من سوء ، وما يقصدك به من إضلال ، فهو عدوك الذي لا ينفك عن الكيد لك ؛ حتى يرديك في الجحيم إن لم يتداركك الله بلطفه ، ويعصمك منه بحوله ، وهذا يقتضي أن لا يكون لجوؤك إلى الله لجوءا قوليا فحسب ، بل لجوءا قلبيا وعمليا بحيث تستنفد طاقتك في مقاومة مكائد إبليس بالطاعات التي تؤهلك للدخول في حمى الله ، أما إذا قلت ذلك بلسانك فحسب ، وكان قلبك وجوارحك في قبضة الشيطان ، لم يغنك هذا القول شيئا ، وإنما يكون مثلك مثل الأسير في قبضة العدو لا يستطيع الانفلات منه ، وهو مع ذلك يدعي بلسانه أنه هارب من ذلك الأسر ، ولاجئ إلى حمى أحد الملوك ، وكيف يكون لمثله اللجوء وقد أحاطت به حبال الأسر ، ومنعته من قصده قيود القهر.

      فإذا نطقت البسملة استشعرت عظمة الموقف الذي أنت واقفه ، وقدر العمل الذي أنت عامله ، فإنك واقف بين يدي الله، وعامل باسمه ، ومن شأن ذلك أن يوحي إليك أنه لا اعتداد بشيء ما لم يكن لله تعالى خالصا ، فإذا قلت الحمد لله رب العالمين شعرت بفيض من نعم الله تعالى يغمر جوانبك ويملأ وجودك ووجود كل شئ، فإن كون الحمد محصورا في الله سبحانه دليل على أنه مصدر كل نعمة ، وهذا داع إلى قطع حبال التعلق بغيره تعالى ؛ لأجل تحقيق منفعة أو دفع مضرة ، ويكون ذلك وصفه بأنه رب العالمين ، فهو مشعر بخضوع كل ما في الوجود لعزه وسلطانه، وافتقار كل كائن إلى فضله وإحسانه ، فما من ذرة في الكون إلا وهي واقعه تحت حيطة قدرته ، معلنة بلسان حالها افتقارها إلى فضله ومنته ، وشعورك بذلك يقوي صلتك به تعالى بحيث لا ترى غيره أهلا لأن يرجى أو يتقى ، كما يستدعي أن تكون في أحوالك المتقلبة ، وتصرفاتك المتنوعة تتحرى مرضاته ، وتجانب سخطه ، ولا ريب أن قلبك ـ في مثل هذا الموقف الذي تتجلى فيه آيات توحيده تعالى ، وتشاهد شواهد عظمته وجلاله ـ تغمره! الدهشة وتمتلكه الهيبة ، غير أنك إذا قلت الرحمن الرحيم أحسست بالسكينة تسري في نفسك ، وتمتزج بدهشتك ، وبالطمأنينة تزاحم الهيبة في قلبك ، فتتعادل فيه كفتا الخوف والرجاء ، لأنك تستشعر أن ربوبيته تعالى ـ مع جلاله الباهر وسلطانه القاهر ـ هي ربوبية رحمة وإنعام وفضل وإحسان ، ويقوي هذا التعادل إذا ما قلت مالك يوم الدين واستشعرت خطورة ذلك الموقف الذي تمثل فيه بين يدي رب العالمين ، وقد تجردت من كل ما خولته في الدنيا ، وقطعت جميع علائقك بأحبابك ونصرائك فيها ، لتعرض عليك أعمالك السيئة والحسنة فلا يخفى منها خافية ، وأنت بين الجنة والنار ، أولهما عن يمينك والثانية عن شمالك ، لا تدري إلى أيهما منقلبك والله بك محيط لا مهرب لك عنه ، ولا نصير لك دونه ، وفي شعورك بهذا تقوية لعزائم الخير في نفسك ، وكبح لعزائم الشر التي يمليها عليك هواك
      كـــــــــــــــــــــــــــــــن مــ الله ــع ولا تبــــــــالي
      :):)
    • فإذا قلت إياك نعبد و إياك نستعين ، أحسست بتضاعف الهيبة ، لأنك انتقلت إلى خطاب الله تعالى خطاب الحاضر ، ومضمون الخطاب نفسه يستلزم منتهى الخضوع والوصول إلى أقصى حد في التواضع ، لأن معنى خطابك تقديم عبادتك إليه تعالى وهو غني عنك وعنها ، وإنما هي وظيفتك التي لأجلها خلقك ، ورفع قدرك بما بسط لك من نعمه وسخر لك من خلقه ، فقيامك بها إنما هو شرف لنفسك ومنفعته عائدة إليك.

      وهذا الخطاب منك يقتضي عدة أمور ، منها صدق المقال ، وإخلاص السريرة ، وتعظيم المقام ، والاستمرار على الخضوع المطلق للمعبود ، وطاعته الدائبة ، والعطف والرحمة بعباده. فإن الله علمك في هذا الخطاب أن تشرك نفسك مع غيرك من عباده العابدين ، ولم يعلمك أن تخاطبه بصيغة فردية ، التي تقتضي استقلالك عنهم ، وفي هذا ما يقتضي وحدة الأمة المؤمنة القائمة بعبادة ربها ، وحدة عامة في الشعور والإحساس ، وفي القول والعمل ، وفي المبادئ والأهداف ، وفي الآلام والآمال.

      فإذا قلت وإياك نستعين شعرت بقيمتك عند خالقك إذ لم يجعل بينك وبينه وسائط تستعين بها في طلب محبوب أو أتقاء مخوف ، كما أنه لم يجعل بينك وبينه وسائط تعبدها دونه ، فالعبادة والاستعانة خاصتان به تعالى وذلك فيما لم يجعل الله التعاون فيه بين الناس من سنن كونهم ونواميس حياتهم ـ كما تقدم تفصيله في تفسير الفاتحة الشريفة ـ وفي شعورك بهذا تخليص لك من التشبث بالأوهام ، كالضراعة إلى الموتى في القبور ، أو إلى الأشجار والأحجار ، أو العيون والأنهار، أو الجن والشياطين ، في طلب فكاك من معضلة أو وصول إلى هدف.

      فإذا قلت (( إهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين )) ، شعرت أنك أمام طريقين:
      طريق الهداية والاستقامة المؤدي إلى نعمة الله تعالى بالتوفيق والفوز بالرضوان، وهو الذي وفق الله لسلوكه عباده الصالحين من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا.

      وطريق الضلال والانحراف المؤدي إلى غضب الله وعقوبته، وتتشعب منه مسالك لا تحصى كلها ملتوية مطموسة المعالم، وهو طريق الفريق الآخر الذي نكب عن صراط الحق، وتعرض لغضب الخالق سبحانه.

      وفي هذا الشعور ما يدعو إلى التبصر في مسالك الحياة والدؤوب على اتباع الحق، واجتناب الباطل ، ويدعو إلى الترابط المديد بين أهل الحق ، أسلافهم وأخلافهم، فلا تخرج أجيالهم عن كونها حلقات متواصلة في سلسلة واحدة.

      وهكذا شأن الخاشع في صلاته في كل مايتلوه من القرآن وما يكرره من تكبير وتسبيح وتعظيم، وجميع حركاته من قيام وقعود وركوع وسجود. فإذا أدى صلاته على هذا النحو خرج منها طاهر الروح، زكي النفس، نقي الوجدان،مرهف الحس، مهذب الأخلاق.

      فإذا خاض من بعد غمار الحياة وكاد يتلوث من جديد بدخانها وغبارها، عاد إلى هذا المعين الفياض فارتمى فيه وتطهر من أوضاره وتخلص من أكداره، وهكذا تتكرر العملية في اليوم والليلة خمس مرات، فضلا عن الرواتب والنوافل.

      وقد صور رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا الأثر النفسي للصلاة وتطهيرها باطن الإنسان من الأرجاس المعنوية في صورة المحسوس المألوف ـ وهو الطهارة الحسيةـ حيث قال صلى الله عليه وسلم: أرأيتم لو أن على باب أحدكم نهرا جاريا غمرا ينغمس فيه كل يوم و ليلة خمس مرات أيبقى من درنه شئ؟ قالوا: لا يا رسول الله، قال: فذلك مثل الصلوات الخمس ، وهو مثل أراد به صلى الله عليه وسلم إفهام العقول وتقريب المعاني، فإن النفس آلف للمحسوس وأدرك لحقيقته، وإلا فشتان بين نقاء الظاهر ونقاء الباطن، وطهارة الجسم وطهارة الروح.
      كـــــــــــــــــــــــــــــــن مــ الله ــع ولا تبــــــــالي
      :):)