يقتلعُ الزرعُ في أولِ ينعه ،،، كذا تموت الأماني في مهدها

    • يقتلعُ الزرعُ في أولِ ينعه ،،، كذا تموت الأماني في مهدها

      سادتي ،،،
      البسوا عليكم مسوحا من الأحزان ، فإني أنوي الحديث عن فاجعةٍ جديدة ، وحكايةٍ فريدة من حكايا العصر الغريبة ، نسمع عن قصص الخيال كثيرا ، ولكنّا نرى الواقع أغرب من الخيال ، وكالعادة سأروي هذه الرواية على أجزاء ، علّني أخفف من وهجها ، فسياط العذاب تحرق المهج ، ولهيب اللظى يقتل كل ذرة إحساس ، ومن شدة الإغراق في المأساة نفقد الشعور بها ، وربما ذلك نتيجة شدة العذاب ، أصبحنا في زمنٍ نسكرُ من جرعات آلامه ، الصراخ غير مجدي ، والنحيب غير مسموع ، والآذان لا تعبأ بالأنّات ، والمآقي لا تحرك المشاعر ، ماتت الضمائر ، وعمّت القسوة ، وصار الجبروت والقهر عقيدةً وديدناً .
      في هذه المرة سأحاول جاهدا أن لا أضفي على الموضوع لهجة الوجع ولكنة التأوه ، سأبتعد بكلماتي عن الحزن قدر الإمكان ، وسأعدكم بأن أنقل لكم الحقيقة كما هي بعينها ، لن ألهث وراء التشويق ، ولن أحبك الحبكة ، بل سأسرد الوقائع بكل دقةٍ وأمانة ، فالحال لوحده مأساوي مظلم ، فالدموع تتساير مع كل مشهد ، والحرقة تسكن كل شخصيات الرواية ، والإحساس بالظلم والحسرة والنشيج سيكون الموقف الأعظم ، ستحلق الطيور ولكنها ستغرد أنغاما شاجية ، وسنعزف بالوتر مقطوعاتٍ موسيقية كئيبة ، وأرجو أن لا تكون قلوبكم ضعيفة ، وأن تتحملوا المشاهد بكل صبرٍ وجلد .
      فهل أنتم مستعدون للإقلاع ، فالطائرة أعلنتِ الاستعداد ، وطاقم الضيافة يحييكم ، فهيا أربطوا أحزمة الأمان .
    • هيا بنا فنحن الآن في الجو
      ومع الوقفة الأولى ومحطة البداية
      حسام يحمل حقيبته المدرسية سريعا ، الأم أعدّت له الفطائر ليتناولها في الاستراحة المدرسية ، أوصته بالاهتمام بأخيه الأصغر يونس ، ودَّعا أمهما بابتسامة مشرقة ، وعند محطة انتظار الحافلات ، تنهد حسام وفتح الحقيبة يبحث عن الرسالة المعتادة ، قرأها وبكى كثيرا وارتعدت فرائصه ، كان مكتوبا في الرسالة " ستموتُ قريبا يا حسام " ، أخفى الرسالة فور وصول الحافلة ، صعد إليها ودموعه تتناثر على وجنتيه ، سأله صديقه مرتضى ، ما بك يا حسام ؟ لماذا تبكي ؟ لم يجب حسام سوى بدموعه الحرّى .
      ها هي الساعات تمضي مسرعة ، وتأتي الحصة الأخيرة ، ويُخرج حسام كتاب المطالعة ، ويدخل المعلم مبتسما كالعادة ، هيا يا طلاب طالعوني جيدا ، فاليوم مطالعة ، ويضحك الجميع ، عدى حسام يكتفي بابتسامةٍ خفيفة تكاد لا تظهر ، بعدما انتهى اليوم الدراسي ، بحث حسام عن أخيه يونس ، فوجده بصحبة صديقه سامر ، تشابكت يد حسام ويونس ، وعند صعودهما للحافلة استوقفهما مدرس المطالعة قائلا : حسام تعال أنت ويونس سأوصلكما بسيارتي ، لم يتردد حسام في قبول الدعوة ، فهذا المدرس هو الشخص الوحيد المقرب لدى حسام .
      أخذا في تبادل أطراف الحديث ويونس صامت لصغر سنه فهو لا يزال في الثامنة من عمره خلاف أخيه حسام الذي أوشك على الدخول في الحادية عشرة بعد أيام ، كان المدرس يحاول جس نبض حسام ليعرف سر تغيره ، لكن حسام يتمتع بذكاء شديد ولا يسمح لأحد باستدراجه .
      وصلا البيت ، استحم حسام وصلى فريضة الظهر وتناول الغداء ، وعندما ذهب للنوم وجد رسالةً أخرى تحت الوسادة مفادها : " انتظر يا حسام ، الأكيد بأنك ستموت قبل عيد ميلادك " ، ارتعد وبكى ونشج ، ولكنه كالعادة لا يزال يخفي الرسائل ولا يخبر أحدا .

      ،،، يتبع ،،،
    • من أين مصدر هذه الرسائل؟؟
      لم تبتعد بعد عن أسلوب التشويق
      ما زال متواجدا وبقوة

      رقيق المشاعر
      نحن وراءك في نفس الطريق
      في انتظار البقية

      شكرا لك على الموضوع
    • يخيم المساء على الأرض ويلبسها السواد ، وتبدأ الأنوار الخافتة ، أم حسام تعد لأطفالها وزوجها العشاء ، فهي لا تسمح للخادمة بطهي الطعام ، حسام أنهى برنامجه اليومي الذي يشاهده على قناة الأطفال ، يونس يلعب بالألعاب الورقية ، وفجأة يسقط حسام مغشيا عليه ، فينادي يونس أمه خائفا فزعا، فتهب الأم مسرعةً نحو وليدها : حسام حبيبي ما بك ، أفق يا حسام ، وترّش وجهه بماءٍ بارد ، فيفتح عينيه الوجِلتين ، فتحضنه أمه بقوة قائلةً من أنا ؟ تود أن تتأكد من وعيه التام ، فيجبها برعشة وخوف آه أنتِ أممم أيوه أنتِ .... نعم تذكرت أنتِ أمي ، ويبكي الجميع .
      في تلك اللحظات يدخل الأب حاملا معه كيسا أبيض ، يبدو أنه عائدٌ من مركز التسوق " سيتي سنتر " ، فيسألهم باستغراب ما الأمر ؟؟ نطق الجميع وبصوتٍ واحد وبكل برود لا شي ، تقوم الأم لإحضار العشاء فيستوقفها زوجها ، تعالي يا غالية خذي هديتك ، أنا اشتريت لكم هدايا قبل عيد ميلاد حسام ، يوزع الهدايا وهي مغلفة بغلاف صغير ، لا يسمح لأحدٍ بفتحها إلا بعد العشاء وعلى سرير النوم ، فرح الجميع بهذه الحركة الجميلة من أبيهم الطيب الحنون .
      التفوا جميعا حول طاولة العشاء ، ولا يزال حسام في شروده وحيرته ، وبدأ صراخ الصحون ، إنه يونس الشقي يمارس هوايته المعهودة في ضرب الصحون بالملعقة ، يضحك الجميع ، يتحرك يونس بشغبٍ وفوضى ، ها قد سرق شربة حسام بكل سهولة وبساطة ، لكن الغريب أن حسام لم يبذل أي جهد في منعه مثلما كان يفعل في السابق ، هنا تأكد لدى أبويه بأن حسام يعاني من أمرٍ جلل ، ولكن ليس من السهل عليهم فك طلاسم تغيّره ، فحسام يحتفظ بشخصيته وأسراره الذاتية ، ولا يبوح بها لأحد وخصوصا والديه .
      ذهب الجميع إلى أسرِّتهم مسرعين ، فالشوق يحدو بهم لمعرفة الهدية ، كانت هدايا رائعة ، عدى حسام وجد الرسالة المعتادة " مسكين يا صغيري ، ستكون هديتك الكبرى يوم عيد ميلادك ، ستغادر الحياة وهذه أجمل هديةٍ مني " ، صُعق حسام كثيرا ، هل يعني هذا بأن أباه يود قتله ؟؟ تساءل في نفسه كثيرا ، لمَ يريد أبي مني أن أموت ؟ ، قام مسرعا نحو خزانة ملابسه ، بحث كثيرا ، وأخيرا وجد الصورة ، صورة أخته سوسن التي توفت وهي لم تتجاوز الرابعة عشرة من عمرها ، خاطبها قائلا :
      حبيبتي سوسن ، في أي دارٍ أنتِ الآن ، حتما في دار الخلد والنعيم أخيتي ، آهٍ ما أجملك ، عيناكِ تنفثان سحرا ، ومحيّاك يشع نورا ، صورتك أصبحت لي الأمان ، قريبا سألحق بك ، فيبدو أن من قتلك سيقتلني أنا أيضا ، آهٍ كم أنا مشتاقٌ لكِ يا هواي ، كنتُ صغيرا يوم أخبروني بوفاتك ، ولكني أكبر كل يوم وأنتِ تكبرين في قلبي أكثر ، أحبك أحبك ، ويطبع قبلةً على الصورة ، ويرجع إلى سريره ، ولا يدري ذلك المسكين ما الذي ينتظره في القادم من الأيام .

      ،،، يتبع ،،،
    • نترك عائلة أبو حسام قليلا
      هناك قريةً ريفية ، أغلب سكانها فقراء وبسطاء ، يكدحون طوال النهار من أجل توفير لقمة العيش ، ورغم البؤس والشقاء الذي هم فيه ، إلا أنهم متعاونون ومتكاتفون ومتحدون ، وفي الأيام القليلة القادمة ستشهد القرية عرس ابنهم البار سمير ، فقد خطب ابنة عمه خلود ، البلد كلها تتزين لذلك اليوم ، وكأن الجميع معرس ، الزينة تعم الشوارع والبيوت ، وحفلات السمر تنتشر في المساء ، يترقبون وبشغف يوم الخميس ، ولا يفصلهم عنه سوى أربعة أيام ، وبعدها يكون العرس المنتظر .
      هذا الزواج يعتبر غريبا بكل المعاني ، حيث كان المهر عبارة عن قطعة أرض منحها أبو سمير لأخيه أبو خلود، وتم كتابة العقد على ذلك ، والأغرب من ذلك أن سمير وخلود لا يريدان بعض ، وكل واحدٍ منهما يكره الآخر ويضمر الحقد له رغم أنهما أبناء عمومة ، إلا أن المصلحة العامة اقتضت ذلك ، ووافق العريسان على الزواج المصلحي ؛ المعارض الوحيد للزواج هو سعيد الأخ الأصغر لسمير فهو لا يزال يحب خلود حبا عميقا ، ومستعد أن يبذل الغالي والنفيس لأجلها .
      سمير لا يملك رصيدا وافرا من الثقافة فهو لم يكمل تعليمه ، حيث أنه درس المرحلة الابتدائية فقط ، ولذا فمن السهل استغلاله والتحايل عليه ، وللأسف الشديد فهو سهل الاقتناع ، بينما خلود لم تدخل المدرسة أبدا ، ومع ذلك فهي تعد من النساء الأكثر دهاءً في القرية ، وتملك عقلا راجحا وذكاءً خارقا ، وربما يرجع الفضل لسعيد يوم أن كان يقرأ لها كثيرا من الكتب ويحاورها في كل القضايا الاجتماعية والعلمية وكان يطلعها على كل تطورات الأخبار في العالم ، ومع مرور الوقت فقد تعلمت القراءة والكتابة على يديه .

      ،،، يتبع ،،،
    • اااااااااااااااااااااااااااااااااااه
      ثم
      ااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااه
      من مواضيعك يا اخي العزيز
      رقيق المشاعر
      اجدها جميعا تقطر حزنا ودمعا واسى
      لماذا هكذا ..؟؟
      ~!@q
      لكنني مع ذلك
      اجدها مشوقة كثيرة
      واسلوبك يلعب دورا كبيرا في وظيفته التي كلفته به
      :)

      مطلع قصتين .. مشوقتان من بدايتهما
      لذلك
      اتمنى ثم اتمنى
      معرفة ما يأتي بعدهما

      دمت ذخرا اخي العزيز
      $$e
    • في الصباح الباكر ومع زقزقة العصافير وقبل أن ترسل الشمس أشعتها الذهبية ، تخرج خلود إلى زيارة خالتها خديجة ، تطلب منها السماح لابنتها مريم بمرافقتها هي وسمير إلى سوق الذهب ليشتروا ما تبقى من مجوهرات العرس ، ولكن خالتها لم تسمح لها بذلك لسببين :
      الأول : إن خديجة تحتاج لمريم كثيرا ، ففي هذه الأيام عاودها مرض القلب من جديد ، وربما بلغ المرض أقسى درجاته ، وهي تريد أن تبقى ابنتها بجانبها تخفف عنها آلامها .
      الثاني : مريم وسمير بينهما علاقة حبٍ قوية جدا ، خصوصا مريم التي أصبحت تهذي باسم سمير في النوم واليقظة .
      رجعت خلود إلى بيتها محبطة بسبب رفض خالتها لطلبها ، أما مريم المسكينة فهي الأكثر معاناة بين جميع أهل البلدة ، فهي فقدت حبيبها الذي أصبح ملكا لابنة خالتها خلود ، وهي من كانت توفر لهما الجو المناسب للالتقاء ، والأكثر من ذلك كانت خلود البريد الصادق وحبل الوصل بين مريم وسمير ، واليوم تختطفه منها وبكل قسوة ، وما يزيد من معاناة مريم أن أخاها عماد توفي بعد سقوطه في بئر المزرعة قبل شهرين فقط ، والأهل يصرون على تجاهل مشاعرهم والاستخفاف بأحزانهم بإقامة العرس في هذا التوقيت ، حتى مرض خديجة وتطوره المخيف لم يثنهم عن عزمهم .
      مسكينةٌ مريم ، فقدت الحبيب وودعت الأخ الشقيق ، وهي الآن تعيش بعزلةٍ صارخة مع أمها المريضة ، وقريبا سيكون عرس حبيبها الذي بذلت من أجله كل مشاعرها ووهبته أحلامها وطموحها ، كانت تأخذ أحزانه فتكبتها في قلبها ، وتهبه كل أفراح عمرها وزهو أمانيها ، لم يتبقى على العرس سوى ثلاثة أيام ، وكأن مريم تعدُّ أيامها المتبقية ، فقد شحذت المدية جيدا ، وتنوي ذبح نفسها يوم دُخلة فارس مستقبلها ، تعتقد في قرارة أعماقها بأن سمير خانها وبدمٍ بارد غدر بها ، وأنه لم يكن يحبها يوما ، كل ما كان بينهما لا يُعدّ سوى ممارسة هواية اللعب بالقلوب ، وتجييش مشاعر مريم ، بالرغم أن سمير كان صادقا ولا يزال متيما بها ، ولكن للواقع تداعياتٌ أخرى ، والحال مرير لا يمكن وصفه ، ولا بدَّ من معايشة الأيام القادمة بكل مرارتها وآلامها .
      ،،، يتبع ،،،
    • قبل العودة إلى عائلة حسام ننهي جولتنا الأولى من الرواية بالدخول قليلا إلى عالم بدر المتعطش لهجرة العلم والدراسة .
      ها قد أنهى بدر المرحلة الثانوية بحصوله على المركز الأول على مدرسته وبنسبة 99 % ، والآن يتهيأ للرحيل إلى استراليا ، للالتحاق بكلية الطيران الحربية ، ليحقق أمنيته منذ الطفولة في أن يصبح طيارا حربيا لخدمة وطنه وبلاده ، تبقى على موعد السفر أقل من أسبوعين ، والأم من ساعتها وهي تبكي دموعا مختلفة المشاعر ، تارةً تبكي فرحا لمواصلة ابنها دراسته الجامعية بنجاح ، وتارةً تبكي خوفا عليه من الضياع والغربة والمشقة والبعد عنها ، إلا أنها في كل صلاةٍ تدعو له ، والأب المتدين يوصيه ليلا ونهار بتقوى الله والمحافظة على صلواته والتمسك بدينه وأخلاقه .
      بعد صلاة الجمعة التقى بإمام الجامع محمود ، وكعادة بدر يسأل كثيرا في أمور الدين والشيخ يجيب بكل ابتسامة ورضى ، طلب الشيخ من بدر أن يلتقي به بعد صلاة العشاء فإنه يود أن يحدثه في حديثٍ خاص ، هزأ بدر رأسه موافقا على طلبه ومرحبا بلقياه ، وعند عودته للمنزل شاهد العجوز فاطمة ، فذهب إليها مسلما ويخبرها بأنه سيغادر ، وطلب منها أن تقرأ له الكف ، فهي مشهورة بقراءة المستقبل " وعلم الغيب عند الله" ، أمسكت يده بقوة وضغطت على أصابعه مما أثار استغرابه واندهاشه ، وقالت يا بني لا ترحل ، فالخير كل الخير أن تبقى هنا ، فصرخ بها ولكني أود إتمام دراستي ومواصلة التخصص الذي أحلم به ، فأجابته بحزنٍ دفين ولكنّ هلاكك في رحيلك .
      رجع إلى بيته حزينا كسيفا كئيبا ، وأغلق على نفسه باب غرفته ، يفكر مليا في قول العجوز الساحرة ، ويحدث نفسه بأن لا أحد يعلم الغيب سوى الله جلَّ جلاله ، ويتبادر أخرى إلى ذهنه أنها لم تخطأ في قراءة الكف ولا مرة ، فالكل يقسم بأنها تصيب دائما في التنبؤ للمستقبل ؛ ولكنه الحلم والطموح والنجاح ، أصيب بدوارٍ شديد فنام نومةٍ عميقة ، ولم يذق طعاما ولا شرابا ، وعند أذان العصر أيقظته أمه للصلاة فتوضأ وذهب إلى المسجد لأداء الفريضة المكتوبة والصلاة الوسطى ، ومن ثم ارتدى ملابسه الرياضية وذهب بصحبة زملائه للنادي ، ليستمتع بممارسة هوايته المفضلة ألا وهي كرة القدم ، تلك اللعبة التي يتقنها بكل مهارة فهو لاعب جيد ويملك براعةً في التهديف ، والكل يتنبأ له بمستقبلٍ واعد .
      ،،، يتبع ،،،
    • المؤذن يصدح بالأذان ليحرك الجنان ، وبدر يخطو خطواتٍ رشيقة نحو المسجد وشفتاه تستعذب التسبيح والتهليل والذكر ، دقائق إيمانية جليلة قضاها بدر وهو يؤدي فريضة صلاة العشاء ، حمد الله كثيرا ورفع أكف الضراعة للباري أن يوفقه في حياته العلمية ، وأن يهديه الرشد والسداد في القادم من الأيام ، خرج بصحبة الإمام إلى الحديقة العامة ، أضواء المساء توحي بجمال الرومانسية ، الليلة بقمرها المضيء المكتمل كأنها عذراء فاتنة ترغم الجميع على التغزل بها لروعتها وسحر جلالها ، يبدو أن بدر يشعر بأن هذه الليلة ليست مناسبة للحديث في أمور الدين وخصوصا مع إمام الجامع وخطيب الجمعة ، هذه الليلة الساحرة ، وتلك الأنجم المشرقة وكأنهن مصابيح ، والقمر كأنه زجاجة ماسية تشع لمعانا ، الهدوء والهواء المتقطع الخفيف يوحي لك بعذوبة البوح بالحب ومغازلة الحبيبة ، وها هي ملامح الأسى تظهر على بدر ، هذا الرجل الذي لم يعشق فتاةً أبدا ، ولكنه بطبيعة الإنسان يهوى كل جميل .
      بعد طول تفكيرٍ من الشيخ ، وبعد تنهدات بدر وهي تنطق بمضاضة الموقف ورتابة الصحبة والحديث ، يبادر الشيخ محمود بسؤال بدر هل عزمت على الزواج يا بني ؟؟
      ارتبك بدر وتلعثم في الجواب وكأنه يخفي أمرا عظيما ، ولكنه تملك الشجاعة وقال : لا ، فأنا لا أزال في سنٍ صغير على الزواج ، ولا أفكر به في وقتي الراهن ، عنّفه الشيخ على ذلك ، متحججا بأن الزواج قبل سفره سيعصمه من كثيرٍ من المشاكل ، وأنه أمانٌ واستقرارٌ وراحة بال ، فقاطعه بدر قائلا : على رسلك يا شيخ فأنا لا أريد أن يشغلني شاغل عن الدراسة ، وأشعر بأن الزواج سيأخذني من الاهتمام بدراستي وتحقيق بغيتي وحلمي الجميل ، لكن الشيخ هزّ رأسه بابتسامة مخالفة ، وأن الزواج سمينحه طاقةً وعزما وإرادة ، وستتوفر له سبل الراحة والغذاء الصحي الجيد ، والعناية به وبمكان إقامته وتجهيز ملابسه ، سيعيش ملكا في مملكته ، آمرا ناهيا .
      بدأ بدر يشعر بأن كلام الشيخ به الكثير من الصحة والمنطق ، ولكن من ستكون فتاة أحلامه ، وكيف سيتعرف عليها ؟؟ هذا ما تكفل الشيخ بإيضاحه ، بأنه سيزوجه ابنته عائشة ، وهي ذات غنجٍ ودلال وثقافة وعلم ودين وحسب ونسب ، هنا عادت الذكريات ببدر إلى زمنٍ بعيد ، يوم أن كانت عائشة تدرس في الأول الإعدادي ، وكان الشباب من حولها كالفراش ، يطاردونها لجمالها ودلعها ، والدلال الذي كانت تحظى به من قبل أمها ، وربما الموقف الذي لن ينساه أبدا ، حينما رآها تخرج من بيت تامر ، ذلك الفتى الذي يغري الفتيات بوسامته ولسانه المعسول ، ولا تسلم أي فتاة منه بعد ذلك إلا أن تضحي بشرفها ، يكفي أنه نشر صور عائشة بين أصحابه وأقرانه .
      رد بدر على الشيخ محمود متعذرا بأنه لا ينوي الزواج إلا بعد الانتهاء من دراسته ، ولكن الشيخ استمر في مناشدته وأخبره أنه سيبلغ أباه بشرف المصاهرة ، فهما تربطهما صداقة منذ نعومة أظفارهما ، تناولا شراب المانجو الطازج ثم افترقا ، ولا يزال بدر يحاول جاهدا في التخلص من موضوع زواجه بعائشة ، ويحدث نفسه بنصحهِ لعائشة ، أو أن يصارح أباها بأمر علاقاتها ، لعل وعسى أن يكون هنالك بصيص أملٍ في تغير منحى حياتها ، وليس ذلك بعزيز على الله جلّ في علاه .
      ،،، يتبع ،،،
    • ياااااااخي
      نفسي اعرف من وين جايب هالقصص الروعة
      ~!@q
      كل وحده احلى من الثانية
      #e

      تسلم والله
      الحين نريد تكملة القصص السابقة
      خلي الباقيات بعدين
      كل مرة شي
      هع هع هع
      اوكي

      تحياتي

      $$e
    • دائما متألق اخي الكريم رقيق المشااعر
      سؤال يدور في بالي ممكن أعرف من وين
      مصدر هذي القصص أو بالاصح
      هل هي عربية أم اجنبيه
      سلمت أناملك أخياه
      تحياااااااااااااتي
    • هجوووورة كتب:

      دائما متألق اخي الكريم رقيق المشااعر
      سؤال يدور في بالي ممكن أعرف من وين
      مصدر هذي القصص أو بالاصح
      هل هي عربية أم اجنبيه
      سلمت أناملك أخياه
      تحياااااااااااااتي

      هذي من كتاباتي #h #h
    • #e #e #i #i #e #e

      أنزين شوي شوي علي لا تاكلني $$g

      غااااااااااااااااااااااااااااوية عجب اتريك انت كاتب خواطر وقصص
      والله حلوووووووووووو صراااحه ممكن تعلمني #e


      تحياااااااتي
    • اليوم بداية اختبارات منتصف الفصل الدراسي ، والبداية كالعادة مع مادة التربية الإسلامية ، تمكن حسام من إجابة جميع الأسئلة بكل يسرٍ وسهولة ، عدى السؤال الأخير ، حيث كان السؤال :
      ما هو الذي لا مفر منه ، والحقيقة الواضحة ، وخاتمة الدنيا ، إن ذهبتم يمينا فهو ملاقيكم ، إن هاجرتم فهو ملاقيكم ، إن تنفروا منه فهو ملاقيكم ،، وجاءت سكرة ... بالحق ؟؟
      كان جواب حسام كالتالي :
      لا أملك جوابا سوى " عيد ميلادي "
      وفي الحصة الثالثة اختبار الجغرافيا ، وفي بيانات ورقة الاختبار وبجانب اسم مادة الاختبار ، كتب حسام مادة التاريخ ، فانتبه مراقب الاختبار لذلك ، فطلب منه تعديل اسم المادة إلى جغرافيا ، لم يعر حسام أي أهمية لاسم المادة ، واختبرَ جغرافيا ، وبعد ذلك اختبرَ الرياضيات مباشرة ، وعاد إلى البيت ، بدأ في ترتيب غرفته ، فغدا سيكون عيد ميلاده ، فتح مذكرته اليومية ودون بها بعض الكلمات ، اتصل بصديقه مرتضى ، وطلب منه الحضور إليه في المساء ، أخذ قسطا من الراحة ، وبعدها وجد الرسالة المعتادة أسفل السرير ، " استمتع بيومك هذا فهو يومك الأخير " ، لم يكترث كثيرا هذه المرة بالرسالة ، مضى في طريقه إلى حديقة المنزل ، وأمضى وقت العصيرة كله في تفكيرٍ وتخطيط .
      في الموعد المحدد حضر إليه صديقه مرتضى ، منحه رسائل كثيرة ، إلى شخصيات محددة ، وشدد عليه في ضرورة تسليم كل الرسائل يدويا لأصحابها ، وناشده أن لا يتأخر في ذلك ، لم يتكلم مرتضى بأي كلمة ، فهو الصديق المخلص الذي ينفذ كل ما يطلبه منه صديقه وبدون تدخل ، فهو يؤمن تماما بقول الرسول الكريم " من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه " ، وفي الصباح لبس حسام لباسا مميزا ، وتعطر وتزين ، وطلب من أخيه يونس أن يذهب بمفرده اليوم إلى المدرسة ، وبدأ مرتضى في توزيع الرسائل بكل جديةٍ ومثابرة .
      حسام يطرق باب جدته رقية ، ويدخل عليها ويقبل رأسها وجبينها ، ويمسك بيدها ويضعها على خده ، استغربت جدته من تصرفه الغريب ، ولكنه قال لها ببرودٍ وشرود ، اليوم عيد ميلادي ، وأود منكِ الحضور ومشاركتنا الاحتفال بهذه المناسبة ، ولا تنسي أن تبلغي جاركم مبارك أنني أنتظره لأمرٍ جلل ، وأخبريه أن العدة لا بد أن تكون كاملة ، تفاجأت جدته من كلامه ، ولكنها منحت نفسها عنصر التشويق لمعرفة ما يخطط له حسام ، خرج من عندها وتوجه رأسا إلى أحد المجانيين وسحبه من يده وجرّه معه .
      ،،، يتبع ،،،
    • :) رائع جدا ... روعة .... ممتاز ...

      أظن اني لم اعطيك حقك بعد |a

      مجوعة قصص لا يؤلفها الا ذو ذوق رفيع ..

      استمر .. ونحن معك نقرأ .. ولكن لا تطول علينا فالشوق سوف يقتلنا #j
    • مـــــا شاء الله عليك


      الجذور المتماسكة في ارض الحب والامان عمان

      ثمارها الخير دائما وابدا انـــ شاء الله

      كنا ولم نزل


      لله درك

      لله باسك

      الله أكبر
    • ما أجملها أخي وما أجمل أبداعك
      فلفن والذوق ليس فيما نعمل بل بأخلاقنا
      الجميله العذبه وأحساسنا يجعلنا أن نتفوق في الأبداع
      جميلاً منك أخي وننتظر منك المزيد
      الله يسلمك ويعافيك
    • موفق بإذن الله

      ،،،

      في كل قصة حقيقة مظلمة،،،

      قد نتنفس تجربة


      [B]ونعود للخلف تائهين
      [/B]

      نستقر في مكان

      لا جدوى من الإنغماس في الصمت ،،

      أعلم أن هطول الحزن سيكون غزيراً

      وبعض الحزن لا يضر بل يعّلم،،،

      فالقلب ضعيف والتأثير أقوى بكثير ،،،

      ،،،

      أخي رقيق المشاعر

      رقة مشاعرك تنساب في سطورك ،،،

      لا زلت أبحث عن بصيص أمل ،،،

      دمت متألقاً ،،،

      ،،،
    • ها قد اقتربت اللحظة الحاسمة ، توافد الأصدقاء على بيت حسام ، وفي حديقة البيت العامة ، تجمعت الحشود المهنئة بعيد الميلاد ، وحضر كل المدعوين ، الزينة انتشرت في كل أرجاء الحديقة ، الشموع مضاءة ، والموسيقى الهادئة تطرب الآذان ، الكل يبحث عن حسام ليقدم له التهنئة ، الجدة كانت نجمة الحفلة بابتسامتها الجميلة ، كل مدرسي المدرسة قد لبوا الدعوة ، عدد الحضور يفوق الثلاثمائة فرد ، ومن بينهم الشاعر المشهور نجم الدين ، تعالت الأصوات تطالب الشاعر بأن يشنف الآذان بكلماته العطرة وأبياته الرائعة وقصائده الملهبة للمشاعر والأحاسيس .
      لم يتردد نجم الدين في أن يلقي عليهم قصائده ، فهذه فرصة مناسبة كون العدد كبير ، فهو يعشق التجمع والتجمهر ، ابتدأ قصائده برثاء صديقه ، ثم انتقل للوصف ، وبعدها للغزل ، أطال كثيرا في قصائده الغزلية ، وبعدها انخرط للشعر الذي يهواه الجميع ، إنه الشعر السياسي الذي يبدع فيه أيما إبداع ، وفي الأخير كان لا بد من أن يترك مجالا لهموم الشارع والشعب ومعاناة المساكين ، صفق الكل له بكل حرارة وإعجاب ، الميكرفون تحول لجدة حسام تلقي عليهم قصصها أيام الطفولة ومغامرات الشباب ، ثم تحدثت عن زوجها المرحوم ، وذكرياتها الرائعة معه وحبه لها وتفانيه من أجلها .
      ولكن أين حسام ؟ الأم مشغولة باستقبال المدعوين ، وحسام وأبوه غائبين ، بحثت أم حسام عن ابنها فلم تجده ، ذهبت إلى غرفته فلم تجده ، بحثت عنه جيدا ولم تجد له أثرا ، سألت عنه صديقه مرتضى ، ولم تجد لديه أي جواب ، يونس الشقي يلعب مع بنات جيرانه ، يتحرك بشغب كعادته ، فهو يعشق الفوضى والضجيج ، يا لجنونه وهو يمسك سكينا يخوف بها جارتهم أمل ، فتشكوه لأمه ، فتضطر لتأنيبه وضربه بقوة على ظهره ، يرتفع بكاؤه ، وتحاول أمل تهدئته ، وتطبع على جبينه قُبلة ، وتصطحبه في جولةٍ داخل الحديقة تحاول ترضأته ، وفي الأخير أخرجت نقودا من جيبها وأهدتها له لكي يرضى عنها ، في هذا الوقت طلب مرتضى من الجميع الإنصات له ، فهو سيقرأ عليهم رسالة صديقه حسام صاحب الحادية عشر ربيعا :
      " شكرا لكم جميعا على الحضور ، تهنئتكم وصلت إلى القلب ، وأعتذر لكم بأن أفراحكم ستتحول إلى أحزان ، فأنا بصحبة أبي لكي يقتلني ويتخلص مني ، لست الضحية الوحيدة ، فقد سبق أن قتل أختي سوسن ، لكني أغفر لأبي فعلته هذه ، وأنا أحبه من كل قلبي وإن قتلني ، فروحي فداه ، وأختي سوسن فدته أيضا بروحها ، لا تسألوا أبي لماذا يقتلنا ، لكني أتوسل إليكم أن تطلبوا منه ألا يقتل أخي يونس ، ولا يؤذي أمي الحنونة ، يكفيه تضحيةً أنا وسوسن ، وليترك يونس يحيا مثل غيره من الأطفال ، أحبكم جميعا وأحب أبي ، وسأشتاق لأمي كثيرا ، وسلامي لجدتي حبيبتي ، تحيتي لكل أصدقائي وأحبابي ، أنا أموت فلا تجعلوا حياتكم حزينة لأجلي ، فأنا أتمنى أن أرى الفرحة في قلوبكم حتى وأنتم تقبروني ".
      عذرا أحبتي
      ،،، يتبع ،،،