~¤¦¦§¦¦¤~ في رحـــاب القــرآن الكريـــم ~¤¦¦§¦¦¤~

    • سورة الفاتحة



      سورة الفاتحة من أعظم سور القرآن ولقد ورد في شأنها أحاديث كثيرة وصنف العلماء في فضائلها.. ونظرا لأهمية هذه السورة في القرآن سنحاول أن نأتي ببعض الفوائد والنكت المحيطة بها فيما يخص اللغة والنحو دون إطناب ودون التطرق لما يخص جانب التفسير.



      حديث في فضل سورة الفاتحة:

      عن أبي سعيد بن المعلى رضي الله عنه قال : ( كنت أصلي فدعاني رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : فأتيته ، فقال : ما منعك أن تأتيني ؟ قال : قلت : يا رسول الله إني كنت أصلي، قال : ألم يقل الله تعالى : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ}. ثم قال : لأعلمنك أعظم سورة في القرآن قبل أن تخرج من المسجد ، قال : فأخذ بيدي، فلما أراد أن يخرج من المسجد قلت : يا رسول الله، إنك قلت : لأعلمنك أعظم سورة في القرآن، قال : نعم : {الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} هي السبع المثاني والقرآن العظيم الذي أوتيته). أخرجه أحمد ورواه البخاري وأبو داود والنسائي وابن ماجة.

      أسماء سورة الفاتحة[1]:

      سورة الفاتحة مكية ، وهي سبع آيات بلا خلاف . وأسماؤها :
      1- أم القرآن : قول الرسول صلى الله عليه وسلم : ( من صلى صلاة لم يقرأ فيها بأم القرآن ، فهي خداج ، خداج ، خداج ، غير تمام) .

      2- أم الكتاب : قال البخاري : وسميت أم الكتاب لأنه يبدأ بكتابتها في المصاحف ، ويبدأ بقراءتها في الصلاة .

      3- السبع المثاني : لقول الله تعالى : {وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِّنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ} .

      4- القرآن العظيم : لقوله تعالى : {وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِّنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ} .

      ودليل هذه الأسماء الأربعة من الحديث قوله صلى الله عليه وسلم : الحمد لله رب العالمين: أم القرى، وأم الكتاب، والسبع المثاني، والقرآن العظيم).

      5- فاتحة الكتاب : لقوله صلى الله عليه وسلم : ( لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب) .
      ولأنها يُفتح بها القراءة في الصلاة .

      6- الصلاة : لقوله صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه :
      ( قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين ، فإذا قال العبد الحمد لله رب العالمين، قال الله : حمدني عبدي) .... الحديث . فسميت الفاتحة صلاة لأنها شرط فيها.

      7- الحمد : لقول الله تعالى : {الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}

      8- الرقية : لقوله صلى الله عليه وسلم لأبي سعيد : ( وما يدريك أنها رقية) .

      9- أساس القرآن : سماها ابن عباس .

      10- الواقية : سماها سفيان بن عُيينة .

      11- الكافية : سماها يحي بن كثير .


      بسم الله الرحمن الرحيم




      بسم: كل الحروف مرققة، السين ساكنة، فيها رخاوة وهمس وصفير، أوجه الوقف على الكلمة اثنان لأنها مجرورة، وجه بالسكون وحينها تصير الميم ساكنة فيها توسط وفي رابع درجات الغنة، ووجه بالروم وتصير متحركة في أدنى درجات الغنة.

      إعرابها: بسم: جار ومجرور متعلق بمحذوف، والباء هنا للاستعانة أو للإلصاق، وتقدير المحذوف: أبتدئ، فالجار والمجرور في محل نصب مفعول به مقدم، أو تقديره: ابتدائي، فالجار والمجرور متعلقان بمحذوف خبر لمبتدأ محذوف.

      فائدة لغوية: "الْبَاءُ فِي : بِسْمِ مُتَعَلِّقَةٌ بِمَحْذُوفٍ ; فَعِنْدَ الْبَصْرِيِّينَ الْمَحْذُوفُ مُبْتَدَأٌ وَالْجَارُّ وَالْمَجْرُورُ خَبَرُهُ ، وَالتَّقْدِيرُ ابْتِدَائِي بِسْمِ اللَّهِ؛ أَيْ كَائِنٌ بِاسْمِ اللَّهِ؛ فَالْبَاءُ مُتَعَلِّقَةٌ بِالْكَوْنِ وَالِاسْتِقْرَارِ. وَقَالَ الْكُوفِيُّونَ: الْمَحْذُوفُ فِعْلٌ تَقْدِيرُهُ ابْتَدَأْتُ، أَوْ أَبْدَأُ، فَالْجَارُّ وَالْمَجْرُورُ فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ بِالْمَحْذُوفِ، وَحُذِفَتِ الْأَلِفُ مِنَ الْخَطِّ لِكَثْرَةِ الِاسْتِعْمَالِ، فَلَوْ قُلْتَ لِاسْمِ اللَّهِ بَرَكَةٌ أَوْ بِاسْمِ رَبِّكَ ، أَثْبَتَّ الْأَلِفَ فِي الْخَطِّ.
      وَقِيلَ حَذَفُوا الْأَلِفَ; لِأَنَّهُمْ حَمَلُوهُ عَلَى سِمٍ، وَهِيَ لُغَةٌ فِي اسْمٍ .
      وَلُغَاتُهُ خَمْسٌ : سِمٌ بِكَسْرِ السِّينِ وَضَمِّهَا ، اسْمٌ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَضَمِّهَا ، وَسُمَى مِثْلُ ضُحَى .
      وَالْأَصْلُ فِي اسْمٍ: سُمُوٌ فَالْمَحْذُوفُ مِنْهُ لَامُهُ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُمْ فِي جَمْعِهِ أَسْمَاءُ وَأَسَامِي وَفِي تَصْغِيرِهِ «سُمَيٌّ» وَبَنَوْا مِنْهُ فَعِيلًا، فَقَالُوا فُلَانٌ سَمِيُّكَ: أَيِ اسْمُهُ كَاسْمِكَ، وَالْفِعْلُ مِنْهُ سَمَّيْتُ وَأَسْمَيْتُ؛ فَقَدْ رَأَيْتَ كَيْفَ رَجَعَ الْمَحْذُوفُ إِلَى آخِرِهِ . وَقَالَ الْكُوفِيُّونَ: أَصْلُهُ وَسَمَ لِأَنَّهُ مِنَ الْوَسْمِ، وَهُوَ الْعَلَامَةُ وَهَذَا صَحِيحٌ فِي الْمَعْنَى فَاسِدٌ اشْتِقَاقًا. فَإِنْ قِيلَ: كَيْفَ أُضِيفَ الِاسْمُ إِلَى اللَّهِ، وَاللَّهُ هُوَ الِاسْمُ ؟ .
      قِيلَ فِي ذَلِكَ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ: أَحَدُهَا: أَنَّ الِاسْمَ هُنَا بِمَعْنَى التَّسْمِيَةِ، وَالتَّسْمِيَةُ غَيْرُ الِاسْمِ; لِأَنَّ الِاسْمَ هُوَ اللَّازِمُ لِلْمُسَمَّى، وَالتَّسْمِيَةُ هُوَ التَّلَفُّظُ بِالِاسْمِ. وَالثَّانِي: أَنَّ فِي الْكَلَامِ حَذْفُ مُضَافٍ، تَقْدِيرُهُ بِاسْمِ مُسَمَّى اللَّهِ. وَالثَّالِثُ أَنَّ اسْمًا زِيَادَةٌ؛ وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ: إِلَى الْحَوْلِ ثُمَّ اسْمُ السَّلَامِ عَلَيْكُمَا وَقَوْلُ الْآخَرِ: دَاعٍ يُنَادِيهِ بِاسْمِ الْمَاءِ أَيِ السَّلَامُ عَلَيْكُمَا، وَنُنَادِيهِ بِالْمَاءِ."[2]

      الله: الهمزة همزة وصل تثبت ابتداء وتحذف دَرْجا، وهي مفتوحة لأنها اتصلت بلام التعريف، ولام التعريف شمسية، أدغمت في اللام للتماثل وفيها توسط، وهي مرققة في لفظ الجلالة لأن ما قبلها مكسور، باقي الحروف مستفلة، المد طبيعي وصلا عارض للسكون وقفا، أوجه الوقف أربعة لأن الكلمة مجرورة، ثلاثة بالسكون المحض 2-4-6، ووجه بالروم.

      إعرابها: الله: لفظ الجلالة مضاف إليه مجرور بالكسرة الظاهرة.

      فائدة لغوية: قال محيي الدين في إعراب القرآن: " (الله) علم لا يطلق إلا على المعبود بحقّ خاص لا يشركه فيه غيره وهو مرتجل غير مشتق عند الأكثرين واليه ذهب سيبويه في أحد قوليه فلا يجوز حذف الألف واللام منه وقيل: هو مشتق وإليه ذهب سيبويه أيضا ولهم في اشتقاقه قولان:
      آ- أن أصله إلاه على وزن فعال من قولهم: أله الرّجل يأله إلاهة أي عبد عبادة ثم حذفوا الهمزة تخفيفا لكثرة وروده واستعماله ثم أدخلت الألف واللام للتعظيم ودفع الشّيوع الذي ذهبوا إليه من تسمية أصنامهم وما يعبدونه آلهة من دون الله.
      ب- أن أصله لاه ثم أدخلت الألف واللام عليه واشتقاقه من لاه يليه إذا تستر كأنّه، سبحانه، يسمّى بذلك لاستتاره واحتجابه عن إدراك الأبصار وما أجمل قول الشريف الرّضي الشاعر:
      «تاهت العقلاء في ذاته تعالى وصفاته، لاحتجابها بأنوار العظمة. وتحيّروا أيضا في لفظ الجلالة كأنه انعكس إليه من تلك الأنوار أشعة بهرت أعين المستبصرين، فاختلفوا: أسريانيّ هو أم عربي؟ اسم أو صفة؟ مشتقّ وممّ اشتقاقه؟ وما أصله؟ أو غير مشتق؟ علم أو غير علم؟»[3].
      وقال صاحب التبيان: " وَقَالَ أَبُو عَلِيٍّ : هَمْزَةُ إِلَاهٍ حُذِفَتْ حَذْفًا مِنْ غَيْرِ إِلْقَاءٍ ، وَهَمْزَةُ إِلَاهٍ أَصْلٌ ; وَهُوَ مِنْ أَلِهَ يَأْلَهُ إِذَا عُبِدَ ، فَالْإِلَهُ مَصْدَرٌ فِي مَوْضِعِ الْمَفْعُولِ أَيِ الْمَأْلُوهِ ، وَهُوَ الْمَعْبُودُ .
      وَقِيلَ أَصْلُ الْهَمْزَةِ وَاوٌ ; لِأَنَّهُ مِنَ الْوَلَهِ ، فَالْإِلَهُ تَوَلَّهُ إِلَيْهِ الْقُلُوبُ ; أَيْ تَتَحَيَّرُ .
      وَقِيلَ أَصْلُهُ لَاهُ عَلَى فَعِلَ ، وَأَصْلُ الْأَلِفِ يَاءٌ ; لِأَنَّهُمْ قَالُوا فِي مَقْلُوبِهِ لَهِيَ أَبُوكَ ثُمَّ أُدْخِلَتْ عَلَيْهِ الْأَلِفُ وَاللَّامُ."[4]


      الرحمن: الراء مفخمة وباقي الحروف مرققة، الهمزة همزة وصل تثبت ابتداء وتحذف درجا، وهي مفتوحة لأنها اتصلت بلام التعريف، ولام التعريف هنا شمسية وأدغمت في الراء لعلة التقارب على مذهب من جعل المخارج سبعة عشر (مذهب الجمهور وابن الجزري) وكذلك على مذهب من جعلها ستة عشر (وهو مذهب سيبويه والشاطبي ومن وافقهما)، وأما على مذهب من جعلها أربعة عشر مخرجا (وهو مذهب الفراء وقطرب وجماعة من أهل العربية، فيوافقون سبويه ويجعلون اللام والراء والنون من مخرج واحد) فعلى هذا المذهب تكون علة الإدغام التجانس. الحاء ساكنة فيها رخاوة وهمس، المد طبيعي وصلا وعارض للسكون وقفا. أوجه الوقف أربعة لأن الكلمة مجرورة، ثلاثة بالسكون المحض 2-4-6 وحينها النون تكون ساكنة فيها توسط وغنة من الدرجة الرابعة، ووجه بالروم وحينها النون متحركة وفيها غنة من الدرجة الخامسة.

      إعرابها: الرحمن: صفة لله تعالى تتبع موصوفها في الجر وعلامته الكسرة الظاهرة في آخره.

      فائدة لغوية: قال في إعراب القرآن: " (الرَّحْمنِ): صيغة فعلان في اللغة تدل على وصف فعليّ فيه معنى المبالغة للصفات الطارئة كعطشان وغرثان"[5].

      الرحيم: الراء مفخمة وباقي الحروف مرققة، الهمزة همزة وصل تثبت ابتداء وتحذف درجا، وهي مفتوحة لأنها اتصلت بلام التعريف، ولام التعريف هنا شمسية وأدغمت في الراء لعلة التقارب على مذهب من جعل المخارج سبعة عشر أو ستة عشر، وأما على مذهب من جعلها أربعة عشر مخرجا فالعلة التجانس. المد طبيعي وصلا وعارض للسكون وقفا. أوجه الوقف أربعة لأن الكلمة مجرورة، ثلاثة بالسكون المحض 2-4-6، ووجه بالروم.

      إعرابها: الرحيم: صفة لله تعالى تتبع موصوفها في الجر وعلامته الكسرة الظاهرة.

      فائدة لغوية: قال في اعراب القرآن: " (الرَّحِيمِ) صيغة فعيل تدل على وصف فعليّ فيه معنى المبالغة للصفات الدائمة الثابتة ولهذا لا يستغنى بأحد الوصفين عن الآخر."[6]

      قال في التبيان: " (الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) صِفَتَانِ مُشْتَقَّتَانِ مِنَ الرَّحْمَةِ. وَالرَّحْمَنُ مِنْ أَبْنِيَةِ الْمُبَالَغَةِ. وَفِي الرَّحِيمِ مُبَالَغَةٌ أَيْضًا؛ إِلَّا أَنَّ فَعْلَانًا أَبْلَغُ مِنْ فَعِيلٍ. وَجَرُّهُمَا عَلَى الصِّفَةِ، وَالْعَامِلُ فِي الصِّفَةِ هُوَ الْعَامِلُ فِي الْمَوْصُوفِ.
      وَقَالَ الْأَخْفَشُ: الْعَامِلُ فِيهَا مَعْنَوِيٌّ وَهُوَ كَوْنُهَا تَبَعًا وَيَجُوزُ نَصْبُهُمَا عَلَى إِضْمَارِ أَعْنِي، وَرَفْعُهُمَا عَلَى تَقْدِيرِ هُوَ."[7]

      وجملة البسملة ابتدائية لا محل لها من الإعراب


      فوائد بلاغية في البسملة:

      "في البسملة طائفة من فنون البلاغة:
      آ- الأولى في متعلق بسم الله أن يكون فعلا مضارعا لأنه الأصل في العمل والتمسّك بالأصل أولى ولأنه يفيد التجدّد الاستمراري وإنما حذف لكثرة دوران المتعلق به على الألسنة وإذا كان المتعلق به اسما فإنه يفيد الديمومة والثبوت كأنما الابتداء باسم الله حتم دائم في كل ما نمارسه من عمل ونردده من قول.
      ب- الإيجاز بإضافة العام إلى الخاص ويسمى إيجاز قصر.
      ح- إذا جعلنا الباء للاستعانة فيكون في الكلام استعارة مكنية تبعية لتشبيهها بارتباط يصل بين المستعين والمستعان به وإذا جعلنا الباء للإلصاق فيكون في الكلام مجاز علاقته المحلية نحو مررت بزيد أي يمكان يقرب منه لا يزيد نفسه."[8]

      وقال صاحب الجدول: " 1- التكرير: لقد كرّر اللّه سبحانه وتعالى ذكر الرحمن الرحيم لأن الرحمة هي الإنعام على المحتاج وقد ذكر المنعم دون المنعم عليهم فأعادها مع ذكرهم وقال: «ربّ العالمين الرحمن» بهم أجمعين.
      2- قدم سبحانه الرحمن على الرحيم مع أن الرحمن أبلغ من الرحيم، ومن عادة العرب في صفات المدح الترقي في الأدنى الى الأعلى كقولهم: فلان عالم نحرير. وذلك لأنه اسم خاص باللّه تعالى كلفظ «اللّه» ولأنه لما قال «الرحمن» تناول جلائل النعم وعظائمها وأصولها، وأردفه «الرحيم» كتتمة والرديف ليتناول ما دقّ منها ولطف. وما هو من جلائل النعم وعظائمها وأصولها أحق بالتقديم مما يدل على دقائقها وفروعها. وافراد الوصفين الشريفين بالذكر لتحريك سلسلة الرحمة.
      فباسم اللّه تعالى تتم معاني الأشياء ومن مشكاة بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ تشرق على صفحات الأكوان أنوار البهاء" [9]

      وفي إعراب القرآن: "يقال لمن قال: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ: مبسمل وهو ضرب من النحت اللغوي وقد ورد ذلك في شعر لعمر بن أبي ربيعة:
      لقد بسملت ليلى غداة لقيتها ... فيا حبذا ذاك الحبيب المبسمل
      ومثل بسمل حوقل إذا قال: لا حول ولا قوة إلا بالله وهيلل إذا قال: لا إله إلا الله وسبحل إذا قال: سبحان الله وحمدل إذا قال: الحمد لله وحيصل وحيعل إذا قال: حي على الصلاة وحي على الفلاح وجعفل إذا قال: جعلت فداك.
      هذا والنحت عند العرب خاص بالنسبة أي أنهم يأخذون اسمين فينحتون منهما اسما واحدا فينسبون إليه كقولهم: حضرميّ وعبقسيّ وعبشيّ نسبة إلى حضرموت وعبد القيس وعبد شمس." [10]

      يبقى أن فوائد البسملة كثيرة جدا ومبسوطة في كتب التفسير والفقه لمن أراد الإحاطة بكل معانيها ومواطن التعبد بها.


      ----------------------------------

      [1] تفسير وبيان لأعظم سورة في القرآن، لمحمد بن جميل زينو.

      [2] التبيان في إعراب القرآن للعلامة محب الدين العكبري الجزء الأول ص11

      [3] إعراب القرآن الكريم وبيانه لمحيي الدين الدرويش ص23-24.

      [4] التبيان في إعراب القرآن للعلامة محب الدين العكبري الجزء الأول ص11

      [5] إعراب القرآن الكريم وبيانه لمحيي الدين الدرويش ص23-24.

      [6] إعراب القرآن الكريم وبيانه لمحيي الدين الدرويش ص23-24.

      [7] التبيان في إعراب القرآن للعلامة محب الدين العكبري الجزء الأول ص11

      [8] إعراب القرآن الكريم وبيانه لمحيي الدين الدرويش ص24.

      [9] "الجدول في إعراب القرآن"، محمود صافي، ص22.

      [10] إعراب القرآن الكريم، محيي الدين الدرويش، ص 25-26.
    • الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (الفاتحة:2)




      الْحَمْدُ: الهمزة همزة وصل تثبت ابتداء وتحذف دَرْجا، وهي مفتوحة لأنها اتصلت بلام التعريف، ولام التعريف قمرية أظهرت مع الحاء وحروف الإظهار مع لام التعريف مجموعة في كلمات (ابغ حجك وخف عقيمه)،واللام ساكنة فيها توسط، كل الحروف مرققة، الميم ساكنة فيها توسط، أوجه الوقف على الكلمة ثلاثة لأنها مرفوعة: وجه بالسكون ووجه بالإشمام وحينها الدال تكون ساكنة وفيها قلقلة من الدرجة الثانية، ووجه بالروم وتكون الدال محركة بالضمة وفيها قلقة نسبية.


      إعرابها: الْحَمْدُ: مبتدأ مرفوع بالضمة الظاهرة على آخره.


      فائدة لغوية: "الْجُمْهُورُ عَلَى رَفْعِ (الْحَمْدُ) بِالِابْتِدَاءِ. وَ (لِلَّهِ) الْخَبَرُ، وَاللَّامُ مُتَعَلِّقَةٌ بِمَحْذُوفٍ، أَيْ وَاجِبٌ، أَوْ ثَابِتٌ. وَيُقْرَأُ (الْحَمْدُ) بِالنَّصْبِ، عَلَى أَنَّهُ مَصْدَرُ فِعْلٍ مَحْذُوفٍ؛ أَيْ أَحْمَدُ الْحَمْدَ، وَالرَّفْعُ أَجْوَدُ، لِأَنَّ فِيهِ عُمُومًا فِي الْمَعْنَى. وَيُقْرَأُ بِكَسْرِ الدَّالِ، إِتْبَاعًا لِكَسْرَةِ اللَّامِ؛ كَمَا قَالُوا: الْمِعِيرَةُ وَرِغِيفٌ، وَهُوَ ضَعِيفٌ فِي الْآيَةِ ; لِأَنَّ فِيهِ إِتْبَاعُ الْإِعْرَابِ الْبِنَاءَ، وَفِي ذَلِكَ إِبْطَالٌ لِلْإِعْرَابِ. وَيُقْرَأُ بِضَمِّ الدَّالِ وَاللَّامِ عَلَى إِتْبَاعِ اللَّامِ الدَّالَ؛ وَهُوَ ضَعِيفٌ أَيْضًا، لِأَنَّ لَامَ الْجَرِّ مُتَّصِلٌ بِمَا بَعْدَهُ، مُنْفَصِلٌ عَنِ الدَّالِ، وَلَا نَظِيرَ لَهُ فِي حُرُوفِ الْجَرِّ الْمُفْرَدَةِ؛ إِلَّا أَنَّ مَنْ قَرَأَ بِهِ فَرَّ مِنَ الْخُرُوجِ مِنَ الضَّمِّ إِلَى الْكَسْرِ، وَأَجْرَاهُ مَجْرَى الْمُتَّصِلِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَكَادُ يُسْتَعْمَلُ الْحَمْدُ مُنْفَرِدًا عَمًّا بَعْدَهُ"[1].
      "(الْحَمْدُ) : الثناء بالجميل والنداء عليه باللسان، والشكر هو الثناء على النعمة خاصة فبينهما عموم وخصوص"[2]


      لِلَّهِ: لام التعريف شمسية، أدغمت في اللام للتماثل وفيها توسط، وهي مرققة في لفظ الجلالة لأن ما قبلها مكسور، باقي الحروف مستفلة، المد طبيعي وصلا عارض للسكون وقفا، أوجه الوقف أربعة لأن الكلمة مجرورة، ثلاثة بالسكون المحض 2-4-6، ووجه بالروم.


      إعرابها: لِلَّهِ: جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر.


      رَبِّ: الراء مفخمة، أوجه الوقف اثنان لأن الكلمة مجرورة: وجه بالسكون وحينها تكون الباء ساكنة وفيها شدة وجهر وقلقة في أعلى درجاتها، ووجه بالروم وتكون الباء مشددة ومتحركة بالكسر وفيها قلقلة نسبية.

      إعرابها: ربِّ: صفة لله أو بدل منه تتبع موصوفها في الجر وعلامته الكسرة الظاهرة في آخره.


      فائدة لغوية: (رَبِّ) الرب: هو السيّد والمالك والثّابت والمعبود والمصلح وزاد بعضهم الصّاحب مستدلا بقوله:
      فدنا له رب الكلاب بكفّه ... بيض رهاف ريشهنّ مقزّع

      والمربي: الذي يسوس من يربيه ويدبره فهو اسم فاعل حذفت ألفه كما قيل: بارّ وبرّ وقيل: مصدر وصف به ويقيّد بالاضافة نحو رب الدّار من ربّه يربّه وقيل: هو صفة مشبّهة مصوغة من فعل متعدّ فلا بد من تقديره لازما بالنقل الى فعل بالضم"[3]


      "وَالْـ (رَبِّ) مَصْدَرُ رَبَّ يَرُبُّ، ثُمَّ جُعِلَ صِفَةً كَعَدْلٍ وَخَصْمٍ؛ وَأَصْلُهُ رَابَ . وَجَرُّهُ عَلَى الصِّفَةِ أَوِ الْبَدَلِ. وَقُرِئَ بِالنَّصْبِ عَلَى إِضْمَارِ أَعْنِي، وَقِيلَ: عَلَى النِّدَاءِ، وَقُرِئَ بِالرَّفْعِ عَلَى إِضْمَارِ هُو"[4]َ


      الْعَالَمِينَ: الهمزة همزة وصل تثبت ابتداء وتحذف دَرْجا، وهي مفتوحة لأنها اتصلت بلام التعريف، ولام التعريف قمرية أظهرت مع العين، وحروف الإظهار مع لام التعريف مجموعة في كلمات (ابغ حجك وخف عقيمه)،واللام ساكنة فيها توسط، كل الحروف مرققة، المد في العين طبيعي وصلا ووقفا ومقداره حركتين، المد في الميم طبيعي وصلا، عارض للسكون وقفا، أوجه الوقف على الكلمة ثلاثة بالسكون، لا روم فيها ولا إشمام لأنها مبنية على الفتح، حين الوقف تكون النون ساكنة فيها توسط وغنة من الدرجة الرابعة.

      فائدة: قال السفاقسي رحمه الله في غيث النفع: "إذا وقف عليه جاز فيه لكل القراء ثلاثة أوجه:
      الأول: الإشباع؛ لاجتماع الساكنين اعتدادا بالعارض.
      الثاني: التوسط؛ لمراعاة اجتماع الساكنين وملاحظة كونها عارضا.
      الثالث: القصر؛ لأن السكون عارض فلا يعتد به، وأجر على هذا جميع ما ماثله"[7]



      إعرابها: الْعَالَمِينَ: مضاف إليه مجرور وعلامة جره الياء نيابة عن الكسرة لأنه ملحق بجمع المذكر السالم.


      فائدة لغوية: "(الْعالَمِينَ) جمع عالم بفتح اللام وجمع جمع المذكر السالم العاقل تغليبا والمراد به جميع الكائنات ولذلك أدرجه النّحاة فيما ألحق بجمع المذكر والنّكتة فيه هي أن هذا اللفظ لا يطلق عند العرب على كل كائن وموجود كالحجر والتراب وإنما يطلقونه على كل جملة متمايزة لأفرادها صفات تقربها من العاقل الذي جمعت جمعه وان لم تكن منه فيقال: عالم الإنسان، وعالم الحيوان وعالم النبات والعالم لا واحد له من لفظه ولا من غير لفظه لأنه جمع لأشياء مختلفة"[5]

      "(الْعَالَمِينَ) جَمْعُ تَصْحِيحٍ ، وَاحِدَهُ عَالَمٌ ، وَالْعَالَمُ : اسْمٌ مَوْضُوعٌ لِلْجَمْعِ ، وَلَا وَاحِدَ لَهُ فِي اللَّفْظِ؛ وَاشْتِقَاقُهُ مِنَ الْعِلْمِ عِنْدَ مَنْ خَصَّ الْعَالَمَ بِمَنْ يَعْقِلُ؛ أَوْ مِنَ الْعَلَامَةِ عِنْدَ مَنْ جَعَلَهُ لِجَمِيعِ الْمَخْلُوقَاتِ."[6]


      ---------------------------

      [1]التبيان ص 11-12.

      [2] إعراب القرآن ص28,

      [3] إعراب القرآن ص28-29

      [4] التبيان ص 12.

      [5] إعراب القرآن ص29.

      [6] التبيان ص 12.
      [7] غيث النفع في القراءات السبع ص 39-40
    • ا
      الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (الفاتحة:3)




      الرحمن: الراء مفخمة وباقي الحروف مرققة، الهمزة همزة وصل تثبت ابتداء وتحذف درجا، وهي مفتوحة لأنها اتصلت بلام التعريف، ولام التعريف هنا شمسية وأدغمت في الراء لعلة التقارب على مذهب من جعل المخارج سبعة عشر (مذهب الجمهور وابن الجزري) وكذلك على مذهب من جعلها ستة عشر (وهو مذهب سيبويه والشاطبي ومن وافقهما)، وأما على مذهب من جعلها أربعة عشر مخرجا (وهو مذهب الفراء وقطرب وجماعة من أهل العربية، فيوافقون سبويه ويجعلون اللام والراء والنون من مخرج واحد) فعلى هذا المذهب تكون علة الإدغام التجانس. الحاء ساكنة فيها رخاوة وهمس، المد طبيعي وصلا وعارض للسكون وقفا. أوجه الوقف أربعة لأن الكلمة مجرورة، ثلاثة بالسكون المحض 2-4-6 وحينها النون تكون ساكنة فيها توسط وغنة من الدرجة الرابعة، ووجه بالروم وحينها النون متحركة وفيها غنة من الدرجة الخامسة.


      إعرابها: الرحمن: صفة لله تعالى تتبع موصوفها في الجر وعلامته الكسرة، أو بدل من لفظ الجلالة.

      الرحيم: الراء مفخمة وباقي الحروف مرققة، الهمزة همزة وصل تثبت ابتداء وتحذف درجا، وهي مفتوحة لأنها اتصلت بلام التعريف، ولام التعريف هنا شمسية وأدغمت في الراء لعلة التقارب على مذهب من جعل المخارج سبعة عشر أو ستة عشر، وأما على مذهب من جعلها أربعة عشر مخرجا فالعلة التجانس. المد طبيعي وصلا وعارض للسكون وقفا. أوجه الوقف أربعة لأن الكلمة مجرورة، ثلاثة بالسكون المحض 6-4-2، ووجه بالروم.


      إعرابها: الرحيم: صفة لله تعالى تتبع موصوفها في الجر وعلامته الكسرة، أو بدل من لفظ الجلالة.


      فائدة لغوية: "وَفِي (الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) الْجَرُّ وَالنَّصْبُ وَالرَّفْعُ ، وَبِكُلٍّ قُرِئَ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ فِي رَبٍّ"[1]


      -------------
      [1] التبيان ص 12
    • مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (الفاتحة:4)




      مَالِكِ: كل الحروف مرققة، المد طبيعي وقفا ووصلا مقداره حركتين، أوجه الوقف على الكلمة اثنان لأنها مجرورة، وجه بالسكون وحينها الكاف يكون فيها شدة وهمس، ووجه بالروم.


      إعرابها: صفة رابعة لله تعالى تتبع موصوفها في الجر وعلامته الكسرة أو بدل من لفظ الجلالة.


      الصرف: "(مالك) اسم فاعل من ملك يملك على معنى الصفة المشبهة لدوام الملكية، باب ضرب وزنه فاعل جمعه ملّاك ومالكون"[1].


      فائدة لغوية: قَوْلُهُ تَعَالَى: مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ يُقْرَأُ بِكَسْرِ اللَّامِ مِنْ غَيْرِ أَلِفٍ، وَهُوَ مَنْ عَمُرَ مُلْكُهُ؛ يُقَالُ مَلِكٌ بَيِّنُ الْمُلْكِ بِالضَّمِّ. وَقُرِئَ بِإِسْكَانِ اللَّامِ؛ وَهُوَ مِنْ تَخْفِيفِ الْمَكْسُورِ، مِثْلَ فَخِذٍ وَكَتِفٍ، وَإِضَافَتُهُ عَلَى هَذَا مَحْضَةٌ، وَهُوَ مَعْرِفَةٌ فَيَكُونُ جَرُّهُ عَلَى الصِّفَةِ، أَوِ الْبَدَلِ مِنَ اللَّهِ، وَلَا حَذْفَ فِيهِ عَلَى هَذَا، وَيُقْرَأُ بِالْأَلِفِ وَالْجَرِّ، وَهُوَ عَلَى هَذَا نَكِرَةٌ؛ لِأَنَّ اسْمَ الْفَاعِلِ إِذَا أُرِيدَ بِهِ الْحَالُ أَوْ الِاسْتِقْبَالُ لَا يَتَعَرَّفُ بِالْإِضَافَةِ فَعَلَى هَذَا يَكُونُ جَرُّهُ عَلَى الْبَدَلِ لَا عَلَى الصِّفَةِ ; لِأَنَّ الْمَعْرِفَةَ لَا تُوصَفُ بِالنَّكِرَةِ . وَفِي الْكَلَامِ حَذْفُ مَفْعُولٍ تَقْدِيرُهُ : مَالِكِ أَمْرِ يَوْمِ الدِّينِ ، أَوْ مَالِكِ يَوْمَ الدِّينِ الْأَمْرَ وَبِالْإِضَافَةِ إِلَى «يَوْمِ» خَرَجَ عَنِ الظَّرْفِيَّةِ ; لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ فِيهِ تَقْدِيرُ فِي ; لِأَنَّهَا تَفْصِلُ بَيْنَ الْمُضَافِ وَالْمُضَافِ إِلَيْهِ . وَيُقْرَأُ مَالِكَ بِالنَّصْبِ عَلَى أَنْ يَكُونَ بِإِضْمَارِ أَعْنِي ; أَوْ حَالًا . وَأَجَازَ قَوْمٌ أَنْ يَكُونَ نِدَاءً . وَيُقْرَأُ بِالرَّفْعِ عَلَى إِضْمَارِ هُوَ ، أَوْ يَكُونَ خَبَرًا لِلرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ عَلَى قِرَاءَةِ مَنْ رَفَعَ الرَّحْمَنَ ، وَيُقْرَأُ مَلِيكُ يَوْمِ الدِّينِ رَفْعًا وَنَصْبًا وَجَرًّا. وَيُقْرَأُ (مَلَكَ يَوْمَ الدِّينِ) عَلَى أَنَّهُ فِعْلٌ وَيَوْمُ مَفْعُولٌ أَوْ ظَرْفٌ"[2].


      توجيه الكلمة: قرئت الكلمة "مالك" و"ملك" وبينهما فرق دقيق وهو أن المالك ذو الملك بكسر الميم، والملك: ذو الملك بضمها. قال أهل النحو: إن ملكا أمدح من مالك، وذلك أن المالك قد يكون غير ملك، ولا يكون الملك إلا مالكا. ورجح أهل القراءات على أنهما صفتان لله تعالى ولا يمكن التفاضل بينهما فكل أسماء الله تعالى وصفاته حسنى وتليق بجلاله وعظمته .


      القراءات التي فيها: قرأها عاصم والكسائي ويعقوب وخلف عن نفسه بالألف (مالك) وقرأها الباقون دون ألف. وحين وصلها بالكلمة التي قبلها (الرحيم ملك) فقد أدغم الميم الأولى في الثانية من قبيل الإدغام الكبير أبو عمرو بخلف عنه وكذا يعقوب من المصباح مع مد (مالك) وخص الشاطبي في إقراءه الإدغام للسوسي والإظهار بالدوري، ويجوز في المد ثلاثة أوجه 2-4-6 حركات مع ترك الروم على أرجح الأقوال.

      يَوْمِ: كل الحروف مرققة، الواو ساكنة وحين الوصل تكون حرف لين تمد زمن تحقق الحرف وفيها رخاوة، وحين الوقف يصير فيها مد ولين، وأوجه الوقف على الكلمة أربعة أوجه لأنها مجرورة، ثلاثة أوجه بمد اللين العارض للسكون 2-4-6 وحينها تسكن الميم ويكون فيها توسط، ووجه بالروم.


      إعرابها: يوم: مضاف إليه مجرور بالكسرة الظاهرة على آخره.

      الدِّينِ: الهمزة همزة وصل تثبت ابتداء وتحذف درجا، وهي مفتوحة لأنها اتصلت بلام التعريف، ولام التعريف هنا شمسية وأدغمت في الدال لعلة التقارب، المد طبيعي وصلا عارض للسكون وقفا، أوجه الوقف على الكلمة أربعة لأنها مجرورة، ثلاثة أوجه بالسكون المحض 2-4-6، ووجه بالروم.


      إعرابها: مضاف إليه مجرور بالكسرة الظاهرة على آخره.


      فائدة لغوية: "(الدِّينِ) : الجزاء ويوم الدّين: يوم الجزاء ومنه قول العرب: «كما تدين تدان» وقول الشاعر:
      ولم يبق سوى العدوا ... ن دناهم كما دانوا

      والدّين ايضا: الطاعة كقوله تعالى «في دين الملك» ، والدّين أيضا: الملّة قال المثقّب العبديّ:
      تقولُ إذا دَرَأْتُ لها وَضِيني ... أهذا دِينُه أبداً ودِيني؟" [3]


      ---------------------------------------------------

      [1] الجدول ص25

      [2] التبيان ص12.
      [3] إعراب القرآن ص29.
    • إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (الفاتحة:5)



      إِيَّاكَ:
      كل الحروف مستفلة، الهمزة همزة قطع تثبت ابتداء ووصلا، وهو حرف حلقي فيه شدة وجهر واستفال وانفتاح وإصمات، وأبعد الحروف مخرجا ومن أصعبها نطقا؛ لذلك العرب استعملت طرقا مختلفة لتيسير النطق به، منها: التسهيل والإبدال أو الإسقاط والنقل، وهذا نجده في مذاهب القراء. الياء مشددة فيها رخاوة، المد طبيعي وصلا مقداره حركتان، عارض للسكون وصلا، نقف على الكلمة بثلاثة أوجه مع السكون المحض 2-4-6 لأنها مبنية على الفتح لا روم فيها ولا إشمام.



      إعرابها: إِيَّاكَ: (إيّاك) ضمير بارز منفصل مبني على الفتح في محل نصب مفعول به مقدّم للاختصاص، أو (إيّا) ضمير مبني في محل نصب مفعول به، و(الكاف) حرف خطاب.


      فائدة لغوية: وَإِيَّا عِنْدَ الْخَلِيلِ وَسِيبَوَيْهِ اسْمٌ مُضْمَرٌ، فَأَمَّا الْكَافُ فَحَرْفُ خِطَابٍ عِنْدَ سِيبَوَيْهِ لَا مَوْضِعَ لَهَا، وَلَا تَكُونُ اسْمًا؛ لِأَنَّهَا لَوْ كَانَتِ اسْمًا لَكَانَتْ إِيَّا مُضَافَةً إِلَيْهَا، وَالْمُضْمَرَاتُ لَا تُضَافُ، وَعِنْدَ الْخَلِيلِ هِيَ اسْمٌ مُضْمَرٌ أُضِيفَتْ إِيَّا إِلَيْهِ ; لِأَنَّ إِيَّا تُشْبِهُ الْمُظْهَرَ لِتَقَدُّمِهَا عَلَى الْفِعْلِ وَالْفَاعِلِ، وَلِطُولِهَا بِكَثْرَةِ حُرُوفِهَا، وَحُكِيَ عَنِ الْعَرَبِ: إِذَا بَلَغَ الرَّجُلُ السِّتِّينَ فَإِيَّاهُ وَإِيَّا الشَّوَابِّ .
      وَقَالَ الْكُوفِيُّونَ: إِيَّاكَ بِكَمَالِهَا، وَهَذَا بَعِيدٌ ؛ لِأَنَّ هَذَا الِاسْمَ يَخْتَلِفُ آخِرُهُ بِحَسْبِ اخْتِلَافِ الْمُتَكَلِّمِ وَالْمُخَاطَبِ وَالْغَائِبِ، فَيُقَالُ إِيَّايَ وَإِيَّاكَ وَإِيَّاهُ. وَقَالَ قَوْمٌ : الْكَافُ اسْمٌ ، وَإِيَّا عِمَادٌ لَهُ وَهُوَ حَرْفٌ وَمَوْضِعُ إِيَّاكَ نَصْبٌ بِـ (نَعْبُدُ) . فَإِنْ قِيلَ إِيَّاكَ خِطَابٌ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى لَفْظِ الْغَيْبَةِ . فَكَانَ الْأَشْبَهُ أَنْ يَكُونَ إِيَّاهُ. قِيلَ: عَادَةُ الْعَرَبِ الرُّجُوعُ مِنَ الْغَيْبَةِ إِلَى الْخِطَابِ، وَمِنَ الْخِطَابِ إِلَى الْغَيْبَةِ، وَسَيَمُرُّ بِكَ مِنْ ذَلِكَ مِقْدَارٌ صَالِحٌ فِي الْقُرْآنِ"[1].


      ملحوظة: ننتبه جيدا إلى تشديد الياء في إيَّاك ولا نأت بها بفتحة مخفّفة، وهذا خطأ شائع بين الناس.

      نَعْبُدُ: كل الحروف مرققة، العين فيها توسط وجهر واستفال وانفتاح واصمات، وهي كذلك من الحروف الحلقية، الباء فيها قلقة نسبية لأنها صفة لازمة للحرف لا تفارقه، أوجه الوقف على الكلمة أربعة لأنها مرفوعة: وجه بالسكون ووجه بالإشمام وحينها تكون الدال ساكنة وفيها قلقلة وسطى، ووجه بالروم وتكون الدال متحركة وفيها قلقلة نسبية.


      إعرابها: نَعْبُدُ: فعل مضارع مرفوع، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره نحن.

      وَإِيَّاكَ: سبق ذكره، والواو هنا عاطفة.


      أعرابها: عطف على إياك.

      نَسْتَعِينُ: كل الحروف مرققة، السين فيها ساكنة فيها رخاوة وفيها كذلك همس واستفال وانفتاح واصمات، المد طبيعي وصلا، عارض للسكون وقفا، أوجه الوقف على الكلمة سبعة أوجه لأنها مرفوعة: ثلاثة أوجه بالسكون المحض 2-4-6 وثلاثة بالإشمام 2-4-6 وحينها النون تكون ساكنة وفيها توسط وغنة من الدرجة الرابعة، ووجه بالروم.


      إعرابها: فعل مضارع مرفوع بالضمة الظاهرة في آخره، وهو معتل أجوف.

      وجملة: «إياك نعبد ..» لا محل لها استئنافية.
      وجملة: «إياك نستعين ..» لا محل لها معطوفة على جملة إياك نعبد.




      فائدة لغوية: "(نستعين)، فيه إعلال أصله نسْتَعْوِنُ من العَوْن، بكسر الواو، فاستثقلت الكسرة على الواو فنقلت إلى العين وسكنت الواو- وهو إعلال بالتسكين- ثم قلبت الواو ياء لسكونها وانكسار ما قبلها- وهو إعلال بالقلب-"[2]

      فائدة بلاغية: "إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ" اشتملت هذه الآية على فن التقديم، فتقدم المفعول به على الفعل وهذا يفيد الحصر، "تقدم الضمير لحصر العبادة والاستعانة بالله وحده، وقدمت العبادة على الاستعانة؛ لأن الاستعانة ثمرتها، وإعادة إياك مع الفعل الثاني تفيد أن كلا من العبادة والاستعانة مقصود بالذات، فلا يستلزم كل منها الآخر."[3].

      "الالتفات في هذه الآية الكريمة التفات من الغيبة الى الخطاب وتلوين للنظم من باب الى باب جار على نهج البلاغة في افتنان الكلام ومسلك البراعة حسبما يقتضي المقام. لما أن التنقل من أسلوب الى أسلوب أدخل في استجلاب النفوس واستمالة القلوب يقع من كل واحد من التكلم والخطاب والغيبة الى كل واحد من الآخرين." [4]


      ---------------------------------------------------------

      [1] التبيان ص12.

      [2] الجدول ص 26.

      [3] إعراب القرآن الكريم، لمحي الدين الدرويش ص31.

      [4[ الجدول ص 26.


    • اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (الفاتحة:6)





      اهْدِنَا: الهمزة همزة وصل تثبت ابتداء وتحذف درجا، وهي مكسورة لأن ثالث الفعل مكسور، الهاء ساكنة فيها رخاوة وهمس واستفال وانفتاح وإصمات، المد طبيعي وقفا مقداره حركتين، ومحذوف وصلا للالتقاء الساكنين. وجه الوقف واحد بالمد الطبيعي.

      تنبيه: حين وصل الكلمة بالتي بعدها نحترز من تفخيم النون في كلمة "اهدنا" لمجاورتها الصاد في كلمة "الصراط".

      إعرابها: (اهد) فعل أمر دعائي مبني على حذف حرف العلة، و(نا) ضمير متصل مبني في محل نصب مفعول به، والفاعل ضمير مستتر وجوبا تقديره أنت. (الجدول).

      فائدة لغوية: "(اهدنا) فيه إعلال بالحذف لمناسبة البناء، أصله في المضارع المرفوع تهدينا، وزن اهدنا افعنا"[1]

      "قَوْلُهُ تَعَالَى : (اهْدِنَا) لَفْظُهُ أَمْرٌ ، وَ الْأَمْرُ مَبْنِيٌّ عَلَى السُّكُونِ عِنْدَ الْبَصْرِيِّينَ ، وَمُعْرَبٌ عِنْدَ الْكُوفِيِّينَ، فَحَذْفُ الْيَاءِ عِنْدَ الْبَصْرِيِّينَ عَلَامَةُ السُّكُونِ الَّذِي هُوَ بِنَاءٌ، وَعِنْدَ الْكُوفِيِّينَ هُوَ عَلَامَةُ الْجَزْمِ .

      وَ(هَدَى) يَتَعَدَّى إِلَى مَفْعُولٍ بِنَفْسِهِ، فَأَمَّا تَعَدِّيهِ إِلَى مَفْعُولٍ آخَرَ فَقَدْ جَاءَ مُتَعَدِّيًا إِلَيْهِ بِنَفْسِهِ؛ وَمِنْهُ هَذِهِ الْآيَةُ؛ وَقَدْ جَاءَ مُتَعَدِّيًا بِإِلَى كَقَوْلِهِ تَعَالَى: (هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ) [الْأَنْعَامِ: 161] وَجَاءَ مُتَعَدِّيًا بِاللَّامِ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: (الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا) [الْأَعْرَافِ : 43]."[2]

      الصِّرَاطَ: الهمزة همزة وصل تثبت ابتداء وتحذف درجا، وهي مفتوحة لأنها اتصلت بلام التعريف، ولام التعريف هنا شمسية وأدغمت إدغاما كاملا في الصاد لعلة التقارب، الصاد في أدنى درجات التفخيم لأنها مكسورة، وهي مشددة فتظهر رخاوة الصاد والهمس والصفير، هو كذلك حرف مطبق ومستعل ومصمت، الراء مفخمة، ولا خلاف في تفخيمها لوقوعحرف الاستعلاء بعدها، الطاء في ثاني درجات التفخيم لأنها مفتوحة وليس بعدها ألف، المد طبيعي وصلا عارض للسكون وقفا. أوجه الوقف على الكلمة ثلاثة أوجه بالسكون المحض 6-4-2، لا روم فيها ولا إشمام لأنها منصوبة.

      إعرابها: (الصراط): مفعول به ثان منصوب وعلامة النصب الفتحة.

      فائدة لغوية: (الصِّراطَ) مفعول به ثان أو منصوب بنزع الخافض لأنّ هدى لا تتعدى إلا إلى مفعول واحد وتتعدى إلى الثاني باللام كقوله تعالى: «يهدي للتي هي أقوم» أو بإلى كقوله تعالى «وإنك لتهدى إلى صراط مستقيم» ولكن غلب عليها الاتّساع فعداها بعضهم إلى اثنين وقد نظم بعض الظرفاء أبياتا ضمّنها الأفعال التي تتعدى إلى واحد وإلى الثاني بحرف جر وهي:

      تعدى من الأفعال طورا بنفسه ... وحينا بحرف الجر للثان ما ترى


      دعا في الندا سمّى كذا كنى ... وزوجه واستغفر اختار غيرا


      أمرت صدقت الوعد كلت وزنته ... عفا وهدى منّى كذا سأل اذكرا


      ومجموعها ستة عشر فعلا."[3]

      توجيه القراءة: "وَ(السِّرَاطَ) بِالسِّينِ هُوَ الْأَصْلُ: لِأَنَّهُ مِنْ سَرَطَ الشَّيْءَ إِذَا بَلَغَهُ ، وَسُمِّيَ الطَّرِيقُ سِرَاطًا لِجَرَيَانِ النَّاسِ فِيهِ كَجَرَيَانِ الشَّيْءِ الْمُبْتَلَعِ. فَمَنْ قَرَأَهُ بِالسِّينِ جَاءَ بِهِ عَلَى الْأَصْلِ، وَمَنْ قَرَأَهُ بِالصَّادِ قَلَبَ السِّينَ صَادًا؛ لِتَجَانُسِ الطَّاءِ فِي الْإِطْبَاقِ، وَالسِّينُ تُشَارِكُ الصَّادَ فِي الصَّفِيرِ وَالْهَمْسِ، فَلَمَّا شَارَكَتِ الصَّادَ فِي ذَلِكَ قَرُبَتْ مِنْهَا، فَكَانَتْ مُقَارَبَتُهَا لَهَا مُجَوِّزَةً قَلْبَهَا إِلَيْهَا لِتُجَانِسَ الطَّاءَ فِي الْإِطْبَاقِ. وَمَنْ قَرَأَ بِالزَّايِ قَلَبَ السِّينَ زَايًا؛ لِأَنَّ الزَّايَ وَالسِّينَ مِنْ حُرُوفِ الصَّفِيرِ ، وَالزَّايُ أَشْبَهُ بِالطَّاءِ؛ لِأَنَّهُمَا مَجْهُورَتَانِ . وَمَنْ أَشَمَّ الصَّادَ زَايًا قَصَدَ أَنْ يَجْعَلَهَا بَيْنَ الْجَهْرِ وَالْإِطْبَاقِ."[4]

      أوجه القراءات في الكلمة: قرأها قنبل ورويس بالسين، وحمزة بإشمام الصاد زايا، والباقون بالصاد.
      "الصراط، وصراط " قرأ قنبل ورويس بالسين فيهما حيث وقعا. وقرأ خلف عن حمزة بالصاد مشمة صوت الزاي حيث وقعا كذلك. وقرأ خلاد مثل خلف في الموضع الأول خاصة وهو " اهدنا الصراط المستقيم " في هذه السورة. والباقون بالصاد الخالصة في جميع القرآن.


      وكيفية الإشمام هنا أن تخلط لفظ الصاد بالزاي وتمزج أحد الحرفين بالآخر بحيث يتولد منهما حرف ليس بصاد ولا بزاي ولكن يكون صوت الصاد متغلبا على صوت الزاي كما يستفاد ذلك من معنى الإشمام. وقصارى القول في ذلك أن تنطق بالصاد كما ينطق العوام بالظاء. وأجمعوا على تفخيم راء الصراط وصراط حيث وقعا نظرا لوجود حرف الاستعلاء بعدها. فورش فيهما كغيره."[5]


      الْمُسْتَقِيمَ: الهمزة همزة وصل تثبت ابتداء وتحذف دَرْجا، وهي مفتوحة لأنها اتصلت بلام التعريف، ولام التعريف قمرية أظهرت مع الميم لعلة التباعد، وحروف الإظهار مع لام التعريف مجموعة في كلمات (ابغ حجك وخف عقيمه)،واللام ساكنة فيها توسط، السين ساكن فيه همس ورخاوة وصفير وكذلك استفال وانفتاح واصمات، القاف في أدنى درجات التفخيم لأنها مكسورة، باقي الحروف مستفلة، المد طبيعي وصلا عارض للسكون وقفا، أوجه الوقف على الكلمة ثلاثة بالسكون المحض 6-4-2، لا روم فيها ولا إشمام لأنها منصوبة.

      تنبيه: حين قراءة كلمة "المستقيم" نحترز من تفخيم اللام لأنها أتت بعد الطاء في كلمة "الصراط" وكذلك نحترز من تفخيم التاء لمجاورتها القاف، وهذه أخطاء شائعة في القراءة عند المبتدئين.

      أعرابها: (المستقيم): نعت للصراط منصوب مثله وعلامة النصب الفتحة.

      والجملة: لا محل لها استئنافية.


      فائدة لغوية: * (المستقيم)، اسم فاعل من استقام، فهو على وزن مضارعه بإبدال حرف المضارعة ميما مضمومة وكسر ما قبل آخره .. وفيه إعلال، أصله مستقوم- بكسر الواو- لأن مجرد فعله قام يقوم، ثم جرى فيه ما جرى في نستعين.[6]

      * "وَأَصْلُ : (الْمُسْتَقِيمَ) مُسْتَقْوِمٌ ، ثُمَّ عُمِلَ فِيهِ مَا ذَكَرْنَا فِي «نَسْتَعِينُ» ، وَمُسْتَفْعِلٌ هُنَا بِمَعْنَى فَعِيلٍ أَيِ السِّرَاطُ الْقَوِيمُ. وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ بِمَعْنَى الْقَائِمِ؛ أَيِ الثَّابِتُ. وَسِرَاطٌ الثَّانِي بَدَلٌ مِنَ الْأَوَّلِ، وَهُوَ بَدَلُ الشَّيْءِ مِنَ الشَّيْءِ، وَهُمَا بِمَعْنًى وَاحِدٍ، وَكِلَاهُمَا مَعْرِفَةٌ."[7]




      [1] الجدول ص 28.
      [2] التبيان ص 12.
      [3] إعراب القرآن ص 30.
      [4] التبيان ص 12.
      [5] البدور الزاهرة في القراءات العشر المتواترة، الشيخ عبد الفتاح القاضي، ص 15-16.



      [6] الجدول ص 28.

      [7] التبيان ص12.
    • كيفية الوقف على أواخر الكلم

      أنواع الوقف على أواخر الكلم:
      أنواع الوقف ثلاثة:
      الأول: الإسكان المحض:
      لأن العرب لا يبتدئون بساكن، ولا يقفون على متحرك بالحركة، وإنما كان السكون أصلا في الوقف؛ لأنه لما كان الغرض من الوقف الاستراحة، والسكون أخف من الحركات كلها، وأبلغ في تحصيل الراحة، صار أصلا بهذا الاعتبار.
      الثاني: الروم:
      وهو الإتيان ببعض الحركة حتى يذهب معظم صوتها، فيسمع لها صوت خفي، يسمعه القريب المصغي دون البعيد؛ لأنها غير تامة.
      الثالث: الإشمام:
      وهو ضم الشفتين بعيد سكون الحرف كهيئتهما عند النطق بالضمة، وهو إشارة إلى الضم، ومن ثَم فلا يدركه إلا البصير.
      وفائدة الروم والإشمام: بيان الحركة الأصلية التي ثبتت في الوصل للحرف الموقوف عليه.
      وهناك أنواع أخرى للإشمام غير إشمام الوقف لا حاجة لذكرها، ولكنا نذكر منها نوعا ورد في لفظ "تأمنا" في قوله تعالى: مَا لَكَ لا تَأْمَنَّا عَلَى يُوسُفَ فأصل الكلمة "تأمننا" بنونين، أدغمت الأولى في الثانية للجميع.

      ويجوز فيها وجهان:
      1. الإشمام: وهو عين الإشمام المتقدم في الوقف، إلا أنه هنا مقارن لسكون الحرف المدغم، وفي الوقف بعيد السكون.
      والإشمام هنا للإشارة إلى حركة الفعل، وهي الضمة، فالإدغام مع الإشمام صريح.
      2. الروم: فيمتنع معه الإدغام الصحيح؛ لأن الحركة لا تسكن رأسا، بل يضعف صوتها، وبعضهم يعبر عن الروم بالإخفاء.

      ما يجوز فيه الروم والإشمام، أو الروم، وما لا يجوز:
      ينقسم الموقوف عليه إلى ثلاثة أقسام:
      1. ما يوقف عليه بالأنواع الثلاثة المتقدمة، وهي: السكون، والروم، والإشمام، وهو ما كان متحركا بالرفع أو الضم مثل نَسْتَعِينُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ .
      2. ما يوقف عليه بالسكون والروم فقط ولا يجوز فيه الإشمام، وهو ما كان متحركا بالخفض أو الكسر مثل: الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ هَؤُلاءِ .
      3. ما يوقف عليه بالسكون فقط ولا يجوز فيه الروم والإشمام، وذلك في المواضع الآتية:
      أ. المنصوب والمفتوح نحو: الْمُسْتَقِيمَ لا رَيْبَ فلا يجوز الروم
      فيهما لخفة الفتحة وسرعتها في النطق، فلا تكاد تخرج إلا كاملة، ولا الإشمام؛ لأنه إشارة إلى الضم.
      ب. هاء التأنيث الموقوف عليها بالهاء مثل: الْجَنَّةَ إذ المراد من الروم والإشمام بيان حركة الموقوف عليه حالة الوصل، ولم يكن على الهاء حركة حالة الوصل؛ لأنها مبدلة من التاء، والتاء معدومة في الوقف.
      ج .ما كان ساكنا في الوصل مثل: فَلا تَنْهَرْ ومنه ميم الجمع، فلا يجوز فيه الروم والإشمام؛ لأنهما إنما يكونان في المتحرك دون الساكن.
      د. ما كان متحركا في الوصل بحركة عارضة مثل: وَأَنْذِرِ النَّاسَ وَلا تَنْسَوُا الْفَضْلَ ؛ لأن الحركة عرضت للراء، والواو للتخلص من التقاء الساكنين.
      ومثل ذلك ميم الجمع نحو: وَأَنْتُمُ الأَعْلَوْنَ فلا يجوز فيه الروم والإشمام لعروض الحركة، فلا يعتد بها؛ لأنها تزول في الوقف لذهاب المقتضي وهو اجتماع الساكنين، فلا وجه للروم، والإشمام.
      وأما هاء الضمير: فقد اختلف فيها وقفا :
      1. فذهب بعضهم إلى جواز الروم والإشمام فيها مطلقا.
      2. وذهب بعضهم إلى المنع مطلقا.
      3. والمختار منعهما فيها إذا كان قبلها ضم، أو واو ساكنة، أو كسر،
      أو ياء ساكنة مثل: يَرْفَعُهُ و عَقَلُوهُ و بِهِ و فِيهِ .
      وجوازهما إذا لم يكن قبلها ذلك، بأن انفتح ما قبل الهاء، أو وقع قبلها ألف، أو ساكن صحيح مثل: فَأَكْرَمَهُ وَهَدَاهُ و عَنْهُ .
      ووجه الروم والإشمام الإجراء على القاعدة، ووجه المنع طلب الخفة.

      حكم هاء الضمير وصلا
      لما كانت هاء الضمير في اصطلاح القراء: هي الهاء الزائدة الدالة على الواحد المذكر الغائب، سميت هاء الكناية أيضا لأنها يكنى بها عن المفرد والمذكر الغائب ، ولها أربع أحوال:
      الحالة الأولى: أن تقع بعد متحرك وقبل ساكن نحو: لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ
      الحالة الثانية: أن تقع بين ساكنين نحو: شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ
      وقد اتفق القراء العشرة على عدم صلة هاء الضمير في هاتين الحالتين إلا البزي عن ابن كثير في قوله تعالى: فَأَنْتَ عَنْهُ تَلَهَّى فإنه يصل الهاء بواو لفظية في الوصل، ويشدد التاء من "تلهى"، ويلزم حينئذ مد الهاء مدا طويلا لوجود الساكن المدغم.
      الحالة الثالثة: أن تقع بين متحركين نحو: إِنَّ رَبَّهُ كَانَ بِهِ بَصِيرًا
      ولا خلاف بين عامة القراء في صلة هذه الهاء بواو لفظية في الوصل إذا كانت مضمومة، وبياء لفظية في الوصل إذا كانت مكسورة.
      وبالنسبة لحفص عن عاصم فإنه وصلها بواو لفظية إذا كانت مضمومة، وبياء لفظية إذا كانت مكسورة -كما أسلفنا- إلا في خمسة مواضع منها، وهي: أَرْجِهْ في الأعراف والشعراء، وَيَتَّقْهِ في النور، و فَأَلْقِهِ بالنمل ، و يَرْضَهُ بالزمر .
      أما أَرْجِهْ و فَأَلْقِهِ فقرأهما بإسكان الهاء وصلا ووقفا.
      وأما وَيَتَّقْهِ فقرأ بقصر الهاء أي كسرها من غير صلة؛ لأنه يسكن القاف قبلها.
      وأما يَرْضَهُ فقرأ بقصر الهاء مضمومة من غير صلة.
      الحالة الرابعة: أن تقع بعد ساكن وقبل متحرك نحو: فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ
      وهذه الحالة مختلف فيها بين القراء العشرة، فابن كثير يصلها بواو إذا كانت مضمومة، وبياء إذا كانت مكسورة، ويوافقه حفص في لفظ فِيهِ مُهَانًا
      بالفرقان، فيصل الهاء من "فيه" بياء لفظية في الوصل، وباقي القراء بالقصر أي بحذف الصلة مطلقا، ولا خلاف بين القراء في إسكان الهاء وقفا.
    • بارك الله فيكي خيتوو
      Messi اختصار الكلام .. انه اسطورة لن تلد ام مثله في هذا الزمان .. اختصار الكلام Messi لهم كثرة الكلام ولنــا تحطيم الالقــاب والارقام
    • [h=1]أصول التفسير[/h][TABLE='width: 100%, align: right']
      [TR]
      [TD]تعريف التفسير:
      لغة : من الفسر وهو الكشف عن المغطى .
      اصطلاحا: بيان معاني القرآن الكريم .

      حكمه:
      تعلم التفسير واجب لقوله تعالى : (كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ)
      وجه الدلالة أن الله بين أن الحكمة من إنزال هذا القرآن أن يتدبر الناس آياته ويتعظوا بما فيها والتدبر هو التأمل في الألفاظ للوصول إلى معانيها فإذا لم يكن ذلك فاتت الحكمة من إنزال القرآن وصار مجرد ألفاظ لا تأثير لها ولا يمكن الاتعاظ بما في القرآن بدون فهم معانيه . قال أبو عبد الرحمن السلمي : حدثنا الذي كانوا يقرئوننا القرآن كعثمان بن عفان وعبد الله بن مسعود وغيرهما ، أنهم كانوا إذا تعلموا من النبي صلى الله عليه وسلم عشر آيات ، لم يجاوزوها ، حتى يتعلموا ما فيها من العلم والعمل ، قالوا : فتعلمنا القرآن والعلم والعمل جميعا .


      موقف السلف من القول في التفسير:
      الواجب على المسلم في تفسير القرآن أن يشعر نفسه حين يفسره بأنه مترجم عن الله شاهد عليه بما أريد من كلامه معظما لهذه الشهادة خائفا من أن يقول على الله بلا علم ، فيقع فيما حرم الله.
      فإن التفسير: بيان لمراد الله - سبحانه - بكلامه، ولما كان كذلك، فإن المتصدي للتفسير عرضة لأن يقول: معنى قول الله كذا. ثم قد يكون الأمر بخلاف ما قال. ولذا قال مسروق بن الأجدع "اتقوا التفسير؛ فإنما هو الرواية عن الله - عز وجل".
      وقد اتخذ هذا العلم طابعاً خاصاً من حيث توقِّي بعض السلف وتحرجهم من القول في التفسير، حتى كان بعضهم إذا سئل عن الحلال والحرام أفتى، فإذا سئل عن آية من كتاب الله سكت كأن لم يسمع.


      مصادر تفسير القرآن:
      يرجع في تفسير القرآن إلى ما يأتي :

      1- تفسير القرآن بالقرآن لأن الله هو الذي أنزله وهو أعلم بما أراد به فما جاء مجملاً في موضع يأتي مفصلا فى موضع آخر.وقد سلك ابن كثير رحمه الله في التفسير هذه الطريقة فإذا ذكر آية فيها شيء من الإجمال ذكر الآيات الأخرى التي فيها شيء من التفصيل.
      2 - تفسير القرآن بالسنة لأنه صلى الله عليه وسلم مبلغ عن الله فهو أعلم الناس بمراد الله تعالى كلامه.

      3- أقوال الصحابة رضي الله عنهم لأن القرآن نزل بلغتهم وفي عصرهم ولأنهم بعد الأنبياء أصدق الناس في طلب الحق وأسلمهم من الأهواء وأطهرهم من المخالفة التي تحول بين المرء وبين التوفيق للصواب.

      4- كلام التابعين الذين اعتنوا بأخذ التفسير عن الصحابة رضي الله عنهم لأن التابعين خير الناس بعد الصحابة وأسلم من الأهواء ممن بعدهم . ولم تكن اللغة العربية تغيرت كثيرا في عصرهم. قال شيخ الإسلام ابن تيميه: إذا أجمعوا - يعني التابعين - على الشيء فلا يرتاب في كونه حجة فإن اختلفوا فلا يكون قول بعضهم حجة على بعض ولا على من بعدهم ويرجع في ذلك إلى لغة القرآن أو ألسنة أو عموم لغة العرب أو أقوال الصحابة في ذلك .

      5- ما تقتضيه الكلمات من المعاني الشرعية أو اللغوية حسب السياق
      فإن اختلف المعنى الشرعي واللغوي أخذ بما يقتضيه الشرعي لأن القرآن نزل لبيان الشرع إلا أن يكون دليل يترجح به المعنى اللغوي فيؤخذ به .

      التفسير بالمأثور:
      التفسير بامأثور هو الذي يجب اتباعه لأنه طريق المعرفة الصحيحة وهو السبيل الآمن من الزلل والزيغ في كتاب الله.
      و يشمل ما جاء في القرآن نفسه من البيان والتفصيل وما نقل عن ‏الرسول الله وصلى الله عليه وسلم وأصحابه. أما ما ينقل عن التابعين، فبعض العلماء ‏يعتبره من المأثور، وبعضهم يعتبره من التفسير بالرأي، لكن كتب التفسير بالمأثور قد ‏ضمت ما نقل عن التابعين في التفسير، ولذلك نعتبره مدرجاً في التفسير المأثور.


      التفسير بالرأي:
      عندما يطلق العلماء التفسير بالرأي، فإنما يقصدون بالرأي الاجتهاد، أما الأمور التي يجب استناد الرأي إليها في التفسير، فقد نقلها الإمام السيوطي في الإتقان عن الإمام الزركشي، فقال ما ملخصه: للناظر في القرآن لطلب التفسير مآخذ كثيرة أمهاتها أربعة:
      الأول: النقل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مع التحرز عن الضعيف والموضوع.
      الثاني: الأخذ بقول الصحابي، فقد قيل: إنه في حكم المرفوع مطلقاً، وخصه بعضهم بأسباب النزول ونحوها، مما لا مجال للرأي فيه.
      الثالث: الأخذ بمطلق اللغة مع الاحتراز عن صرف الآيات إلى مالا يدل عليه الكثير من كلام العرب.
      الرابع: الأخذ بما يقتضيه الكلام، ويدل عليه قانون الشرع، وهذا النوع الرابع هو الذي دعا به النبي صلى الله عليه وسلم لابن عباس في قوله: "اللهم فقهه في الدين، وعلمه التأويل" رواه البخاري ومسلم.

      فمن فسر القرآن برأيه أي: باجتهاده ملتزماً الوقوف عند هذه المآخذ معتمداً كان تفسيره جائزاً ومحموداً، ومن حاد عن هذه الأصول وفسر القرآن غير معتمد عليها بل يكون متهجماً على تبيين مراد الله من كلامه على جهالة بقوانين اللغة أو الشريعة وهذا النوع حرام لا يجوز الإقدام عليه كما قال شيخ الإسلام: "فأما التفسير بمجرد الرأي فحرام". والآثار الواردة عن السلف في تحريمه وذمه كثيرة منها:

      - ما وردعن فـاروق الأمة عمر بن الخطاب رضي الله عنه قوله: "اتقوا الرأي في دينكم". وقال: "إياكم وأصحاب الرأي؛ فإنهم أعداء السنن. أعيتهم الأحاديث أن يحفظوها، فقالوا برأيهم، فضلّوا وأضلوا".

      - عن الحـســن البصري قوله: "اتهموا أهواءكم ورأيكم على دين الله، وانتصحوا كتاب الله على أنفسكم ودينكم".
      [/TD]
      [/TR]
      [/TABLE]
    • [h=1]التفسير والمفسرون - مناهج المفسرين[/h]
      [TABLE='width: 100%']
      [TR]
      [TD]
      رُوِي عن ابن عباس أنه قال: "التفسير على أربعة أوجه: وجه تعرفه العرب من كلامها، وتفسير لا يعذر أحد بجهالته، وتفسير يعلمه العلماء، وتفسير لا يعلمه أحد إلا الله". فالذي تعرفه العرب هو الذي يرجع فيه إلى لسانهم ببيان اللغة.
      والذي لا يعذر أحد بجهله: هو ما يتبادر فهم معناه إلى الأذهان من النصوص المتضمنة شرائع الأحكام ودلائل التوحيد ولا لبس فيها، فكل امرئ يدرك معنى التوحيد من قوله تعالى: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ}1, وإن لم يعلم أن هذه العبارة وردت بطريق النفي والاستثناء فهي دالة على الحصر. وأما ما لا يعلمه إلا الله: فهو المغيبات، كحقيقة قيام الساعة، وحقيقة الروح. وأما ما يعلمه العلماء: فهو الذي يرجع إلى اجتهادهم المعتمد على الشواهد والدلائل دون مجرد الرأي، من بيان مُجْمل، أو تخصيص عام، أو نحو ذلك.
      ينقسم التفسير من حيث منهج المفسرين إلى قسمين رئسيتين:
      التفسير بالمأثور والتفسير بالرأي:
      التفسير بالمأثور: هو الذي يعتمد على صحيح المنقول بالمراتب التي ذُكِرت سابقًا في شروط المفسر، من تفسير القرآن بالقرآن، أو بالسٌّنَّة؛ لأنها جاءت مبيِّنة لكتاب الله، أو بما رُوِي عن الصحابة؛ لأنهم أعلم الناس بكتاب الله، أو بما قاله كبار التابعين؛ لأنهم تلقوا ذلك غالبًا عن الصحابة. وهذا المسلك يتوخى الآثار الواردة في معنى الآية فيذكرها، ولا يجتهد في بيان معنى من غير أصل، ويتوقف عما لا طائل تحته ولا فائدة في معرفته ما لم يرد فيه نقل صحيح كما هو حال التفسير بالرأي.

      حكم التفسير بالمأثور:
      التفسير بالمأثور هو الذي يجب اتباعه والأخذ به؛ لأنه طريق المعرفة الصحيحة. وهو آمن سبيل للحفظ من الزلل والزيغ في كتاب الله.

      أشهر الكتب المؤلفة في التفسير بالمأثور:
      1- التفسير المنسوب إلى ابن عباس.
      2- تفسير ابن عيينة.
      3- تفسير ابن أبي حاتم.
      4- تفسير أبي الشيخ ابن حبان.
      5- تفسير ابن عطية.
      6- تفسير ابن الليث السمرقندي "بحر العلوم".
      7- تفسير أبي إسحاق "الكشف والبيان عن تفسير القرآن".
      8- تفسير ابن جرير الطبري "جامع البيان في تفسير القرآن".


      التفسير بالرأي:
      التفسير بالرأي: هو ما يعتمد فيه المفسر في بيان المعنى على فهمه الخاص واستنباطه بالرأي المجرد -وليس منه الفهم الذي يتفق مع روح الشريعة، ويستند إلى نصوصها- فالرأي المجرد الذي لا شاهد له مدعاة للشطط في كتاب الله، وأكثر الذين تناولوا التفسير بهذه الروح كانوا من أهل البدع الذين اعتقدوا مذاهب باطلة وعمدوا إلى القرآن فتأولوه على رأيهم وليس لهم سَلَف من الصحابة والتابعين لا في رأيهم ولا في تفسيرهم، وقد صنفوا تفاسير على أصول مذهبهم، كتفسير عبد الرحمن بن كيسان الأصم، والجبائي، وعبد الجبار، والرماني، والزمخشري وأمثالهم.
      ومن هؤلاء من يكون حسن العبارة يدس مذهبه في كلام يروج على كثير من الناس كما صنع صاحب الكشاف في اعتزالياته وإن كان بعضهم أخف من بعض، فمنهم طوائف من أهل الكلام أوَّلت آيات الصفات بما يتفق مع مذهبها، وهؤلاء أقرب إلى أهل السٌّنَّة من المعتزلة، إلا أنهم حين جاءوا بما يخالف مذهب الصحابة والتابعين فقد شاركوا المعتزلة وغيرهم من أهل البدع.

      حكم التفسير بالرأي:
      وتفسير القرآن بمجرد الرأي والاجتهاد من غير أصل حرام لا يجوز تعاطيه، قال تعالى: {وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ}1، وقال, صلى الله عليه وسلم: "من قال في القرآن برأيه -أو بما لا يعلم- فليتبوأ مقعده من النار"
      أخرجه الترمذي والنَّسائي وأبو داود، وقال الترمذي: هذا حسن.، وفي لفظ: "من قال في القرآن برأيه فأصاب فقد أخطأ".
      ولهذا تحرج السلف عن تفسير ما لا علم لهم به، فقد رُوِي عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب: أنه كان إذا سئل عن تفسير آية من القرآن قال: "إنَّا لا نقول في القرآن شيئًا"3.


      أشهر الكتب المؤلفة في التفسير بالرأي:
      1- تفسير عبد الرحمن بن كيسان الأصم.
      2- تفسير أبي علي الجبائي.
      3- تفسير عبد الجبار.
      4- تفسير الزمخشري "الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل، وعيون الأقاويل، في وجوه التأويل".
      5- تفسير فخر الدين الرازي "مفاتيح الغيب".
      6 - تفسير ابن فورك.
      7- تفسير النسفي "مدارك التنزيل وحقائق التأويل".
      8- تفسير الخازن "لباب التأويل في معاني التنزيل".
      9- تفسير أبي حيان "البحر المحيط".
      10- تفسير البيضاوي "أنوار التنزيل وأسرار التأويل".
      11- تفسير الجلالين: جلال الدين المحلي، وجلال الدين السيوطي.
      [h=1] [/h][h=1]التحذير من بعض كتب التفسير:[/h]
      سئل سماحة الشيخ ابن جبرين: ما حكم تفسير القرآن بالرأي ؟ وما هي التفاسير التي فسرت بالرأي؟
      التفسير بالرأي كون الإنسان تخبط في التفسير ويفسره على ما يستحسنه، وقد وقع فيه كثير من المفسرين سيما أهل البدع ذكرنا بالأمس تفسير عبد الجبار القاضي عبد الجبار فسر آيات الصفات وسمى كتابه متشابه القرآن وعبد الجبار معتزلي ففسر القرآن برأيه ففسرها برأيه وحملها محامل بعيدة، كذلك تفسير الزمخشري تفسير أيضا بالرأي لأنه كان معتزليا وسيأتي أيضا أمثلة لأولئك المفسرين بالرأي.
      ونحذر من تفاسير المبتدعة من المتقدمين والمتأخرين: من المتقدمين تفسير الماوردي ومعلوم قديما أنه يوصف بالاعتزال، وكذلك الزمخشري وإن كان يتستر باعتزاله، فيدخل الاعتزال في مداخل خفية، حتى قال بعضهم: أخرجت الاعتزال من الكشاف بالمناقيش يعني بأشياء خفية.
      كذلك تفاسير المتأخرين الذين فسروا بما ظهر لهم تفسيرا فيه أغلاط مثل تفسير طنطاوي وما أشبهها، تفسير ظلال القرآن ففيه استنباطات قوية وفيه أخطاء، فمن قرأ الأخطاء التي كتبها عبد الله بن محمد الدويش رحمه الله عرف تلك الأخطاء حتى يتجنبها ويشير إليها، تفسير روح المعاني أكثر فيه من النقول ولكن فيه بعض الأخطاء والتأويلات وهو الألوسي تفسير الرازي توسع فيه، وهو أشعري يبالغ في نصر مذهب الأشاعرة، ويؤول الصفات التي ينفيها الأشاعرة، وغيرها من التفاسير التي سيمر بنا بعضها إن شاء الله.


      قال الشيخ بكر أبو زيد :
      " صفوة التفاسير " اسم فيه تغرير وتلبيس ، فأنَّى له الصفاء وهو مبني على الخلط بين التبر والتبن ، إذ مزج بين تفسيري ابن جرير وابن كثير السلفييْن ، وتفسير الزمخشري المعتزلي ، والرضي الرافضي ، والطبرسي الرافضي ، والرازي الأشعري ، والصاوي الأشعري القبوري المتعصب ، وغيرهم ، ولا سيما وهذا المزج على يد من لا يعرف الصنعة ولا يتقنها كهذا الذي تسوَّر هذا الصرح بلا سلَّم ، وإلا فإن أهل العلم يستفيدون من المفسرين المتميزين بما لا يخرج عن الجادة : مسلك السلف ، وضوابط التفسير ، وسَنن لسان العرب . التحذير من مختصرات الصابوني في التفسير

      وسئل سماحة الشيخ ابن باز رحمه الله عن تفسير الجلالين ، فأجاب:
      "تفسير مفيد وفيه بعض الأخطاء في الصفات وفي بعض ... ولكن مفيد، تفسير مفيد، وقل كتاب إلا ويكون فيه بعض الأخطاء، إلا كتاب الله -سبحانه وتعالى- وكتب الناس يكون فيها بعض الأخطاء، لكن مقل ومكثر، فتفسير الجلالين فيه بعض الأخطاء فإذا تيسر أن يدرِّسه صاحب سنة، يعرف كلام أهل السنة والجماعة فينبه على الأخطاء فهذا طيب، وإذا أشكل شيء على الدارس يسأل أهل العلم"أ.هـ وقد جمع الشيخ محمد عبد الرحمن الخميس هذه الهنات ومثل لها في كتيب صغير سماه: أنوار الهلالين في التعقبات على الجلالين.

      [B]أفضل كتب التفسير:
      إن من أفضل التفاسير بشكل عام من ناحية الشمولية في أنواع التفسير من ناحية وسلامة المعتقد من ناحية أخرى هما : تفسير الطبري من المتقدمين وتفسير ابن كثير من المتأخرين. ومن التفاسير المعاصرة المختصرة: التفسير الميسر وتفسر السعدي.
      وعندما سئل سماحة الشيخ ابن جبرين عن كتب التفسير التي ينصح بها أجاب " ننصح بتفسير ابن جرير وابن أبي حاتم لأنهما يفسران بالمأثور وتفسير ابن كثير وتفسير البغوي وإن كان ابن جرير والبغوي فيه شيء من الإسرائيليات، ومن المتأخرين تفسير ابن سعدي تفسير بالاستنباط، كذلك للشيخ الجزائري أيضا تفسير، هذه تفاسير سليمة."
      [/B]
      [B] ونحن ننصح بهذه الكتب مرتبة حسب اختصارها. فمن أراد أن يبدأ قراءة التفسير فليبدأ بالتفسير الميسر وقد يقرأ كذلك تفسير الجلالين (مع الإنتباه لبعض الملاحظات المذكورة سابقا) ثم يقرأ تفسير السعدي ثم اذا أراد أن يتوسع قليلاً فليقرأ تفسير ابن كثير.
      1- التفسير الميسر (لنخبة من العلماء الافاضل وبإشراف مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف )
      2- تفسير السعدي
      3- تفسير ابن كثير
      4- تفسير الطبري
      [/B]
      [/TD]
      [/TR]
      [/TABLE]
    • [h=1]الأمثال في القرآن[/h]
      [TABLE='width: 100%']
      [TR]
      [TD]قال الله تعالى "وتلك الأمثال نضربها للناس وما يعقلها إلا العالمون" .قال بعض السلف كنت إذا قرأت مثلا من القرآن فلم أفهمه بكيت على نفسي لأن الله تعالى يقول " وما يعقلها إلا العالمون ".والأمثال: جمع مثل، والمَثل والمِثل والمثيل: كالشَّبه والشِّبه والشبيه لفظًا ومعنى. و التمثيل يبرز المعاني في صورة حية تستقر في الأذهان بتشبيه المعقول بالمحسوس وقياس النظير على النظير، وكم من معنى جميل أكسبه التمثيل روعة وجمالًا، فكان ذلك أدعى لتقبل النفس له، واقتناع العقل به، وهو من أساليب القرآن الكريم في ضروب بيانه ونواحي إعجازه ، وعادة العرب استعمال الأمثال لأنها أبلغ في توصيل المطلوب إلي السامع ، وعندما جاء القرآن تحدي العرب ببلاغته الخاصة ؛ فإن أمثال القرآن لها بلاغة خاصة لا يدركها إلا العارف بأسرار اللغة العربية :
      وفي القرآن الكريم من صريح الأمثال أربعون مَثلاً *:

      [B]- في البقرة :

      1-
      " كمثل الذي استوقد ناراً فلما أضاءت ما حوله ذهب الله بنورهم" (الآية 17)
      2 - " أو كصيب من السماء فيه ظلمات ورعد وبرق" (الآية 19)
      3- "أن يضرب مثلاً ما بعوضة فما فوقها" (الآية 26)
      4- " ومثل الذين كفروا كمثل الذي ينعق بما لا يسمع" (الآية 171)
      5- "مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل" (الآية 261)
      6- " فمثله كمثل صفوان عليه تراب فأصابه وابل " (الآية 264)
      7 - " ومثل الذين ينفقون أموالهم ابتغاء مرضاة الله كمثل جنة بربوة " (الآية 265)
      8 - " أيود أحدكم أن تكون له جنة .." (الآية 266)
      9- " كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان " (الآية 275)
      [/B]

      [B]
      [B]- سورة آل عمران :
      10- " وكنتم على شفا حفرة من النار" (الآية 103)
      11- "مثل ما ينفقون في هذه الحياة الدنيا كمثل ريح فيها صر أصابت حرث قوم فأهلكته" (الآية117)
      [/B][/B]

      [B][B]
      [B]- سورة الأنعام :

      12-
      " كالذي استهوته الشياطين في الأرض " (الآية 71)
      [B]
      - سورة الأعراف :

      13-
      " فمثله كمثل الكلب إن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث" (الآية 176) [/B][/B][/B][/B]

      [B][B][B][B][B]- سورة يونس :
      14-
      " إنما مثل الحياة الدنيا كماء أنزلنه من السماء فاختلط به نبات الأرض" (الآية 24) [/B][/B][/B][/B][/B]

      [B][B][B][B][B][B]- سورة هود :
      15-
      " مثل الفريقين كالأعمى والأصم والبصير والسميع " (الآية 24)
      [B]
      - سورة الرعد :
      16- " إلا كباسط كفيه إلى الماء ليبلغ فاه وما هو ببالغه" (الآية 14) [/B][/B][/B][/B][/B][/B][/B]

      [B][B][B][B][B][B][B]17- " أنزل من السماء ماءً فسالت أودية بقدرها " (الآية 17) [/B][/B][/B][/B][/B][/B][/B]
      [B][B][B][B][B][B][/B][/B][/B][/B][/B][/B]
      [B][B][B][B][B][B][B][B]- سورة إبراهيم :
      18- " مثل الذين كفروا بربهم أعمالهم كسراب بقيعة" (الآية 18)[/B][/B][/B][/B][/B][/B][/B][/B]

      [B][B][B][B][B][B][B][B]19- " كيف ضرب الله مثلاً كلمة طيبة كشجرة طيبة"[/B][/B][/B][/B][/B][/B][/B][/B]
      [B][B][B][B][B][B][B][B]20- " ومثل كلمة خبيثة "[/B][/B][/B][/B][/B][/B][/B][/B]
      [B][B][B][B][B][B][B][B][B]
      - سورة النحل :
      21- " ضرب الله مثلاً عبداً مملوكاً "[/B][/B][/B][/B][/B][/B][/B][/B][/B]

      [B][B][B][B][B][B][B][B][B] 22- " وضرب الله مثلاً رجلين "[/B][/B][/B][/B][/B][/B][/B][/B][/B]
      [B][B][B][B][B][B][B][B][B]23- " وضرب الله مثلاً قرية " .[/B][/B][/B][/B][/B][/B][/B][/B][/B]
      [B][B][B][B][B][B][B][B][B][B]- سورة الكهف :
      24- " واضرب لهم مثلاً رجلين "[/B][/B][/B][/B][/B][/B][/B][/B][/B][/B]

      [B][B][B][B][B][B][B][B][B][B]25- " واضرب لهم مثل الحياة الدنيا " .[/B][/B][/B][/B][/B][/B][/B][/B][/B][/B]
      [B][B][B][B][B][B][B][B][B][B][B]- سورة الحج :
      26- " فكأنما خرَّ من السماء "[/B][/B][/B][/B][/B][/B][/B][/B][/B][/B][/B]

      [B][B][B][B][B][B][B][B][B][B][B] 27- " ضُرب مثل فاستمعوا له إن الذين تدعون من دون الله.."[/B][/B][/B][/B][/B][/B][/B][/B][/B][/B][/B]
      [B][B][B][B][B][B][B][B][B][B][B][B]- سورة النور :
      28- " مثل نوره كمشكاة فيها مصباح"[/B][/B][/B][/B][/B][/B][/B][/B][/B][/B][/B][/B]

      [B][B][B][B][B][B][B][B][B][B][B][B]29- " والذين كفروا أعمالهم كسراب بقيعة" .[/B][/B][/B][/B][/B][/B][/B][/B][/B][/B][/B][/B]
      [B][B][B][B][B][B][B][B][B][B][B][B]30- " أو كظلمات في بحر لجي يغشاه موج " .


      [B]- سورة العنكبوت :

      31- " مثل الذين اتخذوا من دون الله أولياء كمثل العنكبوت " .
      [B]
      - سورة الروم :

      32- " ضرب لكم مثلاً من أنفسكم " .
      [/B][/B][/B][/B][/B][/B][/B][/B][/B][/B][/B][/B][/B][/B]

      [B][B][B][B][B][B][B][B][B][B][B][B][B][B][B]- سورة الزمر:
      33- " ضرب الله مثلاً رجلاً ".
      [/B][/B][/B][/B][/B][/B][/B][/B][/B][/B][/B][/B][/B][/B][/B]

      [B][B][B][B][B][B][B][B][B][B][B][B][B][B][B][B]- سورة محمد:
      34- " نظر المغشي عليه من الموت "[/B][/B][/B][/B][/B][/B][/B][/B][/B][/B][/B][/B][/B][/B][/B][/B]

      [B][B][B][B][B][B][B][B][B][B][B][B][B][B][B][B][B]- سورة الفتح:
      35- " ذلك مثلهم في التوراة ومثلهم في الإنجيل " .
      [/B][/B][/B][/B][/B][/B][/B][/B][/B][/B][/B][/B][/B][/B][/B][/B][/B]

      [B][B][B][B][B][B][B][B][B][B][B][B][B][B][B][B][B][B]- سورة الحديد:
      36- " كمثل الذي من قبلهم "[/B][/B][/B][/B][/B][/B][/B][/B][/B][/B][/B][/B][/B][/B][/B][/B][/B][/B]

      [B][B][B][B][B][B][B][B][B][B][B][B][B][B][B][B][B][B][B]- سورة الحشر:
      37- " كمثل الشيطان " .
      [B]
      - سورة الجمعة :

      38- "مثل الذين حملوا التوراة " .
      [/B][/B][/B][/B][/B][/B][/B][/B][/B][/B][/B][/B][/B][/B][/B][/B][/B][/B][/B][/B]

      [B][B][B][B][B][B][B][B][B][B][B][B][B][B][B][B][B][B][B][B][B]- سورة التحريم :
      39- " ضرب الله مثلاً للذين كفروا "[/B][/B][/B][/B][/B][/B][/B][/B][/B][/B][/B][/B][/B][/B][/B][/B][/B][/B][/B][/B][/B]

      [B][B][B][B][B][B][B][B][B][B][B][B][B][B][B][B][B][B][B][B][B]40- " وضرب الله مثلاً للذين آمنوا " .
      ------------
      [B]* ذكر ابن الجوزي في كتابه المدهش ثلاثة وأربعون مَثلاً ، وتم الاقتصار على صريح الأمثال منها فلم نذكر بعضاً مما أورده نحو الآية "مثل الجنة التي وعد المتقون" لأن المراد بالمثل هنا النعت و الصفة ( راجع تفسير ابن كثير)
      [/B][/B][/B][/B][/B][/B][/B][/B][/B][/B][/B][/B][/B][/B][/B][/B][/B][/B][/B][/B][/B][/B]

      [/TD]
      [/TR]
      [/TABLE]
    • [h=1]المكي والمدني[/h][TABLE='width: 100%, align: right']
      [TR]
      [TD]كان نزول القرآن منجمًا سببًا في أن بعضه نزل بمكة وبعضه نزل بالمدينة، فكان منه المكي ومنه المدني، فالمكي ما نزل قبل الهجرة، والمدني ما نزل بعد الهجرة، فما نزل بعد الهجرة ولو بمكة يسمَّى مدنيًّا، وما نزل قبل الهجرة يسمَّى مكيًّا، فالتقييم زماني وليس بمكاني، ليست العبرة بمكان النزول، إنَّمَا العبرة فيه بزمانه.

      حكمة نزول القرآن منجما:
      وقد يسأل سائل: لماذا نزل القرآن منجمًا ولم ينزل دفعة واحدة كما نزلت الألواح العشر على موسى -عليه السلام، وكما نزل الزبور على داوود؟ وإن مثل هذا السؤال جاء على ألسنة المشركين معترضين، متخذين منه سبيلًا للجاجتهم، وقد نقل القرآن الكريم عنهم ذلك وردَّه، فقد قال تعالى: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةًوَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا} [الفرقان: 32]. ونرى أن النص الكريم قد نقل اعتراض المشركين، ورده-سبحانه وتعالى- عليهم، وقد تضمَّن الرد ثلاثة أمور تومئ إلى السبب في نزوله منجمًا:
      أولها: تثبيت فؤاد الرسول بموالاة الوحي بالقرآن، وتثبيت لعزيمته، وتأيد مستمر له، فيقوم بحق الدعوة بالجهاد في سبيلها، كلما تنزل عليه الروح الأمين بكلام رب العالمين في موالاة مستمرة.
      ثانيها: إن تثبيت الفؤاد بنزول القرآن يكون بحفظ ما ينزل عليه جزءًا جزءًا؛ ذلك أن هذا القرآن نزل ليحفظ في الأجيال كلها جيلًا بعد جيل، وما يحفظ في الصدور لا يعتريه التغيير ولا التبديل، وما يكتب في السطور قد يعتريه المحو والإثبات والتحريف والتصحيف
      وهناك سبب آخر لنزول القرآن منجمًا نلمسه من حال العرب ومن شئونهم؛ ذلك أن العرب كانوا أمَّة أمية، والكتابة فيهم ليست رائجة، بل يندر فيهم من يعرفها، وأندر منه من يتقنها، فما كان في استطاعتهم أن يكتبوا القرآن كله إذا نزلجملة واحدة؛ إذ يكون بسوره وآياته عسيرًا عليهم أن يكتبوه، وإن كتبوه لا يعدموا الخطأ والتصحيف والتحريف.
      ولقد كان من فائدة إنزال القرآن منجَّمًا أنه كان ينزل لمناسبات ولأحداث، فيكون في هذه الأحداث بعض البيان لأحكامه، والمبيِّن الأول هو النبي -صلى الله عليه وسلم.

      الآيات المكية
      والآيات المكية فيها بيان العقيدة الإسلامية، وبطلان عبادة الأوثان ومجادلة المشركين والدعوة إلى التوحيد، ومخاطبة العرب، وفيها قصص الأنبياء الذين جاءوا إلى بلاد العرب ولهم آثار في أجزائها تنادي بما صنع أقوامهم، وما أصابهم الله تعالى بكفرهم من حاصب، ومن خسف جعل عالي ديارهم سافلها، ومن ريح صرصر عاتية.
      ولم يكن في الآيات المكية أحكام للمعاملات، وإن كان فيها إشارات إلى المحرمات كالخمر والربا، فقد قال تعالى مشيرًاإلى أن الخمر أمر غير حسن: {وَمِنْ ثَمَرَاتِ النَّخِيلِ وَالْأَعْنَابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَرًا وَرِزْقًا حَسَنًا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ} [النحل: 67]، فإن هذا النص الكريم يشير إلى أن الخمر ليست أمرًا حسنًا؛ لأنه -سبحانه وتعالى- جعلها مقابلة للأمر الحسن، ولا يقابل الحسن إلّا القبيح، أو على الأقل الأمر غير الحسن.
      ولقد جاء أيضًا في سورة الروم ما يشير إلى أن الربا أمر غير مستحسن، فقد قال تعالى في سورة الروم: {وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ رِبًا لِيَرْبُوَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ فَلَا يَرْبُو عِنْدَ اللَّهِ وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ زَكَاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ}[الروم:39] إن عدم وجود أحكام للمعاملات في مكة سببه أن الدولة التي كانت قائمة كانت دولة شرك، وأن من المستحيل أن تنفذ أحكام المعاملات الإسلامية في ظلها، وكان الاتجاه الأول إلى إخراجها من الشرك وإدخالها في التوحيد أولًا، ثم من بعد ذلك تكون الدولة الإسلامية المنفذة، ولكن المحرمات كانت ثابتة في أول تشريع الإسلام، وإن كان مسكوتًا عنها، فلم تكن موضع إباحة، بل كانت موضع سكوت وعفو حتى ينزل التشريع بتحريمها تحريمًا قاطعًا، فما كانت الخمر مباحة، ولكن كان مسكوتًا عنها، أو كانت في مرتبة العفوِ كما يقول علماء الأصول، حتى إذا كان المنع الصريح في المدينة كان معه العقاب، وهكذا كل ما كان مسكوتًا عنه لم يكن موضع إباحة.

      الآيات المدنية
      ولما انتقل النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى المدينة كان التنظيم الكامل للمعاملات؛ لأنه وجدت دولة إسلامية فاضلة، تنظِّم العلاقات بين الناس، وتقوم على تنفيذها، والقضاء بها، فنظم التعامل، وابتدأ بأعلى أنواع التعاون بين الناس وهو الإخاء الذي آخى فيه النبي -صلى الله عليه وسلم- بين المهاجرين والأنصار، والأنصار بعضهم مع بعض،والمهاجرين بعضهم مع بعض، وشرعت النظم الاجتماعية، والمعاملات الإنسانية؛ من أحكام للبيوع والمزارعات، وتحريم للربويات وغيرها. وفرضية الصدقات وتنظيمها، وإعطاء الفقير حقه، والتنظيم الاجتماعي الكامل، وشرعت الزواجرالاجتماعية من حدود وقصاص، وسُنَّت الأحكام الفاصلة بين الحقوق، وفتح باب الجهاد، ووضعت نظم الحرب، وقامت العلاقات الدولية على أسس متينة محكمة، يراعى فيها حق العدو، كما يلاحظ حق الولي على سواء؛ لأن المبادئ المدنية في الإسلام قامت على إعطاء كل ذي حق حقه من غير بخس ولا شطط، ولا مجاوزة للحد ولا اعتداء.
      ويلاحظ أن مبادئ العدالة جاءت مع وجود الشريعة الإسلامية، وقد دعا إليها القرآن الكريم في مكة والمدينة؛ لأن العدالة حق ابتدائي لا يختلف في دولة عن دولة، فهو يتعلق بالنفس الإنسانية في ذاتها.
      فالأمر بالعدالة والإحسان والوفاء بالعهد جاء في سورة النحل، وهي مكبة عند نظر الأكثرين؛ لأن الله تعالى يقول فيها وهو أحكم القائلين: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ، وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلَا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْكَفِيلًا إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ، وَلَا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكَاثًا تَتَّخِذُونَ أَيْمَانَكُمْ دَخَلًا بَيْنَكُمْ أَنْ تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبَى مِنْ أُمَّةٍ} [النحل: 90-92].

      ولقد أحصى القرطبي في تفسيره الجامع لأحكام القرآن السور المدنية فقال: "عن قتادة نزل بالمدينة من القرآن: البقرة، وآل عمران، والنساء، والمائدة، والأنفال، وبراءة، والرعد، والنحل، والحج، والنور، والأحزاب، ومحمد، والفتح، والحجرات والرحمن، والحديد، والمجادلة، والحشر، والممتحنة، والصف، والجمعة، والمنافقون، والتغابن، والطلاق، ويا أيها النبي لم تحرّم إلى رأس العشر، وإذا زلزلت، وإذا جاء نصر الله، هذه السور نزلت بالمدينة، وسائر القرآن نزل بمكة".
      ويلاحظ أنَّه جعل سورة النحل من السور المدنية، ولكن المذكور في المصاحف التي بين أيدينا أنها مكية، ولعلَّ فيها روايتين.
      [/TD]
      [/TR]
      [/TABLE]
    • [h=1]النسخ و ســنة التدرج[/h]
      [TABLE='width: 100%']
      [TR]
      [TD='align: right']تعريف النسخ:
      يرد النسخ في اللغة لمعنيين : أحدهما : التحويل والنقل ، ومنه نسخ الكتاب وهو أن يحول من كتاب إلى كتاب . والثاني: الرفع ، يقال نسخت الشمس الظل أي ذهبت به وأبطلته .
      والنسخ في الاصطلاح : هو إزالة ما استقر من الحكم الشرعي بخطاب وارد متراخياً لولاه لكان السابق ثابتاً.
      وقد أجمع السلف على وجود النسخ والنسخ لا يدخل إلا الأحكام ، فلا يدخل النسخ على الأخبار وهو مذهب جمهور أهل العلم. وللنسخ فوائد منها إظهار امتثال العباد أوامر الرب جل وعلا ، ومنها التخفيف على العباد وهذا الغالب ، ومنها كذلك التدرج في الأحكام كنسخ الأحكام التي أباحت بعض الأمور التي كان عليها المسلمون إلى الحرمة . وقد ينسخ الأثقل إلى الأخف والأخف إلى الأثقل كنسخ صيام يوم عاشوراء والأيام المعدودة برمضان ، وينسخ المثل بمثله نقلاً وخفة كالقبلة ، وينسخ الشيء لا إلى بدل كصدقة النجوى. والنسخ في القرآن على وجوه:
      أحدهما : أن يثبت الخط وينسخ الحكم مثل آية الوصية للأقارب وآية عدة الوفاة بالحول وآية التخفيف في القتال ومنها أن ترفع تلاوتها أصلاً عن المصحف وعن القلوب ، كما روي عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف: أن قوماً من الصحابة رضي الله عنهم قاموا ليلة ليقرؤوا سورة فلم يذكروا منها إلا بسم الله الرحمن الرحيم فغدوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبروه فقال صلى الله عليه وسلم : "تلك سورة رفعت تلاوتها وأحكامها" .
      فأما التدرج فهو سنة كونية، وسنة شرعية أيضاً.ولهذا خلق الله السماوات والأرض في ستة أيام، وكان قادراً أن يقول: كوني فتكون، ولكنه خلقها في أيام ستة من أيام الله تعالى، أي في ستة أطوار أو أزمنة يعلمها الله، فليست هي أيامنا هذه إذ هي قبل خلق الشمس والأرض وما يتبعهما من ليل أو نهار.وكذلك نرى خلق الإنسان والحيوان والنبات، كلها تتدرج في مراحل حتى تبلغ نماءها وكمالها.فهذا من الناحية الكونية، وأما من الناحية الشرعية، فقد بدأ الإسلام بالدعوة إلى التوحيد وتثبيت العقيدة السليمة، ثم كان التشريع شيئاً فشيئاً. فقد فرضت الفرائض وحرمت المحرمات بالتدريج، كما هو ثابت في فرض الصلاة والصيام والزكاة، وتحريم الخمر وغيرها، ولهذا افترق القرآن المكي عن المدني. وفي هذا المعنى تقول عائشة رضي الله عنها، واصفة تدرج التشريع ونزول القرآن: إنما أنزل أول ما أنزل من القرآن سور فيها ذكر الجنة والنار، حتى إذا ثاب الناس إلى الإسلام، نزل الحلال والحرام، ولو نزل أول شيء: لا تشربوا الخمر ولا تزنوا، لقالوا: لا ندع الخمر ولا الزنى أبداً [رواه البخاري ]. وقد أراد عمر أن يعود بالحياة إلى هدي الخلفاء الأربعة وذلك بعد أن يتمكن ويمسك الخيوط في يديه، ولكن كان ابنه الشاب الغيور عبد الملك من الأتقياء المتحمسين، ينكر على أبيه عدم إسراعه في إزالة كل بقايا الانحراف والمظالم ورد الأمور إلى سنن الراشدين، فكان جواب الأب الفقيه المؤمن: لا تعجل يا بني، فإن الله ذم الخمر في القرآن مرتين، وحرمها في الثالثة،وإني أخاف أن أحمل الناس على الحق جملة فيدعوه جملة، فيكون من ذا فتنة [الموافقات 2/94 ][B]التضييق في دعاوى النسخ :
      إن الله تعالى لم ينزل كتابه إلا ليهتدى بهداه، ويعمل بأحكامه، وكل دعوى لنسخ آية أو بعض آية منه فهي على خلاف الأصل، وما جاء على خلاف الأصل لا يقبل إلا ببرهان يقطع الشك باليقين.
      ولو طبقنا ما وضعه علماء أصول الدين وعلماء أصول الفقه وعلماء أصول التفسير وعلماء أصول الحديث من ضوابط وشروط، فإننا لا نكاد نجد آية في القرآن الكريم مقطوعا بنسخها، وما لم يقطع بنسخه فيجب أن يبقى حكمه ثابتا ملزما كما أنزل الله تعالى، ولا ننسخه ونبطل حكمه بمحض الظن، فإن الظن لا يغني من الحق شيئا.

      قال الإمام المحقق ابن القيم:
      "ومراد عامة السلف بالناسخ والمنسوخ، رفع الحكم بجملته تارة ـ وهو اصطلاح المتأخرين ـ ورفع دلالة العام والمطلق وغيرها تارة، إما بتخصيص عام أو تقييد مطلق وحمله على المقيد، وتفسيره وتبيينه، حتى إنهم يسمون الاستثناء والشرط والصفة نسخًا، لتضمن ذلك رفع دلالة الظاهر وبيان المراد، فالنسخ عندهم وفي لسانهم هو: بيان المراد بغير ذلك اللفظ، بل بأمر خارج عنه، ومن تأمل كلامهم رأى من ذلك فيه ما لا يُحصى، وزال عنه به إشكالات أوجبها حمل كلامهم على الاصطلاح الحادث المتأخر ".
      [/B][/TD]
      [/TR]
      [/TABLE]
    • [TABLE='width: 100%']
      [TR]
      [TD][h=1]ما هي الإسرائيليات ؟[/h][/TD]
      [/TR]
      [TR]
      [TD='align: right'][TABLE='width: 100%']
      [TR]
      [TD]تعريف الإسرائيليات:
      هي الأخبار المنقولة عن بني إسرائيل من اليهود وهو الأكثر أو من النصارى .
      فلفظ الإسرائيليات في الأصل نسبة بني إلى إسرائيل، وإسرائيل هو نبي الله يعقوب عليه السلام.
      وقد أصبح لفظ الإسرائيليات علما على ما أخذه المسلمون عن أهل الكتاب من اليهود والنصارى سواء أخذوا ذلك عنهم مشافهة أو من كتبهم، وقد أخذ المسلمون عنهم ذلك ونقلوا أخبارهم للعبرة والاتعاظ انطلاقا من قول النبي صلى الله عليه وسلم: (وحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج). رواه البخاري عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما هذا فيما لم نعلم كذبه أو مخالفته لما أخبر به الكتاب والسنة، وإلا فلا تجوز روايته والاعتبار به.
      قال صاحب عون المعبود قال مالك: المراد جواز التحدث عنهم بما كان من أمر حسن، أما ما علم كذبه فلا.

      تنقسم هذه الأخبار إلى ثلاثة أنواع :

      . 1ما أقره الإسلام وشهد بصده فهو حق .مثاله ما رواه البخاري عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : جاء حبر من الأحبار إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا محمد ، إنا نجد أن الله يجعل السماوات على إصبع وسائر الخلائق على إصبع فيقول : أنا الملك ، فضحك صلى الله عليه وسلم حتى بدت نواجذه تصديقا لقول الحبر ثم قرأ صلى الله عليه وسلم : (وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ).
      مثال آخر:تسميتهم لصاحب موسى عليه السلام أنه الخضر . وهذا حق لما روى البخارى بسنده مرفوعا أن صاحب موسى هو الخضر .


      2. ما أنكره الإسلام وشهد بكذبه فهو باطل . اليهود تقول إذا جامعها من ورائها جاء الولد أحول فنزلت : (نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ ) وقوله تعالى "نساؤكم حرث لكم" قال ابن عباس: الحرث موضع الولد.
      "فأتوا حرثكم أنى شئتم" أي كيف شئتم إذا كان ذلك في الفرج أي القُبل وليس الدُبر لأن إتيان المرأة في الدبر حرام.وعن جابر بن عبد الله أن اليهود قالوا للمسلمين من أتى امرأة وهي مدبرة (في الفرج) جاء الولد أحول فأنزل الله "نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم" قال ابن جريج في الحديث. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "مقبلة ومدبرة إذا كان ذلك في الفرج".

      3. ما لم يقره الإسلام ولم ينكره يجب التوقف فيه لما رواه البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : كان أهل الكتاب يقرؤون التوراة بالعبرانية ويفسرونها بالعربية لأهل الإسلام فقال صلى الله عليه وسلم : لا تصدقوا أهل الكتاب ولا تكذبوهم وقولوا: ( آمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ) التحدث بهذا النوع جائز إذا لم يخش محذور لقوله صلى الله عليه وسلم : " بلغوا عني ولو آية ، وحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج ، ومن كذب على متعمدا فليتبوأ مقعده م النار "رواه البخاري.

      سؤال أهل الكتاب عن شئ من أمور الدين حرام لما رواه البخاري عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أنه قال : يا معشر المسلمين كيف تسألون أهل الكتاب عن شئ ، وكتابكم الذي أنزل الله على نبيكم صلى الله عليه وسلم أحدث الأخبار بالله محضا ، لم يشب ، وقد حدثكم أن أهل الكتاب قد بدلوا من كتاب الله ، وغيروا ، فكتبوا بأيدهم ، قالوا : هو من عند الله ؛ ليشتروا بذلك ثمنا قليلا أو لا ينهاكم ما جاءكم من العلم عن مسألتهم ؟ فلا والله رأينا رجلا منهم يسألكم عن الذي أنزل إليكم.


      موقف العلماء من الإسرائيليات:

      اختلفت موافق العلماء ولا سيما المفسرون من هذه الإسرائيليات على ثلاثة أنحاء :
      1. منهم من أكثر منها مقرونة بأسانيدها ورأى أنه بذكر أسانيدها خرج من عهدتها مثل ابن جرير الطبري.

      2. منهم من أكثر منها وجردها من الأسانيد غالبا فكان حاطب ليل مثل البغوي الذي قال ابن تيميه عن تفسيره : إنه مختصر من الثعلبي لكنه خاصته عن الأحاديث الموضوعية والآراء المبتدعة وقال عن الثعلبي : إنه حاطب ليل ينقل ما وجد في كتب التفسير من صحيح وضعيف وموضوع .

      3. منهم من ذكر كثيرا منها وتعقب البعض مما ذكره بالتضعيف أو الإنكار مثل ابن كثير.

      4. منهم من بالغ في ردها ولم يذكر منها شيئا يجعله تفسيرا للقرآن كمحمد رشيد رضا .
      [/TD]
      [/TR]
      [/TABLE]
      [/TD]
      [/TR]
      [/TABLE]


    • هاء التأنيث التي كتبت تاء مجرورة:)




      اعلم أن كل ما ذكر من هاءات التأنيث في الأسماء المفردة مرسوم بالهاء، أي: بالتاء المربوطة مثل: رسالة، سكرة، عالية، ويوقف عليه بالهاء إلا مواضع معينة رسمت بالتاء المجرورة، أي: المفتوحة ويوقف عليها بالتاء.
      وهي قسمان: قسم اتفقوا على قراءته بالإفراد، وقسم اختلفوا في إفراده وجمعه.
      فالمتفق على إفراده ثلاث عشرة كلمة، وهي: رحمت، ونعمت، وامرأت، وسنت، ولعنت، ومعصيت، وكلمت، وبقيت، وقرت، وفطرت، وشجرت، وجنت، وابنت، ولنشرع في بيانها مفصلة فنقول:
      1. رحمت:
      رسمت بالتاء المجرورة في سبعة مواضع وهي:
      يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللَّهِ بالبقرة.
      إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ بالأعراف.
      رَحْمَتُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ بهود.
      ذِكْرُ رَحْمَتِ رَبِّكَ بمريم.
      فَانْظُرْ إِلَى آثَارِ رَحْمَتِ اللَّهِ بالروم.
      أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ
      وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ كلاهما بالزخرف.
      وما عدا هذه المواضع السبعة مرسوم بالهاء مثل: وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ
      2. ونعمت:
      رسمت بالتاء المفتوحة في أحد عشر موضعا، وهي:
      وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمَا أَنْزَلَ بالبقرة.
      وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ بآل عمران.
      اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ بالمائدة.
      أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ
      وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا كلاهما بإبراهيم.
      وَبِنِعْمَتِ اللَّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ
      يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللَّهِ
      وَاشْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ الثلاثة بالنحل.
      أَلَمْ تَرَ أَنَّ الْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِنِعْمَتِ اللَّهِ بلقمان.
      يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ بفاطر.
      فَذَكِّرْ فَمَا أَنْتَ بِنِعْمَتِ رَبِّكَ بالطور.
      ورسمت بالهاء في غير هذه المواضع مثل: اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ الموضع الأول بإبراهيم.
      وكالثلاثة الأولى بالنحل، وهي:
      وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ .
      وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ .
      أَفَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ .
      3. وامرأت:
      رسمت بالتاء المجرورة في سبعة مواضع، وهي:
      إِذْ قَالَتِ امْرَأَتُ عِمْرَانَ بآل عمران.
      امْرَأَتُ الْعَزِيزِ موضعان بيوسف.
      امْرَأَتُ فِرْعَوْنَ بالقصص.
      امْرَأَتَ نُوحٍ
      امْرَأَتَ لُوطٍ
      امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ الثلاثة بالتحريم.
      فكلمة امرأة إذا أضيفت إلى زوجها فهي بالتاء المفتوحة.
      ورسمت بالهاء في غير هذه المواضع مثل:
      وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا .
      وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلالَةً أَوِ امْرَأَةٌ
      4. وسنت:
      رسمت بالتاء المجرورة في خمسة مواضع، وهي:
      فَقَدْ مَضَتْ سُنَّتُ الأَوَّلِينَ بالأنفال.
      إِلا سُنَّتَ الأَوَّلِينَ فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلا وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلا الثلاثة بفاطر.
      سُنَّتَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبَادِهِ بغافر.
      ورسمت في غير هذه المواضع بالهاء مثل: سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ بالأحزاب.
      5. ولعنت:
      رسمت بالتاء المجرورة في موضعين وهما:
      فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ بآل عمران.
      وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ اللَّهِ بالنور.
      ورسمت بالهاء في غير هذين الموضعين مثل:
      أَنْ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ بالأعراف.
      6. ومعصيت:
      رسمت بالتاء في موضعين، وهما وَمَعْصِيَتِ الرَّسُولِ كلاهما بالمجادلة.
      ولا ثالث لهما في القرآن الكريم.
      7. وكلمت:
      في قوله تعالى: وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنَى بالأعراف، اختلف فيها، واعتمد ابن الجزري رسمها بالتاء المجرورة.
      ورسمت بالهاء اتفاقا في غير هذا الموضع مثل: كَلِمَةً طَيِّبَةً .
      8. وبقيت:
      رسمت بالتاء المجرورة في موضع واحد، وهو قوله: بَقِيَّتُ اللَّهِ خَيْرٌ لَكُمْ بهود.
      وبالهاء في غيره مثل: وَبَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسَى بالبقرة.
      9. وقرت:
      رسمت بالتاء المجرورة في موضع واحد بالقصص وهو: قُرَّتُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ
      وبالهاء في غير ذلك مثل قُرَّةَ أَعْيُنٍ بالفرقان والسجدة .
      10. وفطرت:
      رسمت بالتاء المفتوحة في موضع الروم وهو: فِطْرَتَ اللَّهِ ولا ثاني له.

    • .11 وشجرت:
      رسمت بالتاء في موضع واحد وهو: إِنَّ شَجَرَتَ الزَّقُّومِ بالدخان، وبالهاء في غيره: مثل: عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ بطه.
      12. وجنت:
      رسمت بالتاء في موضع واحد وهو: وَجَنَّتُ نَعِيمٍ بالواقعة.
      وفي غيره بالهاء مثل: جَنَّةَ نَعِيمٍ بالمعارج.
      13. وابنت:
      رسمت بالتاء في موضع واحد بالتحريم وهو: وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ ولا ثاني له.
      وأما ما اختلف القراء في إفراده وجمعه فهو:
      غَيَابَتِ الْجُبِّ معا بيوسف.
      آيَاتٌ لِلسَّائِلِينَ بها –أيضا-.
      و: آيَاتٌ مِنْ رَبِّهِ بالعنكبوت.
      و: فِي الْغُرُفَاتِ بسبأ.
      و: عَلَى بَيِّنَتٍ مِنْهُ بفاطر.
      و: مِنْ ثَمَرَاتٍ بفصلت.
      و : جِمَالَتٌ صُفْرٌ بالمرسلات.
      وكلمت في قوله تعالى: وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلا بالأنعام.
      وقوله: كَذَلِكَ حَقَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ فَسَقُوا الأول بيونس.
      وقوله: إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَتُ رَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ الثاني بها.
      وقوله: وَكَذَلِكَ حَقَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا بغافر.
      فقد رسمت هذه المواضع التي اختلفوا في إفرادها وجمعها بالتاء المجرورة، بيد أنه وقع خلاف في "كلمت" بغافر وبيونس في الموضع الثاني، فرسمت في بعض المصاحف بالهاء، وفي بعضها بالتاء، وعليه العمل.
      هذا وقد رسموا بالتاء المجرورة ذَاتَ و مَرْضَاتِ حيث وقعا وكذا هَيْهَاتَ في موضعي المؤمنين، وَلاتَ حِينَ مَنَاصٍ بص، و اللاتَ بالنجم، ولفظ يَا أَبَتِ حيث وقع.
      فكل ما رسم بالتاء المفتوحة في هذا الباب يوقف عليه بها، وذلك عند الاضطرار، أو الاختبار، أو التعليم.