مع الانبياء ... تفاصيل جميع الانبياء بطريقة رائعة

    • اعتذر عن التأخير بسبب الإجازة ,,, الحمدلله نعود لنتابع مشوارنا
      مع حياااة الانبياااء ومع آخر رسول على وجه الأرض
      محمد أبن عبدالله
      صلى الله عليه وسلم
      //
      \\
      دعوة . قولوا

      لا اله الا الله محمد رسول الله
    • لا إله إلا الله محمدا رسول الله

      نبينا المصطفى قدوتي في حياتي

      أخوي دعنا نتحدث عن حياة نبينا الحبيب بشكل مفصل ..
      :)
      [SIZE=-0]
      â—ڈ
      [SIZE=-0][SIZE=-0]سسَ[SIZE=-0]أكَتــَفَيِ بَ [SIZE=-0][SIZE=-0][] الل[SIZE=-0][SIZE=-0]ـَہ[SIZE=-0][SIZE=-0] [] عَنَ آلججَميِعَ .. [SIZE=-0] â—ڈ https://twitter.com/a5ral3n8od_
    • بنت أبووووها كتب:

      لا إله إلا الله محمدا رسول الله

      نبينا المصطفى قدوتي في حياتي

      أخوي دعنا نتحدث عن حياة نبينا الحبيب بشكل مفصل ..
      :)


      رغم ضروف العمل ومشاااغل الحياااة
      لن تمنعنا من المواااصلة ان شاااء الله تعالى
      شكرا لج اختي

    • [h=1]محاولات كفار مكة لصد الدعوة الإسلامية (1- 2)
      [/h]

      في محاولات جادة لإيقاف المد الإسلامي فقد بدأ كفار مكة يأخذون خطوات عملية ومتدرجة في سبيل ضمان وتحقيق نتائج حاسمة وسريعة، وهي -وسبحان الله- نفس الخطوات التي تتكرر في كل زمان لنفس الأغراض، يقول :
      {أَتَوَاصَوْا بِهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ} [الذاريات: 53].

      وكانت المرحلة الأولى من مراحلهم في صد الدعوة الإسلامية ووقف المد الإسلامي هي مرحلة المحاولات السلمية، فعملوا على الآتي:


      [h=2]أولاً: تحييد موقف المساندين
      [/h]


      تحييد جانب المساندين، وبمعنى آخر سلب رسول الله من كل قوة قد تسانده أو تعضد موقفه، كان هذا هو أول فعل لكفار قريش في محاولاتهم لإيقاف المد الإسلامي الزاحف، وكان الوحيد الذي أعلن نصرته لرسول هو أبو طالب، فذهبوا إليه وقالوا له: "إن ابن أخيك هذا قد آذانا في نادينا ومسجدنا، فانهه عنا".


      ورغم موقف أبي طالب الثابت من دفاعه عن رسول الله إلا أنه كان قد تأثر بعض الشيء بكلام كفار قريش له، فذهب إلى رسول الله وقال له: "إن بني عمك هؤلاء زعموا أنك تؤذيهم في ناديهم ومسجدهم، فانتهِ عن أذاهم".


      وهنا رفع رسول الله بصره إلى السماء وقال: "تَرَوْنَ هَذِهِ الشَّمْسَ؟" قَالُوا: نَعَمْ. قَالَ: "فَمَا أَنَا بَأَقْدِرَ أَنْ أَدَعَ ذَلِكَ مِنْكُمْ عَلَى أَنْ تُشْعِلُوا مِنْهَا بِشُعْلَةٍ". فقال أبو طالب: والله ما كذب ابن أخي قط، فارجعوا راشدين.


      وإن هذا ليبرهن على أن صلابة الداعية وثقته في الله وفي دينه، وتعظيمه لأمر الأمانة التي يحملها ليلقي بآثاره وظلاله على من حوله، تلك الصلابة التي ما تبرح تنتقل انتقالاً طبيعيًّا من الداعية إلى أتباعه وإلى أحبابه ومقربيه بعد ذلك، حتى لكأنها قد انتقلت إلى أبي طالب وهو لم يؤمن.

      فقد كان أبو طالب منذ البداية مذبذبًا، لكنه حين رأى إصرار رسول الله وثباته على موقفه هذا جعله يرد أهل الكفر ويأبى إجابة طلبهم، رغم أنه لا يرجو جنة ولا يخاف نارًا، فكيف الحال إذن بالمؤمنين.


      ثم إن هذه الصلابة من الداعية -ولا شك- تؤثر سلبًا على أعدائه، فالعدو المدجج بالسلاح صاحب القوة والسلطان والتمكين حينما يرى داعية صلبًا، مستمسكًا بمبادئه وإسلامه فإنه ما يلبث يتزلزل كيانه ويتضاءل حجمه وينكمش أمام الداعية مهما كان في هيئته الخارجية ممكّنًا، وكلما رأيت العدو الذي أمامك يكثر من الحراسة والتحصينات والجيوش فاعلم علم اليقين أنه يخافك أكثر مما تخافه؛ فلا تهتز.

      ومن هنا فقد باءت المحاولة السلمية الأولى لكفار قريش في تحييد أو تخويف أبي طالب بالفشل، واستمر الرسول في دعوته.


    • [h=2]ثانيًا: استغلال الإعلام
      [/h]

      محاولة سلمية أخرى وهي متكررة على مر الزمان استغلها كفار قريش، وهي تعني استخدام إعلام ذلك العصر بكل أنواعه، وتطويعه لوقف المد الإسلامي في مكة، وبطريقة شبه منهجية، وقد استخدم كفار قريش تلك الوسيلة من خلال محاور عدة:

      [h=3]المحور الأول: تشويه صورة الداعية أمام الناس
      [/h]



      وكان ذلك بمنزلة حرب إعلامية، كان قد قام عليها الوليد بن المغيرة وأبو لهب وغيرهم ممن هم على شاكلتهم، فقد كوّنوا تحالفًا مشتركًا من قبائل عدة يحدوهم هدف واحد، وهو حرب الإسلام، فهذا أبو لهب من بني هاشم، وذاك الوليد بن المغيرة من بني مخزوم، على ما كان بينهما من عداء ظاهر.

      وفي مؤتمر كان قد ضمّ معظم الفصائل المكية، كان واضحًا أن الوليد بن المغيرة هو الذي يتزعمه؛ حيث قال: "يا معشر قريش، إنه قد حضر الموسم، وإن وفود العرب ستقدم عليكم وقد سمعوا بأمر صاحبكم هذا، فأجمعوا فيه رأيًا واحدًا، ولا تختلفوا فيكذِّب بعضكم بعضًا، ويردّ قولكم بعضه بعضًا".

      فقالوا: فأنت يا أبا عبد شمس، فقل وأقم لنا رأيًا نقول به.

      فقال الوليد: بل أنتم قولوا، أسمعُ.

      فقالوا: نقول كاهن.

      فقال الوليد: ما هو بكاهن؛ لقد رأيت الكهان فما هو بزمزمة الكاهن وسجعه.

      فقالوا: نقول مجنون.

      فقال: ما هو بمجنون؛ لقد رأينا الجنون وعرفناه، فما هو تخلقه ولا تخالجه ولا وسوسته.

      فقالوا: نقول شاعر.

      فقال: ما هو بشاعر؛ قد عرفنا الشعر برجزه وقريضه ومقبوضه ومبسوطه، فما هو بشاعر.

      قالوا: نقول ساحر.

      فقال: ما هو بساحر؛ لقد رأينا السُّحّار وسحرهم فما هو بنفثه ولا عقده.


      وسبحان الله! لم يستطيعوا أن يتبنوا قرارًا من الممكن أن يلقى قبولاً من الناس، على علمهم التام بافترائهم ما يقولون؛ إذ إن نظْمه أعجزهم أن يصفوه بما هو ليس أهل له، وكان الأولى لهم أن يعترفوا بإعجازه، وبنبوة الذي أنزل عليه ويتبعوه، ومن ثم تكون النجاة لهم في الدنيا والآخرة، ولكن انغلقت عقولهم وأفهامهم، وصاروا كمن ينفخ في رماد.

      فظلوا على كبرهم وعنادهم وقالوا: فما نقول يا أبا عبد شمس؟!


      فقال الوليد بن المغيرة: "والله إن لقوله لحلاوة، وإن أصله لعذق (النخلة)، وإن فرعه لجناة (ما يُجنى من الثمر)، وما أنتم بقائلين من هذا شيئًا إلا عرف أنه باطل، وإن أقرب القول أن تقولوا: ساحر جاء بقول هو سحر، يفرق بين المرء وأبيه، وبين المرء وأخيه، وبين المرء وزوجه، وبين المرء وعشيرته".


      فنزل فيه قول الله : {ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا * وَجَعَلْتُ لَهُ مَالاً مَمْدُودًا * وَبَنِينَ شُهُودًا * وَمَهَّدْتُ لَهُ تَمْهِيدًا * ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ * كَلاَّ إِنَّهُ كَانَ لِآيَاتِنَا عَنِيدًا * سَأُرْهِقُهُ صَعُودًا * إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ * فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ * ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ * ثُمَّ نَظَرَ * ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ * ثُمَّ أَدْبَرَ وَاسْتَكْبَرَ * فَقَالَ إِنْ هَذَا إِلاَّ سِحْرٌ يُؤْثَرُ * إِنْ هَذَا إِلاَّ قَوْلُ البَشَرِ * سَأُصْلِيهِ سَقَرَ} [المدَّثر: 11- 26].



      فمن سنن الله أن يقف الكافرون -وهم يعلمون أن هذا حق- يقفون ويحاربون الدعوة بكل طاقتهم، وإنهم -رغم هذا- لن يفلحوا في ذلك؛ لأن الله يحاربهم بنفسه.

      فقد كانت الإمكانات الإعلامية لرسول الله أقل بكثير من إمكانات الكافرين، ومع ذلك كان أمر الدعوة يصل إلى الناس، وذلك لأنه كان يصدع بالحق، وشتان بين الحق والباطل، وهي رسالة إلى كل الدعاة: لا يحبطَنَّك سطوة إعلام المحاربين لدعوة الله {وَلاَ يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَبَقُوا إِنَّهُمْ لاَ يُعْجِزُونَ} [الأنفال: 59].



    • [h=3]المحور الثاني: تشويه الدعوة ذاتها
      [/h]

      عن طريق الإعلام أيضًا استهدف كفار قريش تشويه دعوة الإسلام، وذلك عن طريق الطعن في أصل الرسالة، وإشاعة القول بأنه يدعو إلى خرافة ليست حقيقة، فإذا لم يكن هناك اعتراض على شخص الداعية فهناك اعتراض على ما يأتي به الداعية، فكان الإعلام في مكة يضرب تارة في شخص الرسول أو في شخص الداعية، وتارة أخرى يضرب في صلب الرسالة أو في الإسلام.


      فوصفوا ما أتى به بقولهم: {إِنْ هَذَا إِلاَّ إِفْكٌ افْتَرَاهُ وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آَخَرُونَ فَقَدْ جَاءُوا ظُلْمًا وَزُورًا} [الفرقان: 4]. وقالوا: {أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلاً} [الفرقان: 5].


      مع كونهم يعلمون أنه أُمِّيٌّ لا يقرأ، ومع أنهم يعلمون سيرة حياته كلها، وأنه ما غادر مكة إلا قليلاً، وأنه في هذه المرات القلائل لم يكن يغادرها بمفرده، فكيف تعلم كل هذا العلم، وكيف أتى بهذا القرآن؟!

      فقد وصف القرآن الكريم حالهم هذا بقوله I عنهم: {وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ} [النحل: 103].


      وإضافة إلى ذلك أيضًا، فقد عملوا على تشويه فكرة التوحيد التي قد تلقي بأثرها على بعض العوام فقالوا: {أَجَعَلَ الآَلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ} [ص: 5].



      ومثل ذلك أيضًا عملوا على تشويه فكرة البعث {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا هَلْ نَدُلُّكُمْ عَلَى رَجُلٍ يُنَبِّئُكُمْ إِذَا مُزِّقْتُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّكُمْ لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ * أَفْتَرَى عَلَى اللهِ كَذِبًا أَمْ بِهِ جِنَّةٌ بَلِ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ فِي العَذَابِ وَالضَّلاَلِ البَعِيدِ} [سبأ: 7، 8].




      [h=3]المحور الثالث: تشويه الدعوة نفسها[/h]



      كما قاموا أيضًا بتشويه أخلاقيات وطبائع هذا الدين، فأخذوا يشيعون عنه - على سبيل المثال - بأنه دين يفرق بين المرء وزوجه وبين المرء وأهله وهكذا، ولم يعلموا أنه ما جاء دين يجمع الناس ويوحد صفوفهم مثل دين الإسلام، دين يبغي توحيد الناس على أساس واحد متين، يستوي فيه أهل الأرض جميعًا وهو أساس العقيدة، وهذا ما كانت تأباه قريش.

      وهكذا يفعل أهل الباطل دائمًا، يتهمون الإسلام في ذاته، وكما يشوهون صورة الداعية يشوهون صورة الدين، فنرى -مثلاً- من يلصقون به وبأتباعه تهمة الإرهاب وهو عنها بريء، وما جاء دين يدعو إلى الرحمة ونشر السلام كدين الإسلام.

      كذلك يتهمونه بالجمود الفكري، وما جاء دين يدعو إلى التفكر وإعمال العقل كدين الإسلام، وأيضًا يتهمونه بالتخلف العقلي، وما جاء دين يدعو إلى التعلم والتفقه وعمارة الأرض كهذا الدين الخاتم.

      [h=3]المحور الرابع: إلهاء الناس بالباطل[/h]



      وهو محور غير مباشر إلا أن تأثيره كبير جدًّا، وهو يعني شَغلَ الناس بالباطل وإلهاءَهم عن الحق بكل أشكاله.

      فهم يعلمون أنه من الصعوبة على القلب المنشغل بالباطل أن يلتفت إلى دعوة إصلاحية أو إلى دعوة الحق، وأن غاية الصعوبة على الذي غرق في حياة اللهو والتفاهة والانحلال أن يهتم بدعوة جادة.

      وهي خطة قديمة لأهل الباطل، فحواها أن يقدموا للناس فنونًا مختلفة من المُلهيات، فيعيشون فيها حتى لا يبقى لديهم وقت ولا عقل ولا قلب يدرسون فيه مثل هذا الدين.



    • [h=3]محاولة النضر بن الحارث
      [/h]

      ومن كفار قريش من التفت إلى هذه الحيلة الشيطانية، وتولى ما يسمى بالإعلام المضاد لدين الإسلام وهو النضر بن الحارث لعنه الله، فقد قام بإعلام مضاد وبصورة غير مباشرة، حيث إنه لم يطعن مباشرة في دين الإسلام، لكن فقط عمل على تقديم مشهيات وملهيات للناس تشغلهم في يومهم وليلهم ونومهم وسباتهم.

      وقف النضر بن الحارث يحدث قريش عن خطته، فقال: "يا معشر قريش، والله لقد نزل بكم أمر ما أوتيتم له بحيلة بعد، قد كان محمد فيكم غلامًا حدثًا أرضاكم فيكم وأصدقكم حديثًا وأعظمكم أمانة، حتى إذا رأيتم في صدغيه الشيب، وجاءكم بما جاءكم به قلتم: ساحر، لا والله ما هو بساحر. وقلتم: كاهن، لا والله ما هو بكاهن. وقلتم: شاعر، لا والله ما هو بشاعر. وقلتم: مجنون، لا والله ما هو بمجنون. يا معشر قريش، فانظروا في شأنكم؛ فإنه والله لقد نزل بكم أمر عظيم".


      وهي مشكلة كبيرة عادة ما يقع فيها الذين يصدون الناس عن الدعوات الإصلاحية وبالأخص عن الإسلام، فإن الدعاة إلى الله عادة ما يكونون على صورة طيبة تفوق بكثير صورة أهل الباطل، من صفات الصدق والأمانة وأدب المعاملة والمروءة وحسن المنطق، مما يجعل من الصعوبة بمكان أن يقبل الناس طعنًا في شخص الداعية، وقد يكون من الصعوبة أيضًا أن يقبلوا طعنًا في الرسالة، التي تتوافق مع فطرة الناس جميعًا، إذن فليكن الإلهاء عن الحق هو السبيل الذي لا فكاك منه ولا بديل عنه.

      ومهما يكن من أمر، فقد قطع النضر بن الحارث لأكثر من أربعمائة وألف كيلو متر حيث الحيرة في العراق، وحيث البلاد الأجنبية التي يتعلم فيها فنًّا جديدًا على الناس، يستطيع به أن يلهي شعب مكة عما هم بصدده.

      ذهب النضر بن الحارث إلى هناك، وبذل المال والوقت والجهد والفكر، للصد عن سبيل الله، ولنشر الإباحية والمجون {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللهِ فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إلى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ} [الأنفال: 36].


      وفي الحيرة أخذ النضر بن الحارث يتعلم أحاديث ملوك الفرس، وأحاديث رستم واسفنديار، أخذ يتعلم أساطير فارسية، حكايات وروايات وقصص، تحمل كلها عوامل التشويق والإثارة وجذب الانتباه، وفيها تنشيط للشهوات وإباحية أحيانًا وغموض وتنطع أحيانًا أخرى، وصراع في أحيان ثالثة، ورومانسية في أحيان رابعة، وهزل وضحك أحيانًا خامسة، وهكذا فيها ما يوافق كل ذوق.

      وإلى مكة عاد النضر بن الحارث بهذا التنوير وبهذا التطور وبهذه الحضارة الجديدة؛ بغرض أن يرفع الناس في مكة إلى مستوى حضارات الفرس كما يزعم، ثم بدأ في حربه ضد رسول الله .

      فكان إذا جلس رسول الله مجلسًا جادًّا فيه الوقار وفيه ذكر الله وترغيب في جنته وترهيب من ناره، جلس على مقربة منه النضر بن الحارث يحدث بحديثه الهزلي، يمتّع الناس بروايته ويقول: "والله ما محمد بأحسن حديثًا مني".


      وفي جهد يحسد عليه لم يكتفِ النضر بذلك، بل اشترى مطربات وراقصات، وكلما سمع أن رجلاً قد مال قلبه إلى الإسلام سلط عليه المطربات والراقصات يلهينه عن سماع دعوة الحق وداعي الإيمان، وكلما نشط رسول الله نشط النضر بن الحارث.



      وقد نزل فيه وفي من على شاكلته قول الله : {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ * وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آَيَاتُنَا وَلَّى مُسْتَكْبِرًا كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْهَا كَأَنَّ فِي أُذُنَيْهِ وَقْرًا فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} [لقمان: 6، 7].


      وهكذا ظل أهل الباطل يتواصون بهذا المنهج، وهو شَغل الناس باللهو والباطل، وبالأخص في مواسم الطاعة وفترات زيادة الإيمان، ولعلنا بذلك نفهم أحداثًا كانت قد خفيت على بعضنا.

      نفهم مثلاً النشاط الإعلامي الرهيب الذي يتضخم في شهر رمضان المبارك، ذلك التكدس الضخم للأعمال الفنية الملهية عن أي شيء جاد في الحياة اليومية، والملهية عن الدين وغير الدين، حيث برامج حافلة على مدار الأربع والعشرين ساعة، وقنوات أرضية وفضائية لا حصر لها.

      ثم يأتي التنوع غير المسبوق في المعروض، وتأتي العروض الأُوَل من الأفلام والمسلسلات والمسرحيات والأغاني (فيديو كليب)، والرياضة والفوازير والبرامج الضاحكة، كل هذا في شهر رمضان، شهر الصيام والقيام والقرآن والزكاة والصدقة، والذي من المفترض أن يكون هو أكثر شهور السنة جدية وطاعة وقربًا من الله .

      فالطبيعي في هذا الشهر ألاّ يجد المؤمن وقتًا للأنواع المختلفة من العبادة والطاعة التي يريد أن يقوم بها، كما أنه من المفترض أن يكون قلب المؤمن فيه أكثر رقة واطمئنانًا وإيمانًا وقربة من الله تعالى، فالشياطين مصفدة، والمساجد ملأى، وأبواب البر والخير مفتوحة ومضاعف ثوابها، وأعوان الخير كثر.

      ومهما يكن من أمر فإن مثل هذه الثروة الإيمانية في قلب المؤمن لفتت أنظار أهل الباطل، فتحركوا بنشاط أكبر وجهد مضاعف في هذا الشهر الكريم، وهو أمر لم يعد يخفى على عاقل، وعلى أهل الإيمان أن يحذروا، فخطة وحيلة النضر بن الحارث القديمة ما زالت تتجدد وترى النور بين المسلمين.


      [h=3]التشابه بين موقف اليهود وموقف النضر بن الحارث في العصر الحديث[/h]



      وبموقف النضر بن الحارث نستطيع أن نتفهم ما فعله اليهود الآن في أرض فلسطين، فحينما شاهد اليهود تعاطفًا كبيرًا من الشعب مع الانتفاضة، وشاهدوا قربًا من الله تعالى، وشاهدوا عمليات استشهادية وإصرارًا على الجهاد، وشاهدوا دعاءً وتضرعًا وابتهالاً، عندما شاهدوا كل ذلك فكروا بعقل النضر بن الحارث، واستخدموا حيلته وطبقوا خطته، ولكن بطريقة عصرية.


      فقد أذاعوا على كل المحطات في فلسطين أفلامًا إباحية جنسية مخلة، وذلك في كل فترات اليوم تقريبًا، ودونما اشتراك أو كلفة، فقد علموا أنه لو شُغل الشباب في هذا اللهو الباطل والحرام فلا شك أنهم سيبتعدون عن الله، وهم يعلمون أنهم لو ابتعدوا عن الله وعن نهج الإسلام فلا شك أنهم سيهزمون.


      إذن فقد حارب النضر بن الحارث الإسلام بطريقة ما زالت تطبق إلى يومنا هذا، وستظل تطبق إلى يوم القيامة، وصدق الله العظيم إذ يقول: {أَتَوَاصَوْا بِهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ} [الذاريات: 53].



    • شكرا لكم جميعااا
      سنواصل المتابعة بأذن الله تعالى يوم السبت
      وان لم نلتقي سامحوني
      والعلم بيد الله وحده
      :)
    • فخر السلطنة كتب:



      رغم ضروف العمل ومشاااغل الحياااة
      لن تمنعنا من المواااصلة ان شاااء الله تعالى
      شكرا لج اختي




      إن شاءالله
      وأكيد احنا معك لما نكون فاضيين بإذن الله
      :)

      [SIZE=-0]
      â—ڈ
      [SIZE=-0][SIZE=-0]سسَ[SIZE=-0]أكَتــَفَيِ بَ [SIZE=-0][SIZE=-0][] الل[SIZE=-0][SIZE=-0]ـَہ[SIZE=-0][SIZE=-0] [] عَنَ آلججَميِعَ .. [SIZE=-0] â—ڈ https://twitter.com/a5ral3n8od_
    • [h=1]محاولات أهل مكة لصد الدعوة الإسلامية 2- 2
      [/h]

      [h=2]استخدام الحرب النفسية
      [/h]
      كغيرها من الوسائل التي اتبعها الكفار في حرب الإسلام فقد شن كفار قريش حربًا نفسية على المسلمين حتى لا يشعروهم براحة أو يقر لهم قرار، وقد تمثلت هذه الحرب في أشكال ضغوط نفسية من قبل الأهل والأقارب على أبنائهم وذويهم حتى يتركوا الإسلام، فاجتمع أهل الكفر وأعلنوا في مكة أنه على كل أب وعلى كل أم وعلى كل شيخ قبيلة أن يتصدى لأبنائه وذويه ممن اتبعوا محمد بن عبد الله .

      وذلك -كما يرون- من أجل مصلحة الابن الذي خرج عن دين الآباء، وأيضًا من أجل مصلحة الأب حتى يظل محتفظًا بمكانه في مكة، وقد كانت لهجة أهل السلطان في مكة تحمل تهديدًا خفيًّا وأحيانًا صريحًا.

      وكان ممن حورب بذاك السلاح النفسي سعد بن أبي وقاص ، فقد حاولت أمه أن تثنيه عن الإيمان بكل طرق الترغيب والترهيب، ولكن محاولاتها باءت بالفشل.


      [h=3]
      تعذيب سعد بن أبي وقاص من أمه
      [/h]

      فلجأت إلى وسيلة جديدة معتقدة أنه لن يجدي مع ذاك الابن الذي فارق دين الآباء غيرها، فأعلنت الإضراب عن الطعام والشراب حتى يرجع سعد عن دينه، حرب وضغط نفسي كبير على ذلك الشاب الذي لم يجاوز العشرين ربيعًا، ورغم ذلك فقد ثبت ، ووقف أمامها وقد أشرفت على الهلاك يقول لها في يقين وإصرار: تعلمين والله يا أُمَّهْ لو كانت لك مائة نفس، فخرجت نفسًا نفسًا، ما تركتُ ديني هذا لشيء، فكلي إن شئت أو لا تأكلي!


      وأمام هذا الإصرار النابع من إرادة داخلية جادة، وليس فقط مجرد إعلان التحدي، أو مجرد رد فعل طبيعي أكلت الأم وبقي سعد مسلمًا.


      [h=3]
      تعذيب
      مصعب بن عمير من أمه
      [/h]

      ومثل موقف سعد كان موقف مصعب بن عمير ، فقد استخدمت معه أمه هذا الضغط النفسي أيضًا في محاولة يائسة منها لتثنيه عن موقفه من الإيمان بالله ورسوله.


      وكان مصعب من أنعم فتيان قريش، فقد كانت أمه ذات ثروة وغنى، وقد وفرت له من أسباب الرفاهية والتنعم في مكة ما لم يتوفر لغيره من الفتيان، فكانت تأتي له بالعطر من الشام، والملابس من اليمن.


      وحين آمن منعت عنه كل ذلك، واضطرته إلى حياة الكد والتعب والخشونة، بل وطردته من بيتها معتقدة أن مثل هذا سيجدي معه.

      وعلى هذا الحال الذي لم يكن معتادًا عليه ظل مصعب بن عمير ثابتًا على موقفه من الإيمان، حتى لقد تخشف جلده مثل تخشف الحية، وكان الصحابة يبكون لحاله التي صار عليها.


      وقريب من ذلك أيضًا ما حدث مع عثمان بن عفان ، فقد كان عمه يلف حوله الحصير ثم يشعل النار من تحته حتى يكاد يختنق، لكن ذلك أيضًا لم يثنِه عن إيمانه.


      وبعيدًا عن محاولات الأهل والآباء والأمهات هذه فقد كان لرءوس القوم في مكة الدور البارز في هذا المجال، فكان أبو جهل -لعنه الله- يمر بنفسه على أهل مكة مهددًا وموعدًا من كان في بيته مسلم بالخسارة الفادحة في المال والجاه.

      وكان يطرد من العمال من شك في أنه أسلم، وأيضًا كان يضغط على كبراء مكة كي يضيقوا اقتصاديًّا على المسلمين، في محاولة لئلاّ يجد الرجل وقتًا للإسلام، ويظل كل همه تحصيل لقمة العيش، فمن لم تقنعه الكلمات أقنعه البحث عن اللقيمات.


    • [h=2]رسول الله والحرب النفسية
      [/h]

      لم يسلم رسول الله أيضًا من هذه الضغوط النفسية وتلك الحرب، فقد كان أبو لهب -لعنه الله- قد زوَّج ولديه عتبة وعتيبة من ابنتي رسول الله رقية وأم كلثوم، وحين أعلن رسول الله أمر الإسلام أراد أبو لهب أن يكيد لرسول الله ويحمّله همَّ ابنتيه، فأمر ولديه أن يطلقاهما -وهما بعدُ لم يدخلا بهن- ففعلا.

      ولا شك أن فكر رسول الله سوف يُشغل بهذه القضية، كما أن صورته قد تهتز في مكة كلها، فهذا لا يرضى لأبنائه أن يتزوجوا من بنات رسول الله ، وقد كان لمثل هذا آنذاك وقع -أي وقع- على من كان في موقفه .

      [h=2]رسول الله وأم جميل[/h]

      وقد وصل الأمر غايته حتى كان للنساء أيضًا دور كبير في هذه الحرب وتلك المضايقات التي لم يسلم منها رسول الله ، فقد كانت زوجة أبي لهب أم جميل أروى بنت حرب - وكانت امرأة سيئة - تحمل الشوك وتضعه أمام بيت رسول الله ليقع فيه.

      ولم تكتف بذلك، فقد خرجت ذات مرة تريد أن تضرب رسول الله ، وكان جالسًا مع أبي بكر الصديق في الكعبة، فجاءت هذه المرأة تحمل في يدها فهر من الحجارة (ملء كفها) تريد أن تضربه بها، وحين ذهبت إليه أخذ الله ببصرها عن رسول الله فلم تر إلا أبا بكر، فقالت له: "أين صاحبك؟ قد بلغني أنه يهجوني".


      وكان قد نزل قوله تعالى: {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ * مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ * سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ * وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الحَطَبِ * فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ} [المسد: 1- 5].


      ثم قالت: "والله لو وجدته لضربت بهذا الفهر فاه".


      وقد تعدى الأمر مداه حتى كان أهل مكة يتطاولون على رسول الله وهو في داخل بيته، فكان إذا صلى في فناء منزله قاموا بإلقاء رحم الشاة عليه من أعلى السور حتى يصيبه الأذى، حتى إنه كان يصلي وراء حجر يستتر به من قاذورات قريش.

      وفي محاولات منه لوقف تصرفاتهم تلك كان رسول الله يحمل هذه الأوساخ ويخرج بها من بيته يخاطب عقول وقلوب قريش يقول: "يَا بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ، أَيُّ جِوَارٍ هَذَا؟!"


      يحاول رسول الله أن يذكرهم بحقوق الجيرة والجوار، التي طالما تشدقت بها قريش، وطالما تحدثت عن حفظها لحقوق الإنسان، ثم ها هي تحارب أعظم رجالاتها وخيرة أبنائها حين أعلن كلمة الإيمان.

      [h=2]طلب الأمور المعجزة[/h]

      من باب الجدل والمراء استخدم أهل الباطل وسيلة أخرى في محاولة منهم لحرب الإسلام وصد الدعوة الإسلامية، وهي طلب الأمور المعجزة لا من باب الإيمان أو الاقتناع، وإنما من باب الجدل والمراء.

      فقد أتى لهم رسول الله بمعجزة عظيمة خالدة، يدرك قيمتها كل عربي تمكن من عربيته وهي القرآن الكريم، وكان التحدي به صارخًا حين قال : {وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ * فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ} [البقرة: 23، 24].


      فلم تستطع قريش -ولو لمرة واحدة- أن تعارض القرآن الكريم، ورغم ذلك ومع علمهم بصدقه ، ومع علمهم بعجزهم وضعفهم أخذوا يطلبون المعجزات الأخرى من باب الجدل.


      فطلبوا -على سبيل المثال- شق القمر، وفي معجزة باهرة وقف رسول الله وأشار بيده إلى القمر فشُقَّ إلى نصفين، نصف على جبل ونصف على جبل آخر، ورغم ذلك قالوا كاذبين: سحركم محمد!


      وقد حاول أحدهم أن يكون واقعيًّا بعض الشيء فطلب منهم أن يسألوا القادمين من السفر، متعللاً بأنه لو كان قد سحرنا فلن يكون قد سحر هؤلاء، وحين قدم المسافرون سألهم أهل قريش على ما رأوا، فكان الجواب أنهم رأوا القمر وقد شق في ذات الليلة وذات التوقيت الذي كانوا قد رأوه فيه، ورغم ذلك ولأنهم ما طلبوا الآيات رغبة في التصديق وإنما طلبوها لمجرد الجدل والمراء قالوا مكررين: هذا سحر مستمر.

      وقد وصل الأمر إلى أن قالوا لرسول الله ما حكاه عنهم القرآن الكريم: {وَقَالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الأَرْضِ يَنْبُوعًا * أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الأَنْهَارَ خِلاَلَهَا تَفْجِيرًا * أَوْ تُسْقِطَ السَّمَاءَ كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفًا أَوْ تَأْتِيَ بِاللهِ وَالمَلاَئِكَةِ قَبِيلاً * أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِنْ زُخْرُفٍ أَوْ تَرْقَى فِي السَّمَاءِ وَلَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَابًا نَقْرَؤُهُ قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنْتُ إِلاَّ بَشَرًا رَسُولاً} [الإسراء: 91- 93].


      وإن كل ما أرادوه هذا منه هو أقل من معجزة القرآن الكريم إلا أنهم لم يريدوا أن يؤمنوا؛ إذ نية التصديق والاقتناع غير متوفرة، يصف حالهم هذا فيقول: {وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَابًا مِنَ السَّمَاءِ فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ * لَقَالُوا إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَسْحُورُونَ} [الحجر:14، 15].



    • [h=2]السخرية والاستهزاء بالمؤمنين
      [/h]

      في تنحية لجانب المنطق والعقل وإقامة الحجة والبرهان استخدم أهل الباطل واحدة من أقبح وسائلهم في حربهم ضد المسلمين، وهي تعمد السخرية منهم والاستهزاء بهم.


      يصف حالهم فيقول: {إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُوا مِنَ الَّذِينَ آَمَنُوا يَضْحَكُونَ * وَإِذَا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ * وَإِذَا انْقَلَبُوا إلى أَهْلِهِمُ انْقَلَبُوا فَكِهِينَ * وَإِذَا رَأَوْهُمْ قَالُوا إِنَّ هَؤُلاَءِ لَضَالُّونَ * وَمَا أُرْسِلُوا عَلَيْهِمْ حَافِظِينَ} [المطَّففين: 29- 33].


      وكان إذا جلس رسول الله وحوله المستضعفون من أصحابه استهزأ بهم المشركون وقالوا: {أَهَؤُلاَءِ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنِنَا} [الأنعام: 53].


      وإذا دخل عليهم فقراء المسلمين قالوا سخرية واستهزاءً: هؤلاء ملوك الأرض؛ وذلك أن رسول الله كان يقول لهم: قولوا كلمة واحدة (لا إله إلا الله)، تملكوا بها العرب والعجم.


      [h=3]عقبة بن أبي معيط ورسول الله[/h]

      وفي ذات مرة كان قد علم أُبيّ بن خلف أن صاحبه عقبة بن أبي معيط قد جلس إلى النبي وسمع منه، فاعتقد أُبيّ أنه قد آمن، فغضب وعاتب عقبة الذي لم يؤمن بعدُ. ولكي يصدقه في أنه لم يؤمن طلب منه أن يتفل (يبصق) في وجه رسول الله ، وفعل عقبة - لعنة الله عليه - ذلك، هكذا فعلوا مع أحب الخلق إلى الله !!


      [h=2]أساليب الكفار في الصد عن سبيل الله[/h]

      كانت هذه هي المرحلة الأولى من المواجهة وهي المواجهة السِلْميّة نسبيًّا، ورأينا كيف تعددت فيها أساليب الصد عن سبيل الله، وهذا مجملها:


      1- تحييد المساندين.


      2- استخدام الإعلام لوقف المد الإسلامي على ثلاثة محاور، هي:

      - تشويه صورة الدعاة أمام الناس.

      - تشويه الدعوة أمام الناس.

      - شغل الناس بالباطل وإلهاؤهم بالإباحية.


      3- الحرب النفسية على المسلمين.


      4- طلب المعجزات من باب الجدل.


      5- السخرية والاستهزاء.



    • [h=1]سلاح التعذيب والتنكيل بالمسلمين
      [/h]

      في محاولات جادة لإيقاف المد الإسلامي بدأ كفار مكة يأخذون خطوات عملية ومتدرجة في سبيل ضمان تحقيق نتائج حاسمة وسريعة، كانت المرحلة الأولى من مراحلهم في صد الدعوة الإسلامية ووقف المد الإسلامي هي مرحلة المحاولات السلمية التي تحدثنا عنها في المقالات السابقة، وأعقب المحاولات السابقة محاولات أخرى من نوع آخر تتناسب وطبيعة المرحلة الجديدة التي يعيشها المسلمون، خاصةً أنه ورغم ما تقدم كانت قد زادت حركة الدعوة في مكة، وقويت شوكة المسلمين وكثر عددهم نسبيًّا، وهنا شعر أهل الباطل أن الأمر من الممكن أن يتفلت من أيديهم، فأقدموا على تنازلات كبيرة للمسلمين.

      [h=2]مفاوضات ومساومات [/h]

      أمام قوة ناشئة تكبر أمام أعينهم يوما بعد يوم، أقدم أهل الباطل في مكة على عقد مفاوضات ومساومات مع رسول الله في محاولة للالتقاء -كما يقولون- في منتصف الطريق، وكما يقول تعالى: {وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ} [القلم: 9]. فكان أن قدموا اقتراحين:



      [h=3]- الاقتراح الأول[/h] وهو اقتراح سفيه جدًّا من حكماء قريش، طالبوا فيه بعمل عبادة مشتركة، فقالوا: يا محمد، هلم فلنعبد ما تعبد، وتعبد ما نعبد، فنشترك نحن وأنت في الأمر، فإن كان الذي تعبد خيرًا مما نعبد كنا قد أخذنا بحظنا منه، وإن كان ما نعبد خيرًا مما تعبد كنت قد أخذت بحظك منه!!

      ويُعدّ هذا مفهومًا مغلوطًا تمامًا عن الألوهية والعبودية، وتفكير طفولي وسطحي ساذج من حكماء قريش؛ إذ يعني أن نعبد عشرة أو عشرين إلهًا، لعل الصحيح أن يكون من بينهم!

      [h=3]- الاقتراح الثاني[/h] وكان على ذات المستوى من السطحية، وقد تقدم به بعض المشركين يريد أن يكون هناك ما يسمى بعبادة التناوب.

      وهذا يعني أن يعبدوا إله محمد عامًا، ثم يعبد هو إلههم عامًا آخر وهكذا. وهنا نزل قول الله يقطع الطريق تمامًا على مثل هذه المفاوضات الطفولية: {قُلْ يَا أَيُّهَا الكَافِرُونَ * لاَ أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ * وَلاَ أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ * وَلاَ أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدْتُمْ * وَلاَ أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ * لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ} [الكافرون: 1- 6].



      وهي المرة الوحيدة التي خاطب فيها الله الكافرين بقوله: {قُلْ يَا أَيُّهَا الكَافِرُونَ}؛ وذلك ليقطع السبيل تمامًا على كل كافر من شأنه أن يساوم المؤمنين على أمر العقيدة، ومن ثَمَّ فقد أغلق الباب تمامًا على هذه المفاوضات الهزلية.


    • [h=2]سلاح الضعيف والتنكيل بالمؤمنين
      [/h]

      بعد ما سبق لم تجد قريش إلا أن تلجأ إلى السلاح المعتاد في أيدي أهل الباطل، وهو ملجأهم ومفزعهم حين يجدوا صلابة في الصف المؤمن، إنه سلاح الإيذاء والتعذيب والتنكيل.



      ولا شك أن هذا السلاح هو سلاح الضعفاء، وليس كما يظن البعض أن القوة كما هي ظاهرة في أيديهم وأنهم أقوى من المسلمين؛ إذ إنهم يخفون وراء سيوفهم ووراء سِياطهم يخفون ضعفًا شديدًا في نفوسهم، يخفون ضعفًا في العقيدة، وضعفًا في الإيمان، وضعفًا في الحجة والبرهان، وضعفًا في الحكمة والرأي، وضعفًا في الضمير، وضعفًا في الأخلاق.



      وإن سلوك التعذيب والبطش والظلم والإجرام هو منطق من لا منطق له، ولا نتخيل -مجرد التخيل- كيف لإنسان -أي إنسان- أن تقبل نفسه أو تقبل فطرته أن يرى إنسانًا يعذب أمامه، أو يشارك هو في تعذيبه، أو يأمر هو بتعذيبه! كيف انحطت البشرية إلى هذا المستوى المتدني من فساد الفطرة؟!



      إن الإنسان السويّ يكاد ينخلع قلبه حين يرى حيوانًا يتألم، فكيف بالإنسان؟! كيف لإنسان أن يصلب إنسانًا ثم يلهب ظهره بالسياط؟! كيف لإنسان أن يحبس إنسانًا بلا جريرة ولا ذنب؟!



      وإذا كان الإسلام قد حرّم على الإنسان أن يحبس هرة، فكيف بحبس الإنسان مع ما يترتب على ذلك من تداعيات خطيرة في المال والأهل والولد نتيجة هذا الحبس الجزافي الجائر!!



      وقد حرم الإسلام على الإنسان أن يقذف طائرًا بحصاة قد لا تؤثر فيه لدرجة القتل؛ وذلك لما في هذا من تعذيب للطائر، وحرم الإسلام على الإنسان أن يشق على الحيوان في ذبحه؛ حيث قال : "إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ الإِحْسَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ، فَإِذَا قَتَلْتُمْ فَأَحْسِنُوا الْقِتْلَةَ، وَإِذَا ذَبَحْتُمْ فَأَحْسِنُوا الذِّبْحَةَ، وَلْيُحِدَّ أَحَدُكُمْ شَفْرَتَهُ، وَلْيُرِحْ ذَبِيحَتَهُ".



      هذا مع الحيوان الذي يذبح، فكيف بمن يصلب إنسانًا ثم يُلهب ظهره بالسياط؟! كيف بمن يُطفئ في جسد إنسان أعواد وأسياخ النار؟! كيف بمن يقلع أظافر إنسان وهو ينظر إليه، عينُه في عينِه؟!



      كيف بمن يحبس إنسانًا أيامًا وشهورًا بل وسنوات، مع كل ما يترتب على ذلك من أحداث وآلام لأسرته (زوجته وأولاده وأمه وأبيه) بلا جريرة ولا ذنب إلا كما قال الله : {وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللهِ العَزِيزِ الحَمِيدِ} [البروج: 8].



      ومهما كان من أمر فقد قست قلوب الكافرين وانطلقوا يفترسون المؤمنين والمؤمنات في نقطة سوداء في تاريخ البشرية كلها، حدثت في مكة وتتكرر اليوم وإلى يوم القيامة، يصدق فيهم قوله تعالى: {ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً} [البقرة: 74].



      [h=3]قصة بلال بن رباح وأمية بن خلف[/h]



      بلال وأَحدٌ أحدٌ، كان ممن تلظى بسلسلة مضنية من التعذيب وعلى يد أمية بن خلف. بلالُ بن رباح ، حيث ذاق تعذيبًا بدنيًّا ومعنويًّا لا يكاد ينقطع.



      - كان أمية بن خلف يضع في عنقه حبلاً، ثم يأمر أطفال مكة أن يسحبوه في شوارعها وجبالها، حتى كان يظهر أثر الحبل في عنقه.



      - كان أيضًا يمنع عنه الطعام حتى يكاد يهلك جوعًا.



      - وكان يأخذه إذا حميت الظهيرة فيطرحه على الصخور والرمال الملتهبة في صحراء مكة، ثم يأمر بالصخرة العظيمة لا يقوى على حملها إلا مجموعة من الرجال، فتوضع على صدره، ثم يقول له: لا والله لا تزال هكذا حتى تموت أو تكفر بمحمد وتعبد اللات والعزى.



      ألم، وجراح، ودماء، وفي ذات الوقت كان من بلال صبر، وعزم، ويقين، بل وأمل في أن هذه -ولا شك- دورة سريعة من دورات الباطل، لا محالة تسلم الراية بعدها وفي النهاية للمؤمنين.



      كانت توجعات وآهات بلال في كل ذلك ليست إلا: أحدٌ أحدٌ.



      وحين سُئل: لماذا هذه الكلمة بالذات؟! أجاب: لأنها كانت أشد كلمة على الكفار، فكان بلال بن رباح يريد أن يغيظهم بها.



      وفي صبر عجيب ظل بلال في هذا التعذيب حتى اشتراه أبو بكر الصديق ثم أعتقه بعد ذلك. ومرت الأيام ونُسي الألم، ولكن بقي الأجر، فكانت قاعدة: يذهب الألم ويبقى الأجر إن شاء الله.



    • صبرًا آل ياسر






      كان ياسر وزوجه سمية -رضي الله عنهما- والدا عمار بن ياسر ، قد دفعهما القدر لأن يقعا تحت يدي رأس الكفر نفسه، أبي جهل لعنه الله، فعذبهما أبو جهل تعذيبًا شديدًا، وقد زاد العذاب وتجاوز الأمر الحدود حتى وصل إلى إزهاق أرواحهما، فقُتل ياسر، وقُتلت سمية رضي الله عنهما، قُتِلا في بيت الله الحرام جرَّاء التعذيب والتنكيل.



      ما ذنبهما أن يعذبا حتى تزهق أرواحهما؟! بأي ذنب قتلا؟! أريد أن يجيبني كل من سَلّح يده بكرباج أو سياط، ما ذنبهما؟! ما جريرتهما؟! اللهم ليس إلا {أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ} [النمل: 56].



      ومن أرض مكة إلى روضة من رياض الجنة كان قد طمأنهم رسول الله بقوله: "صَبْرًا آلَ يَاسِرٍ، فَإِنَّ مَوْعِدَكُمُ الْجَنَّةُ".



      ستمر الأيام سريعًا، وستمر أيام القبر، قُتل ياسر وقُتلت سمية، ومن بعدهما قُتل أبو جهل، وترى من الفائز في النهاية؟ القاتل أم المقتول؟



      سيأتي يوم عظيم، يوم يقوم الناس لرب العالمين، في هذا اليوم سيأتي كل الذين عذبوا المسلمين على مر العصور، يغمسون غمسة واحدة في نار جهنم، من بعدها بل وفي أثنائها سيكتشف هؤلاء الهمجيون -أمثال أبي جهل وأمية بن خلف وعتبة بن ربيعة، وغيرهم ممن سار على نهجهم- أن العذاب الذي جربوه في الدنيا على غيرهم على عظمه ليس إلا أمرًا يسيرًا هيّنًا، بل لا يكاد يعدل شوكة.



      غمسة واحدة في نار جهنم ستنسيهم سعادة الدنيا جميعًا، فما البال بالخلود! وما الخطب بالعذاب المقيم في جهنم!



      وفي نفس الوقت سيأتي بلال وياسر وسمية ومن سار على نهجهم، والذين عُذبوا في سبيل الله، سيأتي هؤلاء ويغمسون غمسة واحدة في الجنة وسوف ينسون شقاء الدنيا كلها.



      أي جهل وغباء وحماقة يعاني منه أولئك المعذِّبون لغيرهم؟! {أَلاَ يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ * لِيَوْمٍ عَظِيمٍ} [المطففين: 4، 5]، {أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لاَ تُرْجَعُونَ} [المؤمنون: 115].



      في أي شرع، وفي أي ملة، وفي أي قانون يُعذب الإنسان للاعتراف بشيء ما، سواءٌ أكان فعله أم لم يفعله؟



      لكن هذا ما كان يحدث في مكة، وهذه هي سنة الحياة.



      خباب بن الأرت وظهر مليء بالحُفَر





      صورة مشرقة أخرى من صور الصبر على التعذيب، كان قد رسمها خباب بن الأرَتّ . فقد كان المشركون يجرونه من شعره ، وكانوا يضعونه على الفحم الأحمر الملتهب، ثم يضعون الصخرة العظيمة على صدره حتى لا يستطيع أن يقوم.



      وظل خباب بن الأرت على هذا الحال حتى صار ظهره مليئًا بالحفر من الفحم الملتهب الذي كانوا يطرحونه عليه.



      صبر خباب وتحمل وما بدَّل وما غيَّر؛ فالطريق طويل وشاق، ولكن يذهب الألم ويبقى الأجر إن شاء الله.



      كما حدث مع سمية حدث أيضًا مع زِنِّيرة والنهدية وابنتها وأم عبيس، رضي الله عنهن أجمعين. وقد تحولت مكة إلى سجنٍ كبير تهان فيه الإنسانية، ويرتع فيه وحوش الكفر.



    • ما شااااء الله.. وصلت للختاااااام... مع الحبيب صلى الله عليه وسلم...

      الحديث عن سيد و امام المرسلين يطول ويطول...

      واذا سمح لي اخي فخر..ساضيف رابط برنامج مع الحبيب...لاننا تحدثنا فيه عن سيرة الرسول كاملة...

      هنـــــــا

      و متابعين سرد السيرة للكامل...
    • فديناك بأرواحنا وبكل ما نملكـ حبيبنا المصطفى
      [SIZE=-0]
      â—ڈ
      [SIZE=-0][SIZE=-0]سسَ[SIZE=-0]أكَتــَفَيِ بَ [SIZE=-0][SIZE=-0][] الل[SIZE=-0][SIZE=-0]ـَہ[SIZE=-0][SIZE=-0] [] عَنَ آلججَميِعَ .. [SIZE=-0] â—ڈ https://twitter.com/a5ral3n8od_
    • [h=1]سنن الله وحكمته في الابتلاء
      [/h][h=2]سنن الله
      [/h]

      بعدما رأينا صور التعذيب الوحشية التي تعرض لها المسلمون المستضعفون في مكة، يبرز سؤال يكاد يكون ملحًّا: ألم يكن ممكنًا أن يؤمن أهل مكة جميعًا ولا تحدث مثل تلك المجازر الضارية كتلك التي حدثت، ولا يعذب المؤمنون هذا التعذيب الشرس؟

      إن الله قادر على نصر المؤمنين دونما ألم، وقادر على هداية الناس أجمعين، فلماذا إذن هذا الإيذاء الوحشي؟

      وحقيقة الأمر أن هناك سنتين من سنن الله تبرزان أمام أعيننا عند الإجابة على هذا السؤال:


      [h=3]السُّنَّة الأولى
      [/h]

      هي أن حرب الحق والباطل حرب حتمية، بمعنى أنه لا يوجد زمان يختفي فيه الباطل كُلِّيَّةً، ويصبح الحق مُمكّنًا دون منازع.

      وهي سنة من سنن الله ، يقول تعالى: {هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنْكُمْ كَافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ وَاللهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} [التغابن: 2]. ويقول أيضًا: {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ} [هود: 118].



      فمهما فعل الدعاة، ومهما بذلوا من جهد، ومهما أتقنوا الإبلاغ، سيظل هناك كافرون ومحاربون للدعوة.

      مهما تغيرت الظروف، ومهما تغيرت الأزمنة، ومهما تغيرت الأمكنة سيظل هناك صدّ عن سبيل الله، وإذا فقه الدعاة هذه السُّنة فإنهم سيستريحون؛ لأنه لن تكون هناك مفاجأة، وإذا كان الأمر متوقعًا فإن الإنسان لا يصيبه الإحباط، بعكس من ينظر إلى الأمور بنظرة مثالية وردية غير واقعية؛ فإنه عندما يرى الناس يخالفون وينحرفون فإن ذلك سرعان ما يحبطه، فيدخله اليأس والفتور، وهذا داء خطير يصاب به كثير من المسلمين.


      [h=3]السُّنة الثانية
      [/h]



      وهي أن المؤمنين جميعًا سيبتلون، ولن ينجو أحد من هذا الأمر، ستبتلى الأمة المؤمنة بصفة عامة، وسيبتلى كل فرد من أفراد الأمة المؤمنة بصفة خاصة، ولن يكون هناك استثناءات،


      يقول تعالى: {أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آَمَنَّا وَهُمْ لاَ يُفْتَنُونَ * وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الكَاذِبِينَ} [العنكبوت: 2، 3].


      ويقول أيضًا: {أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ البَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللهِ أَلاَ إِنَّ نَصْرَ اللهِ قَرِيبٌ} [البقرة: 214].


      ويقول : {أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ} [آل عمران: 142].



      بل إنه كلما زاد إيمان المرء زاد بلاؤه واختباره؛ وقد روى الترمذي في ذلك عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيُّ النَّاسِ أَشَدُّ بَلاَءً؟ قَالَ: "الأَنْبِيَاءُ، ثُمَّ الأَمْثَلُ فَالأَمْثَلُ، فَيُبْتَلَى الرَّجُلُ عَلَى حَسَبِ دِينِهِ، فَإِنْ كَانَ دِينُهُ صُلْبًا اشْتَدَّ بَلاَؤُهُ، وَإِنْ كَانَ فِي دِينِهِ رِقَّةٌ ابْتُلِيَ عَلَى حَسَبِ دِينِهِ، فَمَا يَبْرَحُ الْبَلاَءُ بِالْعَبْدِ حَتَّى يَتْرُكَهُ يَمْشِي عَلَى الأَرْضِ مَا عَلَيْهِ خَطِيئَةٌ". قال أبو عيسى الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.





    • الحكمة من الابتلاء





      إذا كان لا بد من الابتلاء، وإذا كان لا بد من الفتنة فما هي الحكمة من وراء كل ذلك؟ لماذا اقتضت سنة الله أن يُبتلى المؤمنون؟

      وفي معرض الإجابة على هذا السؤال، فإن هناك ثلاثة أسباب:


      السبب الأول: التنقية






      ويقصد بها تنقية الصف المسلم، وانتقاء أصلح العناصر لحمل الأمانة؛ فما أسهل أن يقول المرء بلسانه آمنت وصدقت وأيقنت، لكن ما أصعب العمل!

      فلا بد من اختبار لصدق الكلام، ولا بد من الابتلاء لتنقية الصف المسلم من المنافقين، مصداقًا لقوله تعالى: {وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الكَاذِبِينَ} [العنكبوت: 3].


      السبب الثاني: التربية






      فالله I يريد لهذه الأمة أن تقود العالمين، وحمل الأمانة بحاجة إلى رجال من نوع خاص، تمرسوا على شتى أنواع المصاعب. وقيادة العالمين تحتاج إلى طراز فريد لا يهتز أمام العواصف ولا يرضخ أمام الأهوال.

      والابتلاء يربي الصف المؤمن فيجعله يُعلي قدر الله ويستهين بأعدائه، حيث الابتلاء برنامج تدريبي متدرج للمؤمنين، يرتفع بمستواهم يومًا بعد يوم، وكلما عظمت مهام المؤمن ازداد بلاؤه فيزداد إعداده، تمامًا مثل الذهب حين توقد النار من تحته، فإنه سرعان ما يخرج أنقى مما كان.

      وإن هذا ليرفع كثيرًا من قيمة الدعوة في عين المسلم، فعلى قدر تضحيته يُقدّر الشيء الذي يُضحي من أجله.

      السبب الثالث: التزكية






      وهي التطهير من الذنوب والخطايا، فالابتلاء يُكفر الذنوب ويرفع الدرجات، وأحيانًا يحب الله عبدًا ويريد أن يرفعه إلى درجة عالية، وهذه الدرجة لا يبلغها بعمله، فيكون أن يبتليه الله فيصبر فيبلغ الدرجة العالية.


      وقد روى البخاري عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ قَالَ: "مَا يُصِيبُ الْمُسْلِمَ مِنْ نَصَبٍ وَلاَ وَصَبٍ وَلاَ هَمٍّ وَلاَ حُزْنٍ وَلاَ أَذًى وَلاَ غَمٍّ حَتَّى الشَّوْكَةِ يُشَاكُهَا إِلاَّ كَفَّرَ اللَّهُ بِهَا مِنْ خَطَايَاهُ".



    • إنجاز كبير ورائع من فخر السلطنة ....برنامج ممتع وخصوصا ما رأيته في هذه الصفحاات ومن ردود توحي بفاائدة هذا الطرح الكبير ....بارك الله فيك عزيزي ...ودمت سباقا للخير....
      ....لاإله إلا الله ...... محمد رسول الله ........... ..........صلى الله عليه وسلم .....................
    • اعانك الله تعالى فيما أجتهدت له

      والرحلة مستمرة

      لك تحيتي الخالصة
      شكوت إلى وكيع سوء حفظي فأرشدني إلى ترك المعاصي وأخبرني بأن العلم نور ونور الله لا يُهدى لعاصي