المكتبة الإسلامية

    • السيرة النبوية ( لابن هشام ) ح 3


      ( أصل العرب )


      2 ) [ نسب لخم بن عدي ]

      قال ابن هشام : لخم : ابن عدي بن الحارث بن مرة بن أدد بن زيد بن هميسع بن عمرو بن عريب بن يشجب بن زيد بن كهلان بن سبأ ، ويقال لخم : ابن عدي بن عمرو بن سبأ ، ويقال : ربيعة بن نصر بن أبي حارثة بن عمرو بن عامر ، وكان تخلف باليمن بعد خروج عمرو بن عامر من اليمن .

      أمر عمرو بن عامر في خروجه من اليمن وقصة سد مأرب

      وكان سبب خروج عمرو بن عامر من اليمن - فيما حدثني أبو زيد الأنصاري - أنه رأى جرذا يحفر في سد مأرب ، الذي كان يحبس عليهم الماء - فيصرفونه حيث شاءوا من أرضهم فعلم أنه لا بقاء للسد على ذلك فاعتزم على النقلة من اليمن ، فكاد قومه فأمر أصغر ولده إذا أغلظ له ولطمه أن يقوم إليه فيلطمه ففعل ابنه ما أمره به فقال عمرو : لا أقيم ببلد لطم وجهي فيه أصغر ولدي ، وعرض أمواله . فقال أشراف من أشراف اليمن : اغتنموا غضبة عمرو ، فاشتروا منه أمواله .

      وانتقل في ولده وولد ولده . وقالت الأزد : لا نتخلف عن عمرو بن عامر ، فباعوا أموالهم وخرجوا معه فساروا حتى نزلوا بلاد عك مجتازين يرتادون البلدان فحاربتهم عك ، فكانت حربهم سجالا . ففي ذلك قال عباس بن مرداس البيت الذي كتبنا .

      ثم ارتحلوا عنهم فتفرقوا في البلدان فنزل آل جفنة بن عمرو بن عامر الشام ، ونزلت الأوس والخزرج يثرب ، ونزلت خزاعة مرا ، ونزلت أزد السراة ، ونزلت أزد عمان عمان .

      ثم أرسل الله تعالى على السد السيل فهدمه ففيه أنزل الله تبارك وتعالى على رسوله محمد صلى الله عليه وسلم ( لقد كان لسبإ في مسكنهم آية جنتان عن يمين وشمال كلوا من رزق ربكم واشكروا له بلدة طيبة ورب غفور فأعرضوا فأرسلنا عليهم سيل العرم ) .

      والعرم : السد ، واحدته عرمة فيما حدثني أبو عبيدة . قال الأعشى : أعشى بني قيس بن ثعلبة بن عكابة بن صعب بن علي بن بكر بن وائل بن هنب بن أفصى بن جديلة بن أسد بن ربيعة بن نزار بن معد .

      قال ابن هشام : ويقال أفصى بن دعمي بن جديلة واسم الأعشى ، ميمون بن قيس بن جندل بن شراحيل بن عوف بن سعد بن ضبيعة بن قيس بن ثعلبة

      وفي ذاك للمؤتسي أسوة

      ومارب عفى عليها العرم

      رخام بنته لهم حمير

      إذا جاء مواره لم يرم

      فأروى الزروع وأعنابها

      على سعة ماؤهم إذ قسم

      فصاروا أيادى ما يقدرون

      منه على شرب طفل فطم


      وهذه الأبيات في قصيدة له .

      وقال أمية بن أبي الصلت الثقفي - واسم ثقيف قسي بن منبه بن بكر بن هوازن بن منصور بن عكرمة بن خصفة بن قيس بن عيلان بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان : من سبأ الحاضرين مارب إذ يبنون من دون سيله العرما وهذا البيت في قصيدة له .

      وتروى للنابغة الجعدي واسمه قيس بن عبد الله أحد بني جعدة بن كعب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة بن معاوية بن بكر بن هوازن وهو حديث طويل منعني من استقصائه ما ذكرت من الاختصار .
    • السيرة النبوية ( لابن هشام ) ح 4

      [ أمر ربيعة بن نصر ملك اليمن وقصة شق وسطيح الكاهنين معه ]
      [ رؤيا ربيعة بن نصر ]

      قال ابن إسحاق : وكان ربيعة بن نصر ملك اليمن بين أضعاف ملوك التبابعة فرأى رؤيا هالته وفظع بها فلم يدع كاهنا ، ولا ساحرا ، ولا عائفا ولا منجما من أهل مملكته إلا جمعه إليه فقال لهم إني قد رأيت رؤيا هالتني ، وفظعت بها ، فأخبروني بها وبتأويلها ، قالوا له اقصصها علينا نخبرك بتأويلها ، قال إني إن أخبرتكم بها لم أطمئن إلى خبركم عن تأويلها ، فإنه لا يعرف تأويلها إلا من عرفها قبل أن أخبره بها .

      فقال له رجل منهم فإن كان الملك يريد هذا فليبعث إلى سطيح وشق فإنه ليس أحد أعلم منهما ، فهما يخبرانه بما سأل عنه .


      [ نسب سطيح وشق ]

      واسم سطيح ربيع بن ربيعة بن مسعود بن مازن بن ذئب بن عدي بن مازن غسان . وشق : ابن صعب بن يشكر بن رهم بن أفرك بن قسر بن عبقر بن أنمار بن نزار ، وأنمار أبو بجيلة وخثعم .

      [ نسب بجيلة ]

      قال ابن هشام : وقالت اليمن وبجيلة : ( بنو ) أنمار : بن إراش بن لحيان بن عمرو بن الغوث بن نبت بن مالك بن زيد بن كهلان بن سبأ : ويقال إراش بن عمرو بن لحيان بن الغوث . ودار بجيلة وخثعم يمانية .
    • السيرة النبوية ( لابن هشام ) ح 5

      [ ربيعة بن نصر وسطيح ]

      قال ابن إسحاق : فبعث إليهما ، فقدم عليه سطيح قبل شق فقال له إني رأيت رؤيا هالتني وفظعت بها ، فأخبرني بها ، فإنك إن أصبتها أصبت تأويلها . قال أفعل رأيت حممه خرجت من ظلمه ، فوقعت بأرض تهمه ، فأكلت منها كل ذات جمجمه فقال له الملك ما أخطأت منها شيئا يا سطيح فما عندك في تأويلها ؟ فقال أحلف بما بين الحرتين من حنش لتهبطن أرضكم الحبش فلتملكن ما بين أبين إلى جرش ، فقال له الملك وأبيك يا سطيح إن هذا لنا لغائظ موجع فمتى ، هو كائن ؟ أفي زماني هذا ، أم بعده ؟ قال لا ، بل بعده بحين أكثر من ستين أو سبعين يمضين من السنين قال أفيدوم ذلك من ملكهم أم ينقطع ؟ قال لا ، بل ينقطع لبضع وسبعين من السنين ثم يقتلون ويخرجون منها هاربين قال ومن يلي من ذلك من قتلهم وإخراجهم ؟ قال يليه إرم ( بن ) ذي يزن ، يخرج عليهم من عدن ، فلا يترك أحدا منهم باليمن قال أفيدوم ذلك من سلطانه أم ينقطع ؟ قال لا ، بل ينقطع قال ومن يقطعه ؟ قال نبي زكي ، يأتيه الوحي من قبل العلي قال وممن هذا النبي ؟ قال رجل من ولد غالب بن فهر بن مالك بن النضر ، يكون الملك في قومه إلى آخر الدهر ؟ قال وهل للدهر من آخر ؟ قال نعم يوم يجمع فيه الأولون والآخرون يسعد فيه المحسنون ويشقى فيه المسيئون قال أحق ما تخبرني ؟ قال نعم والشفق والغسق والفلق إذا اتسق إن ما أنبأتك به لحق .
    • السيرة النبوية ( لابن هشام ) ح 6

      السيرة النبوية لابن هشام > [ ذكر سرد النسب الزكي ] > استيلاء أبي كرب تبان أسعد على ملك اليمن وغزوه إلى يثرب

      [ شيء من سيرة تبان ]


      قال ابن إسحاق : وتبان أسعد أبو كرب الذي قدم المدينة وساق الحبرين من يهود ( المدينة ) إلى اليمن ، وعمر البيت الحرام وكساه وكان ملكه قبل ملك ربيعة بن نصر .

      قال ابن هشام : وهو الذي يقال له

      ليت حظي من أبي كرب

      أن يسد خيره خبله
    • السيرة النبوية ( لابن هشام ) ح 7

      السيرة النبوية لابن هشام > [ ذكر سرد النسب الزكي ] > استيلاء أبي كرب تبان أسعد على ملك اليمن وغزوه إلى يثرب




      [ غضب تبان على أهل المدينة ، وسبب ذلك ]


      قال ابن إسحاق : وكان قد جعل طريقه - حين أقبل من المشرق - على المدينة ، وكان قد مر بها في بدأته فلم يهج أهلها ، وخلف بين أظهرهم ابنا له فقتل غيلة . فقدمها وهو مجمع لإخرابها واستئصال أهلها ، وقطع نخلها ؟ فجمع له هذا الحي من الأنصار ورئيسهم عمرو بن طلة أخو بني النجار ، ثم أحد بني عمرو بن مبذول واسم مبذول عامر بن مالك بن النجار ، واسم النجار تيم الله بن ثعلبة بن عمرو بن الخزرج بن حارثة بن ثعلبة بن عمرو بن عامر .


      [ نسب عمرو بن طلة ]

      قال ابن هشام : عمرو بن طلة : عمرو بن معاوية بن عمرو بن عامر بن مالك بن النجار ، وطلة أمه وهي بنت عامر بن زريق بن عبد حارثة بن مالك بن غضب بن جشم بن الخزرج .

      [ سبب قتال تبان لأهل المدينة ]


      قال ابن إسحاق : وقد كان رجل من بني عدي بن النجار يقال له أحمر . عدا على رجل من أصحاب تبع حين نزل بهم فقتله وذلك أنه وجده في عذق له يجده فضربه بمنجله فقتله وقال إنما التمر لمن أبره . فزاد ذلك تبعا حنقا عليهم فاقتتلوا . فتزعم الأنصار أنهم كانوا يقاتلونه بالنهار ويقرونه بالليل فيعجبه ذلك منهم ويقول والله إن قومنا لكرام .


      [ انصراف تبان عن إهلاك المدينة وشعر خالد في ذلك ]


      فبينا تبع على ذلك من قتالهم إذ جاءه حبران من أحبار اليهود من بني قريظة - وقريظة والنضير والنجام وعمرو ، وهو هدل بنو الخزرج بن الصريح بن التوءمان بن السبط بن اليسع بن سعد بن لاوي بن خير بن النجام بن تنحوم بن عازر بن عزرى بن هارون بن عمران بن يصهر بن قاهث ابن لاوى بن يعقوب وهو إسرائيل بن إسحاق بن إبراهيم خليل الرحمن صلى الله عليهم - عالمان راسخان في العلم حين سمعا بما يريد من إهلاك المدينة وأهلها . فقالا له أيها الملك لا تفعل فإنك إن أبيت إلا ما تريد حيل بينك وبينها ولم نأمن عليك عاجل العقوبة فقال لهما : ولم ذلك ؟ فقالا : هي مهاجر نبي يخرج من هذا الحرم من قريش في آخر الزمان تكون داره وقراره فتناهى عن ذلك . ورأى أن لهما علما ، وأعجبه ما سمع منهما ، فانصرف عن المدينة - واتبعهما على دينهما . فقال خالد بن عبد العزى بن غزية بن عمرو ( ابن عبد ) بن عوف بن غنم بن مالك بن النجار يفخر بعمرو بن طلة

      أصحا أم قد نهى ذكره

      أم قضى من لذة وطره

      أم تذكرت الشباب وما

      ذكرك الشباب أو عصره

      إنها حرب رباعية

      مثلها أتى الفتى عبره

      فاسألا عمران أو أسدا

      إذ أتت عدوا مع الزهره

      فيلق فيها أبو كرب

      سبغ أبدانها ذفره

      ثم قالوا : من نؤم بها

      أبني عوف أم النجره

      بل بني النجار إن لنا

      فيهم قتلى وإن تره

      فتلقتهم مسايفة

      مدها كالغبية النثره

      فيهم عمرو بن طلة ملى

      الإله قومه عمره

      سيد سامي الملوك ومن

      رام عمرا لا يكن قدره


      وهذا الحي من الأنصار يزعمون أنه إنما كان حنق تبع على هذا الحي من يهود الذين كانوا بين أظهرهم وإنما أراد هلاكهم فمنعوهم منه حتى انصرف عنهم ولذلك قال في شعره

      حنقا على سبطين حلا يثربا

      أولى لهم بعقاب يوم مفسد



      [ اعتناق تبان اليهودية ، وكسوته البيت وتعظيمه وشعر سبيعة في ذلك ]



      قال ابن إسحاق : وكان تبع وقومه أصحاب أوثان يعبدونها ، فتوجه إلى مكة ، وهي طريقه إلى اليمن ، حتى إذا كان بين عسفان ، وأمج ، أتاه نفر من هذيل بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد ، فقالوا له أيها الملك ألا ندلك على بيت مال داثر أغفلته الملوك قبلك ، فيه اللؤلؤ والزبرجد والياقوت والذهب والفضة " قال بلى ، قالوا : بيت بمكة يعبده أهله ويصلون عنده

      وإنما أراد الهذليون هلاكه بذلك لما عرفوا من هلاك من أراده من الملوك وبغى عنده . فلما أجمع لما قالوا أرسل إلى الحبرين فسألهما عن ذلك فقالا له ما أراد القوم إلا هلاكك وهلاك جندك ، ما نعلم بيتا لله اتخذه في الأرض لنفسه غيره ولئن فعلت ما دعوك إليه لتهلكن وليهلكن من معك جميعا - قال فماذا تأمرانني أن أصنع إذا أنا قدمت عليه قالا : تصنع عنده ما يصنع أهله تطوف به وتعظمه وتكرمه وتحلق رأسك عنده وتذل له حتى تخرج من عنده قال فما يمنعكما أنتما من ذلك " قال أما والله إنه لبيت أبينا إبراهيم . وإنه لكما أخبرناك ولكن أهله

      حالوا بيننا وبينه بالأوثان التي نصبوها حوله وبالدماء التي يهرقون عنده وهم نجس أهل شرك - أو كما قالا له - فعرف نصحهما وصدق حديثهما فقرب النفر من هذيل ، فقطع أيديهم وأرجلهم ثم مضى حتى قدم مكة . فطاف بالبيت ونحر عنده وحلق رأسه وأقام بمكة ستة أيام - فيما يذكرون - ينحر بها للناس ويطعم أهلها ويسقيهم العسل وأرى في المنام أن يكسو البيت فكساه الخصف ثم أرى أن يكسوه أحسن من ذلك فكساه المعافر ثم أرى أن يكسوه أحسن من ذلك فكساه الملاء والوصائل فكان تبع - فيما يزعمون أول من كسا البيت وأوصى به ولاته من جرهم ، وأمرهم بتطهيره وألا يقربوه دما ولا ميتة ولا مئلاة وهي المحايض وجعل له بابا ومفتاحا وقالت سبيعة بنت الأحب بن زبينة بن جذيمة بن عوف بن نصر بن معاوية بن بكر ابن هوازن بن منصور بن عكرمة بن خصفة بن قيس بن عيلان وكانت عند عبد مناف بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر ابن مالك بن النضر بن كنانة ، لابن لها منه يقال له خالد تعظم عليه حرمة مكة ، وتنهاه عن البغي فيها ، وتذكر تبعا وتذلله لها ، وما صنع بها :

      أبني لا تظلم بمكة

      لا الصغير ولا الكبير

      واحفظ محارمها بن

      ي ولا يغرنك الغرور

      أبني من يظلم بمكة

      يلق أطراف الشرور

      أبني يضرب وجهه

      ويلح بخديه السعير

      أبني قد جربتها

      فوجدت ظالمها يبور

      الله أمنها وما

      بنيت بعرصتها قصور

      والله أمن طيرها

      والعصم تأمن في ثبير

      ولقد غزاها تبع

      فكسا بنيتها الحبير

      وأذل ربي ملكه

      فيها فأوفى بالنذور

      يمشي إليها حافيا

      بفنائها ألفا بعير

      ويظل يطعم أهلها

      لحم المهارى والجزور

      يسقيهم العسل المصفى

      والرحيض من الشعير

      والفيل أهلك جيشه

      يرمون فيها بالصخور

      والملك في أقصى البلا

      د وفي الأعاجم الخزير

      فاسمع إذا حدثت وافهم

      كيف عاقبة الأمور



      [ دعوة تبان قومه إلى اليهودية‏، وتحكيمهم النار بينهم وبينه ]



      [ثم خرج منها متوجها إلى اليمن بمن معه من جنوده وبالحبرين حتى إذا دخل اليمن دعا قومه إلى الدخول فيما دخل فيه فأبوا عليه حتى يحاكموه إلى النار التي كانت باليمن .

      قال ابن إسحاق : حدثني أبو مالك بن ثعلبة بن أبي مالك القرظي قال سمعت إبراهيم بن محمد بن طلحة بن عبيد الله يحدث

      أن تبعا لما دنا من اليمن ليدخلها حالت حمير بينه وبين ذلك وقالوا : لا تدخلها علينا ، وقد فارقت ديننا ، فدعاهم إلى دينه وقال إنه خير من دينكم فقالوا : فحاكمنا إلى النار قال نعم

      قال وكانت باليمن - فيما يزعم أهل اليمن - نار تحكم بينهم فيما يختلفون فيه تأكل الظالم ولا تضر المظلوم

      فخرج قومه بأوثانهم وما يتقربون به في دينهم وخرج الحبران بمصاحفهما في أعناقهما متقلديها ، حتى قعدوا للنار عند مخرجها الذي تخرج منه فخرجت النار إليهم فلما أقبلت نحوهم حادوا عنها وهابوها ، فذمرهم من حضرهم من الناس وأمروهم بالصبر لها ، فصبروا حتى غشيتهم فأكلت الأوثان وما قربوا معها ، ومن حمل ذلك من رجال حمير ، وخرج الحبران بمصاحفهما في أعناقهما تعرق جباههما لم تضرهما ، فأصفقت عند ذلك حمير على دينه فمن هنالك وعن ذلك كان أصل اليهودية باليمن .

      قال ابن إسحاق : وقد حدثني محدث أن الحبرين ومن خرج من حمير ، إنما اتبعوا النار ليردوها ، وقالوا : من ردها فهو أولى بالحق فدنا منها رجال من حمير بأوثانهم ليردوها فدنت منهم لتأكلهم فحادوا عنها ولم يستطيعوا ردها ودنا منها الحبران بعد ذلك وجعلا يتلوان التوراة وتنكص عنهما ، حتى رداها إلى مخرجها الذي خرجت منه فأصفقت عند ذلك حمير على دينهما ، والله أعلم أي ذلك كان .


      [ رئام وما صار إليه ]

      قال ابن إسحاق : وكان رئام بيتا لهم يعظمونه وينحرون عنده ويكلمون ( منه ) إذ كانوا على شركهم ؟ فقال الحبران لتبع إنما هو شيطان يفتنهم بذلك فخل بيننا وبينه قال فشأنكما به فاستخرجا منه - فيما يزعم أهل اليمن - كلبا أسود فذبحاه ثم هدما ذلك البيت فبقاياه اليوم - كما ذكر لي - بها آثار الدماء التي كانت تهراق عليه .


      ملك ابنه حسان بن تبان وقتل عمرو أخيه له

      ( سبب قتله )

      فلما ملك ابنه حسان بن تبان أسعد أبي كرب سار بأهل اليمن يريد أن يطأ بهم أرض العرب وأرض الأعاجم ، حتى إذا كانوا ببعض أرض العراق - قال ابن هشام : بالبحرين فيما ذكر لي بعض أهل العلم - كرهت حمير وقبائل اليمن المسير معه وأرادوا الرجعة إلى بلادهم وأهلهم فكلموا أخا له يقال له عمرو ، وكان معه في جيشه فقالوا له اقتل أخاك حسان ونملكك علينا ، وترجع بنا إلى بلادنا ، فأجابهم . فاجتمعت على ذلك إلا ذا رعين الحميري فإنه نهاه عن ذلك فلم يقبل منه فقال ذو رعين

      ألا من يشتري سهرا بنوم

      سعيد من يبيت قرير عين

      فأما حمير غدرت وخانت

      فمعذرة الإله لذي رعين


      ثم كتبهما في رقعة وختم عليها ، ثم أتى بها عمرا فقال له ضع لي هذا الكتاب عندك ، ففعل تم قتل عمرو أخاه حسان ورجع بمن معه إلى اليمن ; فقال رجل من حمير :

      لاه عينا الذي رأى مثل حسا

      ن قتيلا في سالف الأحقاب

      قتلته مقاول خشية الحبس

      غداة قالوا : لباب لباب

      ميتكم خيرنا وحيكم

      رب علينا وكلكم أربابي


      قال ابن إسحاق : وقوله لباب لباب لا بأس لا بأس بلغة حمير قال ابن هشام : ويروى : لباب لباب .



      [ ندم عمرو وهلاكه ]

      قال ابن إسحاق : فلما نزل عمرو بن تبان اليمن منع منه النوم وسلط عليه السهر فلما جهده ذلك سأل الأطباء والحزاة من الكهان والعرافين عما به فقال له قائل منهم إنه والله ما قتل رجل قط أخاه أو ذا رحمه بغيا على مثل ما قتلت أخاك عليه إلا ذهب نومه وسلط عليه السهر فلما قيل له ذلك جعل يقتل كل من أمره بقتل أخيه حسان من أشراف اليمن ، حتى خلص إلى ذي رعين فقال له ذو رعين إن لي عندك براءة فقال وما هي ؟ قال الكتاب الذي دفعت إليك : فأخرجه فإذا فيه البيتان فتركه ورأى أنه قد نصحه .

      وهلك عمرو ، فمرج أمر حمير عند ذلك وتفرقوا .
    • السيرة النبوية ( لابن هشام ) ح 8

      السيرة النبوية لابن هشام > [ غضب تبان على أهل المدينة ، وسبب ذلك ]

      [ النصرانية بنجران ]

      وبنجران بقايا من أهل دين عيسى ابن مريم عليه السلام على الإنجيل ، أهل فضل واستقامة من أهل دينهم لهم رأس يقال له عبد الله بن الثامر ، وكان موقع أصل ذلك الدين بنجران ، وهي بأوسط أرض العرب في ذلك الزمان وأهلها وسائر العرب كلها أهل أوثان يعبدونها ، وذلك أن رجلا من بقايا أهل ذلك الدين يقال له فيميون - وقع بين أظهرهم فحملهم عليه فدانوا به .

      ابتداء وقوع النصرانية بنجران
      [ فيميون وصالح ونشر النصرانية بنجران ]


      قال ابن إسحاق : حدثني المغيرة بن أبي لبيد مولى الأخنس عن وهب بن منبه اليماني أنه حدثهم أن موقع ذلك الدين بنجران كان أن رجلا من بقايا أهل دين عيسى ابن مريم يقال له فيميون ، وكان رجلا صالحا مجتهدا زاهدا في الدنيا ، مجاب الدعوة وكان سائحا ينزل بين القرى ، لا يعرف بقرية إلا خرج منها إلى قرية لا يعرف بها ، وكان لا يأكل إلا من كسب يديه وكان بناء يعمل الطين وكان يعظم الأحد فإذا كان يوم الأحد لم يعمل فيه شيئا ، وخرج إلى فلاة من الأرض يصلي بها حتى يمسي .

      قال وكان في قرية من قرى الشام يعمل عمله ذلك مستخفيا ، ففطن لشأنه رجل من أهلها يقال له صالح فأحبه صالح حبا لم يحبه شيئا كان قبله فكان يتبعه حيث ذهب ولا يفطن له فيميون : حتى خرج مرة في يوم الأحد إلى فلاة من الأرض كما كان يصنع وقد اتبعه صالح وفيميون لا يدري فجلس صالح منه منظر العين مستخفيا منه لا يحب أن يعلم بمكانه .

      وقام فيميون يصلي ، فبينما هو يصلي إذ أقبل نحوه التنين - الحية ذات الرءوس السبعة - فلما رآها فيميون دعا عليها فماتت ورآها صالح ولم يدر ما أصابها فخافها عليه فعيل عوله فصرخ يا فيميون ، التنين قد أقبل نحوك ، فلم يلتفت إليه وأقبل على صلاته حتى فرغ منها ، وأمسى فانصرف .

      وعرف أنه قد عرف وعرف صالح أنه قد رأى مكانه فقال ( له يا ) فيميون ، تعلم والله أني ما أحببت شيئا قط حبك وقد أردت صحبتك ، والكينونة معك حيث كنت ، فقال ما شئت أمري كما ترى ، فإن علمت أنك تقوى عليه فنعم ؟ فلزمه صالح .

      وقد كاد أهل القرية يفطنون لشأنه وكان إذا فاجأه العبد به الضر دعا له فشفي وإذا دعي إلى أحد به ضر لم يأته وكان لرجل من أهل القرية ابن ضرير فسأل عن شأن فيميون فقيل له إنه لا يأتي أحدا دعاه ولكنه رجل يعمل للناس البنيان بالأجر .

      فعمد الرجل إلى ابنه ذلك فوضعه في حجرته وألقى عليه ثوبا ، تم جاءه فقال له يا فيميون ، إني قد أردت أن أعمل في بيتي عملا ، فانطلق معي إليه حتى تنظر إليه فأشارطك عليه . فانطلق معه حتى دخل حجرته ثم قال له ما تريد أن تعمل في بيتك هذا ؟ قال كذا وكذا ، ثم انتشط الرجل الثوب عن الصبي ثم قال له يا فيميون ، عبد من عباد الله أصابه ما ترى ، فادع الله له .

      فدعا له فيميون ، فقام الصبي ليس به بأس . وعرف فيميون أنه قد عرف فخرج من القرية واتبعه صالح فبينما هو يمشي في بعض الشام إذ مر بشجرة عظيمة . فناداه منها رجل فقال يا فيميون ; قال نعم قال ما زلت أنظرك وأقول متى هو جاء حتى سمعت صوتك ، فعرفت أنك هو لا تبرح حتى تقوم علي فإني ميت الآن قال فمات وقام عليه حتى واراه ثم انصرف وتبعه صالح حتى وطئا بعض أرض العرب . فعدوا عليهما .

      فاختطفتهما سيارة من بعض العرب ، فخرجوا بهما حتى باعوهما بنجران وأهل نجران يومئذ على دين العرب ، يعبدون نخلة طويلة بين أظهرهم لها عيد في كل سنة إذا كان ذلك العيد علقوا عليها كل ثوب حسن وجدوه وحلي النساء ثم خرجوا إليها فعكفوا عليها يوما . فابتاع فيميون رجل من أشرافهم وابتاع صالحا آخر .

      فكان فيميون إذا قام من الليل يتهجد في بيت له - أسكنه إياه سيده - يصلي ، استسرج له البيت نورا حتى يصبح من غير مصباح فرأى ذلك سيده فأعجبه ما يرى منه فسأله عن دينه فأخبره به وقال له فيميون : إنما أنتم في باطل إن هذه النخلة لا تضر ولا تنفع ولو دعوت عليها إلهي الذي أعبده لأهلكها ، وهو الله وحده لا شريك له . قال فقال له سيده فافعل فإنك إن فعلت دخلنا في دينك ، وتركنا ما نحن عليه .

      قال فقام فيميون ، فتطهر وصلى ركعتين ثم دعا الله عليها ، فأرسل الله عليها ريحا فجعفتها من أصلها فألقتها ، فاتبعه عند ذلك أهل نجران على دينه فحملهم على الشريعة من دين عيسى ابن مريم عليه السلام ثم دخلت عليهم الأحداث التي دخلت على أهل دينهم بكل أرض فمن هنالك كانت النصرانية بنجران في أرض العرب قال ابن إسحاق : فهذا حديث وهب بن منبه عن أهل نجران .
    • أخي نجم الساحة

      بااارك الله فيك علي هذا الجهد

      دمت بخير
      أكتب ما اشعر به وأقول ما أنا مؤمن به انقل هموم المجتمع لتصل الي المسئولين وفي النهاية كلنا نخدم الوطن والمواطن
    • ورد المنى كتب:

      اخي نجم الساحة اين انت المكتبة تنتضرك


      أشكرك أختي الكريمة على السؤال عني وبارك الله فيك ، وفي الحقيقة أعتذر لكم عن هذا التغيب ولكن الغائب عذره معه وأعدكم بالتواصل من هذه اللحظة والعمل بكل جد ونشاط في المكتنبة .
    • إبن الوقبـــة كتب:

      أخي نجم الساحة

      بااارك الله فيك علي هذا الجهد

      دمت بخير


      وبارك الله فيك اخي العزيز على تشجيعك المستمر ومتابعتك المتواصلة لمواضيع الساحة .
    • السيرة النبوية ( لابن هشام ) ح 9

      السيرة النبوية لابن هشام > [ غضب تبان على أهل المدينة ، وسبب ذلك ] > أمر عبد الله بن الثامر وقصة أصحاب الأخدود


      [ ابن الثامر ودعوته إلى النصرانية بنجران ]


      فجعل عبد الله بن الثامر إذا دخل نجران لم يلق أحدا به ضر إلا قال ( له ) يا عبد الله أتوحد الله وتدخل في ديني وأدعو الله فيعافيك مما أنت فيه من البلاء ؟ فيقول نعم فيوحد الله ويسلم ويدعو له فيشفى . حتى لم يبق بنجران أحد به ضر إلا أتاه فاتبعه على أمره ودعا له فعوفي حتى رفع شأنه إلى ملك نجران ، فدعاه فقال ( له ) : أفسدت علي أهل قريتي ، وخالفت ديني ودين آبائي ، لأمثلن بك ، قال لا تقدر على ذلك .

      قال فجعل يرسل به إلى الجبل الطويل فيطرح على رأسه فيقع إلى الأرض ليس به بأس وجعل يبعث به إلى مياه بنجران بحور لا يقع فيها شيء إلا هلك فيلقى فيها فيخرج ليس به بأس . فلما غلبه قال له عبد الله بن الثامر : إنك والله لن تقدر على قتلي حتى توحد الله فتؤمن بما آمنت به فإنك إن فعلت ذلك سلطت علي فقتلتني . قال فوحد الله تعالى ذلك الملك وشهد شهادة عبد الله بن الثامر ، ثم ضربه بعصا في يده فشجه شجة غير كبيرة فقتله ثم هلك الملك مكانه ؟ واستجمع أهل نجران على دين عبد الله بن الثامر ، وكان على ما جاء به عيسى ابن مريم من الإنجيل وحكمه ثم أصابهم مثل ما أصاب أهل دينهم من الأحداث فمن هنالك كان أصل النصرانية بنجران ، والله أعلم بذلك .



      [ ذو نواس ‏وخد الأخدود ]


      فسار إليهم ذو نواس بجنوده فدعاهم إلى اليهودية وخيرهم بين ذلك والقتل فاختاروا القتل فخد لهم الأخدود فحرق من حرق بالنار وقتل بالسيف ومثل به حتى قتل منهم قريبا من عشرين ألفا ، ففي ذي نواس وجنده تلك أنزل الله تعالى على رسوله سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم قتل أصحاب الأخدود النار ذات الوقود إذ هم عليها قعود وهم على ما يفعلون بالمؤمنين شهود وما نقموا منهم إلا أن يؤمنوا بالله العزيز الحميد

      ( الأخدود لغة )

      قال ابن هشام : الأخدود الحفر المستطيل في الأرض كالخندق والجدول ونحوه وجمعه أخاديد . قال ذو الرمة واسمه غيلان بن عقبة أحد بني عدي بن عبد مناف بن أد بن طانجة بن إلياس بن مضر :

      من العراقية اللاتي يحيل لها

      بين الفلاة وبين النخل أخدود


      يعني جدولا . وهذا البيت في قصيدة له . قال ويقال لأثر السيف والسكين في الجلد وأثر السوط ونحوه أخدود وجمعه أخاديد .


      [ مقتل ابن الثامر ]


      قال ابن إسحاق : ويقال كان فيمن قتل ذو نواس عبد الله بن الثامر ، رأسهم وإمامهم .


      [ ما يروى عن ابن الثامر في قبره ]


      قال ابن إسحاق : حدثني عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم أنه حدث أن رجلا من أهل نجران كان في زمان عمر بن الخطاب رضي الله عنه حفر خربة من خرب نجران لبعض حاجته فوجدوا عبد الله بن الثامر تحت دفن منها قاعدا ، واضعا يده على ضربة في رأسه ممسكا بيده عليها فإذا أخرت يده عنها تنبعث دما ، وإذا أرسلت يده ردها عليها ، فأمسكت دمها ، وفي يده خاتم مكتوب فيه " ربي الله " فكتب فيه إلى عمر بن الخطاب يخبر بأمره فكتب إليهم عمر رضي الله عنه أن أقروه على حاله وردوا عليه الدفن الذي كان عليه ففعلوا
    • السيرة النبوية ( لابن هشام ) ح 10

      [ انتصار أرياط وهزيمة ذي نواس وموته ]


      فقدم دوس على النجاشي بكتاب قيصر ، فبعث معه سبعين ألفا من الحبشة ، وأمر عليهم رجلا منهم يقال له أرياط ، ومعه في جنده أبرهة الأشرم ، فركب أرياط البحر حتى نزل بساحل اليمن ، ومعه دوس ذو ثعلبان ، وسار إليه ذو نواس في حمير ، ومن أطاعه من قبائل اليمن ، فلما التقوا انهزم ذو نواس وأصحابه . فلما رأى ذو نواس ما نزل به وبقومه وجه فرسه في البحر ثم ضربه فدخل به فخاض به ضحضاح البحر حتى أفضى به إلى غمره فأدخله فيه وكان آخر العهد به . ودخل أرياط اليمن ، فملكها



      [ شعر في دوس وما كان منه ]



      فقال رجل من أهل اليمن - وهو يذكر ما ساق إليهم دوس من أمر الحبشة :

      لا كدوس ولا كأعلاق رحله

      " فهي مثل باليمن إلى هذا اليوم وقال ذو جدن الحميري :

      هونك ليس يرد الدمع ما فاتا

      لا تهلكي أسفا في إثر من ماتا

      أبعد بينون لا عين ولا أثر

      وبعد سلحين يبني الناس أبياتا


      بينون وسلحين وغمدان : من حصون اليمن التي هدمها أرياط . ولم يكن في الناس مثلها . وقال ذو جدن أيضا :

      دعيني لا أبا لك لن تطيقي

      لحاك الله قد أنزفت ريقي

      لدي عزف القيان إذ انتشينا

      وإذ نسقى من الخمر الرحيق

      وشرب الخمر ليس علي عارا

      إذا لم يشكني فيها رفيقي

      فإن الموت لا ينهاه ناه

      ولو شرب الشفاء مع النشوق

      ولا مترهب في أسطوان

      يناطح جدره بيض الأنوق

      وغمدان الذي حدثت عنه

      بنوه مسمكا في رأس نيق

      بمنهمة وأسفله جرون

      وحر الموحل اللثق الزليق

      مصابيح السليط تلوح فيه

      إذا يمسي كتوماض البروق

      ونخلته التي غرست إليه

      يكاد اليسر يهصر بالعذوق

      فأصبح بعد جدته رمادا

      وغير حسنه لهب الحريق

      وأسلم ذو نواس مستكينا

      وحذر قومه ضنك المضيق


      وقال ابن الذئبة الثقفي في ذلك . قال ابن هشام : الذئبة أمه واسمه ربيعة بن عبد ياليل بن سالم بن مالك بن حطيط بن جشم بن قسي

      لعمرك ما للفتى من مفر

      مع الموت يلحقه والكبر

      لعمرك ما للفتى صحرة

      لعمرك ما إن له من وزر

      أبعد قبائل من حمير

      أبيدوا صباحا بذات العبر

      بألف ألوف وحرابة

      كمثل السماء قبيل المطر

      يصم صياحهم المقربات

      وينفون من قاتلوا بالذفر

      سعالي مثل عديد الترا

      ب تيبس منهم رطاب الشجر


      وقال عمرو بن معدي كرب الزبيدي في شيء كان بينه وبين قيس بن مكشوح المرادي فبلغه أنه يتوعده فقال يذكر حمير وعزها ، وما زال من ملكها عنها :

      أتوعدني كأنك ذو رعين

      بأفضل عيشة أو ذو نواس

      وكائن كان قبلك من نعيم

      وملك ثابت في الناس راسي

      قديم عهده من عهد عاد

      عظيم قاهر الجبروت قاسي

      فأمسى أهله بادوا وأمسى

      يحول من أناس في أناس -

      [ صدق كهانة سطيح وشق ]


      قال ابن هشام : فهذا الذي عنى سطيح الكاهن بقوله " ليهبطن أرضكم الحبش فليملكن ما بين أبين إلى جرش " . والذي عنى شق الكاهن بقوله " لينزلن أرضكم السودان ، فليغلبن على كل طفلة البنان وليملكن ما بين أبين إلى نجران " .
    • السيرة النبوية ( لابن هشام ) ح 11

      الصفحة الرئيسية > سيرة ابن هشام > الجزء الأول



      [غلب أبرهة الأشرم على أمر اليمن وقتل أرياط ]


      [ ما كان بين أرياط وأبرهة ]



      قال ابن إسحاق : فأقام أرياط بأرض اليمن سنين في سلطانه ذلك ثم نازعه في أمر الحبشة باليمن أبرهة الحبشي - ( وكان في جنده ) حتى تفرقت الحبشة عليهما فانحاز إلى كل واحد منهما طائفة منهم ثم سار أحدهما إلى الآخر فلما تقارب الناس أرسل أبرهة إلى أرياط : إنك لا تصنع بأن تلقى الحبشة بعضها ببعض حتى تفنيها شيئا فابرز إلي وأبرز إليك ، فأينا أصاب صاحبه انصرف إليه جنده . فأرسل إليه أرياط : أنصفت فخرج إليه أبرهة وكان رجلا قصيرا ( لحيما حادرا ) وكان ذا دين في النصرانية " وخرج إليه أرياط ، وكان رجلا جميلا عظيما طويلا ، وفي يده حربة له . وخلف أبرهة غلام له يقال له عتودة يمنع ظهره . فرفع أرياط الحربة فضرب أبرهة يريد يافوخه فوقعت الحربة على جبهة أبرهة فشرمت حاجبه أنفه وعينه وشفته فبذلك سمي أبرهة الأشرم وحمل عتودة على أرياط من خلف أبرهة فقتله . وانصرف جند أرياط إلى أبرهة فاجتمعت عليه الحبشة باليمن وودى أبرهة أرياط .



      [ غضب النجاشي على أبرهة لقتله أرياط ثم رضاؤه عنه ]



      فلما بلغ ذلك النجاشي غضب غضبا شديدا وقال عدا على أميري فقتله بغير أمري . تم حلف لا يدع أبرهة حتى يطأ بلاده ويجز ناصيته . فحلق أبرهة رأسه وملأ جرابا من تراب اليمن . ثم بعث به إلى النجاشي ، ثم كتب إليه

      أيها الملك إنما كان أرياط عبدك ، وأنا عبدك ، فاختلفنا في أمرك ، وكل طاعته لك ، إلا أني كنت أقوى على أمر الحبشة وأضبط لها وأسوس منه وقد حلقت رأسي كله حين بلغني قسم الملك وبعثت إليه بجراب تراب من أرضي ، ليضعه تحت قدميه فيبر قسمه في .

      فلما انتهى ذلك إلى النجاشي رضي عنه وكتب إليه أن اثبت بأرض اليمن حتى يأتيك أمري . فأقام أبرهة باليمن .
    • السيرة النبوية ( لابن هشام ) ح 12

      الصفحة الرئيسية > سيرة ابن هشام > الجزء الأول


      أمر الفيل وقصة النسأة

      [ بناء القليس ]


      ثم إن أبرهة بنى القليس بصنعاء ، فبنى كنيسة لم ير مثلها في زمانها بشيء من الأرض ثم كتب إلى النجاشي : إني قد بنيت لك أيها الملك كنيسة لم يبن مثلها لملك كان قبلك ، ولست بمنته حتى أصرف إليها حج العرب ، فلما تحدثت العرب بكتاب أبرهة ذلك إلى النجاشي غضب رجل من النسأة . أحد بني فقيم بن عدي بن عامر بن ثعلبة بن الحارث بن مالك بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس من مضر .

      [ معنى النسأة ]

      والنسأة : الذين كانوا ينسئون الشهور على العرب في الجاهلية فيحلون الشهر من الأشهر الحرم ويحرمون مكانه الشهر من أشهر الحل ويؤخرون ذلك الشهر ففيه أنزل الله تبارك وتعالى : إنما النسيء زيادة في الكفر يضل به الذين كفروا يحلونه عاما ويحرمونه عاما ليواطئوا عدة ما حرم الله

      [ المواطأة لغة ]

      قال ابن هشام : ليواطئوا : ليوافقوا ; والمواطأة الموافقة تقول العرب : واطأتك على هذا الأمر أي وافقتك عليه . والإيطاء في الشعر الموافقة وهو اتفاق القافيتين من لفظ واحد وجنس واحد نحو قول العجاج - واسم العجاج عبد الله بن رؤبة أحد بني سعد بن زيد بن مناة بن تميم بن مر بن أد بن طانجة بن إلياس بن مضر بن نزار .

      في أثعبان المنجنون المرسل

      ثم قال

      مد الخليج في الخليج المرسل

      وهذان البيتان في أرجوزة له .



      ‏ [ إحداث الكناني في القليس ، وحملة أبرهة على الكعبة ]



      قال ابن إسحاق : فخرج الكناني حتى أتى القليس فقعد فيها - قال ابن هشام يعني أحدث فيها - قال ابن إسحاق : ثم خرج فلحق بأرضه فأخبر بذلك أبرهة فقال من صنع هذا ؟ فقيل له صنع هذا رجل من العرب من أهل هذا البيت الذي تحج العرب إليه بمكة لما سمع قولك : " أصرف إليها حج العرب " غضب فجاء فقعد فيها ، أي أنها ليست لذلك بأهل . فغضب عند ذلك أبرهة وحلف ليسيرن إلى البيت حتى يهدمه ثم أمر الحبشة فتهيأت وتجهزت ثم سار وخرج معه بالفيل وسمعت بذلك العرب ، فأعظموه وفظعوا به ورأوا جهاده حقا عليهم حين سمعوا بأنه يريد هدم الكعبة ، بيت الله الحرام .
    • السيرة النبوية ( لابن هشام ) ح 13

      الصفحة الرئيسية > سيرة ابن هشام > الجزء الأول


      [ هزيمة ذي نفر أمام أبرهة ]

      فخرج إليه رجل من أشراف أهل اليمن وملوكهم يقال له ذو نفر ، فدعا قومه ومن أجابه من سائر العرب إلى حرب أبرهة وجهاده عن بيت الله الحرام وما يريد من هدمه وإخرابه فأجابه إلى ذلك من أجابه ثم عرض له فقاتله فهزم ذو نفر وأصحابه وأخذ له ذو نفر فأتي به أسيرا ، فلما أراد قتله قال له ذو نفر : أيها الملك لا تقتلني فإنه عسى أن يكون بقائي معك خيرا لك من قتلي ، فتركه من القتل وحبسه عنده في وثاق وكان أبرهة رجلا حليما .


      [ ما وقع بين نفيل وأبرهة ]


      ثم مضى أبرهة على وجهه ذلك يريد ما خرج له حتى إذا كان بأرض خثعم عرض له نفيل بن حبيب الخثعمي في قبيلي خثعم : شهران وناهس ومن تبعه من قبائل العرب ، فقاتله فهزمه أبرهة وأخذ له نفيل أسيرا فأتي به فلما هم بقتله قال له نفيل أيها الملك لا تقتلني فإني دليلك بأرض العرب ، وهاتان يداي لك على قبيلي خثعم : شهران وناهس بالسمع والطاعة فخلى سبيله .



      [ ابن معتب وأبرهة ]


      وخرج به معه يدله حتى إذا مر بالطائف خرج إليه مسعود بن معتب بن مالك بن كعب بن مرو بن سعد بن عوف بن ثقيف في رجال ثقيف .



      [ نسب ثقيف وشعر ابن أبي الصلت في ذلك ]


      واسم ثقيف : قسي بن النبيت بن منبه بن منصور بن يقدم بن أفصى بن دعمى بن إياد ( بن نزار ) بن معد بن عدنان . قال أمية بن أبي الصلت الثقفي :

      قومي إياد لو أنهم أمم قومي إياد لو أنهم أمم

      أو لو أقاموا فتهزل النعم

      قوم لهم ساحة العراق إذا

      ساروا جميعا والقط والقلم


      وقال أمية بن أبي الصلت أيضا :

      فإما تسألي عني لبينى

      وعن نسبي أخبرك اليقينا

      فإنا للنبيت أبي قسي

      لمنصور بن يقدم الأقدمينا


      قال ابن هشام : ثقيف قسى بن منبه بن بكر بن هوازن بن منصور بن عكرمة بن خصفة بن قيس بن عيلان بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان . والبيتان الأولان والآخران في قصيدتين لأمية .
    • السير ة النبوية ( لابن هشام ) ح 14

      الصفحة الرئيسية > سيرة ابن هشام > الجزء الأول

      [ استسلام أهل الطائف لأبرهة ]


      قال ابن إسحاق : فقالوا له أيها الملك إنما نحن عبيدك سامعون لك مطيعون ليس عندنا لك خلاف . وليس بيتنا هذا البيت الذي تريد - يعنون اللاتي - إنما تريد البيت الذي بمكة . ونحن نبعث معك من يدلك عليه فتجاوز عنهم . ( اللاتي ) : واللاتي : بيت لهم بالطائف كانوا يعظمونه نحو تعظيم الكعبة .

      قال ابن هشام : أنشدني أبو عبيدة النحوي لضرار بن الخطاب الفهري

      وفرت ثقيف إلى لاتها

      بمنقلب الخائب الخاسر

      وهذا البيت في أبيات له .



      [ معونة أبي رغال لأبرهة وموته وقبره ]


      قال ابن إسحاق : فبعثوا معه أبا رغال يدله على الطريق إلى مكة فخرج أبرهة ومعه أبو رغال حتى أنزله المغمس ; فلما أنزله به مات أبو رغال هنالك فرجمت قبره العرب ، فهو القبر الذي يرجم الناس بالمغمس .

      [ الأسود واعتداؤه على مكة ]

      فلما نزل أبرهة المغمس . بعث رجلا من الحبشة يقال له الأسود بن مقصود على خيل له حتى انتهى إلى مكة ، فساق إليه أموال ( أهل ) تهامة من قريش وغيرهم وأصاب فيها مئتي بعير لعبد المطلب بن هاشم ، وهو يومئذ كبير قريش وسيدها فهمت قريش وكنانة وهذيل . ومن كان بذلك الحرم ( من سائر الناس ) بقتاله . ثم عرفوا أنهم لا طاقة لهم به فتركوا ذلك .


      [ حناطة وعبد المطلب ]


      وبعث أبرهة - حناطة الحميري إلى مكة ، وقال له سل عن سيد أهل هذا البلد وشريفها ثم قل ( له ) : إن الملك يقول لك : إني لم آت لحربكم إنما جئت لهدم هذا البيت فإن لم تعرضوا دونه بحرب فلا حاجة لي بدمائكم فإن هو لم يرد حربي فأتني به . فلما دخل حناطة مكة سأل عن سيد قريش وشريفها فقيل له عبد المطلب بن هاشم ( بن عبد مناف بن قصي ) فجاءه فقال له ما أمره به أبرهة فقال له عبد المطلب : والله ما نريد حربه وما لنا بذلك من طاقة هذا بيت الله الحرام وبيت خليله إبراهيم عليه السلام - أو كما قال - فإن يمنعه منه فهو بيته وحرمه . وإن يخل بينه وبينه فوالله ما عندنا دفع عنه فقال ( له ) حناطة : فانطلق معي إليه فإنه قد أمرني أن آتيه بك .

      [ ذو نفر وأنيس وتوسطهما لعبد المطلب لدى أبرهة ]


      فانطلق معه عبد المطلب ، ومعه بعض بنيه حتى أتى العسكر فسأل عن ذي نفر وكان له صديقا ، حتى دخل عليه وهو في محبسه فقال له يا ذا نفر هل عندك من غناء فيما نزل بنا ؟ فقال له ذو نفر : وما غناء رجل أسير بيدي ملك ينتظر أن يقتله غدوا أو عشيا ما عندنا غناء في شيء مما نزل بك إلا أن أنيسا سائس الفيل صديق لي ، وسأرسل إليه فأوصيه بك ، وأعظم عليه حقك ، وأسأله أن يستأذن لك على الملك فتكلمه بما بدا لك . ويشفع لك عنده بخير إن قدر على ذلك فقال حسبي فبعث ذو نفر إلى أنيس فقال له إن عبد المطلب سيد قريش ، وصاحب عير مكة ، يطعم الناس بالسهل والوحوش في رءوس الجبال وقد أصاب له الملك مئتي بعير فاستأذن له عليه . وانفعه عنده بما استطعت ; فقال أفعل .

      فكلم أنيس أبرهة فقال له أيها الملك هذا سيد قريش ببابك يستأذن عليك ، وهو صاحب عير مكة ، وهو يطعم الناس في السهل والوحوش في رءوس الجبال فأذن له عليك ، فيكلمك في حاجته ( وأحسن إليه ) قال فأذن له أبرهة .
    • السيرة النبوية ( لابن هشام ) ح 15

      الصفحة الرئيسية > سيرة ابن هشام > الجزء الأول


      [ عبد المطلب وحناطة وخويلد بين يدي أبرهة ]


      قال وكان عبد المطلب أوسم الناس وأجملهم وأعظمهم فلما رآه أبرهة أجله وأعظمه وأكرمه عن أن يجلسه تحته وكره أن تراه الحبشة يجلس معه على سرير ملكه فنزل أبرهة عن سريره فجلس على بساطه وأجلسه معه عليه إلى جنبه ثم قال لترجمانه قل له حاجتك ؟ فقال له ذلك الترجمان فقال حاجتي أن يرد علي الملك مئتي بعير أصابها لي ، فلما قال له ذلك قال أبرهة لترجمانه قل له قد كنت أعجبتني حين رأيتك ، ثم قد زهدت فيك حين كلمتني ، أتكلمني في مئتي بعير أصبتها لك ، وتترك بيتا هو دينك ودين آبائك قد جئت أهدمه لا تكلمني فيه قال له عبد المطلب : إني أنا رب الإبل وإن للبيت ربا سيمنعه قال ما كان ليمتنع مني ، قال أنت وذاك .

      وكان فيما يزعم بعض أهل العلم قد ذهب مع عبد المطلب إلى أبرهة حين بعث إليه حناطة ، يعمر بن نفاثة بن عدي بن الدئل بن بكر بن مناة بن كنانة وهو يومئذ سيد بني بكر وخويلد بن واثلة الهذلي ، وهو يومئذ سيد هذيل ; فعرضوا على أبرهة ثلث أموال تهامة ، على أن يرجع عنهم ولا يهدم البيت فأبى عليهم . والله أعلم أكان ذلك أم لا . فرد أبرهة على عبد المطلب الإبل التي أصاب له .



      [ عبد المطلب في الكعبة يستنصر بالله على رد أبرهة ]

      فلما انصرفوا عنه انصرف عبد المطلب إلى قريش ، فأخبرهم الخبر ، وأمرهم بالخروج من مكة ، والتحرز في شعف الجبال والشعاب تخوفا عليهم من معرة الجيش ثم قام عبد المطلب ، فأخذ بحلقة باب الكعبة ، وقام معه نفر من قريش يدعون الله ويستنصرونه على أبرهة وجنده فقال عبد المطلب وهو آخذ بحلقة باب الكعبة :

      لا هم إن العبد يمنع ### رحله فامنع حلالك

      لا يغلبن صليبهم ### ومحالهم غدوا محالك


      ( زاد الواقدي )

      إن كنت تاركهم ### وقبلتنا فأمر ما بدا لك


      قال ابن هشام : هذا ما صح له منها .



      ( شعر لعكرمة في الدعاء على الأسود بن مقصود )


      قال ابن إسحاق : وقال عكرمة بن عامر بن هاشم بن عبد مناف بن عبد الدار بن قصي .

      لا هم أخز الأسود بن مقصود ### الآخذ الهجمة فيها التقليد

      بين حراء وثبير فالبيد ### يحبسها وهي أولات التطريد

      فضمها إلى طماطم سود ### أخفره يا رب وأنت محمود


      قال ابن هشام : هذا ما صح له منها ، والطماطم الأعلاج قال ابن إسحاق ثم أرسل عبد المطلب حلقة باب الكعبة ، وانطلق هو ومن معه من قريش إلى شعف الجبال فتحرزوا فيها ينتظرون ما أبرهة فاعل بمكة إذا دخلها .



      [ دخول أبرهة مكة وما وقع له ولفيله وشعر نفيل في ذلك ]

      فلما أصبح أبرهة تهيأ لدخول مكة ، وهيأ فيله وعبى جيشه وكان اسم الفيل محمودا وأبرهة مجمع لهدم البيت ، ثم الانصراف إلى اليمن فلما وجهوا الفيل إلى مكة ، أقبل نفيل بن حبيب ( الخثعمي ) حتى قام إلى جنب الفيل ثم أخذ بأذنه . فقال ابرك محمود أو ارجع راشدا من حيث جئت ، فإنك في بلد الله الحرام ثم أرسل أذنه

      فبرك الفيل وخرج نفيل بن حبيب يشتد حتى أصعد في الجبل وضربوا الفيل ليقوم فأبى ، فضربوا ( في ) رأسه بالطبرزين ليقوم فأبى فأدخلوا محاجن لهم في مراقه فبزغوه بها ليقوم فأبى ، فوجهوه راجعا إلى اليمن ، فقام يهرول ووجهوه إلى الشام ففعل مثل ذلك ووجهوه إلى المشرق ففعل مثل ذلك ووجهوه إلى مكة فبرك فأرسل الله تعالى عليهم طيرا من البحر أمثال الخطاطيف والبلسان مع كل طائر منها ثلاثة أحجار يحملها : حجر في منقاره وحجران في رجليه أمثال الحمص والعدس لا تصيب منهم أحدا إلا هلك وليس كلهم أصابت .

      وخرجوا هاربين يبتدرون الطريق الذي منه جاءوا ، ويسألون عن نفيل بن حبيب ليدلهم على الطريق إلى اليمن ، فقال نفيل حين رأى ما أنزل الله بهم من نقمته أين المفر والإله الطالب والأشرم المغلوب ليس الغالب قال ابن هشام : قوله " ليس الغالب " عن غير ابن إسحاق . قال ابن إسحاق : وقال نفيل أيضا :

      ألا حييت عنا يا ردينا ### نعمناكم مع الإصباح عينا

      ( أتانا قابس منكم عشاء ### فلم يقدر لقابسكم لدينا )

      ردينة لو رأيت - ولا تريه ### لدى جنب المحصب ما رأينا

      إذا لعذرتني وحمدت أمري ### ولم تأسي على ما فات بينا

      حمدت الله إذ أبصرت طيرا ### وخفت حجارة تلقى علينا

      وكل القوم يسأل عن نفيل ### كأن علي للحبشان دينا


      فخرجوا يتساقطون بكل طريق ويهلكون بكل مهلك على كل منهل وأصيب أبرهة في جسده وخرجوا به معهم تسقط ( أنامله ) أنملة أنملة كلما سقطت أنملة أتبعتها منه مدة تمث قيحا ودما ، حتى قدموا به صنعاء وهو مثل فرخ الطائر فما مات حتى انصدع صدره عن قلبه فيما يزعمون .

      قال ابن إسحاق : حدثني يعقوب بن عتبة أنه حدث أن أول ما رئيت الحصبة والجدري بأرض العرب ذلك العام وأنه أول ما رئي بها مرائر الشجر الحرمل والحنظل والعشر ذلك العام .
    • السيرة النبوية ( لابن هشام ) ح 16

      الصفحة الرئيسية > سيرة ابن هشام > الجزء الأول


      [ ما ذكر في القرآن عن قصة الفيل وشرح ابن هشام لمفرداته ]


      قال ابن إسحاق : فلما بعث الله تعالى محمدا صلى الله عليه وسلم كان مما يعد الله على قريش من نعمته عليهم وفضله ما رد عنهم من أمر الحبشة لبقاء أمرهم ومدتهم فقال الله تبارك وتعالى : (( ألم تر كيف فعل ربك بأصحاب الفيل ألم يجعل كيدهم في تضليل وأرسل عليهم طيرا أبابيل ترميهم بحجارة من سجيل فجعلهم كعصف مأكول )) .

      وقال (( لإيلاف قريش إيلافهم رحلة الشتاء والصيف فليعبدوا رب هذا البيت الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف ))
      أي لئلا يغير شيئا من حالهم التي كانوا عليها ، لما أراد الله بهم من الخير لو قبلوه .

      قال ابن هشام : الأبابيل الجماعات ولم تتكلم لها العرب بواحد علمناه . وأما السجيل فأخبرني يونس النحوي وأبو عبيدة أنه عند العرب : الشديد الصلب قال رؤبة بن العجاج :

      ومسهم ما مس أصحاب الفيل

      ترميهم حجارة من سجيل


      ولعبت طير بهم أبابيل

      وهذه الأبيات في أرجوزة له . ذكر بعض المفسرين أنهما كلمتان بالفارسية جعلتهما العرب كلمة واحدة وإنما هو سنج وجل يعني بالسنج الحجر ، والجل الطين . يعني : الحجارة من هذين الجنسين الحجر والطين . والعصف ورق الزرع الذي لم يقصب وواحدته عصفة . قال وأخبرني أبو عبيدة النحوي أنه يقال له العصافة والعصيفة . وأنشدني لعلقمة بن عبدة أحد بني ربيعة بن مالك بن زيد بن مناة بن تميم :

      تسقى مذانب قد مالت عصيفتها

      حدورها من أتى الماء مطموم


      وهذا البيت في قصيدة له . وقال الراجز

      فصيروا مثل كعصف مأكول

      قال ابن هشام : ولهذا البيت تفسير في النحو . وإيلاف قريش : إيلافهم الخروج إلى الشام في تجارتهم وكانت لهم خرجتان خرجة في الشتاء وخرجة في الصيف .

      أخبرني أبو زيد الأنصاري ، أن العرب تقول ألفت الشيء إلفا ، وآلفته إيلافا ، في معنى واحد وأنشدني لذي الرمة من المؤلفات الرمل

      أدماء حرة شعاع الض
      حى في لونها يتوضح


      وهذا البيت في قصيدة له . وقال مطرود بن كعب الخزاعي :

      المنعمين إذا النجوم تغيرت

      والظاعنين لرحلة الإيلاف


      وهذا البيت في أبيات له سأذكرها في موضعها إن شاء الله تعالى .

      والإيلاف أيضا : أن يكون للإنسان ألف من الإبل أو البقر أو الغنم أو غير ذلك .

      يقال آلف فلان إيلافا . قال الكميت بن زيد أحد بني أسد بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد :

      بعام يقول له المؤلفون

      هذا المعيم لنا المرجل


      وهذا البيت في قصيدة له .

      والإيلاف أيضا : أن يصير القوم ألفا ، يقال آلف القوم إيلافا قال الكميت بن زيد

      وآل مزيقياء غداة لاقوا

      بني سعد بن ضبة مؤلفينا


      وهذا البيت في قصيدة له .

      والإيلاف أيضا : أن تؤلف الشيء إلى الشيء فيألفه ويلزمه يقال آلفته إياه إيلافا . والإيلاف أيضا : أن تصير ما دون الألف ألفا ، يقال آلفته إيلافا .


      [ ما أصاب قائد الفيل وسائسه ]


      قال ابن إسحاق : حدثني عبد الله بن أبي بكر ، عن عمرة ابنة عبد الرحمن بن سعد بن زرارة ، عن عائشة - رضي الله عنها - قالت لقد رأيت قائد الفيل وسائسه بمكة أعميين مقعدين يستطعمان الناس
    • السيرة النبوية ( لابن هشام ) ح 17

      [ ما قيل في صفة الفيل من الشعر ]
      [ إعظام العرب قريشا بعد حادثة الفيل ]


      قال ابن إسحاق : فلما رد الله الحبشة عن مكة ، وأصابهم بما أصابهم به من النقمة أعظمت العرب قريشا ، وقالوا : هم أهل الله قاتل الله عنهم وكفاهم مئونة عدوهم . فقالوا في ذلك أشعارا يذكرون فيها ما صنع الله بالحبشة وما رد عن قريش من كيدهم .

      [ شعر ابن الزبعرى في وقعة الفيل ]
      فقال عبد الله بن الزبعرى بن عدي بن قيس بن عدي بن سعد بن سهم بن عمرو بن هصيص بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر :

      تنكلوا عن بطن مكة إنها

      كانت قديما لا يرام حريمها

      لم تخلق الشعرى ليالي حرمت

      إذ لا عزيز من الأنام يرومها

      سائل أمير الجيش عنها ما رأى

      ولسوف ينبي الجاهلين عليمها

      ستون ألفا لم يئوبوا أرضهم

      ولم يعش بعد الإياب سقيمها

      كانت بها عاد وجرهم قبلهم

      والله من فوق العباد يقيمها


      قال ابن إسحاق : يعني ابن الزبعرى بقوله . . . بعد الإياب سقيمها أبرهة ، إذ حملوه معهم حين أصابه ما أصابه حتى مات بصنعاء .



      [ شعر ابن الأسلت في وقعة الفيل ]


      وقال أبو قيس بن الأسلت الأنصاري ثم الخطمي ، واسمه صيفي . قال ابن هشام أبو قيس : صيفي بن الأسلت بن جشم بن وائل بن زيد بن قيس ابن عامرة ابن مرة بن مالك بن الأوس :

      ومن صنعه يوم فيل الحوش

      إذ كلما بعثوه رزم

      محاجنهم تحت أقرابه

      وقد شرموا أنفه فانخرم

      وقد جعلوا سوطه مغولا

      إذا يمموه قفاه كلم

      فولى وأدبر أدراجه

      وقد باء بالظلم من كان ثم

      فأرسل من فوقهم حاصبا

      فلفهم مثل لف القزم

      تحض على الصبر أحبارهم

      وقد ثأجوا كثؤاج الغنم


      قال ابن هشام : وهذه الأبيات في قصيدة له .

      والقصيدة أيضا تروى لأمية بن أبي الصلت قال ابن إسحاق : وقال أبو قيس بن الأسلت

      فقوموا فصلوا ربكم وتمسحوا

      بأركان هذا البيت بين الأخاشب

      فعندكم منه بلاء مصدق

      غداة أبي يكسوم هادي الكتائب

      كتيبته بالسهل تمسي ورجله

      على القاذفات في رءوس المناقب

      فلما أتاكم نصر ذي العرش ردهم

      جنود المليك بين ساف وحاصب

      فولوا سراعا هاربين ولم يؤب

      إلى أهله ملحبش غير عصائب


      قال ابن هشام : أنشدني أبو زيد الأنصاري قوله

      على القاذفات في رءوس المناقب

      وهذه الأبيات في قصيدة لأبي قيس سأذكرها في موضعها إن شاء الله وقوله " غداة أبي يكسوم - : يعني أبرهة ، كان يكنى أبا يكسوم .



      [ شعر طالب في وقعة الفيل ]

      قال ابن إسحاق : وقال طالب بن أبي طالب بن عبد المطلب :

      ألم تعلموا ما كان في حرب داحس

      وجيش أبي يكسوم إذ ملئوا الشعبا

      فلولا دفاع الله لا شيء غيره

      لأصبحتم لا تمنعون لكم سربا


      قال ابن هشام : وهذان البيتان في قصيدة له في يوم بدر .

      ## سأحاول ايجاد القصيدة ووضعها في موضوع يخصها في المكتبة باذن الله تعالى .

      [ شعر أبي الصلت في وقعة الفيل ]

      قال ابن إسحاق : وقال أبو الصلت بن أبي ربيعة الثقفي في شأن الفيل ويذكر الحنيفية دين إبراهيم عليه السلام .

      قال ابن هشام : تروى لأمية بن أبي الصلت بن أبي ربيعة الثقفي :

      إن آيات ربنا ثاقبات

      لا يماري فيهن إلا الكفور

      خلق الليل والنهار فكل

      مستبين حسابه مقدور

      ثم يجلو النهار رب رحيم

      بمهاة شعاعها مبشور

      حبس الفيل بالمغمس حتى

      ظل يحبو كأنه معقور

      لازما حلقة الجران كما

      قطر من صخر كبكب محدور

      حوله من ملوك كندة أبطال

      ملاويث في الحروب صقور

      خلفوه ثم ابذعروا جميعا

      كلهم عظم ساقه مكسور

      كل دين يوم القيامة عند الله

      إلا دين الحنيفة بور



      [ شعر الفرزدق في وقعة الفيل ]

      قال ابن هشام : وقال الفرزدق - واسمه همام بن غالب أحد بني مجاشع بن دارم بن مالك بن حنظلة بن مالك بن زيد مناة بن تميم - يمدح سليمان بن عبد الملك بن مروان ، ويهجو الحجاج بن يوسف ، ويذكر الفيل وجيشه

      فلما طغى الحجاج حين طغى به

      غنى قال إني مرتق في السلالم

      فكان كما قال ابن نوح سأرتقي

      إلى جبل من خشية الماء عاصم

      رمى الله في جثمانه مثل ما رمى

      عن القبلة البيضاء ذات المحارم

      جنودا تسوق الفيل حتى أعادهم

      هباء وكانوا مطرخمي الطراخم

      نصرت كنصر البيت إذ ساق فيله

      إليه عظيم المشركين الأعاجم


      وهذه الأبيات في قصيدة له .



      [ شعر ابن الرقيات في وقعة الفيل ] قال ابن هشام : وقال عبد الله بن قيس الرقيات أحد بني عامر بن لؤي بن غالب يذكر أبرهة - وهو الأشرم - والفيل

      كاده الأشرم الذي جاء بالفيل

      فولى وجيشه مهزوم

      واستهلت عليهم الطير بالجندل

      حتى كأنه مهزوم

      ذاك من يغزه من الناس يرجع

      وهو فل من الجيوش ذميم


      وهذه الأبيات في قصيدة له .




      [ ملك يكسوم ثم مسروق على اليمن ]


      قال ابن إسحاق : فلما هلك أبرهة ملك الحبشة ابنه يكسوم بن أبرهة وبه كان يكنى ، فلما هلك يكسوم بن أبرهة ملك اليمن في الحبشة أخوه مسروق بن أبرهة .
    • نجم الساحة كتب:

      أمين جميعا ، وأسأل لك خاصة الدرجات العلى من الجنة.

      امين جميعا في الفردوس الاعلى من الجنة
      كـــــــــــــــــــــــــــــــن مــ الله ــع ولا تبــــــــالي
      :):)
    • السيرة النبوية ( لابن هشام ) ح 17

      الصفحة الرئيسية > سيرة ابن هشام > الجزء الأول

      خروج سيف بن ذي يزن وملك وهرز على اليمن


      فلما طال البلاء على أهل اليمن ، خرج سيف بن ذي يزن الحميري وكان يكنى بأبي مرة حتى قدم على قيصر ملك الروم ، فشكا إليه ما هم فيه وسأله أن يخرجهم عنه ويليهم هو ويبعث إليهم من شاء من الروم ، فيكون له ملك اليمن فلم يشكه ( ولم يجد عنده شيئا مما يريد ) .



      [ توسط النعمان لابن ذي يزن لدى كسرى ]
      فخرج حتى أتى النعمان بن المنذر ، وهو عامل كسرى على الحيرة ، وما يليها من أرض العراق ، فشكا إليه أمر الحبشة فقال له النعمان إن لي على كسرى وفادة في كل عام فأقم حتى يكون ذلك . ففعل ثم خرج معه فأدخله على كسرى .

      وكان كسرى يجلس في إيوان مجلسه الذي فيه تاجه وكان تاجه مثل القنقل العظيم - فيما يزعمون - يضرب فيه الياقوت واللؤلؤ والزبرجد بالذهب والفضة معلقا بسلسلة من ذهب في رأس طاقة في مجلسه ذلك .

      وكانت عنقه لا تحمل تاجه إنما يستر بالثياب حتى يجلس في مجلسه ذلك ثم يدخل رأسه في تاجه فإذا استوى في مجلسه كشفت عنه الثياب فلا يراه رجل لم يره قبل ذلك إلا برك هيبة له فلما دخل عليه سيف بن ذي يزن برك .




      ابن ذي يزن بين يدي كسرى ، ومعاونة كسرى له



      قال ابن هشام : حدثني أبو عبيدة أن سيفا لما دخل عليه طأطأ رأسه فقال الملك إن هذا الأحمق يدخل علي من هذا الباب الطويل ثم يطأطئ رأسه ؟ فقيل ذلك لسيف فقال إنما فعلت هذا لهمي ; لأنه يضيق عنه كل شيء .

      قال ابن إسحاق : ثم قال له أيها الملك غلبتنا على بلادنا الأغربة ، فقال له كسرى : أي الأغربة : الحبشة أم السند فقال بل الحبشة ، فجئتك لتنصرني ، ويكون ملك بلادي لك ، قال بعدت بلادك مع قلة خيرها ، فلم أكن لأورط جيشا من فارس بأرض العرب ، لا حاجة لي بذلك ثم أجازه بعشرة آلاف درهم واف وكساه كسوة حسنة . فلما قبض ذلك منه سيف خرج فجعل ينثر ذلك الورق للناس فبلغ ذلك الملك فقال إن لهذا لشأنا ، ثم بعث إليه فقال عمدت إلى حباء الملك تنثره للناس فقال وما أصنع بهذا ما جبال أرضي التي جئت منها إلا ذهب وفضة يرغبه فيها .

      فجمع كسرى مرازبته فقال لهم ماذا ترون في أمر هذا الرجل وما جاء له ؟ فقال قائل أيها الملك إن في سجونك رجالا قد حبستهم للقتل فلو أنك بعثتهم معه فإن يهلكوا كان ذلك الذي أردت بهم وإن ظفروا كان ملكا ازددته . فبعث معه كسرى من كان في سجونه وكانوا ثمان مئة رجل .
    • السيرة النبوية ( لابن هشام ) ح 17

      الصفحة الرئيسية > سيرة ابن هشام > الجزء الأول


      [ وهرز وسيف بن ذي يزن وانتصارهما على مسروق وما قيل في ذلك من الشعر ]


      واستعمل عليهم رجلا يقال له وهرز ، وكان ذا سن فيهم وأفضلهم حسبا وبيتا فخرجوا في ثمان سفائن فغرقت سفينتان ووصل إلى ساحل عدن ست سفائن . فجمع سيف إلى وهرز من استطاع من قومه وقال له رجلي مع رجلك حتى نموت جميعا أو نظفر جميعا .

      قال له وهرز : أنصفت وخرج إليه مسروق بن أبرهة ملك اليمن ، وجمع إليه جنده . فأرسل إليهم وهرز ابنا له ليقاتلهم فيختبر قتالهم فقتل ابن وهرز فزاده ذلك حنقا عليهم فلما تواقف الناس على مصافهم قال وهرز : أروني ملكهم فقالوا له أترى رجلا على الفيل عاقدا تاجه على رأسه بين عينيه ياقوتة حمراء ؟ قال نعم قالوا : ذاك ملكهم فقال اتركوه . فوقفوا طويلا ، ثم قال علام هو ؟ قالوا : قد تحول على الفرس ، قال اتركوه . فوقفوا طويلا ؟ ثم قال علام هو ؟ قالوا : قد تحول على البغلة . قال وهرز : بنت الحمار ذل وذل ملكه إني سأرميه فإن رأيتم أصحابه لم يتحركوا فاثبتوا حتى أوذنكم . فإني قد أخطأت الرجل وإن رأيتم القوم قد استداروا ولاثوا به فقد أصبت الرجل فاحملوا عليهم .

      ثم وتر قوسه وكانت فيما يزعمون لا يوترها غيره من شدتها ، وأمر بحاجبيه فعصبا له ثم رماه فصك الياقوتة التي بين عينيه فتغلغلت النشابة في رأسه حتى خرجت من قفاه ونكس عن دابته واستدارت الحبشة ولاثت به وحملت عليهم الفرس ، وانهزموا ، فقتلوا وهربوا في كل وجه وأقبل وهرز ليدخل صنعاء ، حتى إذا أتى بابها ، قال لا تدخل رايتي منكسة أبدا ، اهدموا الباب فهدم ثم دخلها ناصبا رايته . فقال سيف بن ذي يزن الحميري :

      يظن الناس بالملكين

      أنهما قد التأما

      ومن يسمع بلأمهما

      فإن الخطب قد فقما

      قتلنا القيل مسروقا

      وروينا الكثيب دما

      وإن القيل قيل الناس

      وهرز مقسم قسما

      يذوق مشعشعا حتى

      يفيء السبي والنعما


      قال ابن هشام : وهذه الأبيات في أبيات له . وأنشدني خلاد بن قرة السدوسي آخرها بيتا لأعشى بني قيس بن ثعلبة في قصيدة له وغيره من أهل العلم بالشعر ينكرها له .

      قال ابن إسحاق : وقال أبو الصلت بن أبي ربيعة الثقفي قال ابن هشام : وتروى لأمية بن أبي الصلت :

      ليطلب الوتر أمثال ابن ذي يزن

      ريم في البحر للأعداء أحوالا

      يمم قيصر لما حان رحلته

      فلم يجد عنده بعض الذي سالا

      ثم انثنى نحو كسرى بعد عاشرة

      من السنين يهين النفس والمالا

      حتى أتى ببني الأحرار يحملهم

      إنك عمري لقد أسرعت قلقالا

      لله درهم من عصبة خرجوا

      ما إن رأى لهم في الناس أمثالا

      بيضا مراربة غلبا أساورة

      أسدا تربب في الغيضات أشبالا

      يرمون عن شدف كأنها غبط

      بزمخر يعجل المرمي إعجالا

      أرسلت أسدا على سود الكلاب فقد

      أضحى شريدهم في الأرض فلالا

      فاشرب هنيئا عليك التاج مرتفقا

      في رأس غمدان دارا منك محلالا

      واشرب هنيئا فقد شالت نعامتهم

      وأسبل اليوم في برديك إسبالا

      تلك المكارم لاقعبان من لبن

      شيبا بماء فعادا بعد أبوالا


      قال ابن هشام : هذا ما صح له مما روى ابن إسحاق منها ، إلا آخرها بيتا قوله

      تلك المكارم لاقعبان من لبن

      فإنه للنابغة الجعدي . واسمه ( حبان بن ) عبد الله بن قيس ، أحد بني جعدة بن كعب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة بن معاوية بن بكر بن هوازن ، في قصيدة له .

      قال ابن إسحاق : وقال عدي بن زيد الحيري ، وكان أحد بني تميم . قال ابن هشام : ثم أحد بني امرئ القيس بن زيد مناة بن تميم ، ويقال عدي من العباد من أهل الحيرة :

      ما بعد صنعاء كان يعمرها

      ولاة ملك جزل مواهبها

      رفعها من بنى لدى قزع

      المزن وتندى مسكا محاربها

      محفوفة بالجبال دون عرى

      الكائد ما ترتقى غواربها

      يأنس فيها صوت النهام إذا

      جاوبها بالعشي قاصبها

      ساقت إليها الأسباب جند بني

      الأحرار فرسانها مواكبها

      وفوزت بالبغال توسق

      بالحتف وتسعى بها توالبها

      حتى رآها الأقوال من طرف

      المنقل مخضرة كتائبها

      يوم ينادون آل بربر

      واليكسوم لا يفلحن هاربها

      وكان يوم باقي الحديث

      وزالت إمة ثابت مراتبها

      وبدل الفيج بالزرافة والأيام

      جون جم عجائبها

      بعد بني تبع نخاورة

      قد اطمأنت بها مرازبها


      قال ابن هشام : وهذه الأبيات في قصيدة له . وأنشدني أبو زيد ( الأنصاري ) ورواه لي عن المفضل الضبي قوله

      يوم ينادون آل بربر واليكسوم
    • السيرة النبوية ( لابن هشام ) ح 20

      الصفحة الرئيسية > سيرة ابن هشام > الجزء الأول


      ذكر ما انتهى إليه أمر الفرس باليمن

      [ ملك الحبشة في اليمن وملوكهم ]



      قال ابن إسحاق : فأقام وهرز والفرس باليمن ، فمن بقية ذلك الجيش من الفرس الأبناء الذين باليمن اليوم .

      وكان ملك الحبشة باليمن ، فيما بين أن دخلها أرياط إلى أن قتلت الفرس مسروق بن أبرهة وأخرجت الحبشة ، اثنتين وسبعين سنة توارث ذلك منهم أربعة أرياط ، ثم أبرهة ، ثم يكسوم بن أبرهة ثم مسروق بن أبرهة .





      [ ملوك الفرس على اليمن ]

      قال ابن هشام : ثم مات وهرز ، فأمر كسرى ابنه المرزبان بن وهرز على اليمن ثم مات المرزبان فأمر كسرى ابنه التينجان بن المرزبان على اليمن ، ثم مات التينجان فأمر كسرى ابن التينجان على اليمن ، ثم عزله وأمر باذان فلم يزل باذان عليها حتى بعث الله محمدا ( النبي ) صلى الله عليه وسلم .
    • الحمد لله

      الحمد لله الذي أعاننا على اتمام عشرين حلقة من كتاب سيرة ابن هشام ونسأل الله العون والتوفيق في ما تبقى .


      ملاحظة : الحلقة 18 تحت رقم 17
      والحلقة 19 تحت رقم 17 ايضا سهوا ولم يظهر عندي رابط التعديل فارجوا الانتباه لذلك وبارك الله فيكم وكثر من امثالكم .
    • باااااااااارك الله فيكم على هذا الجهد الطيب وجعلة في ميزان حسناتكم

      ننتظر تواصلكم الجميل في مواضيع اخري مثل هذا الموضوع

      خالص الود ,,,,, والشكر لكم
      أكتب ما اشعر به وأقول ما أنا مؤمن به انقل هموم المجتمع لتصل الي المسئولين وفي النهاية كلنا نخدم الوطن والمواطن
    • أهلا وسهلا ومرحبا

      السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

      اخوتي وأخواتي ..... مشرفين وأعضاء وضيوف .....


      باذن الله تعالى سوف نستمر ونتواصل مع السيرة النبوية للمصطفى عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم وذلك من خلال اشهر كتب السيرة ألا وهو كتاب السيرة النبوية لابن هشام ، فلا تحرمونا من اقتراحاتكم ونقدكم ولكم جزيل الشكر وبارك الله فيكم .


      شكر وتقدير خاص للأخت ورد المنى صاحبة الشأن وراعية المكتبة الاسلامية .


      أخوكم في الله : نجــــــــــــــــــ الساحة ــــــــــــــــــــــم