"أحيوا سنته"
-
-
[TD='width: 100%']
إفشال خطة يهود بني قريظة[TD='width: 100%']
في معركة الأحزاب ـ الخندق ـ تعاهد بنو وائل، وقريش،
وبنو غطفان، وحلفاؤهم، وشكلوا جيشاً قوامه عشرة آلاف رجل ليدخلوا به إلى المدينة
المنورة ويقضوا على الإسلام والمسلمين.
وكان هذا من تخطيط زعماء اليهود، حي بن أخطب، وابن أبي
الحقيق، حتى يواجه الإسلام عدواً مشتركاً من عبدة الأوثان واليهود، يعمل لاستئصال
جذوره.
وأثناء محاصرة المدينة وقف يهود بني قريظة وكانوا
حلفاء المسلمين ـ على خلاف ما تعاهدوه وتعاقدوه ـ موقفاً محايدا (عدم الانحياز) إلا
أن حي بن أخطب (زعيم بني النظير) استطاع أن يؤثر في كعب بن أسد القريظي ـ صاحب عهد
بني قريظة ـ تأثيراً مباشراً ويجره إلى صفوفهم للعمل ضد النبي (صلى الله عليه وآله
وسلم) وذلك بأن يهجموا على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) والمسلمين من الخلف
في معركة الخندق.
فلما علم النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) من خيانة
بني قريظة، واطلع المسلمون عليها، بعث (صلى الله عليه وآله وسلم) سعد بن معاذ إلى
يهود بني قريظة لإقناعهم بأن يلتزموا الوفاء بالعهد والحفاظ على أمن الوطن، إلا
أنهم أبوا هذا الطلب وأصروا على غيهم واستكبروا استكبارا، فردوا على النبي (صلى
الله عليه وآله وسلم) بلهجة قاسية وتعرضوا لشخصه وللإسلام بالسب والشتم وبأقبح
الصفات التي لا تليق إلا بهم، فنقضوا العهد وخالفوا الوعد في أحرج ساعة على
المسلمين.
وبعد أن انتهت غزوة الأحزاب (الخندق) بانتصار نبي
الإسلام (صلى الله عليه وآله وسلم)، وبعدما استطاع (صلى الله عليه وآله وسلم) أن
يتخذ تدبيراً حكيماً ينفذه (نعيم بن مسعود) وكان من أبدع أنواع العمل السري(16) حيث غيّر المعادلة لصالحه (صلى الله
عليه وآله وسلم) كما أدى إلى تغيير مجرى الحرب فرجحت قريش الفرار منها، لتعود إلى
مكة حاملة وراءها الخيبة والذل والانتكاسة الروحية ولم يكن من الصحيح ان النبي (صلى
الله عليه وآله وسلم) يتغافل ويصفح عن عظيم خيانة اليهود في هذه الساعة الحرجة،
فاتخذ قرارا قطعيا باستئصال جذور العدو بتقوية الدولة الإسلامية الفتية.
فقد أصدر (صلى الله عليه وآله وسلم) أمره إلى المسلمين
بمحاصرة قلاع اليهود على وجه السرعة، وكان علي (عليه السلام) أول مجاهد إسلامي
يحاصر قلعة اليهود، واستمرت هذه المحاصرة خمسة وعشرين يوماً، مما اضطر يهود بني
قريظة أن يبعثوا (أبا لبابة) إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ليحددوا موقعهم
منه، وتصور بنو قريظة أن النتيجة ستؤدي بهم إلى التبعيد إلى ديار الشام كما حصل
ذلك لبني النضير من قبل.
فقال لهم النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): هل ترضون
أن تجعلوا حكماً بيني وبينكم؟
فرضي اليهود بحكومة سعد بن معاذ، وقد حكم سعد بن معاذ
بغير ما كان ينتظره اليهود، مما جاء في حكمه: يقتل المحاربون من اليهود.
فرضي النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بهذا الحكم،
فأمر بقتل المحاربين منهم خاصة وعفى عن الباقين.
إن مسؤولية هذه الدماء ـ وإن لم تكن كثيرة بل كانت
قليلة جدا ـ تقع على عاتق حي بن أخطب (رئيس قبيلة النضير) فهو الذي حرك قريش وحرضهم
على القتال، كما دعا بني قريظة أن ينقضوا عهدهم ويتخلفوا عن تحالفهم
ومواثيقهم.
ولا يخفى أن الرجال الذين قتلوا في تصوري الذي استفدته
من التواريخ أمثال (أسد الغابة) وغيره أنهم لم يكونوا فوق العشرين، أما المبالغة في
عددهم فكأنها من مبالغات اليهود وذكرها بعض المسلمين بدون تحقيق، وإلا فقد ذكر
التاريخ أنهم حبسوا في دار، وهل دور المدينة في ذلك اليوم ـ وهي قرية عادية ـ تسع
لأكثر من عشرين.
بالإضافة إلى أنه أين قبورهم ومن قتلهم وهل مثل ذلك
العمل يشبه أعمال الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) مع أشد أعدائه حينما كان يقول:
(اذهبوا فأنتم الطلقاء)(17) ، إلى
غيرها من القرائن…؟
ويحتمل أن سعد بن معاذ حكم بهم بحكم التوراة وطبق
عليهم قوانينها الجزائية التي تنص صراحة:
عندما يريد العدو أن يحاربك في أرضك، فادعوه إلى الصلح
أولاً، ولو أراد قتالك فحاصر مواقعه، ولو تسلطت عليهم فاقتل المحاربين منهم، وأما
النساء والأطفال والحيوانات وكل ما هو موجود في المدينة فخذها غنائم لك.
-
[TD='width: 100%']
ما قاله
المستشرقون في معاملة اليهود
مع نبي الأكرم(ص)
[TD='width: 100%']
يقول احد المستشرقين(18) في خاتمة بحثه بصدد روابط النبي (صلى الله عليه وآله
وسلم) مع اليهود:
"ليس من اللائق لليهود أن يقابلوا صداقة محمد (صلى
الله عليه وآله وسلم) ووفائه لهم، بهذا الشكل من الجفاء، بعد أن أقام معهم روابط
حسنة، ومن المناسب جداً أن نشير في هذا الصدد إلى أنه: لو أن اليهود بدل عداوتهم
وخصومتهم لمحمد (صلى الله عليه وآله وسلم) كانوا قد أقاموا معه روابط حسنة، واتصلوا
به، لكان فيه صلاحهم وحصل لهم التوفيق، وكان هذا ممكناً لهم في هذا الموقع المناسب،
ويستطيعون بالتالي جني ثماره من خلال:
1: المحافظة على استقلالهم
الديني.
2: أن يكونوا جزءاً من
الإمبراطورية الإسلامية.
فلو فعلوا ذلك لكان العالم غير ما عليه اليوم، ولكن
الذي يؤسف له أن اليهود منذ الأيام الأولى لإقامة محمد (صلى الله عليه وآله وسلم)
في المدينة، زرعوا بذور الفاجعة المؤلمة، وضيعوا الفرص الجميلة في استقرارهم
واستقلاليتهم.
والجدير بالذكر إن الإسلام بتعاليمه الدينية كان
متساهلاً مع اليهود أكثر منه مع المسيحيين، مع أن الدين اليهودي والدين المسيحي
يشتركان في التشريع والقانون، وكلاهما من الأديان الموحدة، إلا أن الغالب على دين
المسيحية هو التوحيد الثلاثي، وهذا غير موجود عند اليهودية.
ومع وجود هذا التأكيد في رسالة رسول الله (صلى الله
عليه وآله وسلم)، فإن عقيدة الغلو عند اليهود المبنية على أساس التفوق السلالي
والعنصري، أبت إلا أن تعارض ذلك.
فيهود المدينة حسب معتقدهم رفضوا نبوة محمد (صلى الله
عليه وآله وسلم)، ولو كان عندهم بعض المفكرين والمصلحين لاستطاعوا أن يغمضوا عيونهم
عن هذه المسألة، وانتهزوا الفرصة الغالية بشكل يحفظ لهم كيانهم واستقلالهم، فليس من
الضرورة أن يسخر اليهود من دين محمد (صلى الله عليه وآله وسلم)، ومما يدعو للأسف
الشديد أنهم سلكوا هذا النهج، وطبيعي أن هذه الانتقادات الشديدة من جانب اليهود
لمحمد (صلى الله عليه وآله وسلم) ودينه خطر كبير بالنسبة لتجربته السياسية
والاجتماعية، ومع هذا العمل السلبي وقف محمد (صلى الله عليه وآله وسلم)
قبالهم".
-
[TABLE='width: 90%']
[TR]
[TD]النبي(ص) ودفع الظلم
[/TD]
[/TR]
[TR]
[TD]إن من إحدى الوظائف المهمة للأنبياء (عليهم السلام) بشكل عام: هو إقامة العدل والقسط، وإزالة أي نوع من الظلم والاضطهاد، وقد أشار الله سبحانه إلى هذه الحقيقة، بقوله جل وعلا: (لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط) (19).
وقال تعالى: (يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله) (20).
وهكذا كانت حكومة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) والإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) .
قال (عليه السلام): (والله لو أعطيت الأقاليم السبعة بما تحت أفلاكها واسترق لي قطانها مذعنة بأملاكها على أن أعصي الله في نملة أسلبها شعيرة ما فعلته وإن دنياكم عندي لأهون من ورقة في فم جرادة تقضمها)(21).
[/TD]
[/TR]
[/TABLE]
-
"انصر أخاك ظالما أو مظلوما"
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "انصر أخاك ظالما أو مظلوما" فقال رجل: أنصره إذا كان مظلوما أفرأيت إذا كان ظالما كيف أنصره؟ قال "تحجزه أو تمنعه من الظلم فإنّ ذلك نصره".
ونصرة الظالم لا تكون بإعانته على الظلم والتمادي فيه بل تكون بأن نمنعه من الظلم.
وفي قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إذا رأيت أمتي تهاب أن تقول للظالم يا ظالم فقد تودّع منهم" حث على مواجهة الظالم وزجره عن ظلمه وتبيان لخطورة ترك هذا الأمر، فإنّ الناس إذا تركوا زجر الظالم في وجهه والتحذير منه فإنّ الله تبارك وتعالى يتخلى عنهم أي يقطع نصرته عنهم.
والرسول حذّر أمته أنهم إذا وصلوا إلى حالة يهابون فيها أن يقولوا للظالم يا ظالم عندئذ تودّع الله منهم أي تخلى الله عنهم وتركهم ووكلهم إلى أنفسهم أي قطع عنهم نصرته.
لقد حرّم الله سبحانه وتعالى الظلم على عباده وجعل العقاب عليه شديدا وأمرهم بالعدل والقسط.
والظلم هو وضع الشىء في غير موضعه وهو أنواع كثيرة منها:
إيذاء المسلمين وأخذا أموالهم بغير حق عن طريق الإحتيال والغش، وأكل أموال الأيتام بالباطل، وأكل الأمانات ظلما، ومنع الأجير أجرته. ومنها أيضا ترك أداء الصلوات الخمس ممن وجبت عليه، وأكل أموال الربا، وشرب الخمور على أنواعها، وعقوق الوالدين ولعب القمار. ومنها أيضا التصدر لتدريس الدين ممن هو ليس أهلا لذلك فيحل ويحرّم على هواه دون الإستناد إلى مستند شرعي.
أمّا أشد أنواع الظلم وأخطرها على الإطلاق فهو الكفر بجميع أنواعه فقد قال الله تعالى: {وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ}(البقرة) أي أنّ الكافرين بلغوا نهاية الظلم ولما كان الكفر هو أعلى الظلم وأكبره وأشدّه، أطلق الله في القرءان "الظالمين" وأراد به الكافرين. -
غض البصر
مما لا شك فيه أن البصر من أعظم المنافذ إلى القلب، يقول الإمام القرطبي رحمه الله: البصر هو الباب الأكبر إلى القلب، وأعمر طرق الحواس إليه، وبحسب ذلك كثر السقوط من جهته ووجب التحذير منه، وغضه واجب عن جميع المحرمات، وكلِّ ما يخشى الفتنة من أجله، ونقصد بغض البصر أن يغمض المسلم بصره عما حرم عليه ولا ينظر إلا لما هو مباح له النظر إليه ، وإن وقع نظر المسلم على مُحَّرمٍ من غير قصد فليصرف بصره سريعا ولا يتمادى في النظر.
القرآن يأمر بغض البصر:
لما كان النظر من أهم المنافذ إلى القلب، ولما كان إطلاقه بغير قيد ولا ضابط قد يوقع الهوى في قلب صاحبه، ويجعله يقع في شَرَك الفواحش والفتن، فقد أمر الله بغض البصر حتى يأمن العبد عواقب السوء:
(قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ).
ونلحظ هنا أن الله تعالى قد جعل الأمر بغض البصر مقدما على حفظ الفرج، لأن كل الحوادث مبدؤها من النظر كما قيل:
[TABLE='width: 90%, align: center']
[TR]
[TD]كل الحوادث مبدأها من النظر ومعظم النار من مستصغر الشرر
[/TD]
[/TR]
[TR]
[TD]كم نظرة فتكت في قلب صاحبها فتك السهام بلا قوس ولا وتر
[/TD]
[/TR]
[TR]
[TD]والعبد ما دام ذا عين يقلبها في أعين الغيد موقوف على الخطر
[/TD]
[/TR]
[TR]
[TD]يسر مقلته ما ضر مهجته لا مرحبا بسرور عاد بالضرر
[/TD]
[/TR]
[/TABLE]
-
والنبي صلى الله عليه وسلم يأمرك بغض بصرك:
فقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال:" اضمنوا لي ستا من أنفسكم أضمن لكم الجنة: اصدقوا إذا حدثتم، وأوفوا إذا عاهدتم، وأدوا إذا ائتمنتم، واحفظوا فروجكم، وغضوا أبصاركم، وكفوا أيديكم".
بل جعل النبي صلى الله عليه وسلم غض البصر أحد حقوق الطريق حين قال لأصحابه رضي الله عنهم:
" إياكم والجلوس في الطرقات، فقالوا: يا رسول الله مالنا من مجالسنا بُدٌّ نتحدث فيها. فقال: " فإذا أبيتم إلا المجلس فأعطوا الطريق حقه. قالوا: وما حق الطريق يا رسول الله؟ قال: غض البصر، وكف الأذى ، ورد السلام، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر".
ـ وقد وجد النبي صلى الله عليه وسلم الفضل بن عباس رضي الله عنهما ينظر إلى امرأة جاءت تستفتيه صلى الله عليه وسلم فأخذ بذقن الفضل فعدل وجهه عن النظر إليها.
وقد علق ابن القيم رحمه الله على ذلك فقال:
وهذا منع وإنكار بالفعل، فلو كان النظر جائزا لأقره عليه.
-
نظر الفجأة:
قد يسير الإنسان في طريق أو يكون في مكان به آخرون فيقع بصره على ما حرم الله تعالى بغير قصد منه فهذا ما يسمى بنظر الفجأة، والواجب في هذه الحالة أن يصرف بصره، فعن جرير بن عبد الله رضي الله عنه قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نظر الفجأة فأمرني أن أصرف بصري".
وهذا أنفع علاج وأسرعه أن يصرف العبد بصره ولا يستديم النظر فإن من استدام النظر أثم وتعدى، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يا عليُّ لا تتبع النظرة النظرة فإن لك الأولى وليست لك الآخرة".
-
والنساء مأمورات بغض الأبصار:
فإن الله عز وجل يقول :"وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ ..)الآية.
والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: "... وخير صفوف النساء المؤخر، وشرها المقدم، يا معشر النساء إذا سجد الرجال فاغضضن أبصاركن.."الحديث.
-
عناية السلف بغض البصر:
لقد عني السلف الصالح رضي الله عنهم بغض البصر عناية عظيمة فوجدنا منهم مواقف ومواعظ في هذا الباب تنبئ عن علو همتهم في هذا، ومن ذلك قول أنس رضي الله عنه: إذا مرت بك امرأة فغمض عينيك حتى تجاوزك".
وقال بعضهم: من حفظ بصره أورثه الله نورا في بصيرته.
وكان سفيان رحمه الله إذا خرج في يوم العيد قال: إن أول ما نبدأ به اليوم غض أبصارنا.
ولما قال رجل للحسن رحمه الله: إن نساء العجم يكشفن صدورهن ورؤوسهن قال: اصرف بصرك.
وقال ابن مسعود: الإثم حوَّاز القلوب (يحز في القلوب) وما من نظرة إلا وللشيطان فيها مطمع.
وكان الربيع بن خثيم يغض بصره فمر به نسوة فأطرق ( أي أمال رأسه إلى صدره) فظن النسوة أنه أعمى وتعوذن بالله من العمى.
كم أنتم رااااااااااااااائعون -
من فوائد غض البصر
ذكر الإمام ابن القيم رحمه الله عدة فوائد ومنها:
1- تخليص القلب من ألم الحسرة، فإن من أطلق نظره دامت حسرته.
2- أنه يورث القلب نورا وإشراقا يظهر في العين وفي الوجه وفي الجوارح، كما أن إطلاق البصر يورثه ظلمة تظهر في وجهه وجوارحه.
3- أنه يورث صحة الفراسة، فإنها من النور وثمراته، قال شجاع الكرماني: من عمر ظاهره باتباع السنة، وباطنه بدوام المراقبة، وغض بصره عن المحارم، وكف نفسه عن الشهوات، وأكل من الحلال- لم تخطئ فراسته.
4- أنه يفتح له طرق العلم وأبوابه، ويسهل عليه أسبابه, وذلك بسبب نور القلب، فإنه إذا استنار ظهرت فيه حقائق المعلومات، ومن أرسل بصره تكدر عليه قلبه وأظلم.
5- أنه يورث قوة القلب وثباته وشجاعته، قال بعض الشيوخ: الناس يطلبون العز بأبواب الملوك، ولا يجدونه إلا في طاعة الله.
6- أنه يورث القلب سرورا وفرحة وانشراحا أعظم من اللذة والسرور الحاصل بالنظر، فلذة العفة أعظم من لذة الذنب.
7- أنه يسد عن العبد بابا من أبواب جهنم، فإن النظر باب الشهوة الحاملة على مواقعة الفاحشة، فمتى غض بصره سلم من الوقوع في الفاحشة، ومتى أطلقه كان هلاكه أقرب.
8- أنه يقوي العقل ويزيده ويثبته، فإن إطلاق البصر وإرساله لا يحصل إلا من خفة العقل وطيشه وعدم ملاحظته للعواقب كما قيل:
وأعقل الناس من لم يرتكب سببا حتى يفكر ما تجني عواقبه
9- أنه يخلص القلب من ذكر الشهوة ورقدة الغفلة، فإن إطلاق البصر يوجب استحكام الغفلة عن الله والدار والآخرة، ويوقع في سكرة العشق.
نسأل الله الكريم أن يوفقنا لطاعته ، والحمد لله رب العالمين.
-
ألا هل برّكت؟
عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف رضي الله عنه قال: "مرّ عامر بن ربيعة بسهل بن حنيف رضي الله عنهما وهو يغتسل، فقال: لم أر كاليوم ولا جِلدَ مُخبّأة، فما لبث أن لُبِطَ به، فأتي به النبي -صلى الله عليه وسلم-، فقيل له: أدرك سهلاً صريعاً، قال : ( من تتهمون به؟) ، قالوا: عامر بن ربيعة ، فقال: ( علام يقتل أحدكم أخاه؟ إذا رأى أحدكم من أخيه ما يعجبه فليدع له بالبركة ) ، ثم دعا بماء، فأمر عامراً أن يتوضأ، فغسل وجهه ويديه إلى المرفقين، وركبتيه وداخلة إزاره، وأمره أن يصب عليه" رواه ابن ماجة .
وفي رواية للطبراني وغيره: "فراح سهل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس به بأس".
معاني المفردات
جِلدَ مُخبّأة: المخبّأة هي الجارية التي في خدرها لم تتزوج بعد.
لُبِطَ به: صُرِع بسببه وسقط على الأرض.
فليدع له بالبركة: فليقل له بارك الله فيك.
وداخِلَة إزاره: طرفه وحاشيته من الداخل.
-
تفاصيل الموقف
بين مهاجري وأنصاري استحكمت عُرى المحبّة وتشابكت أغصان الأخوة حتى غدت جنّة وارفة الظلال، أما المهاجري: فهو عامر بن ربيعة أحد السابقين الأوّلين والقلائل المعدودين الذين هاجروا الهجرتين وشهدوا مع رسول الله -صلى الله عليه و سلم- غزوة بدر، وأما الأنصاري: فهو سهل بن حنيف أحد الأبطال الذين شهدت لهم ساحات القتال بشجاعتهم وثباتهم، لا سيّما يوم أحد حين انكشف الناس عن رسول الله عليه الصلاة والسلام فبايعه يومئذٍ على الموت وقام ينافح عنه بالنَبل، حتى انكشفت الغمّة وانتهت المعركة.
ولقد قامت دلائل المحبّة بين الصحابييّن الجليلين واضحةً لكل من كان يعرفهما ويراهما، ومن بين تلك الدلائل ما كان بينهما من التزاور والتلاقي بين الحين والآخر، خصوصاً إذا استبطأ أحدهما رؤية أخيه أو افتقده.
-
ويوماً عزم عامر بن ربيعة رضي الله عنه أن يزور أخاه سهلاً كعادته، فدخل عليه فإذا به يغتسل، وعندها توقّف عامر رضي الله عنه مشدوهاً، وهاله ما رآه من جمال أخيه الأنصاري الذي فاقت محاسنه كلّ تصوّر، فلم يُر قط بياضٌ كبياض جلده، ولا زهرة كزهرة لونه، فانفلت لسان عامر المعجب قائلاً: " لم أر كاليوم ولا جِلدَ مُخبّأة!".
وما أن خرجت تلك الكلمات من فم عامر رضي الله عنه حتى انطلقت سهماً صائباً في أخيه، فتهاوى جسده وتخاذلت قدماه، وخرّ صريعاً من لحظته.
تفاجأ عامر رضي الله عنه بما حدث، فلم يكن يتصوّر أن تُحدث كلماته في أخيه كلّ هذا الأثر، وندم على تسرّعه وتلقائيّته، وفي الوقت ذاته: ألجمته المصيبة التي حلّت فلم يدرِ ما يصنع.
-
وسرعان ما حُمل سهل رضي الله عنه إلى النبي –صلى الله عليه وسلم- والناس ينظرون إليه فزعين، وكلماتهم تستنجد برسول الله –صلى الله عليه وسلم- ليُرشدهم في إنقاذه قائلين: " أدرك سهلاً صريعاً".
نظر النبي –صلى الله عليه وسلم- إلى سهل رضي الله عنه وهو في حالةٍ يُرثى لها من الإعياء والإجهاد، وأدرك من النظرة الأولى أنه مصابٌ بالعين، فاستفسر عن الفاعل، فأُخبر أنه عامر رضي الله عنه، فغضب لذلك ووجه كلامه لعامّة من كان حوله: ( علام يقتل أحدكم أخاه؟) ، وحتى لا تتكرّر المأساة بيّن لهم ما يجب فعله على من رأى ما يُعجبه: (إذا رأى أحدكم من أخيه ما يعجبه فليدع له بالبركة ) .
وبعد التحصين جاء دور العلاج، فدعا بماء وأمر عامراً أن يتوضأ منه ، فيغسل الوجه واليدين، ثم الركبتين وطرف الإزار، ثم أمر أن يُجمع ذلك الماء فيُصبّ على سهل رضي الله عنه، وسرعان ما انجلت الغُمّة وانكشف البلاء، وزالت العين، لتكون تلك الحادثة شاهدة على أثر العين، ودرساً مهماً في كيفية التعامل معها.
-
إضاءات حول الموقف
تُبرز الحادثة التي وقفنا معها مدى خطورة العين وقوّة تأثيرها وبالغ ضررها؛ فهي ذلك السهم الذي لا يُرى بالعيون المجرّدة ولكن يُدرك أثرها من خلال نتائجها الوخيمة، فتجعل السليم سقيماً، والقوي ضعيفاً، والكثير قليلاً، والخصيب قاحلاً، بل هي قادرة على إنزال الفارس عن مركبه، وإيراد الرجل القبر، وإدخال الجمل القدر، كما صحّ بذلك الحديث.
ولأن العين حق، وأثرها نافذ وشرّها واقع، جاءت الأوامر الشرعيّة والنصوص النبويّة لتحذّر الناس من خطرها، وتدعوهم إلى التحصّن منها، وتبيّن لهم سبل الوقاية، وكيفيّة رفع بلائها.
فقد جاءت الوصيّة من النبي –صلى الله عليه وسلم- بالتزام الأذكار والأوراد الشرعيّة في كل يوم وليلة، كقراءة آية الكرسي، والدعاء بقول: " أعوذ بكلمات الله التامة، من كل شيطان وهامة، ومن كل عين لامة"، وقول: " أعوذ بكلمات الله التامة من شر ما خلق"، والمداومة على قراءة سورتي "الفلق والناس" التي قال عنهما النبي عليه الصلاة والسلام: ( ما تعوذ متعوذ بمثلهما) رواه أبو داوود .
-
كما جاء التشديد على ضرورة ذكر الله تعالى والدعاء بالبركة عند رؤية المستحسن من الأمور، فقد قال النبي –صلى الله عليه وسلم-: ( إذا رأى أحدكم من نفسه أو ماله أو من أخيه ما يعجبه فليدع له بالبركة؛ فإن العين حق) رواه الحاكم .
فإذا وقعت العين، شُرعت الرقية لدفعها، وقد كان جبريل عليه السلام يرقي النبي –صلى الله عليه وسلم- بقوله: " بسم الله أرقيك من كل شىء يؤذيك ، من شر كل نفس أو عينِ حاسد ، الله يشفيك، باسم الله أرقيك" رواه مسلم ، ورخّص النبي عليه الصلاة والسلام-كما صحّ عنه- بالرقى ما لم تكن شركاً.
-
ومن وسائل الاستشفاء من العين، الاغتسال من الماء الذي توضّأ منه العائن واغتسل به على نحو ما مرّ بنا في الموقف الذي تناولناه، ولا ينبغي للمسلم أن يمتنع من الاغتسال إذا اتُّهم بالعين، لأن النبي –صلى الله عليه وسلم قال: (وإذا استُغسلتم فاغتسلوا) رواه مسلم .
ومما يعين على درء العين والوقاية منها، ستر المحاسن عن أعين الناس حتى يُؤمن جانبهم، خصوصاً إذا كان الستر عند من لا يُؤمن شرّه، وقد رأى عثمان بن عفان رضي الله عنه غلاماً جميلاً ، فأمر أهله أن يخفوا جماله حتى لا تصيبه العين.
وخير ما نختم به قول الإمام ابن القيم في هذا الباب، حيث قال: " ومن جرّب هذه الدعوات والتعوّذات عرف مقدار منفعتها وشدة الحاجة إليها ، وهي تمنع وصول أثر العائن ، وتدفعه بعد وصوله ، بحسب قوة إيمان قائلها ، وقوة نفسه واستعداده ، وقوة توكله وثبات قلبه ، فإنها سلاح ، والسلاح بضاربه لا بحدّه" .
-
الثقة بالله
خلق الله الخلق جميعا لغاية واحدة؛ لعبادته وحده لا شريك له: {وَمَا خَلَقْتُ
الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ}[الذاريات(56)]، وقد بين لهم -سبحانه
وتعالى- كيفية العبادة، ووضَّح لهم صفتها، وفصَّل لهم أنواعها، فثمة عبادات ظاهرة
\"بالجوارح\"؛ كالصلاة والصيام، وما إلى ذلك، وعبادات باطنة \"قلبية\" كالخوف منه،
والتوكل عليه، والرضا به، وما أشبه ذلك، ومن هذه العبادات القلبية التي تعبد الله
بها عباده: الثقة به، وصدق الاعتماد عليه، وحسن التوكل عليه، وتفويض الأمور
إليه..
-
الثقة بالله صفة من صفات الأنبياء؛ فهذا خليل الرحمن إبراهيم -عليه السلام- حينما
ألقي في النار كان على ثقة عظيمة بالله؛ حيث قال :\"حسبنا الله ونعم الوكيل\" فكفاه
الله شر ما أرادوا به من كيد، وحفظه من أن تصيبه النار بسوء، قال تعالى: {قُلْنَا
يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ} [الأنبياء(69)].
ولما
فر نبينا -عليه الصلاة والسلام- من الكفار فدخل الغار؛ فحفظ الله نبيه من كيد
الكفار، وحرسه بعينه التي لا تنام؛ فعن أنس بن مالك - رضي الله عنه- أن أبا بكر
الصديق حدثه، قال: نظرتُ إلى أقدام المشركين على رءوسنا ونحن في الغار، فقلت: يا
رسول الله لو أن أحدهم نظر إلى قدميه أبصرنا تحت قدميه، فقال: (يا أبا بكر ما ظنك
باثنين الله ثالثهما)[رواه البخاري(3653) ومسلم(2381) وهذا لفظ مسلم].
-
إنها ثقة الحبيب -صلى الله عليه وسلم- العظيمة بالله، ولذلك خاف أبو بكر الصديق
-رضي الله عنه- على أن يصاب النبي -صلى الله عليه وسلم- بأذى؛ فرد عليه بلسان
الواثق بوعد الله: {لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللّهَ مَعَنَا}[التوبة(40)]، وفعلا كان
الله مع نبيه -عليه الصلاة والسلام- فحفظه وأيده ونصره، وجعل العاقبة له ولأتباعه
من المؤمنين والمؤمنات.
فعن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: \"حسبنا الله ونعم
الوكيل\" قالها إبراهيم عليه السلام حين ألقي في النار، وقالها محمد صلى الله عليه
وسلم حين قالوا: {إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ
إِيمَاناً وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ}[آل عمران(173)][رواه
البخاري(4563)].
ففي هذه الأوقات العصيبة والحرجة كانا حبيبا الرحمن إبراهيم
ومحمد -عليهما السلام- في ثقة عظيمة بالله.
-
والثقة أيضا صفة من صفات الأولياء الصادقين؛ قال يحيى بن معاذ: \"ثلاث خصال من صفة
الأولياء: الثقة بالله في كل شيء، والغنى به عن كل شيء، والرجوع إليه من كل
شيء\"[شعب الإيمان(2/354) للبيهقي].
وهي كذلك صفة من صفات العباد الزهاد،
فقد جاء رجل إلى حاتم الأصم فقال: \"يا أبا عبد الرحمن أي شيء رأس الزهد ووسط الزهد
وآخر الزهد؟ فقال: \"رأس الزهد الثقة بالله ووسطه الصبر وآخره الإخلاص\"، وقال
حاتم: \"وأنا أدعو الناس إلى ثلاثة أشياء: إلى المعرفة وإلى الثقة وإلى التوكل؛
فأما معرفة القضاء فأن تعلم أن القضاء عدل منه، فإذا علمت أن ذلك عدل منه فإنه لا
ينبغي لك أن تشكو إلى الناس أو تهتم أو تسخط، ولكنه ينبغي لك أن ترضى وتصبر. وأما
الثقة فالإياس من المخلوقين, وعلامة الإياس أن ترفع القضاء من المخلوقين، فإذا رفعت
القضاء منهم استرحت منهم واستراحوا منك، وإذا لم ترفع القضاء منهم فإنه لابد لك أن
تتزين لهم وتتصنع لهم، فإذا فعلت ذلك فقد وقعت في أمر عظيم، وقد وقعوا في أمر عظيم
وتصنع, فإذا وضعت عليهم الموت فقد رحمتهم وأيست منهم، وأما التوكل فطمأنينة القلب
بموعود الله تعالى فإذا كنت مطمئنا بالموعود استغنيت غنى لا تفتقر أبدا\"[حلية
الأولياء(8/75) لابن الجوزي].
-
والثقة بالله تجعل العبد راضيا بالله، قال حاتم الأصم: \"من أصبح وهو مستقيم في
أربعة أشياء فهو يتقلب في رضا الله: أولها الثقة بالله، ثم التوكل، ثم الإخلاص، ثم
المعرفة، والأشياء كلها تتم بالمعرفة\"[حلية الأولياء(8/75)]، وتجعله يائسا مما في
أيدي الناس؛ قيل لأبي حازم: \"يا أبا حازم ما مالك؟ قال: \"ثقتي بالله تعالى،
وإياسي مما في أيدي الناس\"[حلية الأولياء(3/231)].
ومن وثق بالله نجاه من كل
كرب أهمه؛ قال أبو العالية: \"إن الله -تعالى- قضى على نفسه أن من آمن به هداه،
وتصديق ذلك في كتاب الله: {وَمَن يُؤْمِن بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ}[التغابن(11)]،
ومن توكل عليه كفاه، وتصديق ذلك في كتاب الله: {وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ
فَهُوَ حَسْبُهُ}[الطلاق(3)]، ومن أقرضه جازاه، وتصديق ذلك في كتاب الله: {مَّن ذَا
الَّذِي يُقْرِضُ اللّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا
كَثِيرَةً}[البقرة(245)]، ومن استجار من عذابه أجاره، وتصديق ذلك في كتاب الله:
{وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعًا}[آل عمران(103)]، والاعتصام الثقة بالله،
ومن دعاه أجابه، وتصديق ذلك في كتاب الله: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي
فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ}[حلية الأولياء(2/221-
222)][البقرة(186)]، فكن واثقا بالله، متوكلا عليه، معتصما به.
-
الكلمـة الطيبـة
الكلمة الطيبة لما مزايا عديدة تقرب القلوب وتذهب حزنها وتمسح غضبها وتشعرنا عندما
نسمعها أننا في سعادة وحبذا لو رافقتها ابتسامة صادقة ،هي التي تسر السامع وتؤلف القلب
هي التي تحدث أثرا
طيباً في نفوس الآخرين
هي التي تثمر عملاً صالحاً في كل وقت بإذن الله
هي
التي تفتح أبواب الخير، وتغلق أبواب الشر
-
خصائـص الكلمـة الطيبـة
أنها جميلة رقيقة لا تؤذي المشاعر ولا تخدش النفوس
جميلة في اللفظ
والمعنى
يشتاق إليها السامع ويطرب لها القلب
نتائجها، مفيدة، وغايتها بناءة،
ومنفعتها واضحة
قال تعالى: (( ألم تر كيف ضرب الله مثلاً كلمةً طيبةً كشجرةٍ
طيبةٍ أصلها ثابت وفرعها في السماء، تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها ويضرب الله
الأمثال للناس لعلهم يتذكرون )) -
الحق سبحانه يدعونا إلـى الكلمـة الطيبـة في القرآن
الكريـم
قال الله تعالى :- (( وقولوا للناس
حسناً )).
وقال سبحانه:-(( وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن ))
وقال سبحانه
:-(( إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه ))
-
الدعوة إلـى الكلمـة الطيبـة فـي السنـة
النبويـة
قال صلى الله عليه وسلم: (( اتقوا
النار ولو بشق تمرة، فإن لم تجدوا فبكلمة طيبة ))
قال صلى الله عليه وسلم: ((
إن العبد ليتكلم بالكلمة من رضوان الله لا يلقي لها بالاً يرفعه بها درجات ……))
وقال: (( والكلمة الطيبة صدقة ))
وقال: (( من كان يؤمن بالله واليوم الآخر
فليقل خيراً أو ليصمت ))
(( وعن عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما، عن النبي صلى
الله عليه وسلم قال: (( في الجنة غرفة يُـرى ظاهرها من باطنها، وباطنها من ظاهرها))
فقال أبو مالك الأشعري: لمن هي يا رسول الله ؟ قال: " لمن أطاب الكلام، وأطعم
الطعام، وبات والناس نيام))
-
فوائـد الكلمـة الطيبـة
الكلمة الطيبة شعار لقائلها ودليل على طيب قائلها
الكلمة الطيبة تحول
العدو إلى صديق بإذن الله، وتقلب الضغائن التي في القلوب إلى محبة ومودة
تثمر
عملاً صالحاً في كل وقت بإذن الله
تصعد إلى السماء فتفتح لها أبواب السماء،
وتقبل بإذن الله: (( إليه يصعد الكلم الطيب …))
أنها من هداية الله وفضله للعبد،
قال تعالى : (( وهدوا إلى الطيب من القول ))
الكلمة الطيبة ثوابها ثواب
الصدقة
تطيب قلوب الآخرين، وتمسح دموع المحزونين، وتصلح بين المتباعدين
إلى غير ذلك من الفوائد التي لا يعلمها
إلا الله .
-
الشكر
إن من الآداب الحميدة والشيم العظيمة التي ينبغي التحلي بها هي شكر
الله على ما أفاض علينا من النعم العظيمة والخيرات الجليلة في ديننا ودنيانا قال
تعالى :{ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا }
[ ابراهيم:34]
تعريف الشكر :
لما كان الشكر له منزلة في حياة المسلم فقد عرفه
العلماء بتعريفات متقاربة
قال العلامة ابن القيم رحمه الله وهو يعرف الشكر
:" قيل : حده :الاعتراف بنعمة المنعم على وجه الخضوع .
وقيل : الثناء على المحسن
بذكر إحسانه .
وقيل : هو عكوف القلب على محبة المنعم والجوارح على طاعته وجريان
اللسان بذكره والثناء عليه.
وقيل : هو مشاهدة المنة وحفظ الحرمة .
وما ألطف
ما قال حمدون القصار : شكر النعمة أن ترى نفسك فيها طفيليا.
وقال أبو عثمان :
الشكر معرفة العجز عن الشكر.
وقيل : الشكر إضافة النعم إلى موليها بنعت
الاستكانة له.
الأدلة من الكتاب والسنة على الشكر:
لقد ورد لفظ الشكر في
الكتاب والسنة في مواطن عديدة منها
1- الأدلة من الكتاب :
قال تعالى: )
وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ وَمَنْ يَشْكُرْ
فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ)
(لقمان:12)
قال ابن كثير:
" أَنْ اُشْكُرْ لِلَّهِ " أَيْ أَمَرْنَاهُ أَنْ
يَشْكُر اللَّه عَزَّ وَجَلَّ عَلَى مَا أَتَاهُ اللَّه وَمَنَحَهُ وَوَهَبَهُ مِنْ
الْفَضْل الَّذِي خَصَّصَهُ بِهِ عَمَّنْ سِوَاهُ مِنْ أَبْنَاء جِنْسه وَأَهْل
زَمَانه ثُمَّ قَالَ تَعَالَى " وَمَنْ يَشْكُر فَإِنَّمَا يَشْكُر لِنَفْسِهِ "
أَيْ إِنَّمَا يَعُود نَفْع ذَلِكَ وَثَوَابه عَلَى الشَّاكِرِينَ لِقَوْلِهِ
تَعَالَى " وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِأَنْفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ ( تفسيرابن
كثير)
وقال تعالى: (وَوَصَّيْنَا الْأِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ
أُمُّهُ وَهْناً عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي
وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ) (لقمان:14)
-
قال ابن كثير:
وَإِنَّمَا يَذْكُر تَعَالَى تَرْبِيَة الْوَالِدَة وَتَعَبهَا
وَمَشَقَّتهَا فِي سَهَرهَا لَيْلًا وَنَهَارًا لِيُذَكِّر الْوَلَد بِإِحْسَانِهَا
الْمُتَقَدِّم إِلَيْهِ كَمَا قَالَ تَعَالَى " وَقُلْ رَبّ اِرْحَمْهُمَا كَمَا
رَبَّيَانِي صَغِيرًا " وَلِهَذَا قَالَ " أَنْ اُشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْك
إِلَيَّ الْمَصِير " أَيْ فَإِنِّي سَأَجْزِيك عَلَى ذَلِكَ أَوْفَر جَزَاء قَالَ
اِبْن أَبِي حَاتِم حَدَّثَنَا زُرْعَة حَدَّثَنَا عَبْد اللَّه بْن أَبِي شَيْبَة
وَمَحْمُود بْن غَيْلَان قَالَا حَدَّثَنَا عُبَيْد اللَّه أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيل
عَنْ أَبِي إِسْحَاق عَنْ سَعِيد بْن وَهْب قَالَ : قَدِمَ عَلَيْنَا مُعَاذ بْن
جَبَل وَكَانَ بَعَثَهُ النَّبِيّ فَقَامَ وَحَمِدَ اللَّه وَأَثْنَى عَلَيْهِ
ثُمَّ قَالَ : إِنِّي رَسُول رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
إِلَيْكُمْ أَنْ تَعْبُدُوا اللَّه وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَأَنْ
تُطِيعُونِي لَا آلُوكُمْ خَيْرًا وَإِنَّ الْمَصِير إِلَى اللَّه إِلَى الْجَنَّة
أَوْ إِلَى النَّار إِقَامَة فَلَا ظَعْن وَخُلُود فَلَا مَوْت .
وقال
تعالى:" يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاءُ مِنْ مَحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ وَجِفَانٍ
كَالْجَوَابِ وَقُدُورٍ رَاسِيَاتٍ اعْمَلُوا آلَ دَاوُدَ شُكْراً وَقَلِيلٌ مِنْ
عِبَادِيَ الشَّكُورُ"(سـبأ:13)
قال ابن كثير
وَقَوْله تَعَالَى : "
اِعْمَلُوا آلَ دَاوُدَ شُكْرًا " أَيْ وَقُلْنَا لَهُمْ اِعْمَلُوا شُكْرًا عَلَى
مَا أَنْعَمَ بِهِ عَلَيْكُمْ فِي الدِّين وَالدُّنْيَا وَشُكْرًا مَصْدَر مِنْ
غَيْر الْفِعْل أَوْ أَنَّهُ مَفْعُول لَهُ وَعَلَى التَّقْدِيرَيْنِ فِيهِ
دَلَالَة عَلَى أَنَّ الشُّكْر يَكُون بِالْفِعْلِ كَمَا يَكُون بِالْقَوْلِ
وَالنِّيَّة كَمَا قَالَ الشَّاعِر : أَفَادَتْكُمْ النَّعْمَاء مِنِّي ثَلَاثَة
يَدِي وَلِسَانِي وَالضَّمِير الْمُحَجَّبَا قَالَ أَبُو عَبْد الرَّحْمَن
السُّلَمِيّ الصَّلَاة شُكْر وَالصِّيَام شُكْر وَكُلّ خَيْر تَعْمَلهُ لِلَّهِ
عَزَّ وَجَلَّ شُكْر وَأَفْضَل الشُّكْر الْحَمْد رَوَاهُ اِبْن جَرِير وَرَوَى
هُوَ وَابْن أَبِي حَاتِم عَنْ مُحَمَّد بْن كَعْب الْقُرَظِيّ قَالَ الشُّكْر
تَقْوَى اللَّه تَعَالَى وَالْعَمَل الصَّالِح وَهَذَا يُقَال لِمَنْ هُوَ
مُتَلَبِّس بِالْفِعْلِ . وَقَدْ كَانَ آلُ دَاوُدَ عَلَيْهِمْ السَّلَام كَذَلِكَ
قَائِمِينَ بِشُكْرِ اللَّه تَعَالَى قَوْلًا وَعَمَلًا قَالَ اِبْن أَبِي حَاتِم
حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا عَبْد اللَّه بْن أَبِي بَكْر حَدَّثَنَا جَعْفَر
يَعْنِي اِبْن سُلَيْمَان عَنْ ثَابِت الْبُنَانِيّ قَالَ كَانَ دَاوُدُ عَلَيْهِ
السَّلَام قَدْ جَزَّأَ عَلَى أَهْله وَوَلَده وَنِسَائِهِ الصَّلَاة فَكَانَ لَا
تَأْتِي عَلَيْهِمْ سَاعَة مِنْ اللَّيْل وَالنَّهَار إِلَّا وَإِنْسَان مِنْ آلِ
دَاوُدَ قَائِم يُصَلِّي فَغَمَرَتْهُمْ هَذِهِ الْآيَة " اِعْمَلُوا آلَ دَاوُدَ
شُكْرًا وَقَلِيل مِنْ عِبَادِي الشَّكُور " وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ رَسُول
اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : إِنَّ أَحَبَّ الصَّلَاة
إِلَى اللَّه تَعَالَى صَلَاة دَاوُدَ كَانَ يَنَام نِصْف اللَّيْل وَيَقُوم ثُلُثه
وَيَنَام سُدُسه وَأَحَبّ الصِّيَام إِلَى اللَّه تَعَالَى صِيَام دَاوُدَ كَانَ
يَصُوم يَوْمًا وَيُفْطِر يَوْمًا وَلَا يَفِرّ إِذَا لَاقَى وَقَدْ رَوَى أَبُو
عَبْد اللَّه بْن مَاجَهْ مِنْ حَدِيث سَعِيد بْن دَاوُدَ حَدَّثَنَا يُوسُف بْن
مُحَمَّد بْن الْمُنْكَدِر عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَابِر رَضِيَ اللَّه عَنْهُ قَالَ :
قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : قَالَتْ أُمّ سُلَيْمَان
بْن دَاوُدَ عَلَيْهِمْ السَّلَام لِسُلَيْمَان يَا بُنَيّ لَا تُكْثِر النَّوْم
بِاللَّيْلِ فَإِنَّ كَثْرَة النَّوْم بِاللَّيْلِ تَتْرُك الرَّجُل فَقِيرًا يَوْم
الْقِيَامَة وَرَوَى اِبْن أَبِي حَاتِم عَنْ دَاوُدَ عَلَيْهِ الصَّلَاة
وَالسَّلَام هَهُنَا أَثَرًا غَرِيبًا مُطَوَّلًا جِدًّا وَقَالَ أَيْضًا
حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا عِمْرَان بْن مُوسَى حَدَّثَنَا أَبُو زَيْد قَبِيصَة
بْن إِسْحَاق الرَّقِّيّ قَالَ : قَالَ فُضَيْل فِي قَوْله تَعَالَى : " اِعْمَلُوا
آلَ دَاوُدَ شُكْرًا " قَالَ دَاوُدُ يَا رَبّ كَيْف أَشْكُرك وَالشُّكْر نِعْمَة
مِنْك ؟ قَالَ الْآن شَكَرْتنِي حِين قُلْت إِنَّ النِّعْمَة مِنِّي وَقَوْله
تَعَالَى : " وَقَلِيل مِنْ عِبَادِي الشَّكُور " إِخْبَار عَنْ الْوَاقِع .
وقال تعالى :"قَالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ
قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرّاً عِنْدَهُ
قَالَ هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَنْ
شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ
كَرِيمٌ) (النمل:40)