ملخص كتاب تهذيب مدارج السالكين لشيخ الإسلام أبن قيم الجوزي

    • لطائف أسرار التوبة :




      1.أن ينظر الجناية التي قضاها الله عليه ،فيعرف مراد الله فيها

      ،إذا خلاك وإتيانها ،فإن الله عزوجل إنما خلى العبد والذنب لأجل معين .
      2.أن يعرف عزته في قضائه ،وبره في ستره .

      ،وحلمه في إمهال راكبه ،وكرمه في قبول العذر منه ،وفضله في مغفرته .
      3.أن يقيم على عبده حجة عدله ،فيعاقبه على ذنبه بحجته .





      ¤ولصاحب الخطيئة أن ينظر في هذه الأمور حال صدور ذنبه :


      1-أن ينظر إلى أمر الله ونهيه ،فيحدث الاعتراف بكونها خطيئة ،والأقرار على نفسه بالذنب .

      2-أن ينظر إلى الوعد والوعيد ،فيحدث له ذلك خوفا وخشية ،تحمله على التوبة .




      3-أن ينظر إلى تمكين الله له منها ،وتخليته بينه وبينها ،وتقديرها عليه

      ،وأنه لو شاء لعصمه منها ،فيحدث له ذلك أنواعا من المعرفة بالله وأسمائه وصفاته

      ،وحكمته ،ورحمته ،ومغفرته ،وعفوه ،وحلمه وكرمه .



      4-أن يعرف العبد عزته في قضائه ،وهو أنه سبحانه العزيز الذي يقضي بما يشاء ،
      وأنه لكمال عزته حكم على العبد وقضى عليه
      ،بأن قلب قلبه وصرف إرادته على مايشاء ،وحال بين العبد وقلبه .





      5-أن يشهد أن الكمال والحمد
      ،والغناء التام ،والعزة ،كلها لله
      ،وأن العبد نفسه أولى بالتقصير والذم ،والعيب والظلم والحاجة .

      6-أن يعرف بره سبحانه في ستره عليه حال ارتكاب المعصية
      ،مع كمال رؤيته له .ولو شاء لفضحه بين خلقه فحذروه،وهذا من كمال بره .



      7-شهود حلم الله سبحانه وتعالى في إمهال راكب الخطيئة ،ولو شاء لعاجله بالعقوبة .

      9-معرفة العبد كرم ربه في قبول العذر منه إذا اعتذر إليه
      ،فيقبل عذره بكرمه وجوده ،فيوجب له ذلك اشتغالا بذكره وشكره.





      10-أن يشهد فضله في مغفرته ،فإن المغفرة فضل من الله ،وإلا فلو أخذك بمحض حقه
      ،كان عادلا محمودا ،وإنما عفوه بفضله لا باستحقاقك ،فيوجب لك ذلك شكرا له ومحبة.

      9-أن يكمل لعبده مراتب الذل والخضوع والانكسار بين يديه ،والافتقار إليه .


      تهذيب مدارج السالكين
      ج1ص(207،204)
      .

      • القرآن جنتي
    • مراتب ذل العبودية .




      1.مرتبة مشتركه بين الخلق ،وهي ذل الحاجة والفقر إلى الله ،
      فأهل السموات والأرض جميعا محتاجون إليه
      ،فقراء إليه وهو وحده الغني عنهم ،وكلهم يسألونه وهو لا يسأل أحد .


      2.ذل الطاعة ،والعبودية
      ،وهو ذل الاختيار ،وهو خاص بأهل طاعته ،وهو سر العبودية .



      3.ذل المحبة ،فإن المحب ذليل بالذات
      ،وعلى قدر محبته له يكون ذله

      "فالمحبة أسست على الذلة للمحبوب

      كما قيل :




      اخضع وذل لمن تحب فليس في............حكم الهوى أنف يشال ويعقد










      4.ذل المعصية والجناية .


      فإذا اجتمعت هذه المراتب الاربع كان الذل لله والخضوع له أكمل وأتم ،
      إذ يذل له خوفا وخشية ،ومحبة،وإنابة ،وطاعة
      ،وفقرا،وفاقة .وحصوله أنفع شيء للعبد ،وأحب شيء لله .



      تهذيب مدارج السالكين .
      ج1ص(207)

      • القرآن جنتي
    • العقوبة بعد إقامة الحجة.




      أن الله عزوجل خلى بين العبد والذنب
      من أجل أن يقيم على عبده حجة عدله ،فيعاقبه على ذنبه بحجته .



      ¤اعتراف العبد بقيام حجة الله عليه من لوازم الإيمان ،
      اطاع ام عصى .

      ،فإن حجة الله قامت على العبد ب:




      1.ارسال الرسل .

      2.إنزال الكتب.

      3.بلوغ ذلك إليه .

      4.تمكنه من العلم به .





      ¤فكل من تمكن من معرفة ما أمر الله به ونهى عنه ،فقصر
      ،فإذا عاقبه على ذنبه ،عاقبه بحجته على ظلمه .




      قال تعالى:{وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا}[الإسراء :15].








      -لمن يكون الأنتفاع بالإنذار ؟



      قال تعالى:{لينذر من كان حيا ويحق القول على الكافرين}[يس:70].







      الناس قسمان :


      1.حي قابل للانتفاع ،ويقبل الإنذار ،وينتفع به.

      2.ميت لا يقبل الإنذار ،ولا ينتفع به ،لأن أرضه غير زاكيه ،ولا يقبل الخير ألبته
      ،فيحق عليه القول بالعذاب .وتكون عقوبته بعد قيام الحجة عليه .





      ¤حاصل الأمر كله ¤

      ¤أن الله سبحانه ،أمر العباد أن يكونوا مع مراده الديني
      ،لا مع مراد أنفسهم .
      مع علمه بموت قلوب بعضهم .


      ¤أهل الطاعة آثروا الله ومراده على مرادهم ،فاستحقوا كرامته .




      ¤وأهل معصيته آثروا مرادهم على مراد الله
      ،فقامت عليهم بالمعصية حجة عدله ،فعاقبهم بظلمهم .



      تهذيب مدارج السالكين
      ج1ص(218،216)

      • القرآن جنتي
    • نفس معيبه ...ورب متفضل .

      ¤النفس الأمارة بالسوء هي محل الجناية ومصدرها







      .قال تعالى :{إن النفس لأمارة بالسوء}[يوسف :53].







      ¤النفس جاهلة ظالمة،والجهل والظلم يصدر عنهما كل قول وعمل قبيح .


      ¤فيوجب له ذلك :




      1.بذل الجهد في العلم النافع الذي يخرجها به عن وصف الجهل .

      2.العمل الصالح الذي يخرجها به عن وصف الظلم .

      3.أن يرغب إلى خالقها بالدعاء ،ليقيه شرها

      4.ولا يكل نفسه إليها فيهلك .



      قال النبي صلى الله عليه وسلم لحصين بن المنذر :


      ((قل اللهم ألهمني رشدي ،وقني شر نفسي)).





      ¤ومن عرف نفسه علم أن كل خير فيها فهو فضل من الله من به عليه .

      قال تعالى :



      {ولولا فضل الله عليكم ورحمته مازكى منكم من أحدا أبدا}



      [ النور:21].





      وقال :{ولكن الله حبب إليكم الإيمان وزينه في قلوبكم
      وكره إليكم الكفر والفسوق والعصيان أولئك هم الراشدون}




      فهذا الحب وهذه الكرامة لم يكونا في النفس
      ،ولكن الله هو الذي من بهما ،فجعل العبد بسببهما من الراشدين




      {فضلا من الله ونعمة والله عليم حكيم}



      [الحجرات :8].

      تهذيب مدارج السالكين .
      ج1ص(219،218).


      • القرآن جنتي
    • اللطيفة الثانية من أسرار التوبة




      إذا نظر التائب ببصيرته الصادقة في سيئته لم يبق له حسنة بحال
      ،لأن له بصيرة بنفسه ،وبصيرة بحقوق الله .




      ¤وإذا فتش عن عيوب نفسه وعيوب عمله،علم أنها لا تصلح لله .




      ¤فهو دائما يشاهد منة الله عليه ،ولعيوب نفسه وعمله
      .وهذا من أجل أنواع المعارف وأنفعها للعبد ،





      ¤ولذالك كان سيد الاستغفار




      ((اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت ،خلقتني ،وأنا عبدك ،
      وأنا على عهدك ووعهدك ما استطعت ،أعوذ بك من شر ما صنعت
      ،أبوء لك بنعمتك علي ،وأبوء بذنبي "فاغفر لي ،إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت )).




      ¤هذا الاستغفار :



      الاعتراف من العبد بربوبية الله ،وإلهيته وتوحيده
      .وبأنه الخالق ،العالم به ثم الألتزام، والدخول تحت عهده وهو أمره ونهيه
      ،الذي عهده إليه على لسان رسوله ،وأن ذلك بحسب استطاعته،لا بحسب أداء حقك .





      ¤فإنه غير مقدور للبشر ،وإنما هو جهد المقل ،وقدر الطاقة
      ،والله عزوجل يثيب عليه ،بمنه وكرمه ورحمته لعباده .


      تهذيب مدارج السالكين
      ج1ص(221،219)

      • القرآن جنتي
    • الشيطان ملحاح بطيء اليأس





      ¤ينبغي للأنسان أن ينظر إلى الآمر له بالمعصية

      ،المزين له فعلها ،الحاض له عليها،وهو شيطانه الموكل به .




      فيفيد النظر إليه ولاحظته :




      1.اتخاذه عدوا

      2.كمال الاحتراز منه.

      3.التحفظ واليقظة .




      4.الانتباه لمايريد منه عدوه وهو لا يشعر .


      ¤العقبات التي يريد الشيطان¤ :





      1.عقبة الكفر بالله وبدينه ولقائه .وبصفات الكمال ،وبما أخبر به رسله عنه .




      فإن نجا منها المؤمن وسلم نور الإيمان .طلب الشيطان العقبه الثانية .





      2.وهي البدعة ،إما باعتقاد خلاف الحق الذي أرسل الله به رسوله،
      وأنزل به كتابه ،وإما بالتعبد بما لم يأذن به الله .





      ¤فأن خلص المؤمن ونجا بأتباع السلف من الصحابة والتابعين لهم بإحسان
      ،طلب الشيطان العقبة الثالثة .





      3.وهي عقبة الكبائر ،فإن ظفر به فيها زينها له
      ،وحسنها في عينه ،وسوف به ،وفتح له باب الارجاء .




      وقال له شيطانه:الايمان هو نفس التصديق فلا تقدح فيه الأعمال السيئة والمعاصي .




      وهذا هو معنى الأرجاء .وهو من شر البدع الذي يفسد الدين .ومناقض للشرع




      فإن الإيمان قول باللسان واعتقاد بالقلب وعمل بالجوارح .








      ¤.فإن سلم المؤمن من شرها بنور الله ،فإن الشيطان يطلب العقبة الرابعة.




      4.وهي عقبة الصغائر ،فيقول له :ما عليك إذا اجتنبت الكبائر ماغشيت من اللمم،

      أو علمت بأنها تكفر باجتناب الكبائر وبالحسنات،ولا يزال يهون عليه حتى يصر عليها.

      ،والإصرار على الذنب أقبح منه.،ولاكبيرة مع التوبة والاستغفار ،ولا صغيرة مع الإصرار .

      قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
      ((إياكم ومحقرات الذنوب ....)).صحيح رواه أحمد.












      ¤فإن نجا منها المؤمن بالتحرز منها والتحفز
      ،ودوام التوبة والاستغفار،وأتبع السيئة الحسنة ،طلب العقبة الخامسة .





      5.وهي عقبة المباحات التي لا حرج على فاعلها ،فشغله بها عن الاستكثار من الطاعات

      ،وعن الاجتهاد في التزود،ثم طمع فيه أن يستدرجه منها إلى ترك السنن،

      ثم من ترك السنن إلى ترك الواجبات.




      ¤فإن نجا المؤمن منها بطلب المنازل العالية بالإجتهاد في العبادة والسنن
      ،طلب الشيطان العقبة السادسة .





      6. عقبة الأعمال المرجوحة المفضولة من الطاعات ،فأمر بها ،وحسنها في عينيه ،

      وزينها له،وأراه مافيها من الفضل والربح

      ،ليشغله بها عما هو أفضل منها ربحا وكسبا .

      وأصحاب هذه العقبة هم افراد قلة والأكثرون قد ظفر بهم في العقبات الأول.





      ¤فإن نجا منها بفقه في الأعمال ومراتبها عند الله
      ،ومنازلها من الفضل ،والتمييز بين عاليها وسافلها ،وسيدها ومسودها ،



      ¤فإن الاعمال تتفاضل
      لقوله صلى الله عليه وسلم((
      سيد الاستغفار أن يقول العبد :اللهم أنت ربي...))


      وفي الحديث


      ((الجهاد ذروة سنام الأمر))




      حديث صحيح .



      ولا يقطع هذه العقبة إلا أهل البصائر والصدق من أولي العلم .



      تهذيب مدارج السالكين .
      ج1ص(225،221).

      • القرآن جنتي
    • عبودية المراغمة





      ¤إذا نجا المؤمن من عقبات الشيطان الستة السابقة،
      لم يبق له سوى تسليط جنده عليه
      بأنواع الأذى ،باليد واللسان والقلب ،على حسب مرتبته في الخير ،






      ¤فكلما علت مرتبته أجلب عليه العدو بخيله ورجله
      ،وظاهر عليه بجنده ،وسلط عليه حزبه
      وأهله بأنواع التسليط ،وهذه العقبة لا حيلة في التخلص منها،
      فإنه كلما جد في الاستقامة والدعوة إلى الله ،جد العدو في إغراء السفهاء به .





      ¤ففي هذه الحالة يحارب عدوا الله ،لله و بالله. . .





      ¤وهذه العبادة تمسى المراغمة .






      قال تعالى :{ومن يهاجر في سبيل الله يجد في الأرض مراغما كثيرا وسعة}[النساء :100]..







      ¤سمي المهاجر الذي يهاجر لعبادة الله مراغما يراغم به عدو الله وعدوه.
      والله يحب من وليه مراغمة عدوه وإغاظته ،




      ¤قال تعالى :{ذلك بأنهم لا يصيبهم ظمأ ولا نصب ولا مخمصة في سبيل الله
      ولا يطؤون موطئا يغيظ الكفار ولا ينالون من عدو نيلا إلا كتب لهم به عمل صالح
      إن الله لا يضيع أجر المحسنين}[التوبة :120]...







      ¤وإذا سها في صلاته سجد سجدتين
      ،وقال صلى الله عليه وسلم عنها :


      ((ترغيما للشيطان))



      .صحيح مسلم .




      ¤من تعبد لله بمراغمة عدوه ،فقد أخذ بسهم وافر
      ،ولهذا حمد التبختر بين الصفين.
      ،والخيلاء والتبختر عند صدقة السر ،حيث لا يراه إلا الله،





      ¤لما في ذلك من إرغام العدو ،
      وبذل محبوبه من نفسه وماله لله عزوجل .




      تهذيب مدارج السالكين .
      ج1ص(226،225)


      • القرآن جنتي
    • الفطرة تأبى القبائح




      ¤من لطائف التوبة




      :أن يرى التائب قبح مانهى الله عنه ،وحسن ما أمر الله به
      ،وأنه كان مفسدا حين ركب ما نهاه الله تعالى عنه ،
      مفوتا لمصلحة حين قصر في تنفيذ ما أراده الله منه .







      ¤وأن الله تعالى مانهى إلا عن كل قبيح بالذات
      ،وما أمر إلا بأمر حسن الذات .



      ¤ومن أعلام نبوة محمد صلى الله عليه وسلم أنه يأمرهم بالمعروف
      ،وينهاهم عن المنكر ،ويحل لهم الطيبات،ويحرم عليهم الخبائث.





      ¤فهو يأمر بما تشهد العقول الصحيحة حسنه وكونه معروفا
      ،وماينهى عنه تشهد قبحه وكونه منكرا،
      ومايحله تشهد كونه طيبا ،ومايحرمه تشهد كونه خبيثا.






      ¤وهذه دعوة جميع الرسل صلوات الله عليهم
      .وهي بخلاف دعوة المبطلين والكاذبين والسحرة.





      ¤اعلم أن الله سبحانه فطر عباده على استحسان الصدق والعدل والعفة والإحسان
      ،ومقابلة النعم بالشكر ،وفطرهم على استقباح اضدادها ،ونسبه إلى فطرهم.


      وعقولهم كنسبة الحلو والحامض إلى أذواقهم
      ،وكنسبة رائحة المسك ورائحة النتن إلى مشامهم
      ،وكذلك كل مايدركونه بمشاعرهم الظاعرة والباطنة
      ،فيفرقون بين طيبه وخبيثه ،ونافعه وضاره .





      ¤ولهذا قيل لبعض الأعراب عن أي شيء أسلمت ؟
      وما رأيت منه مما دلك على أنه رسول الله ؟قال:


      ((ما أمر بشيء ،فقال العقل :ليته نهى عنه ،ولا نهى عن شيء،فقال العقل :ليته أمر به
      ،ولا أحل شيئا ،فقال العقل :ليته حرمه ،ولاحرم شيئا ،فقال العقل :ليته أباحه))





      تهذيب مدارج السالكين
      . ج1(ص230،227)


      • القرآن جنتي
    • من أسرار التوبة





      ¤من لطائف التوبة وأسرارها التي يتضح فيها الحسن والقبح

      تقتضي رؤية الفرق بين محبة الله ورضاه

      ،ومشيئته وإرادته الكونية ،وعدم التسوية بينهما ،أو اعتقاد تلازمهما .





      ¤دل القرآن على الفرق بينهما،والسنة ،والعقل ،والفطرة ،وإجماع المسلمين.




      ·قال تعالى :{يستخفون من الناس ولا يستخفون من الله
      وهو معهم إذ يبيتون مالا يرضى من القول}[النساء :108].







      ·فقد اخبر أنه لايرضى بما يبيتون من القول ،مع أن كله بمشيئة الله .


      ¤ومذهب سلف الأمة وأئمتها أنه مسخوط للرب
      ،مكروه له قدرا وشرعا ،مع أنه وجد بمشيئته وقضائه ،فإنه يخلق مايحب وما يكره.

      فخلق إبليس وأعوانه وخلق الرسل والملائكة وأوليائه
      ،وهكذا الأفعال كلها خلقه .
      خلقها لحكمة له في خلقه .








      ·وفي مسند احمد : ((إن الله يحب أن يؤخذ برخصه ،كما يكره أن تؤتى معصيته))







      ¤وقد فطر الله عباده على قولهم:هذا الفعل يحبه الله
      ،وهذا يكرهه الله ويبغضه،وفلان يفعل مالا يحبه الله.


      ¤وكان من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم :


      ((اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك ،وأعوذ بمعافانك من عقوبتك ،وأعوذ بك منك))



      رواه مسلم .

      ¤فتأمل كيف استعاذ بصفة


      (الرضا)




      من صفة


      (السخط)




      .وبفعل


      (المعافاة)




      من فعل


      (العقوبة)







      ¤فالأولى :للصفة ،
      ¤والثانية: لأثرها المترتب عليها ،
      ¤ثم ربط ذلك كله بذاته سبحانه .
      ¤وأن ذلك كله راجع إليه وحده ،لا إلى غيره .




      تهذيب مدارج السالكين .
      ج1ص(238،234).

      • القرآن جنتي
    • راقب عملك ...وناقش نفسك





      ¤من العباد من توفرت فيهم همم العمل والأستكثار من الأعمال الصالحة
      دون النظر في جوانب القصور فيها .

      ¤ويحملهم استكثارهم منها على الأعجاب بها
      ،دون محاسبة النفس عليها ،ممايزرع في قلوبهم شوك الرياء وشوائبه.





      ¤فإذا أخذ بتخليص نفسه من العجب بالعبادة وتنقيتها من الكدر وجد لعمله حلاوة
      ،وسهل عليه حمل أثقاله ،والقيام بأعبائه،والتلذذ والتنعم به مع ثقله ..

      ¤فإذا جمعت قلبك كله على ركعتين ،أعطيتهما ماتقدر عليه من الحضور
      ،والخشوع والمراقبة ،لم تكد أن تصلي غيرهما إلا بجهد
      ،فإذا خلا القلب من ذلك عددت الركعات بلا حساب .



      ¤فالأستكثار من الطاعات دون مراعاة آفاتها دليل على قلة الفقه .


      ¤وقد يرى فاعلها أن له حقا على الله في مجازاته على تلك الحسنات بالجنات والنعيم والرضوان
      ،ولهذا كثرت في عينيه مع غفلته عن أعماله ،
      لا يدري أنه لن ينجو ألبته من النار بعمله إلا بعفو الله ورحمته .




      ¤اعلم ان العمل بالجوارح دون حضور للقلب قليل المنفعه ..

      ¤وإن كثير متعب غير مفيد.





      ¤فالعمل الخارجي قشور بمنزلة النخالة ،كثير المنظر قليل الفائدة
      ،فإن الله لا يكتب للعبد من صلاته إلا ما عقل منها ..



      ¤اعلم ان احب العباد لله المستكثرين من العبادة مع مراقبة لها


      ،قال تعالى :{كانوا قليلا من الليل ما يهجعون وبالأسحار هم يستغفرون}[الذاريات:18،17]..







      قال الحسن مدوا الصلاة إلى السحر ،ثم جلسوا يستغفرون .


      وقال الرسول صلى الله عليه وسلم لرجل سأله أن يوصيه بشيء يتشبث به:


      ((لايزال لسانك رطبا من ذكر الله)



      .صحيح الترمذي.

      وفي الحديث:



      ((ماتقرب إلى عبدي بمثل أداء ما افترضته عليه ،ولا يزال عبدي يتقرب إلى بالنوافل حتى أحبه



      ..... الخ)).رواه البخاري



      فهذا جزاؤه وكرامته للمستكثرين من طاعته.




      .تهذيب مدارج السالكين
      ج1ص(242،240)


      • القرآن جنتي
    • صغيرة المؤمن ....كبيرة.





      ¤اعلم رحمك الله أن استقلال المعصية ذنب
      ،كما أن استكثار الطاعة ذنب .





      ¤والعارف من صغرت حسناته في عينيه
      ،وعظمت ذنوبه عنده،وكلما صغرت الحسنات في عينيك كبرت عند الله
      ،وكلما كبرت وعظمت في قلبك قلت وصغرت عند الله ،وسيئاتك بالعكس،.





      ¤العارف بالله كلما استكثر من الحسنات فتحت له أبواب المعرفة بالله ،
      وعلم أن اعماله لاتليق بعزت

      ه فيستصغر أعماله في حق الله .ولو كانت أعمال الثقلين.



      ¤وإذا كثرت اعماله في عينيه وعظمت دل على أنه محجوب عن الله
      ،غير عارف به وبما ينبغي له .



      ¤وبحسب هذه المعرفة ومعرفته بنفسه يستكثر ذنوبه
      ،وتعظم في عينيه ،لمشاهدته الحق ومستحقه.
      وتقصيره في القيام به على الوجه اللائق الموافق لما يحبه الرب ويرضاه من كل وجه.





      تهذيب مدارج السالكين
      ح1ص(243،242).


      • القرآن جنتي
    • الوقوف....رجوع.





      ¤تضيع الوقت في اللغوا واللهو يفضي إلى الدركات والنقيصة
      ،ويطفئ نور المراقبة.


      ¤الحفاظ على الوقت من اللغوا واللهو
      يرقى بصاحبه على درجات الكمال .





      ¤اعلم ان العبد سائرا في حياته لايقف البته في موضعه
      .إما يسير إلى فوق أو إلى أسفل

      وإما للأمام أو للخلف ،

      وليس في الطبيعة ،ولافي الشريعة وقوف البته.



      ¤فمسرع ومبطئ،ومتقدم ومتأخر ،وليس.
      في الطريق واقف ألبته ،وإنما يتخالفون في جهة السير ،وفي السرعة والبطء







      قال تعالى :{إنها لإحدى الكبر نذير للبشر لمن شاء منكم أن يتقدم أو يتأخر}ولم يذكر واقفا،







      ¤إذا لا منزلة بين الجنة والنار ،ولا طريق لسالك إلى غير الدارين ألبته .

      ¤فمن لم يتقدم إلى اï»·عمال الصالحة فهو متأخر إلى تلك باï»·عمال السيئة..





      وقفة المجد وفتوره هل هي نكسة؟





      گلابد من أن يصاب الأنسان بفترة من حياة بفتور يؤدي إلى توقفه وبطئه في العمل

      .ويكون لسببان:




      1.إما أن يقف ليجم نفسه اي يريحها ،ويعدها للسير ،فهذه وقفته سير ،ولا تضره






      فإن ((لكل عمل شرة ....ولكل شرة فترة)




      مشكل الآثار صحيح اخرجه أحمد.



      2.وإما ان يقف لداع دعاه من ورائه ،فإن أجابه أخره ولابد .

      فإن تداركه الله برحمته،نهض نهضة الغضبان اللآسف على الانقطاع
      ،ووثب واشتد سعيا ليلحق الركب .



      ،وإن استمر مع داعي التأخر
      ،وأصغى إليه رده إلى أسوء حال وأنتكس .




      تهذيب مدارج السالكين
      ج1ص(244،243).

      • القرآن جنتي
    • التوبة العامة

      ¤اعلم أن ذنوب العبد التي لا يعلمها أكثر مما يعلمها .

      ¤وقد يغفل الكثيرين عن الأستغفار والتوبة عن ذنوب لم تخطر لهم ببال
      ،فتكون عليهم وبالا يوم القيامة.

      ¤فينبغي أن نتعلم كيف نتوب ونستغفر منها حتى لا تباغتنايوم الحساب..
      ..ولنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم القدوة الحسنة.


      ¤فكان من داعائه الذي يشملها:

      (أنه كان يدعو في صلاته :اللهم اغفرلي خطيئتي وجهلي
      ،وإسرافي في أمري ،وما أنت أعلم به مني
      ،اللهم اغفر لي جدي وهزلي ،وخطئي وعمدي
      ،وكل ذلك عندي ،اللهم اغفر لي ماقدمت وما أخرت
      ،وماأسررت وما أعلنت ،وما أنت أعلم به مني ،أنت إلهي لا إله إلا أنت
      )).رواه البخاري .

      ¤وفي حديث آخر ((اللهم اغفر لي ذنبي كله ،دقه وجله،خطأه
      وعمده ،سره وعلانيته ،أوله وآخره
      )).رواه مسلم

      تهذبب مدارج السالكين




      ج1ص(248،247).

      • القرآن جنتي
    • ¤هل من شرط التوبة وصحتها أن لا يعود إلى الذنب أبدا؟ .


      ¤أكثر أهل العلم على أنه لايشترط وإنما صحة التوبة تتوقف على:

      1.الإقلاع عن الذنب،

      2.الندم عليه.

      3.العزم الجازمعلى ترك معاودته.

      ¤فأن عاوده مع عزمه حال التوبة على أن لايعاوده ،
      صار كمن ابتدأ المعصية ،ولم تبطل توبته المتقدمة.


      ¤اعلم أن التوبةالمتقدمة حسنة ،ومعاودة الذنب سيئة ف
      لا تبطل معاودته هذه الحسنة ،كما لا تبطل ماقارنتهامن الحسنات .


      ¤اعلم أن الشخصالواحد يكون فيه ولاية لله وعداوة من وجهين مختلفين .


      ¤ويكون محبوبا لله مبغوضا له من وجهين أيضا..

      ¤بل يكون فيه إيمانونفاق ،وإيمان وكفر ،ويكون أحدهماأقرب منه إلى الآخر.

      ،فيكون من أهله،قال تعالى :{هم للكفر يومئذ أقربمنهم للإيمان}[آل عمران:167].
      وقال :{وما يؤمنأكثرهم بالله إلا وهم مشركون}[يوسف:106].

      ¤أثبت لهم الإيمان ،مع مقارنة الشرك ،
      فإن كان مع هذا الشرك تكذيب لرسله لم ينفعهم مامعهم من الإيمان،


      ¤وإن كان معه تصديق لرسله، وهم مرتكبون لأنواع من الشرك لا تخرجهم عن الإيمان بالرسل
      وباليوم الآخر ،فهؤلاءمستحقون للوعيد أعظم من استحقائق أرباب الكبائر .


      ¤وأهل الكبائرمستحقون دخول النار لكبائرهم ،ثم خروجهم منها
      ودخولهم الجنة لوجود الإيمان في قلوبهم.


      ¤فثبت بذلك أنمعاود الذنب مبغوض لله من جهة معاودة الذنب
      ،محبوب له من جهة توبته وحسناتهالسابقة ،


      ¤فيرتب الله سبحانه على ذلك سبب أثره ومسببه بالعدل والحكمة ،و
      لا يظلم مثقال ذرة {وماربك بظلام للعبيد}[فصلت:46].


      تهذيب مدارج السالكين
      ج1ص(254248).
      • القرآن جنتي
    • حسن الخاتمة يحفظ ذخيرة العمر




      ¤إذا استغرقت السيئات الحديثه الحسنات القديمة أبطلتها
      ،فإذا تاب بعد ذلك توبة نصوحة عادت إليه حسناته .




      _قال حكيم بن حزام:
      (يا
      رسول الله ،أرأيت عتاقة أعتقها في الجاهلية ،وصدقة ،تصدقت بها ،وصلة وصلت بها رحمي
      ،فهل لي فيها
      من أجر ؟فقال :أسلمت على ماأسلمت من خير
      )).رواه البخاري.



      ¤ أن الإساءة المتخللة بين الطاعات ترتفع بالتوبة
      ،وصارت كأنها لم تكن ،فتلاقت الطاعات واجتمعتا.




      ¤من احكام التوبة ¤



      هل العاصي الذيحيل بينه وبين المعصية وعجز عن اتيانها تصح توبته ؟


      -مثل السارق الذيقطعت اطرافه الأربعة بحيث عجز عن السرقه
      ،او الكاذب الذي حيب بينه وبين الكذب بسبب قطع لسانه



      ج.ألأظهر أن توبته صحيحة ممكنه،فإن أركان التوبة مجتمعة فيه
      ،والمقدور منها الندم ،وفي المسند مرفوعا((ال
      ندم توبة)).



      فإن الشارع قدنزل العاجز عن الطاعة منزلة الفاعل لها ،إذا صحت نيته ،



      -قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
      (إذ
      ا مرض العبد أو سافر كتب له ماكان يعمل صحيحا مقيما))رواه البخاري .



      -وفي الصحيح أيضا((إن بالمدينة أقواما ماسرتم مسيرا ،ولا قطعتم واديا إلا كانوا معكم ،
      قالوا:وهم بالمدينة؟قال:وهمبالمدينة ،حبسهم العذر
      )).



      ¤فتنزيل العاجزعن المعصية ،التارك لها قهرا
      -مع نيته تركها اختيارا لو أمكنه -
      منزلة التارك المختارأولى .



      تهذيب مدارج السالكين


      ج1ص(256،255)

      • القرآن جنتي
    • -من احكام التوبة أنها إذا كانت لحق. آدمي أن يخرج التائب إليه منه

      ما بأدائه ،وإما باستحلاله منه بعد إعلامه به
      ،وإن كان حقا ماليا أو جناية على بدنه أو بدن موروثه ،


      ¤عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
      (من
      كان لأخيه عنده مظلمة من مال أو عرض،
      فليتحلله اليوم،قبل أن لايكون دينار ولادرهم إلا الحسنات والسيئات
      ))رواه البخاري .



      ¤فإن كانت المظلمة بقدح فيه ،بغيبة أو قذف فهل يشترط إعلامه والتحلل منه ؟.



      لا يشترط لا هذاولا هذا ،بل يكفي أن بتوب بينه وبين الله من غير إعلام من قذفه وإعتابه.

      ¤وهو اختيار شيخ الأسلام ابن تيمية ،واحتج بأن إعلامه مفسدة محضة،لا تتضمن مصلحة
      ،فإنه لايزيد إلا أذى وحنقا وغما ،وقد كان مستريحا قبل سماعه ،


      ربما أورثه الضررفي نفسه أو بدنه.
      وما كان هكذا فإن الشرع لا يبيحه ،فضلا عن أن يوجبه ويأمر به.


      ربما كان إعلامه به سببا للعداوة والحرب بينه وبين القائل ،مما يولد البغض والشر
      وهو أكبر من شر الغيبة والقذف ،وهذا ضد مقصود الشرع .



      ¤الفرق بين الحقوق الماديه وجناية الأبدان

      1.أنه قد ينتفع بها إذا رجعت إليه ،فلا يجوز إخفاؤها عنه ،فهو حق يجب أداؤه ،
      بخلاف الغيبة والقذف ،فإنه ليس بشيء متنفع به إلا إضراره .



      2.أنه إذا أعلمه بها لم تؤذه ،ولم تهج منه غضبا ولا عداوة
      ،بل سره ذلك وفرح به ،بخلاف إعلامه بما مزق به عرضه .



      تهذيب مدارج السالكين
      ج1ص(285،256)

      • القرآن جنتي
    • ‹إذا تاب العبد من الذنب هل يرجع إلى درجته التي كان عليها ؟






      الصحيح :أن من التائبين من لا يعود إلى درجته
      ،ومنهم من يعود إليها ،ومنهم من يعود إلى أعلى منها،فيصير خيرا مما كان قبل الذنب.



      فذا بحسب حالالتائب بعد توبته ،وجده وعزمه،وحذره وتشميره،



      فإن كان ذلك أعظممما كان له قبل الذنب عاد خيرا مما كان وأعلى درجته ،



      وإن كان مثله عاد إلى مثل حاله ،


      وإن كان دونه لم يعد إلى درجته ،وكان منحطا..



      فمثل التائب كمثل رجل خرج للصلاة يريد الصف الأول ،

      فعرض له رجلمن خلفه جبذ ثوبه وأوقفه قلبلا ،يريد تعويقه عن الصلاة
      ،فله معه حالان:



      1.أن يشتغل به حتى تفوته الصلاة ،فهذا حال غير التائب.



      2.أن يجاذبه على نفسه ،ويتفلت منه ،لئلا تفوته الصلاة ،.



      ثم له بعد هذا التلفت ثلاثة أحوال:



      1.أن يكون سيره جمزا ووثبا ،ليستدرك ما فاته بتلك الوقفة،فربما استدرك وزاد عليه .







      2.أن يعود إلى مثل سيره.





      3.أن تورث تلك الوقفة فتورا وتهاونا
      ،فيفوته فضيلة الصف الأول ،أو فضيلة الجماعة وأول الوقت .





      فهكذا حال التائبين السائرين إلى الله .




      تهذيب مدارج السالكين


      ج1ص(261،259)

      .


      • القرآن جنتي
    • [INDENT]
      نفارق الباطل ثم نرجع إلى الحق

      أنواع الأستغفار :

      1.استغفار مفرد.كقوله تعالى :

      {استغفروا ربكم إنه كان غفارا يرسل السماء عليكم مدرارا}[نوح:10،11].

      هو التوبة بعينها ،ويتضمن:
      طلب المغفرة من الله ،
      ومحو الذنب،
      وإزالة أثره ،
      ووقاية شره ،

      لا كما يظن الناس أنها الستر ،
      فإن الله يستر على من يغفر له ومن لا يغفر له .

      وهذا الاستغفار هو الذي يمنع العذاب
      قال تعالى
      :{وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون}[الأنفال:33].

      فإن الله لايعذب مستغفرا.

      ،أما من أصر على الذنب ،وطلب من الله مغفرته،
      فهذا ليس بأستغفار مطلق،ولا يمنع العذاب .


      فالأستغفار يتضمن التوبة ،
      والتوبة تتضمن الأستغفار
      .وكل منهما يدخل في مسمى الآخر عند الأطلاق..

      2.استغفارمقرون بالتوبة: كقوله تعالى :
      {
      استغفروا ربكم ثم توبوا إليه يرسل السماء عليكم مدرارا}[هود:52]....

      فالأستغفار هنا :طلب وقاية شر ما مضى
      ،والتوبة :الرجوع وطلب وقاية شر ما يخافه في المستقبل من سيئات أعماله .

      هنا أمران لابد منهما مفارقة شيء والرجوع إلى غيره .

      الفرق بين التوبة والأستغفار .

      1.خصت التوبة بالرجوع،
      والأستغفار بالمفارقة
      ،وعند الأفراد يتناول الأمرين .

      2.الأستغفار من باب إزالة الضرر،
      والتوبة طلب جلب المنفعة ،أن يقيه شر الذنب .


      تهذيب مدارج السالكين


      ج1ص(282،279)



      [/INDENT]

      • القرآن جنتي
    • التوبة النصوح

      النصوح للمبالغة،كالشكور والصبور وأصله (ن ص ح) أي خلص الشيء من الغش والشوائب .

      النصح في التوبة والعبادة تخليصها من كل غش ونقص وفساد،وإيقاعها على أكمل وجه.


      -قال عمر بن الخطاب ،وأبي بن كعب رضي الله عنهما
      ((التوبة النصوح:أن يتوب من الذنب ثم لايعود إليه ،كما لايعود اللبن إلى الضرع)

      -وقال الحسن البصري : ((هي أن يكون العبد نادما على ما مضى ،مجمعا على أن لا يعود فيه )).

      -وقال الكلبي : ((أن يستغفر باللسان ،ويندم بالقلب ،ويمسك بالبدن).

      -قال سعيد بن المسي : ( توبة نصوحا،تنصحون بها أنفسكم ).

      -قال محمد بن كعب :يجمع التوبة أربعة أشياء :

      الاستغفار باللسان،والإقلاع بالأبدان ،وإضمار ترك العود بالجنان ،ومهاجرة سيء الأخوان .

      النصح في التوبة يتضمن ثلاثة أشياء:

      1.متعلق بما يتوب منه ،يعمم التوبة على جميع الذنوب بحيث لايدع ذنبا إلا تناوله.

      2.متعلق بذات التائب ونفسه ،فيجمع امره ويعزم ويصدق بكليته عليها
      ،بحيث لايبقى عنده تردد،ولا تلوم ولا انتظار..

      3.يتعلق بمن يتوب إليه .فيخلصها من الشوائب والعلل القادحة فيها ،

      بأن تكون خالصة لله ووقوعها لمحض الخوف من الله وخشيته،والرغبة فيما لديه،

      لا كمن يتوب لحفظ جاهه
      ومنصبه ورياسته،ولحفظ ماله
      ،أو لحفظ قوته وماله ،أو استدعاء حمد الناس،أو لئلا يتسلط عليه السفهاء ،


      ونحو ذلك من العلل التي تقدح في صحتها وخلوصها لله عزوجل .

      تهذيب مدارج السالكين .

      ج1ص(284،282)


      • القرآن جنتي
    • إثابة أولها إلهام




      أعلم أن توبة العبد تسبقها توبة من الله عليه
      ،فإن تاب عليه أولا إذنا وتوفيقا وإلهاما


      ،فتاب العبد ،فتاب الله عليه
      ثانيا ،قبولا وإثابة.


      قال تعالى:{لقد تاب الله على النبي والمهاجرين والأنصار}.[التوبة:117].








      وقال:{
      وظنوا أن لا ملجأ من الله إلا إليه ثم تاب عليهم
      ليتوبوا إن الله هو التواب الرحيم
      }[التوبة:118].










      فأخبر سبحانه أن توبته عليهم سبقت توبتهم
      ،فدل على أنهم ماتابوا حتى تاب الله تعالى عليهم .


      توبة العبد :رجوعه إلى سيده بعد الإباق.


      وتوبة الله نوعان:


      1.إذن وتوفيق.
      2.،وقبول وإمداد.



      اعلم أن للتوبة مبدأ ومنتهى .



      فمبدؤها


      :الرجوع إلى الله بسلوك صراطه المستقيم.



      قال تعالى :{وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل}[الأنعام :153]..






      ونهايتها



      الرجوع إليه في المعاد
      ،فمن رجع إلى الله في هذه الدار بالتوبة
      رجع إليه في المعاد بالثواب

      .




      قال تعالى :{ومن تاب وعمل صالحا فإنه يتوب إلى الله متابا}

      [الفرقان :71].


      فالتوبة الأولى:




      في قوله: {ومن تاب}



      رجوع عن الشرك

      . ،


      والثانية

      :

      رجوع إلى الله للجزاء والمكافأة

      .



      تهذيب مدارج السالكين
      ج1ص(286،284)

      • القرآن جنتي

      تم تحرير الموضوع 2 مرة, آخر مرة بواسطة روؤيا ().

    • صغائر دون الكبائر

      اجمع السلف على أن الذنوب تنقسم
      إلى قسمين:







      1.صغائر.

      2.كبائر .


      بنص القرآن

      قال تعالى :{إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم }[النساء:31].

      قال تعالى :{الذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش إلا اللمم}[النجم:32].

      والسنة:

      قال رسول الله صلى الله عليه وسلما :
      ((الصلوات الخمس ،والجمعة إلى الجمعة ،
      ورمضان إلى رمضان مكفرات لما بينهن ،إذا اجتنبت الكبائر
      )) رواه مسلم .

      وذهب البغوي أن اللمم المذكور في الآية من الكبائر .

      على اعتبار أن معنى الأستثناء أن يلم بالكبيرة مرة ،ثم يتوب منها ،ولا يتخذها دأبه.

      وهذا ما شجع أبا إسحاق فقال :
      (الذنوب كلها كبائر )).






      الجمهور على أنه استثناء منقطع من الكبائر ،أي لكن يقع منهم اللمم.

      فيكون المعنى :لا يأتون ولا يفعلون كبائر الأثم والفواحش ،استثناء اللمم.

      واجمع السلف على انقسام الذنوب إلى صغائر وكبائر ،


      ثم اختلفوا في ماهو اللمم .

      وهل الكبيرة لها عدد محصور

      أو حد يحدها .



      تهذيب مدارج السالكين.
      ج1ص(288،287).


      • القرآن جنتي
    • تفسير اللمم





      روي عن جماعة من السلف أن اللمم بالذنب مرة ،ثم لا يعود إليه .،

      وإن كان كبيرا.قال عبدالله بن عمرو بن العاص



      ((اللمم مادون الشرك))






      والجمهور على أن ما دون الكبائر ،


      هو أصح الروايتين عن ابن عباس..عن طاووس عنه،قال:


      ((ما رأيت أشبه باللمم مما قال أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم :

      إن الله كتب على ابن آدم حظه من الزنا،أدرك ذلك لا محالة ،فزنا العين النظر ،

      وزنا اللسان النطق ،والنفس تمني وتشتهي ،والفرج يصدق ذلك أو يكذبه))


      رواه البخاري



      قال الكلبي:

      اللمم على وجهين ،كل ذنب لم يذكر الله عليه حدا في الدنيا

      ،ولا عذابا في الآخرة ،فذلك الذي تكفره الصلوات الخمس ،مالم يبلغ الكبائر والفواحش .

      والوجه الآخر :هو الذنب العظيم ،يلم به المسلم المرة بعد المرة فيتوب منه.


      وقال سعيد بن المسيب :


      ((هو ما ألم بالقلب ،أي ماخطر عليه))




      قال الحسن بن الفضل


      ((اللمم النظر من غير تعمد ،فهو مغفور ،فإن أعاد النظر ،فليس بلمم،وهو ذنب))






      وذهبت طائفة ثالثة إلى أن اللمم:مافعلوه في الجاهلية قبل إسلامهم وذلك أن المشركين قالوا للمسلمين :




      (أنتم بالأمس كنتم تعملون معنا ،فأنزل الله هذه الآية)




      والصحيح قول الجمهور :إن اللمم صغائر الذنوب ،كالنظرة ،والغمزة ،والقبلة ،ونحو ذلك . ...


      ولا ينافي هذا قول أبي هريرة ،وأبن عباس في الرواية الأخرى : (إنه يلم بالكبيرة ثم لايعود إليها )).



      فإنهما ألحقا من ارتكب الكبيرة مرة واحدة ولم يصر عليها
      بل حصلت منه فلتة في عمره باللمم،وأنها تتغلظ وتكبر وتعظم في حق من تكررت منه ...


      ولا ريب أن الله يسامح العبد المرة والمرتين والثلاث ،وإنما يخاف العنت على من اتخذ الذنب عادته ..


      دفع إلى علي رضي الله عنه ، برجل سارق
      ،فقال والله ماسرقت غير هذه المرة
      ،فقال :كذبت ،فلما قطعت يده قال:اصدقني ،كم لك بهذه المرة ؟
      فقال :كذا وكذا مرة ،فقال :صدقت،إن الله لا يؤاخذ بأول ذنب .


      تهذيب مدارج السالكين
      ج1ص(290،288)..

      • القرآن جنتي
    • إحصاءالكبائر

      اختلف العلماء في تعريف الكبيرة إلا إن أقوالهم متقاربه..

      سأل رجل ابن عباس عن الكبائر : (أسبع هن ؟قال:هن إلى السبع مئة أقرب
      ،إلا أنه لا كبيرة مع الاستغفار ،ولا صغيرة مع الإصرار)
      ).


      وقال : (كل شيء عصي الله به فهو كبيرة ،من عمل شيئا منها
      فليستغفر الله ،
      فإن الله لا يخلد في النار من الأمة إلا من كان راجعا عن الإسلام ،
      أو جاحدا فريضة أو مكذبا بالقدر
      )).

      قال عبدالله بن مسعود رضي الله عنه'((مانهى الله عنه في سورة النساء من أولها
      إلى قوله :{
      إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم}[النساء:31].
      فهو كبيرة
      ))


      قال علي بن أبي طلحة :هي كل ذنب ختمه الله بنار ،أوغضب ،أو لعنة ،أو عذاب.

      قال الضحاك:هي ما أوعد الله عليه حدا في الدنيا ،أو عذابا في الآخرة .

      قال الحسن بن فضل :ماسماه الله في القرآن كبيرا،أو عظيما نحو قوله :{إنه كان حوبا كبيرا}[النساء:2].
      ن قتلهم كان خطئا كبيرا}[الإسراء:31].


      امثله على الكبائر : الشرك بالله ،الزنا
      ،شرب الخمر،السرقة،القذف،
      ،أكل مال اليتيم
      ،الشرب في آنية الذهب
      ،قتل انسان نفسه
      ،خيانة الأمانة
      ،السحر،
      الربا،
      التولي يوم الزحف
      ،ونحو ذلك .


      تهذيب مدارج السالكين
      ج1ص(296،293)
      .
      • القرآن جنتي


    • حسنات المسيء تشفع له

      الكبيرة قد يقترن بها من الخوف والحياء والإستعظام مايلحقها بالصغائر ،

      وقد يقترن بالصغيرة من قلة الحياء ،وعدم المبالاة ،وترك الخوف ،والاستهانة مايلحقها بالكبائر .

      ويعفى للمحب ،ولصاحب الأحسان العظيم ،مالا يعفى لغيره ..



      انظر لموسى عليه السلام ،رمى الألواح التي فيها كلام الله
      ،وجر بلحية نبي مثله ،وهو هارون،ولطم عين ملك الموت،
      وعاتب ربه ليلة الإسراء والمعراج في محمد صلى الله عليه وسلم ورفعه عليه ،


      وربه تعالى يتحمل له ذلك ،ويحبه ويكرمه،
      لأنه قام لله مقامة عظيمة ،وصدع بأمره ،وعالج أمتي القبط،وبني إسرائيل.



      .فكانت هذه الأمور كالشعرة في البحر .

      وإذا الحبيب أتى بذنب واحدا...
      جاءت محاسنه بألف شفيع ..


      فالأعمال تشفع لصاحبها عند الله
      قال تعالى :{فلولا أنه كان من المسبحين للبث في بطنه إلى يوم يرجعون }
      [الصافات144،143 ].

      وفرعون لما لم تكن له سابقة خير تشفع له وقال:{آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل }[يونس:90].قال له جبريل :{ألآن وقد عصيت قبل وكنت من المفسدين}.


      ولهذا من رجحت حسناته على سيئاته أفلح ولم يعذب .
      ويغفر لصاحب التوحيد مالا يغفر لصاحب الشرك.

      وكلما كان التوحيد عظيما كانت المغفرة من الله أتم .


      ولا نقول أنه لايدخل النار أحد من أهل التوحيد ،
      بل كثير منهم يدخل بذنوبه ،ويعذب على مقدار جرمه،ثم يخرج منها .


      قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (لا يدخل النار من قال :لا إله إلا الله))..



      فلم يجعل ذلك حاصلا بمجرد القول باللسان فقط .
      فالمنافق يقولها بلسانه ويبطن الكفر ،


      فلابد من قول القلب وقول اللسان .
      وقول القلب يتضمن معرفتها ،والتصديق بها ،ومعرفة حقيقتها وما تضمنته...


      مثال ذلك :قول النبي صلى الله عليه وسلم :من قال في يوم :
      سبحان الله وبحمده مئة مرة ،حطيت خطاياه،-أو غفرت ذنوبه -ولو كانت مثل زبد البحر )).
      .وهذا ليس بمحرد القول ،غافلا عن معناها .



      اعلم أن الأعمال تتفاضل ،بتفاضل مافي القلوب
      ،فتكون صورة العملين واحدة ،وبينهما كما بين السماء والأرض ،



      وتأمل ما قام بقلب قاتل المئة لم تشغله ذنوبه عند السياق عن السير إلى القرية الصالحة
      فما ناء بصدره ،وعالج سكرات الموت
      مواصلا طريقه للقرية الصالحة ،
      فألحق بالصالحين وجعل من أهلها.



      تهذيب مدارج السالكين
      ج1ص(300،296).
      • القرآن جنتي
    • علو المنزلة يوجب زيادة الإنتباه




      قال تعالى :{يانساء النبي من يأت منكن بفاحشة مبينة يضاعف لها العذاب ضعفين }[الأحزاب:30].

      قال تعالى :{ولولا أن ثبتناك لقد كدت تركن إليهم شيئا قليلا
      إذا لأذقناك ضعف الحياة وضعف الممات ثم لا تجد لك علينا نصيرا
      }[الإسراء:75،74].

      أي لولا تثبيتنا لك لقد كدت تركن إليهم بعض الشيء،
      ولو فعلت لأذقناك ضعف عذاب الحياة، وضعف عذاب الممات،
      اي ضاعفنا لك العذاب في الدنيا والآخرة


      قال تعالى :{ولو تقول علينا بعض الأقاويل لأخذنا منه باليمين ثم لقطعنا منه الوتين }[الحاقة:46،44]..

      كلما كملت نعمة الله بأحد
      ،اختص منها بما لم يختص به غيره في إعطائه منها ما حرمه غيره
      ،فحبي بالانعام ،وخص بالإكرام،
      وخص بمزيد من التقريب ،
      وجعل في منزلة الولي الحبيب .


      ،اقتضت حاله من حفظ مرتبة الولاية والقرب والاختصاص بأن يراعي مرتبة من أدني ،

      فلشدة الاعتناء به ،ومزيد تقريبه ،واتخاذه لنفسه ،
      واصطفائه على غيره ،تكون حقوق وليه وسيده عليه أتم
      ،ونعمه عليه أكمل ،والمطلوب منه فوق المطلوب من غيره

      ،فهو إذا غفل وأخل يمقتضى مرتبته.

      گنبه بما لم ينبه عليه البعيد .

      مع كونه يسامح بما لم يسامح به ذلك أيضا ،فيجتمع في حقه الأمران .

      ويظهر هذا في حد من انعم عليه بالزواج إذا تعداه إلى الزنا
      رجم حتى الموت
      ،وحد من لم يتزوج بالجلد.



      لله سر تحت كل لطيفة
      فأخو البصائر غائص يتملق.

      تهذيب مدارج السالكين
      ج1ص(302،301).
      • القرآن جنتي


    • أجناس المحرمات

      اجناس المحرمات اثنا عشر جنسا :

      الكفر ،

      ,والشرك،

      والنفاق ،

      والفسوق،

      والعصيان ،

      والإثم ،

      والعدوان ،

      والفحشاء ،

      والمنكر ،

      والبغي ،

      والقول على الله بلا علم ،

      واتباع غير سبيل المؤمنين .


      وهذه الاثنا عشر جنسا عليها مدار كل ماحرم الله ،

      وإليها انتهاء العالم بأسرهم

      وقد يكون في الرجل أكثرها أو أقلها ،أو واحدة منها ،وقد يعلم بذلك ،وقد لا يعلم ..
      إلأ ....أتباع الرسل عليهم صلوات الله
      وسلامهعليهم

      التوبة النصوح:هي التخلص منها ،والتحصن والتحرز من مواقعتها.


      ويمكن التخلص منها لمن عرفها
      والعبد أحوج شيء إليه ..


      وسنتاولها بالتفصيل إن شاء الله

      تهذيب مدارج السالكين
      ج1ص(303)

      .
      • القرآن جنتي
    • .



      كفر دون كفر

      الكفر نوعان:

      .كفر أكبر ، هو الموجب للخلود في النار .

      كفر أصغر ،موجب لاستحقاق الوعيد دون الخلود.

      ،قال صلى الله عليه وسلم :
      ((اثنان في أمتي، هما بهم كفر :الطعن في النسب ،والنياحة )).

      وقوله: ((من أتى كاهنا أو عرافا ،فصدقه بما يقول،فقد كفر بما أنزل على محمد)).

      ،وقوله تعالى :{ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون}[المائدة:44].

      ،قال ابن عباس :
      ( ليس بكفر.ينقل عن الملة ،بل إذا فعله فهو كفر به ،وليس كمن كفر بالله والبوم الآخر ))..

      قال عطاء((هو كفر دون كفر ،وظلم دون ظلم ،وفسق دون فسق))....

      والقصد :أن المعاصي كلها من نوع الشرك الأصغر
      ،فإنها ضد الشكر ،الذي هو العمل بالطاعة.


      أما الكفر الأكبر "فخمسة أنواع :

      1.كفر تكذيب .:

      هو اعتقاد كذب الرسل .

      وهو نوعان :

      1.كفر مطلق عام :

      أن يجحد جملة ما أنزله الله ،وإرساله الرسول .

      2.كفر خاص مقيد :

      أن يجحد فرضا من فروض الإسلام ،أو تحريم محرم من محرماته
      ،أو صفة وصف الله بها نفسه ،أو خبرا أخبر الله به .


      فإن جحده جهلا ،أو تأويلا يعذر فيه صاحبه
      ،فلا يكفر صاحبه ،كحديث الذي جحد قدرة الله عليه
      ،وأمر أهله أن يحرقوه ويذروه في الريح ،ومع هذا غفر الله له .
      ورحمه لجهله إذ كان ذلك الذي فعله مبلغ علمه ،ولم يجحد قدرة الله على إعادته عنادا أو تكذيبا ..



      2..كفر استكبار وإباء مع التصديق :

      مثل كفر إبليس ،فإنه لم يجحد أمر الله ولا قابله بالإنكار
      ،وإنما تلقاه بالأباء والاستكبار .ومنه كفر من عرف صدق الرسول .


      قال تعالى :{أنؤمن لبشرين مثلنا،وقومهما لنا عابدون}[المؤمنون:47].
      ،قال تعالى :{يعرفونه كما يعرفون أبناءهم }[البقرة :146].

      وهو كفر أبي طالب أيضا ،فإنه صدقه ،ولم يشك في صدقه ،ولكن أخذته الحمية وتعظيم آبائه .

      3.كفر إعراض:

      أن يعرض بسمعه وقلبه عن الرسول ،لا يصدقه ولا يكذبه ،
      ولايواليه ولا يعاديه ،ولا يصغي إلى ما جاء به ألبتة .

      كما قال أحد بني عبد ياليل للنبي صلى الله عليه وسلم :
      ((والله أقول لك كلمة ،إن كنت صادقا ،فأنت أجل في عيني من أرد عليك ،
      وإن كنت كاذبا ،فأنت أحقر من أن أكلمك
      ))..

      ،وهو كفر الملحدين اليوم المتسمين بأسماء إسلامية ،
      المقلدين للإفرنج من اليهود والنصارى
      زاعمين بجاهليتهم وسفههم أن هذا هو سبيل الرقي والمدنية .


      4.كفر شك :
      فإنه لا يجزم بصدقه ولا يكذبه ،بل يشك في أمره
      ،وهذا لايستمر شكه إلا إذا ألزم نفسه الإعراض عن النظر
      في آيات صدق الرسول صلى الله عليه وسلم جملة ،فلا يسمعها ،ولا يلتفت إليها.

      5.كفر نفاق:

      أن يظهر بلسانه الإيمان ،ويطوي بقلبه على التكذيب ،فهذا هو النفاق الأكبر .

      تهذيب مدارج السالكين
      ج1ص(307،304)
      • القرآن جنتي
    • الشرك شركان

      الشرك نوعان :أكبر وأصغر .


      ،أولا الشرك الأكبر :

      لايغفره الله إلا بالتوبة منه.
      وهو أن يتخذ من دون الله ندا
      يحبه كما يحب الله .


      وهو الشرك الذي تضمن تسوية آلهة المشركين برب العالمين ،

      ولهذا قالوا للآلهتهم في النار :{تالله إن كنا لفي ضلال مبين إذ نسويكم برب العالمين }[الشعراء:98،97].

      مع إقرارهم بأن الله خالق كل شي ورازقه، و التسوية في المحبة والتعظيم .


      ومنهم من اتخذ من دون الله وليا يزعم انه يقربه إلى الله .

      وهو نفس ماوقع في قلوب المشركين وسلفهم: أن آلهتهم تشفع لهم عند الله ،وهذا عين الشرك .

      وقد انكر الله عليهم ذلك في كتابه وأبطله ،وأخبر أن الشفاعة كلها له .


      ومن جهل المشرك اعتقاده أن من اتخذه وليا أو شفيعا أنه يشفع له ،وينفعه عند الله ،كما خواص الملوك والولاة تنفع شفاعتهم من والاهم

      أعلم أن الله لايشفع عنده أحد إلا:

      1. بإذنه:
      قال تعالى :{من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه }[البقرة:255]. ،

      2. لمن رضي قوله وعمله :
      قال تعالى :{ولا يشفعون إلا لمن ارتضى }[الأنبياء :28].

      3.ولا يرضى من القول والعمل إلا التوحيد ،واتباع الرسول .

      عن أبي هريرة رضي الله عنه انه سأل النبي :
      (من أسعد الناس بشفاعتك يارسول الله ؟))قال :
      (أسعد الناس بشفاعتي :من قال لا إله إلا الله ،خالصا من قلبه
      )).

      فجعل اسباب الشفاعة ، تجريد التوحيد ،عكس ما عند المشركين، فقلب النبي صلى الله عليه وسلم ،مافي زعمهم الكاذب ،وأخبر أن سبب الشفاعة :هو تجريد التوحيد ،فحينئذ يأذن الله للشافع أن يشفع .

      فهذه ثلاثة اصول تقطع شجرة الشرك من قلب من وعاها وعقلها:

      1.لاشفاعة إلا بإذنه .
      2.لا يأذن إلا لمن رضي قوله وعمله .
      3.لايرضى من القول والعمل إلا توحيده ،واتباع رسله .

      فإن الله لا يغفر شرك العادلين به غيره قال تعالى :{ثم الذين كفروا بربهم يعدلون }[الأنعام :1].

      ،أي أنهم يعدلون به غيره، في العبادة والموالاة ،والمحبة كما في قوله
      {تالله إن كنا لفي ضلال مبين إذ نسويكم برب العالمين }[الشعراء:98،97].

      وقوله :{ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادا يحبونهم كحب الله}[البقرة:165]..

      قال تعالى:{وإذا ذكر الله وحده اشمأزت قلوب الذين لايؤمنون وإذا ذكر الذين من دونه إذا هم يستبشرون}[الزمر :45].

      وهذا هو الشرك بعينه .

      وقد قطع الله تعالى، كل الأسباب التي تعلق بها المشركون جميعا.

      قال تعالى:{قل ادعوا الذين زعمتم من دون الله لايملكون مثقال ذرة في السموات ولا في الأرض ومالهم فيهما من شرك وماله منهم من ظهير ولا تنفع الشفاعة عنده إلا لمن أذن له }[سبأ:23،22].

      وفيه نفي الملك والشراكة ،والمظاهرة ،والشفاعة ،التي يظنها المشرك،

      وأثبت شفاعة لا نصيب فيها لمشرك ،وهي الشفاعة بإذنه .


      تهذيب مدارج الساكين (313,308)
      • القرآن جنتي
    • احصاء النفاق الأصغر

      الشرك الأصغر كيسير الرياء ،والتصنع للخلق ،والحلف بغير الله ،

      قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (من حلف بغير الله فقد أشرك))..

      لأن حقيقة اليمين ومقتضاه :

      أن الحالف يؤكد صدق خبره، بأنه لو كان كاذبا ،ينتقم منه المحلوف به
      ،انتقاما لايقدر هو أن يدفعه
      ،لأن المحلوف به، يقدر أن يوصل انتقامه
      ،وبطشه من طريق فوق قدرة البشر ،وطاقتهم ،
      وهذا لايكون إلا لله القوي المتين ذي البطش الشديد .الفعال لمايريد.

      مثال :
      قول الرجل للرجل :

      ماشاء الله وشئت

      هذا من الله ومنك

      أنا بالله وبك

      مالي إلا الله وأنت

      أنا متوكل على الله وعليك

      لولا أنت لم يكن كذا وكذا .

      وقد يكون شركا أكبر بحسب قائله ومقصده.

      ،صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لرجل قال له :ماشاء الله وشئت))
      :أجعلتني لله ندا؟قل :ماشاء الله وحده
      )).

      ومنه التوبة للشيخ ،

      فإنها شرك عظيم ،فإن التوبة لا تكون إلا لله كالصيام ،والصلاة ،والحج ،والنسك ،فهي خالص حق الله.

      ،جاء في المسند أن رسول الله صلى الله عليه وسلم :
      تي بأسير ،فقال :اللهم إني أتوب إليك ،ولا أتوب إلى محمد
      ،فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :عرف الحق لأهله )
      ).



      ومنه :النذر لغير الله ،فإنه شرك ،وهو أعظم من الحلف بغير الله .
      .
      ومنه: الخوف من غير الله،والتوكل على غير الله ،والعمل لغير الله ،
      والإنابة والخضوع ،والذل لغير الله ،وابتغاء الرزق من عند غيره
      ،وحمد غيره على ما أعطى ،والغنية بذلك عن حمده سبحانه
      ،والذم والسخط على مالم يقسمه ،ولم يجر به القدر
      ،وإضافة نعمه إلى غيره ،واعتقاد أن يكون في الكون مالا يشاؤه.

      ومنه:طلب الحوائج من الموتى ،والاستغاثة بهم والتوجه إليهم

      .وهذا أصل الشرك ،فإن الميت قد انقطع عمله
      ،وهو لايملك لنفسه ضرا ولا نفعا،
      والميت محتاج من يدعوا له ،ويترحم عليه ،ويستغفر له .


      ولا ينجوا من هذا الشرك إلا من:

      جرد توحيده لله ،وعادى المشركين في الله،وتقرب بمقتهم إلى الله
      ،واتخذ الله وحده وليه وإلهه ومعبوده ،فجرد

      حبه لله

      ،وخوفه لله

      ،ورجاءه لله ،

      وذله لله،

      وتوكله

      على الله

      ،واستعانته بالله

      ،والتجاءه إلى الله

      ،واستغاثته بالله

      ،وأخلص قصده لله ،متبعا لأمره ،متطلبا لمرضاته ،إذا سأل سأل الله ،وإذا استعان استعان بالله، وإذا عمل عمل لله ،فهو لله وبالله ،ومع الله .

      تهذيب مدارج السالكين
      ج1ص(316،313)
      • القرآن جنتي
    • داء النفاق



      هو داء باطن يكون الرجل ممتلئا منه ،وهو لايشعر ،

      فإنه أمر خفي على الناس

      ،وكثير مايخفى على من تلبس به ،

      فيزعم أنه مصلح وهو مفسد .

      وهو نوعان :أكبر ،وأصغر.

      النفاق الأكبر:

      يوجب الخلود في النار في دركها الأسفل.

      ،وهو أن يظهر للمسلمين إيمانه بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر

      ،وهو في الباطن منسلخ من ذلك كله مكذب به .


      وقد كشف الله عزوجل اسرارهم فذكر طوائف العالم الثلاث

      في أول سورة البقرة :المؤمنين،والكفار ،والمنافقين ..

      فذكر في المؤمنين أربع آيات ،

      وفي الكفار آيتين،

      وفي المنافقين ثلاث عشرة آية .


      لكثرتهم وعموم الابتلاء بهم ،

      وشدة فتنتهم على الأسلام ،

      لأنهم منسوبون إليه ،

      وهم أعداؤه في الحقيقة .

      ،فكم من معقل للإسلام قد هدموه،

      وكم من علم له قد طمسوه،

      وكم بمعاول الشبه في أصول غراسه ليقلعوها .

      ويزعمون أنهم بذلك مصلحون

      {ألا إنهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون}[البقرة:12].

      {يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم والله متم نوره ولو كره الكافرون}[الصف:8].

      تهذيب مدارج السالكين .
      ج1ص(317،316).
      • القرآن جنتي